فتح مدينة القسطنطينية
17-06-2021, 11:10 AM


فتح القسطنطينية

وصل السلطان محمد الثاني إلى أسوار القسطنطينية في 2 أبريل[1]، أو 5 أبريل[2]، ويُمكن الجمع بين الروايات بأنَّ الجيش العثماني وصل أوَّلًا وضرب الحصار حول المدينة في 2 أبريل، ثم وصل السلطان محمد الثاني بنفسه في يوم 5 أبريل، وبدأ الحصار الذي وصفة المؤرِّخ الأميركي كينيث سيتون بأنَّه واحدٌ من أشهر الحصارات في التاريخ[3].

يُؤكِّد المؤرِّخ الإنجليزي العسكري ريتشارد هامبل Richard Humble أنَّ مدينة القسطنطينيَّة كانت أحصن مدينة في العالم كلِّه[4]، وكان للموقع الجغرافي المتميِّز للمدينة أثرٌ كبيرٌ في اختيارها عاصمةً لأعظم إمبراطوريَّات العالم في زمانها: الإمبراطوريَّة الرومانية؛ فالمدينة بُنيت على نتوءٍ جغرافيٍّ على شكل مثلث يبرز داخل مياه بحر مرمرة في أقصى شرق أوروبَّا، وهذا الشكل أعطاها حمايةً طبيعيَّةً من المياه في شمالها الشرقي؛ حيث يوجد خليجٌ كبيرٌ اسمه القرن الذهبي، وجنوبها الشرقي؛ حيث يوجد بحر مرمرة، وصارت ناحيتها الغربيَّة هي المتاحة للوصول إليها بريًّا، وهذه الناحية الأخيرة كانت محميَّةً بأسوارٍ قويَّةٍ يصل طولها إلى 5.7 كيلو مترات[5] (خريطة رقم 13)، وقد قدَّم لها المؤرِّخ الأميركي چون فريلي John Freely وصفًا ميسَّرًا في كتابه عن محمد الفاتح فقال: «يُمثِّل الحائط الداخلي للتحصينات خطَّ الدفاع الرئيس للمدينة، وهو بعرض خمسة أمتار عند قاعدته، ويرتفع إلى مسافة اثني عشر مترًا. الجدران محميَّة بستَّةٍ وتسعين برجًا، يتراوح ارتفاع كلِّ واحدٍ منها بين ثمانية عشر وعشرين مترًا، ومفصولة عن بعضها البعض بمسافة خمسة وخمسين مترًا.




يوجد بين الحائط الداخلي والحائط الخارجي شرفةٌ مسطَّحةٌ (Terrace)، بعرضٍ يتراوح بين خمسة عشر مترًا وعشرين، وبارتفاع خمسة أمتارٍ عن سطح الأرض، أمَّا الحائط الخارجي فيبلغ سمكه مترين، ويرتفع إلى ثمانية أمتار ونصف، ويُحْمَى كذلك بستَّة وتسعين برجًا بالتناوب في المكان مع أبراج الحائط الداخلي.

يوجد خارج الحائط الخارجي شرفةٌ أخرى تسمَّى Parateichion، وهي تُحَدُّ من الناحية الخارجيَّة بسورٍ (يُمثِّل الطبقة الثالثة من الأسوار) بارتفاع مترين، وهذا السور الأخير يفصل الأسوار الثلاثة عن خندقٍ بعمق عشرة أمتار، وعرض عشرين مترًا»[6]. ومع كلِّ هذه الحصانة إلَّا أنَّ الأسوار كانت تُعاني من نقطة ضعفٍ عند اختراق نهر لايكوس Lycus لها من الغرب إلى الشرق داخلًا المدينة، ويوجد عندها بوابة سان رومانوس St. Romanus، وهي البوابة المعروفة الآن ببوابة «توب كابي»، كما تُعرف ببوابة «المدفع»؛ لأنَّ الجيش العثماني سيضع أمامها أكبر مدافعه[7]، ويبدو أنَّ الضعف ظاهرٌ لهذه البوَّابة؛ حيث إنَّ معظم الجيوش الغازية للمدينة على مرِّ العصور كانت تغزوها من هذه المنطقة[8].

ولم يكن هذا هو الحائط الوحيد للقسطنطينيَّة، بل لها حائطان آخران بحريَّان؛ الحائط الأوَّل عند الساحل الشمالي الشرقي، أي عند القرن الذهبي، والآخر عند الساحل الجنوبي الشرقي، أي عند بحر مرمرة، ولكنهما أضعف من السور الغربي، ولذلك كان البيزنطيون يغلقون خليج القرن الذهبي بسلسلةٍ حديديَّةٍ غليظة، معلَّقة من الناحية الجنوبيَّة عند نقطةٍ قريبةٍ من بوابة إيوچينيوس Eugenios، ومن الناحية الشماليَّة عند قلعة جالاتا Castle of Galata، وإذا شدَّ البيزنطيُّون هذه السلسلة فإنَّها تُغْلِق الخليج تمامًا[9].

