تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > سير أعلام النبلاء

> عبد الحميد بن باديس : رائد النهضة الجزائرية

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-01-2009
  • الدولة : Kingdom oV angels
  • المشاركات : 4,187
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • أطياف ملائكية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
عبد الحميد بن باديس : رائد النهضة الجزائرية
30-04-2009, 08:33 AM
السلام عليكم


مقدمة

حريًّ بنا أن نتذكر الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس سائر أيام السنة، و لا يكفي أن نتذكّره فقط كلما أظلنا يوم 16 أفريل، فلقد كان رحمه الله أمّة وحده، عاملاً على نشر العربية والإسلام وجميع مقومات الشخصية الجزائرية، ولقي في سبيل ذلك جفاء الأقربين، وحرب الأبعدين، فما كلَّ ولا ملَّ ولا استسلم حتى فارق الحياة.

لذلك نرى من واجب الوفاء تقديم لمحات من حياته للجيل الصاعد المعتز بالعروبة والإسلام عساه أن يتخذ من حياة هذا الرجل العظيم مثال احتذاء ومنار اقتداء.

كانت الجزائر أول أقطار العالم العربي وقوعًا تحت براثن الاحتلال، وقُدّر أن يكون مغتصبها الفرنسي من أقسى المحتلين سلوكًا واتجاهًا، حيث استهدف طمس هوية الجزائر ودمجها باعتبارها جزءًا من فرنسا، ولم يترك وسيلة تمكنه من تحقيق هذا الغرض إلا اتبعها، فتعددت وسائلة، وإن جمعها هدف واحد، هو هدم عقيدة الأمة، وإماتة روح الجهاد فيها، وإفساد أخلاقها، وإقامة فواصل بينها وبين هويتها وثقافتها وتراثها، بمحاربة اللغة العربية وإحلال الفرنسية محلها، لتكون لغة التعليم والثقافة والتعامل بين الناس.

غير أن الأمة لم تستسلم لهذه المخططات، فقاومت بكل ما تملك، ودافعت بما توفر لديها من إمكانات، وكانت معركة الدفاع عن الهوية واللسان العربي أشد قوة وأعظم تحديًا من معارك الحرب والقتال، وقد عبّر ابن باديس، عن إصرار أمته وتحديها لمحاولات فرنسا بقوله: "إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا لو أرادت، بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد، في لغتها، وفي أخلاقها وعنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج، ولها وطن محدد معين هو الوطن الجزائري".

المولد والنشأة



صورة الشيخ عبد الحميد بن باديس

ولد "عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس" المعروف بعبد الحميد بن باديس في (11 من ربيع الآخِر 1307 هـ= 5 من ديسمبر 1889م) بمدينة قسنطينة، ونشأ في أسرة كريمة ذات عراقة وثراء، ومشهورة بالعلم والأدب، فعنيت بتعليم ابنها وتهذيبه، فحفظ القرآن وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتعلّم مبادئ العربية والعلوم الإسلامية على يد الشيخ "أحمد أبو حمدان الونيسي" بجامع سيدي محمد النجار، ثم سافر إلى تونس في سنة (1326هـ= 1908م) وانتسب إلى جامع الزيتونة، وتلقى العلوم الإسلامية على جماعة من أكابر علمائه، أمثال العلّامة محمد النخلي القيرواني المتوفى سنة (1342هـ= 1924م)، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الذي كان له تأثير كبير في التكوين اللغوي لعبد الحميد بن باديس، والشغف بالأدب العربي، والشيخ محمد الخضر الحسين، الذي هاجر إلى مصر وتولى مشيخة الأزهر.
وبعد أربع سنوات قضاها ابن باديس في تحصيل العلم بكل جدّ ونشاط، تخرج في سنة (1330هـ= 1912م) حاملاً شهادة "التطويع" ثم رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وهناك التقى بشيخه "حمدان الونيسي" الذي هاجر إلى المدينة المنورة، متبرّمًا من الاستعمار الفرنسي وسلطته، واشتغل هناك بتدريس الحديث، كما اتصل بعدد من علماء مصر والشام، وتتلمذ على الشيخ حسين أحمد الهندي الذي نصحه بالعودة إلى الجزائر، واستثمار علمه في الإصلاح، إذ لا خير في علم ليس بعده عمل، فعاد إلى الجزائر، وفي طريق العودة مرّ بالشام ومصر واتصل بعلمائهما، واطّلع على الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية لهما.

ابن باديس معلمًا ومربيًا

آمن ابن باديس بأن العمل الأول لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو التعليم، وهي الدعوة التي حمل لواءها الشيخ محمد عبده، في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وأذاعها في تونس والجزائر خلال زيارته لهما سنة (1321هـ= 1903م)، فعمل ابن باديس على نشر التعليم، والعودة بالإسلام إلى منابعه الأولى، ومقاومة الزيف والخرافات، ومحاربة الفرق الصوفية الضالة التي عاونت المستعمر.

وقد بدأ ابن باديس جهوده الإصلاحية بعد عودته من الحج، بإلقاء دروس في تفسير القرآن بالجامع الأخضر بقسطنطينة، فاستمع إليه المئات، وجذبهم حديثة العذب، وفكره الجديد، ودعوته إلى تطهير العقائد من الأوهام والأباطيل التي علقت بها، وظل ابن باديس يلقي دروسه في تفسير القرآن حتى انتهى منه بعد خمسة وعشرين عامًا، فاحتفلت الجزائر بختمه في (13 من ربيع الآخر 1357هـ= 12 من يونيو 1938م).


