طريقة الـمُصلحين في دعوة المخالف للتَّوحيد الخالص: رسالة من ابن قدُّور إلى الشَّيخ الرَّابحي
21-01-2013, 11:04 PM
طريقة الـمُصلحين في دعوة المُخالف للتَّوحيد الخالص: رسالة من ابن قدُّور إلى الشَّيخ الرَّابحي

ملحقٌ مستل من الكتاب الفذّ :

الشَّيخ بلقاسم بن ارْوَاقْ: سيرته ومنهجه الإصلاحي
أعدَّهُ: الشَّيخ السَّلفي أبو محمّد سمير سمراد - حفظه الله



تحيَّةً وسلامًا ، وبعد ...

أيُّها الأخ ! فإنَّي قد قرأت مقالتكم ، بل خطبتكم في إحدى الجرائد المحليَّة ، وقد أبحتم فيها إقامة الزَّرادت في المقابر والمزارات بغير ما استثناء ، وقد علمتم ورأيتم أنَّ جميع الزَّردات الَّتي تُقام عندنا في الأضرحة لُحمتها "البنادر والمزامير" وسداها الدِّرهم والدِّينار واختلاط الرِّجال والنِّساء ، وهل يصحُّ في الأذهان شيء إذا احتجنا لإقامة البرهان على تحريم هذه الزَّردات ؟ بحيث تصير المقابر عبارة عن مقهى ومطعم ومركز للبيع والشراء !

والعاقل تكفيه الإشارة ... وجعلتم تقديم الثِّيران والشِّياه وذبحها هناك من باب النَّذر ، وهذا أدهى وأمرُّ ، أَلَمْ يبلغك – أيُّها الأخ ! - قولَ الإمامِ مالك رضي الله عنه في المدوَّنة : " إن سوق الهدايا لغير مكَّة بدعة وضلال "

وكفى بهذا القول لمن كان له قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد ، وعليه فلا يجوز لأيِّ كان أن يذهب ببقر أو كبش أو ناقة إلى قبر وليٍّ من أولياء الله وينحر هناك لما فيه من تغيير معالم الشَّريعة المطهَّرة السَّمحة ، ولو كان على سبيل النَّذر حيث أشبه في ذلك هدي الكعبة ، كما نصَّ عليه الشَّيخ الدَّردير في : "أقرب المسالك" وغيره من الأئمَّة الأعلام

دعنا من هذا ، ولنتكلَّم على النُّذور الَّتي تقدم إلى الأضرحة في قطرنا وزماننا ، لا يخفى عن جنابك المحترم أنَّ جميع الحيوانات الَّتي تقدَّم بصفة هدايا أو نذور لأضرحة الأولياء –قدَّس الله سرَّهم- فيها أمور تسوء من كان يؤمن بالله واليوم الآخر وكان مفتوح البصر والبصيرة محكِّمًا الدِّين لا الهوى ، فمن ذلك أنَّ الثِّيران والشِّياه الَّتي تقدَّم لتلك الأضرحة يطوفون بها في الأزقَّة مزيَّنة ب "الحواش" الملونَّة وأردية الحرير على ظهورها والـمِزْمِرُ يزمَّر عليها والعامَّة تتبعها حيث ما سرت كأنَّه ألعوبة "سِرْك عمار" باسم زيارة أو زَردة ، هل هذا يفعله عاقل ، وهل هو من التَّقُرب إلى الله في شيء ؟! سبحان الله ! ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله ، إنَّ هذا – والله – لَـمُزْرٍ وَمُزْرٍ جدًّا بأمَّة تزعم أنَّها تدين بالإسلام الحنيف ، وزد على ذلك أنَّ غيرنا يحلِّق فوق رؤوسنا بطير مثل طير أبابيل ونحن نقيم الزَّردات فوق القبور بدعوى إطعام الفقراء والمساكين ، وكأنَّ الأرض ضاقت بما رحُبت لإطعامهم إلاَّ في محلٍّ تقشعرُّ منه الجلود وتذرفُ فيه العيون دُمُوعًا من جَمْر

والله – يا أخي المحترم ! - إن حقَّقت النَّظر ورجعت البصر في هذا الأمر لا تجد من يعمل هذه الزَّردات أو الزِّيارات إلاَّ من لا يعتدُّ بعلمه ولا برأيه وعلى كلِّ حال تمعَّن في هذه العجالة وتذكَّر :{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشعراء:88-89]


البليدة – ابن قدور محمد
التعديل الأخير تم بواسطة السني الجزائري ; 22-01-2013 الساعة 11:49 PM