مراسلة لشركة "سيامنس" الألمانية "تبهدل" سوناطراك بسبب التلاعب في الصفقات
05-01-2016, 09:33 PM

تغطية: إلهام بوثلجي

صحافية بجريدة الشروق مختصة بمتابعة القضايا القانونية


كشفت أسئلة النائب العام للمتهم بلقاسم بومدين عن وثيقة ومراسلة لشركة "سيامنس" الألمانية، التي انسحبت من المشروع الخاص بالحماية الإلكترونية لـ 123 منشأة بعد تحويل المناقصة إلى تراض بسيط وتقسيم الحصص على شركات أخرى ومنها "كونتال فونكوارك"، التي فضحت فيها تلاعبات سوناطراك وأعلمتها بانسحابها لعدم تعاملها بشكل قانوني بعبارات شديدة اللهجة، تبين التلاعبات في مجال منح الصفقات.
النائب العام: أنت تحدثت عن الأسعار وبررت المبالغة فيها بسبب عدم امتلاك إطارات سوناطراك للخبرة في مجال المعدات؟ لمَ لم تكوّنوا لجنة لدراسة السوق، لتقارنوا بين المعدات الموجودة في مجال المراقبة البصرية؟ لمَ تركتم "كونتال" تتحكم فيكم؟
المتهم: لم نكن في مرحلة الاختيار، ولا خيار لدينا مع مهلة الوزير بشهر لإبرام العقود .
123منشأة قمتم بإلغاء المناقصة وتقسيم المشروع إلى أربع حصص للشركات الأربع، وفي هذا الإطار أرسلت لكم شركة "سيامنس" الألمانية مراسلة عن طريق الفاكس إلى سوناطراك؟ -بلغة عامية يقول له–: "بهدلتكم" وقالت في فحوى الإرسالية: "لست أفهم تقسيم الحصص في حين إن المناقصة والقانون واضح ينص على اختيار أقل عرض مالي وفوز شركة واحدة بجميع المنشآت 123؟ ألم تلاحظ أن تقسيم المشروع كان هدفه منح "كونتال فونكوارك" مشاريع بسوناطراك؟ ما رأيك في مراسلة "سيامنس" التي قالت لكم: "لما تكون الوضعية شفافة وصحيحة وقانونية آتي وأقدم لكم عروضا" وانسحبت؟
أبدأ برسالة "سيامنس". أنا أجهلها ولم أسمع بها في حياتي، ربما راسلت اللجنة لكن لا علم لي.
..يتدخل القاضي رقاد وهو الآخر لم يكن على اطلاع بالوثيقة مثله مثل المحامين الذين استغربوا وجودها عند النائب العام، الذي سلمها لرئيس الجلسة للاطلاع عليها، ليمنحها بدوره للمتهم بلقاسم بومدين الذي قرأها لأول مرة في الجلسة ليرد: "الرسالة التي اطلعت عليها الآن موجهة إلى رئيس المشروع وليس إلي" وأصلا سيمانس أرادوا الحصول على كل المشاريع الـ 123.
أنتم من أعلنتم عن مناقصة لكل المنشآت. لماذا لم تقسموا الحصص من أول وهلة؟
هذه استراتيجية سوناطراك لاستقبال نحو 984 عرض تجاري، وتوجهنا إلى شركات محددة للحصول على أحسن عرض في مجال الحماية، وأصلا سوناطراك في 2006 حددت مناطق جغرافية من أجل معايير سياسية وتقنية لكل شركة.
القاضي يتدخل: "النائب العام في سؤاله قال لك لو كانت هناك مناقصة لما أخذت "كونتال فونكوارك" الصفقات؟
الاستراتيجية كانت منح كل شركة من الشركات الأربع حصصا بالتراضي وصادق عليها مزيان ووافق وزير الطاقة عليها.
أنهى النائب العام أسئلته الموجهة إلى بلقاسم بومدين، فيما طالب باسترجاع وثيقته التي فجرت فضيحة من العيار الثقيل في الجلسة، وجعلت النقيب سيليني يخرج مسرعا لتصوير نسخة منها.

بومدين يطلب مواجهة مع آل إسماعيل ورضا مزيان ويكشف:
شكيب خليل قال لي إن مزيان تحمل مسؤوليته بخصوص أولاده
كشف بلقاسم بومدين خلال رده على أسئلة المحامين أن مشاريع الحماية الإلكترونية الخاصة بـ123 منشأة لسوناطراك تمت عن طريق الاستشارة المحدودة، فيما قال إن قيمة المشاريع ككل تبلغ نحو 4000 مليار سنتيم، فيما تبلغ قيمة خمسة عقود التي حصل عليها "كونتال فونكوارك" 1100 مليار سنتيم.
وشدد في إجابته عن الأسئلة قائلا: "أقول للشعب الجزائري إن الوضع الأمني هو السبب في الاستعجال"..
ليقاطعه القاضي: "تكلم مع المحكمة وليس الشعب لست في برلمان أو جمعية سياسية"، ليضيف: "الوزير كانت لديه معلومات حول الوضع الأمني وهو يعرف أحسن منا". ليطلب مواجهة مع المتهم آل إسماعيل جعفر "مسير كونتال ألجيريا" ورضا مزيا، التي قبلها القاضي طالبا منهما الحضور إلى المنصة.
ليسألهما عما جرى عند قاضي التحقيق، فقال رضا إن قاضي التحقيق سأله عن زيارة بلقاسم بومدين مع آل إسماعيل فرد: لا، ثم سأل آل إسماعيل عن تصريحه لقاضي التحقيق فقال: "سألني عن هذا الشخص من هو، يعني بومدين، فقلت له هو نائب الرئيس المدير العام لسوناطراك".
القاضي متوجها إلى بومدين: "هذا ما تريد؟" يجبه: "سيدي القاضي تم إيداعي السجن فقط بسبب هذا الكلام".
يتدخل ميلود إبراهيمي: "شخص بمستوى بومدين يزج به في السجن بسبب لاشيء" يطلب منه رئيس الجلسة الهدوء والالتزام بالقوانين قائلا: "لا تعلق على الإجراءات في المرافعات أنت حر قل ما تريد".
وفي إجابته عن سؤال القاضي بخصوص فكرة تأميم المنشآت إن كانت فكرة الوزير أم شخص آخر؟ قال إن الدكتور شكيب خليل هو من قررها، وعاد ليشرح لقاءه بهذا الأخير بطلب من "الدياراس"، حيث أشار إلى حديثه معه حول وضعية أبناء مزيان وشراكتهما في "كونتال"، التي قال له شكيب بخصوصها: "معلومة الدياراس بخصوص أبناء مزيان تخصه وحده وهو يتحمل مسؤوليتها". وأضاف في إجابته عن باقي أسئلة الدفاع بأن فترة رئاسته لنشاط المنبع عرفت تطوير إنتاج ملياري طن بترول، ونحو 16 مليار برميل، واستثمار 20 مليار دولار.
النائب العام: ماذا قدّم رضا مزيان ليحصّل أرباحا بـ 79 مليون دينار؟
وكانت الأسئلة الموجهة إلى المتهم رضا مزيان تقتصر حول علاقته بالمتهم "آل إسماعيل جعفر" وعاد ليؤكد أنه صديق الدراسة واتصل به في 2003، وكان حينها بباريس، واشتغل معه في "الهولدينغ" سنة 2008، بحصص تمثل 480 سهم، وهو ما أثار حيرة النائب العام الذي سأله: ما العمل الذي أنجزه ليحصل على أرباح بقيمة 79 مليون دينار و64 ألفا؟ لكن أجابته لم تكن مقنعة، حيث قال إن آخر مبلغ لم يأخذه وهي قيمة الأرباح التي سدد بها دين الشقة التي اشتراها بباريس لوالدته.
كما طالبه ممثل الحق العام بإظهار الوثائق التي تؤكد دفعه قيمة الأسهم، لكنه قال إنه أضاع الوصل وإن الموثق اختفى.
يتدخل القاضي ليوجه كلامه إلى المتهم رضا: "المبلغ والأرباح هي إذا صورية لأنك لم تعمل سوى التأسيس".
يرد المتهم: "لم أفهم سيدي ما معنى صورية"؟
يشرح له القاضي ليرد: "الهولدينغ دوره إنشاء شركات"، وكانت الأسئلة الموجهة إلى بشير فوزي، الابن الثاني للرئيس المدير العام لسوناطراك، تصب في نفس السياق، وتخص علاقته بـ"آل إسماعيل" وشراكته معه في "كونتال" مقابل حصص لم يدفع ثمنها، وكذا خروجه من الشركة دون تعويض. وركز الدفاع على سبب خروجه من سوناطراك؟ فرد بأنه تعرض لضغوطات وتم معاقبته بإنزاله في الدرجة من قبل مديرية الموارد البشرية ثم خرج ليتكفل بتسيير شركة "المغاربية للنقل"، التي أسسها مع شقيقه وآخرين.

مواصلة استجواب المتهمين في المجموعة الأولى
بومدين: التفويض من صلاحيات مزيان التي منحها له الوزير
تواصلت أمس بمحكمة الجنايات بالعاصمة لليوم الثامن من أطوار محاكمة سوناطراك أسئلة الطرف المدني والدفاع والنيابة العامة لباقي المتهمين ضمن المجموعة الأولى المتعلقة بصفقة الحماية الالكترونية والمراقبة البصرية التي تحصل عليها المجمع الجزائري "كونتال فوكوارك". ونبه القاضي رقاد المحامين والنيابة العامة مع انطلاق الجلسة على التاسعة والنصف صباحا إلى الالتزام بالأسئلة التي لم تطرح من قبل المحكمة قائلا لهم" هذه مرحلة أسئلة وليس الاستجواب لأنه انتهى" وذكر في السياق المتهم بلقاسم بومدين نائب الرئيس المدير العام لسوناطراك بضرورة الإجابة المختصرة على الأسئلة.
حاول دفاع الخزينة العمومية من خلال طرح أسئلته على المتهم بومدين، معرفة مدى اللجوء إلى التراضي البسيط وأسباب عدم الذهاب إلى المناقصة واختيار شركة " كونتال فونكوارك"، حيث أكد المتهم أنه تم تطبيق إستراتيجية سوناطراك في المشاريع، واللجنة هي من اقترحت تقسيم الحصص على أربع شركات، مشيرا بخصوص الأسعار المرتفعة للمجمع الألماني الجزائري بأنها كانت متناسقة مع باقي الشركات، ليسأله دفاع الخزينة "لماذا منحتم الحصة الرابعة التي انسحبت منها شركة "سيمانس" بالتراضي بدل اللجوء للمناقصة مثلما أقرت اللجنة؟ فأجاب "اللجنة راسلتني لاقتراح مناقصة دولية وأرسلت مراسلة لمزيان والذي حولها لمدير الأمن الداخلي والذي عرض عليه تقسيم الحصة الرابعة بين شركة "فونكوارك وفيسات ومارتاكس".
واستفسر دفاع الخزينة عن الآجال التي منحها وزير الطاقة آنذاك، إن كانت تخص مرحلة ابرام العقد أم مرحلة التنفيذ والدراسات؟ فقال بومدين وزير الطاقة منحنا أجل شهر لنحرر العقود وكان مستحيلا، ثم مدد 6 أشهر، بعد التقارير التي وصلته من اللجان المكلفة بالمشاريع"، وأكد المتهم أن المجمع الألماني الجزائري كان متقدما بنسبة إنجاز 90 بالمئة مقارنة بباقي الصفقات، أما بخصوص غرامات التأخير التي لم تسلط عليه فصرح "كيف نسلط غرامات على المجمع إن كانت سوناطراك هي سبب التأخير" .
وبخصوص التعليمة A408R15 ، قال بومدين "الدكتور شكيب خليل الله يذكره على خير هو من حرر أول تعليمة R14في 2004، ثم جاء مزيان بعده وعدلها" فيما رفض القاضي سؤال الدفاع الرامي إلى الربط بين تعديل التعليمة لأجل منح الصفقات للمجمع الألماني الجزائري، وبخصوص التفويض بالإمضاء رد المتهم "مزيان لديه السلطة لمنحه وهذا بعد موافقة الوزير ورئيس الجمهورية".

بومدين يرد على تشكيك محامي سوناطراك في عامل الخطر الأمني:
"سكيكدة وسيدي رزين وتيقنتورين لم تكن خلال العشرية السوداء"
ركز دفاع سوناطراك النقيب سيليني عبد المجيد في أسئلته للمتهم بومدين، على معرفة طريقة العمل بالتراضي وهل تمت في كل الصفقات أم فقط في صفقات الحماية، فيما أكد المتهم أن الأصل هو المناقصة لكن التراضي معمول به في عديد الصفقات، ليقول "لدينا 5000 مناقصة 50 بالمئة منها رجعت للتراضي".
وحاول سيليني أن يظهر لهيئة المحكمة بأن الأوضاع الأمنية التي تكلم عنها المتهم غير موجودة بطرحه للسؤال "في 2005 الأوضاع الأمنية في الجزائر لم تكن مثل العشرية السوداء، وتبريركم كنائب الرئيس المدير العام للجوء للتراضي واختيار أحسن عرض بسبب الوضع الأمني غير معقول ؟" .
يرد المتهم: "لقد أجبت من قبل على هذا الانشغال لكن أعيد وأكرر كانت هناك أوامر، والمعلومات التي لدى وزير الجمهورية ليست عندي، مشكل سكيكدة، ثم اعتداء سيدي رزين واعتداء منشاة "لورد نوس" بالصحراء، وهذا أمر خطير جدا حدث في 2004، وأصلا تقنتورين حدث في 2013 وليس في 1993؟"
وتساءل سيليني عن معايير اختيار شركة "كونتال فونكوارك" للحصول على مشاريع وترتيبها عالميا؟ فرد المتهم بشكل غامض "من تقارير الخبراء يتبين أنها شركة منتجة فونكوارك ألمانية معروفة "يقاطعه سيليني" لا هناك تناقض أنتم لم تتعاملوا مع فونكوارك الألمانية بل مع مجمع جزائري ألماني هناك فرق"، وصنع المحامي جدلا من خلال سؤاله حول طريقة تعيين بومدين بمرسوم رئاسي، والسلطة التي يملكها للرفض باعتبار أن رئيس الجمهورية هو من عينه؟ فقال المتهم: "العبد الضعيف منحني رئيس الجمهورية السلطة والصلاحيات للاستكشاف والبحث عن المحروقات وتطوير حقول الإنتاج ليس لدي سلطة لرفض المشاريع" يتدخل القاضي "أنت تتهرب من السؤال وكان بإمكانك أن تقول لا يمكن أن أرفض أوامر الوزير؟"، فأجاب المتهم "أرفض لما تكون الصفقات غير قانونية، لكنها كانت عادية وأنا مقتنع بها".