هذه الحصانة الكبيرة للمدينة جعلتها لا تعتمد في حمايتها على الأعداد البشرية؛ فقليل من المدافعين يمكن أن يوفر لها حمايةً منطقية، ولقد كان عدد الشعب البيزنطي كله في عام 1453م حوالي خمسين ألف مواطن معظمهم من اليونانيِّين، بالإضافة إلى قلَّةٍ من اللاجئين من جنسيَّاتٍ مختلفة[10]، وكان الجيش البيزنطي يبلغ أربعة آلاف وسبعمائة وثلاثة وسبعون يونانيًّا فقط[11]! بالإضافة إلى ألفي أجنبي من البنادقة والچنويين وغيرهم[12]، ومع ذلك فهذه القوة اليسيرة كانت -من الناحية العملية- تكفي للدفاع عن المدينة ضدَّ أكثر من مائة ألف عثماني!

أرسل السلطان محمد الثاني في يوم 5 أبريل وفدًا إلى الإمبراطور يعرض عليه تسليم المدينة في مقابل أن يعيش هو وكلُّ شعب المدينة في أمان، مع الحفاظ على كامل ممتلكاتهم، وعدم التعرُّض لهم بأيِّ صورةٍ من الأذى، بل سيتركهم يُمارسون أعمالهم الوظيفيَّة في المدينة كما كانوا يفعلون تمامًا قبل تسليمها[13]، ولكن الإمبراطور رفض هذا العرض؛ ليبدأ الحصار الذي سيستمر أربعةً وخمسين يومًا كاملًا، من يوم 6 أبريل 1453م إلى يوم 29 مايو من السنة نفسها.

وزَّع السلطان محمد الثاني جيشه على الأماكن المهمَّة في الأسوار الغربيَّة (خريطة رقم 14)، فوضع فرقة الإنكشاريَّة الاحترافيَّة، وهي أقوى فرق الجيش العثماني، وكان قوامها في هذا الحصار اثني عشر ألف مقاتل يقودهم السلطان محمد الثاني بنفسه[14]، عند أهمِّ مكانٍ حول السور، وهو بوَّابة سان رومانوس، وهي البوَّابة الأضعف في السور كلِّه، ومِنْ ثَمَّ يُتوقَّع أن يكون الضغط الرئيس على السور في هذا الموضع، وإلى اليمين من قوَّات السلطان كانت قوَّات الأناضول تحت قيادة والي الأناضول إسحاق باشا Ishak Pasha، أمَّا على يسار السلطان فكانت قوَّات الروملي تحت قيادة والي الروملي قرة چه باشا Karadja Pasha، وكان هناك قسمٌ رابعٌ يُمثِّل قوَّاتٍ احتياطيَّةً، ويقف صفًّا ثانيًا خلف قوَّات السلطان محمد الثاني[15]، وأخيرًا في شمال القرن الذهبي كانت هناك فرقةٌ أخرى من فرق الجيش العثماني تحت قيادة زاجانوس باشا Zaganos Pasha[16]، وكانت هذه الفرقة بهذه الوضعيَّة بعيدةً عن الأسوار، وبالتالي فهي على الأغلب لن تُشارك في عمليَّة الاقتحام، ويبدو من وضعها الجغرافي أنَّ مهمَّتها كانت مراقبة منطقة جالاتا القريبة؛ وذلك تحسُّبًا لأيِّ غدرٍ من أهلها الچنويِّين.




كان الجيش العثماني في حصار القسطنطينيَّة مزوَّدًا بأحدث المدفعيَّة الموجودة في زمانه، وكانت تبلغ سبعين مدفعًا[17][18]، ومع ذلك فحجم المدافع كان متفاوتًا بشكلٍ كبير، وكان أكبرها هو مدفع أوروبان العملاق، وقد وُضِع في مواجهة بوَّابة سان رومانوس إلى المقدِّمة من خيمة السلطان محمد الثاني[19].

أخيرًا ضمَّ الأسطول العثماني مائةً وستًّا وعشرين سفينةً[20]، وعلى الرغم من عدده الكبير فإنه لم يكن من الناحية التقنيَّة الحربيَّة على مستوى الأساطيل العملاقة التي تمتلكها الجمهوريَّات البحريَّة الإيطاليَّة كالبندقيَّة، أو چنوة، أو كالتي تمتلكها إسبانيا، أو فرنسا؛ لأنَّ عهد العثمانيِّين بالبحر قريب، وخبرتهم به محدودة، ولهذا كانت كلُّ السفن العثمانيَّة تُدار بالمجاديف، ولم يكن عند الدولة العثمانيَّة سفنٌ تُدار بالشراع، وهذا كان يُقلِّل من قدرتها على المناورة والقتال، وقد رسا هذا الأسطول على بعد ثلاثة كيلو مترات شمال مدينة القسطنطينيَّة عند ميناء العمودين Double Column (Diplokionion)[21]، وهو مكان ميناء بيشيكتاش Beşiktaş الآن، وهذا المكان يُوفِّر له قربًا من مدينة القسطنطينيَّة، وكانت مهمته في الأساس منع أيِّ سفن إمدادٍ نصرانية من دخول القرن الذهبي، بالإضافة إلى مراقبة أهل چنوة في ميناء جالاتا لمنعهم من مناصرة القسطنطينيَّة.

هذا هو الجيش العثماني في حصار القسطنطينيَّة، بقوَّاته البرِّيَّة، ومدافعه، وأسطوله البحري.

لم يُضَيِّع السلطان وقتًا إنَّما بدأ من فوره في قصف المدينة الحصينة، وذلك في يوم 6 أبريل، ومع أن القصف المكثف أدى إلى تصدُّع أجزاء من السور، إلا أن البيزنطيين كانوا يصلحون الأسوار أثناء الليل، ولم تكن المدافع العثمانية قادرة على القصف ليلًا ونهارًا لارتفاع حرارتها عند القصف، فهذا الذي أدى إلى طول أيام الحصار[22]! أوقف السلطان القصف من يوم 8 إلى يوم 10 أبريل، وأمر بتقريب المدافع، وكذلك بملء الخنادق المحيطة بالمدينة بالحجارة ليعطي فرصة إلى الجيش العثماني للاقتراب من الأسوار، ثم أمر في 11 أبريل باستئناف القصف، وهو القصف الذي لم يتوقَّف قط إلى يوم 29 مايو[23].

في يوم 18 أبريل لاحظ السلطان محمد الثاني حدوث تهدُّمٍ كبيرٍ في الأسوار، فأصدر أوامره بالهجوم العامِّ على الأسوار ليلًا في أوَّل محاولةٍ للجنود العثمانيِّين لاختراق الأسوار منذ بدأ الحصار[24]، وعبر الجيش الخندق من بعض أماكنه التي ألقوا فيها الحجارة والأخشاب، وصاروا تحت الأسوار، وبالقرب من الثغرات، ودارت بذلك معركةٌ شرسةٌ بين الطرفين، كما كانت هناك محاولاتٌ مضنيةٌ من العثمانيِّين لوضع سلالم على الأسوار لتسلُّقها، ولكن هذه المحاولات الأخيرة كانت تُقَابَل بإلقاء النيران اليونانيَّة التي لا تُطفأ بالماء، وإلقاء الزيت المغلي، والماء الساخن، مع الحجارة والسهام، وكلِّ ما يُمكن أن يطرد المتسلِّقين عن الأسوار.

كان البيزنطيُّون يقذفون هذه الأشياء من فوق الأسوار وهم يقفون خلف براميل مَلَئُوها بالأتربة والحجارة لتقيهم من سهام العثمانيِّين وطلقاتهم، فحاول الجنود العثمانيُّون أن يجذبوا هذه البراميل بخطاطيف طويلة لكنَّهم لم يُوَفَّقوا في ذلك.

استمرَّ القتال بين الفريقين أربع ساعات كاملة تقريبًا، وفي النهاية لم يتمكَّن العثمانيُّون من اجتياز الثغرات، وبدأت الخسائر تكثر في جيشهم، فأمر السلطان بالانسحاب[25]. فَقَدَ العثمانيُّون في هذا الهجوم حوالي مائتي جندي، بينما كانت خسائر البيزنطيِّين طفيفة[26].

وفي يوم 20 أبريل حدثت أزمة أكبر للجيش العثماني إذ استطاعت أربع سفن نصرانيَّة محمَّلة بالمؤن والرجال أن تخترق الحصار العثماني، وتدخل إلى القرن الذهبي، بل وأغرقت عددًا كبيرًا من السفن العثمانية، وليس هذا فقط، بل وقُتِل في المواجهة العسكرية عددٌ كبيرٌ من العثمانيِّين يُقَدِّره المؤرِّخ البيزنطي المعاصر فرانتزس باثني عشر ألف مقاتل[27]! ومع أنَّ هذه مبالغة إلا أنه من المؤكَّد أنَّ خسائر الأسطول العثماني كانت كبيرةً للغاية، وقد عزل السلطانُ قائدَ الأسطول سليمان بلطه أوغلو وعيَّن حمزة بك مكانه[28]، لكن هذا لم يكن كافيًا لعلاج الأمر، خاصَّةً مع هبوط معنويَّات الجيش العثماني، وارتفاع معنويَّات البيزنطيين، ولهذا كان لا بُدَّ من عملٍ كبيرٍ يُعيد الأمور إلى نصابها.

جاء هذا العمل -من فضل الله- في اليوم التالي مباشرة؛ إذ قَدَّم السلطان لقادة جيشه حيلةً عبقريَّةً يمكن أن تُحدِث تغييرًا جذريًّا في معادلة النصر، وهذه الفكرة كانت نقل بعض السفن العسكرية برًّا من بحر مرمرة إلى خليج القرن الذهبي من فوق التلال الواقعة شمال جالاتا، وبذلك يتجاوز الأسطول العثماني السلسلة الحديدية التي تغلق الخليج[29][30]! هذا النقل للسفن سيوفر فرصةً لإطلاق المدافع وتسلُّق الأسوار من الناحية الشماليَّة للقسطنطينية، بالإضافة إلى الناحية الغربيَّة المعتادة، وبذلك سيُشتَّت المدافعون بين جبهتين ممَّا قد يؤثِّر سلبًا على قدراتهم الدفاعية، هذا كله غير العامل النفسي الذي سيحبط البيزنطيين عند رؤيتهم للسفن العثمانية في داخل الخليج.

كان النقل عن طريق تمهيد الطريق البرِّيِّ، ومدِّ ألواحٍ خشبيَّةٍ على طول الطريق مع دهنها بالشحوم والزيت، ثم سحب السفن ببكراتٍ كبرى باستخدام عددٍ كبيرٍ من الثيران والرجال[31][32]. كان التحدِّي الكبير في هذه العمليَّة هو أنَّ النقل لا يتمُّ عبر طريقٍ مستوٍ؛ إنَّما عبر هضبةٍ يبلغ ارتفاعها ستُّون مترًا فوق سطح البحر[33]، وكان من التحدِّيَّات -أيضًا- أنَّ السفن المنقولة كانت كثيرةً للغاية؛ فبعضهم قدَّرها بسبعٍ وستِّين سفينة[34]، وبعضهم قدَّرها باثنتين وسبعين سفينة[35]، وكان الإعجاز الحقيقي أن يتمَّ هذا الأمر كلُّه في ليلةٍ واحدة، بعد غروب شمس يوم 21 أبريل[36]!

كانت الفكرة بديعة! وكان التنفيذ أكثر إبداعًا! ولقد وصفها المؤرِّخ البيزنطي المعاصر فرانتزس -الذي كان محاصَرًا في القسطنطينيَّة آنذاك- بقوله: «لقد كان إنجازًا إعجازيًّا، وخطَّةً رائعة»[37].

استيقظ البيزنطيُّون هذا الصباح على هذا مشهد السفن المفزع! يقول كريتوبولوس: «لقد صُدِموا من المشهد الذي يرون استحالة تحقيقه، وأُصيبوا بأعظم درجات الفزع والارتباك، ولم يُدركوا ماذا يفعلون من الآن فصاعدًا. لقد كانوا في يأسٍ ظاهر»[38]!

عادت الروح للجيش الإسلامي، وأحبط المدافعون عن المدينة، وفي غضون الأيام التالية حاولت السفن النصرانية القيام بحرق سفن العثمانيين، ولكن فشلت محاولاتهم، بل غرقت لهم عدة سفن في هذه المحاولات، وفقدوا ثمانين من البحارة مما أسهم في زيادة إصرار المسلمين على إكمال الحصار[39].

استمر الحصار والقصف على المنوال نفسه في الأيام التالية، فكانت الأسوار تتهدم أحيانًا، لكن يسرع البيزنطيون بترميمها، فلا يتمكن الجيش العثماني من الاختراق، حتى جاء يوم 7 مايو حيث رأى السلطان محمد الثاني أن التصدُّع في السور يسمح بالغزو، فقرَّر الاقتحام ليلًا قبل أن يتمكن العدو من الترميم، وكانت المقاومة شرسةً في هذه الليلة، ولم يتمكن الجيش العثماني من دخول المدينة، وكان الثمن باهظًا إذ سقط من الشهداء سبعة آلاف[40]! ومع ذلك فقد أبرز الجيش بسالةً منقطعة النظير، حتى لفت ذلك أنظار العدو نفسه.

يقول باربارو Nicolo Barbaro -وهو أحد الأطباء البنادقة المشاركين في الدفاع عن المدينة: «وعندما كان يُقْتَل أحد الأتراك كان الباقون يأتون بسرعةٍ ويسحبونه بعيدًا، غير آبهين بمدى قربهم من أسوار المدينة، وكان رجالٌ يُطلقون عليهم رصاص البنادق والسهام، مختارين في ذلك التركي الذي يحمل ابن جلدته الصريع أو الجريح، فيسقط كلاهما على الأرض ميتًا، وعندها يأتي أتراكٌ غيرهم ليسحبوا جثث رفاقهم، دون أن يخشى أحدهم الموت، بل كانوا يُفضِّلون الموت على عار ترك جثَّة رجلٍ مسلمٍ قرب الأسوار»[41]!

كرَّر الجيش محاولة الاقتحام في يوم 12 مايو، وكانت النتيجة مشابهةً للمحاولتين السابقتين؛ إذ فشل الجنود العثمانيون في اختراق التحصينات، غير أن الشهداء كانوا في هذه المرَّة عشرة آلاف جندي[42]!

كان من الواضح أنَّ الجيش العثماني يحتاج إلى ابتكار وسائل جديدة تسمح بالاقتحام، وهذا ما حدث في الأيام التالية؛ فكان من هذه الوسائل تصميم جسرٍ عائمٍ من البراميل الفارغة في خليج القرن الذهبي ليسمح بنقل الجنود والمدافع من الأسوار الشمالية، وكان منها حفر أنفاق تحت السور لإقحام الجنود العثمانيين بعيدًا عن مرمى النيران البيزنطيَّة، ومنها بناء أبراج خشبيَّة عالية على عجلات متحركة يقف فوقها الجنود ليقاتلوا العدو من مكانٍ مرتفع! لم تكن هذه جهودًا يسيرة عابرة، إنما كانت في غاية المشقة؛ فقد حفر العثمانيون أربعة عشر نفقًا كاملًا[43]، ولكنَّها اكتُشفت جميعًا ودُمِّرت، وبنوا عدَّة أبراج[44]، ولكنها أُحرِقت جميعًا، ولم يفلح الجسر العائم في نقل المدافع الثقيلة[45] فلم يتحقَّق الهدف المرجو منه! لم ييأس السلطان ولا الجيش على الرغم من كل هذه الإخفاقات، وكانوا كما قالت المؤلِّفة الأميركيَّة روث فيلدمان Ruth Feldman: «لا يوجد شيءٌ يُمكن عمله لإيقاف إصرار العثمانيِّين على التقدُّم»[46]! لقد كانت كلمةً موجزة، لكنَّها تصف بعمق مجريات الأحداث!