صورة الشيخ الطيب العقبي رفقة الشيخ عبد الحميد بن باديس

ويُعدّ الجانب التعليمي والتربوي من أبرز مساهمات ابن باديس التي لم تقتصر على الكبار، بل شملت الصغار أيضًا، وتطرقت إلى إصلاح التعليم تطوير ومناهجه، وكانت المساجد هي الميادين التي يلقي فيها دروسه، مثل الجامع الأخضر، ومسجد سيدي قموش، والجامع الكبير بقسطنطينة، وكان التعليم في هذه المساجد لا يشمل إلا الكبار، في حين اقتصرت الكتاتيب على تحفيظ القرآن للصغار، فعمد ابن باديس إلى تعليم هؤلاء الصغار بعد خروجهم من كتاتيبهم.

ثم بعد بضع سنوات أسس جماعة من أصحابه مكتبًا للتعليم الابتدائي في مسجد سيد بومعزة، ثم انتقل إلى مبنى الجمعية الخيرية الإسلامية التي تأسست سنة (1336هـ= 1917م)، ثم تطوّر المكتب إلى مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية التي أنشئت في (رمضان 1349 هـ= 1931م) وتكونت هذه الجمعية من عشرة أعضاء برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس.

وقد هدفت الجمعية إلى نشر الأخلاق الفاضلة، والمعارف الدينية والعربية، والصنائع اليدوية بين أبناء المسلمين وبناتهم، ويجدر بالذكر أن قانون الجمعية نصّ على أن يدفع القادرون من البنين مصروفات التعليم، في حين يتعلم البنات كلهن مجانًا.

وكوّن ابن باديس لجنة للطلبة من أعضاء جمعية التربية والتعليم الإسلامية، للعناية بالطلبة ومراقبة سيرهم، والإشراف على الصندوق المالي المخصص لإعانتهم، ودعا المسلمين الجزائريين إلى تأسيس مثل هذه الجمعية، أو تأسيس فروع لها في أنحاء الجزائر، لأنه لا بقاء لهم إلا بالإسلام، ولا بقاء للإسلام إلا بالتربية والتعليم.

وحثّ ابن باديس الجزائريين على تعليم المرأة، وإنقاذها مما هي فيه من الجهل، وتكوينها على أساسٍ من العفة وحسن التدبير، والشفقة على الأولاد، وحمّل مسئولية جهل المرأة الجزائرية أولياءها، والعلماء الذين يجب عليهم أن يعلّموا الأمة، رجالها ونساءها، وقرر أنهم آثمون إثمًا كبيرًا إذا فرطوا في هذا الواجب.

وشارك ابن باديس في محاولة إصلاح التعليم في جامع الزيتونة بتونس، وبعث بمقترحاته إلى لجنة وضع مناهج الإصلاح التي شكّلها حاكم تونس سنة (1350 هـ=1931م)، وتضمن اقتراحه خلاصة آرائه في التربية والتعليم، فشمل المواد التي يجب أن يدرسها الملتحق بالجامع، من اللغة والأدب، والعقيدة، والفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والأخلاق، والتاريخ، والجغرافيا، ومبادئ الطبيعة والفلك، والهندسة، وجعل الدراسة في الزيتونة تتم على مرحلتين: الأولى تسمى قسم المشاركة، وتستغرق الدراسة فيه ثماني سنوات، وقسم التخصص ومدته سنتان، ويضم ثلاثة أفرع: فرع للقضاء والفتوى، وفرع للخطاب والوعظ، وفرع لتخريج الأساتذة.

ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين

احتفلت فرنسا بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر في سنة (1349هـ= 1930م) فشحذ هذا الاحتفال البغيض همّة علماء المسلمين في الجزائر وحماسهم وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فتنادوا إلى إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يعبر عن اتجاههم ومقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخبوا ابن باديس رئيسًا لها.


صور شيوخ جمعية العلماء بنادي الترقي

وقد نجحت الجمعية في توحيد الصفوف لمحاربة المستعمر الفرنسي وحشد الأمة الجزائرية ضدها، وبعث الروح الإسلامية في النفوس، ونشر العلم بين الناس، وكان إنشاء المدارس في المساجد هو أهم وسائلها في تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى الوعّاظ الذين كانوا يجوبون المدن والقرى، لتعبئة الناس ضد المستعمر، ونشر الوعي بينهم.

وانتبهت فرنسا إلى خطر هذه التعبئة، وخشيت من انتشار الوعي الإسلامي؛ فعطّلت المدارس، وزجّت بالمدرسين في السجون، وأصدر المسئول الفرنسي عن الأمن في الجزائر، في عام (1352هـ= 1933م) تعليمات مشددة بمراقبة العلماء مراقبة دقيقة، وحرّم على غير المصرح لهم من قبل الإدارة الفرنسية باعتلاء منابر المساجد، ولكي يشرف على تنفيذ هذه الأوامر، عيّن نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.


بعض شيوخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين


ولكي ندرك أهمية ما قام به ابن باديس ورفاقه من العلماء الغيورين، يجب أن نعلم أن فرنسا منذ أن وطأت قدماها الجزائر سنة (1246 هـ= 1830م) عملت على القضاء على منابع الثقافة الإسلامية بها، فأغلقت نحوا من ألف مدرسة ابتدائية وثانوية وعالية، كانت تضم مائة وخمسين ألف طالب أو يزيدون، ووضعت قيودًا مهنية على فتح المدارس، التي قصرتها على حفظ القرآن لا غير، مع عدم التعرض لتفسير آيات القرآن، وبخاصة الآيات التي تدعو إلى التحرر، وتنادي بمقاومة الظلم والاستبداد، وعدم دراسة تاريخ الجزائر، والتاريخ العربي الإسلامي، والأدب العربي، وتحريم دراسة المواد العلمية والرياضية.

