شهادات التكوين المهني للإيجار
30-09-2018, 04:34 PM




أصبحت عملية كراء الشهادات من أجل القيام بمشاريع تجارية مصغرة وافتتاح محلات تجارية، ظاهرة واسعة الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي وكذا مواقع التجارة الإلكترونية، التي تروج لها في زمن حتمت فيه الضرورة وقلة الحيلة، على المواطنين البحث عن سبل مختلفة لتحسين معيشتهم ومدخولهم الشهري.
اتخذ العديد من المواطنين الحائزين على شهادات التكوين المهني في تخصصات مختلفة ومتعددة منها القديمة والجديدة، من هذه الشهادات مصدرا يدر عليهم أموالا شهرية، فقد استطاعوا تحويل عجزهم عن العمل بها في أرض الواقع لصعوبات مادية وعوائق إدارية، بإيجاد حلول أخرى أبسطها كرائها مقابل مبلغ مالي شهري يعود عليهم بالفائدة بدلا من ركنها في خزائن المنزل وأدراج المكاتب. وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي والدكاكين الإلكترونية في ترويجها، فيكتفي صاحب الشهادة بذكر المعلومات المتعلقة بها، وإرفاق الإعلان بنسخة عن الشهادة مع إخفاء المعلومات المتعلقة بإسمه وبياناته وإبقاء رقم هاتفه الشخصي، ثم على الراغب في تأجيرها الاتصال به والتواصل معه للتفاوض حول السعر والوصول لحل نهائي.
شهادات الحلاقة والخياطة والحلويات في مقدمة الإعلانات

ومن خلال تصفحنا لواحد من أشهر الدكاكين الإلكترونية، تفاجأنا للعدد الكبير من الشهادات المختلفة والمتنوعة المعروضة للكراء، غالبية حملتها من النساء تلقين تكوينات مختلفة ومتعددة، ومنهن حتى من تحمل شهادتين أو أكثر تعرضهن للإيجار بأسعار مختلفة حسب نوع الشهادة وأهميتها. وتحتل شهادات الحلاقة المرتبة الأولى من حيث الأكثر عرضا وأسعارها متباينة حسب طبيعة الشهادة وما تحتويه من خدمات، إذا كانت حلاقة فقط أو حلاقة وتجميل وماكياج والأسعار تتراوح في العادة مابين 12 و25 ألف دينار جزائري، حيث شدّ انتباهنا عرض لكراء شهادة في الحلاقة الرفيعة قص، صبغات شعر، مكياج، تسريحات للعرائس، الشهادة محصل عليها في سنة 2014 وثمن الكراء 12 ألف دينار. وهناك شهادات تصل حتى 25 ألف دينار شهريا بالنسبة لصاحبات تخصص الحلاقة والتجميل والعناية بالبشرة، أما بالنسبة لتأجير شهادات التجميل وتطبيق الماكياج بمختلف أنواعه المائي والعادي، اللبناني والخليجي بـ 5 ملايين دينار شهريا.
أسعار ايجار الشهادات تصل 45 ألف دينار

دفعنا الفضول للاتصال بإحدى المعلنات، فأطلعتنا بأنها حلاقة وشهادتها تعود لعام 2000 وقد سبق لها وعملت في عديد صالونات الحلاقة بالعاصمة، وتجيد القص وتسريح الشعر والصبغات غير أن ظروفها المادية لم تسمح لها بافتتاح محلها الخاص، وبعدما تعبت من التنقل من المحلات والعمل لدى الحلاقات وصارت لها عائلة وأبناء، قررت التوقف وعرض شهادتها للكراء بـ 15 ألف دينار للشهر والسعر قابل للتفاوض على حد قولها.
وليست الحلاقات هن الوحيدات في كراء الشهادات فحتى صانعات الحلويات التقليدية أيضا ينافسنهن، حيث شد انتباهنا عرض سيدة تؤجر شهادتها في صناعة الحلويات التقليدية والمرطبات “باتيسري” وهي معتمدة على حد قولها، وكتبت صاحبة الإعلان أن التأجير خاص بالنساء فقط والسعر 8 آلاف دينار شهريا، وهناك شهادات أخرى تؤجر كواحدة موجهة لتحضير “باتيسري” لأعياد الميلاد وحفلات الزفاف للكراء بـمليونيّ سنتيم.
وهناك شهادات الطباخين أيضا والتي تؤجر لتدشين مطاعم خاصة وشركات تحضير وجبات وكذا قاعات الطعام للأعراس، ففي أحد العروض كتب طباخ بأنه يملك شهادة طباخ لتحضير مختلف الأطباق التقليدية والعصرية يؤجرها بـ 20 ألف دينار شهريا، وهو متحصل عليها منذ عام 2012 ويصل سعر كراء هذه الشهادات حتى 4 ملايين سنتيم.
وتعرض الخياطات شهاداتهن للإيجار بمسميات متعددة كخياطة رفيعة وهذا لإنشاء ورشة خياطة أو محل لمن يهوين الخياطة ويجدنها ولا يملكن شهادة، كي يجسدن مشروعهن وثمن الكراء 45 ألف دينار جزائري. ويقدم أيضا حملة شهادات التكوين في النجارة على عرضها للإيجار ليتمكنوا من إقامة الورشة خاصة بهم بـمليونيّ سنتيم.
تخصصات جديدة تدخل مزاد الإيجار

ودخلت على الخط في السنوات الأخيرة تخصصات جديدة وشهادات مطلوبة بكثرة للإيجار كشهادة مربية أطفال في التكوين المهني، حتى تتمكن صاحبتها من إقامة دار حضانة للعناية بالأطفال أو مدرسة خاصة وثمن كرائها 30 ألف دينار شهريا، وهناك أيضا شهادات التبريد وتركيب المكيفات الهوائية للكراء بسعر 18 ألف دينار شهريا.
ويحمل بعض المؤجرين أزيد من شهادة ليقوموا بتأجير كل واحدة على حدة، فأحد المعلنين عرض شهاداته المتعددة مثل شهادة حلاقة رجالية 12000 دج، مصمم أزياء بمليونيّ سنتيم، خياطة جاهزة للمصانع 25 ألف دينار. ويشترط عديد المعلنين على مستأجري الشهادات الإقامة معهم في نفس الولاية وكذا دفع ثمن الكراء لمدة سنة كاملة مسبقا.
وبالرغم من أن الظاهرة أخذت منحنيات خطيرة غير أن مصالح الدولة لم تتحرك ولم تتدخل لإيقاف الظاهرة، فالأمر لم يقتصر على شهادات التكوين المهني بل شهادات جامعية أخرى وتخصصات هامة وحساسة معروضة هي أيضا للإيجار وبأسعار خيالية، أمام صمت الدولة.