في يوم 26 مايو سَرَت إشاعاتٌ كبيرةٌ في الجيش العثماني أنَّ جيوش أوروبَّا الغربيَّة -وكذلك المجر- في طريقها إلى القسطنطينيَّة[47]، بل ذكر أوزتونا أنَّه جاء في هذا اليوم وفدٌ جديدٌ من المجر يؤكِّد أنَّ هذه ليست مجرَّد إشاعات، بل إنَّ جيشًا نصرانيًّا كبيرًا على وشك اجتياز الدانوب في اتِّجاه القسطنطينيَّة، وأنَّ أسطول البندقيَّة العسكري على وشك دخول مضيق الدردنيل[48]، وفي الوقت نفسه جاءت أخبار ببوادر ثورةٍ وتمرُّدٍ في الأناضول[49]، كما جاءت أخبار بتعاون إبراهيم بك أمير قرمان مع البندقيَّة، واتِّفاقهم على عملٍ مشتركٍ ضدَّ الدولة العثمانيَّة فور وصول أسطول البنادقة[50]!

كان لا بُدَّ من أخذ قرارٍ حاسمٍ وسريع. دعا السلطان محمد الثاني إلى اجتماعٍ مهمٍّ لقيادات الدولة والجيش لتحديد الخطوة القادمة للجيش[51]، ومع أن القادة انقسموا إلى فريقين: أحدهما يدفع في اتجاه إكمال المهمة والآخر يقترح الانسحاب والاكتفاء بالخسائر المتحققة، إلا أن الفريق الأكبر، وكان منه السلطان، كان يرى إكمال المهمة بقوة، ومِنْ ثَمَّ كان القرار هو الإعداد السريع لعملية هجومٍ شاملٍ تُستخدم فيها كلُّ قوَّات الجيش، وتحدَّدت أول ساعات الصباح في يوم 29 مايو لهذه العملية النهائية[52].

استمرَّ القصف بشكلٍ متواصلٍ لمدَّة ثلاثة أيامٍ لإحداث أكبر أثرٍ ممكنٍ ليُعطي الفرصة للجنود في الاقتحام، فنتج عنه تسع ثغراتٍ كاملةٍ في الأسوار لم يستطع البيزنطيُّون القيام بإصلاحها لعدم قدرتهم على الاقتراب من الأسوار من شدَّة القصف[53]، وكانت هناك فرقٌ كبيرةٌ تقوم بملء الخندق الموجود حول الأسوار بالحجارة، والأخشاب[54]! كما قُرِّبت المدافع لزيادة أثر القصف[55]، وأُحضر ألفا سُلَّم طويل بالقرب من الأسوار ليصعد عليها الجنود أثناء الاقتحام[56].

أمر السلطان أن يكون يوم الاثنين 28 مايو بكامله يوم راحةٍ لكلِّ القوَّات لتتمكن من المصابرة على الجهد الكبير المتوقع في يوم الاقتحام[57]، كذلك طلب من العلماء أن يتحركوا بين صفوف الجنود، لقراءة آيات الجهاد والتذكير برسول الله ﷺ، وفوق ذلك أمر السلطان أن يُصبح الجيش كلُّه يوم الاثنين 28 مايو صائمًا[58]، وأن يستغلُّوا وقتهم طوال اليوم في الدعاء والابتهال إلى الله، كما أمر أن يكون هناك إفطارٌ جماعيٌّ لكلِّ فرقةٍ لتقوية الرابطة بين الجنود[59]، ولم ينسَ السلطان أن يَعِدَ الجنود بمكافآتٍ سخيَّةٍ للغاية في حال النصر[60]! وأخيرًا أمر السلطان أن يُنادي الجيش بشكلٍ دائم، وبصوتٍ مرتفع، بكلمة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله[61]، فكان الأثر الذي تُحْدِثُه في أهل القسطنطينيَّة عظيمًا! يصف قسُّ جزيرة خيوس الچنوي ليوناردو Leonardo of Chios هذه الصيحات بقوله: «لو استمعتَ لأصواتهم وهي ترتفع إلى عنان السماء فإنَّ ذلك سيُصيبكَ حتمًا بالشلل»[62]!

عند منتصف الليل تمامًا؛ أي في أوَّل ساعةٍ من ساعات يوم الثلاثاء 29 مايو؛ أُطلقت قذيفة مدفع كعلامة البدء! تحوَّل الصمت الشامل الذي يلفُّ المكان إلى ضجيجٍ عنيف، وتحوَّل الظلام الدامس الذي كان يغرق فيه المعسكر العثماني إلى نورٍ ساطع! اختلطت أصوات التكبيرات والتهليل وصيحات القتال مع أصوات المدافع والبنادق ومروق السهام، مع خلفيَّة موسيقى عسكريَّة لا تهدأ، وأُضيئت المشاعل التي حوَّلت الليل إلى نهار في لحظةٍ واحدة!

لقد بدأ الجيش العثماني في تنفيذ خطَّة الاقتحام!