إسهامات ابن باديس السياسية

لم يكن ابن باديس مصلحًا فحسب، بل كان مجاهدًا سياسيًا، مجاهرًا بعدم شرعية الاحتلال الفرنسي، وأنه حكم استبدادي غير إنساني، يتناقض مع ما تزعمه من أن الجزائر فرنسية، وأحيا فكرة الوطن الجزائري بعد أن ظنّ كثيرون أن فرنسا نجحت في جعل الجزائر مقاطعة فرنسية، ودخل في معركة مع الحاكم الفرنسي سنة (1352هـ= 1933م) واتهمه بالتدخل في الشئون الدينية للجزائر على نحو مخالف للدين والقانون الفرنسي، وأفشل فكرة اندماج الجزائر في فرنسا التي خُدع بها كثير من الجزائريين سنة (1353 هـ= 1936م).

ودعا نواب الأمة الجزائريين إلى قطع حبال الأمل في الاتفاق مع الاستعمار، وضرورة الثقة بالنفس، وخاطبهم بقوله: "حرام على عزتنا القومية وشرفنا الإسلامي أن نبقى نترامى على أبواب أمة ترى –أو ترى أكثريتها- ذلك كثيرا علينا…! ويسمعنا كثير منها في شخصيتنا الإسلامية ما يمس كرامتنا"، وأعلن رفضه مساعدة فرنسا في الحرب العالمية الثانية.


بعض شيوخ و علماء الجزائر

وكانت الصحف التي يصدرها أو يشارك في الكتابة بها من أهم وسائله في نشر أفكاره الإصلاحية، فأصدر جريدة "المنتقد" سنة (1345 هـ= 1926م) وتولى رئاستها بنفسه، لكن المحتل عطّلها؛ فأصدر جريدة "الشهاب" واستمرت في الصدور حتى سنة (1358هـ= 1939م) واشترك في تحرير الصحف التي كانت تصدرها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، مثل "السنة" و"الصراط" و"البصائر".

وظل هذا المصلح -رغم مشاركته في السياسة- يواصل رسالته الأولى التي لم تشغله عنها صوارف الحياة، أو مكائد خصومه من بعض الصوفية أذيال المستعمر، أو مؤامرات فرنسا وحربها لرسالته، وبقي تعليم الأمة هو غايته الحقيقية، وإحياء الروح الإسلامية هو هدفه السامق، وبث الأخلاق الإسلامية هو شغله الشاغل، وقد أتت دعوته ثمارها، فتحررت الجزائر من براثن الاحتلال الفرنسي، وإن ظلت تعاني من آثاره.

وتوفي ابن باديس في (8 من ربيع الأول 1359 هـ= 16 من إبريل 1940م)(**).

الكاتب : سمير حلبي

من مصادر الدراسة:

•عمار الطالبي ـ ابن باديس حياته وآثاره- أربعة مجلدات، الجزائر ـ 1388 هـ= 1968م.
•محمود قاسم ـ الإمام عبد الحميد بن باديس: الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1979م.
•محمد فتحي عثمان ـ عبد الحميد بن باديس: رائد الحركة الإسلامية في الجزائر المعاصرة ـ دار القلم ـ الكويت ـ 1407هـ= 1987م.
•أنور الجندي ـ الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا ـ الدار القومية للطباعة والنشر ـ القاهرة ـ 1385هـ= 1965م.

** يعتبر يوم 16 أفريل من كل عام، مناسبة وطنية رسمية بالجزائر سميت بـ "يوم العلم"






منقول
−ـ‗ღ ღ‗ـ−


أمــي : گوني رآضيـة عنـي ، فـ حلمي تحـت قدميگ


−ـ‗ღ ღ‗ـ−
التعديل الأخير تم بواسطة أطياف ملائكية ; 30-04-2009 الساعة 08:41 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-01-2009
  • الدولة : Kingdom oV angels
  • المشاركات : 4,187
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • أطياف ملائكية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
رد: عبد الحميد بن باديس : رائد النهظة الجزائرية
30-04-2009, 08:39 AM
تابع

ـ محاولته الإصلاحية

تتمحور الإصلاحات التي قام بها الشيخ عبد الحميد بن باديس في إصلاح الشخصية الوطنية والهوية الجزائرية.

فمن خلال نظرة سريعة على الأوضاع السائدة وقت ظهور ابن باديس ، يتبين لنا أن المستعمر قد قام بطمس معالم الشخصية الجزائرية، من خلال فرنسة الإدارة والتعليم الذي أنشأه خصيصا لأبناء رعاياه ، وغلق مؤسسات التعليم الوطنية التي كانت تعلم الثقافة العربية، والإسلامية وشد الخناق على الدين الإسلامي وعلى اللغة العربية واعتبراها لغة أجنبية ، وتم ذلك بتدمير الممتلكات الثقافية وتخريب المكتبات وهدم المساجد أو تحويل وظيفتها ، والاستلاء على مواد الأوقاف، التي كانت تغذي التعليم ، فكان من نتائج ذلك انتشار الجهل والأمية والانحراف عن الدين، الجمود الفكري، وذيوع الخرافة وذوبان عناصر ومقومات الشخصية، مما أدى إلى تنكر فئة من أبناء الوطن إلى أصالتهم ووطنهم ودعوتهم إلى الاندماج .

أولا : أهداف الإصلاح عند عبد الحميد بن باديس :

يقول ابن باديس : " إن الذي نوجه إليه الاهتمام الأعظم في تربية أنفسنا وتربية غيرنا هو تصحيح وتقويم الأخلاق " ( الحركة الإصلاحية ص 21 ).
ـ تكوين أجيال مستنيرة مؤمنة قوية قادرة على النهوض بالوطن وتخليصه من كل إشكال التخلف والركود وتحريره من الإستعمار.
ـ التربية الصحيحة: تصحيح العقائد وتقويم الأخلاق.
ـ تأهيل الجزائري وتنمية قدرته العقلية والاجتماعية والأخلاقية.
ـ نشر العلم والمعرفة وتثقيف الناس وإيقاظ وعيهم، وتحرريهم من ضعفهم، وزرع الأمل في نفوسهم.
ـ بعث اللغة العربية التي كادت تفقد مقومات صيانتها وتعليمها وترقيتها والسعي إلى جعلها وسيلة لبناء الشخصية الوطنية.

ثانيا : وسائل الإصلاح عند عبد الحميد بن باديس :

ـ أهم هذه الوسائل هي: المسجد والمدرسة والصحافة.
ـ إنشاء جمعية العلماء المسلمين في 1931 وهو مجلس علمي لتنشيط الحركة الإصلاحية بالجزائر وتنهض بأعباء الإصلاح والإرشاد والدعوة الإسلامية والتوعية السياسية
ـ إنشاء هيئة إعلامية : الإدارة المشرفة على الصحافة وهيئة تربوية : جمعية التربية والتعليم الإسلامي.
ـ إحداث شعب لجمعية العلماء في مناطق الجزائر.
ـ إنشاء النوادي الخاصة بالشباب، وتنظيم تعليم خاص بهم وللبنات والنساء.
ـ إنشاء فرق الكشافة الإسلامية .
ـ تأسيس صحافة خاصة بالحركة الإصلاحية تنقل للقراء الأفكار الإصلاحية وتطلعهم على سياسة الاستعمار وقوانينه الجائرة مثل جريدة الشهاب، المنتقد ، جرائد الجمعية : البصائر ، الصراط ، السنّة والشريعة.

ثالثا : طرق الإصلاح عند عبد الحميد بن باديس :

يقول ابن باديس: " الأمة التي لا تحترم مقوماتها من جنسها ولغتها ودينها وتاريخها لا تعدّ أمة بين الأمم ، ولا ينظر إليها إلا بعين الاحتقار " ( إمام الجزائر ص 56 ) .

لذا فقد ركز في إصلاحاته على ثلاث محاور رئسية هي:

ـ أ ـ الجانب الثقافي والتربوي: اللغة والتعليم .
ـ ب ـ الجانب العقائدي : الدين.
ـ ج ـ الجانب السياسي : الوطن.

وهذه المحاورالثلاث كانت شعار جمعية العلماء المسلمين التي أنشأها ابن باديس: " الجزائر وطننا الإسلام ديننا والعربية لغتنا " .

ـ أ ـ الجانب الثقافي والتربوي: اللغة والتعليم .

يقول الشيخ ابن باديس : " لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم .... ولن يصلح العلماء حتى يصلح تعليمهم " ( الحركة الإصلاحية ص 26 )
ـ كان الشيخ العلامة يرحل في نشر العلم في مختلف مناطق الوطن.
ـ كان يهدف إلى تعليم طلبة العلم والعامة بمختلف أصنافهم ( كبارا وأطفالا ونساء ) .
ـ مكافحة الأمية التي فرضها المستعمر على الشعب الجزائري.
ـ إنعاش مؤسسات التربية ( الكتاتيب القرآنية ، والمساجد، والمدارس الإسلامية ).
ـ أنشأ أول مدرسة حرة : المكتب العربي : سنة 1926 ( مدرسة ابتدائية ) .
ـ إنشاء المدارس الحرة حيث بلغت 150 مدرسة تحوي 150 ألف تلميذ ، وقد كانت قبل ذلك 3 مدارس فقط وتحت تصرف المستعمر.
ـ كانت هذه المدارس تدرس اللغة العربية وأصول الدين الإسلامي وتاريخ الجزائر والإسلام.
ـ تجديد وسائل وطرق التعليم الإسلامي وإصلاحها .
ـ إعداد المدرسين لتعليم مبادئي القراءة وتحفيظ القرآن الكريم.
ـ تجديد نشاط المساجد التعليمي في كافة أنحاء الوطن.
ـ إنشاء جمعية التربية والتعليم الإسلامية سنة 1931 والتي كانت تهدف إلى نشر الأخلاق الفاضلة والمعارف العربية والصنائع اليدوية بين أبناء وبنات المسلمين.
ـ إرسال البعثات التربوية إلى الخارج لإبقاء صلة المهاجرين بدينهم وعدم الذوبان.
ـ إحياء رسالة المسجد بتنظيم دروس تعليمية تثقيفية للعامة والخاصة.
ـ التعليم المسجدي : تدريس لبعض طلبة العلم كتاب الشفاء وللعامة دروس الوعظ والإرشاد وتعليم الصغار القرآن العظيم .
ـ قام بعقد مؤتمر سنة 1937 لكافة المعلمين في مدارس الجمعية حول منهجية التعليم والتربية ولدراسة الوسائل والأساليب والكتب والعلم في المساجد.

أما فيما يخص اللغة فيقول الشيخ العلامة : " ولا رابطة تربط ماضينا بحاضرنا الأخر والمستقبل السعيد إلا بهذا الحبل المتين : اللغة العربية لغة الدين ، لغة الجنس، لغة القومية : ( إمام الجزائر ص 77 ) .
ـ نشر اللغة عن طريق العلم والتعليم في المدارس الحرة التي أنشاها وكذا من خلال تفسير القرآن الكريم.
ـ ترقية أساليب تعليم اللغة العربية.

ـ ب ـ الجانب العقائدي : الدين.

ـ عمل على تطهير العقائد من الشرك الذي أرسى أطنابه على غالبية الشعب الجزائري.
ـ قام من خلال الجمعية بمحاربة الآفات الاجتماعية ( الخمر ، الميسر، البطالة ).
ـ محاربة الطرقية التي كانت تدعو إلى عبادة القبور والتواكل وإنكار حرية الإرادة ونشر العقائد الباطلة وبالتالي تشويه الإسلام وتحطيم القيم الأخلاقية الإسلامية، وذلك من خلال فضحهم عن طريق الصحافة وغيرها .
ـ ومحاربتهم عن طريق نشر العلم والعقيدة الصحيحة ومذهب السلف ومحاربة الشرك.
ـ كان ينكر على الطريقة العلوية وشيخها المتهم بالحلول ووحدة الوجود وعلى الشيخ ابن عليوه لسوء أدبه مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحلول .
ـ كما قام بتفسير القرآن في خمس وعشرون سنة للعامة في دروس مسجدية.
ـ تعليم القرآن الكريم للنشء: يقول ابن باديس :" فإننا والحمد لله نربي تلامذتنا على القرآن ...وغايتنا التي ستتحقق أن يكوّن القرآن منهم رجالا كرجال سلفهم ، وعلى هؤلاء الرجال القرآنيين تعلق الأمة آمالها ( الحركة الإصلاحية ـ ص ـ 28 ).

ـ ج ـ الجانب السياسي : الوطن.

يقول الشيخ ابن باديس : " ...والنسبة للوطن توجب علم تاريخه والقيام بواجباته من نهضة علمية واقتصادية وعمرانية والمحافظة على شرف اسمه وسمعته " ( إمام الجزائرص57 ) .

ـ محاربة التفرقة بين الجزائريين : يقول الشيخ ابن باديس في كلمته المشهورة : " ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان " ( الحركة الإصلاحية ص 23).

ـ كما أعلن حربا لا هوادة فيها على دعاة الاندماج ، يقول : " أنّ هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا ولا يمكن أن تكون فرنسا ولا تستطيع أن تكون فرنسا ولو أرادت " ( الحركة الإصلاحية ص 40).

ـ أصدر فتوى بتكفير كل مسلم جزائري تنازل عن قانون الأحوال الشخصية الإسلامي والاندماج أو التجنس بالجنسية الفرنسية .

ـ قام في العديد من المرات بمحاورة دعاة الإدماج.

ـ طالب النواب الجزائريين بمقاطعة البرلمان يقول: " حرام على عزتنا العربية وشرفنا الإسلامي أن نبقى نترامى على أبواب برلمان أمة ترى أكثريتها ذلك كثير علينا ( الحركة الإصلاحية ص41).


ـ الدعوة إلى مقاطعة الاحتفالات الفرنسية مناسبة الذكرى المئوية لاحتلال قسنطينة.

ـ قام بالتصدي لكل سياسة ترمي إلى التنصير والفرنسة.

ـ الردّ على من شكك في أصالة الشعب الجزائري من خلال إدعاء أن الجزائر لا انتماء لها ، وتارة بأن سكانها الأصليين هم " الغال" أي الأصل الذي ينتمي إليه الفرنسيون، وتارة يعترفون بالأُصل الأمازيغي ويجعلونه أقرب للحضارة الأوربية .

ـ كما يعتبر الشيخ الإمام غارس بذور الثورة الجزائرية ، فمن أقواله التي كان يصدع بها : " أيها الشعب إنك بعملك العظيم الشريف برهنت على أنك شعب متعشق للحرية هائم بها ، تلك الحرية التي ما فارقت قلوبنا منذ كنا الحاملين للوائها، سنعرف في المستقبل كيف نعمل وكيف نحيى من أجلها ( إمام الجزائر ص 32 ).
وقال أيضا: " فما عهدنا الحرية تعطى إنما عهدنا الحرية تؤخذ، وما عهدنا الاستقلال يمنح ويوهب، وإنما عهدنا الاستقلال ينال بالجهاد والاستماتة والتضحية (إمام الجزائر ص 132).

ـ 2 ـ المواجهات التي اصطدم بها الشيخ الإمام :

ـ عان الشيخ الإمام الكثير من دسائس ومؤامرات خصومه والمتمثلين في :
ـ الحكومة الفرنسية.
ـ دعاة الإدماج المتشبعون بالثقافة الفرنسيين.
ـ العلماء الموظفين في السلك الديني الموالين للاستعمار.
ـ أصحاب الطريقة.

فقد تعرض الشيخ الإمام إلى شتى من أنواع المضايقات والمساومات والاعتداءات الجسدية وغيرها من طرف هؤلاء والمتمثلة أساسا فيما يلي :

أ ) ـ العلماء الموظفين في السلك الديني الموالين للاستعمار.
ـ منع في بداية دعوته من التدريس من طرف هؤلاء.
ب ) ـ الحكومة الفرنسية:
ب1 ) ـ المواجهات المباشرة :

ـ مساومته بالولاية العامة لحل جمعية العلماء أو التخلي عن رئاسة جمعيتها .

ـ مساومته على التخلي عن رئاستها بدعوى أنه رجل نبيل الأصل من أمجد الأسر الجزائرية وأشرفها بينما بقية الأعضاء رعاع لا أصالة ولا مكانة لهم في المجتمع.

ـ مساومته على الاستقالة من منصب رئيس الجمعية مقابل تقديم إعانة مالية لعائلته التي كانت تعيش ضائقة مالية حادة وهذا بحضور أبيه وفي مكتب مدير الولاية العامة.
ـ حاولوا التأثير عليه من قبل أبيه من خلال عروض مغرية: تعينه في أكبر منصب ديني.

ـ حرضت الطرقيين على إحداث انقلاب داخل مجلس الجمعية عند تجديده .

ب2 ) ـ المواجهات الغير مباشرة :

ـ عرقلت الحكومة إنشاء شعب جمعية العلماء المسلمين التي أسسها الشيخ ابن باديس.

ـ إغلاق مدارس جمعية العلماء.
ـ ملاحقة المعلمين في هذه المدارس ومنعهم من دخول المساجد الرسمية لإلقاء الدروس والوعظ.
ـ فرضت فرنسا على كل معلم في التعليم الحر إصدار رخصة وإلا تعرض للغرامة والسجن، ولقد حوكم العديد من المعلمين وأدخلوا السجون.
ـ مصادرة الجرائد التي كان يصدرها وكذا جرائد الجمعية.
ـ محاولة قتل الشيخ الحبيباتني ، لاتهام الشيخ بذلك ليتسنى لهم إلقاء القبض على الشيخ ابن باديس ، وتشويه صورة علماء الجمعية.
ـ تشويه صورة علماء الجمعية في 1936 من خلال قتل مفتى الجزائر.

ب ) ـ مشايخ الطرق:

ـ قرر العلويين الفتك بالشيخ العلامة ابن باديس ، فعقدوا اجتماع في مستغانم واتفقوا فيه أن يغتالوا الشيخ المصلح في مساء 9 جمادي 1341 هـ، فأرسلوا من ترصد له فضربه بهراوة وأصابه بضربتين على رأسه وصدغه فشج رأسه وأدماه وكاد أن يضربه بخنجر لولا عناية الله (إمام الجزائر صفحة 40).
ـ سلاح السب والشتم من خلال جريدة البلاغ للشيخ ابن عليوة وجريدة المعيار.
ـ التشويش وإثارة الفتن بين العلماء والقيام بإنشاء جمعية " السنّة " لمضادة جمعية العلماء المسلمين .



منقول



المراجع :
ـ الحركة الإصلاحية في الفكر الإسلامي المعاصر ( الكتاب الثالث ) محمد طهاري، دار الأمة الطبعة 1999/1.
ـ إمام الجزائر ، د. عبد القادر فضيل ومحمد الصالح رمضان، دار الأمة بدون تاريخ طبع.
ـ من أعلام الإصلاح في الجزائر ( الجزء الأول ) محمد الحسن فضلاء ، دار هومه بدون تاريخ طبع
−ـ‗ღ ღ‗ـ−


أمــي : گوني رآضيـة عنـي ، فـ حلمي تحـت قدميگ


−ـ‗ღ ღ‗ـ−
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-01-2009
  • الدولة : Kingdom oV angels
  • المشاركات : 4,187
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • أطياف ملائكية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أطياف ملائكية
أطياف ملائكية
شروقي
رد: عبد الحميد بن باديس : رائد النهضة الجزائرية
30-04-2009, 08:47 AM
ابن باديس و جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.. تحرير وتنوير

احتفلت فرنسا بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر سنة (1349هـ= 1930م)، ودعيت الدنيا كلها لحضور هذا الاحتفال، وكانت احتفالات صاخبة أنفق الفرنسيون عليها ما يربو على 80 مليونا من الفرنكات، وعمدوا في هذه المناسبة إلى استعراض جيوشهم على النحو الذي دخلت فيه جيوش الكونت "دي بورمونت" مدينة الجزائر من حيث اللباس والزينة، والعدة والعتاد، والموسيقى والأناشيد.
وكانت هذه الاحتفالات التي استمرت 6 أشهر تمثل روح الاستعلاء للمحتل الفرنسي، وتعبر عن خلق العجب والخيلاء بما فعل؛ فهو لا يقيم وزنًا لأهل البلد المغتَصب، ولا يعتد بما بقي في أنفسهم من العزة والكرامة، وكأنما أقام هذه الاحتفالات ليصلي صلاة الجنازة على الإسلام والعربية في الجزائر، بعد أن اطمأن إلى نجاح سياسته عبر قرن من الزمان في طمس هوية الجزائر وهدم عقيدتها وإماتة روح الجهاد فيها، ولم يكن يدري هذا المحتل الغاصب أنه أوقد بما فعل في النفوس مكامن العزة والكرامة، وأثار في القلوب الكرامة والحمية، وشحذ همة جمع من علماء الإسلام وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فتنادوا إلى إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر وتوقظ النائمين والغافلين، وجعلوا لها شعارًا يعبر عن اتجاههم ومقاصدهم، هو: "الإسلام ديننا.. والعربية لغتنا.. والجزائر وطننا".
بواكير الإصلاح
عشية الحرب العالمية الأولى غادر الجزائر جماعة من العلماء الشبان إلى تونس والمغرب والحجاز ومصر والشام؛ بغية الحصول على الثقافة العربية والإسلامية حيث معاهد العلم الكبرى، بعد أن جفت منابع العلم الأصيلة في الجزائر بفعل المحتل الفرنسي الغاصب، وقد شملت موجة المهاجرين الشبان: عبد الحميد بن باديس، والبشير الإبراهيمي، والطيب العقبي، وقد تأثرت هذه المجموعة بالأفكار الإصلاحية التي قادها محمد عبده ومحمد رشيد رضا، وبعد عودتهم إلى الجزائر عملوا على نشر الوعي وإيقاظ النائمين، عبر الصحافة والمدارس وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات، وكانت تراودهم فكرة إنشاء منظمة تجمع صفوفهم وتوحد جهودهم، وتكون منبرًا لأفكارهم الإصلاحية، وجاءت احتفالات فرنسا المستفزة في الجزائر لتحيل آمالهم إلى واقع ملموس.




