حفيظ دراجي :لم يبق سوى إعلان الحرب..!
06-12-2009, 09:47 PM
لم يبق سوى إعلان الحرب..!

حفيظ دراجي

للأسبوع الثالث على التوالي لا تزال الحرب الإعلامية متواصلة بين الفضائيات المصرية والصحف الجزائرية حتى سئمنا وكرهنا من السب والشتم وكل أنواع التجريح والتضليل، وسئمنا نحن أيضا من الكتابة في الموضوع، وشبعت الجماهير من القراءة والاستماع إلى انحطاط أخلاقي فاضح لبعض الإعلاميين والسياسيين والمثقفين الذين جروا وراءهم رجال العلم والدين، وصارت القضية في مصر والجزائر تتعلق بالسيادة والكرامة وتتطلب تقديم الاعتذار والتعويض عن الأضرار.
الأمور في تصعيد مستمر لأن السياسيين أرادوها كذلك، ولم يبق سوى صدور فتاوى علماء الدين لتكفير أحد الطرفين أو إعلان الحرب حتى يكتمل المشهد ويبلغ الجنون ذروته، وتهدأ النفوس الضعيفة التي لا معنى للوطنية لديها إلا عندما يتعلق الأمر بمنتخبها لكرة القدم. أما عندما يتعلق الأمر بسيادتها وحرمة ترابها، وشرفها ودينها فلا حرج.
إن اختزال مصر والجزائر في منتخبهما لكرة القدم تقليل من شأنهما واستخفاف بتاريخهما وشعبيهما، واهتمامنا بالانتصار في المباراة وربح معركة المونديال على حساب الانتصار لشعبنا العربي على الظلم والجهل والفقر والاستعمار هو قمة الإسراف في الإساءة لأنفسنا، كما أن تحويل الاشتباك بين المناصرين إلى اشتباك بين البلدين والشعبين هو قمة الاهانة والإساءة لمصر والجزائر.
أما ترك الأمور بين يدي إعلاميين غير مؤهلين لتوجيه الرأي العام فهو الطامة الكبرى والفتنة التي لا تطفئها كل مياه المحيطات، وعواقبها ستكون وخيمة مثلما بدأت بوادرها تظهر من خلال الدعوة إلى المقاطعة المتبادلة لكل ما هو جزائري ومصري.
لقد أثبتت تداعيات مباراة مصر الجزائر بأننا لا نعرف عن بعضنا بعضا شيئا، وما نعرفه بعيد عن الواقع بعد السماء عن الأرض، وأثبتت ابتعاد إعلامنا عن همومنا وانشغالاتنا الفعلية وتشبثه بقشور لا تسمن ولا تغني من جوع، وكنا نتمنى ألا نحشر العلماء ورجال الدين والعلم والمثقفين ونترك الأمر بين أرجل اللاعبين وبعض السياسيين الذين تعودوا الاصطياد في مثل هذه المياه العكرة، و كذا بيد وأفواه بعض أشباه الإعلاميين يمارسون تجارة خاسرة لأن سلعتهم فاسدة لا يشتريها عاقل.
لقد أظهر الجزائريون أنهم لا يعرفون عن مصر سوى ما يشاهدونه في المسلسلات والأفلام والسموم التي أطلقها بعض الإعلاميين الذين لا يمثلون ذالك الشعب الطيب والمحب لوطنه، ولا يعرفون سوى أبوتريكة وشحاتة وكمشة أخرى من لاعبي الكرة. أما من الجانب المصري فأنهم لا يعرفون عن جزائر البطولات والنضال سوى ما قامت بتسويقه فضائيات العار من أن جمهورها عنيف وبربري وشعبها لا يحب مصر ويريد أن ينافسها في الزعامة.
إن مصر ليست شحاتة وأبوتريكة، وليست عادل إمام وليلى علوي وليست فول وطعمية، ولا يمثلها من اعتدى على أوتوبيس المنتخب الجزائري، كما أن الجزائر حضارة وتاريخ ونضال وشعب مكافح، وليست مجموعة بلطجية وقطاع الطرق كما وصفها الإعلاميون، وهي شعب يحب وطنه ولا يكره مصر، ولا يبحث عن زعامة أمة مريضة فزادها الله مرضا لأنها اعتقدت بأن الشرف والكرامة بين أرجل لاعبيها.
http://www.super.ae/blogs/details.php?bid=294