كان الهدف النهائي للجيش العثماني هو إقحام عددٍ من الجنود عبر الأسوار إلى داخل المدينة، ولو تحقَّق هذا فإنَّ النصر محقَّقٌ عندئذٍ؛ لأنَّ الجيش العثماني كبيرٌ جدًّا بالقياس إلى الحامية البيزنطيَّة والجنود الإيطاليِّين، وقد استخدم السلطان في هذه العمليَّة الأخيرة أسلوبين جديدين لم يستعملهما في محاولات الاختراق السابقة كان لهما أكبر الأثر في تحقيق النجاح. أمَّا الأسلوب الأوَّل فهو تنفيذ الهجوم الشامل من كلِّ الأماكن المتاحة في الأسوار، وليس من نقطةٍ واحدةٍ محدَّدةٍ كما كان يفعل من قبل، والغرض هو سحب المدافعين البيزنطيِّين والإيطاليِّين إلى نقاطٍ متعدِّدةٍ في الأسوار، وأمَّا الأسلوب الثاني فهو ترتيب الهجوم على أضعف نقاط السور في صورة موجاتٍ متتالية، وتحديدًا ثلاث موجات رئيسة، وليس واحدة فقط كما حدث في المرَّات السابقة، والهدف هو إنهاك المدافعين لكي يتم الاختراق مع الموجة الثالثة والأخيرة، والتي ستُكلَّف بها فرقة الإنكشارية، وهي أقوى فرق الجيش.

اختار السلطان أن يكون منتصف الليل هو البداية لتأخذ الموجتان الأولى والثانية مدى الليل كلِّه، ثم عند الفجر تتحرَّك الموجة الثالثة لتُقاتل كما اعتادت في أنوار الصباح، وعندها ستكون الحامية البيزنطيَّة المرهَقة قد قضت الليل كلَّه تُحارب وتُدافع، فيُصبح قتالها على الإنكشاريَّة أيسر.

حقَّقت الموجتان الأولى والثانية المراد منهما، وحدث إنهاكٌ كبيرٌ في صفوف المدافعين[63][64]، وكان وقت الفجر قد دخل، فصلَّى السلطان والجيش الصبح وامتطى جواده فورًا[65]، وبدأ تنفيذ الموجة الثالثة، والحاسمة، والأخيرة في هذا الهجوم!
كانت حركة الإنكشارية مختلفةً عن حركة الجيوش العثمانيَّة السابقة؛ لقد كانوا يتقدَّمون بهدوءٍ عجيب، وبصفوفٍ غاية في النظام، وبصيحاتٍ واثقةٍ ثابتة[66]. يصف باربارو البندقي إقبال الإنكشاريَّة بقوله: «لم تُهاجِم هذه المجموعة كالأتراك ولكن كالأسود، مع هذه الصيحات وأصوات الموسيقى التي تبدو وكأنَّها ليست من عالمنا! لقد كان صوت صياحهم يُسْمَع في الأناضول (عبر بحر مرمرة) لمسافة اثني عشر ميلًا من المعسكر. لقد كانوا جميعًا من المقاتلين الرائعين»[67]!

هجم الإنكشارية بضراوةٍ على الأسوار دون أيِّ تردُّد، وعلى الرغم من سقوط صفهم الأوَّل صريعًا فإنَّ الصفوف التالية تقدَّمت دون تردُّد[68]. ثم أراد الله أن يفتح للمجاهدين أسوار المدينة العتيدة فحدث أمران في وقتٍ متزامنٍ كان لهما الأثر في تحقيق المراد! أما الأول فهو تسلُّل مجموعةٍ من الجنود العثمانيين عبر بوابةٍ صغيرةٍ من أبواب السور، وتمكُّنهم من صعود أحد الأبراج، ورفع العلم العثماني[69]، ممَّا أدَّى إلى إحباط المدافعين، وعلوِّ همَّة المهاجمين، وأمَّا الأمر الثاني فهو إصابة أقوى القادة المدافعين عن المدينة، وهو القائد الچنوي چوستينياني! والذي لم يكن مجرَّد قائدٍ عسكري؛ إنما كان ملهمًا لغيره من الجنود، ومِنْ ثَمَّ فبانسحاب هذا القائد المصاب، انسحبت فرقة الچنويين كلها (سبعمائة مقاتل)، وخارت قوى البقية، وصار الطريق لجنود الجيش العثماني مفتوحًا إلى داخل المدينة[70]!

انهمر الجنود المسلمون بالآلاف إلى داخل المدينة، وكان هذا عند شروق الشمس مباشرةً[71]، وحدثت حالةٌ من الذعر الشديد؛ إذ انطلق الكثيرون يُنادون في الشوارع: «لقد أُخِذَت المدينة»[72]!

الله أكبر ولله الحمد! فُتِحَت القسطنطينيَّة! وتحقَّقت النبوءة العظيمة لرسول الله ﷺ!

عن أبي قبيل المعافري، قال: كُنَّا عِنْدَ عبد الله بن عمرو بن العاص، وَسُئِلَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قال: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا»[73].

فرَّ الجنود البيزنطيون في كلِّ اتجاه، وهرب الكثير من البنادقة والچنويين عبر البحر خارج المدينة، وقُتل الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر أثناء سعيه للفرار[74][75]، وبذلك انتهت المقاومة تمامًا.

بعد سقوط المقاومة بهذه الصورة اتَّجه شَعبُ القسطنطينيَّة بكامله تقريبًا إلى ميدان آيا صُوفيا للالتجاء إلى الكنيسة هناك، وانتظار قرار السلطان في أمرهم[76]، وهكذا انتهى كلُّ شيء، وسقطت إلى الأبد الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة العريقة!

دخل السلطان محمد الثاني، الذي صار يُعْرَف من هذه اللحظة بمحمد الفاتح، مدينة القسطنطينية بعد ظهيرة يوم الثلاثاء 29 مايو 1453م، الموافق للعشرين من جمادى الأولى عام 857 هجرية[77][78]، وقد اخترق محمد الفاتح المدينة من غربها إلى شرقها عبر أكبر طرقها، وهو الطريق المعروف بالميزي Mese، أو الطريق الأوسط، الذي يصل مباشرةً إلى كنيسة آيا صُوفيا في شرق المدينة[79]، فوصل إليها قبيل العصر، وكان أوَّل ما فعله هو أن ترجَّل عن جواده، ونزل على ركبتيه، ثم أخذ حفنةً من تراب الأرض ووضعها فوق رأسه تواضعًا لله عز وجل[80][81][82]!

كان الشعب البيزنطي قد تجمَّع في ميدان آيا صوفيا انتظارًا لِمَا سيفعله السلطان، فتأثَّروا من هذا المشهد المتواضع له، فاندفعوا نحوه وسجدوا عند قدميه، فقال لهم: «انهضوا.. لا تخشوا بعد هذه اللحظة على حياتكم ولا حريَّتكم»[83]، ثم أمر بأن يعودوا إلى ديارهم آمنين! ولقد لفتت هذه الرحمة أنظار المؤرِّخين، حتى قال عنها كراولي: «إنَّها رحمةٌ لم تكن متوقَّعة»[84]! ويشهد كثيرٌ من المؤرِّخين الغربيِّين على بطلان مزاعم الذين يدَّعون أن الفاتح استباح القسطنطينية عند فتحها، ومن هذه الشهادات مثلًا ما قاله المؤرِّخ الأميركي ستانفورد شو بشكلٍ صريح: «لم يتحقَّق فتح السلطان محمد الثاني للقسطنطينيَّة بشكل التدمير أو القتل كما يدَّعي الوطنيُّون اليونانيُّون حتى اليوم في محاولاتهم لرسم الترك كقومٍ همج، ولكن على العكس اتُّبِعَت سياسة زيادة السكان وتأسيس المدينة من جديد؛ لتكون مركزًا لسلطنةٍ كبيرةٍ متعدِّدة العناصر»[85].[86].



[1] Setton, Kenneth Meyer: The Papacy and the Levant (1204–1571), The American Philosophical Society, Philadelphia, USA, (Volume 2, The Fifteenth Century, 1978),, vol. 2, pp. 112-113.
[2] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول ، 1988 صفحة 1/133.
[3] Setton, 1978, vol. 2, p. 113.
[4] 533. Humble, Richard: Warfare in the Middle Ages, Mallard Press, Lomband, IL, USA, 1989, p. 164.
[5] Elliott, Simon: Empire State: How the Roman Military Built an Empire, Oxbow Books, Oxford, UK, 2017., p. 87.
[6] Freely, John: The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas, The Overlook Press, New York, 2009., p. 31.
[7] Philippides, Marios & Hanak, Walter K.: The Siege and the Fall of Constantinople in 1453: Historiography, Topography, and Military Studies, Ashgate Publishing, UK, 2011., pp. 329-330.
[8] Millingen, Alexander Van: Byzantine Constantinople, Cambridge University Press, New york, USA, 2010., p. 86-87.
[9] Bury, J. B.: A History of the Eastern Roman Empire, Cambridge University Press, New york, USA, 1912., p. 92.
[10] Nicolle, David: Constantinople 1453 The End of Byzantium, osprey publishing, Oxford, UK, 2000., p. 32.
[11] Sphrantzes, Georgios: The fall of the Byzantine Empire, Nottinghamshire County Council, Nottingham, UK, 1980., p. 97.
[12] Runciman, Steven: The Fall of Constantinople 1453, Cambridge University Press, NewYork, USA, 1965., p. 85.
[13] Kritovoulos: History of Mehmed the Conqueror, translated: Charles T. Riggs, Greenwood Press, Westport, Connecticut, USA, 1954., p. 40.
[14] Dereksen, David: The crescent and the cross: the fall of Byzantium, May 1453, Putnam, New York, USA, 1964., p. 184.
[15] Babinger, Franz: Mehmed the Conqueror and His Time, Princeton University Press, 1978., p. 86.
[16] Freely, 2009, p. 35.
[17] Skaarup, Harold: Siegecraft - No Fortress Impregnable, iUniverse, New York, USA, 2003., p. 93.
[18] Marshall, Chris: Warfare in the Medieval World, Raintree Steck-Vaughn, Austin, Tx, USA, 1999., p. 68.
[19] Babinger, 1978, p. 86.
[20] Nicolle, David: Constantinople 1453 The End of Byzantium, osprey publishing, Oxford, UK, 2000, p. 44.
[21] Feldman, Ruth Tenzer: The Fall of Constantinople, Twenty-First Century Books, Minneapolis, MN, USA, 2007., p. 87.
[22] Feldman, 2007, p. 87.
[23] Freely, 2009, p. 36.
[24] Crowley, Roger: 1453: The Holy War for Constantinople and the Clash of Islam and the West, Hyperion , New York, USA, 2005., p. 120.
[25] Roberts, Andrew: The Art of War, Quercus, London, Uk, 2008, p. 369.
[26] Freely, 2009, p. 36.
[27] Sphrantzes, Georgios: The fall of the Byzantine Empire, Nottinghamshire County Council, Nottingham, UK, 1980., p. 108.
[28] Freely, 2009, p. 36.
[29] Norwich, John Julius Viscount: A Short History of Byzantium, Vintage Books, New York, USA, 1997., p. 376.
[30] Runciman, 1965, pp. 104-105.
[31] Crowley, 2005, p. 147.
[32] Gregory, Timothy E.: A History of Byntizaum, west Sussex, Wiley- Blackwell, UK - Wiley-Blackwell, Malder, M A, USA, 2010., p. 395.
[33] Runciman, 1965, p. 104.
[34] أوزتونا، 1988 صفحة 1/134.
[35] Freely, 2009, p. 37.
[36] Mijatović, Čedomilj: Constantine, The Last Emperor of the Greeks, Sampson Low, Marston & Company, London, UK, 1892., p. 164.
[37] Sphrantzes, 1980, p. 146.
[38] Kritovoulos, 1954, p. 57.
[39] Setton, 1978, vol. 2, p. 119.
[40] Angold, Michael: The Fall of Constantinople to the Ottomans: Context and Consequences, Routledge‏, New York, USA, 2014., p. 7.
[41] باربارو، نيقولو: الفتح الإسلامي للقسطنطينية (يوميات الحصار العثماني 1453)، دراسة وترجمة وتعليق: حاتم عبد الرحمن الطحاوي، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م.صفحة 122.
[42] Mijatović, 1892, p. 181.
[43] Mijatović, 1892, p. 185.
[44] Babinger, 1978, p. 86
[45] Feldman, 2007, p. 90.
[46] Feldman, 2007, p. 92.
[47] İnalcık, Halil: Mehmed the Conqueror (1432-1481) and His Time, Speculum, The University of Chicago Press Journals, The University of Chicago, Chicago, USA, Vol. 35, No. 3, 1960., p. 411.
[48] أوزتونا، 1988 صفحة 1/136.
[49] Gregory, 2010, p. 396.
[50] أوزتونا، 1988 صفحة 1/136.
[51] Freely, 2009, p. 40.
[52] Babinger, 1978, p. 90.
[53] Crowley, 2005, p. 203.
[54] Freely, 2009, p. 41.
[55] Runciman, 1965, p. 125.
[56] Freely, 2009, p. 40.
[57] Gregory, 2010, p. 396.
[58] Setton, 1978, vol. 2, p. 123.
[59] Crowley, 2005, p. 200.
[60] Runciman, 1965, p. 125.
[61] Mijatović, 1892, p. 205.
[62] Crowley, 2005, p. 191.
[63] Freely, 2009, p. 42.
[64] Runciman, 1965, p. 135.
[65] أوزتونا، 1988 صفحة 1/137.
[66] Runciman, 1965, p. 136.
[67] باربارو، 2002 صفحة 170.
[68] Crowley, 2005, p. 212.
[69] آق كوندز، أحمد؛ وأوزتورك، سعيد: الدولة العثمانية المجهولة، وقف البحوث العثمانية، إسطنبول، 2008م.صفحة 158.
[70] Setton, 1978, vol. 2, p. 128.
[71] باربارو، 2002 صفحة 174.
[72] Feldman, 2007, p. 98.
[73] أحمد (6645)، والدارمي (486)، وقال حسين سليم أسد: إسناده قوي، والحاكم (8662)، واللفظ له، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: صحيح، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (4).
[74] Sa'd-Ud-dīn, ibn Hasanjān (called Khojah Efendi) : The Capture of Constantinople, from the Taj-ut-Tevārīkh, Translated: E.J.W. Gibb, Glasgow, Scotland, 1879., p. 30.
[75] Tursun Beg: The History of Mehmet the Conqueror, Translated: Halil İnalcık, Rhoads Murphey, Bibliotheca Islamica, Minneapolis and Chicago, USA, 1978., pp. 36-37.
[76] أوزتونا، 1988 صفحة 1/139.
[77] أوزتونا، 1988 صفحة 1/140.
[78] Feldman, 2007, p. 101.
[79] Freely, 2009, p. 45.
[80] Crowley, 2005, p. 233.
[81] Feldman, 2007, p. 101.
[82] Freely, 2009, p. 46.
[83] أوزتونا، 1988 صفحة 1/140.
[84] Crowley, 2005, p. 233.
[85] شو، ستانفورد ج.: يهود الدولة العثمانية والجمهورية التركية، ترجمة وتقديم وتعليق: الصفصافي أحمد القطوري، دار البشير للثقافة والعلوم، مصر، الطبعة الأولى، 1436هـ=2015م.صفحة 72.
[86] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 1/ 247- 261.