الإنترنت.. هل يُدمِّر العلاقات الزوجية
22-07-2012, 01:18 AM
تُظهر السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في حالات عدم الإستقرار الزوجي في بلادنا العربية، وهو ما يبدو واضحاً من خلال إرتفاع حالات الطلاق وقضايا "الخُلع" إحصائياً، وما تُظهره الحوارات والندوات التي تناقش هذه القضايا، وهو ما يُرجعه البعض إلى الإنتشار الواسع لـ" الإنترنت" وظهور "المجتمعات الإلكترونية"، التي لا تعرف حدوداً أو حكومات أو أنظمة أو قوانين، فإلى أي مدى كانت الثورة الإلكترونية مسؤولة عن حالات الفشل في الحياة الزوجية؟
تُبرئ السيدة إيمان عبدالله، رئيسة مؤتمر المرأة الثقافي العالمي، الذي يُعقَد في دبي للعام الرابع، والذي حمل هذا العام عنوان: "نحو أسرة إلكترونية"، التكنولوجيا من هذا الإتِّهام، وتُعلِّل ذلك بقولها: "تحدث المشكلات ويلجأ الزوج أو الزوجة إلى علاقات سطحية عبر "الإنترنت"، لكن مثل هذا الإستخدام السيِّئ، يحدث عندما يكون هناك تفكك أسري في الأساس، لا أعتقد أنّ التكنولوجيا لعبت دوراً رئيسياً في إحداث التفكك الأسري، فحالة عدم الإستقرار بين الزوجين تنشأ في الأغلب بسبب سوء إختيار الشريك، وفي المقابل فإنّ التكنولوجيا أسهمت في التقريب بين المجتمعاتوالثقافات وتقارب الحضارات".
سعاد الخاجة، سيدة إماراتية وناشطة في مجال العمل النسوي، وترأس لجنة العلاقات العامة في مؤتمر المرأة الثقافي العالمي، توافق تماماً معالطرح القائل إنّ التكنولوجيا سبب من أسباب غياب الإستقرار في الحياة الزوجية وتقول: "الرجل مشغول بإقامة علاقات مع الأصدقاء والصديقات عبر الشاشة، بينما الزوجة مشغولة بتربية الأبناء وتلبية حاجات الزوج والتسوق، والأبناء هم الضحية في حالات كثيرة، وقد أدى هذا إلى تفكك الأسرة، وبات كل شخص يعيش في جزيرة معزولة عن الآخر، وضاعت العادات والتقاليد القديمة، ولم يعد هناك وقت لتجمُّع العائلة، وبات الحوار مفقوداً بين الزوجين، وبينهما وبين الأبناء".
الناشط في القضايا الإجتماعية في المملكة العربية السعودية، الدكتور محمد العنزي، يُجمل لنا الآثار السلبية التي طالت الأسرة العربية بسبب الثورة الإلكترونية، وفي مقدمتها "الميل إلى الإنعزال، وزيادة حالات الإكتئاب والإحساس بالإستقلالية، فزادت المشكلات الأسرية بسبب جلوس الزوج فترات طويلة أمام "الإنترنت"، بعيداً عن الزوجة والأبناء، ما خلق حالة من إنعدام العاطفة بين الزوجين، حيث إنّ الزوج يبحث عن إشباع رغبته العاطفية غير المتوافرة في زوجته، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة حالة الشك عند الزوجة، فتبدأ في مراقبة زوجها، ما يؤدي إلى إنعدام الثقة الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإنفصال ووقوع الطلاق".




وهناك، والكلام للدكتور العنزي، "إرتفاع في حالات الطلاق في المملكة العربية السعودية ودول الخليج بسبب إدمان "الإنترنت"، فالزوج يهمل واجباته المنزلية، ويترك كل الحمل على الزوجة، وقد يتأثر هو نفسه في عمله بسبب سهره حتى ساعات متأخرة من الليل، ما يؤدي إلى الغياب عن العمل، ويتأثر الأبناء بدرجة أو بأخرى، بسبب تأخرهم في التحصيل الدراسي بسبب إنشغالهم بـ"النّت"، وهناك عدد لا بأس به من الطلاب تم فصلهم من الجامعة بسبب هذه المشكلة".

ويشير الدكتور العنزي إلى ما ذكرته إحدى الدراسات، من أنّ أكثر من (90%) من مستخدمي "الإنترنت" في منطقة الخليج يدخلون مواقع غير مفيدة، بما فيها المواقع الجنسية.

وينصح الدكتور العنزي، بضرورة الإستخدام السليم للتكنولوجيا ودخول المواقع المفيدة، وأن يقوم الشخص الذي يرغب في إستخدام "النت" بتحديد الهدف من ذلك، "وهو ما أطبّقه في بيتي، فممنوع الجلوس أمام "الإنترنت" يوم الجمعة، حتى الجوّال ممنوع، إلا في أضيق الحدود". وينصح بوضع "الكمبيوتر" في مكان عام وليس في غرف الأبناء، ومتابعة الأطفال أثناء جلوسهم إليه، وأن يجلس أفراد العائلة مع بعضهم بعضاً، حتى تعم الفائدة على الجميع".
أمّا عن دور التكنولوجيا في إضطراب العلاقات الزوجية، فتقول الدكتورة العبيدلي: "إنّ الإضطراب في العلاقات الزوجية موجود من دون وجود التكنولوجيا، ولكن سوء إستخدام التكنولوجيا أسهم في زيادة هذه المشكلات، ومغ غياب القدرة على المواجهة، يلجأ الزوج إلى "الشات" و"الدردشة" كوسيلة للهروب، مع أنّ المطلوب هو أن يتحاور مع شريك حياته حتى تنتهي المشكلة".
وتستدرك: "لكن هناك نمطاً آخر من الرجال، أو النساء، وهذا النمط لا يُسيء إستخدام "النت"، فهو عندما يجلس أمام الشاشة، فإنّه يهدف إلى المعرفة ولأغراض مهنية، بحتة، فلا مفر من التعامل مع هذا الواقع، ولكن يجب الحرص على أن يكون إستخدام "الإنترنت" ليس على حساب حاجات الأسرة النفسية والإجتماعية والإنسانية، ومن المهم تهيئة جيل الأبناء للزمن المقبل، الذي سيكون أكثر تعقيداً".



- سلاح ذو حدين:

تأخذ السيدة نوال صالح، حرم القنصل السعودي في دبي، بالجانب الإيجابي في عالم التكنولوجيا وتقول: "هي سلاح ذو حدين، وشخصية الإنسان هي التي تحدد ماذا يفعل، ونحن نستخدم "النت" في كل شيء مفيد، حتى في التسوق ونحن في منازلنا، فقد سهّلت علينا كل شيء".

- سوء الإستخدام:

الإستخدام السيِّئ هو المسؤول عن زيادة حالات عدم الإستقرار الزوجي، هذا ما تقوله السيدة أسماء يحيى الباشا، حرم قنصل اليمن في دبي: "توجد مزايا رائعة، أما السلبيات فهي ناتجة عن الإستخدام السيِّئ، ويمكن للحكومات العربية أن تلعب دوراً فاعلاً في التقليل من هذه المشكلات، من خلال إغلاق المواقع الإباحية، وأن تقوم الأسرة بدورها ولا تترك الحبل على الغارب للأبناء، وعلينا أن نُسرع نحو التقدُّم والتطور التكنولوجي، وأن نُترجم أحلامنا إلى الواقع".

أما السيدة ضياء علي، حرم قنصل ليبيا في دبي، فترى أنّ التكنولوجيا مسؤولة بدرجة ما عن حالة عدم الإستقرار الزوجي، ولكن في المقابل لها دور كبير في النهوض المجتمعي والتطور العلمي، والمسؤولية على الشخص نفسه.

وتدافع السيدة شريفة علي القلداري، عن التكنولوجيا، ملقية باللائمة على مَن يستخدمون هذه التكنولوجيا بشكل سيِّئ: "طريقة الإستخدام السيِّئ هي المسؤولة، يجب ألا نلقي باللوم على التكنولوجيا، إذا كانت هناك مشكلات، فيجب حلها، وأن تكون هناك رقابة على الأبناء، مع التوعية وغرس الأخلاق الحميدة".

تقلل الشيخة عزة النعيمي، من "جمعية أم المؤمنين" في عجمان، من تأثير التكنولوجيا في الإستقرار الزوجي في البلاد العربية: "نحن نعيش حالة من الإستقرار العائلي، على الرغم من كل هذا التطور التكنولوجي في الإمارات والعالم العربي، والسبب يعود إلى قيمنا وعاداتنا العربية والإسلامية، التي تهدف في أساسها إلى تحقيق الإستقرار الأسري".

- الفجوة:

"هناك فجوة موجودة في العلاقة بين الزوجين والرجل هو المسؤول عنها"، كلام يعترف به الدكتور عزام الشلبي، الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في الحكومة الفلسطينية: "الفجوة سببها إنشغال الزوجة بشؤون البيت والأبناء والزوج، بينما يلجأ الزوج إلى الجلوس أمام "النت"، ومن هنا تحدث المشكلات".




منقول للافادة