تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى القانون والعلوم السياسية > قسم المحاضرات في القانون

> محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-01-2009
  • الدولة : L'Algerie
  • المشاركات : 4,034
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • تـقــ الله ــــوى will become famous soon enough
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
12-04-2009, 07:12 PM
السلام عليكم اخواني
جئتكم اليوم بمحاضرات المدخل للعلوم القانونية الخاصة بنظرية الحق
اي المتعلقة بالفصل الثاني
اتمنى ان تستفيدو منها
الباب الثاني : نظرية الحق
لا تكتمل الدراسة والإستعاب الكامل والشامل للمدخللدراسة القانون إلا بدراسة نظرية الحق، نظرا للعلاقة التلازمية القائمة بين القانونوالحق، ولأن الحقوق هي من إنتاج القانون فهو الذي يقرها ويحميها ويضفي عليها الطابعالقانوني. ويضع لها حدود تمتع كل شخص بها والقيود التي يجب على الغير عدم تجاوزهاصيانة وحماية للحق الذي يتمتع به الشخص. وكل تجاوز لهذه الحدود وهذه القيود، فإنالقانون يعطي لصاحب الحق المصلحة والوسائل القانونية للدفاع عن حقوقه وحمايتها.
وقد كان وجود الحق من الموضوعات الخلافية بين الفلاسفة وفقهاء القانون بين منكرورافض لفكرة الحق، ولأساسها وأصلها، ومعترف ومقر بوجود الحق على اعتبار أن الحقمرتبط بالفرد سواء بصفته الفردية أو في علاقته بالجماعة.
ويتضمن عرض ودراسةوتحليل الحق الحديث عن مفهوم الحق وبيان أنواعه وتقسيماته، وتحديد المخاطبين به،وموضوعه ومضمونه.
الفصل الأول : ماهية الحق وتقسيماته.
مفهوم الحق منالمفاهيم القانونية التي أثارت الكثير من النقاش والجدال بين الفلاسفة والمذاهبالقانونية المختلفة، بحيث لم يكن تعريف الحق محط اتفاق واعتراف من طرف جميعالمهتمين بالمجال القانوني والأنساق القانونية، بحيث برزت في هذا الإطار مجموعة منالاتجاهات الفكرية والمذاهب القانونية التي حاولت أن تجد تعريفا محددا للحقوقبالاعتماد على عناصر معينة في التعريف.
ولكن على الرغم من هذا الاختلاف في وجودالحق وأساسه، وتحديد العنصر الراجح في تعريفه. فإن فكرة الحق أصبحت من المسلماتالقانونية، وإحدى المفاهيم والموضوعات القانونية التي تشكل محورا لمجموعة منالتشريعات والتقنيات المختلفة والمتنوعة الناتجة عن طبيعة كل حقونوعه.

المبحث الأول : مفهوم الحق :
قبل أن نتطرق لمفهوم الحق ولمختلفالتعريفات التي أعطيت له سنتعرض إلى إشكالية وجود الحق.
المطلب الأول : إشكاليةوجود الحق :
"
إن فكرة الحق كمفهوم وكإجراء تعرضت إلى جذل فقهي كبير بين تيارمؤيد وآخر متشبث بفكرة الرفض. فالاتجاه الأول مرتبط بالنزعة المعيارية وينظر إلىالحق كدعامة أساسية، وركيزة ضرورية للمنظومة القانونية، أما الاتجاه الثانيفيعتبرها فكرة غيبية ميتافيزيقية لا معنى لها إلا حشرها في إطار النسق القانونيالمستجيب والنابع من التغيرات الاجتماعية.
الفرع الأول : نظرية ديجي في إنكاروجود الحق :
يعتبر الفقيه الفرنسي ليون ديجي أحد أبرز فقهاء القانون الذي أنكروجود شيء إسمه الحق، ويعتمد الفقيه ديجي في إنكاره لفكرة الحق إلى أن هذا الأخيريقوم على كونه سلطة إرادية.
وهذا يستتبع أن يكون لإرادة ما الغلبة والسيطرة علىأخرى، وهو ما يخالف الواقع لأن الإرادات كلها متساوية. والحقيقة في نظره أن ما يسمىبالحق ليس إلا مركزا قانونيا خاصا يضع القانون فيه الشخص دون أن تكون لإرادته دخلفي ذلك. فهو يستبدل بالحق. "المركز القانوني الإيجابي" ويستبدل بالواجب "المركزالقانوني السلبي" وميزة هذا التصوير عنده أن صاحب المركز القانوني لا يبدو أنه فيمركز أعلى أو أدنى من غيره.
إن إنكار ليون ديجي لوجود الحق جاء في سياق الفلسفةالقانونية التي تبناها، والقائمة على نفيه وعدم اعترافه بالمذهب الفردي والتيارالليبرالي الذي يعترف للفرد بمجموعة من الحقوق الطبيعية السابقة على القانون. وإنالقانون لا يقوم إلا بإقرار هذه الحقوق وبلورتها وصياغتها في قالب قانوني. يستجليهذه الحقوق وتضع الآليات القانونية لصونها وحمايتها إزاء الغير.
وهو حينما يهاجمالمذهب الفردي وفكرة الحق، فإنه يؤكد أن "الحق لا يمكن أن يوجد إلا في الجماعة التيلا يمكن أن توجد بغير القانون".
الفرع الثاني : فكرة الحق عند هانز كيلسن hans kelsen :
يعتبر الفقيه هانز كيلسن أحد أعمدة النظرية القانونية الخالصة، بحيث لايعترف إلا بالقانون، بحيث يرى أنه من اللازم استبعاد كل المفاهيم السياسيةوالترسبات العقائدية والتصورات الاجتماعية والفلسفية في تفسير الظاهرة القانونية،باعتبار أن القانون نسق متكامل مستوفي كل شروط الاستقلال. وهو خاضع للصيرورةالزمانية والمكانية، وقواعده ذات طبيعة علائقية، بحيث أن القاعدة المركزية تحيل إلىالفرعية.
فهو يرى أن قاعدة القانون من زاوية تطبيقها على الفرد لا تنشئ سوىالتزام قانوني، هو وجوب سلوك معين ترغب الدولة في أن يتبع، وإلا فإن فردا آخر هوممثل الدولة، يجب عليه أن يجبر الأول على ذلك، والقاعدة التي تنظم هذا الإجبار تضعشروطا لتطبيقه، هو وقوع السلوك المخالف للسلوك الذي تفرضه قاعدة سابقة، ففي كل هذالا يوجد سوى الواجب وليس هناك حق لأحد.
فمفهوم الحق في تصوره لا يختلف من حيثالرؤيا وزاوية النظر في تصوره عن قاعدة القانون الطبيعي المستوحى من الواقعالاجتماعي، أي أن الحق في جوهره وأساسه هو القاعدة القانونية. فكل قاعدة بعينهاتفرض التزاما وتستوجب واجبا معينا، لكنها لا تعطي ولا تقرر حقا معينا، ولذا يرىضرورة استبدال فكرة الحق بفكرة الواجب.
وهو بذلك لا ينكر وجود فكرة الحق، وإنماينظر إليها من زاوية مختلفة بحيث اعتبرها ناتجة عن تطبيق وتقنين القاعدة القانونية.
المطلب الثاني : تعريف الحق من خلال المذاهب القانونية :
اختلف فقهاءالقانون في تعريف الحق وتحديد عناصره، فمنهم من عرف الحق انطلاقا من الشخص المتمتعبه، ومنهم من عرفه انطلاقا من موضوعه، ومنهم من اعتمد على العنصرين معا، أي الشخصوالموضوع، وهو ما يعرف بالاتجاه المختلط.

الفرع الأول : المذهب الشخصي :
يعتبر المذهب الشخصي من أقدم المذاهب القانونية الذي تعرض لإشكالية تعريفالحق، حيث اعتمد في تعريفه وتحديده على سلطة الإرادة، وعلى مدى قدرة الشخص الذييمتلك هذه الإرادة في اكتساب الحق والتمتع به. غير أن سلطة هذه الإرادة في اكتسابالحق والتمتع به وحمايته ليست قدرة تلقائية ومنطلقة لا حدود لها، وإنما سلطةيستمدها الشخص من القانون، لذلك عرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه "سلطة للإرادةيمنحها القانون وحميها".
ورغم أن هذا المذهب تزعمه كبار الفقهاء الألمان فيالقانون أمثال سافيني، وجيرك، دونيد شايد. فإن اعتماده على عنصر الإرادة جعله عرضةلجملة من الانتقادات التي حاولت أن تبرز أن القانون يمنح الحقوق حتى لغير دويالإرادة كالمجنون والمعتوه والقاصر، وبالتالي فإن انعدام الإرادة للشخص لا يترتبعنه انتهاء الحق وانتماءه، بل إن هذا الحق يستمر في شخص الولي، أو النائب لصالحمنعدم الإرادة، نفس الشيء بالنسبة للغائب الذي يكتسب الحق نتيجة وصية مثلا علىالرغم من عدم علمه بها، ولا دخل للإرادة في ذلك.
كما أن ربط الحق بقدرة الإرادة،فيه مخالفة للواقع، فالحق موجود ومستقل عن الإرادة، ودور الإرادة لا حق عليه، بمعنىأن قدرة الإرادة لا تظهر إلا عند مباشرة الحق فقط. فتجب التفرقة إذن بين الحق فيذاته وبين مباشرته، بين الحق في ذاته وكيانه وبين الحق حين يتاح لصاحبه أن يباشره.
فالحق يوجد ولو دون تدخل من الإرادة ولو لم تجد الإرادة نفسها. ولكن مباشرة هذاالحق واستعماله لا يكون إلا عن طريق الإرادة. والحقيقة أن الإرادة إن لزمت بالنسبةللحق، فهي لا تلزم لكسبه، وإما تلزم فقط لمباشرته. أي لوضعه موضع التنفيذ.
منهنا فإن الاعتماد على سلطة الإرادة في بلورة هذه السلطة في تحديد الحق ومباشرتهوحمايته، لا يمكن اعتبارها العنصر المحدد والحاسم في تعريف الحق، لذا تشكل مذهبقانوني آخر استبعد عنصر الإرادة، وأحل محله عنصر الموضوع أو المحل أوالمصلحة.
الفرع الثاني : المذهب الموضوعي :
تزعم هذا الاتجاه الفقيه الألمانيإهرنج الذي عرف الحق بأنه "مصلحة مشروعة يحميها القانون".
وتبعا لهذا التعريففإن الحق يتضمن عنصرين:
1 –
العنصر الموضوعي : ويكمن في المصلحة غاية الحق،وهدفه العملي.
2 –
العنصر الشكلي : يتمثل في الحماية القانونية للمصلحة أوالغاية التي يحددها الحق.
فموضوع الحق أي الغاية والمصلحة أو الهدف من الحق يشكلحجز الزاوية في تعريفه، والحماية القانونية هي العنصر الذي يكفل احترام هذهالغاية.
إلا أن تعريف الحق بالنظر إلى موضوعه واعتبار المصلحة جوهر الحق، كانتالنقطة التي تركزت عليها الانتقادات التي وجهت إلى هذا المذهب، لأن المصلحة لاتعتبر جوهر الحق بل هي مجرد هدف يرمي إلى تحقيقه صاحب الحق.
فليست المزاياالمقصودة من تقرير حق الشخص في الحرية هي الحقذاته، وليست المنافع المادية التييمكن للمالك أن يحصل عليها من الشيء المملوك له هو حق الملكية ذاته، وليست الفائدةالتي يحصل عليها الدائن من الأداء الذي يلتزم بها المدين هي حق الدائنية ذاته.
الفرع الثالث : الاتجاه المختلط :
حاول هذا الاتجاه أن يوفق بين المذهبالشخصي الذي يعتبر الحق سلطة والمذهب الموضوعي الذي يعتبر الحق مصلحة، وذلك بالجمعبين العنصرين، وتغليب أحدهما عن الآخر.
"
ومن بين التعريفات التي غلبت عنصرالمصلحة تعريف الأستاذ كمابيتان للحق بأنه مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانونبتخويلها صاحبها سلطة القيام بالأعمال الأزمة لتحقيق هذه المصلحة.
بينما يغلبالبعض الآخر عنصر الإرادة، فيعرف الحق بأنه قدرة إرادية يعترف بها القانون للشخص،ويكفل حمايتها في سبيل تحقيق مصلحة معينة.
وعلى الرغم من محاولة هذا الاتجاهإيجاد تعريف شامل لمختلف العناصر التي يجب أن يتضمنها تعريف الحق، فإنها لم توفق فيذلك، بحيث أن هذا المجهود لم يخرج في جوهره عن التعريفات السابقة. وبالتالي ظهرتنظرية حديثة في تحديد مفهوم الحق واستجلاء عناصره.
الفرع الرابع : النظريةالحديثة في تعريف الحق :
عرفت المذاهب السابقة الذكر بالنظريات التقليدية فيتعريف الحق، وظهرت على أنقاضها نظرية جديدة تعرف بالنظرية الحديثة.
ويعتبرالفقيه البلجيكي دابان أحد المؤسسين لهذه النظرية. وعرف الحق بأنه " ميزة يخولهاالقانون للشخص، ويضمنها بوسائله. ويتصرف بمقتضاها فيما يؤول إليه باعتباره مملوكاأو مستحقا".
من هذا التعريف يتضح أن خصائص الحق المميزة أو عناصره الأساسية التييتكون منها هي:
1 –
الاستئثار أو الاختصاص بمال أو بقيمة معينة.
2 –
تسلطصاحب الحق.
3 –
لزوم أن يوجد آخرون يحترمون الحق.
4 –
الحمايةالقانونية.
- 1 – "
عنصر الاستئثار أو الاختصاص بقيمة معينة، ويعني ذلك أناستئثار الشخص والانفراد بموضوع الحق دون كافة الناس، فالشيء أو القيمة تتبع صاحبالحق، فيختص بها فأول ما يبرز الحق هو علاقة التبعية التي تلحق شيئا معينا أو قيمةمعينة بصاحب الحق فيختص بها وينفرد بالاستئثار بها.
والفقيه دابان يرى أن موضوعالاستئثار يمكن أن يشمل أشياء متعددة ومختلفة، كذلك الأمر فيما يتعلق بطرقهوأسبابه. فالأموال والقيم التي يرد عليها الاستئثار لا تقف عند الموجودات الماديةأي المالية، كالعقارات والمنقولات بكل أنواعها، بل يتعدى ذلك إلى القيم المعنوية،والمعايير الروحية، كالشرف والكرامة والحرية والمصداقية.
- 2 –
تسلط صاحب الحق : وهو ما يسميه دوبان القدرة على التصرف بمعنى مباشرة موضوع الحق واستغلاله والتصرففيه. فحق الملكية يخول للمالك سلطة مطلقة للقيام بجميع أنواع الاستعمال الماديوالقانوني.
- 3 –
الاقتضاء : إن ثبوت الحق لصاحبه بناء على العلاقة التي تقومبين صاحب الحق وموضوع الحق، يترتب عنه قيام علاقة بين صاحب الحق والغير، وأساس هذهالعلاقة بين صاحب الحق والغير، هو التزام الغير باحترام هذا الحق وعدم المساس به،وكل إخلال بهذا الالتزام يعطي لصاحب الحق اللجوء إلى السلطة المخولة له لدفع الضررالذي لحقه من الغير.
- 4 –
الحماية القانونية : أي اللجوء إلى القضاء عن طريقرفع الدعوى لحماية الحق من اعتداء الغير.
إن مختلف التعريفات السابقة لا تختلففي جوهرها عن بعضها البعض، لذا فإن إعطاء تعريف محدد وواضح للحق يحدد مختلف العناصروالأركان التي يجب أن يتضمنها التعريف تبقى مسألة أساسية.
فقد عرف أحد الفقهاءالحق بأنه "قدرة لشخص من الأشخاص، على أن يقوم بعمل معين، يمنحها القانون ويحميهاتحقيقا لمصلحة يقرها". وعرفه أوستن بأنه "صلة تقوم بين طرفين الدائن والمدين" وعرفالأستاذ المنصوري الحق بأنه "مصلحة ذات قيمة مالية يحميها القانون".
ويعرفهالأستاذ العبدلاوي بأنه "سلطة لشخص من الأشخاص يستطيع بمقتضاها ممارسة سلطات معينة،يمنحها ويكفلها له القانون بغية تحقيق مصلحة يقرها".
من خلال هذا التعريف يظهرأن أركان الحق هي :
1 –
صاحب الحق.
2 –
محل الحق أو موضوعه.
3 –
الحمايةالقانونية لهذا الحق.
المبحث الثاني : أنواع الحقوق :
من المتفق عليه فيالفقه القانوني أن الحقوق أنواع مختلفة، تختلف باختلاف مجالات النشاط الإنساني بحيثتقسم الحقوق عادة إلى الحقوق السياسية والحقوق المدنية. والحقوق المدنية تنقسمبدورها إلى حقوق عامة وحقوق خاصة. والحقوق الخاصة تنقسم إلى حقوق الأسرة والحقوقالمالية. والحقوق المالية تنقسم إلى حقوق عينية، وحقوق شخصية، وحقوق معنوية. وسنتعرض لمختلف أنواع هذه الحقوق.
المطلب الأول : أنواع الحقوق:
الفرع الأول : الحقوق السياسية والحقوق المدنية :
البند الأول : الحقوق السياسية : وهيالحقوق التي تثبت للفرد بوصفه عضوا في جماعة سياسية التي هي الدولة، وهذه الحقوقتنص عليها وتنظمها التشريعات الخاصة بكل دولة، بحيث تكفل هذه التشريعات حق المواطنفي المساهمة في تدبير الشؤون العامة، والمساهمة في صناعة القرار السياسي من خلالالمشاركة في عملية التصويت، والترشيح للعضوية في المجالس المحلية، والمجالسالنيابية، وحق تولي الوظائف العامة.
فهذه الحقوق يكفلها الدستور المغربي لجميعالمواطنين الذين يتوفرون على الأهلية القانونية والسياسية، بحيث ينص الفصل الثامنمن الدستور المغربي لسنة 1996 أن الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوقالسياسية.
لكل مواطن ذكر أو أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشدومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.
نفس الشيء بالنسبة للوظائف العامة بحيث نصالفصل 11 على أنه " يمكن لجميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهمسواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها".
إن هذه الحقوق لا تقرر لجميع الناس بللفئة منهم، فالأصل فيها أن تكون قاصرة على الوطنيين إذ لا يساهم في حكم الدولة إلامن ينتمي إليها بجنسيته. ولكن يجوز استثناء أن يستعان بموظفين من الأجانب.
النبد الثاني : الحقوق المدنية : هي الحقوق التي تقر للشخص ممارسة أنشطتهالمختلفة المادية منها والمعنوية كحق الشخص في إبداء الرأي وحقه في اعتناق عقيدةمعينة،وحريته في التعاقد والبيع، والشراء إلى غير ذلك من الحقوق المرتبطة بوجودالشخص وكيانه ونشاطه في الجماعة.
وتنقسم الحقوق المدنية إلى حقوق خاصة وحقوقعامة.
الفرع الثاني : الحقوق العامة والحقوق الخاصة :
البند الأول : الحقوقالعامة : وتعرف كذلك بالحريات العامة والحقوق الطبيعية على اعتبار أن هذه الحقوقتثبت للشخص لصفته الإنسانية وطبيعته البشرية كحق الإنسان في الحياة، وحريةالاعتقاد، وحقه في الاسم أو حق وحرية التجول إلى غير ذلك من الحقوق العامة التيأقرتها مختلف الدول في تشريعاتها وقوانينها، وأعطت لها مكانة خاصة في ديباجةدساتيرها، وهكذا نجد الدستور المغربي نص في فصله الرابع : "يضمن الدستور لجميعالمواطنين :
-
حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أنحاء المملكة.
-
حريةالرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع.
-
حرية تأسيس الجمعيات وحريةالانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم. ولا يمكن وضع حد لممارسة هذهالحريات إلا بمقتضى القانون".
ونظرا لكونية هذه الحقوق، فإن منظمة الأمم المتحدةأصدرت منذ السنوات الأولى من تأسيسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونصت المادةالثانية من هذا الإعلان : "لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة فيهذا الإعلان... دون تمييز من أي نوع ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أوالجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أوالاجتماعي، أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر".
وهذه الحقوق متعددة يصعب حصرها،تبدأ بحق الإنسان في الحياة، وما يترتب عن هذا الوجود من حقوق كحق تمتع الفرد فيالمحافظة على شرفه وكرامته وحرية الاعتقاد، وحق الإنتاج الفكري والأدبي...
البندالثاني : الحقوق الخاصة : وهي الحقوق التي تنظم أحكامها ومقتضياتها فروع القانونالخاص، كالقانون المدني والقانون التجاري، وهي الحقوق التي يتمتع بها الشخص لمباشرةعلاقاته الاجتماعية والقيام بأعمال لتحقيق أهدافه ومصالحه الخاصة. كحق الابن إزاءأبيه، وحق الزوجة إزاء زوجها، وحق الشخص في ملكية عقار وحق الارتفاق.
وتنقسم هذهالحقوق إلى نوعين :
-
حقوق الأسرة.
-
والحقوق المالية.
أولا : حقوق الأسرة : هي الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في أسرة معينة، والأسرة مجموع الأفرادتربطهم رابطة القرابة سواء كانت قرابة نسب أو قرابة مصاهرة.
فالقانون المنظملشؤون الأسرة هو الذي يحدد حقوق كل فرد وواجباته انطلاقا من المركز الذي يشغله داخلالأسرة. فحق الزوجة إزاء زوجتها في المعاشرة وحسن المعاملة ليس هو حق الأبناء إزاءالوالدين الذين لهم الحق في التربية والملبس والأكل والرعاية.
وما يميز هذهالحقوق أنها تخرج عن دائرة المعاملات المالية، وغير قابلة للتنازل، ولا تنتقل إلىالورثة، ولا تخضع للتقادم المسقط أو المكسب باعتبارها حقوق شرعية طبيعية تعارفعليها الناس في جميع أنحاء المعمور على اختلاف المذاهب والملل والأعراف والأجناس.
ونشير إلى أن هذه الحقوق تنظمها مقتضيات القانون المدني في أغلب الدول.
أمافي المغرب فإن القانون الذي ينظم حقوق الأسرة هي مدونة الأسرة التي صدرت بتاريخ 3فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة.
ثانيا : الحقوقالمالية : هي الحقوق التي يكون موضوعها شيئا يمكن تقويمه ماليا.
ونظرا لأهميةهذه الحقوق في الحياة العملية للأشخاص وفي معاملتهم، فإننا سنفرد مطلبا خاصالهذهالحقوق.

المطلب الثاني : الحقوق المالية :
"
ويقصد بها تلك الحقوق التيلها قيمة مالية، وتقوم بمال كحق الملكية مثلا، وحق الدائنية، والحقوق المالية تدخلفي دائرة التعامل بالمعنى الواسع. وهذا يعني أنه يمكن أن تكون محل سائر المعاملاتالقانونية من بيع ومبادلة ورهن وحجز وقرض وهبة".
وتنقسم هذه الحقوق على ثلاثةأنواع :
1 –
الحقوق العينية.
2 –
الحقوق الشخصية.
3 –
الحقوق الذهنية أوالمعنوية.
الفرع الأول : الحقوق العينية :
الحقوق العينية هي التي يكون محلهاأشياء مادية. "والحق العيني هو سلطة مباشرة يقرها القانون لشخص معين على شيء محددبالذات، فيستطيع صاحب الحق العيني على شيء أن يستفيد منه من غير تدخل شخص آخر،وهكذا لا نجد في الحق العيني إلا الشخص صاحب الحق، والشيء أو العين موضوع الحق، منهنا أتت تسميته بالحق العيني".
ولكي يوجد الحق العيني لابد أن تتوفر عناصرهالثلاث :
1 –
صاحب الحق.
2 –
محل أو موضوع الحق.
3 –
سلطة مباشرةالحق.
وقد قسم الفقه الحقوق العينية إلى طائفتين : الحقوق العينية الأصلية،والحقوق العينية التبعية.
البند الأول : الحقوق العينية الأصلية : "الحقوقالعينية الأصلية هي حقوق عينية لا تستند في وجودها إلى حقوق أخرى، بل تقوم بنفسهاوتطلب لذاتها بقصد الحصول على المنافع التي تخولها". وهي المنصوص عليها في الفصل 8من ظهير 2 يونيو 1915 المتضمن للقواعد المطبقة على العقارات المحفظة وهي :
-
حقالملكية.
-
حق الانتفاع.
-
الوقف أو الحبس.
-
حق الاستعمال والسكنى.
-
الكراء الطويل الأمد.
-
حق السطحية.
-
حق الإرتفاق .
وسنتطرق بإيجاز لكلحق من هذه الحقوق.
أولا : حق الملكية : عرف الفصل 9 من ظهير 15 يونيو 1915 حلالملكية العقارية بأنها حق التمتع والتصرف في العقار بطبيعته أو بالتخصيص على أن لايستعمل هذا الحق استعمالا تمنعه القوانين والأنظمة.
وقد كرس الدستور المغربيلسنة 1996 هذا الحق وضمنه للشخص، وأحاطه بالضمانات القانونية اللازمة في حالةالمساس به، إذ نص الفصل 15 منه على "أن حق الملكية مضمون.
للقانون أن يحد منمداه واستعماله إذا دعت ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
ولا يمكننزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون".
وهذايعني أن حق الملكية هو حق يعطي لصاحب الحق سلطة مطلقة ومباشرة على الشيء، وحقالتصرف فيه واستعماله واستغلاله.
فحق الاستعمال يعني استخدام الشيء والانتفاعبمنافعه، كاستعمال السكن للسكنى، وركوب السيارة، وزراعة الأرض إلى غير ذلك من مظاهراستعمال حق الملكية.
أما حق الاستغلال فيقصد به الانتفاع من المحصولات والثمارالتي ينتجها الشيء. وقد "تكون هذه الثمار مادة تنتج عن الشيء دون تدخل من الإنسان،كنتاج الماشية وصوف الأغنام، وتسمى عندئذ الثمار الطبيعية, وقد تتولد الثمار بفعلالإنسان، وتدخله كالمحاصيل الزراعية. وتسمى عندئذ بالثمار المستحدثة أو الصناعية. إلى جانب ذلك هناك ثمار مدنية أو قانونية وهي يولدها الشيء إذا سمح مالكه للغيرباستخدامه كأجرة الشيء إذا أجره، وكفوائد السندات وأرباح الأسهم".
في حين أن حقالتصرف يعني حق مالك الشيء في التحكم فيه واستخدامه سواء التصرف المادي، وذلكبإدخال تغييرات وتحويلات على الشيء، كتحويل الصوف إلى ملابس جاهزة، وكاستهلاكالطعام، أو التصرف القانوني وذلك ببيع الشيء أو التنازل عنه عن طريق البيع أوالوصية أو الهبة.
ثانيا : حق السطحية : عرفت المادة 97 من ظهير 2 يونيو 1915 حقالسطحية بأنه "حق عيني عقاري قوامه حيازة بنايات وأغراس ومنشآت فوق ملكالغير"
فحق السطحية إذن هو الحق في إقامة أبنية أو منشآت وأغراس على أرض مملوكةلشخص آخر، فيكون صاحبه مالكا لما أقامه على أرض الغير. وهو ما يعني أن حق السطحيةمستقل بذاته عن حق الملكية من حيث الطبيعة القانونية والنتائج التي ترتب عن هذاالاستقلال، إذ أن لصاحب حق السطحية أن يبيع حقه ويرهنه رهنا رسميا إلى غيرها منالتصرفات القانونية التي يمكن أن يباشرها نتيجة تمتعه بهذا الحق.
ثالثا : حقالانتفاع : عرفت المادة 35 من قانون 2 يونيو 1915 "حق الانتفاع بأنه حق عيني فيالتمتع بعقار على ملكية الغير ينقضي لزوما بموت المنتفع" كما نصت المادة 37 على أنحق الانتفاع يمكن أن يقرر :
1 –
على الملكية العقارية.
2 –
على حق الكراءالطويل الأمد.
3 –
على حق السطحية.
4 –
على الرهن الحيازي.
5 –
على الرهنالعقاري.
6 –
على الحقوق العرفية الإسلامية كالجزاء والاستيجار والجلسة والزينةوالهواء."
فالمنتفع يتمتع بحق استغلال واستعمال الشيء المنتفع به، ولا يملك حقالتصرف فيه، التي تبقى من حق مالك العقار الذي أطلق عليه المشرع مالكالرقبة.
وينشأ حق الانتفاع إما بمقتضى القانون أو بمقتضى تصرف إرادي سواء كانعقدا أو وصية.
وينتهي حق الانتفاع للأسباب التالية :
-
بانتهاء المدةالمحددة للانتفاع.
-
بوفاة المنتفع حتى لو كانت قبل انتهاء المدة المحددة.
-
بتلف العقار المقرر عليه الانتفاع تلفا كليا.
-
باتحاد الذمة بأن يصبح المنتفعمالكا للعقار الوارد عليه الانتفاع.
-
بتنازل المنتفع عن حق انتفاعه.
-
رابعا : حق الاستعمال وحق السكنى : حق الاستعمال وحق السكنى نص عليهما ظهير 2 يونيو 1915من الفصول 76 إلى 86. وهما من الحقوق العينية الأصلية، وحقان مصغران عن حقالانتفاع، لأن نفس المقتضيات التي تنظم حق الانتفاع من حيث النشأة والإنهاء وعلاقةالمنتفع بالشيء المنتفع به، تنظم حق الاستعمال وحق السكنى. اللهم ما يتعلق بحقالاستغلال الذي لا يحق في حالتي حق الاستعمال وحق السكنى التمتع به.
فحقالاستعمال يخول صاحبه سلطة استعمال شيء مملوك للغير فيما أعد له وبالقدر الذي يلزمله ولأسرته. فإذا خول شخص حق استعمال حديقة كان له أن يجني من ثمارها ما يكفيهوأسرته، وذلك دون أن يستغل هذه الحديقة بتأجيرها للغير والحصول على أجرتها.
أماحق السكنى فهو أضيق من محق الاستعمال نفسه، إذ لا يرد إلا على المسكن ولا يعطيلصاحبه سلطة على هذا السكن إلا في سكناه هو وعائلته ولو لم يكن متزوجا وقت منحه هذاالحق. وإذا كان البناء المقرر عليه حق السكنى مشتملا على عدة طبقات مثلا، فإنه لايجوز لصاحب الحق أن يشغل جميع الطبقات إذا ما كانت تفيض عن حاجته وذلك طبقا للفصل 83 من الظهير المشار إليه أعلاه.
خامسا : حق الكراء طويل الأمد : يعتبر حقالكراء طويل الأمد من الحقوق العينية الأصلية التي نص عليها الفصل 87 من ظهير 2يونيو 1915، وينصب الكراء طويل الأمد على العقار، وهو نوع من الكراء الذي يمنحصاحبه حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي وقد حصر المشرع المغربي مدة الكراء طويل الأمدفي 18 سنة كحد أدنى و99 سنة كحد أقصى.
ويتمتع صاحب الكراء الطويل الأمد بالحقوقالتالية :
أ – حق استعمال العقار فيما أعد له ودون إدخال أي تعديل عليه من شأنهأن ينقص من قيمته.
ب – حق الاستفادة مما يلتحق بالعقار عن طريق الالتصاق طيلةمدة الكراء طويل الأمد، وحق قبض سائر ما يغله العقار من ثمار سواء كانت طبيعية أممدنية أم صناعية.
ج – حق اكتساب ارتقاقات إيجابية لمصلحة العقار أو تكليفهبارتقاقات سلبية،بشرط أن لا تفوق هذه الارتفاقات مدة الكراء طويل الأمد، وبشرط أنيخبر المالك بذلك.
د – لصاحب الكراء الطويل الأمد حرية التصرف في الحق والتنازلعنه سواء كان ذلك بعوض أو بغير عوض.
سادسا : حق الارتفاق : عرفت المادة 108 منظهير 2 يونيو 1915 حق الارتفاق بأنه "تكليف مقرر على عقار من أجل استعمال ومنفعةعقار يملكه شخص آخر".
من خلال هذا التعريف فإن حق الارتفاق لا ينشأ إلا بتواجدعقارين في ملكية شخصين أو طرفين مختلفين، بحيث يقرر حق الارتفاق للعقار الذي يوجدفي وضعية خاصة من أجل الاستعمال والمنفعة من عقار يملكه شخص آخر.
ويسمى العقارالذي يتقرر عليه حق الارتفاق بالعقار المرتفق به أو العقار الخادم، والعقار الذييتقرر الارتفاق لمصلحته بالعقار المخدوم.
وقد نص ظهير 2 يونيو 1915 على ثلاثةأنواع من الارتفاقات العقارية :
1 –
الارتفاقات الطبيعية الناتجة عن الوضعالطبيعي للعقار كحالة المالك الذي تكون أملاكه محاطة، وليس لها مخرج إلى الطريقالعمومية، أو التي لها منفذ غير كاف لاستغلاله ملكه استغلالا فلاحيا أو صناعيا،يمكنه أن يطلب ممرا في أملاك جيرانه على شرط أدائه تعويضا مناسبا للضرر الذي يمكنأن يحدثه.
2 –
الارتفاقات القانونية التي أنشأها القانون حفاظا على المصلحةالعامة أو الخاصة : كحقوق الارتفاق المقررة لمصلحة مياه الأملاك العامة، أو لمصلحةالخطوط البرقية والهاتفية، أو لمصلحة المواقع الحربية والمنشآت العسكرية،والارتفاقات المقررة للمنفعة العامة.
3 –
الارتفاقات الاتفاقية التي أنشأهاالأفراد، وهي الارتفاقات التي تنشأ بإرادة المالكين على أن لا تخالف هده الاتفاقاتالنظام العام.
وتتميز حقوق الارتفاق بأنها حقوق غير مؤقتة، وذلك ما لم يتفق علىإنشاء ارتفاق ينقضي بمدة معينة. ذلك أن الحقوق تقرر لمنفعة عقار معين، ولهذا فإنبقاء المنفعة يظل مرتبطا بالعقار رغم تغير ملاكه. ولما كان الارتفاق مرتبطابالعقار، فإنه لا ينقضي بموت صاحب العقار المرتفق، لكنه ينتقل مع هذا العقار إلىالورثة.
سابعا : الوقف أو الأحباس : "عرفت المادة 73 من ظهير 2 يونيو 1915 علىأن الحبس أموال أوقفها المحبس المسلم. ويكون التمتع بها لفائدة أنواع المستفيدينالذين يعينهم المحبس".
وقد يكون موضوع الحبس عقارات أو منقولات في شكل أراضيفلاحية أو محلات تجارية والطرق والحوانيتوالمساجد وغيرها.
وينقسم الوقف من حيثالجهة الموقوف عليها إلى ثلاثة أقسام :
أ – الوقف الخيري : هو الذي تكون فيهالجهة الموقوف عليها من البدء جهة من جهات الخير.
ب – الوقف الذري : هو الوقفالمشروط غلته على من عينه الواقف من ذريته أو غيرهم.
ج – الوقف المشترك : هو ماحبست أعيانه لجهة خير وغلى ما يعنيهم الواقف من ذريته أو غيرهم.
البند الثاني : الحقوق العينية التبعية : إذا كانت الحقوق العينية الأصلية مستقلة بذاتها، وتنشألصاحبها حق الحصول على المنفعة التي تقررها، فإن الحقوق العينية التبعية لا تستقلبذاتها، وإنما تستند في وجودها إلى حق آخر، يهدف ضمان حق شخصي وهو الدين. فإذا لميقم المدين بوفاء الدين تمكن الدائن من أن يستوفي دينه منه.
ووظيفة الحقوقالعينية التبعية هي ضمان الوفاء بالحق الشخصي، أي تأمين الدائن في استيفاء حقه. لذلك يطلق عليها اسم التأمينات العينية.
وتنشأ الحقوق العينية التبعية نتيجةاتفاق الدائن مع المدين، أو بمقتضى القانون، وقد يتقرر بحكم قضائي، وهي على ثلاثةأنواع : الرهن الرسمي، الرهن الحيازي، وحق الامتياز.
أولا :الرهن الرسمي : عرفتالمادة 157 من ظهير 2 يونيو 1915 الرهن الرسمي أنه حق عيني عقاري على العقاراتالمخصصة لأداء التزام، وهو بطبيعته لا يتجزأ، ويبقى بأكمله على العقارات المخصصةله، وعلى كل واحد وعلى كل جزء منها، ويبتعها في أية يد انتقلت إليها.
من خلالهذا التعريف، فإن الرهن الرسمي يتميز بالخصائص التالية :
أ – إن الرهن الرسمي حقعيني عقاري : أي أن العقارات هي التي تكون موضوع الرهن، كالأراضي والمباني وغيرهامن الأشياء الثابتة التي لا يمكن نقلها من مكان لآخر. إلا أن المشرع أجاز استثناءعن هذه القاعدة أن تكون السفينة موضوعا للرهن الرسمي نظرا للقيمة المادية للسفينةوللضمانات القانونية التي تتوفر في السفينة من حيث شهرها وتسجيلها.
ب – الرهنالرسمي حق لا يقبل التجزئة : فالعقار المرهون يبقى خاضعا للرهن كله، حتى لو استوفىالدائن جزء من دينه.
ج – الرهن الرسمي حق يجب تسجيله في الحافظة العقارية : إذلا يكتسب الرهن الرسمي حجيته إلا بنشره وتسجيله في المحافظة العقارية. "فإذا سجلالرهن كان لصاحبه حق التقدم على غيره من الدائنين العاديين والدائنين التاليين لهفي الرتبة. أي أصحاب الحقوق العينية التي قيدت بعده على العقار نفسه.
د – الرهنالرسمي حق لا يتطلب خروج العقار من حيازة المدين، فعلى عكس الرهن الحيازي، فإنالرهن الرسمي يتميز بأن حيازة الشيء المرهون لا تنتقل إلى الدائن بل يظل في حيازةالمدين وتحت تصرفه ويظل يستعمله ويستغله وينتفع به.
ه – الرهن الرسمي حق تبعي : "بمعنى أن وجوده يتطلب قيام التزام أصلي يلحق به ويكون ضامنا لتنفيذه، ويترتب علىهذه الميزة أن في بطلان الالتزام الأصلي بطلان الرهن الرسمي وفي زوالهزواله".
وحسب نص المادة 162 من ظهير 2 يونيو 1915 فإن الرهن الرسمي إما أن يكونإجباريا أو اتفاقيا.
فالرهن الرسمي الاتفاقي هو الذي ينشأ باتفاق بين الدائنوالمدين أي الراهن والمرتهن بعقد يبرم في هذا الشأن. أما الرهن الرسمي الجبري فهوالذي يخول بمقتضى حكم قضائي بدون رضى المدين في حالات معينة ومحددة نصت عليهاالمادة 163 من ظهير 2 يونيو 1915.
وقد نصت المواد من 182 إلى 184 من نفس الظهيرإلى نوع آخر من الرهن الرسمي، يسمى "الرهن المؤجل"، وهو نوع من الرهون الرضائيةالمعقودة ضمانا لقرض أو اعتماد مفتوح لأجل قصير، والتي يجوز تأجيل شهره أو قيدهبالرسم العقاري لمدة لا تتجاوز التسعين يوما، دون أن يتعرض الدائن من جراء هذاالتأجيل لفقدان مرتبة دينه التي تظل محفوظة له.
ثانيا : الرهن الحيازي : عرفالفصل 1170 من قانون الالتزامات والعقود الرهن الحيازي "على أنه عقد بمقتضاه يخصصالمدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا لضمانالالتزام، وهو يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا الشيء بالأسبقية على جميعالدائنين الآخرين، إذا لم يف له به المدين".
فالرهن الحيازي يتميز بالخصائصالتالية :
أ – أنه حق عيني يخول للدائن أو المرتهن حق حبس الشيء إلى حيناستيفاءه.
ب – أنه حق عيني تبعي يخضع ويتبع الحق العيني الأصلي.
ج – أنه حقيرد على العقار وكذا المنقول ولا يقبل التجزئة.
ثالثا : حق الامتياز : عرفتالمادة 154 من ظهير 2 يونيو 1915 حق الامتياز "حق عيني تخول بمقتضاه صفة الدينلدائن الأفضلية على باقي الدائنين حتى ولو كانوا دائنين برهن رسمي"
وعرفه الفصل 1243 من قانون الالتزامات والعقود بأنه "حق أولوية يمنحه القانون على أموال المديننظرا لسبب الدين".
وانطلاقا من هذين التعريفين فإن حق الامتياز يتميز بالخصائصالتالية :
-
إن حق الامتياز حق عيني تبعي يستند إلى التزام أصلي ولصاحبه حقالتمتع والأفضلية في استيفاء دينه بالأسبقية على غيره من الدائنين.
-
إن حقالامتياز حق لا يتقرر ولا يقوم إلا بمقتضى القانون بحيث لا امتياز بلا نص فيالقانون وهذا على خلاف الرهن الرسمي والرهن الحيازي اللذان يمكنا أن يتقررا عن طريقالاتفاق أو بمقتضى حكم قضائي.
-
إن حق الامتياز لا يقبل التجزئة، فهو يبقى كاملاعلى الشيء المحمل به حتى ينقضي الدين المضمون به تماما.
-
إن حق الامتياز يردعلى المنقول كما يرد على العقار.
وحقوق الامتياز على ثلاثة أنواع :
*
حقوقالامتياز المنقولة العامة.
*
حقوق الامتياز المنقولة الخاصة.
*
حقوق الامتيازالعقارية الخاصة.
أ - حقوق الامتياز المنقولة العامة : هي التي ترد على كلمنقولات المدين، وقد ورد تعداد هذه الحقوق في المادة 1243 من قانون الالتزاماتوالعقود، وهي تشمل ما يلي :
-
مصروفات الجنازة، أي نفقات غسل الجثة وتكفينهاونقلها ودفنها مع مراعاة المركز المالي للمدين الميت.
-
الديون الناشئة عنمصروفات مرض الميت أيا كانت، وسواء انفقت في منزل المريض أو في مؤسسة علاجية عامةأو خاصة، وذلك خلال الستة أشهر السابقة على الوفاة أو على افتتاح التوزيع.
-
المصروفات القضائية، كمصروفات وضع الأختام وإجراء الإحصاء وغيرها مما يلزم للمحافظةعلى الضمان العام لتحقيقه.
-
الأجور والتعويضات عن العطل المستحقة الأجرة،والتعويضات المستحقة بسبب الإخلال بوجوب الإعلام بفسخ العقد داخل المهلة القانونية،والتعويضات المستحقة إما عن الفسخ التعسفي لعقد إجازة الخدمات، وإما الإنهاء السابقلأوانه لعقد محدد المدة متى كانت مستحقة :
*
للخدم.
*
للعمال المستخدمينمباشرة عن الدين.
*
للكتبة والمستخدمين والمكلفين، سواء كانت لهم رواتب محددة أوكانت أجورهم محددة بعمولة نسبية.
*
للفنانين الدراماتيكيين الممثلين وغيرهم منالأشخاص المستخدمين في مؤسسات المشاهد العمومية.
وللفنانين وغيرهم من الأشخاصالمستخدمين في محلات إنتاج الأفلام السينمائية.
-
الدين المستحق للمصاب في حادثةشغل أو خلفائه والمتعلق بالمصروفات الطبية والجراحية والصيدلية ومصروفات الجنازة،وكذلك التعويضات المستحقة له نتيجة العجز المؤقت عن العمل.
-
التعويضات المدفوعةللعمال والمستخدمين إما من صندوق الإسعاف الاجتماعي أو أية مؤسسة أخرى تقوم بتقديمالتعويضات العائلية للمشتركين فيها، وإما من أرباب الأعمال الذين يقومون مباشرةبتقديم التعويضات العائلية لموظفيهم.
-
الديون المستحقة لصندوق الإسعافالاجتماعي وغيره من المؤسسات التي تقوم بتقديم التعويضات العائلية للمشتركين فيهامن أجل رسوم العضوية، أو الاشتراكات التي يلتزم هؤلاء المشتركون بدفعها للمنظماتالسابقة وكذلك من أجل الإضافات التي تقتضيها تلك الاشتراكات ورسوم العضوية
ب - حقوق الامتيازات المنقولة الخاصة : هي التي وردت في الفصل 1250 من قانون الالتزاماتو العقود وتشمل ما يلي :
-
المبالغ المستحقة عن البذور و عن أعمال الفلاحة وعنأعمال الحصاد لها امتياز على الغلة.
-
أجرة كراء الأراضي الفلاحية وغيرها منالعقارات والمبالغ المستحقة لصاحب الإيراد المرتبة لمنح المنفعة لها امتياز على غلةالسنة وعلى الغلة الناتجة من العقار الموجودة في المحلات والمباني المكتراة ، وعلىما يستخدم في استغلال الأراضي أو في تجهيز المحلات المكتراة، ولا يثبت هذا الامتيازإلا من أجل ما استحق من الأجرة و الإيراد يوم الإعسار أو الإفلاس ، وما يستحق منهاعن ثلاثين يوما التالية، ولكنه لا يمتد إلى الغلة والبضائع التي أخرجت من الأماكنالمكتراة إذا كان هناك حق مكتسب لصالح الغير. ما لم يكن إ خراجها حاصلا بطريقالغش.
-
المصروفات المنفقة بحفظ الشيء، وهي التي لولاها لهلك الشيء أو أصبح غيرصالح لما أعد له. لها امتياز على المنقولات التي تم حفظها.
-
أجر الصانع عنعمله وما أنفقه من أجل المصنوع له امتياز على الأشياء التي سلمت إليه مادامت فيحوزته.
-
المبالغ المستحقة للوكيل بالعمولة لها امتياز على قيمة البضائع.
-
المبالغ المستحقة للنقل من أجل ثمن النقل ومن أجل ما أنفقه لها امتياز على الأشياءالمنقولة مادامت في حوزته.
-
ديون أصحاب الفنادق و النزل ومن يسكنون غيرهم بسببما قدموه للنزيل أو صرفوه لحسابه، لها امتياز على أمتعة النزيل مادامت في النزل أوالفندق.
-
الديون الناشئة عن حادثة لصالح الأشخاص الدين تضرروا منها أو لخلفائهملها امتياز على مبلغ التامين الذي يستحق على المؤمن عن المسؤولية المدنية، نتيجةاعترافه بأنه مدين بهذا المبلغ أو الحكم عليه به على أساس عقد التأمين. ولا يبرئذمة المؤمنين أي وفاء يحصل للمؤمن له مادام الدائنون الممتازون لم يستوفوا حقوقهمبه.
ج - حقوق الامتيازات الخاصة : وهي على نوعين :
-
امتيازات المصاريفالقضائية لبيع العقار وتوزيع الثمن.
-
امتيازات حقوق الخزينة كما تقررها وتعينها القوانين المتعلقة بها.

الفرع الثاني: الحقوق الشخصية :
الحقالشخصي أو الالتزام هو علاقة بين شخصين بمقتضاها يحق لأحدهما ويعرف بالدائن ً أنيلزم الأخر و يعرف بالمدين بإعطاء الشيء،أو بالقيام بعمل أو بالامتناع عن العمل.ً
وقد سمي هدا الحق بالشخصي لأن أطرافه أشخاص تنشأ بينهم علاقة قانونية تقضي بأنيلتزم أحد الطرفين بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل ، و يسميه البعض بحق الدائنيةإذا تم النظر إليه من جهة الدائن، و يسمى بالالتزام إذا تم النظر إليه من جهةالمدين.
وموضوع أو محل الحقوق الشخصية ليست واردة على سبيل الحصر كما هو الشأنبالنسبة للحقوق العينية، بل أن جميع أنواع العلاقات التي تربط بين شخصين أو طرفينأو أكثر لتنظيم مصالحهم وحقوقهم والتزاماتهم المتبادلة يمكن أن تشكل حقوق شخصا،وذلك في مختلف أوجه نشاط الأفراد في المجتمع بحيث يمكن للأفراد أن يتفقوا على مايريدونه من حقوق، ولا يتقيدون في ذلك إلا بضرورة احترام قواعد النظام العام و حسنالآداب.
ويمكن تقسيم الحقوق الشخصية إلى :
1-
الالتزام بإعطاء الشيء : بحيثمحل الحق الشخصي هو إعطاء شيء و نقل ملكيته ، كالتزام البائع بنقل ملكية العقارالمبيع إلى المشتري أو التزام المشتري بدفع ثمن إلى البائع.
2-
الالتزام بعملمعين : بحيث يلتزم المدين في هذه الحالة بالقيام بعمل إيجابي، كالتزام الناقل بنقلالمسافرين، والتزام المحامي بالدفاع عن موكله، والتزام الطبيب بعلاج مريضه، والتزامالعامل بأداء عمله بمقتضى عقد العمل.
3-
الالتزام بالامتناع عن عمل : ويسمىالالتزام السلبي ويقصد به امتناع المدين عن القيام بعمل معين كان يجوز له القيام بهقانونا لو لا وجود هذا الالتزام، مثل التزام بائع المحل التجاري قبل المشتري بعدمفتح محل تجاري منافس في نفس الحي، والتزام الممثل قبل صاحب المسرح الذي يعمل فيهبعدم التمثيل على مسرح منافس.

الفرع الثالث : الحقوق المعنوية :
تعرفالحقوق المعنوية كذلك بالحقوق الذهنية، فهو حق يرد على أشياء معنوية من نتاج الذهن،كحق المؤلف على أفكاره، وحق الملحن على ألحانه، وحق المخترع على ابتكاراته. أو يردعلى قيم معنوية تجارية كالعناصر المعنوية في الأصل التجاري.
وتختلف الحقوقالمعنوية عن الحقوق العينية من حيث أن هذه الأخيرة يكون موضوعها أو محلها شيئاماديا، في حين أن الحقوق المعنوية أو الذهنية لا ترد على شيء مادي بل يكون موضوعهاأفكار من إنتاج الفكر والذهن.
والحقوق الفكرية على ثلاث أنواع :
- 1 -
حقوقالملكية الأدبية والفنية، وهي الحقوق التي ترد على النتاج الذهني في العلوم والفنونوالآداب وتسمى أيضا بحقوق المؤلف.
وينظم هذه الحقوق القانون رقم 2.00 المتعلقبحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.20 بتاريخ 15فبراير 2000.
- 2 -
حقوق الملكية الصناعية، وهي حقوق ترد على مبتكرات جديدةكالاختراعات، مثل اختراع مهندس أو صانع لطريقة تزيد من الإنتاج أو من جودته،وكالرسوم والنماذج الصناعية أو شارة مميزة تستخدم في تمييز المنتجاتالمصنعة...إلخ
وينظم هذه الحقوق القانون رقم 97.17 المتعلق بحماية الملكيةالصناعية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.19 المؤرخ في 15 فبراير 2000.
- 3 -
حقوق الملكية التجارية، وهي ما للتاجر من حق على أصله التجاري باعتباره منقولامستقلا عن العناصر المكونة له.
وتترتب عن الحقوق المعنوية مجموعة من السلطاتترمي إلى تحقيق نوعين من المصالح : مصلحة أدبية، ومصلحة مالية.
فالمصلحة الأدبيةتتمثل في حق الشخص في أن تنسب إليه أفكاره، وأن يكون له وحده الحق في نشرها علىالناس، أو في عدم نشرها عليهم، والحق في تعديلها والإضافة إليها.
أما المصلحةالمالية فتتمثل في حق الشخص في استثمار منتجات أفكاره، كحق المؤلف في الحصول على مايدره نشر مؤلفه من ربح. فللمؤلف أن يبيع مؤلفه لناشر ما، وللمخترع أن يبيع حقه فيالاختراع لشركة صناعية.
إن مختلف هذه الحقوق التي نص عليها القانون وفصلها،ووضح شروط اكتسابها وممارستها والقيود التي ترد عليها، لا يمكن أن تكتسب صفة حقوقإلا بتوفر أركانها.
الفصل الثاني : أركان الحق
الحق سلطة يمنحها القانون لشخصمعين بهدف تحقيق مصلحة يحميها ويقرها. من هذا التعريف يتضح لنا أن الحق لا يمكن أنيقوم ويستقيم إلا بتوافر ركنين أساسيين هما : أطراف الحق أو أشخاص الحق، وموضوعالحق أو محل الحق.
المبحث الأول : أشخاص الحق
يقصد بالشخص في اللغةالقانونية كل من يتمتع بالشخصية القانونية، وهذه الشخصية هي التي تمنح للشخص أهليةالتمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات. والشخص بهذا المعنى يقصد به الإنسان أو الفرد،ويسمى بالشخص الطبيعي. إلا أنه نظرا لتطور العلاقات الاجتماعية والبشرية في شكلتجمعات سياسية، أو في شكل تجمعات أشخاص بهدف تحقيق مصلحة أو هدف مشترك، أو مجموعةمن الأموال تخصص لغرض معين، فإن المشرع اعترف لهذه التجمعات بوصف الشخصيةالقانونية. وتعرف هذه الشخصية القانونية بالشخصية الاعتبارية أو الشخصيةالمعنوية.
فأشخاص الحق إذا نوعان :
-
الشخص الطبيعي أي الإنسان أوالفرد.
-
الشخص المعنوي أو الاعتباري.
المطلب الأول : الشخص الطبيعي
الشخص الطبيعي أو الذاتي هو الإنسان، بحيث أن الحقوق والواجبات لا تثبت إلاللإنسان، فهو الذي يتمتع بالشخصية القانونية بحكم طبيعته الإنسانية.
وقد أصبحتالشخصية القانونية إحدى المكتسبات الأساسية التي حصل عليها الإنسان، إذ أن هذهالشخصية لم تكن تتوفر لجميع الأفراد على قدم المساواة. ففي عهود الاسترقاق، لم يكنالرقيق أو العبد يتمتع بالشخصية القانونية بل كان هو ذاته محل حق ملكية، كما أن بعضالتشريعات الجنائية لأوروبا في القرن التاسع عشر كانت تقضي بإمكانية موت الشخصمدنيا أي نهاية الوجود القانوني للفرد وما يترتب عن ذلك من نتائج قانونية عن هذاالانتماء، كتصفية تركته ونقل أمواله إلى ورثته، وانتهاء علاقته الزوجية بالرغم منبقائه حيا.
وبإلغاء نظام الرق ونظام الموت المدني أصبح كل إنسان شخصا في نظرالقانون، وإذا كان هناك اختلاف في نطاق الشخصية. فإن هذا لا يصل إلى حد زوالالشخصية وانعدامها مهما كان أثره في تحديد نطاقها.
وإذا كان من المسلم اليوم أنالإنسان يتمتع بالشخصية القانونية بغض النظر عن مركزه الاجتماعي أو جنسه أو سنه،فإن المشاكل القانونية التي تترتب وتنشأ عن هذا الإقرار القانوني، ترتبط بتحديدبداية الوجود القانوني لهذا الشخص وانتهاء هذا الوجود، أي متى يصبح الفرد صاحب حق،ومخاطبا بأحكام القانون، ومتى تنتهي شخصيته القانونية.
الفرع الأول : بدايةالشخصية وانتهاؤها :
يبدأ الوجود المادي للإنسان بولادته حيا، وبولادته ينشاوجوده القانوني ويكتسب وصف الشخصية القانونية، وبموته تنقضي هذه الشخصية وتصبح فيحكم العدم.
البند الأول : بداية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي: من المقرر أنالشخصية القانونية تثبت للشخص بالميلاد، أي منذ الوقت الذي ينفصل فيه عن أمه ويصبحله وجودا مستقلا بذاته.
لكن الفقهاء والتشريعات اختلفت في تحديد اللحظة التييتحقق قيها هذا الوجود، وأهمية هذا التحديد ترتبط بالحقوق التي يمكن أن يكتسبهاالشخص لحظة ولادته.
فالقانون المدني المصري نص في المادة 29 على أن "تبدأ شخصيةالإنسان بتمام ولادته حيا ..."أما القانون الفرنسي فقد اشترط أن يولد الإنسان حياوأن يكون قابلا للحياة. فبالإضافة إلى التنفس والصراخ هناك شرط الأهلية الطبيعيةللحياة. أما القانون المغربي فيكتفي بالولادة حيا، وقد نص الفصل 331 من مدونةالأسرة على أنه لا يستحق الإرث إلا إذا ثبتت حياة المولود بالصراخ والرضاع ونحوهما. وبالتالي يثبت حق المولود في الإرث وإلا فلا. وهذا يعني أن المشرع أرجع بدايةالشخصية القانونية إلى المرحلة الجنينية شريطة أن تزكى هذه الولادة بالحياة، أماإذا ازداد ميتا فليس له وجود قانوني ولا شخصية قانونية.
من كل هذا يتضح لنا أنهيشترط لكي تبدأ شخصية الإنسان شرطان :
1-
أن تتم ولادته : وتعتبر الولادة تامةبانفصال المولود عن أمه انفصالا تاما، أي بخروجه منها، ولا يكفي خروج جزء منه ولوكان أكثره، بل يجب أن يتحقق انفصاله عن أمه انفصالا تاما.
2-
أن تتحقق حياته عندتمام ولادته : فيجب أن تثبت له الحياة ولو للحظة قصيرة بعد تمام الولادة، وتعرف هذهالحياة بما يدل عليها من علامات ظاهرة كالبكاء والصراخ والشهيق والحركة. فموتالمولود بعد لحظة قصيرة من الحياة لا يؤدي إلى حرمانه من اكتساب الشخصية بل يؤديإلى انقضاءها بعد أن تثبت له.
والقانون يعترف للجنين الذي لا زال في بطن أمهبشخصية قانونية خروجا عن الأصل، وهذه الشخصية القانونية هي شخصية قانونية ناقصةومعلقة على ولادته حيا، وهذا الاعتراف تترتب عنه جملة من النتائج القانونية كحقالجنين الذي ستكتمل شخصيته القانونية بولادته حيا، في النسب وحقه في الإرث والوصيةوالوقف.
البند الثاني : انتهاء الشخصية القانونية للشخص الطبيعي : تنتهي الشخصيةالقانونية للفرد بالموت، أي بتوقف الوظائف الحيوية للإنسان عن العمل، وخروجه نتيجةلذلك من عالم الأحياء ودخوله عالم الأموات، وإثبات هذه الوفاة بالتقييد في السجلاتالرسمية للوفاة.
فالقاعدة العامة في التشريعات الحديثة وفي القانون المغربي هيانتهاء الشخصية القانونية بموت الإنسان، غير أن الفقهاء يرون عادة أن شخصية الإنسانتمتد استثناء بعد الوفاة إذا كانت تركته مثقلة بالديون، فتبقى أمواله على حكم ملكهإلى أن تسدد ديونه وتنفذ وصاياه، وذلك أن التركة في الشريعة الإسلامية لا تكون إلابعد سداد الديون.
حيث جاء في المادة 322 من قانون الأسرة على أنه "تتعلقبالتركة حقوق خمسة تخرج على الترتيب التالي :
- 1 -
الحقوق المتعلقة بعينالتركة
- 2 -
نفقات تجهيز الميت بالمعروف
- 3 -
ديون الميت
- 4 -
الوصيةالصحيحة النافذة
- 5 -
المواريث بحسب ترتيبها في هذه المدونة
وتحديد تاريخالوفاة يكتسي أهمية خاصة، من حيث ترتيب الورثة، والنتائج القانونية التي ترتب عنهذا الترتيب، لأنه في حالات معينة يصعب تحديد من سبق في الموت الموروث أو الوارث،كما هو الشأن عند غرق سفينة مثلا أو حادثة سير، في هذه الحالة نصت مدونة الأسرة أنهإذا مات عدة أفراد وكان بعضهم يرث بعضا، ولم يتوصل إلى معرفة السابق منهم، فلااستحقاق لأحدهم في تركة الآخر، سواء كانت الوفاة في حادث واحد أم لا.
وإذا كانالأصل أن الشخصية القانونية للإنسان تنتهي بالموت، فإنه في حالات معينة يصعب إثباتهذه الوفاة بالوقائع المادية الملموسة كما هو الشأن في حالتي الغائب والمفقود.
أحالة الغائب : الغائب وفقا لما هو سائد في الفقه الحديث هو من ترك وطنه راضيا أومرغما واستحال عليه إدارة شؤونه بنفسه أو الإشراف على من يديرها نيابة عنه ممايترتب عليه تعطيل مصالحه أو مصالح غيره، يستوي في ذلك أن تكون حياته محققة أو غيرمحققة.
فالغائب إذا هو الشخص الذي هجر موطنه بإرادته أو لظروف قاهرة، وتكونحياته معلومة ومقر إقامته بالخارج معروفا، وقد لا يكون كذلك، ونظرا لبعده يتعذرعليه الإشراف ومباشرة مصالحه، لذلك فإن المحكمة تولي وكيلا يشرف على هذه المصالح فيغيابه، وبالتالي فإن شخصيته القانونية تبقى مضمونة.
ب – حالة المفقود : المفقودهو الغائب الذي انقطعت أخباره، ولا تعلم حياته ولا وفاته. وبالتالي تتوقف مصالحهوتعلق علاقاته الاجتماعية وروابطه القانونية وحقوقه. لذا فإن المشرع المغربي انتبهإلى خطورة هذه الأوضاع التي تسببها حالة المفقود وطول غيابه وعدم التحقق مناستمراره على قيد الحياة، وذلك بإمكانية الإعلان عن وفاة المفقود بمقتضى حكم قضائي،في هذه الحالة يجب التمييز بين وضعيتين :
-
وضعية المفقود الذي يكون في حالةيغلب عليها الهلاك، كما إذا فقد أثناء الحرب أو كارثة أو زلزال، في هذه الحالة يحكمبموته بعد مضي سنة من تاريخ اليأس من الوقوف على خبر حياته أو مماته، طبقا لما نصتعليه الفقرة الأولى من المادة 327 من مدونة الأسرة.
-
وضعية المفقود الذي يكونفي حالة لا يغلب عليها الهلاك فيها، كمن هاجر أو سافر ثم انقطعت أخباره، ولا يعرفأي شيء عن حياته أو مماته، في هذه الحالة لا يحدد القانون مدة معينة يحكم بموتهبعدها، إنما يفوض القانون أمر تحديد المدة التي يحكم بموت المفقود فيها إلى القاضي،وذلك بعد التحري والبحث عنه بما أمكن من الطرق لدى الهيئات المختصة بالبحث عنالمفقودين، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 327 من قانون الأسرة، ويصدرالحكم التصريحي بالوفاة في سائر الأحوال إذا انصرم أكثر من ثمانين سنة على ازديادالمفقود "الغائب".
إذا بصدور حكم قضائي يميت المفقود تنتهي الشخصية القانونيةللمفقود، فتوزع أمواله وتقسم بين الورثة، كما أن الزوجة التي كانت على ذمته بعدانقضاء العدة تتزوج إذا رغبت في ذلك.
أما إذا ظهر المفقود إلى الوجود بعدالإعلان عن وفاته وتصفية تركته وعلاقاته القانونية وزواج زوجته، يصبح الحكم الصادرعن المحكمة بإعلان الوفاة باطلا، ويسترد المفقود مركزه القانوني الذي كان له قبلإعلان وفاته، فله الحق في استرجاع أمواله من الورثة إذا لم تستهلك أو تتعرض للهلاك،كما له الحق في استرجاع زوجته إذا لم تتزوج.

الفرع الثاني : خصائص الشخصيةالقانونية :
تتميز الشخصية الطبيعية بمجموعة من الخصائص والمميزات يتميز بها عنغيره، وهذه المميزات هي :
1-
الاسم الشخصي والعائلي.
2-
الموطن.
3-
الذمةالمالية.
4-
الأهلية.
5-
الحالة.
البند الأول: الاسم الشخصي والعائلي
لكل شخص اسم يميزه عن غيره من الأشخاص، و يشكل الاسم من الاسم الشخصي prenom والاسم العائلي nom .
والحق في الاسم من الحقوق الشخصية التي لا يجوزللشخص التعامل فيه أو التنازل عنه لغيره ، ولا يسقط الاسم بعد الاستعمال. فمجرد مايطلق السم على شخص معين ويسجل هذا الاسم في السجلات الرسمية طبقا لما ينص عليهالقانون ، يتحصن هذا الاسم من كل تغييرأو إضافة بحيث لا يمكن تغييره إلا طبقالمسطرة خاصة نص عليها القانون في هذا الشأن.
وظلت الحالة المدنية تنظم بمقتضىأحكام ظهير 8 مارس1950 الذي مدد بمقتضاه نظام الحالة المدنية المنشأ بظهير 1915 إلىأن صدر قانون جديد أدخل عليه تغييرات أساسية، هو قانون رقم 37/99 الذي صدر الأمربتنفيذه بتاريخ 3 أكتوبر 2002 ، هكذا نصت المادة 20 عن هذا القانون أنه يجب علىالشخص المسجل في الحالة المدنية لأول مرة أن يختار لنفسه إسما عائليا. ويجب ألايكون هذا الإسم العائلي الذي تم إختياره مخافا لإسم أبيه أو اسما ماسا بالأخلاق أوبالنظام العام أو مثيرا للسخرية أو اسما شخصيا أو أجنبيا لا يكتسي صبغة مغربية أوغسم مدينة أو قرية أو قبيلة أو اسما مركبا إلا إذا كانت عائلة المعني بالأمر من جهةالأب تعرف بسم مركب.
وإذا كان الاسم العائلي المختار اسم شريفا وجب إثباتهبشهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص أو شهادة عدلية يسلمها نقيب الشرفاء المختص أوشهادة عدلية لفيفية إذا لم يوجد للشرفاء المنتمي إليهم طالب الاسم نقيب.
إنالاسم العائلي المختار بعد أن يكتسي صبغة نهائية وفقا للشروط المحددة بنص تنظيمي،يصبح لازما لصاحبه ولأعقابه من بعد ، ولا يمكن تغييره بعد ذلك إلا إذا أذن لهبموجب مرسوم.
وتعرض الأسماء المختارة على أنظار لجنة عليا للحالة المدنية تتكونمن مؤرخ المملكة وقاض ممثل لوزير العدل وممثل عن وزير الداخلية. حيث تنظر اللجنةالعليا في مدى صلاحية الأسماء العائلية المختارة طبقا للمادة 20 من القانون رقم 37/99 . فإذا رفضت هذه الأسماء العائلية فترجعها اللجنة اللجنة العليا إلى ضابطالحالة المدنية المختص الذي يستعر بذلك المعنيين بها ويطلب منهم اختيار أسماء جديدةلتعرض على اللجنة من جديد. و تنص المادة 21 من المرسوم رقم 2.99.665 الصادر لتطبيقالقانون رقم 37/99 المتعلق بالحالة المدنية ، أنه يجوز لكل مغربي مسجل بالحالةالمدنية أن يقدم طلب تغيير اسمه العائلي إلى اللجنة العليا للحالة المدنية مبينافيه الأسباب التي دفعته إلى طلب هذا التغيير.
فإذا قبلت اللجنة طلب تغيير الاسمالعائلي ، أذن في تغييره بمرسوم ، توجه نسخة منه إلى ضابط الحالبة المدنية المختصليباشر التغيير المطلوب بالسجل ، ونسخة ثانية إلى وكيل الملك المختص ليقوم بنفسالغجراء في السجل النظير، و تسلم نسخة إلى المعني بالأمر .
أما تغيير الأسماءالشخصية قد نصت المادة 21 من القانون المنظم للحالة المدنية أنه يجوز لكل مغربيمسجل بالحالة المدنية أن يطلب تغيير اسمه الشخصي إذا كان له مبرر مقبول بواسطة حكمقصائي صادر عن المحكمة الابتدائية المختصة .
و تحافظ المرأة المتزوجة على اسمهاالعائلي ، و ذلك طبقا لما نصت عليه المادة 94 من مدونة الأحوال الشخصية على أن :" تحتفظ المرأة المتزوجة باسمها العائلي و توقع به ، و ليس للزوج أن يلزمها اسمه أونسبه".
الاسم التجاري : هو الاسم الذي يطلقه تاجر أو غير تاجر على منشأةاقتصادية يكسبها طابعا خاصا يميزها عن غيرها من المنشآت.
فيقال مثلا حافلاتبلحسن فالسم التجاري يختلف من الناحية القانونية عن الاسم المدني بحيث أن الاسمالتجاري يجوز التصرف فيه و التنازل عنه و بيعه . .
البند الثاني : الموطن : يختلف معنى الموطن باختلاف الزاوية القانونية التي تحدده، فالموطن في القانونالدولي الخاص هو الدولة التي يقيم فيها الشخص بصفة مستمرة وبنية الاستقرار فيها. فيقال أن هذا الشخص متوطن في الدولة المغربية أو في الدولية الفرنسية أو في الدولةالجزائرية.
ويقصد بالموطن في القانون الدستوري "الموطن السياسي" أي المكان الذييمارس فيه الشخص حقوقه السياسية، كحق الانتخاب وحق الترشح.
والموطن في القانونالخاص هو المكان الذي يباشر فيه الشخص نشاطه القانوني ويصبح بمثابة العنوانالقانوني له.
ويترتب عن تحديد موطن الشخص مجموعة من النتائج القانونية :
-
فالفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن الاختصاص المحلي لمحكمة الموطنالحقيقي أو المختار للمدعى عليه. وهذه القاعدة تقرر مبدأ عاما هو أن الدعاوىالقضائية ترفع أمام محكمة موطن المدعى عليه.
-
في دعاوى التفليسة : تقام الدعوىأمام محكمة موطن أو آخر محل إقامة التاجر المفلس.
-
في دعاوى التركات : تقامالدعوى أمام محكمة محل افتتاح التركة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه. – المادة 23 من قانون المسطرة المدنية -
أولا : تحديد الموطن : اختلفت التشريعاتفي طريقة تحديد الموطن وأساسه تعيينه، فمنها من أخذ بطريقة التصوير الحكمي، ومنهامن أخذ بطريقة التصوير الواقعي :
أ – التصوير الحكمي للموطن : وفقا لهذه الطريقةفي تحديد موطن الشخص، فإن القانون هو الذي يعين للشخص موطنه، وبالتالي فإن موطنالشخص يكون هو المكان الذي يمارس فيه الشخص أعماله. وقد يكون في هذه الحالة مكانالإقامة منفصل عن الموطن القانوني الذي يحدده القانون ويفرضه فرضا. وقد يكون محلالإقامة هو موطن الشخص.
وقد أخذ المشرع الفرنسي بهذه الطريقة، إذ حددت المادة 102 من القانون المدني الفرنسي الموطن هو المكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسيللشخص، ويقصد بالمركز الرئيسيهنا مركز المصالح المختلفة لهذا الشخص.
بالتصوير الواقعي للموطن : يعتمد في تحديد وتعيين موطن الشخص وفقا لهذه الطريقةبعنصر الإقامة، أي المكان الذي يقيم فيه الشخص إقامة دائمة ومستقرة. وقد أخذ بهذاالتصوير الواقعي للموطن القانون المدني الألماني، الذي نص في مادته السابعة على "أنمن يقيم عادة في جهة يعتبر أن له فيها موطنا، ويكون للشخص موطن في كل جهة يقيم فيهاعادة ، ويزول موطن الشخص من جهة معينة بانقطاع إقامته فيها وقصده عدم الرجوعإليها."
فطبقا للتصوير الواقعي للموطن فإن الرحل والمتجولون ليس لهم موطن. كماأن الشخص يمكن أن يكون له أكثر من موطن.
أما المشرع المغربي : فقد حدد الفصل 519من قانون المسطرة المدنية الموطن بقوله "يكون موطن كل شخص ذاتي هو محل سكناه العاديومركز أعماله ومصالحه."
ثانيا : أنواع الموطن : ينقسم الموطن إلى نوعين : موطنعام وموطن خاص، فالموطن العام هو المكان الذي يخاطب فيه الشخص في جميع أعمالهوتعاملاته التجارية والقانونية. أما الموطن الخاص فلا يخاطب فيه الشخص إلا في بعضالأعمال المحددة.
أ – الموطن العام : الموطن العام هو المكان الذي يمارس فيهالشخص أنشطته وأعماله القانونية، ويخاطب فيه الشخص قانونا.
والقاعدة هو أن يحددالشخص الموطن العام باختياره ومحض إرادته، فله مطلق الحرية في تحديد مكانإقامته.
واستثناء عن هذه القاعدة فإن القانون يتدخل في حالات معينة لتحديدالموطن العام لفئة من الأشخاص، كما هو الشأن بالنسبة لفاقدي الأهلية وناقصيها، أيالقاصر والمحجور والمفقود والغائب ويطلق الفقهاء على هذا النوع من الموطن بالموطنالقانوني.
فالموطن القانوني للقاصر هو موطن وليه، وموطن المحجور عليه هو موطنالقيم عليه، وموطن المفقود والغائب هو موطن وكيلهما، لأن هؤلاء الأشخاص هم الذينيتولون الشؤون القانونية لهذه الفئة من الأشخاص. وقد نصت المادة 553 من قانونالمسطرة المدنية على أنه "يوجه الاستدعاء والتبليغ والاطلاع والإنذار والإشعاروالإخطار الخاص بفاقدي الأهلية أو الإدارات العامة أو الشركات أو الجمعيات وسائرالأشخاص المعنوية إلى من ينوب عنهم بصفته هاته".
ونص الفصل 521 من قانون المسطرةالمدنية بأن " يكون الموطن القانوني لفاقد الأهلية هو موطن حاجره، ويكون الموطنالقانوني للموظف العمومي هو المحل الذي يمارس فيه وظيفته."
ب – الموطن الخاص : الموطن الخاص هو المكان الذي يباشر فيه الشخص أنشطته التجارية وأعماله المستقلة عنمكان الإقامة، وهذا الموطن على نوعين : موطن الأعمال والموطن المختار.
1-
موطنالأعمال : موطن الأعمال أو الموطن التجاري هو المكان الذي يمارس فيه الشخص نشاطاتجاريا أو صناعيا أو عملا حرفيا، بحيث يتحدد موطن الشخص بناء على هذه الأعمالوالأنشطة، وتكون جميع العلاقات القانونية ذات الصلة بالأنشطة التجارية والصناعيةوالحرفية هي موطن هذه الأعمال.
وقد نصت المادة 24 من قانون المسطرة المدنيةالمغربي على أن "الدعاوى تقام في دعاوى الشركات أمام المحكمة التي يوجد في دائرتهامركز الشركة، وفي دعاوى الإفلاس أمام محكمة موطن أو محل إقامة المفلس، وفي جميعالدعاوى التجارية الأخرى للمدعي الخيار بين رفع الدعاوى إلى محكمة موطن المدعي عليهأو محكمة محل وجوب الوفاء."
2-
الموطن المختار : عرفت المادة 524 من قانونالمسطرة المدنية الموطن المختار هو "المكان الذي يختاره الشخص خاصة لتنفيذ بعضالإجراءات وإنجاز الأعمال والالتزامات الناشئة عنها."
إذن فالموطن المختاريختاره الشخص بمحض إرادته لتنفيذ عمل قانوني معين كاختيار مكتب محامي موطنا لهلإبرام عقد بيع وشراء، أو مكتب موثق من أجل بيع أرض.
البند الثالث : الذمةالمالية : الذمة المالية هي مجموع ما للشخص وما عليه من حقوق وواجبات مالية حاضرةومستقبلية.
وبذلك فإن الذمة المالية تتكون من عنصرين :
1-
عنصر إيجابي يتضمنمجموع ما للشخص من حقوق مالية سواء كانت هذه الحقوق ذات طبيعة عينية أمشخصية.
2-
عنصر سلبي يتضمن ما على الشخص من التزامات مالية ينبغي الوفاء بهاوتسديدها.
ونظرا للطبيعة المالية للذمة المالية للشخص وما تتضمنه من حقوقوالتزامات مالية، فإن الحقوق السياسية والحقوق المعنوية في ناحيتها الأدبية وحقوقالأسرة تخرج من الذمة المالية للشخص.
أولا : خصائص الذمة المالية :
أ – إنالذمة المالية تختص بالشخص المستقل الإرادي أي الذي يتوفر على الشخصيةالقانونية.
ب – الذمة المالية لا يقبل التنازل عنها سواء جزئيا أو كليا فهي وحدةمستقلة بذاتها.
ج – الشخص لا تكون له إلا ذمة مالية واحدة ذات عنصرين، عنصرإيجابي يتضمن الحقوق، وعنصر سلبي يتضمن الالتزامات أو الواجبات.
د – تنتهي الذمةالمالية للشخص بموته، فإذا مات الشخص تصفى ذمته المالية بتحديد تركته وتحديدالعناصر الإيجابية والسلبية. فيقع تخصيص الأولى لتغطية الثانية، ثم يوزع ما بقي منالتركة بعد سداد ديونها وتصفيتها على الموصى لهم والورثة. أما إذا لم تكف موجوداتالتركة لتغطية ديونها فإن الٍأموال الموجودة توزع على الدائنين بحسب نسبة ديونهم،ولا يتحمل الورثة وفقا لقواعد الفقه الإسلامي أي شيء من تلك الديون.
ثانيا : أهمية الذمة المالية : للذمة المالية للشخص أهمية بالغة في المعاملات القانونيةوالمراكز القانونية المختلفة والمتنوعة، لأن الذمة المالية للشخص هي الضمان العامللوفاء بالواجبات المتعلقة به، بمعنى أن الجانب الإيجابي للذمة المالية يغطي الجانبالسلبي لها.
وتبرز أهمية ذلك في أنه إذا كان ضمان الالتزام يقع على مال معين منأموال المدين، فمن الصعب تصرف المدين في ذلك المال بسبب تحمله بالتزام الغير، أماإذا كان الالتزام مضمون بمجموع أموال الدين، فإن المدين يستطيع التصرف في مالهخاليا من كل تكليف لمصلحة الغير.
إذا تعددت الديون وزادت ديون الشخص التي تمثلالعنصر السلبي في الذمة المالية عن العنصر الإيجابي الذي يمثل الحقوق، فإن الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أن " أموال المدين ضمان عام لدائنيهويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل منهم، ما لم توجد بينهم أسباب قانونيةللأولوية".
البند الرابع : الأهلية : الأهلية في اللغة القانونية هي "قابليةالشخص لاكتساب الحقوق والقيام بتحمل المسؤوليات والواجبات وأداء الالتزامات.
منهذا التعريف فإن الأهلية على نوعان : أهلية وجوب وأهلية أداء.
-
أهلية الوجوب : هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وهذه الأهلية تثبت للشخص بمجردولادته، وقد تثبت له في مرحلته الجنينية، وتستمر إلى حين وفاته وانتهاء شخصيةالقانونية وتصفية تركته وسداد ديونه.
-
أهلية الأداء : فهي قدرة الشخص على أنيمارس بنفسه التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله التزاما علىوجه يعتد به قانونا.
وقد يلزم لنشأة التصرف القانوني إرادة مشتركة أي اتفاقإرادتين ويسمى التصرف في هذه الحالة بالعقد، كعقد البيع والإجارة والهبة. وقد ينشأالتصرف بإرادة منفردة دون حاجة إلى إرادة أخرى، ويسمى التصرف في هذه الحالة بالعملالقانوني الصادر من جانب واحد كما هو الشأن في الوصية.
وتتميز أهلية الأداء عنأهلية الوجوب من كون هذه الأخيرة تثبت للإنسان بمجرد ما يكتسب الشخصية القانونيةويتمتع بها جميع الأفراد. في حين أن أهلية الأداء إن كانت من حديث المبدأ تقررلجميع الأشخاص إلا أنها تحتاج أن يتمتع الشخص على القدرة على التمييز والإدراك حتىيستطيع أن يتحمل نتائج تصرفاته. فالصبي غير المميز مثلا يعتبر معدوم أهلية الأداء،والسفيه ناقص الأهلية بحيث لا يمكن للصبي في هذه الحالة أن يباشر تصرفات قانونيةمعينة كأن يقوم بعملية البيع أو الشراء.
من هنا يظهر لنا أن أهلية الشخص فيممارسته للتصرفات القانونية سواء بإرادته المنفردة أو بإرادة مشتركة بين إرادتين أوأكثر، تختلف تبعا لتطور عمر الشخص ولتشكل قدراته العقلية وملكته الفكرية إلى أن تصلإلى درجة الكمال. كما يمكن لهذه الأهلية أن تعترضها بعض العوارض.
أولا : كمالالأهلية : نصت المادة الثالثة من قانون الالتزامات والعقود على أن "الأهلية المدنيةللفرد تخضع لقانون الأحوال الشخصية".
وكل شخص أهل للالتزام والالتزام ما لم يصرحقانون أحواله الشخصية بغير ذلك".
إذن فالأصل هو كمال الأهلية لدى الشخص، بحيث لايعتبر الشخص فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بمقتضى نص في القانون.
وقد حددت المادة 209 من قانون الأسرة سن الرشد القانوني للشخص في 18 سنة شمسية كاملة. واعتبرتالمادة 210 من نفس القانون أن كل شخص بلغ سن الرشد ولم يثبت سبب من أسباب نقصانأهليته أو انعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته.
والأحكامالمتعلقة بكمال الأهلية تدخل ضمن نطاق النظام العام، بحيث لا يسمح لشخص أن يمنحأهلية لشخص آخر لا يبيحها القانون، مثلا إذا باع الصبي القاصر منزلا لشخص آخر،وتعهد له المشترى بأنه لن يطعن في البيع عندما يبلغ سن الرشد القانوني، فهذا التعهديعتبر باطلا من الناحية القانونية ولا يعتد به لأن الصبي القاصر لا يسمح له القانونبالقيام بمثل هذه التصرفات.
ثانيا : فقدان الأهلية : تنص المادة 217 من قانونالأسرة أنه يعتبر عديم أهلية الأداء:
أولا : الصغير الذي لم يبلغ سنالتمييز.
ثانيا : المجنون وفاقد العقل.
أ – الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز : هو الذي يقل عمره عن 12 سنة والذي تعتبر جميع تصرفاته باطلة، حتى لو كانت من نوعالتصرفات النافعة لها نفعا محضا. وذلك بمقتضى المادة 224 التي نصت على أن تصرفاتعديم الأهلية باطلة، لأن الصغير الذي لم يبلغ بعد إلى مستوى التمييز والإدراك، ولايمكن له كحالة القاصر والمجنون والسفيه، أن يباشر أي نوع من التصرفات القانونيةسواء كانت نافعة أو ضارة، لأنه فاقد ومعدوم الأهلية.
فالتصرف النافع هو الذييغني من يمارسه دون أن يؤدي مقابلا عن ذلك كقبول الهبة والهدية.
والتصرف الضارهو عكس التصرف النافع، لأنه يفقر الذي يمارسه دون أن يحصل بذلك على مقابل كالوصيةبالنسبة للموصي والهبة بالنسبة للواهب.
أما التصرف الذي يدور بين النفع والضررفهو الذي يحتمل الربح والخسارة مثل البيع والشراء والرهن...إلخ.
فجميع هذهالتصرفات تعتبر باطلة قانون ولا يعتد بها شرعا.
ب – حالة المجنون : يقصد بالشخصالمجنون الشخص الفاقد للعقل والمنعدم الإدراك والتمييز. ومتى تم إثبات حالة الجنونفإنه يقع عليه الحجر قضائيا، كما تنص على ذلك المادة 220 من قانون الأسرة على أنفاقد العقل تحجر عليه المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالته بذلك، ويرفع عنه الحجر ابتداءمن تاريخ استعادته لعقله وإدراكه ولقدرته على التمييز.
وتعتمد المحكمة فيإقرارها للحجر أو رفعه على المجنون على الخبرة الطبية وسائر وسائل الإثباتالشرعية.
ويترتب على حجر القاضي على المجنون أن تصرفاته تكون باطلة ولا تنتج أيأثر حكمها في ذلك حكم تصرفات الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز.
وتجب الإشارة أنمدونة الأسرة اعتبرت أن الشخص المصاب بحالة فقدان العقل بكيفية متقطعة كامل الأهليةخلال الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها. وأن الفقدان الإرادي للعقل لا يعفي منالمسؤولية.
ثالثا : نقصان الأهلية : اعتبرت المادة 213 من قانون مدونة الأسرة أنناقص أهلية الأداء :
- 1 -
الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد
- 2 -
السفيه
- 3 -
المعتوه
-
أ – الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد : وهو الشخص الذي بلغ سن الثانية عشرة من عمره ولم يبلغ بعد سن الرشد القانوني الذيحدده المشرع المغربي في 18 سنة شمسية كاملة.
ففي الفترة الفاصلة بين 12 سنة و18سنة تبدأ قدرات الشخص في التطور والنمو وبالتالي تزداد قدراته على التمييز والإدراكإلى أن يصبح كامل الأهلية.
والقانون يسمح للصغير المميز للقيام ببعض التصرفاتوالأعمال القانونية، لأنه لا يعتبر في هذه المرحلة من عمره منعدم وفاقد الأهلية، بلناقص الأهلية، يمكن له أن يباشر مصالحه في حدود معينة، وحسب مراحل عمره.
- 1 -
المرحلة من 12 إلى 16 سنة : فطبقا للمادة 225 من مدونة الأسرة فإن تصرفات الصغيرالمميز في هذه المرحلة تخضع للأحكام التالية :
-
تكون صحيحة ونافذة إذا كانتنافعة له نفعا محضا كأن يقبل الهبة والوصية.
-
تكون باطلة إذا كانت مضرة به،فليس له أن يهب مالا مملوكا له أو أن يوصي به ولا يبرئ مدينا.
-
يتوقف نفاذهاإذا كانت دائرة بين النفع والضرر على إجازة نائبه الشرعي حسب المصلحة الراجحةللمحجور، وفي الحدود المخولة لاختصاصات كل نائب شرعي.
- 2 -
المرحلة من 16 إلى 18 سنة : في هذه المرحلة من حياة الصغير المميز، تزداد قدرته على الإدراك والتمييز،ويقترب من سن الرشد القانوني وكمال الأهلية، بحيث في هذه المرحلة يمكن للمحكمة أنتقوم بترشيده، وذلك طبقا لما جاء في الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة من المادة 218 من مدونة الأسرة التي نصت على :
إذا بلغ القاصر السادسة عشرة من عمره، جازله أن يطلب من المحكمة ترشيده
كما يمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيدالقاصر الذي بلغ السن المذكور أعلاه، إذا آنس منه الرشد.
يترتب عن الترشيد تسلمالمرشد لأمواله واكتسابه الأهلية الكاملة في إدارتها والتصرف فيها، وتبقى الحقوقغير المالية خاضعة للنصوص القانونية المنظمة لها.
- 3 -
مرحلة البالغ الرشيد : وهي المرحلة التي يصل فيها الشخص إلى سن الرشد القانوني الذي هو 18 سنة ميلاديةكاملة، بحيث يصبح في هذه المرحلة كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، حيث تكونجميع تصرفاته صحيحة ومنتجة لكافة آثارها القانونية، ما لم يكن عارض من عوارضالأهلية كالسفه والجنون والعته.
ب – حالة السفيه : السفيه هو من يبذر أمواله علىغير مقتضى العقل ولا الشرع. وقد عرفته المادة 215 من مدونة الأسرة على "أن السفيههو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه، وفيما يعده العقلاء عبثا، بشكل يضر بهأو بأسرته.
والمشرع المغربي أجاز إقامة الحجر على السفيه حفاظا على أموالهلمصلحته ومصلحة أسرته، ويصدر الحكم بالتحجير أو برفعه بناء على طلب المعني بالأمر،أو من النيابة العامة، أو ممن له مصلحة في ذلك.
وقد أخضع قانون الأسرة تصرفاتالسفيه للأحكام التي يخضع لها الصغير المميز وهي الواردة في المادة 225.
جحالة المعتوه : عرفت المادة 216 من مدونة الأسرة المعتوه "هو الشخص المصاب بإعاقةذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته" والعته لا يرقى إلى مرتبة الجنونأو فقدان العقل تماما، وإنما هو نقصان للعقل واختلاله، يجعل المصاب به قليل الفهممختلط الكلام فاسد التدبير. لذلك لم يجعل المشرع المعتوه عديم الأهلية بل ناقصها،بحيث سوى بينه وبين الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد، والسفيه.
وفيما يتعلق بتصرفات المعتوه فتخضع هي كذلك لأحكام تصرفات الصغيرالمميز.
البند الخامس : الحالة : الحالة هي الوضعية التي يوجد فيها الشخص داخلالجماعة، سواء باعتباره عضوا في جماعة سياسية أي الدولة، أو عضوا في أسرة أو منتمياإلى اتجاه ديني وعقائدي. فانتماء الشخص على الدولة هو الذي يحدد وضعيته وحالتهالسياسية، وتواجده في الأسرة يحدد حالته العائلية، وانتماء إلى دين معين يحدد وضعتهالدينية.
فعلى أساس الحالة التي يوجد عليها الشخص يتحدد مركزه القانوني، فتقررله حقوق وتقع عليه التزامات في الحدود التي يرسمها القانون.
أولا : الحالةالسياسية : يقصد بالحالة السياسية انتماء الشخص إلى دولة معينة بحيث يلزمه هذاالانتماء بالولاء والتبعية. وتعرف هذه الحالة بالجنسية وتقوم كل دولة من الدول بوضعتشريعات خاصة لتنظيم الجنسية وطرق اكتسابها والحصول عليها وفقدها.
فعلى أساسالجنسية يتم التمييز بين الوطني والأجنبي وتحدد حقوق والتزامات كل منهما.
ذلك أنالوطني يتمتع بحقوق أوسع من الأجنبي، فالمواطن يستطيع الترشح والتصويت فيالانتخابات التشريعية والبلدية. ويتمتع بحق تولي الوظائف العامة في الدولة، في حينأن الأجنبي لا يتمتع بهذه الحقوق، ولا يتحمل نفس الواجبات والالتزامات التي يجب علىالمواطن القيام بها، كواجب الدفاع عن التراب الوطني، وأداء الخدمة العسكرية... إلىغيرها من الأعباء والالتزامات.
وتكتسب الجنسية إما بطريقة أصلية أو بصفة مكتسبة :
أ – الجنسية الأصلية : تبنى الجنسية الأصلية إما على حق الدم وإما على حقالإقليم. والمقصود بالجنسية المبنية على حق الدم الجنسية التي تفرض على المولودلوالد وطني. والمقصود بحق الإقليم فرض الجنسية على المولودين على إقليم الدولة بصرفالنظر على جنسية آبائهم.
ويلاحظ أن حق الدم أقوى من حق الإقليم في إباحة فرضالجنسية، ولذلك تأخذ الدول بحق الدم بصفة مطلقة تقريبا. بينما لا تفرض الجنسية بحقالإقليم إلا إذا عززت هذا الحق اعتبارات أخرى.
ب – الجنسية المكتسبة : فهي التييكتسبها الشخص طبقا لشروط معينة، فمتى توافرت هذه الشروط يكتسب الشخص الجنسية، وحسبظهير 6 شتنبر 1958 إن الحصول على الجنسية في المغرب يتم إما عن طريق الولادةوالازدياد في أي بقعة جغرافية خاضع لسيادته، وإما على أساس الزواج، وإما على أساسالإقامة الطويلة الأمد، على أن يتم التعبير بصورة صريحة من طرف الشخص على رغبته فيالحصول على الجنسية.
ثانيا : الحالة العائلية : يقصد بالحالة العائلية انتماءالشخص إلى أسرة معينة، وتمتعه بمجموعة من الحقوق والتزامه بمجموعة من الواجبات تبعاللمركز الذي يشغله داخل الأسرة. فالأب له على أبناءه واجب التربية والرعاية،والزوجة لها حق المعاشرة والمعاملة الحسنة.
والأسرة هي مجموعة من الأفراد تربطبينهم رابطة القرابة، إما على أساس النسب وإما على أساس المصاهرة.
أ – قرابةالنسب : هي القرابة التي توجد بين أشخاص يرتبطون بصلة الدم، أو هي التي توجد بينالأشخاص الذين يجمعهم أصل مشترك وهي التي تقصد من لفظ القرابة إذا أطلق : وقريبالشخص هو الذي يشترك معه في أصل واحد ذكر كان أو أنثى.
وقرابة النسب إما أنتكون قرابة مباشرة أو قرابة حواشي.
1-
فالقرابة المباشرة هي التي تنحصر في عمودالنسب أي هي الصلة بين الأصول والفروع، كقرابة الولد لأبيه، وقرابته لأمه، وقرابتهلجده ولأم أمه...
2-
أما قرابة الحواشي أو القرابة غير المباشرة فهي الرابطة مابين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعا لآخر. كالقرابة بين الشخص وأخيهأو بين الشخص وأخته، وبينه وبين عمه وأخواله.
ب – قرابة المصاهرة : قرابةالمصاهرة هي التي تنشأن بالزواج بين كل من الزوجين وأسرة الزوج الآخر، وعلى ذلك فأخالزوجة أو أختها مثلا يعتبر قريبا للزوج من الدرجة الثانية أي تكون قرابته للزوجكقرابة أخيه، وقرابة الشخص لزوج ابنته تكون كقرابته لابنته من الدرجة الأولى، ولزوجابن عمه كقرابته لابن عمه قرابة من الدرجة الرابعة.
إن معرفة القرابة سواء قرابةمصاهرة أو قرابة النسب، وتحديد درجاتها لها أهمية قصوى في ترتيب الحقوق والواجباتالقانونية وتوزيعها بشكل دقيق بين أفراد الأسرة، كحق الإرث وحق الأبناء في حمل اسمأبيهم، وحق الأب في الولاية على ابنه إلى غيرها من الحقوق الأخرى التي لا يسمحالمجال لذكرها هنا.
ثالثا : الحالة الدينية : لم يعد للانتماء الديني اليومأهمية في تحديد الحقوق التي يتمتع بها الشخص والالتزامات التي تجب عليه،لأن مختلفالدول في تشريعاتها لا تميز بين الأشخاص على أساس انتماءهم الديني والعقائدي، كماأن الأخذ بمبدأ الفصل بين الدين والدولة تترتب عنه استبعاد الاعتبارات الدينيةوالعقائدية عند تقرير الحقوق والواجبات للأفراد. لكن بعض الدول، كالمغرب لا زالتتأخذ بعين الاعتبار الدين عنصرا من عناصر الحالة، وذلك في مجال الأحوال الشخصية،وبالتالي فإن الحقوق والالتزامات تحدد انطلاقا من مبادئ الدين الإسلامي كالزواجوالطلاق والإرث والوصية...
بالإضافة إلى الشخص الطبيعي الذي يمكن أن يكون صاحبالحق، فإن المشرع منح صفة الشخص إلى مجموعة من الأموال، أو مجموعة من الأشخاص أطلقعليها اسم الأشخاص المعنوية، أو الاعتبارية.
المطلب الثاني : الشخص الاعتباري :
إذا كانت الشخصية القانونية، كما رأينا، تثبت للإنسان من لحظة ميلاده إلى لحظةمماته، بحيث تمنح له هذه الشخصية القدرة على اكتساب الحقوق والالتزاماتبالواجبات.
ونظرا لتطور الحياة الاجتماعية، وتشابك المصالح بين الأفرادوالجماعات، أصبح من الضروري أن يوجد إلى جانب الأفراد الطبيعيين أشخاص اجتماعيةأخرى تستطيع القيام بما يعجز عنه الأفراد. وهذه الأشخاص ما هي إلا مجموعة منالأفراد أو مجموعة من الأموال تجمعت مع بعضها لتحقيق هدف معين أطلق عليها "الأشخاصالمعنوية"، فهي لا تدرك بالحس بل بالفكر، وهي تتمتع بالشخصية القانونية.
وتطلقالشخصية المعنوية في القانون على كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أومجموعة من الأموال التي ترمي إلى تحقيق غرض معين، فتصبح هذه المجموعة من الأفرادوالأموال في حد ذاتها من عداد الأشخاص القانونية لتمتعها بالشخصية المستقلة، أيأنها تتمتع بالأهلية القانونية تماما كالأشخاص الطبيعيين فتكون أهلا لاكتساب الحقوقوالتحمل بالالتزامات.
وقد اختلف الفقهاء حول تحديد طبيعة الشخصية المعنويةوأساسها القانوني، كما تتنوع هذه الشخصية تبعا للقانون الذي ينظمها والغرض الذيأنشأت من أجل تحقيقه.
الفرع الأول : طبيعة الشخصية المعنوية :
اختلف الفقهاءفي تحديد طبيعة الشخصية المعنوية، فالبعض يرى أن الشخصية القانونية لا تثبت إلاللشخص الطبيعي، وأما إطلاق هذا الوصف على جماعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال هومن قبيل الافتراض. في حين يرى البعض الآخر عكس ذلك أن الشخصية المعنوية حقيقة وليسافتراض أو مجاز، بينما أنكر اتجاه آخر وجود الشخص المعنوي من أصله.
النبذ الأول : نظرية الشخصية القانونية الافتراضية أو المجازية : ظهرت هذه النظرية مع مطلعالقرن التاسع عشر، فهي تعتبر أن الشخصية المعنوية ليست حقيقة، بل هي من افتراضالقانون، لأنها تفتقر إلى "الإرادة" حتى تكون لها أهلية اكتساب الحقوق وتحملالالتزامات. ذلك لأن الأشخاص الطبيعيين هم وحدهم الذين يتمتعون بهذه الإرادة. وبماأن الشخص المعنوي لا إرادة له، فإن المشرع قد تدخل في هذا الأمر فخلق لهذا الشخصالمعنوي شخصية فرضا لا حقيقة. وذلك بتعيين ممثل لهذا الشخص المعنوي يعبر عن إرادتهحتى يستطيع مباشرة أنواع من النشاط القانوني وتحقيق الأغراض التي أنشأ من أجلها.
ويترتب على الأخذ بهذه النظرية أن الشخص المعنوي لا يمكن أن ينشأ إلا بمشيئةالمشرع. لذلك يحق للمشرع طالما أنه هو الذي يخلق هذا الشخص أن يقيد من نشأتهوأهليته، بل له أن يقضي عليه كلية في سلب شخصية دون أن يدعي بأن له حقا مكتسبا.
البند الثاني : نظرية الشخصية المعنوية الحقيقية : يذهب رواد هذا التيار إلىاعتبار الشخصية المعنوية حقيقة تفرض نفسها على المشرع وعلى المجتمع داخل المجالالقانوني، كما يعتبرون أنه إذا كان الشخص الذاتي كائنا ملموسا، فإن الشخص المعنويكائن اعتباري يدخل حيز الحقائق القانونية، وليس من نسج الخيال أو افتراض القانون،وليس من الضروري ربط قيام الشخصية القانونية لمجموعة من الأشخاص أو لمجموعة منالأموال بإرادة المشرع وصدور قانون يعترف ويقر بهذه الشخصية.
ويترتب على الأخذبهذه النظرية أن الشخص الاعتباري يتصور نشأته بمجرد توافر العناصر المكونة له وقبلاعتراف المشرع له بالشخصية، ولا بكون هذا الاعتراف إلا إقرارا لحقيقة واقعة لا خلقالشخص قانوني جديد.
وتشكلت داخل هذه النظرية ثالث مذاهب أساسية حاولت أن تفسرأساس التواجد الحقيقي للشخصية المعنوية.
فالمذهب الأول ذهب إلى البحث عن عناصرالتشابه والتماثل بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي من حيث التكوين العضوي، فإذاكان الشخص الطبيعي يتكون من عدة خلايا عضوية، فإن خلايا الشخص المعنوي تتكون منالأعضاء المكونين له، كما أن هذا التشابه يتجلى كذلك في مفهوم الإرادة، فالشخصالمعنوي كالشخص الطبيعي له إرادة تعبر عن إرادة ممثليه مجتمعين.
أما المذهبالثاني فيركز على نظرية المصلحة، فيعتبر أن مصلحة الشخص المعنوي تختلف عن مصالحالأفراد المكونين له، لذا فإن المشرع من أجل الاعتراف بالحقوق الناتجة عن مصلحةالجماعة يعترف لهذه الأخيرة بوجودها كشخص معنوي.
وقد أسس المذهب الثالث حقيقةالشخصية المعنوية على نظرية النظام القانوني، على اعتبار أن الشخص المعنوي هو ظاهرةاجتماعية أفرزها النظام القانوني السائد للتعبير عن إرادات وتحقيق أهداف اجتماعيةداخل كيان يختلف عن كيانات الأفراد المكونة له.
البند الثالث : نظرية الملكيةالمشتركة :
يذهب بعض الفقهاء إلى إنكار الشخصية المعنوية، لأن الشخص الطبيعيوحده يكون محلا للحق وتحمل الالتزامات، وبالتالي فإن الشخص المعنوي لا وجود له ويجبتعويضه باصطلاح جديد هو "الملكية المشتركة".
وقد تزعم هذه النظرية الفقيه بلانيول، ومؤدى هذه النظرية أن الشخص المعنوي ليس شخصا حقيقيا أو مفترضا منفصلا عنأفراده، وإنما هو عبارة عن ملكية مشتركة لا يظهر فيها نصيب كل واحد من الأعضاء. ولأن أموالهم تكون ملكا للجماعة فهي بذلك أموال للشخص المعنوي. كما أن هذه الجماعةنفسها تشكل الشخص القانوني، ولكن هذا الشخص القانوني ليس منفصلا عنالجماعة.
ورغم الاختلاف القائم بين مختلف الاتجاهات الفكرية والقانونية حولحقيقة الشخصية المعنوية، فإن لا أحد يجادل اليوم في الوجود القانوني لهذهالشخصية.
الفرع الثاني : النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية :
يترتبعلى الاعتراف بالشخصية المعنوية لمجموعة من الأموال أو لمجموعة من الأشخاص مجموعةمن النتائج القانونية، يمكن إجمالها فيما يلي :
البند الأول : كيان ذاتي مستقل : بمعنى أن الشخص المعنوي يتمتع بشخصية قانونية مستقلة ومتميزة عن شخصية الأشخاصالطبيعيين الذين يكونونه.
ويترتب عن ذلك أن يكون له اسما يميزه عن غيره منالأشخاص المماثلة، لذلك تفرض القوانين المنظمة لتأسيس وإنشاء الأشخاص المعنوية ذكرالاسم عند تأسيس وإنشاء الشخص المعنوي، وغالبا ما يكون هذا الاسم يعبر عن الغرضالذي أنشأ من أجله، كما هو الشأن بالنسبة للجمعيات وشركات المساهمة.
ويعرف هذاالكيان الذاتي المستقل بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة بالاستقلال الإداري، الذييعني الاستقلال في تدبير الشؤون الداخلية لهذه الأشخاص سواء كانت إقليمية أومرفقية. غير أن هذا الاستقلال ليس مطلقا بل أن هذه الأشخاص تبقى خاضعة للدولة عنطريق الوصاية.
البند الثاني : الأهلية القانونية : وتعني قابلة الشخص المعنوي فياكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وتخول له هذه الأهلية القيام بجميع التصرفاتالقانونية اللازمة لتنظيم شؤونه وتحقيق الغرض الذي أنشأ من أجله، كإبرام الصفقاتوالتعاقد مع غيره من الأشخاص المعنوية أو الطبيعية.
كما يمتلك الشخص المعنوينتيجة لهذه الأهلية الأهلية القضائية التي تخول له إمكانية رفع الدعاوى القضائيةعلى غيره من الأشخاص المعنوية أو الطبيعية بواسطة ممثله القانوني، مقابل رفع دعاوىقضائية عليه ومقاضاته أمام مختلف أنواع المحاكم.
البند الثالث : ذمة ماليةمستقلة : يتمتع الشخص المعنوي بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للأشخاصالطبيعيين الذين يدخلون في تكوينه. ومن ثمة تستقل ديون الشخص المعنوي وتتميز عنديون الأشخاص الطبيعيين الذين يتكون من مجموعهم. وتكون أموال الشخص المعنوي ضمانالدائنيه دون دائني الأشخاص الطبيعيين. كما تكون أموال الأشخاص الطبيعيين ضمانالديونه هو.
البند الرابع : الموطن : يتوفر الشخص المعنوي على موطن مستقل عنموطن الأشخاص الطبيعيين المكونين له، ووجود هذا الموطن ضروري لمعاملاته القانونية،كتحديد دائرة المحاكم المختصة عندما تنشأ نزاعات يكون الشخص المعنوي طرفافيها.
وحسب ما يستفاد من الفصول 515، 516، 526 من قانون المسطرة المدنية، فإنموطن الشخص المعنوي العام يوجد في المحل الذي يوجد فيه مركز إدارته الرئيسية، أومركز المؤسسة العمومية. وحسب الفصل 523 من نفس القانون، فإن موطن الشركة هو المحلالذي يوجد به مركزها الاجتماعي ما لم تكن هناك مقتضيات قانونية تنص على خلاف ذلك.
البند الخامس : الحالة : بالنظر إلى أن الشخص المعنوي ليست له مواصفات الشخصالطبيعي سواء المتعلقة بانتمائه إلى أسرة معينة، أو ما يعبر عنه بالحالة العائلية،أو اعتناقه لديانة ما، أو ما يعرف بالحالة الدينية، فإن الشخص المعنوي لا يبقى لهمن مكونات الحالة سوى ما يتعلق بالحالة السياسية أو ما يعرف بالجنسية.
وما دامأن الشخص المعنوي له وجود قانوني وأهلية قانونية تخول له اكتساب الحقوق وتحملالالتزامات، فإن المشرع يفرض نتيجة لذلك أن تكون له جنسية تحدد بالنظر إلى أعضاءولمكان ممارسته لنشاطه.
هكذا نجد ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالجمعيات قد اعتبرأن الجمعية تعتبر أجنبية إذا كان مقرها بالخارج حتى لو كان مؤسسها أو مسيرها منالمغاربة. كما تعتبر الجمعيات التي يوجد مقرها بالمغرب أجنبية إذا كانت إدارتهاالفعلية بيد أجانب أو كان مسيروها القانونين أجانب، أو كان نصف أعضائها أجانب.
أما الجمعيات التي يوجد مقرها بالمغرب ويسيرها مغاربة أو أغلبهم مغاربة فهيمغربية الجنسية.
الفرع الثالث : أنواع الأشخاص المعنوية :
تنقسم الأشخاصالمعنوية إلى قسمين :
الأشخاص المعنوية العامة وتخضع لمقتضيات القانونالعام.
الأشخاص المعنوية الخاصة وتخضع لمقتضيات وقواعد القانون الخاص.
البندالأول : الأشخاص المعنوية العامة : الأشخاص المعنوية العامة هي الهيئات والمؤسساتالتي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وتتمتع بامتياز السلطة العامة، وتخضع لمقتضياتوأحكام القانون العام. وتنقسم إلى نوعين : الأشخاص المعنوية العامة الإقليميةوالأشخاص المعنوية العامة المرفقية أو المصلحية.
أولا : الأشخاص المعنوية العامةالإقليمية : هي عبارة عن وحدات ترابية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي.
ولكيتكتسب وحدة ترابية وصف الشخصية المعنوية العامة الإقليمية لابد من توافر أربعةعناصر أساسية : العنصر الجغرافي، والعنصر الشخصي، والعنصري المصلحي، والعنصرالقانوني.
أ – العنصر الجغرافي : ويقصد به النطاق الترابي الذي يمارس فيه الشخصالمعنوي العام نشاطه واختصاصه، كالدولة والعمالة أو الإقليم والجهات والجماعاتالحضرية والجماعات القروية.
ب – العنصر الشخصي : ويقصد بهم مجموعة من الأشخاصالطبيعيين الذين يعيشون في رقعة ترابية محددة ولهم مصالح مشتركة.
ت – العنصرالمصلحي : ويقصد به وجود مصلحة مشتركة بين سكان الإقليم. تعمل الأشخاص المعنويةالعامة الإقليمية على تحقيقها من خلال تخصصها في غرض ومصلحة معينة. فالدولة كشخصمعنوي تتكفل بإنجاز مهام تغطي إقليم الدولة ككل في حين تختص الجماعات المحلية فيتدبير الشؤون المحلية.
ج – عنصر قانوني : ويتجلى في ضرورة اعتراف المشرع بوجودذلك الشخص المعنوي العام، ويتم ذلك الاعتراف من طرف المشرع الدستوري الذي يحددمختلف الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية، ومن لدن المشرع العادي الذي يحدد النظامالقانوني لتلك الأشخاص وكيفية تشكيلها واختصاصها ومدى رقابة السلطات المركزية،والأشخاص المعنوية العامة الإقليمية في المغرب هي الدولة، والجهات، والعمالات،والأقاليم، والجماعات الحضرية، والجماعات القروية.
ثانيا : الأشخاص المعنويةالعامة المصلحية : ويطلق عليها اسم "المؤسسات العمومية" التي هي عبارة عن مرفق عاميدار عن طريق منظمة عامة ويتمتع بالشخصية المعنوية.
ولكي يوجد الشخص المعنويالعام المرفقي لابد من توافر ثالثة عناصر أساسية وهي : وجود مرفق عام، إدارة هذاالمرفق من طرف هيئة عامة، والاعتراف لهذا المرفق بالشخصية المعنوية.
أ – وجودمرفق عام : وهو عبارة عن النشاط الذي تقوم به الدولة أو الهيئات العامة التابعة لهابإدارته مباشرة أو عن طريق الغير، شريطة أن يظل هذا الغير خاضعا لرقابتها وإشرافهابقصد تحقيق خدمات عامة للجموع بطريقة منتظمة ومطردة مع مراعاة مبدأ المساواة بينالمنتفعين.
ب – أن يدار عن طريق هيئة عامة : وذلك بأموالها وعمالها وأن تستعملفي ذلك وسائل القانون العام.
ج – الاعتراف لهذا المرفق بالشخصية المعنوية : ليتحقق له قدر كبير من الاستقلال يساعد على تحقيق أهدافه.
والمؤسسات العموميةأو المرافق العمومية على أنواع :
1-
المؤسسات العامة الإدارية كالجامعات ومعاهدالبحث العلمي.
2-
المؤسسات العامة الاقتصادية والصناعية والتجارية، كمكتب تنميةالصناعة والمكتب الشريف للفوسفاط.
3-
المؤسسات العامة الاجتماعية، كالصندوقالوطني للضمان الاجتماعي.
4-
المؤسسات العامة المهنية، كغرفة التجارة والصناعةالعصرية، والغرف الفلاحية وغرف الصناعة التقليدية.
البند الثاني : الأشخاصالمعنوية الخاصة : الأشخاص المعنوية الخاصة هي هيئات تسعى لتحقيق مصالح خاصة ولاتتمتع بامتيازات السلطة، وتخضع في تأسيسها ونشاطها وعملها لمراقبةالدولة.
والأشخاص الاعتبارية الخاصة تنقسم إلى قسمين : مجموعة أموال ومجموعةأشخاص.
أولا : مجموعة أموال : أو المؤسسات الخاصة هي عبارة عن مجموعة من الأموالتخصص لعمل اجتماعي سواء كان خيريا أو علميا أو رياضيا أو فنيا، أو عمل من أعمالالبر أو الرعاية الاجتماعية أو النفع العام دون قصد ربح مادي. ومن أجل تحقيق الغرضالتي أنشأت من أجله منحها الشرع وصف الشخصية المعنوية.
ثانيا : مجموعة الأشخاص : وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص تكتلت فيما بينها لتحقيق مصلحة وغرض معين، ومن أجلذلك منحها المشرع الشخصية المعنوية. وإذا كانت غايتها تحقيق مصلحة مادية على أساساقتسام الربح والخسارة بين أعضائها، فإنها تدخل في نطاق الشركات. أما إذا كانتغايتها غير اكتساب مصالح مالية ومادية فإنها تدخل في نطاق الجمعيات.
أ – الشركات : الشركة كما تم تعريفها في الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود هي : "عقدبمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا، فتكون مشتركة بينهم، بقصدتقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها.
وتنقسم الشركات في القانون المغربي إلى قسمين : شركات مدنية، وشركات تجارية.
1-
الشركات المدنية : هي التي تقوم بأعمال وأنشطةمدنية كالشركات العقارية التي تقوم بشراء الأراضي وتجزئتها وبيعها، والشركاتالزراعية التي تقوم باستصلاح الأراضي والمساهمة في تطويرها.
2-
الشركات التجارية : هي التي تقوم بأعمال وأنشطة تجارية يعتبرها القانون ذات طبيعة تجارية. وتنقسمبدورها إلى قسمين : شركات الأشخاص، وشركات الأموال.
*
شركات الأشخاص : هي شركاتتقوم على أساس الاعتبار الشخصي وتقوم بين شخصين أو أكثر تجمع بينهم روابط الصداقةوالزمالة أو القرابة بهدف تحقيق مصلحة تعود عليهم بالنفع جميعا.
وتنقسم شركاتالأشخاص إلى ثلاثة أنواع : شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة وشركةالمحاصة.
-
شركة التضامن : عرفت المادة 3 من القانون رقم 5.96 شركة التضامنبأنها الشركة التي يكون فيها لكل شريك صفة تاجر، ويسأل أعضاؤها بصفة غير محدودةوعلى وجه التضامن عن ديون الشركة في جميع أموالهم.
-
شركة التوصية البسيطة : وهيتتكون من صنفين من الشركاء المتضامنون والشركاء الموصون.
فالشركاء المتضامنون هممسؤولون عن جميع ديون الشركة في جميع أموالهم. أما الشركاء الموصون فهم مسؤولون عنالتزامات الشركة في حدود ما يقدمونه من حصص في رأسمال.
-
شركة المحاصة : وهيشركة تقوم بين شخصين أو أشخاص يقومون بأعمال ويزاولون مهام وأنشطة يؤديها الشركاء،إما باسمه هو الشخصي، وبالتالي اقتسام ما ينتج عن ذلك من ربح وخسارة، مع النية منطرف الشركاء إنشاء شخص معنوي للشركة يكون مستقلا وبعيدا عن أشخاص الشركاء.
*
شركات الأموال : تقوم شركات الأموال على الاعتبار المالي، بخلاف شركات الأشخاص التيتقوم على الاعتبار الشخصي، بحيث أن هذا النوع من الشركات يتأسس من خلال الأسهموالحصص المالية التي يساهم بها الشركاء، ويجوز للشريك أن يتصرف في حصته دون موافقةباقي الشركاء، كما أن الشريك لا يسأل عن ديون الشركة إلا في حدود مساهمته في رأسمالالشركة.
وتنقسم شركات الأموال إلى ثلاثة أنواع : شركة المساهمة، وشركة التوصيةبالأسهم، والشركات ذات المسؤولية المحدودة.
-
شركة المساهمة : أو ما يعرف بشركةمجهولة الاسم، وتتكون على الأقل من خمسة شركاء يكتتبون بأسهم قابلة للتداول والرواجفي بورصة القيم، ولا يسأل المساهم فيها إلا بمقدار رأسماله والحصة التي يساهمبها.
-
شركة التوصية بالأسهم : وهي تتضمن نوعين من الشركاء، شركاء متضامنون،وآخرون مساهمون لا يسألون إلا في حدود الحصة من الأسهم التي ساهموا بها فيالشركة.
-
الشركة ذات المسؤولية المحدودة : تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودةمن شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر إلا في حدود حصصهم، على ألا يقل رأسمال هذهالشركة مائة ألف درهم، وأن لا يتجاوز عدد الشركاء خمسين شريكا.
ب – الجمعيات : الجمعية طبقا للفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958 كما تم تتميمه وتعديله بموجبالقانون رقم 75.00 الصادر بتاريخ 23 يوليوز 2003 هي : "كل اتفاق لتحقيق تعاون مستمربين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيمابينهم".
والجمعية إما أن تكون ذات طبيعة ثقافية أو طبيعة علمية أو سياسية أوتنموية...إلخ
ويشترط لتأسيس الجمعيات أن يقدم بشأنها تصريحا إلى السلطات المحليةالباشا أو القائد أو على وكيل جلالة الملك لدى المحكمة الابتدائية، على أن يتضمنهذا التصريح اسم الجمعية وهدفها والغرض منها ونوعية الأنشطة التي ستزاولها. وأسماءالأشخاص والمؤسسين لها، وبنبذة عن كل واحدة منهم تشمل مكان وتاريخ الازدياد ونوعيةالوظيفة ومحل السكنى. وكذلك ذكر مقرها المركزي ومقراتها الفرعية إذا كانتموجودة.
وكل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الأخلاقالحسنة أو قد يهدف إلى المس بوحدة التراب الوطني أو بنظام الدولة الملكي تكون باطلةوعديمة المفعول. ظهير 15 نونبر 1958.
الفرع الرابع : الحياة القانونية للشخصيةالمعنوية :
إذا كان للشخص الطبيعي حياة قانونية تبدأ بولادته حيا واكتسابهللشخصية القانونية نتيجة لذلك، وانتهاء هذه الشخصية وزوالها من الوجود بموته وتصفيةديونه وتوزيع تركته، فإن الشخص المعنوي له كذلك وجود قانوني يبدأ باعتراف المشرع لهبهذا الوجود، وينتهي بتحقيق الغرض الذي أنشأ من أجله أو بانصرام المدة القانونيةالتي حددت لهذا الوجود.
البند الأول : بداية الحياة القانونية للشخصية المعنوية : إن اختلاف الفقهاء في تحديد طبيعة الشخصية المعنوية بين أنصار نظرية الشخصيةالافتراضية، وأنصارنظرية الشخصية الحقيقية، انعكس على تحديد تاريخ بداية الوجودالقانوني للشخصية المعنوية.
فأصحاب نظرية الشخصية المعنوية الافتراضية يرون أنبداية ونشأت الشخص المعنوي ترتبط بإرادة المشرع، فهو الذي يقرها ويعترف بها لمجموعةمن الأشخاص أو لمجموعة من الأموال كلما توفرت الشروط التي يحددها القانون لاكتسابوصف الشخصية المعنوية.
وعلى عكس ذلك فإن أنصار نظرية الشخصية الحقيقية يرون أنالشخصية المعنوية تثبت لمجموعة من الأشخاص أو لمجموعة من الأموال بمجرد وجودها منالناحية المادية، وحينئذ ينشأ عن ذلك، ودون تدخل من المشرع شخص قانوني له شعورهالذاتي وإرادته المستقلة التي يتولى التعبير عنها من يمثله قانونا.
وهذا لا ينفيحق المشرع في التدخل بالطرق المقررة لمراقبة الشخص المعنوي كما يراقب الأشخاصالطبيعيين عن طريق التشريعات التي يسنها في هذا الصدد.
إن كلتا النظريتانبالغتا في تحديد بداية الوجود القانوني للشخص المعنوي، بحيث أن الشخص المعنوي لاينشأ بمجرد تجمع مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال، إذ لابد من تدخل المشرعللاعتراف له بهذا الوجود، ومنحه الشخصية المعنوية. وهذا الاعتراف يتمبطريقتين:
أ – الاعتراف الخاص : ويتمثل في الإقرار من طرف المشرع بمنح صفة الشخصالمعنوي لمجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال، وهذا الإقرار يكون عادة عندإحداث المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وبعض الأشخاص المعنوية الأخرى.
بالاعتراف العام : ويتمثل في وضع مجموعة من الشروط والإجراءات القانونية التي يحددهاالقانون، فكلما توفرت هذه الشروط في مجموعة من الأشخاص، أو مجموعة من الأموال، وتماتباع الإجراءات التي يحددها القانون وإلا ويمنحها المشرع وصف الشخصية المعنوية. كما هو الشأن مثلا بالنسبة للجمعيات، فظهير 15 نونبر 1958 هو الذي يحدد شروطوإجراءات تأسيسها، أو بالنسبة للشركات، فقانون الالتزامات والعقود هو الذي يحددشروط وإجراءات تأسيسها.
البند الثاني : نهاية الشخصية المعنوية : تنتهي الشخصيةالمعنوية من الوجود بانقضاء الشخص المعنوي.
وتختلف طريقة هذا الانتهاء حسب نوعوطبيعة الشخص المعنوي.
فبالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة فنهاية الشخص المعنويإما أن تكون طبيعية أو اختيارية أو إجبارية. هكذا فالشخص المعنوي الخاص ينتهي بمجردفقدان إحدى العناصر الأساسية لتكوينه، كموت كل الأفراد المكونة له، أو نفاذ أمواله،أو تحقيق الهدف الذي أنشأ من أجله.
كما أن الشخص المعنوي الخاص يمكن أن يضع حدالحياته القانونية باتفاق جميع أعضائه أو أغلبيتهم حسب ما ينص عليه القانون أوالنظام الأساسي.
وهناك الزوال الإجباري إما عن طريق المشرع أو عن طريق القضاء،وذلك في حالات حددها القانون كالإفلاس أو الانحراف عن الهدف الأصلي أو تهديد النظامالعام...
ويترتب عن زوال الشخص المعنوي تصفية ذمته المالية واختفائه من الساحةالقانونية.
أما بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة فتنتهي وتزول بمثل الطرق التينشأت بها، وهو ما يعرف بتوازي الشكليات. فإذا نشأ شخص معنوي بمقتضى القانون، فإنوضع حد له يجب أن يكون بمقتضى قانون.
والدولة بوصفها شخصا معنويا عاما، فإنانتهاءه وزواله من الوجود يتم عند اتحاد دولتين أو أكثر في دولة واحدة، كما هوالشأن بالنسبة لاتحاد ألمانيا الفيدرالية مع ألمانيا الديمقراطية. أو عند تفككالدولة إلى مجموعة من الدول، كما هو الشأن عندما تفككت دولةتشيكوسلوفاكيا.
المبحث الثاني : موضوع الحق :
لا يمكن للحق أن يقوم ويكون لهوجود ويرتب آثاره ونتائجه القانونية إلا بتوفر ركنين أساسيين:
-
صاحب الحق الذييظهر إما في شكل شخص طبيعي الذي هو الإنسان، أو شخصا معنويا الذي هو عبارة عنمجموعة من الأشخاص، أو مجموعة من الأموال تتمتع بالشخصية المعنوية.
-
موضوع الحقالذي يتحدد حسب طبيعة الحق، فإذا كان الحق شخصيا فإن موضوع الحق يكون عملا، وإذاكان الحق عينيا فإن موضوعه يكون شيئا ماديا، وإذا كان الحق معنويا فإن موضوعه يكونشيئا معنويا.
فموضوع الحق إذن إما أن يكون عملا، وإما شيئا ماديا.
المطلبالأول : الأعمال :
العمل هو النشاط الذي يقوم به الشخص سواء بجهده البدني أوبجهده الفكري والعقلي.
وموضوع الحق الشخصي قد يكون عملا إيجابيا كالتزام المقاولببناء منزل معين، أو سلبيا كالامتناع عن القيام بعمل معين.
وإذا كانت الأعمالكموضوع للحقوق الشخصية لا حد لها، نظرا لتعدد وتنوع مجالات هذه الأعمال، وعلى قدرةالإرادة على إنشاء ما تراه من الالتزامات، فإن هذه الأعمال يشترط أن تتوافر فيهاثلاث شروط هي: الإمكان، والتعيين، والمشروعية.
الفرع الأول : شرط الإمكان :
أي أن يكون العمل ممكن التنفيذ ولا يدخل في دائرة المستحيلات، وقد نص الفصل 59من قانون الالتزامات والعقود على ذلك بقوله : "يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئاأو عملا مستحيلا بحسب طبيعته، أو بحكم القانون".
ويقصد بالاستحالة التي تحول دوننشأة الالتزام الاستحالة المطلقة، سواء كانت استحالة طبيعية ترجع إلى طبيعة المحل،كالتزام الشخص ببعث ميت، أو بتحويل الماء اللوزي إلى زيت، أو كانت استحالة قانونيةترجع إلى حكم القانون، كما في التزام المحامي بأن يستأنف الحكم بعد انقضاء الأجلالقانوني، أو برفع الدعوى المدنية أما مجلس الأعلى دون عرضها على المحكمةالابتدائية أو محكمة الاستئناف.
أما إذا كانت الاستحالة نسبية كأن لا يستطيعالملتزم القيام بعمل يستطيع شخص آخر القيام به، فإن هذه الاستحالة لا تمنع من قيامالالتزام، وبالتالي فإن الملتزم يكون مسؤولا عن التزامه بالتعويض.
الفرع الثاني : شرط التعيين :
بمعنى أن يكون العمل معينا أو قابلا للتعيين، وذلك بتحديد طبيعةهذا العمل ومواصفاته وبيان نوعه، وتفاصيله عن إبرام العقد. فإذا كان العمل هو بناءمنزل، فيجب تحديد وتعيين مراحل البناء ونوعية المواد المستعملة إلى غيرها منالأشياء التي تدخل في عملية البناء، وذلك عملا بالمادة 58 من قانون الالتزاماتوالعقود الذي ينص على أن "الشيء الذي هو محل التزام يجب أن يكون معينا على الأقلبالنسبة لنوعه، ويسوغ أن يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابلا للتحديد فيمابعد".
وهذا لا يمنع أن يكون للعمل موضوع الحق قابلا للتعيين، بحيث لا تعين بشكلدقيق تفاصيل وجزئيات العمل، بل تذكر فقط معالمه الأساسية ونوعه.
وإذا لم يكنالعمل معينا ولا قابلا للتعيين، فإن العقد يصبح باطلا.
الفرع الثالث : شرطالمشروعية :
يجب أن يكون العمل مشروعا، أي غير مخالف للنظام العام والآدابالعامة، كالتزام الشخص بتهريب المخدرات وتهجير الأشخاص بطرق غير قانونية إلى الخارجمقابل قدر معين من المال، إلى غير ذلك من الأعمال التي يحرمها القانون كموضوعللمعاملات ما بين الأفراد، والتي تخالف كذلك الآداب العامة.
فهذه الأعمال تعتبرباطلة ولا تصلح أن تكون محلا للحق لأنها غير مشروعة.

المطلب الثاني : الأشياء :
المقصود بالشيء كل ما له كيان مستقل عن الأشخاص، كالأرض والبناءوالحيوان. سواء كان هذا الشيء ماديا يدرك بالحواس، أو كان معنويا يرتبط بمجال الفكربحيث لا يمكن إدراكه إلا بالتصور.
ويجب التمييز بين الشيء والمال، فالمال هوالحق ذو القيمة المالية التي يمكن تقديره بالنقود، أما الشيء فموضوع الحقومحله.
وتقسم الأشياء إلى عدة طوائف هي :
-
الأشياء المادية والأشياءالمعنوية.
-
الأشياء القابلة للاستهلاك والأشياء الغير قابلة للاستهلاك.
-
الأشياء المثلية والأشياء القيمية.
-
العقارات والمنقولات.
الفرع الأول : الأشياء المادية والأشياء المعنوية
الأشياء المادية هي الأشياء التي يكون لهاوجود ملموس ومحسوس، سواء كانت عقارات أو منقولات. أما الأشياء المعنوية فهي التيليس لها كيان محسوس مثل الأفكار والابتكارات والمخترعات والألحان الموسيقيةوالألحان الموسيقية، فهذا النوع من المنتوجات يسمى الحقوق الذهنية أو الأدبية.
الفرع الثاني : الأشياء القابلة للاستهلاك والأشياء الغير القابلة للاستهلاك :
الأشياء القابلة للاستهلاك : هي الأشياء التي تندثر عند أول استعمال لها، وهذهالعبارة ترتبط أساسا بالمواد المعدة للاستهلاك كالمأكولات والمشروبات وغيرها منالأشياء التي تتعرض للفناء والانقراض عند أول استعمال لها.
الأشياء الغيرالقابلة للاستهلاك : فهي الأشياء التي تستمر ولها عمر وتستعمل لفترة طويلة،كالسيارات والكتب والأثاث وغيرها من الأشياء المماثلة التي تدوم في الزمان لمدةمعينة.
وتتجلى أهمية هذا التصنيف عند تنفيذ الالتزامات، فاقتراض شيء قابلللاستهلاك لا يمكن أن يسترد بعينه، لأنه قد يكون استهلك واندثر. فالأمر يتعلق بمايسمى بعارية الاستهلاك، وهي تجعل المالك مجرد دائن. بينما في إطار إعارة شيء غيرقابل للاستهلاك يبقى الشخص المعير مالكا للشيء المعار، وعلى المستفيد أن يرد الشيءالمستعار بعينه كما هو الحال في عارية الاستعمال. وقد عرفه الفصل 830 من قانونالالتزامات والعقود بأنه عقد بمقتضاه يسلم أحد طرفيه للآخر شيئا لكي يستعمله خلالأجل معين أو في غرض محدد على أن يرده بعينه.
الفرع الثالث : الأشياء المثليةوالأشياء القيمية :
الأشياء المثلية هي كل الأشياء التي يقوم بعضها مقام بعض عندالوفاء، والتي يتم تقريرها في التعامل بالاستناد إلى العدد أو القياس أو الكيل أوالوزن.
أما الأشياء القيمية فعرفها الفصل 245 من قانون الالتزامات والعقود بأنها : "أشياء محددة بذاتها" أي الأشياء التي لا تقوم مقام بعضها البعض عندالوفاء.
فالأشياء المثلية تحدد بنوعها بحيث يمكن للملتزم أو المدين أن يعوضهابغيرها عند الوفاء بالالتزام، وذلك بالاستناد إلى الكيل أو الوزن أو العدد. في حينأن الأشياء القيمية فهي محددة بذاتها، بحيث لا يمكن للمدين الوفاء بالتزامه إلابالشيء نفسه.
الفرع الرابع : العقارات والمنقولات :
تنقسم الأشياء إلى عقاراتومنقولات، وتعود هذه التفرقة إلى القانون الروماني، وتكرس هذا التمييز في القانونالفرنسي خصوصا في المادة 516 من مدونة نابوليون التي اعتبرت أن الأموال تكون إماعقارات وإما منقولات.
كما أن الفقه الإسلامي تعرض لهذه المفاهيم، حيث نجد أنالإمام مالك قد عرف العقار بأنه الشيء الذي له أصل ثابت لا يمكن نقله وتحويله منمكان إلى آخر مع بقاء هيئته على شكله. هكذا تعتبر المباني والأشجار عقارات في نظرالإمام مالك إلى جانب العقارات بخلاف ما يراه باقي الأئمة، لأن الأشجار والمبانيوإن أمكن نقلها وتحويلها إلا أن ذلك لا يمكن أن يحدث دون تغيير في الهيئة والشكل. ويلاحظ أن الأساس الذي يتبعه الإمام مالك يتفق تماما مع الأساس الذي يأخذه القانونالمعاصر في نطاق تقسيم الأشياء وحدها.
فالعقار إذن كل شيء مادي وثابت في مكانهبحيث لا يمكن نقله وتغييره دون أن يتعرض للهلاك والتلف، كما هو الشأن بالنسبةللأراضي والمباني وغيرها من الأشياء الثابتة.
أما الأشياء المنقولة فهي كلالأشياء التي تنتقل وتتغير ولا تدخل ضمن الأشياء التي تعتبر عقاريةبطبيعتها.
البند الأول : العقارات : ميز القانون العقاري المغربي الصادر في 2يونيو 1915 بين ثلاثة أنواع من العقارات :
-
عقارات بطبيعتها.
-
عقاراتبالتخصيص.
-
عقارات بحسب المحل الذي تنسحب عليه.
أولا : العقارات بطبيعتها : حسب ظهير 2 يونيو 1915 العقارات بطبيعتها هي الأراضي والمباني والنباتات.
إذنفالأراضي والبنايات وكذلك الآلات والمنشآت المثبتة بناء، أو أعمدة، أو المدمجة فيبناية أو في الأرض، تعتبر أموالا عقارية بطبيعتها. كما أن المحصولات الزراعيةالثابتة بجذورها وكذلك ثمار الأشجار التي لم تجن، والغابات التي لم تقطع أشجارهاتعتبر أموالا ملحقة بالعقارات بطبيعتها.
وبالتالي، فإن معيار الالتصاق بالأرض هوالذي يحدد طبيعة الشيء ما إذا كان عقارا أو منقولا. فإذا كان ملتصقا بالأرض وثابتابها، يعتبر عقارا. أما إذا كان غير متصل بالأرض فإنه يعتبر منقولا.
ثانيا : العقارات بالتخصيص : عرف الفصل السابع من ظهير 2 يونيو 1915 أن العقارات بالتخصيصهي : الأشياء التي جعلها المالك بأرضه لمصلحة الأرض واستغلالها، وكذا الشأن في جميعالأشياء المنقولة بالملك بصفة دائمة.
من خلال هذا النص يتضح أن العقاراتبالتخصيص هي منقولات بطبيعتها لكن المشرع أدخلها في خانة العقارات، بحكم أن هذهالمنقولات لها علاقة لصيقة بالعقار وتكرس لخدمته كالآلات الفلاحية، والحيوانات التييخصصها صاحبها للحرث.
ولكي يعتبر منقول ما عقارا بالتخصيص لابد من توفر بعضالشروط :
-
أن يكون المنقول في ملك صاحب العقار.
-
أن يرصده المالك نفسهلخدمة العقار.
-
أن يتعلق الأمر بعقار محفظ.
ثالثا : العقارات بحسب المحلالذي تنسحب عليه : وهي كما وردت في الفصل الثامن من ظهير 2 يونيو 1915 على أنهتعتبر عقارات بحسب المحل الذي تنسحب عليه :
أ – الحقوق العينية الآتية :
-
ملكية العقارات.
-
الانتفاع بهذه العقارات.
-
الأحباس.
-
حق الاستعمالوالسكنى.
-
الكراء الطويل الأمد.
-
حق السطحية.
-
الرهن الحيازي.
-
حقوق الارتفاق والتكاليف العقارية.
-
الالتزامات والرهون الرسمية.
-
الحقوقالإسلامية كالجزاء والجلسة والزينة والهواء.
ب – الدعوى التي ترمي إلى استحقاقعقار.

البند الثاني : المنقولات : المنقولات هي الأشياء التي يمكن نقلها منمكان إلى آخر دون أن يلحقها تلف من جراء ذلك.
وتنقسم المنقولات إلى قسمين : منقولات بحسب طبيعتها، ومنقولات بحسب المآل.
أولا : المنقولات بطبيعتها : هيالأشياء المتحركة التي يمكن نقلها من مكان لآخر دون أن تتعرض للتلف، والتي لم ترصدلخدمة عقار أو ألصقت به على وجه الدوام.
ويمكن أن تكون المنقولات أشياء ماديةكالسيارات والحيوانات وغيرها من الأشياء القابلة للنقل، أو أشياء معنوية كالملكيةالأدبية والفنية والاسم التجاري... كما تعتبر منقولات بطبيعتها الحقوق الشخصيةوالحقوق الدائنية.
ثانيا : المنقولات بحسب المآل : المنقول بحسب المآل هو عقاربطبيعته أي أنه متصل بالأرض ولكنه يعتبر في حكم المنقول بحسب ما سيؤول إليه بعدفترة من الزمن، من أمثلته أنقاد المنزل المعد للهدم، أو الأشجار قبل قلعها.
فنظرا للمصير الذي ستؤول إليه هذه الأشياء تعامل هذه الأموال معاملة المنقولاتتسهيلا لتداولها وخاصة استبعاد شكليات تسجيل وإجراءات الحجز العقاري.
  • ملف العضو
  • معلومات
اسمهان22
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 13-04-2009
  • المشاركات : 2
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • اسمهان22 is on a distinguished road
اسمهان22
عضو جديد
رد: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
13-04-2009, 08:34 PM
شكرا لكم على هذا الموضوع
من مواضيعي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-01-2009
  • الدولة : L'Algerie
  • المشاركات : 4,034
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • تـقــ الله ــــوى will become famous soon enough
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
  • ملف العضو
  • معلومات
بوداحرة عنتر
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 13-10-2008
  • المشاركات : 18
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • بوداحرة عنتر is on a distinguished road
بوداحرة عنتر
عضو مبتدئ
رد: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
18-04-2009, 05:06 PM
شكــرا على المجهــود الطيب
  • ملف العضو
  • معلومات
مخلوف10
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 22-04-2009
  • المشاركات : 2
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • مخلوف10 is on a distinguished road
مخلوف10
عضو جديد
رد: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
22-04-2009, 06:10 PM
أرجو مساعدة اريد بحث حول المنهج التاريخي عاجل من فظلكم
من مواضيعي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سفيان الوسيم
سفيان الوسيم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-02-2009
  • الدولة : facebook sifou siane
  • العمر : 36
  • المشاركات : 2,930
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • سفيان الوسيم is on a distinguished road
الصورة الرمزية سفيان الوسيم
سفيان الوسيم
شروقي
رد: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
22-04-2009, 08:06 PM
شكرا نرمين لمجهوداتك الرائعة بصراحة .
لِيسَ مِنْ المُهِم أنَ تَمتلكَ الجَمالّ ؛ بَلْ الأهَمُ أنَ تَمتلكَ الجَاذِبيةّ، وَأرقَىْ أنَواع الجَاذِبيةّ هِيَ جَاذِبيةّ الآخَلآقْ
  • ملف العضو
  • معلومات
أسماء 87
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 01-08-2008
  • الدولة : البويرة (الجزائر)
  • المشاركات : 12
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • أسماء 87 is on a distinguished road
أسماء 87
عضو مبتدئ
Re: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
27-04-2009, 06:28 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لك أختي نرمين على هذا الموضوع الهام لقد

ساعدني كثيرا شكرا مرة أخرى icon30
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية la belle rose
la belle rose
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 29-11-2008
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 36
  • المشاركات : 692
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • la belle rose is on a distinguished road
الصورة الرمزية la belle rose
la belle rose
عضو متميز
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ahlem89
ahlem89
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 22-04-2009
  • الدولة : الجزائر*جيجل*
  • المشاركات : 63
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • ahlem89 is on a distinguished road
الصورة الرمزية ahlem89
ahlem89
عضو نشيط
رد: محاضرات المدخل لطلاب السنة الاولى الفصل الثاني
02-05-2009, 08:45 PM
شكرا على المواضيع القيمة والمفيدة
التعديل الأخير تم بواسطة ahlem89 ; 16-05-2009 الساعة 08:09 PM
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 12:44 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى