التوانسة: هبة الجزائريين جنبتنا أزمة حقيقية
04-09-2015, 11:46 PM

العائد من تونس: صالح سعودي/ إيمان زيتوني
اعترفت جهات رسمية وأمنية ومدنية تونسية بالوقفة الإيجابية والميدانية للجزائريين، من خلال توافدهم المكثف إلى الأراضي التونسية عبر مختلف المراكز الحدودية خلال شهري جويلية وأوت الأخيرين، مؤكدين أن موقف الجزائريين شكل مساندة واضحة، ما سمح بتجنيب السياحة التونسية أزمة حقيقية على خلفية المشاكل الأمنية التي مرت بها، وفي مقدمة ذلك العمليتين الإرهابيتين بمتحف الباردو، وسوسة.
وفي معاينة ميدانية قامت بها "الشروق" نهاية شهر أوت المنصرم، خلال زيارتها لعديد المدن التونسية، على غرار تونس العاصمة والمرسى وقمرت والكاف وغيرها، فقد أشاد الكثير من التونسيين (تجارا ومواطنين) بموقف السياح الجزائريين الذين توافدوا بأعداد قياسية تعد الأكبر منذ اندلاع الثورة مطلع عام 2011، ووصفه البعض بالوقفة التاريخية التي سمحت حسبهم بتجاوز جراح الأزمة الأمنية والاقتصادية، خاصة بعد حادثتي الباردو وسوسة التي زرعت الشك في عز موسم الاصطياف.

وخلال تواجدنا في وسط مدينة تونس العاصمة، مرورا على شارع بورقيبة نحو السوق الشعبي المعروف بـ"مدينة العربي" غير بعيد عن جامع الزيتونة، فقد أكد لنا التاجر حمزة بن غربال، بأن موقف الجزائريين لهذا العام لن ينسى، لأنهم أنقذوا السياحة التونسية حسب قوله من أزمة حقيقية، خاصة بعد أن عرفت تراجعا كبيرا منذ اندلاع الثورة في عام 2011، لتتأثر أكثر بعد حادثتي الباردو وسوسة، ما تسبب في انخفاض نسبة السياج الأجانب إلى 90 بالمئة، وهو ما جعل أغلب التونسيين حسب محدثنا يصابون بإحباط قبل أن تنفرج الأمور على ضوء الحضور الكبير للسياح الجزائريين، والمغتربين التونسيين، مجددا التأكيد بأن هذه الوقفة جبنت السياحة التونسية متاعب بالجملة، وهو نفس الكلام الذي ذهب إليه التاجر نعيم الشماخي الذي وصف حضور الجزائريين في تونس هذا العام الأكبر من نوعه منذ اندلاع الثورة في تونس، مؤكدا أن قدومهم بهذا العدد يشكل تضامنا مطلقا مع إخوانهم التونسيين .

إلى ذلك، عمد بعض السياح الجزائريين إلى تسجيل تواجدهم بأعداد معتبرة والحجز في المناطق التي تعرضت لعمليات إرهابية، بما في ذلك منطقة القنطاري بسوسة، وكذا متحف الباردو، وبقية المدن والمناطق السياحية التونسية المعروفة، على غرار الحمامات وقرطاج والمرسى وطبرقة والكاف وقمرت وغيرها، وهو الأمر الذي فسره البعض على أن الجزائريين لم تؤثر فيهم مخلفات الأخبار المنتشرة بخصوص عدم استتباب الأمن في تونس، وحرصهم في نفس الوقت على رفع التحدي لإنجاح رحلاتهم السياحية إلى مختلف المدن التونسية.

ومن الجوانب التي وقف عليها الكثير من الجزائريين، هو أن كل مواطن تونسي تحول إلى مرشد سياحي بالفطرة، ولا يتوانى في مساعدة كل من يتقدم منه طلبا للمشورة أو التوجيه، كما أن الجهات الأمنية وأعوان الجمارك التونسية كانوا أكثر تواصلا وقربا من الجزائريين، من خلال جس النبض حول مدى إعجابهم بزيارة تونس، ودعوتهم الضمنية إلى العودة مستقبلا، وهو ما وقفنا عليه في المعبر الحدودي على مستوى أولاد مومن عبر ولاية سوق أهراس، وهي المواصفات التي يجب أن يأخذها الجزائريون مستقبلا بعين الاعتبار.

وعلاوة على الحضور الكبير للسياح الجزائريين، فإن أغلب الفرق الرياضية الجزائرية الناشطة في الرابطة المحترفة الأولى والثانية وحتى في قسم الهواة كانت قد أجرت تربصاتها الصيفية في المركبات الرياضية التونسية خلال فترة التحضير للموسم الكروي الجديد، وفي مقدمة ذلك مركب عين دراهم وحمام بورقيبة وفي تونس العاصمة، حيث فاق عددهم 20 فريقا، علاوة على تحول بعض الأندية إلى بلدان المغرب وتركيا وبولونيا والبرتغال واسبانيا وغيرها.

ومعلوم أن الديوان الوطني للسياحة التونسي بالجزائر قد قام طيلة أوت المنصرم، بحملة ترويجية لاختيار الوجهة التونسية، وتشجيع السياح الجزائريين الذين اختاروا تونس لقضاء عطلتهم السنوية من خلال تقديم هدايا رمزية لهؤلاء السياح عبر مطاري العاصمة ووهران، في إطار مراهنة الهيئات التونسية على رفع عدد السياح الجزائريين إلى أكثر من مليون ونصف المليون سائح.



سفير تونس يشكر الجزائريين على انعاش السياحة ويؤكد:

زرت الحمامات ونابل وسوسة فأحسست أني في الجزائر

تأسف السفير التونسي بالجزائر فرشيشي عبد المجيد، فيما يخص الوضع السياحي الحالي في تونس، ليوضح أن الهدف لم يكن السياحة فقط، فهناك أطراف تسعى لزعزعة، الاستقرار، الاقتصاد والأمن التونسي، مؤكدا أن الشعب التونسي كان ومايزال يدا واحدة لمواجهة هذه الظروف الصعبة، ولم يفوت الفرصة لينوه بعمق ومتانة العلاقات التاريخية بين تونس والجزائر، وبمساندة الشعب الجزائري للشعب التونسي، بدليل -يقول- "زرت مؤخرا بعض المناطق السياحية في تونس كالحمامات وسوسة ونابل، أحسست كأنني لم أغادر الجزائر، بحكم تواجد السياح الجزائريين الذين هبوا إلى تونس، وهذا يدل على متانة الروابط بين البلدين، والتي هي متواصلة وستتجذر أكثر فأكثر، رغم محاولة بعض الأطراف زعزعتها".

وفيما يخص مشاركة تونس في التظاهرة الثقافية بقسنطينة، فإن السفير اعتبرها واجب أخوي، وهي موعد من المواعيد التي ماانفك التاريخ يهيئها ما بين البلدين والشعبين، منذ هبة "ماسينيسا" من "سيرتا"، ليخوض المعارك العظيمة مع "قرطاج"، و"حنبعل"، في مواجهة "روما"، منوها في سياق ذي صلة بمواقف الجزائر مع تونس في ظل إرادة راسخة للقيادة السياسية في كلا البلدين، ويبقى الهدف هو تعزيز أواصر الأخوة والتعاون إيمانا بأن المصير واحد مثلما كان الماضي والحاضر "ونحن من خلال مشاركتنا، نسعى لتعزيز علاقاتنا، وهي متميزة في كل المجالات، فهناك تمازج حضارات ما بين البلدين، وقواسم مشتركة تجعلنا نمضي قدما ونعمل على تعزيزها دائما".