إنشاء الجمعية
ونتيجة جهود عبد الحميد بن باديس تكونت الجمعية وظهرت للوجود في (16 من ذي الحجة 1350هـ= 5 من مايو 1931م) وتشكّل مجلس إدارتها من 13 عضوًا من علماء الجزائر، واختير من بينهم ابن باديس لرئاسة الجمعية والبشير الإبراهيمي نائبًا له.
ولخص رئيس الجمعية مبادئها في العروبة والإسلام والعلم والفضيلة، وقال: إن هذه المبادئ هي أركان جمعية العلماء التي تحفظ على الجزائريين جنسيتهم وقوميتهم.
وحددت الجمعية الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها وتشمل: "تطهير الإسلام من البدع والخرافات، وإيقاد شعلة الحماسة في القلوب بعد أن بذل الاحتلال جهده في إطفائها حتى تنهار مقاومة الجزائريين، وإحياء الثقافة العربية ونشرها بعد أن عمل المستعمر على وأدها، والعمل من أجل حصول الجزائر على استقلالها وضمها إلى الأسرة العربية، والمحافظة على الشخصية الجزائرية بمقوماتها الحضارية والدينية والتاريخية، ومقاومة سياسة الاحتلال الرامية إلى القضاء عليها".

وسائل نضال الجمعية

اعتمدت الجمعية في نشر أهدافها ومبادئها على وسائل متعددة، شملت المسجد والمدرسة والنادي والصحافة، فالمسجد كان للوعظ والإرشاد بطريقة جديدة تعين على فهم الدين ودوره في الحياة، والمدرسة كانت لتربية النشء الجديد وتخريج أجيال جديدة متسلحة بالثقافة العربية الإسلامية، والنادي كان للتوعية والتوجيه الوطني بالخطب والمحاضرات والمسرحيات والأناشيد والصحافة لنشر المبادئ والأهداف والدعوة إلى اليقظة والدفاع عن الجمعية ضد خصومها. بالإضافة إلى وسائل أخرى كانت تُستخدم حسب المناسبة، مثل الاحتجاج والمقابلات وإرسال الوفود، والرحلات، والمشاركة في التجمعات العامة.
وقامت الجمعية بمشروعاتها الإصلاحية معتمدة على اشتراكات أعضائها، بالإضافة إلى اكتتاب الأمة الجزائرية في المشروعات التي تخطط وتدعو لها، مثل مشروع معهد عبد الحميد بن باديس، حيث اكتتبت الأمة لشراء دار للمعهد في مدينة قسنطينة، وبهذه الطريقة تمكنت الجمعية من تدبير مواردها المالية التي تلزم لتنفيذ أفكارها الخاصة التي تهدف إلى المحافظة على صبغة الجزائر العربية الإسلامية. وتقاسم رؤساء الجمعية وزعماؤها العمل، فتكفل ابن باديس بقسنطينة، فكان يقوم هو ومعاونوه بنشر العلم وإرشاد المسلمين إلى مبادئ دينهم الصحيحة ومحاربة البدع والخرافات والآفات الاجتماعية عن طريق الوعظ والإرشاد التي كانت تقوم بها المراكز الدينية التابعة للجمعية. وكان ابن باديس يقوم أيضًا بالإشراف على تكوين الجمعيات المحلية التي تقوم بإنشاء المدارس، وجمع الأموال اللازمة للإنفاق عليها وإمدادها بالكتب والوعاظ.
وتولى البشير الإبراهيمي الإشراف على نشاط الجمعية في غرب الجزائر متخذًا من تلمسان مركزًا لعمله وجهوده. وتولى الطيب ألعقبي المهمة نفسها في مدينة الجزائر، وكان هناك تنسيق بين القادة الثلاثة وأعضاء الجمعية وفروعها وأنصارها في مختلف أنحاء الجزائر.
جهود الجمعية في التعليم
تمكنت الجمعية في السنوات التسع الأولى التي أعقبت نشأتها من تأسيس عدد من المدارس والمساجد والنوادي في أهم المدن والقرى الجزائرية التي وصلت إليها دعوتها. وامتد نشاط الجمعية إلى فرنسا حيث تقيم هناك جالية جزائرية كبيرة، تحتاج إلى عناية الجمعية واتخاذ الوسائل التي تعينها على فهم دينها وعدم الانسلاخ من عروبتها وإسلامها، وكان يقوم على هذا النشاط في فرنسا عالم نابه هو "الفضيل الورتلاني" من الشخصيات البارزة في جمعية العلماء، وكان يجيد الفرنسية واللهجات القبلية، وتمثلت جهود الفضيل ومن معه من العلماء في إلقاء المحاضرات التوجيهية ودروس الوعظ والإرشاد، وتعليم أبناء العمال الجزائريين مبادئ اللغة العربية والدين الإسلامي وتاريخ الإسلام والجزائر.
وقد تنبهت فرنسا إلى خطر ما تقوم به جمعية العلماء على سياستها في الجزائر، وخشيت من انتشار الوعي الإسلام، فعطلت المدارس، وزجت بالمدرسين في السجون، وأصدر المسئول الفرنسي عن الأمن في الجزائر في عام (1352هـ = 1933م) تعليمات مشددة بمراقبة العلماء مراقبة دقيقة، وحرّم على غير المصرح لهم من قبل الإدارة الفرنسية باعتلاء منابر المساجد. ولكي يضمن تنفيذ هذه الأوامر عيَّن نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى الذي يشرف على الشئون الإسلامية بالجزائر.
وفي فترة الحرب العالمية الثانية ضعف نشاط الجمعية بسبب خضوع البلاد للأحكام العرفية ووفاة مؤسسها ورئيسها عبد الحميد بن باديس، ونُفي خلفه في رئاسة الجمعية "البشير الإبراهيمي" إلى مدينة "آفلو" قرب منطقة الاغواط في جنوب الجزائر، فكان يقود نشاط الجمعية في المنفى من خلال الرسائل التي يتبادلها مع رفاقه من زعماء الجمعية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عاد النشاط وافرًا للجمعية فقامت بجهود واسعة في نشر رسالتها التعليمية من خلال مدارسها ومساجدها، تدعمها تبرعات الشعب الجزائري ووقوفه خلفها، حتى بلغ عدد المدارس التي أقامتها الجمعية في سنة (1368هـ = 1948م) نحو 140 مدرسة غطت معظم مدن الجزائر وقراها.
ثم تطلعت الجمعية إلى إنشاء مدارس ثانوية بعد أن كانت ترسل أبناءها لدراسة المرحلة الثانوية في تونس، فأنشأت معهد ابن باديس الثانوي سنة (1367هـ = 1947م)، وجعلت منه نواة لإنشاء 3 معاهد أخرى متى تهيأت الظروف في قسنطينة الجزائر، وتلمسان، وقد نجح هذا المعهد في جذب الطلاب، حتى بلغ عددهم في سنة (1375هـ = 1955م) 913 طالبًا، وبلغ عدد المعلمين 275 معلمًا، راعت الجمعية في اختيارهم الكفاءة وحسن الخلق، ثم تشددت في انتقائها لهم واشترطت حصول المعلمين الجدد على المؤهلات العلمية مثل شهادة التحصيل من جامع الزيتونة، وخصصت لهم 4 درجات على أساسها تصرف مرتباتهم.
ولم تتوقف جهود الجمعية على المرحلتين الابتدائية والثانوية بل قامت بإرسال بعثات تعليمية إلى المعاهد والجامعات العربية، فأرسلت 18 طالبًا، وطالبة واحدة إلى مصر والعراق وسوريا وغيرها، حتى بلغ عدد بعثاتها في سنة (1375هـ = 1955م) إلى (109) طلاب، ثم تزايد هذا العدد إلى بضع مئات بعد نجاح الثورة الجزائرية.
آثار جهود الجمعية
وقد أدت جهود الجمعية التعليمية إلى تكوين أجيال جزائرية تؤمن بعروبتها وإسلامها وتحافظ على هويتها وانتمائها إلى عالمها العربي والإسلامي، بعد أن قام المستعمر الفرنسي منذ أن وضع يده على الجزائر بالقضاء على منابع الثقافة الإسلامية وإغلاق المدارس التي كانت تضم آلاف الطلاب، ووضع قيود على فتح المدارس الجديدة وقصرها على حفظ القرآن فقط، مع عدم التعرض لتفسير آيات القرآن وبخاصة الآيات التي تدعو إلى الجهاد ومقاومة الظلم والعدوان، وعدم دراسة تاريخ الجزائر والأدب العربي.
وإلى جانب نجاح الجمعية في تعبئة الشعب الجزائري دينيًا وقوميًا كان لها الفضل في وضع فكرة الوطن الجزائري، وهو ما أقلق حكومة الاحتلال الفرنسي، وجعلها تقوم بوضع علماء الجمعية تحت المراقبة.
وكان لجهود الجمعية أثرها في صبغ جبهة التحرير الجزائرية بالصبغة الإسلامية؛ نتيجة لاستعانتها بكثير من علماء الجمعية في جلب التأييد للثورة الجزائرية على الصعيدين العربي والإسلامي، فنجحت في تحرير الجزائر و استعادة الاستقلال.


* من مصادر الدراسة:
• عمار طالبي: ابن باديس حياته وآثاره – الجزائر – 1388هـ = 1968.
• أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية (1930= 1945) – معهد البحوث والدراسات العربية – القاهرة – 1977م.
• أنور الجندي: الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة – 1385هـ = 1965م.
نبيل أحمد بلاسي: الاتجاه العربي والإسلامي ودوره في تحرير الجزائر – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1990م.
−ـ‗ღ ღ‗ـ−


أمــي : گوني رآضيـة عنـي ، فـ حلمي تحـت قدميگ


−ـ‗ღ ღ‗ـ−
التعديل الأخير تم بواسطة أطياف ملائكية ; 30-04-2009 الساعة 08:50 AM
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:11 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى