تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > سير أعلام النبلاء

> الإمام العلامة محمد المغيلي التلمساني قاهر اليهود في جنوب الجزائر

  • ملف العضو
  • معلومات
Ben.Ali
زائر
  • المشاركات : n/a
Ben.Ali
زائر
الإمام العلامة محمد المغيلي التلمساني قاهر اليهود في جنوب الجزائر
08-10-2017, 11:47 PM



هذه ترجمة الداعية المصلح العالم الجزائري الكبير الإمام محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي ، الذي وصل الى مملكة صنفاي بالنيجر ، مرورا ببلاد التكرور ، و كانو بعد ان انتقل من تلمسان الى واحات ادرار وواحة تمنطيط ،و نوات و غيرها من القصور بالصحراء الافريقية الشاسعة مجاهدا في سبيل نشر الدعوة و تنقية الاسلام مما علق به من شوائب البدع و الخزعبلات

كنيته و مولده و نشأته:

هو أبو عبد الله، محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني ، [ و المغيلي : بفتح الميم نسبة إلى قبيلة مغيلة قبيلة من الأمازيغ الأشاوس استوطنت تلمسان ووهران و المغرب الأقصى، وهي فرع من قبيلة صنهاجة الأمازيغية المشهورة في التاريخ وهي كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف إفريقيا 1/36،38)] ولد في مدينة تلمسان سنة 790 هـ / 1425م ، من عائلة راقية النسب ، و مشهورة بالعلم و الدين و الشجاعة في الحروب و هو يعتبر العالم رقم عشرين في سلالة المغيليين التي تبتدأ بإلياس المغيلي [ و هو ذلك العالم الأمازيغي الذي اعتنق الاسلام ، وحمل لواء الجهاد فكان له شرف المشاركة مع طارق بن زياد في فتح بلاد الأندلس ]، والده الشيخ عبد الكريم اشتهر بالعلم و الصلاح ، كما أن أمه اشتهرت بأنها سيدة فاضلة تحب الفقراء و المساكين و تنفق عليهم بسخاء، و قد قام هذان الوالدان بتربيته و تنشئته تنشئة حسنة .

طلبه العلم و شيوخه:

حفظ الإمام المغيلي القرآن الكريم على يد والده و الذي علمه أيضا مبادئ العربية من نحو و صرف و بيان كما قرأ عليه أيضا موطأ الامام مالك و كتاب ابن الحاجب الاصلي ، انتقل بعدها ليدرس عند الإمام الفقيه العلامة الجزائري محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني ( ت سنة 875 هـ )، و الذي أخذ عنه بعض التفسير و القراءات ، ولقنه الفقه المالكي ، فقد ذكر الإمام المغيلي انه ختم عليه المدونة مرتين ، و مختصر خليل ابن أحمد و الفرائض من مختصر ابن الحاجب ، و الرسالة.
كما تلقى العلم عن علماء الجزائر الأفذاذ و شيوخ تلمسان منهم :
- الإمام العلامة عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني ( 826 و قيل 825 هـ ) ، عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية ، قال عنه الإمام أحمد بابا في [ نيل الابتهاج ص 171] : " بلغ الغاية في العلم والنهاية في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه : وقفت على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق والإيقان ، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين".
- الإمام العلامة محمد بن إبراهيم [ بن يحي حسب الإمام الونشريسي في المعيار ] بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني ( ت 845 هـ ) " عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب والتصوف من أهل تلمسان بالجزائر.
قال عنه الإمام الكبير السخاوي في ( الضوء اللامع 10/740) : " ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر إلى الشام فزار القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه ."
انتقل بعدها إلى بجاية حيث أخذ عن علمائها الأجلاء التفسير و الحديث الشريف ، و الفقه و كانت بجاية حينئذ إحدى حواضر العلم و الثقافة العربية الإسلامية،و كيف لا يقصدها و قد أصبحت قبلة العلم والعلماء من المشرق والمغرب، إذا كانت هذه الحاضرة قد استعانت بعلماء الشام في نشر العلم ، ثم سرعان ما أنجبت وخرجت علماء كثيرين سار بذكرهم الركبان ليس فقط في المغرب الأوسط ( الجزائر حاليا) أو المغرب الكبير أي ( تونس و الجزائر و المغرب) بل وذاع صيتهم في المشرق العربي حيث تولى بعضهم التدريس والقضاء في الشام وبغداد و مصر.
إنكب الإمام المغيلي على الدراسة في بجاية ، تلقى خلالها علوم جمة على يد علماء أجلاء أمثال:
- الشيخ الإمام العلامة أحمد بن إبراهيم البجائي (توفي سنة 840هـ/1434م)، إمام جليل، اشتهر بالتفسير و الفقه، تتلمذ له المفسر المشهور عبد الرحمان الثعالبي.
- الإمام العلامة منصور بن علي عثمان - أبو علي الزواوي المنجلاتي، من فقهاء و علماء بجاية ، و من ذوي العصبية و القوة فيها ، و كان من أصحاب الرأي و التدخل في الأحداث السياسية لمكانته المرموقة.
قال عنه الإمام الكبير السخاوي في كتابه الضوء اللامع : " رأيت من قال انه الزواوي العالم الشهير ، و انه مات بتونس 846 هـ "
كما أخذ عن غيرهم من العلماء منهم الإمام يحيى بن نذير بن عتيق، أبو زكريا، التدلسي، القاضي، من كبار فقهاء المالكية، من أهل تدلِّس بالجزائر، تعلم بتلمسان. وولي القضاء بتوات. أخذ عنه الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي [ تعريف الخلف 1: 196] و الإمام أبي العباس الوغليسي، و يذكرالإمام المغيلي " أنه قرأ الصحيحين ، و السنن و موطأ الإمام مالك ، و الفقه المالكي" ، و لم يكتف الإمام عبد الكريم المغيلي بما تحصل عليه من علوم في تلمسان و بجاية بل راح يبحث الاستزادة من رحيق المعرفة، فتوجه مباشرة إلى الجزائر أين اتصل بالمفسر المشهور - العلامة الجزائري الكبيرعبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي صاحب التفسير المشهور (الجواهر الحسان) ، و لازمه ملازمة لصيقة ، و قد أعجب الإمام الثعالبي بالطالب المغيلي و بفطنته و ذكائه ، فزوجه ابنته اعترافا منه بعلمه و فقهه و أدبه.

العلماء في عصر المغيلي :

عاش الامام المغيلي في فترة شهدت بروز العديد من المفسرين و العلماء و الفقهاء و المؤرخين و الادباء و الشعراء ، الكثير منهم خالطه و اجتمع به و تبادل معه مجالس العلم و الادب نذكر منهم العلامة الجزائري قاسم بن سعيد بن محمد العقباني المتوفي سنة 837 هـ ، و العلامة الجزائري محمد بن أحمد بن مرزوق المتوفي سنة 842 هـ ، و العالم الجزائري الصوفي الكبير إبراهيم التازي المتوفي سنة 866 هـ ، و العلامة الجزائري الفقيه محمد بن يحي التلمساني المعروف بابن الحابك المتوفي سنة 867 هـ ، و العلامة الجزائري محمد بن ابي القاسم بن محمد بن يوسف بن عمرو بن شعيب السنوسي المتوفي سنة 895 هـ ، و العلامة الجزائري الكبير أحمد بن زكري التلمساني المتوفي سنة 899 هـ ، و العالم الجزائري الجليل إبن مرزوق الكفيف المتوفي سنة 901 هـ ، و العلامة الجزائري الفذ أحمد ين يحي الونشريسي المتوفي 914 هـ و غيرهم كثير جدا، مما جعله يستفيد فائدة عظيمة من علمهم و نصائحهم و إرشاداتهم التي سنرى أثرها في دعوته فيما بعد .
يشبهه الكثير من المؤرخين و المترجمين الذين كتبوا عنه و عن جهاده و دفاعه لنشر الإسلام الصحيح و محاربة البدع و المنكرات بشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه الذي تأثر به و بأفكاره و كتبه و رسائله التي كانت تصل إلى الشطر الغربي من العالم الإسلامي ، و ( يقال انه كانت بينهما مراسلات و هو ما أجاب عنه الدكتور عمار هلال في مقالة له نشرها بجريدة المجاهد الجزائرية بتاريخ 20 / 06 / 1985م حيث ذكر أنه : " في المؤلفات الجزائرية التي لها علاقة بالعلوم الإسلامية : فقه و تفسير و حديث ...الخ في القرن الخامس عشر الميلادي ، هل نجد أي إشارة إلى إبن تيمية أو إلى أعماله ؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال ، و لكن ما يسمح لنا بالاعتقاد هو أن الإمام الجزائري المغيلي نفى نفسه إلى الصحراء الجزائرية الشاسعة حيث كانت المواصلات حينئذ من الصعوبة بمكان و مع هذا فان فتاتا من المعلومات التي وصلتنا من تلك المنطقة الواسعة للشرق الأوسط تجعلنا نفكر بان إبن تيمية قد تمنى كثيرا أن يعرف الإمام الجزائري إبن عبد الكريم المغيلي ، المهم هو أن كلاً منهما قد قام بعمله بدافع حماسته للإسلام حتى لو أنهما لم يلتقيا ، و المهم كذلك هو أن الرسالة التي أرادا نقلها وصلت تماما إلى الذين أرادا استقطابهم ليصبحوا مؤمنين صالحين " كما كانت له مراسلات و مناظرات مع الإمام السيوطي ، نقلها ابن مريم في كتابه " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان " أثناء ترجمته للعلامة الإمام المغيلي.


الإمام المصلح و نازلة توات:

نقم الإمام المغيلي و انزعج من سلوك سلاطين تلك الفترة الذين كانوا يحكمون مملكة تلمسان و بجاية ، و بعد سخطه على أفعالهم و خاصة على الكيفية التي يعالجون بها رعاياهم ، و بعد أن اثر فيه سكوت أو تغاضي المثقفين و رجال العلم ، هاجر الإمام إلى منطقة تمنطيط بتوات أدرار، وكان لومه على السلاطين بسبب '' عدم امتثالهم لا في حياتهم الشخصية و لا في كيفية حكمهم الى قواعد الاسلام ''
إن قصور توات وتيكرارين وتمنطيط و أسملال و أولف و زاوية كونتة و فتوغيل ، كلها أسماء تشهد لهذا الإمام دهاءه و دعوته ، هذه المناطق التي زارها وصال و جال فيها يقوم بمهمة الدعوة إلى الله و الإصلاح ، و نشر المبادئ الإسلامية الصحيحة النقية كما عرفها السلف الصالح رضوان الله عليهم ، و قد احتضنته القبيلة العربية الأصيلة بني سعيد ، حيث عاش بينهم كواحد منهم يحترمونه و يبجلونه و يستمعون إلى دروسه و يتبعون دعوته حتى بدأ يكتشف دسائس اليهود الذين كانوا يعيشون في المنطقة منذ زمن بعيد ، وكانوا يستحوذون على السلطة الاقتصادية و الموارد المالية وأفسدوا الأخلاق والذمم - كما هي عادتهم دائما عليهم لعنة الله – حيث أنهم كانوا يتحكمون في أكبر كنز في الصحراء الجزائرية الشاسعة ألا و هو : الماء ، كما أنهم قاموا ببناء معبد لهم في واحة تمنطيط خارقين بذلك العهود التي بينهم و بين المسلمين، وقد شن عليهم الإمام المغيلي حربا شعواء لا هوادة فيها لوضع حد نهائي لتجاوزاتهم و استهانتهم بالدين الإسلامي ، لقد ضيق عليهم الخناق و بذلك ظهرت ما يسمى "بنازلة توات"
(( وأصل المشكلة التي طرحت على الفقيه الإمام المغيلي ، هو أن بعض المسلمين من "توات"، تلك الناحية المتواجدة في وسط الصحراء الجزائرية الشاسعة جدا، والتي تضم عددا من الواحات أو القصور كما يسميها سكان الجنوب، وأهمها في القديم واحة "تمنطيط"، وهي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وقد تفوقت عليها في العصر الحاضر مدينة أدرار، وتمنطيط هي اليوم ضمن ولاية أدرار. قلت إن بعض المسلمين من توات، قد أنكروا على اليهود القاطنين في المنطقة، سلوكهم، ومخالفتهم للقوانين، وللتراتيب التي حددها لهم الفقهاء المسلمون، على مر العصور. وتفاقمت الأزمة بعد أن شيد أولئك السكان من اليهود، كنيسة جديدة لهم في "تمنطيط". وقد أثار هذا الخبر ثائرة المسلمين ، الذين اعتبروا تشييد معبد جديد، مخالفة صريحة للشريعة التي تسمح للذميين بإصلاح معابدهم القديمة فقط، وتحظر عليهم بناء معابد جديدة، غير أن بعض العلماء المحليين، وعلى رأسهم قاضي المدينة، خالفوا أولئك النفر من المسلمين وقالوا: إن اليهود ذميون، لهم ما لأهل الذمة من الحقوق المنصوص عليها في كتب الفقه. وقد احتج كل فريق بآيات قرآنية كريمة و بأحاديث نبوية شريفة ، وبأقوال السلف من الأئمة والفقهاء، غير أن كلا الفريقين لم يقو على فرض آرائه، وعلى استمالة عامة الناس إليه. وكان في مقدمة الناقمين على اليهود، العالم الجزائري الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي. وقد اشتهر هذا الفقيه بنشاطه، وبحيويته في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي نشر تعاليم الإسلام و محاربة البدع و الخرافات خاصة ببلاد الزنوج – كما سنرى – حيث اصدر فتوى أكد من خلالها: " أن سيطرة اليهود على عموم نواحي الحياة في تلك الديار، وبخاصة النواحي الاقتصادية، يتنافى مع مبدأ الذلة والصغار التي اشترطها الإسلام مقابل حمايتهم وعيشهم بين ظهراني المسلمين، وعليه فإن هذا التفوق لليهود وإمساكهم بزمام السلطة من خلال سيطرتهم على التجارة، يستوجب - في نظر هذا العالم - محاربتهم وهدم كنائسهم وكسر شوكتهم ليعودوا إلى الذل والصغار". وقد أثارت هذه الفتوى، من قبل الإمام المغيلي، ردود فعل كثيرة في أوساط معاصريه من العلماء بين مؤيد ومعارض. ولما حمي الوطيس بين الفريق المناصر لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، والفريق المعارض له، واشتد الخلاف بين المسلمين، راسل كلا الفريقين أكبر علماء العصر في تلمسان، وفي فاس، وفي تونس، وكانت المدن الثلاث العواصم السياسية، والدينية، والثقافية للأجزاء الثلاثة من المغرب الإسلامي الكبير. قلت راسل الفريقان كبار علماء العصر، يستفتيانهم في القضية، وكان كل فريق يأمل تأييد موقفه ضد موقف الفريق الآخر، المتهم بمخالفة تعاليم الشريعة.
وقد أورد الإمام الفقيه أحمد الونشريسي في موسوعته الفقهية المعيارالمعرب، مختلف الفتاوى التي تلقاها الفريقان، فكان ممن عارضوا المغيلي علماء من تلمسان و فاس، وعلى رأسهم الفقيه عبد الرحمن بن يحيى بن محمد بن صالح العصنوني المعروف بشرحه على التلمسانية، و قاضي توات أبو محمد عبد الله بن أبي بكر الاسنوني.
أما العلماء المؤيدين فقد كان على رأسهم الأئمة الأعلام محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي الجزائري مؤلف الكتاب في ضبط القرآن الكريم "الطراز على ضبط الخراز" ، و محمد بن يوسف السنوسي الجزائري، أبو عبد الله التلمساني الحسني الجزائري عالم تلمسان و صالحها ، و أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني الجزائري مفتي تلمسان في زمنه.
ويقول المؤرخون: "... إنه فور وصول جواب هؤلاء العلماء لواحة تمنطيط، حمل الإمام المغيلي وأنصاره السلاح، وانقضوا على كنائس اليهود، فهدموها دون تأخير".

رحلة دعوة و إصلاح و تأليف في الصحراء :

بعد انتصاره على اليهود كما رأينا ، قام [ كما جاء في بحث بعنوان : " ملامح من التأثير المغربيّ في الحركة الإصلاحية في النيجر - للدكتور عبد العلي الودغيري رئيس الجامعة الإسلامية بالنيجر ] " هذا الداعية الكبير برحلته الطويلة إلى مناطق السودان الغربي، وظل مشتغلاَ بالدعوة والوعظ والتدريس والقضاء والفُتْيا وبَذَل النصح لأمرائها وأولي الأمر فيها. وطاف بعدد من عواصمها وأقاليمها فزار كانوا وكَشنَة في شمال نيجيريا، وكاغو (أو جاو) (الواقعة في مالي حالياً) وتَكَدَّة من منطقة أهير (التابعة للنيجر حالياً)، وغيرها من البلاد الواقعة بين نهري السنغال والنيجر، ويقول بول مارتي: < ونحن نعلم ـ حسبما هو متداول من معلومات ـ أن الإسلام دخل إلى بلاد الجرما والبلاد المجاورة إلى تساوة (Tessaoua)، وزندر (Zinder) بواسطة الشريف الكبير الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي الجزائري، أو بالأحرى بواسطة تلاميذه المباشرين في القرن الخامس عشر >، إلى أن يقول: < لقد هبط الإمام المغيلي مع نهر النيجر إلى ناحية ساي (Saye)(1) [ منطقة "ساي" هذه هي التي توجد بها الجامعة الإسلامية بالنيجر حالياً، وتبعد عن نيامي بحوالي 50 كلم. ]
ويضيف قائلا: < وأرسل بعثات من قبله إلى بلاد جرما جندا (Djermagenda)، وربما إلى الشرق أيضاً ... وقد استُقبلتْ وفادة الإمام الكبير المغيلي إلى هذه المناطق بحفاوة بالغة، وقربه أمراؤها وملوكها وجعلوا منه مستشارهم الخاص ومرجعهم الفقهي الأعلى، وكتب لهم رسائل ووصايا وفتاوى في أمور الحكم والدولة والسياسة الشرعية منها:
أ) " مجموعة في أمور الإمارة وسياسة الدولة " التي ألفها لأمير كانوا محمد ابن يعقوب المعروف بَرمْفت، وهي التي طبعت بعنوان مخترع: "تاج الدين فيما يجب على الملوك والسلاطين "[ طبعت هذه المجموعة طبعات متعددة وترجمت إلى الإنجليزية، وآخر طبعاتها صدرت سنة 1994م، عن دار ابن حزم (بيروت)، بتحقيق محمد خير رمضان يوسف]. وقد سلك فيها مسلك أسلافه من علماء المسلمين الذين ألفوا كتباً في نصح الملوك، وإرشاد السلاطين مثل أبي بكر الطرطوشي في "سراج الملوك"، و الماوردي في الكتاب المنسوب إليه باسم: "نصيحة الملوك"، وكتابه المشهور "الأحكام السلطانية"، والإمام أبو حامد الغزالي في كتابه "التبر المسبوك في نصيحة الملوك"، وابن الأزرق الأندلسي في: "بدائع السلك في طبائع الملك"، والحميدي في "الذهب المسبوك في وعظ الملوك" وغيرها مما هو معروف.
ب) ثم كتب للأمير رَمْفَا محمد بن يعقوب لأمير كانو وصية أخرى في " ما يجوز للحكام في ردع الناس عن الحرام " [ترجمها ريشار بلمر (R. Palmer) إلى الأنجليزية سنة 1914م، ثم نشرها الألوري في كتابه "الإسلام في نيجيريا"، وضمنت أيضاً في كتاب "ضياء السياسات" لعبد الله بن فودي الذي نشره د. أحمد كاني سنة 1988م].
ج) ثم مكث مدة عند السلطان محمد بن أبي بكر التوري المعروف بالحاج أسكيا أمير مملكة سنغاي، وألف له أجوية عن أسئلة كثيرة وجهها إليه، وهي المجموعة التي عرفت باسم: "أسئلة أسكيا وأجوبة المغيلي" [ " أسئلة الأسكيا (كذا) و أجوبة المغيلي "، تقديم و تحقيق الأستاذ عبد القادر زبادية ، سلسلة ذخائر المغرب العربي ، مطبعة الشركة الوطنية للنشر و التوزيع بالجزائر سنة1974م ] ؛ فكانت بمثابة الحجة الشرعية الدامغة التي استعملها أسكيا في توطيد دعائم ملكه ومواجهة خصومه" .
... وكان الإمام المغيلي بجانب ثقافته الدينية الواسعة وقيامه بأمور الوعظ والإرشاد، ومعرفته بأمور السياسة الشرعية، يحترم رجال الطرق الصوفية خاصة منهم أولائك الذين يبتعدون عن الدروشة و الخزعبلات، على الطريقة القادرية. وكثير من الباحثين يعتقدون أن له دور كبير في التعريف بالطريقة القادرية التي كان يحترم شيوخها ، ومنهم أستاذه و صهره المفسرالإمام الكبير والعالم الجليل عبد الرحمان الثعالبي الذي عرفه عليها، و يدعوا لهم بالنصر و النجاح، ولذلك انتشرت في
السودان.


