قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس
07-12-2015, 08:27 PM
قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس
لــكل شــيءٍ إذا مـا تــــــم نقصـــــــانُ === فلا يُغرُّ بطيــب العيـش إنســــــــانُ
هي الأمــورُ كمــــــا شاهدتهــــــا دُولٌ=== مَــن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتـهُ أزمـــــانُ
وهذه الــــدار لا تُبقـــي علــــى أحـــــد=== ولا يــدوم علـــى حـالٍ لهـا شـــان
يُمـزق الدهـــر حتمًـا كــــل سابغـــــةٍ=== إذا نبـــت مشْرفيّـــاتٌ وخُرصــــانُ
وينتضــــي كــلّ سيـــف للفنـاء ولــــوْ=== كــان ابنَ ذي يزَن والغمـدَ غُمــدان
أيــن الملوك ذَوو التيجان من يمـــنٍ=== وأيــن منهـــم أكــاليـــلٌ وتيجــــــانُ ؟
وأيــن مـا شــــاده شــــدَّادُ فـــــي إرمٍ=== وأين ما ساسه في الفرس ساسـانُ ؟
وأيــن مـا حـازه قــارون مـن ذهــــب=== وأيــن عـــــادٌ وشـــدادٌ وقحطــــانُ ؟
أتـــــى علــى الـكُل أمـر لا مَـرد لــــه=== حـــتى قَضَوا فكــأن القــوم مـا كانـوا
وصــار ما كــان من مُلك ومن مَلِــك=== كــما حـكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمـانُ علــــى (دارا) وقاتِلِــــه=== وأمَّ كســــــرى فمــــا آواه إيـــــوانُ
كأنمـا الصَّعــب لم يسْهُل لــه سبــــبُ=== يومًــــا ولا مَلـــكَ الدُنيــا سُليمــــانُ
فجائــــعُ الدهــــر أنـــواعٌ مُنوَّعــــة=== وللزمـــــان مـــسـرّاتٌ وأحــــــــزانُ
وللحـــــوادث سُـلـــوان يسهلـــهــــــا=== ومـا لما حـــلّ بالإســلام سُلـــــوانُ
دهــــى الجزيرة أمــــرٌ لا عــزاءَ لـه=== هــوى لــــه أُحـــدٌ وانهــــدْ ثهـــلانُ
أصـــابها العينُ في الإسلام فـارتزأتْ===حتـــى خَلــت منـــه أقطـارٌ وبُلــــدانُ
فاســـأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيــةً)=== وأيـنَ (شاطبـةٌ) أمْ أيـــنَ (جَيَّـــــانُ)
وأين (قُرطبـــة)ٌ دارُ العلــــوم فكــــــم=== مــن عالــمٍ قد سما فيهـا لـه شـانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويــه من نــزهٍ=== ونـهرهُا العَـــذبُ فيـــاضٌ ومــلآنُ
قواعدٌ كـــنَّ أركــــانَ الـبــــلاد فمـــــا=== عســى البقاءُ إذا لـم تبـقَ أركـــانُ
تبكـــي الحنيفيةَ البيضـاءُ من ! ;أسفٍ=== كما بكى لفـراق الإلـفِ هيمـــــانُ
عـلــى ديار مــــــن الإسـلام خاليــــة=== قد أقفرت ولهـــا بالكفـــر عُمــرانُ
حيـــــث المساجد قد صارت كنائسَ ما=== فـيهـنَّ إلا نواقــيـسٌ وصُلـبـــــــانُ
حتـــى المحـاريبُ تبكي وهي جامــدةٌ=== حــتى المنابرُ ترثي وهـي عيـــدانُ
يــــــا غافلاً وله في الدهـرِ موعظـــةٌ=== إن كنـت في سِنَةٍ فالدهـرُ يقظـــانُ
ومـاشيًـــا مرحًــــا يلهيـــه موطنــــهُ=== أبعد حمــصٍ تَغرُّ المرءَ أوطـــــانُ ؟
تلك المصيبةُ أنســـــتْ مـــا تقدمهــــا=== وما لها مع طولَ الدهـرِ نسيــــانُ
يا راكبيـن عتــاق الخيـــلِ ضامــــرةً=== كأنها في مجـال السبـقِ عقبـــــانُ
وحاملــين سيُــوفَ الهنــدِ مرهفــــــةُ=== كأنها فـي ظـلام النقـع نيــــــرانُ
وراتعــين وراء البحــــر فــي دعــــةٍ=== لـهــم بأوطانهـــم عـــزٌّ وسلطـانُ
أعندكـــم نبـــأ مـــن أهـــل أندلــــــسٍ=== فقـد سرى بحديثِ القومِ رُكبـــــانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفــون وهـــم=== قتلى وأسرى فما يهتـــز إنســـان ؟
ماذا التقاُطــع فـــي الإســـلام بينكـــمُ===وأنتــــمْ يـــا عبــــادَ الله إخــــــوانُ ؟
ألا نفـــــوسٌ أبَّـــــاتٌ لــهـــا هـlــمٌ===أما على الخيرِ أنصـارٌ وأعـــــوانُ
يا مـن لذلـــةِ قــــومٍ بعــــدَ عزِّهــــــمُ=== أحــال حالهـــمْ جــــورُ وطُغيــــانُ
بالأمـــس كانوا ملوكًا في منازلهـــم=== واليومَ هم في بلاد الكفـرِّ عُبـــدانُ
فلو تراهـــم حيـارى لا دليــــل لهــــمْ=== عليهمُ مــــن ثيـابِ الـــــذلِ ألـوانُ
ولو رأيـتَ بكاهُـــــم عنـــــدَ بيعهـــمُ=== لهالكَ الأمرُ واستهوتـكَ أحـــزانُ
يــا ربَّ أمّ وطفـــــلٍ حيـــــلَ بينهمــا=== كمـــا تـفــــرقَ أرواحٌ وأبــــــدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طــلعت=== كأنمـا هــــي ياقــــوتٌ ومـرجـــــانُ
يقودُها العلـــجُ للمكـــروه مكرهــــةً=== والعيــــنُ باكيـةُ والقلـبُ حيــــــرانُ
لمثل هذا يبكـي القلـبُ مــــن كمـــــدٍ=== إن كان في القلبِ إسـلامٌ وإيمــــانُ
لــكل شــيءٍ إذا مـا تــــــم نقصـــــــانُ === فلا يُغرُّ بطيــب العيـش إنســــــــانُ
هي الأمــورُ كمــــــا شاهدتهــــــا دُولٌ=== مَــن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتـهُ أزمـــــانُ
وهذه الــــدار لا تُبقـــي علــــى أحـــــد=== ولا يــدوم علـــى حـالٍ لهـا شـــان
يُمـزق الدهـــر حتمًـا كــــل سابغـــــةٍ=== إذا نبـــت مشْرفيّـــاتٌ وخُرصــــانُ
وينتضــــي كــلّ سيـــف للفنـاء ولــــوْ=== كــان ابنَ ذي يزَن والغمـدَ غُمــدان
أيــن الملوك ذَوو التيجان من يمـــنٍ=== وأيــن منهـــم أكــاليـــلٌ وتيجــــــانُ ؟
وأيــن مـا شــــاده شــــدَّادُ فـــــي إرمٍ=== وأين ما ساسه في الفرس ساسـانُ ؟
وأيــن مـا حـازه قــارون مـن ذهــــب=== وأيــن عـــــادٌ وشـــدادٌ وقحطــــانُ ؟
أتـــــى علــى الـكُل أمـر لا مَـرد لــــه=== حـــتى قَضَوا فكــأن القــوم مـا كانـوا
وصــار ما كــان من مُلك ومن مَلِــك=== كــما حـكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمـانُ علــــى (دارا) وقاتِلِــــه=== وأمَّ كســــــرى فمــــا آواه إيـــــوانُ
كأنمـا الصَّعــب لم يسْهُل لــه سبــــبُ=== يومًــــا ولا مَلـــكَ الدُنيــا سُليمــــانُ
فجائــــعُ الدهــــر أنـــواعٌ مُنوَّعــــة=== وللزمـــــان مـــسـرّاتٌ وأحــــــــزانُ
وللحـــــوادث سُـلـــوان يسهلـــهــــــا=== ومـا لما حـــلّ بالإســلام سُلـــــوانُ
دهــــى الجزيرة أمــــرٌ لا عــزاءَ لـه=== هــوى لــــه أُحـــدٌ وانهــــدْ ثهـــلانُ
أصـــابها العينُ في الإسلام فـارتزأتْ===حتـــى خَلــت منـــه أقطـارٌ وبُلــــدانُ
فاســـأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيــةً)=== وأيـنَ (شاطبـةٌ) أمْ أيـــنَ (جَيَّـــــانُ)
وأين (قُرطبـــة)ٌ دارُ العلــــوم فكــــــم=== مــن عالــمٍ قد سما فيهـا لـه شـانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويــه من نــزهٍ=== ونـهرهُا العَـــذبُ فيـــاضٌ ومــلآنُ
قواعدٌ كـــنَّ أركــــانَ الـبــــلاد فمـــــا=== عســى البقاءُ إذا لـم تبـقَ أركـــانُ
تبكـــي الحنيفيةَ البيضـاءُ من ! ;أسفٍ=== كما بكى لفـراق الإلـفِ هيمـــــانُ
عـلــى ديار مــــــن الإسـلام خاليــــة=== قد أقفرت ولهـــا بالكفـــر عُمــرانُ
حيـــــث المساجد قد صارت كنائسَ ما=== فـيهـنَّ إلا نواقــيـسٌ وصُلـبـــــــانُ
حتـــى المحـاريبُ تبكي وهي جامــدةٌ=== حــتى المنابرُ ترثي وهـي عيـــدانُ
يــــــا غافلاً وله في الدهـرِ موعظـــةٌ=== إن كنـت في سِنَةٍ فالدهـرُ يقظـــانُ
ومـاشيًـــا مرحًــــا يلهيـــه موطنــــهُ=== أبعد حمــصٍ تَغرُّ المرءَ أوطـــــانُ ؟
تلك المصيبةُ أنســـــتْ مـــا تقدمهــــا=== وما لها مع طولَ الدهـرِ نسيــــانُ
يا راكبيـن عتــاق الخيـــلِ ضامــــرةً=== كأنها في مجـال السبـقِ عقبـــــانُ
وحاملــين سيُــوفَ الهنــدِ مرهفــــــةُ=== كأنها فـي ظـلام النقـع نيــــــرانُ
وراتعــين وراء البحــــر فــي دعــــةٍ=== لـهــم بأوطانهـــم عـــزٌّ وسلطـانُ
أعندكـــم نبـــأ مـــن أهـــل أندلــــــسٍ=== فقـد سرى بحديثِ القومِ رُكبـــــانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفــون وهـــم=== قتلى وأسرى فما يهتـــز إنســـان ؟
ماذا التقاُطــع فـــي الإســـلام بينكـــمُ===وأنتــــمْ يـــا عبــــادَ الله إخــــــوانُ ؟
ألا نفـــــوسٌ أبَّـــــاتٌ لــهـــا هـlــمٌ===أما على الخيرِ أنصـارٌ وأعـــــوانُ
يا مـن لذلـــةِ قــــومٍ بعــــدَ عزِّهــــــمُ=== أحــال حالهـــمْ جــــورُ وطُغيــــانُ
بالأمـــس كانوا ملوكًا في منازلهـــم=== واليومَ هم في بلاد الكفـرِّ عُبـــدانُ
فلو تراهـــم حيـارى لا دليــــل لهــــمْ=== عليهمُ مــــن ثيـابِ الـــــذلِ ألـوانُ
ولو رأيـتَ بكاهُـــــم عنـــــدَ بيعهـــمُ=== لهالكَ الأمرُ واستهوتـكَ أحـــزانُ
يــا ربَّ أمّ وطفـــــلٍ حيـــــلَ بينهمــا=== كمـــا تـفــــرقَ أرواحٌ وأبــــــدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طــلعت=== كأنمـا هــــي ياقــــوتٌ ومـرجـــــانُ
يقودُها العلـــجُ للمكـــروه مكرهــــةً=== والعيــــنُ باكيـةُ والقلـبُ حيــــــرانُ
لمثل هذا يبكـي القلـبُ مــــن كمـــــدٍ=== إن كان في القلبِ إسـلامٌ وإيمــــانُ