الدعاة الجدد ومنهج الدعوة إلى الله
05-03-2018, 04:14 PM
الدعاة الجددومنهج الدعوة إلى الله


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

نشر بعض الأعضاء الأفاضل متصفحا ذكر فيه بعض ما ورد في لقاء إعلامي بين قناة جزائرية والداعية:" الفيزازي"، وقد هالنا ما ورد فيه من مجازفات خطيرة كتحليل ما حرم الله:" الغناء"، والتهوين مما شرعه الله، والأمر بخلافه:" دعوة أحد الحليقين إلى عدم الالتحاء!!؟".
وكنت قد كتبت على الموضوع مشاركة، ثم رأيت إفرادها بالنشر: لطولها وأهميتها، فإليكموها، وبالله التوفيق:

إن بعض من يسمون ب:" الدعاة الجدد!!؟": يسيئون من حيث يظنون أنهم يحسنون!!؟، فأن تعين أحدا على التوبة كالمغنين والممثلين، فذلك شيء مطلوب دينا: وفق الضوابط الشرعية، ولكن أن تتساهل معهم وتتميع إلى حد تحليل المحرم، والتهوين من المشروع، والأمر بخلافه!!؟، فذلك الفعل يصدق عليه قول أحد الحكماء:" بنى قصرا، وهدم مصرا!!؟".
نحن لا نشكك في حسن نية:" الفيزازي وأمثاله"، ولكن ليقرؤوا وليتدبروا هذا الحديث الصحيح:
"الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك شبهات، فمن أوقع بهن، فهو قمن أن يأثم، ومن اجتنبهن، فهو أوفر لدينه، كمرتع إلى جنب حمى أوشك أن يقع فيه، ولكل ملك حمى، وحمى الله الحرام ".(السلسة الصحيحة:3361).

صحيح بأن ديننا قائم على التيسير لا التعسير، وعلى التبشير لا التنفير، لكن يخطئ كثيرون حين يظنون بأن:" التنازل في بعض المسائل الشرعية كمثل ما فعله الفيزازي: يعدا تيسيرا!!؟"، فذلك من أكبر الخطأ، لأنه فيه مخالفة للدين السمح الذي وصفه مشرعه قائلا:
[هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ].(الحج:78).
[مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ].(المائدة:6).
[يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ].(البقرة:185).
[يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا].(النساء:28).

أن أعظم مطلوب من الداعية هو: أن يتزود بالعلم الشرعي قبل أن يتصدر ويتكلم في شؤون العامة والدعوة، وذلك ليدعو إلى الله على بصيرة: اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله تعالى على لسانه:
[قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)].(سورة يوسف).

فليدع كل داعية إلى الله مخلصا له مهتديا مقتديا بنبيه: قياما بواجب هدايةالإرشادالتي قال الله تعالى عنها لنبيه عليه الصلاة والسلام:
[وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)].(سورة الشورى).
وليترك هداية التوفيق لمن يملكها، وهو الخالق الحكيم الذي قال عنها:
[ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ].(الأنعام:88).

والواجب على كل داعية: إذا استعصى عليه هداية من يحبه: أن يكل الأمر لخالقه، وليحذر: أن يدفعه حبه لمن يدعوه ويحرص على هدايته إلى أن يحل ما حرم الله، أو يهون من شأن ما شرعه!!؟، وليتأس في ذلك بالنبي عليه الصلاة والسلام الذي خاطبه ربه تعالى قائلا:
[إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)].(سورة القصص).

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى: أن يوفقنا وكل دعاة الخير إلى الدعوة على منهج المصطفى عليه الصلاة والسلام.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.