" مصباح الأرواح في أصول الفلاح "
تحقيق الأستاذ الجزائري / رابح بونار
خلال السنوات الأولى من دراستي الجامعية ، وقع بين يدي كتاب صغير الحجم ، يقع في ( 79 ) صفحة من القطع المتوسط .. ورغم أن الزمن كان قد أكل عليه وشرب .. إلا أن ذلك لم يحل بيني وبين مطالعته ، والاحتفاظ به ، بعدما كتبت عليه وبخط عريض : " عالم لم يهادن اليهود " ، بدل عنوانه الأصلي ، الذي أكله الزمن مع صفحاته الستة الأولى .
استوقفني موضوع هذا الكتاب كثيرا ، وأعجبت به أيما إعجاب .. وفرحت باقتنائه ولو ناقصا .. فقد وافق هوى من نفسي وشدني موضوعه .. الذي سأعرضه عليكم على حلقات من خلال سلسلة " هذا الكتاب " .

أصل الكتاب :

أصل هذا الكتاب ، كما فهمت من مقدمته ، مخطوط نفيس عنوانه : " مصباح الأرواح في أصول الفلاح " ، وضعه العلامة محمد بن عبد الكريم المغيلي ، وحققه سنة : 1968 ، الأستاذ الجزائري / رابح بونار .

واضع الكتاب :

هو العلامة الفقيه محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني ، علم من أعلام الفقه والدراسات الدينية بتلمسان ، توفي سنة : ( 909 هـ ) .. وكان إماما ذكيــا ، وعلامة في الفقه والتفسير والحديث والمنطق وغيرها من العلوم .
ذكره صاحب البستان بقوله :< خاتمة المحققين الإمام العالم العلامة المحقق الفهامة القدوة الصلح السني الحبر، أحد أذكياء العالم وأفراد العلماء الذين أوتوا بسطة في العلم والتقدم والحسبة في الدين > .
وذكره صحاب الدوحة بقوله : " الشيخ الفقيه الصدر الأوحد أبو عبد الله بن عبد الكريم المغيلي ، كان من أكابر العلماء وأفضل الأتقياء ، وكان شديد الشكيمة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر ... " .
وذكره صاحب نيل الابتهاج بقوله : < محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني ، خاتمة المحققين الإمام العالم العلامة القدوة الصالح السني ، أحد الأذكياء ، ممن له بسطة في الفهم والتقدم / متمكن المحبة في السنة وبغض أعداء الدين > .

عصره :

عاش الشيخ ( المغيلي ) بالقرن التاسع الهجري بتلمسان ، بالمغرب العربي عامة ، وكان عصره عصر نشاط وازدهار ثقافي رائع ، كما كان القرنان : الثامن والسابع قبله .. وقد نبغ في عصره عدد كبير من الأعلام الذين ازدان بهم القرن التاسع الهجري ، من فقهاء ومحدثين ومفسرين وكتاب وشعراء ومؤرخين وغيرهم .. وفي هذه البيئة الثقافية نشأ ( المغيلي ) ومن مناهلها كرع ، ولا شك أن تأثيرها فيه كان كبيرا .

دراسته الأولى :

بدأ دراسته الأولى بتلمسان ، ثم هاجر إلى مدن القطر الأخرى ، وأخذ العلم بها عن أهلها ، وممن أخذ عنهم من أعلام ذلك العصر : الإمام العلامة الجزائري عبد الرحمن الثعالبي المتوفى سنة : 875 هـ بالجزائر ، والشيخ الجليل يحي بن يدير وغيرهما .

آثاره العلمية :

كان الإمام ( المغيلي ) علامة في المنقول والمعقول ، وكثير التأليف ، سيال القلم ، مشهورا بالشرق والغرب ، ومن مؤلفاته ، التي ذكرها مترجموه :
1. البدر المنير في علوم التفسير .
2. شرح مختصر خليل بإيجاز ، وهو غير تام ، وعليه حاشية سماها إكليل المغني .
3. شرح بيوع الآجال من كتاب أبن الحاجب الفقهي .
4. تأليف في المنهيات ، وموضوعه يتصل بوظيفة الحسبة على ما يبدو من عنوانه .
5. مختصر تلخيص المفتاح وشرحه في البلاغة .
6. شرح الجمل للخونجي في المنطق .
7. مقدمة ومنظومة في المنطق ، وله عليها ثلاثة شروح .
8. تنبيه الغافلين عن مكر الملبسين بدعوى مقامات العارفين ، وهو ضد أدعياء التصوف على ما يبدو .
9. شرح خطبة المختصر .
10. مقدمة في العربية .
11. كتاب الفتح المبين .
12. فهرست مروياته .
13. عدد من القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي غيره من الموضوعات .
14. رسالة ( مصباح الأرواح في أصول الفلاح ) .

مراسلته للإمام جلال الدين السيوطي :

وقع بين الإمام ( المغيلي ) وبين الإمام جلال الدين السيوطي بمصر، نزاع ومناقشة حول قيمة علم المنطق ، فكتب إليه الإمام ( المغيلي ) رسالة ضمنها قصيدة حاجه فيها ، على تنفيره من دراسة المنطق ، مع أنه الوسيلة الضرورية لإدراك الحق ، فقال في قصيدته :

سمعــت بأمــر ما سمعـت بمثلــه *** وكــل حديــث حكمـــه حكــم أصلـه
أيمكـن أن المــرء في العلم حجـة *** وينهى عن الفرقان فـي بعض أمـره
هــل المنطــق المعنـي إلا عبـارة *** عـن الحــق أو حقيقـة حيـن جهلــه
معانيـه في كـل الكلام فهـل تـرى *** دليـــلا صحيحـــا لا يـــرد لشكلـــه
أريني - هــداك الله - منـه قضيـة *** علــى غيــر هــذا تنفهــا عـن محلـه
ودع عنــك ما أبــدى كفور وذمـه *** رجــــال وإن أثبــت صحـــة نقلـــه
خذ الحق حتى من كفور ولا تقــم *** دليــلا علــى شخص بمذهــب مثلــه
عرفناهم بالحق لا العكس فاستبن *** بـــــه لا بهـــم إذ هــم هـــداة لأجلــه
لئن صح عنهم مـا ذكرت فكم هـم *** وكـــم عالـــم بالشرع بـــاح بفضلــه

وأجابه الإمام جلال الدين السيوطي بقوله :

