وبلغنا عام١٤٤٠هجري
17-09-2018, 09:55 AM
وبلغنا عام١٤٤٠هجري
عادل بن عبد العزيز المحلاوي


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ابتداءً نحمد الله أن مدّ في الآجال، وأنسأ في الأثر، وأطال في العمر، ونسأله البركة في الباقي، والعفو عن زلل الماضي.

* عشر سنوات مضت، ونحن نتقلب في الثلاثينات من أعوامنا الهجرية:( منذ ١٤٣٠ وانتهاءً ب ١٤٣٩ ) مضت من حياتنا، وقبلها عشرينات قرننا: ( ١٤٢٠ هجري )، ومنّا: من أدرك عشراته:( ١٤١٠ هجري )، ومنّا: من أدرك ألفاً وأربعمائة صافية:( ١٤٠٠ ).
أربعون سنة مضت على بعضنا، وثلاثون، وعشرون ذهبت سريعة مليئة بأحداثها.
سلْ نفسك ، وسلْ غيرك عن هذه العشرات من السنين: كيف مضت؟، ستسمع الجواب، وأنّها:( مرت سريعة كلمح البصر أو هي أسرع!!؟).

* أغمض عينيك الآن، وتفكّر في تلك السنوات التي انقضت: كيف ذهبت بخيرها وشرها، بفرحها وآلامها، بسعادتها وحزنها!!؟.

* تُقلّب ناظريك في آخر ورقة في تقويم عامك المنصرم، فتعود بك الذاكرة لعمرك الذي تفلّت منك وأيامك التي انقضت.
أحقاً انتهى هذا العام!؟.
أصدقاً قد بلغلتُ هذا السنّ!؟.
يا رباه ما أسرع مرور الأيام!؟.
يا الله ما أسرع تفلّت الساعات!؟.
مضت علينا وعلى غيرنا، وانقضت من حياة الصالح والطالح، ذهبت من حياة من أطاع ربه، ومن حياة من عصاه.
انتهت من دنيا: من اغتنمها في قُربه من ربه بلزوم طاعته، وممّن: مَن أذهبها في لذاته وشهواته، مضت على الصنفين، ولكن يبقى فرق جوهري بينهما:( هذا رابحٌ ، وذاك خاسر ).

* ووالله لوعقلنا جيداً: لوجدنا أنّ عقلاء بني آدم حقاً هم: أهل الطاعة، وأنّ الناصحين لأنفسهم صدقاً: من نفعوا أنفسهم بالتقرّب لربهم بسائر الطاعات.
لقد مضى على أهل الطاعة التعب في بعض الطاعات:( إن كان فيه تعب!!؟)، وإلا، ففي الجملة: فعل الطاعة يسير.
ومضى على العاصي لحظات ملذاته:( هذا إن كان فيها لذة!!؟)، وإلا، فهي مملوءة بالغصص والألم.
ولكن: بقي للطائع ربح طاعته، وعاد العاصي بإثم معصيته.

* نهاية عام وبداية آخر:
جديرٌ بتذكّر نعمة الله عليك: إذ أبقاك وأخذ غيرك ممّن تعرف من قريب وحبيب وصديق.
تذكر الآن ( نعم الآن ) من مات ممّن تعرف.
ما الفرق بينك وبينه، ليموت هو، وتبقى أنت!!؟.
هل أنت أكمل منه صحة!!؟.
أو أنت أقوى منه جسداً!!؟.
أو أنت أقدر لدفع الموت عنك منه!!؟.
لا، ومالكِ يوم الدين؛ بل أنا وأنت مثلهم ضعفاء، ليس بمقدورنا: دفع الموت عنّا، ولكنّها آجالٌ محسومة، وأعمارٌ مكتوبة، ومددٌ محددة لكل إنسان.
ويبقى حمد الله على مدّ العمر وطوله، لنستعتب ونتوب، ونعمل صالحاً ونزداد من الطاعات.

* نهاية عام وبداية آخر:
حقيقٌ بأن يجعل كل واحد منّا: يراجع نفسه مع طاعة ربه، وتقصيره فيها، فبقاء المرء في الدنيا نعمة، ليتدارك أمره، ويعدّل كل خلل، ويُكمل كل نقص، ويتدارك كل تقصير.

* نهاية عام وبداية عام:
يذكّرنا بمحاسبة النفس بصدق، وعدم مجاملتها في هذا، لأنّك إن جاملت، فأنت خاسر.
حاسبها على الجدية في الحياة، ونفع النفس سواءً كان نفعاً دنيوياً أو أخروياً.
هل أنت جاد في أمورك كلها، أم أنك قد أخذت أمورك بالبطالة والاستهتار وعدم المبالاة!!؟.
هل أنت غيور على نفسك، راغب في نفعها ورفعة شأنها، أم أنك تساير من حولك وتجاريهم في بطالتهم واستهتارهم!!؟.
هل أنتجت شيئاً ذا بال في عامك المنصرم، وأعوام قبله!!؟.
أسئلة كثيرة:( ربما كان فيها قسوة )، ولكن الخير في الصدق عند جوابها.
ومع ذا، فالأمل باق حتى وإن حصل تقصير، والحياة واسعة، وإن تصرمت منّا بعض الأعوام، لأن الأعمال بالخواتيم، والفرح بالعواقب.
* جدّد النشاط .
* صحّح المسار.
* جدّ في المستقبل.
وأيقن: أنّ كل شيء يمكن تداركه، وتستطيع استدراك أي نقص فيه.
انظر أي تقصير في العبادات، وسارع في جبره بالتكميل، والاستقامة التامّة.
وإن كان هناك خلل في الواقع الاجتماعي، فعدّل هذا الخلل، وأصلح العلاقة مع ذي قرابتك وذي رحمك وسائر النّاس.
وإن كان ثَمّ خور في العزيمة، وضعف في الهمّة، فقوِّ همّتك، وارفع من شأن عزيمتك، فلا زالت الحياة مليئة بالفرص، فالله قد جعل فيها فسحة لتحقيق كل هدف، خصوصاً: ما شرُف منها.

* ختاماً:
لنسأل ربنا التوفيق للخير، وأن يأخذ بالنواصي للبر من العمل، وأن يجعل ما بقي من العمر خيراً ممّا مضى.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.