الشريف الإدريسي.. أعظم جغرافي في القرون الوسطى
14-10-2019, 02:46 PM


الشريف الإدريسي هو من أعلام الجغرافيين المسلمين الذين كان للرحلات شأن عظيم في آثارهم العلمية، ومما يُؤسَف له أننا لا نعرف الكثير عن حياته، ومعلوماتنا عنه لا تزال قليلة جدًّا وغير متكافئة مع القيمة العلمية لهذا الرجل؛ فلم يهتم به إلا فئة قليلة من مؤلفي التراجم، ولكنهم أيضًا لم يوفوه حقه ولم يذكروا من أخباره إلا القليل.

نسب الإدريسي

هو محمد بن محمد بن عبد الله ابن إدريس بن يحيى بن علي بن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله ابن عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب[1]، المعروف بالشريف الإدريسي، والحمودي، والصقلي، والقرطبي[2]، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي وفاطمة الزهراء -رضي الله عنهما- بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء لقبه بالشريف لنسبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد كبار الجغرافيين في التاريخ، ويُعد أعظم جغرافي في القرون الوسطى، وبالإضافة إلى علمه في الجغرافيا كتب في التاريخ والأدب والشعر والنبات، ودرس الفلسفة والطب والنجوم والشعر[3].

مولد الإدريسي ورحلته

ولد الإدريسي في مدينة سبتة بالمغرب سنة (493هـ= 1100م)[4]، ودرس في جامعة قرطبة، وقد بدأ رحلاته وهو في السادسة عشرة من عمره، فقد طاف في الأندلس وفرنسا وانجلترا، كما زار معظم أرجاء شمالي أفريقيا، ثم بعد ذلك ارتحل إلى المشرق العربي فزار الحجاز ومصر، ثم طاف بآسيا الصغرى وبلاد اليونان التي وصل إليها سنة (511هـ= 1117م)، وبعد رحلة طويلة عاد إلى مدينته ومسقط رأسه مدينة سبتة التي كانت حينئذ تحت حكم الموحدين[5].

الإدريسي وروجر الثاني ملك صقلية

كان روجر الثاني ملك صقلية يعشق كل ما هو شرقي، وقد وصل إلى مسامعه ما وصل إليه الإدريسي من العلم والمعرفة، فدعاه إلى زيارته في مدينة صقلية سنة 533هـ= 1138م، وعهد إليه أن يؤلف له كتابًا شاملًا في وصف مملكته وسائر الآفاق المعروفة في ذلك الوقت فرحب الإدريسي بهذه الدعوة وأتم له تأليف هذا الكتاب الذي استغرق منه خمس عشرة سنة وأسماه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وقد ظل هذا الكتاب ينسب لفترة طويلة إلى أمير البلاد روجر، فيقال: كتاب رجار أو الكتاب الرجاوي[6]، وهو أصح كتاب ألفه العرب في وصف بلاد أوربا وإيطاليا، وكل من كتب عن الغرب من علماء العرب أخذ عنه، وقد ترجم هذا الكتاب إلى الفرنسية واللاتينية والإنكليزية والألمانية[7]، واستقر الإدريسي مقربًا من بلاط الملك روجر، الذي أكرمه وبالغ في تعظيمه[8].

علم الإدريسي ومؤلفاته

لم يكن الإدريسي جغرافيًا فقط، وإنما كان عالمًا متعدد المعارف والمهارات في كثير من فروع العلم الأخرى كالصيدلة والطب والنباتات، كما كان أديبًا جيد الأدب وشاعرًا، وله مؤلفات متعددة منها: (كتاب الجامع لأشتات النبات الذي يُعرف -أيضًا- باسم المفردات، والأدوية المفردة، و-أيضًا- له كتاب روض الأنس ونزهة النفس، الذي يُعرف بالمسالك والممالك، ثم كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وهو الذي فرغ من تأليفه بعد خمسة عشر عامًا)[9].

وفاة الإدريسي

اختلف الكثير من المؤرخين في تاريخ وفاة الإدريسي، وفي مكان وفاته ولكن الأقرب إلى الصواب أنه توفي في مدينة سبتة سنة (560هـ= 1165م)[10].


[1] الصفدي: الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 1420هـ= 2000م، 1/ 138.
[2] مقدمة كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للشريف الإدريسي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة: الأولى، 1409هـ.
[3] إسماعيل سامعي: علم التاريخ- دراسة في المناهج والمصادر، ص281.
[4] الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 7/ 24.
[5] زكي محمد حسن: الرحالة المسلمون في العصور الوسطى، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان، 1401ه= 1981م، ص64أحمد رمضان أحمد: الرحلة والرحالة المسلمون، دار البيان العربي، جدة، السعودية، ص161، 162.
[6] أحمد رمضان أحمد: الرحلة والرحالة المسلمون، ص162.
[7] الزركلي: الأعلام، 7/ 24.
[8] الصفدي: الوافي بالوفيات، 14/ 72.
[9] مقدمة كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للشريف الإدريسي.
[10] الزركلي: الأعلام، 7/ 24.
قصة الإسلام