حمدت الله العرش شكرا لفضله *** وأهدى صلاة للنبي وأهله
عجبت لنظم ما سمعت بمثله *** أتاني عن حبر أقر بفضله
تعجب مني حين ألفت مبدعا *** كتابا جموعا فيه جم بنقله
أقر فيه النهي عن علم منطق *** وما قاله من قال من ذم شكله
سماه بالفرقان يا ليت لم يكن *** فذا وصف قرآن كريم لفضله
وقد قال محتجا بغير رواية *** مقالا عجيبا نائيا عن محله
ودع عنك ما أبدى كفور وبعد ذا *** خذ الحق حتى من كفور بختله
وقد جاءت الآثار في ذم من حوى*** علوم يهود أو نصارى لأجله
يحــــــوز به علما لديه وإنـــه *** يعذب تعذيبا يليق بفعله
وقد منع المختار فاروق صحبه *** وقد خط لوحا بعد توراة أهله
وكم جاء من نهي اتباع لكافر *** وإن كان ذاك الأمر حقا بأصله
أقمت دليلا بالحديث ولم أقم *** دليلا على شخص بمذهب مثله
سلام على هذا الإمام فكم له *** لدي ثناء واعتراف بفضله

وتدلنا هذه المساجلة الطريفة ، على الاتجاه العقلي ، الذي كان سائدا في القرن التاسع الهجري ، الذي تأثر به الشيخ العلامة( المغيلي ) .

حادثة الإمام ( المغيلي ) مع يهود ( توات ) :

غادرالإمام العلامة محمد بن عبد الكريم المغيلي تلمسان ، والتحق بالصحراء وأفاد أهلها ، ووقعت له حادثة مع يهودها في أواخر القرن التاسع الهجري .
وقد أرسل الإمام ( المغيلي ) مخطوطه ( مصباح الأرواح ) إلى علماء فاس بالغرب الأقصى وقرأوه وأثنوا عليه ، وتركت هذه الحادثة صدى بعيدا بين علماء المغرب العربي الكبير في ذلك الوقت .
وملخص ذلك أن الإمام ( المغيلي ) كان شديد التدين ، دقيق الملاحظة ، وقد رأى من يهود ( توات ) تجاوزوا الحدود الشرعية واستعلوا على المسلمين ، حتى إنهم أكثروا من التعدي والطغيان والتمرد ، على الأحكام بتولية أرباب الشوكة ، أو خدمة السلطان ، كما رأى تساهلا من المسلمين مع هؤلاء اليهود ، حتى كان الواحد منهم يفضل اليهودي على نفسه وعياله ، أو يستعمله في أعماله ويجعل بيده ما شاء من ماله ، مع أنه لا دين له ولا مروءة ، كما يقول في مخطوطه .

تحطيمه لمعابد اليهود :

رأى الإمام ( المغيلي ) تدهورا أخلاقيا كبيرا للمسلمين ، وتمكينا لليهود من أسباب السلطة والنفوذ ونشاط هؤلاء في إحداث الكنائس أو البيع ، واستعلاءهم بذلك على الإسلام والمسلمين ، فغاظه ذلك كثيرا وفكر في الأمر، وأراد أن يهجم بأصحابه على بيعهم وكنائسهم ليهدمها ، فنازعه في ذلك قاضي ( توات ) الفقيه عبد الله العضوني .
فكاتب الإمام ( المغيلي ) في ذلك علماء فاس وتلمسان وتونس ، فوردت عليه ردود مختلفة من هؤلاء العلماء ، فاعتمد على ما وافق رأيه منها ، وآمن بأنه الحق ، وترك ما خالفه وعده مجانبا للصواب ، ومشوبا بالهوى ، وهجم هو أتباعه على بيع اليهود وحطموهــا ، وأوصى أتباعه بقتل من عارضهم .
  • ملف العضو
  • معلومات
rostomistorik
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 11-03-2015
  • المشاركات : 67
  • معدل تقييم المستوى :

    10

  • rostomistorik is on a distinguished road
rostomistorik
عضو نشيط
رد: الإمام العلامة محمد المغيلي التلمساني قاهر اليهود في جنوب الجزائر
12-05-2018, 08:54 PM
رحمة الله عليه
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 10:41 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى