جنايات أرسطو في حق العقل و العلم.
31-03-2018, 04:53 PM
جنايات أرسطو في حق العقل و العلم
- مظاهرها ،آثارها ، أسبابها-
- قراءة نقدية لكشف جرائم أرسطو في حق العقل و العلم -



الأستاذ الدكتور

خالد كبير علال





رابط التحميل :



مقدمة المؤلف


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على النبي الكريم محمد بن عبد الله ،و على آله و صحبه ، و من سار على دربه إلى يوم الدين ، و بعد: أفردتُ كتابي هذا لنقد فكر الفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس ( ت 322 ق م )) ، قصد الكشف عن جرائمه التي ارتكبها في حق العقل و العلم ، و غابت عن كثير من أهل العلم قديما و حديثا . و قد عنونته ب : جنايات أرسطو في حق العقل و العلم – مظاهرها ، آثارها ، أسبابها - . و قد سميتُها جنايات لأنها ليست أخطاء عادية ، و إنما هي أخطاء غير عادية ،كثيرة و خطيرة و فادحة ، نتيجة انحراف أرسطو عن منطق البحث الاستدلال العلميين ، بقصد و بغير قصد .

و قد اخترتُ الكتابة في نقد الفكر الأرسطي بالطريقة التي اتبعتها في كتابي هذا ، لأنها أصبحت أمرا ضروريا لابد منه لأمرين أساسيين: الأول هو أنه على الرغم ما أظهرته العلوم المعاصرة و بعض الدراسات النقدية الحديثة الجادة من كثرة أخطاء أرسطو و انحرافاته المنهجية ، و خطورته على العقل و العلم ، فإن التيار الأرسطي المعاصر نهض من جديد على مستويين بارزين : الأول السعي لإعادة الاعتبار للفكر الأرسطي بحق و بغير حق ، و بطريقة غلب عليها التحريف و الغلو ،و التدليس و التغليط من جهة . و إغفال و طمس و تبرير الجوانب السلبية من فكر أرسطو من جهة أخرى . و من مُمثلي هذا التيار: الباحث مُصطفى النشار في كتبه التي أصدرها حول فكر أرسطو و الفلسفة اليونانية ، منها: نظرية العلم الأرسطية ،و نظرية المعرفة عند أرسطو .

و المستوى الثاني هو تبني الرشدية الحديثة للفكر الأرسطي ، لأنه هو الأرضية التي يقوم عليها الفكر الفلسفي عند ابن رشد الحفيد .و بما أنه لا فكر رشدي دون فكر أرسطي ، وجدت الرشدية الحديثة نفسها مُضطرة لتبني الفكر الأرسطي و الدفاع عنه بحق و بغير حق.ومن ممثلي هذا الاتجاه محمد عابد الجابري و مدرسته ، و قد أظهر ذلك صراحة في كتابيه : تكوين الفكر العربي ، و بُنية الفكر العربي .
و أما الأمر الثاني فمفاده أنه بما أن ما قام به هؤلاء فيه إفساد كبير للعقل و العلم ،و فيه تحريف لكثير من حقائق التاريخ ،و فيه غلو في تعظيم أرسطو و التعصب له بالباطل ، و فيه إحياء لأفكار دهرية شركية صابئية تفسد الفكر و السلوك ،و فيه إخفاء كبير لسلبيات و أخطاء و انحرافات فكر أرسطو ؛ فقد أصبح من الضروري التصدي لهم و للفكر الأرسطي بهدم أُسس فكر أرسطو ، هدما علميا يقوم على الوحي الصحيح ،و العقل الصريح ، و العلم الصحيح . و بهذا يُشل هذا التيار من أساسه بانتقادنا للفكر الأرسطي من جهة ،و يأخذ فكر أرسطو مكانه الذي يستحقه بلا إفراط و لا تفريط من جهة أخرى .

و أما لماذا كتبتُ في هذا الموضوع الفلسفي ،و أنا مُتخصص في التاريخ الإسلامي ؟ . فالجواب واضح ، هو أن تخصصي الدقيق ليس في التاريخ الإسلامي عامة،و إنما هو في التاريخ الفكري للفرق الإسلامية ، و الفكر الفلسفي عند المسلمين جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ من جهة ،و هو امتداد للفكر الفلسفي اليوناني من جهة أخرى . و لا يمكن نقد الفكر الفلسفي عند الفلاسفة المسلمين نقدا صحيحا و كاملا إلا بدراسة الفكر اليوناني عامة و الأرسطي خاصة .

هذا فضلا على أن من حق أي باحث أن يكتب في أي موضوع إذا كان مُطلعا عليه ،و مُتمكنا منه ،و لا يُشترط فيه أن يكون مُتحصلا على شهادة علمية تشهد له بتخصصه في الموضوع الذي كتب فيه. فليست الشهادة هي التي تُكسب العلم و الكفاءة ،و إنما العمل و الاجتهاد هما اللذان يُكسبان العلم و الكفاءة العلمية . فكم من إنسان له شهادة في تخصص ما ، لكنه عاجز أن يكتب فيه مقالا نقديا واحدا !! . و لا يحق لأي إنسان أن يحتكر علما لمجرد أن له شهادة فيه ، فمن حق غيره أن يكتب فيه ما دام قادراً على الكتابة فيه . و من يُصر على الإنكار عليَّ ، فأنا لن أتراجع عن موقفي ،و بيّني و بينه الدليل ، لا الشهادات و لا التخصصات ، و لا الأشخاص و لا الألقاب.

و أما فيما يخص منهجي في نقدي لأرسطو و فكره ، فسأكون صارما بالحق و لا أتعاطف معه ،و لا أبحث له عن الأعذار و المُبررات ،و لا أُدَلِلَه كما دلّلَه المدلول . لكني من جهة أخرى لا أكذب عليه ،و لا أُحرّف كلامه ،و لا أُحمّله ما لا يحتمل . فهذا حقه عليَّ الذي تفرضه الموضوعية و الأمانة العلمية .

و سأعتمد في نقدي لأرسطو و فكره على ثلاثة أصول صحيحة ، منها أنطلق و إليها أَحتَكِمُ ، هي : الوحي الصحيح ،و العقل الصريح ،و العلم الصحيح .

و أما بالنسبة للمصادر التي اعتمدتُ عليها في كتابي هذا فقد حرصتُ على الاعتماد على كتب أرسطو أولا ، فإذا تعذر عليّ الرجوع إليها اعتمدتُ على الكتب المتخصصة في الفلسفة اليونانية عامة ،و الأرسطية خاصة . ثم بعدها اعتمدتُ على المصنفات الفلسفية و التاريخية العامة التي تُفيد في موضوع كتابي هذا ، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . كما رجعتُ إلى كتب أخرى متنوعة استفدتُ منها في ردودي و انتقاداتي لمختلف قضايا الفكر الأرسطي في الإلهيات و الطبيعيات و الإنسانيات . و هذه المصنفات موجودة في قائمة المصادر و المراجع ، في آخر الكتاب ، لم أر كبير فائدة في أعادة ذكرها هنا ، فمن أرادها فهي في قائمة المصادر و المراجع .

و أُشير هنا إلى أن بحثي هذا لم أُقمه على اصطياد و انتقاء مجموعة مُتفرقة من أخطاء أرسطو ، ثم نفختها و جعدتها ، و إنما هو عمل علمي شامل لأعمال أرسطو أقمتُه على قاعدة عريضة و أساسية من أخطاء أرسطو و انحرافاته المنهجية في كل مجالات العلوم التي كتب فيها . و هي قاعدة تضمنت مئات الأخطاء و الانحرافات و الجنايات ، ذكرتها – مع كثرتها- كعينات فقط من باب التمثيل لا الحصر ،و ضربتُ صفحا عن أخطاء أخرى كثيرة جدا . و أنا في عملي هذا لا أدعي الكمال ، فهو عمل بشري عرضة لمختلف الأخطاء و النقائص ، كغيره من أعمال الإنسان الأخرى . لكنني اجتهدتُ قدر المستطاع لبلوغ الهدف المنشود ،و يبقى المجال مفتوحا للاعتراضات و الانتقادات و الزيادات .

و أخيرا أسأل الله سبحانه و تعالى التوفيق و السداد ،و الإخلاص في القول و العمل ، و هو الموفق لما يُحبه و يرضاه ، و على الله قصد السبيل .


أ ، د : خالد كبير علال
1432 ه/ 2011م – الجزائر-
التعديل الأخير تم بواسطة aziz87 ; 31-03-2018 الساعة 04:57 PM