ضيف ثقيل الظل لا تدعه يطيل البقاء!!؟
11-02-2016, 10:54 AM
ضيف ثقيل الظل لا تدعه يطيل البقاء!!؟



الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
الأمراضُ الخَطيرة المستعصية على العِلاج التي تُصيب الجسَد، وتفتِك به: كثيرة، وتَختلف في نِسَب انتشارها بين بلدٍ وآخَر، أمَّا تلك التي تصيب النُّفوسَ، فلا يكاد يَخلو منها فرد إلَّا مَن رحِم الله، وإن تباينَت درجاتها كثيرًا بين الناس، ولعلَّ أخطر بلاء يرهِق النُّفوس هو:" الغِلُّ والحسَد": الذي يحلُّ ضيفًا ثقيلًا بَغيضًا على الأفئدة والقلوب، فيملؤها بالهواجِس وأمنيات السُّوء، ويكسوها بحلَّةٍ قاتِمة من السَّواد، ليَجعل من صاحبها:" أعمى البصيرة، سَهْل الانقياد: لارتكاب الحماقات".
وكما أنَّ داء البدَن: ينخر جسمَ صاحبه، فكذلك الحسَد: يأكل قلبَ صاحبه أولًا، ويشعل فيه النِّيران، ولكن ليتَ الأمر يقِف عند هذا الحد، فكما أنَّ المبتلى بهذا الدَّاء: لا يذوق طعمَ الرَّاحة، فلا يريد للآخرين من حوله أن يَنعموا بها، وقد يَدفع صاحبَه لأذيَّة غيره بسبَب الحِقد والغيرةِ التي تعتمل فيه، فالحسَد كان الباب الذي دخَل منه إبليسُ إلى قلب قابيل، فوَسوس له بقتْل أخيه هابيل، فكانت أوَّل جريمة على الأرض بين البشَر: حرَّكها هذا المرَض العضال.
فالحسد نَبتة شيطانيَّة: تنمو وتَكبر في النُّفوس، وإن تُركَت دون مراقبة: تشتدُّ وتقوى، وإن مَنحَت صاحبها بعضَ الرَّاحة، وسرَّته برؤية نِعمة تزول عن غيره، أو مصاب يحلُّ به – فهي: مجرَّد متعة آثِمة: لا تَلبث طويلًا، وسترتدُّ نارُ غيرته وحسَده عليه، ليَكتوي بها ولو بعد حين!!؟.
ولأنه لكلِّ داء دواء؛ فإن عِلاج الحسَد:النَّدمُ على ما فات، والتوبة، واستِغفار الله، والدُّعاء الدائم: بأن يَرفع عنه هذا البلاء، وعدم ترْك الإنسان الحبلَ على الغارب للنَّفس: لتحدِّثه بما تَشاء؛ بل يحدِّثها بأنَّها أقل شأنًا من أن تحدِث أثرًا في غيره لم يقدِّره له الله، وحسْبها مشاكلها وهمومها، لتَنشغل بها عن سواها من النَّاس، والرِّضا بقضاء الله وقدَره على كلِّ الأحوال.
ليتذكَّر كلُّ من يراوده شيء من الحسَد في قلبه:( بأنَّ غِنى الغير ليس عائقًا لرِزقٍ يأتيه من الله، وعافيتَهم لن تسبِّب له مرضًا، وسعادتَهم ليست حَجَر عثْرة في طريق سعادته، وكل خيرٍ يصيبهم لن يَمنع عنه خيرًا أراده له الله؛ فإنْ غلبَته نفسه أحيانًا فليردِّد: ما شاء اللهُ لا قوَّة إلا بالله).

عافى الله كل موحد من هذا الداء العضال.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

منقول بتصرف يسير.
جزى الله خيرا راقمه.