هذا رأيي في استباحة القرضاوي دمَ القذافي.. وأشكر الجزائر على دورها لحلّ الأزمة
26-12-2015, 09:10 PM




حاوره: عبد السلام سكية

صحافي ورئيس قسم الشؤون الدولية بجريدة الشروق اليومي
ADVERTISEMENT
يؤكد عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الداعية الليبي الشهير، علي الصلابي، أن لإيران مشروعا قديما في المنطقة العربية وخاصة في العراق، لإعادة بعث الدولة الصفوية الفاطمية، ويذكر في هذا الحوار مع "الشروق" الذي التقته عل هامش مشاركته في ملتقى جمعية الإرشاد والإصلاح، أنه من دعاة الحوار مع الشيعة، ويعود المعني إلى الفتوى التي أصدرها الشيخ القرضاوي بإهدار دم القذافي، ونظرته إلى النظام المصري وجهود الجزائر لحل الأزمة في بلاده.
تم التوقيع على اتفاق صلح بين طرفي النزاع في ليبيا، بين المؤتمر الوطني في طرابلس وبرلمان طبرق، هل تعتقدون أن الاتفاق هو المنقذ لليبيا التي أنهكها الصراع والاقتتال؟
المنقذ من هذه الفوضى التي تعيشها ليبيا، هي رحمة الله سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يتولانا، ثم توافق الشعب الليبي، وبالتالي مهما كانت الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، فإن لم تحظ بتأييد الشعب الليبي، فإن تحقيق المصالحة يبقى صعب المنال، أملي في التهدئة وضبط النفس .
دعوتي إلى إنهاء الأزمة الليبية، عقد مؤتمر سلام ليبي، يحضره جميع الفرقاء، خاصة الأخ عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق، والأخ نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام، والسيد فائز السراح المرشح لرئاسة حكومة الوفاق الوطني، حيث يلتقون ويبحثون عن قواسم مشتركة للمساهمة في إيجاد الأمن والاستقرار للخروج من النفق المظلم الذي دخلته البلاد في السنوات الأخيرة، أملي كبير في الله، وأملي كبير كذلك في شعبي وفي قدرته على تجاوز المحن والصعاب، وأن يدفعوا في اتجاه المصالحة، حتى يتم بناء الدولة ومؤسساتها.
الوضع المأساوي الذي صارت عليه ليبيا، دفع الكثير من سكانها إلى الحنين لحكم القذافي، ويؤكدون أن وضعهم في حكم القذافي أفضل مما هو عليه حاليا، هل تعتقد أن الليبيين أخطؤوا لما نزلوا إلى الشارع في فيفري 2011؟
الانتقال الحضاري من مرحلة إلى مرحلة أخرى صعب، إنهاء المرحلة السابقة مرحلة الاضطهاد والاستبداد، وإنهاء النظام الديكتاتوري الذي حارب الفكر والقيم والثقافة، أعتقد أنه من البديهي أن يحدث بعض الانزلاق، لأننا في بلد وبسبب النظام السابق قلّ فيه العلماء والمشايخ والمربون، ما حدث سنة الله في خلقه.
الذي حصل أمر طبيعي، ومن الطبيعي أن تحصل بعض الأخطاء أو الهفوات، الخطأ الجوهري الذي أعتقد أنه حصل هو عدم لجوء الليبيين إلى مشروع الإصلاح الذي أمر الله به بعد انتهاء القتال، كما قال الله في محكم كتابه "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون".
وبالتالي غياب مشروع المصالحة الوطنية، ساهم في هذا التعفن والقلة من الطرفين المتشددين ساهموا في الوضع، أما الغالبية من الشعب الليبي فهم مع الصلح، والذي وأصبح الآن رأيا عاما، وإن شاء الله ستجنح المصالحة.
أعود وأذكر أنه طبيعي ما حصل، والآن فيه نوع من محاسبة الذات، والعودة إلى القيم بحيث ترسخ دولة المواطنة ومفهوم العدل والحرية، الليبيون في النهاية كلهم مسلمون ومواطنون، وحتى من ارتكب أخطاء سواء منتمين إلى فبراير أم غير فبراير المفروض أن يكون بينهم القانون والقضاء، وأن يميلوا إلى التصالح والعفو، فالدول لا تبنى بالتشفي والانتقام، ولكن تبنى كما علَّمنا النبي عليه الصلاة والسلام في فتح مكة بالعفو وتجاوز الأخطاء السابقة.
تحدثت عن أخطاء وقعت، بصفتك عضوا في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، هل أخطأ رئيس الاتحاد الشيخ يوسف القرضاوي بالإفتاء بإهدار دم القذافي من خلال الفتوى الشهيرة التي أطلقها، لقد كان فيه تهييج كبير من الشيخ؟
الآن قدر الله ما شاء فعل، وكان أمر الله قدرا مفعولا، الذي حدث صفحة وانتهت، وعلينا الآن أن ننظر إلى الأمام.
زرت الجزائر في إطار الوساطة التي قامت بها، هل كانت بناء على طلبك أو بدعوة من المسؤولين الجزائريين، وماذا قدمت لهم كحل للأزمة؟
الجزائريون هم من بادروا بالاتصال بمختلف ألوان الطيف الليبي، لمحاولة تقريب وجهات النظر، حيث قدمت إلى الجزائر شخصيات من المؤتمر ومن البرلمان وشخصيات سياسية واجتماعية والجهد يذكر ويشكر، لقد أثمرت الزيارات التي تمت، لتقريب وجهات النظر، وبعدها استضافت حلقات من حلقات الحوار الأممي.
ما هو موقفكم من المبادرات التي تقودها الجزائر لحل الأزمة في ليبيا؟
الجزائر تحظى باحترام لدى الليبيين وكان لها موقف قوي ضد أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، وأنا أتحدث إليك تحضرني المظاهرات الشعبية التي خرجت في ليبيا تشكر الجزائر لرفضها التدخل الأجنبي في بلدنا، كذلك الجزائر ساهمت في التقليل من الضغوطات وكل هذا من أجل أمن واستقرار ليبيا.
الجزائر يهمها أمن واستقرار ليبيا، وهي تعتبر أمن ليبيا من أمنها، كما أن العلاقات الاجتماعية والحضارية قوية ومتماسكة ومتداخلة، ولهذا فمن الطبيعي أن تسعى الحكومة الجزائرية والشعب الجزائري لاستقرار ليبيا.
هنالك من يصنف الأزمة الليبية في خانة الصراع الإقليمي للدول، وهو ما يتجلى في الدعم الذي تلقاه جماعة فجر ليبيا من طرف قطر وتركيا باعتبارهما عرابتي تنظيم الإخوان في العالم الإسلامي، وبالمقابل هنالك الدعم المصري الإماراتي لجماعة حفتر والذي يخاصم مشروع الإخوان، هل توافق على هذا التشخيص؟
في وجهة نظري أن الليبيين بحكم النظام الدكتاتوري الاستبدادي الذي جثم على صدروهم لعقود، لم يتعودوا على الحوار، ولم يتعودوا في تلك الفترة على الرأي والرأي الآخر، وخلال السنوات الأربع الأخيرة اقتنعوا أن قوتهم بجمع الليبيين وباتحادهم، أما عن المشاريع الخارجية للدول فهي تجد موطأ قدم نتيجة التنازع، وأؤكد أنه بالتماسك ستكون لهم القدرة على المقاومة، وصد أي مشروع أجنبي.
العنوان الأكبر في العالم العربي والإسلامي، هو تنظيم داعش. كيف تنظر إليه، هل هو صناعة استخباراتية، أم حقا منتسبوه يطمحون إلى تأسيس ما يسمونه الخلافة؟ وكيف يمكن مجابهته مع الخطر الذي صار يشكله؟
عوامل متعددة ساهمت في هذا الموضوع، منها الظلم والاستبداد الذي وقع على أهل السنة في العراق، ما حصل لإخواننا السنة في العراق أوجد أرضية، خاصة مع العمل الطائفي الذي قام به نوري المالكي، من خلال محاولة القضاء على عقائد الناس، إضافة إلى الظلم والسجون وانتهاك حقوق الإنسان والغزو الخارجي.
في وجهة نظري كذلك أن عددا من الدول يريد جعل داعش شماعة لغزو دول أخرى، داعش كذلك جزء منه استخباراتي.
أما عن طرق المواجهة، وإن كان لمصالح الأمن دور، فللمشايخ والعلماء والأئمة دور هام في نصح ومحاورة الشباب.
80 ألف منتسب لداعش الآن، كيف لهذا التنظيم أن يجند هذه الطاقات الشابة؟ هل لأن المشايخ والعلماء بعيدون عن الواقع المعيش؟ بمعنى آخر خطابكم في واد والأمة الإسلامية في واد آخر؟
هذا التنظيم بعيد عن الإسلام، وشوه الإسلام بالجرائم الفظيعة التي يرتكبها، الموضوع معقد ومتشابك ويجب التعاون بين الجميع الحكومات والشعوب والمفكرين ورجال الأمن.
تحدثت عن الطائفية هل تعتقد أن إيران تشكل خطرا على العالم الإسلامي وعلى العالم السني؟
لإيران مشروع قديم، وهو إعادة بعث الدولة الصفوية والفاطمية، وهو ليس بجديد، ومن أهدافه محاولة جعل العاصمة العراقية بغداد تحت العقيدة الشيعية الرافضية في سب الصحابة رضوان الله عليهم، وفي نهاية الأمر الشعب العراقي مر بصعوبات كثيرة لكنه سينتصر، سيتغلبون على مشاكلهم بقيمهم التي استمدوها من المثنى والصحابي الجليل خالد ابن الوليد وعهد الصحابة رضوان الله عليهم، فالمخزون الثقافي للشعب العراقي يجعل أن لهم القدرة على امتصاص الكثير الصدمات.
فيما يخص الصراع المذهبي والشيعي السني، هل أنت مع التقارب أو مع التصادم والتقاطع مع الطرف الآخر؟
أنا مع الحوار والمناقشة، وعلى أهل السنة أن يبلوروا مشروعا حضاريا فيما يتعلق بالقيم والعدالة وحقوق الإنسان، نحتاج إلى خطاب حواري فالدنيا لا يوجد فيها فقط المشروع الإيراني فهناك المشروع الغربي، والمشروع الصهيوني، هناك كذلك المشروع الصيني، كما أن هنالك العديد من المشاريع المتنوعة، لكن وجهة نظري أن الأمة الإسلامية التي تعتنق عقيدة القرآن والسنة النبوية وتحترم صحابة الله رضوان الله عنهم تحتاج إلى خطاب حضاري متقدم يستوعب المرحلة التي تمر بها الإنسانية حتى يرجع الوهج.
فالنسبة إلي أن هناك حضارة غربية هي الحضارة المادية، وحضارة شرقية المتمثلة في الحضارة الإنسانية ذات المرجعية الروحية للقرآن وهدي النبي عليه الصلاة والسلام، وستكون وهي المنتصرة بإذن الله.
الأصل في مراجع الأمة وعلمائها أن يكونوا وحدة واحدة، لكن الحاصل أن حالة الشرخ والانقسام قد طالتهم، وهو ما يتجلى في كثرة تجمعات العملاء، فهنالك اتحاد عالمي للعلماء، وآخر جرى تأسيسه في الإمارات تحت مسمى مجلس حكماء المسلمين، وثالث تحت مسمى الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في لبنان، لماذا هذا الحال؟
التعدد في الأفكار ظاهرة صحية في المجتمعات، والبقاء للأصلح، هنالك تدافع سياسي وآخر عسكري وثقافي، ونحن نؤمن بتعدد الأفكار والثقافات.
لكن الأنظمة العربية القائمة لا تنظر إليها كظاهرة صحية فالنظام المصري مثلا ينظر إلى القرضاوي كإرهابي مطلوب اعتقاله من طرف الأنتربول، فكيف تصف هذه الحال؟
طبيعي أن يصدر هذا الأمر من النظام المصري، النظام المصري نظام استبدادي يرفض التداول السلمي على السلطة وضد الديمقراطية بشهادة الغرب وما أقوله ليس شهادتي فقط.
لقد غدروا بالرئيس مرسي كما تعلم، كان من الطبيعي أن يترك الخيار للشعب المصري وأن لا يتدخل السيسي بالآلة العسكرية وقمع الشعب المصري من أجل اختياره.
لما نتحدث عن مرسي، نتحدث عن التيار الإسلامي في العالم العربي، فغداة الربيع العربي الشعوب العربية اختارت وأوصلت الإسلاميين إلى الحكم، وبعدها أدار المواطن العربي ظهره لهم، هل أخطأ الإسلاميون في توجهاتهم أو أنهم عجزوا عن الحكم؟
الذي حدث في مصر هي ثورة شعب لكن النظام الاستبدادي نقولها بصراحة لا مستقبل له لأن الله يقول "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
معذرة سؤالي لا يحصر الوضع في مصر، في تونس تم إبعاد حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بانتخابات حرة ونزيهة لا أحد يطعن فيها؟
هذا جميل، لأن الشعب هو الذي اختار ونحن مع خيارات الشعوب وحقها في اختيار من تريد ليحكمها، وأن تكون قادرة على استبعاد أي تيار مهما كان، للشعب الحرية في الاختيار.
نحن على مقربة من ذكرى ما يسمى بالربيع العربي، هل تصف ما حدث في جانفي 2011 بالربيع العربي الحقيقي أم كانت هناك تدخلات غيرت وجهته؟
هي كلمة ربيع عربي أو خريف عربي نتركها على جانب، فالشعوب انتفضت ضد الاستبداد وضد الديكتاتورية، ومن أجل تحسين أوضاعها الاقتصادية والتعبير عن أفكارها ونجحت نجاحا مبدئيا في إسقاط مجموعة من الحكام، وثورات الشعوب تحتاج إلى وقت حتى تستقر.