[ .. بينَ الخاطرةِ و القصيـــــــــدهْ .. ]
21-12-2007, 06:52 PM
السلامـ عليكمـ و رحمة الله و بركاتهُ
[ أنا لا أضع نفسي في السِّجن الذي وضعه الخليلُ للشعراءْ ] ، هذا معنى ما قاله صديقٌ لي قبل وقتٍ مضى ، عندما سألتهُ : هل أنت تكتب الشعر أمـ النثرْ ؟ إذ أنه كان شخصاً موهوباً ذا أدبٍ فذٍ و جميلْ منذ أيامـ الثانويهْ ، و عندما سألتهُ ذلكـ السؤال أخبرني أنه يكتب روايةً ربما سينشرها في المستقبل . المهمـ في هذا التقديمـ هو ما أريد أن أتحدث عنه في هاته العُجالهْ ، و هو الفرق بين الكتابة الحرَّهْ ( الخاطرة على وجهٍ خاصْ ) و القصيدة الشعرية ؟ و ما يحبِّذهُ الكتَّاب بصفة عامة من كِلا الفنينْ ؟ و غير ذلكـ من الأمور التي تتعلق بجوانب الصنعتين من بلاغةٍ و بيانٍ و أسلوبْ .
رأيتمـ ربما في إجابة صديقي ذلكـ التعبير حول الشعر الذي اكتسبه من خلال موهبته و كتاباتهْ ، و أنه لا يطيق أن يتقيد بقواعده و يترسمـ خطاه التي لا يقومـ إلاَّ بها و التي إذا لمـ تكن لمـ يكن هناكـ شعرٌ و لا شعراءْ . و نظرته هذه طبعاً تعبِّر عن رأيه و عن رأي الكثير الكثير من الكتاب ( خاصة في هذا الزمانْ ) فضلاً عن غيرهمـ ، فهمـ يفضلون الكتابة الحرة بدون قيودٍ أو موانعْ و يقولون بأنَّ مثل هاته الكتابة تسمخ بالتصوير اللاَّمحدودْ ، الذي يستخدمـ عباراتٍ متنوعة و ألفاظٍ مُبْتكرة و معانٍ جديدهْ ، تجعلكـ تسبح في فضاء الكلمة و ترشف من معين التركيب المتناسق و الغير مألوفْ للحروفْ ، فينتج نوعٌ حديثْ بوجهٍ عتيقْ .
و من جهة مقابلة ترى الشعراء في هذا القرن و الذي قبلهْ ، الذين ساروا على خُطى الأوَّلين لا يهتمون كثيراً بالخاطرة ( على عكس المقال و النص الأدبي ) ، إذ أنها تميل إلى الشعر منها إلى أيِّ نصٍ أدبيٍّ آخرْ و لكن دون تفعيلاتٍ و قوافي و بحورْ ، و حتَّى الشعر الحرّ لا يُعيرونهُ اهتماماً كبيراً مقارنة بالشعر العمودي ، ختى أن بعضهمـ لا يكتبهُ و فوق ذلكـ ينتقدهْ ، كما فعل / مفدي زكريا ، في إحدى قصائدهْ ( قرأت تلكـ الأبيات في يومـٍ ما ، و لكنني لمـ أذكر متى و أينْ ) .
و بالنسبة لي ( رأيٌ شخصيٌ طبعاً ) ، أحب الشعر بالنظر إلى أيِّ لونٍ أدبيٍّ مُخالفْ ، و هذا لعدة عواملْ :
أوَّلاً / غِناهُ بالتراكيبِ النَّحوية و المحسِّنات البديعيَّة فتعطي هاته الأشياء بُعْداً أوضحَ و أجملَ و أقدرَ للمعاني و الأهدافِ المُرادةِ من الأبياتْ .
ثانياً / تقيُّدهُ بأسسٍ ثابتة و أوزانٍ معيَّنة لا ينزعُ منهُ صفة الإبداع و التَّأثيرْ ، بل على العكسِ من ذلكـ تماماً فهذا الأمر يجعلهُ يزيدُ من التَّنوُّع الأدبي و اللُّغوي و يُظهرُ القُدراتَ الإبداعيَّة في التَّحكُّمـْ بالحرفِ و المعنى ، و التي تستطيعُ أن توصلَ رسالةً ما أو أن تحثَّ على عملٍ ما أو أن تفعل غير ذلكـ من الأهدافِ النَّبيلة و الغاياتِ الجليلة التي كمـ كان الشعر خير موجِّهٍ و موصِلٍ لها .
ثالثاً / غزارةُ الشعراء على مرِّ العصور و الأزمنة ، و اعتلاء الكثير منهمـ مناصب عاليةٍ في المجتمع و أكبر دليلٍ على ذلكـ أنَّكـ لا تكادُ ترى ملكاً أو وزيراً أو فقيهاً أو أديباً أو فارساً أو حتَّى إنساناً عادِياًّ من عامَّة النَّاسْ ، إلاَّ و قد ذاع صيتُهْ و شاع صوتُهْ و التَّاريخُ بكتبهِ خيرُ شاهدٍ على حُصولِ ذلكـْ .
هذه أهمـُّ المزايا التي بها - على ما أظنْ - تفوَّقَ الشعر على باقي الصنوف ، و أنا أحبُّ الأدب العربيَّ عموماً و الشعر و الخواطر خصوصاً ، و لكنَّ منزلة الشعر عندي أخصُّ جداً جداَ ، فأرجو أن تقبلوا مني صراحتي و نظرتي للموضوعْ و أنا أحترمـ مسبقاً كلَّ آراءِ إخواني و أخواتي بخصوصهْ .
بقلمْ ، أسامة بن ساعو / السَّطَفِي ..×
و السلامـ عليكمـ و رحمة الله و بركاتهُ