اللاجئون الأفارقة..
24-10-2014, 10:35 AM
اللاجئون الأفارقة..ديكور جديد للمدن الجزائرية

في الوقت الذي تجتهد فيه الحكومة الجزائرية لترقية المحيط السكني للجزائريين بإزالة الأحياء القصديرية، والبيوت الهشة كما يطلق عليها، ها هم اللاجئون الأفارقة الهاربون من سوء أحوال بلدانهم، يغزون المدن الجزائرية بأعداد غفيرة، ليصنعوا ديكورا جديدا، يضيف للحكومة عبئا آخر، يتطلب ما يتطلب من مسؤوليات ، تجاههم. أسئلة كثيرة تطرح حول هذا الموضوع، تحتاج إلى إجابات.
بعيدا عن الدور الإنساني الواجب على الدولة القيام به نحو اللاجئين الباحثين عن حماية عائلاتهم من ظلم الحروب والنزاعات على الزعامة في بلدانهم، يتساءل المواطن عن هذه الأعداد الغفيرة من العائلات، كيف استطاعت اختراق الحدود، وقطع آلاف الكيلومترات من الصحراء القاحلة، لبلوغ المدن الشمالية. أمر يحير.. في الوقت الذي نتكلم فيه عن مراقبة صارمة للحدود !
خلال هذه الصائفة، زرت مدينة قسنطينة، ومدينة وهران، والعاصمة، فوجدت نفس الديكور الموجود بمدينتي"بجاية"، أين يحتل اللاجئون ملتقيات الطرق، ويجوبون الشوارع نهارا، يمدون أيديهم للناس بل يعترضون السيارات، ويلحون عليهم بما يشبه الإرغام، على دفع الصدقة، وليلا، يتخذون الأرصفة الواسعة مطابخ ومطاعم ومراقد! فهل، على الأقل، تساءلت الحكومة عن الحاجات البيولوجية، أين يقضيها هؤلاء الناس؟
ذات يوم، وأنا في زيارة إلى العاصمة، رأيت منظرا عجيبا على الطريق السيار، شد انتباهي، كما شد انتباه المارين من هناك، في ذلك الصباح، الذي أشرقت فيه شمس حارة، بعد هطول أمطار غزيرة بالليل. رأيت أفرشة وأغطية وملابس منشورة على جانب الطريق، عرضها أصحابها، لا للبيع ولكن للجفاف، يمتد ذلك على مسافة تتعدى كيلومترين..وعلى بعد أمتار فقط من المطار الدولي!!! منظر لم أجد ما أقول فيه أو عنه، ولكن أثار في نفسي تساؤلات عدة.
لماذا؟ نعم، لماذا سمحت الحكومة لهؤلاء اللاجئين الأفارقة بالوصول إلى هنا، ثم تتركهم في العراء، ولا تسأل عنهم كيف يعيشون.
نعم، المدن الجزائرية آوتهم ولكن..دون استضافة. وهذا الشتاء على الأبواب، والعائلات اللاجئة مازالت في العراء. الحديث يدور هنا في بجاية، عن تجميعهم في مركز ..على شاطئ البحر غربا، بعيدا عن المدينة بحوالي عشرين كيلومترا.. هل الحل المناسب هو هذا ؟ أم أن الحكومة تلجأ إلى نفس الحل الذي استخدمته مع اللاجئين السورين، لعله ينجح مع الأفارقة حيث فشل مع السوريين؟
الجزائريون عرفوا إبان حرب التحرير مثل هذا الوضع، أجدادنا وآباؤنا يدركون معنى أن تكون لاجئا، لذلك يؤسفنا ويؤلمنا أن نرى جيراننا الأفارقة في هذه الحالة غير الإنسانية، ومن ثم، لم يبخل الشعب بملء فراغ الدولة، من حيث على الأقل، عدم ترك هذه العائلات تموت جوعا، ولكن لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، لابد من حل أكثر إنصافا لهؤلاء الذين لا ذنب لهم سوى وجودهم وسط صراع جماعات متناحرة، بحثا عن السلطة والزعامة في بلدانهم!!
الخطر داهم، ولا حل قادم، ونحن بدأنا نسمع عن حدوث تجاوزات من هنا وهناك، مثل الاعتداءات والسرقات وغيرها، ثم إن الناس بدأوا يتخوفون من الأمراض، وأكثر ما يخيفهم، الأمراض المعدية الفتاكة التي يمكن أن تظهر ..ولن تمس اللاجئون وحدهم، لأنهم يتقاطعون صباح مساء بالناس، وهم في سعيهم لجلب قوت يومهم!
وأما الذي لا أفهمه، فهو السكوت شبه الكلي عن هذه المشكلة الإنسانية في الجهات الرسمية وغير الرسمية، لا نكاد نسمع شيئا عن هذا الوضع..لا الصحافة المكتوبة، ولا الصحافة المسموعة، ولا المرئية.. تكلمت بما يعطي للقضية حجمها الحقيقي..لماذا هذا السكوت أيضا ؟
المواطن اليوم، صار يتساءل خائفا ..لماذا هذا الغياب.. ألا تتحرك أجهزة الدولة إلا عندما تنفجر الأمور؟ فهل تنتظر الحكومة، بخصوص مسألة اللاجئين الأفارقة، حدوث كارثة متشعبة الجوانب..لكي "تبدي زينتها"!!؟