الغاية تبرر الوسيلة المبدأ الإيطالي الذي شوه السياسة والساسة.
20-01-2021, 01:59 PM
مثل هذه الأفكار الشاذة الغربية الغريبة عن أمتنا تم اختراقنا وضربنا في الصميم وتحييننا ببرمجة خبيثة أعتكف الذكاء المخابراتي الذي لا يكل ولا يمل من اختراع بمثل هذه السموم وهذا منذ أمد بعيد بأبعاد دينية صليبية بحتة والتي وجدت عوامل راكدة ساعدتها في الانتشار ألا وهي سياسة الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة أستعمل فيه كل الوسائل للقضاء على الدين الإسلامي, وتحييدنا بها عن سبيل الحق الذي لا توأم له, قال الله تعالى:(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153), وإخراجنا عن جادة الصواب والعدل وفكر توازن الأمور والاعتدال المكتسب فطريا أو من مصدر القرآن والسنة، بحيث انبهرنا بالفكر الغربي الملغم وفلسفته الدسمة المشبعة بالسموم التي أصابتنا بمضاعفات خطيرة عطلت بوصلة الفكر الإسلامي المعاصر المواكب للمنطق المستمد من الشريعة الإسلامية السمحاء، كما أثرت بالسلب على الأخلاق وأفسدت الطموح المعتدل المشروع للفرد والمجتمع وبالتالي خلقت لنا سياسية همجية هجينة مصلحية مادية تؤطرها الأنانية التي لا تؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة وصنعت أباطرة الثروة والمخدرات وحكاما مدى الحياة ومنهم من أعتنق الماسونية كفكر ليبقى في الحكم مدعوما من طرف الغرب كما فعل الرئيس الراحل بورقيبة وهذا حسب ما صرح به أحمد القديدي السياسي والأستاذ الجامعي التونسي وسفير تونس السابق في قطر ومستشار سابق لأمير قطر المتخلي عنه حمد بن جاسم آل ثاني ونائب رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر.
المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي نيكولو مياكافيلي تبنى في القرن السادس عشر، هذا الفكر وأطلق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة معتقدا أن صاحب الهدف باستطاعته استخدام الوسيلة التي يريدها مهما كانت وكيفما كانت دون قيد أو شرط. فكان من الأوائل المؤسسين لقاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
عندها اتخذت من هذه القاعدة الانطلاقة الأولى لكل طموح سياسي ديكتاتوري، وتبنيها كمنهج فكري لتبرير الاستبداد وممارسة الفساد الموسع والطغيان المسيطر للوصول للهدف المسطر مهما كانت العقبات وإستعمال أى شئ مباح أو غير مباح, ضاربة بذلك كل القيم والأخلاق والنزاهة الإنسانية المعتدلة المتعارف عليها ولا أقول الأديان لأن الدين عند الله الإسلام .
كنا يرى مياكافيلي في مبدئه الذي أعتبره سياسة الغابة لأنه يعتمد على الغريزة الطاغية المتوحشة التي لا تتأثر بالقيم وتجيز استخدام العنف و القوة من قبل القادة السياسيين مبررا قوله بأن الرهبة والرعب يولدان الاعتدال وتقويم الرعية، وأن الخوف أساسي في السيطرة على الشعوب وأن هذه القاعدة هي سر النجاح.
هذه هي سياسة الفوضى التي يريدها الغرب، التي تبرر للحاكم قتل شعبه والإمعان في الفساد المصحوب بالتنكيل والتجويع والأمثلة كثيرة كما فعل السيسي مع شعبه في مجزرة ساحة رابعة الشهيرة وجرفه للجثث بالجارفات والجريمة تنقل مباشرة صوتا وصورة للعالم وهو يشاهد أفعال العرب وهم يتفننون في الإجرام الذي يندى له الجبين مشوهين بذلك الدين الإسلامي ويمرغون أنوفنا في التراب الي حد وصفنا بالهمج ومصدر التطرف ونحن نمثل أرقى رسالة نزلت من السماء.
إن من دواعي التفطن والحس الراقي النافع أن نكون في قمة الوعي ونبحث في دواخلنا وذواتنا ومخططاتنا المستقبلية وفي سياساتنا ربما قد نكون ممن يتبنون هذا المبدأ وربما يقدسونه سرا ويرونه مفيدا عمليا فلا يجدون حرجا في استعمال الوسائل التي تتنافى مع القيم والمبادئ المعتدلة الجائز استعمالها للوصول لمرماهم وإصابة الهدف بأقل الأضرار.
إن هذا المبدأ ليست له معايير وشروط تقيده أو ضوابط تحده فقد فتح على إبعاد دنيوية بحتة لا تتأثر بالدواعي التي تتباهى بها الإنسانية وقد فسرها ميكافيلي تفسيرا ينم على حتمية لا تخضع لضوابط القيم أما بخصوص الضرورات تبيح المحظورات فهي مقيدة بالشروط والمعايير وتستمد ضوابطها من الشرعية وبالتالي قد يصبح المحظور مباحا تماشيا والمصلحة النبيلة التي تخدم المجتمع, مثل في بعض حالات الكذب في الإصلاح بين الناس وعند الإكراه يجوز الكفر شرط أن يكون ضاهريا لا أن يمس شغاف القلب.
إن ميكافيلي مؤلف كتاب الأمير الذي مازال بعد مئات السنين يمثل فلسفة الحكم ويطبق عمليا من طرف الحكام باطنيا وينكرونه ظاهريا, كما أن سياسة الغاية تبرر الوسيلة في نظرهم توطيد للحفاظ على الدولة وأمنها واستمرار النظام الذي يرونه صالحا لكل زمان ومكان مستعملين في ذلك كل الوسائل المباحة والغير مباحة.
بلخيري محمد الناصر