184 ألف مليار لضمان السلم الاجتماعي ومواصلة "السوسيال"
20-09-2015, 09:34 PM

سميرة بلعمري
رئيسة تحرير جريدة الشروق اليومي
رفعت الحكومة من التخصيصات المالية، الموجهة للتحويلات الاجتماعية للسنة القادمة أو ما يعرف بميزانية الدعم الإجتماعي و في الأوساط الشعبية "السوسيال" بـ.5 7 بالمائة، حيث رصدت ما مقداره 1840 مليار دينار وبزيادة 128.78 مليار دينار مقارنة بقانون المالية التكميلي أي ما يمثل 1.28 مليار دولار، وذلك للحفاظ على السلم الاجتماعي، في وقت أبقت على ميزانية التجهيز عند مستويات تؤكد أن خيار "التقشف" خارج مجال اهتمام الجهاز التنفيذي السنة المقبلة رغم خفضها بنسبة 16 بالمائة.
أظهرت المعطيات والتخصيصات المالية في شقيها المتعلقين بميزانيتي التسيير والتجهيز، أن الحكومة متمسكة بسياسة الدعم الاجتماعي و"السوسيال"، ورغم المعطيات التي تؤكد شح الموارد المالية، إلا أن خيار شراء السلم الاجتماعي مازال قائما، ويبدو أنه غير قابل لا للتفاوض ولا المساومة، فوزارة المالية التي تؤكد أرقامها أن الجزائر فقدت نصف مداخلها، رصدت 1840 .5 مليار دينار لتغطية سياسة الدعم الاجتماعي، هذا المبلغ الذي يمثل قرابة 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام يؤكد أن خيار التقشف خارج مجال اهتمام الجهاز التنفيذي والسلم الاجتماعي يشكل أولوية لا تنافسها أي أولوية أخرى.

ففي وقت كان ينتظر من الجهاز التنفيذي أن يتجه نحو شد الأحزمة والتقشف، رفعت وزارة المالية من المخصصات المالية الموجهة للدعم الاجتماعي، وبعد أن كانت تشكل نسبة 19.9 بالمائة ضمن ميزانية الدولة التي حددها قانون المالية التكميلي للسنة الجارية من المرتقب أن تقفز عند نسبة 23.1 ضمن ميزانية السنة القادمة، هذه التخصيصات التي ستجعل كل ماله علاقة مباشرة بدعم القدرة الشرائية للمواطن أو "السوسيال" في منآى من الأزمة البترولية التي تعيشها البلاد.

وحسب مضمون وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2016 التي تحوز الشروق نسخة منه، والذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها الأسبوع الماضي، بعد أن أدرجت وزارة المالية بعض التعديلات عليه، فرفع التخصيصات المالية الموجهة للتحويلات الاجتماعية مردها رفع قيمة الدعم الموجه لقطاعي الصحة والسكن وكذا دعم العائلات، فدعم قطاع السكن الذي يعد بمثابة صمام أمان المجتمع، ارتفع إلى 471.3 مليار دينار، وهو ما يمثل 38 بالمائة من إجمالي التحويلات الاجتماعية للسنة القادمة، وهو الذي كان يمثل 25.6 من إجمالي التحويلات الاجتماعية.

أما الغلاف المالي الموجه لدعم أسعار السلع القمح والحليب والسكر والزيت الغذائي فمقداره 224.5 مليار دينار، ويمثل 50 بالمائة من الدعم الموجه للعائلات والذي يبلغ إجماله 443.6 مليار دولار، ورغم تراجع نسبة هذه الأخيرة بـ 2.2 بالمائة، إلا أنه يبقى رقم هام جدا ضمن إجمالي التحويلات الاجتماعية.

أموال الدعم الاجتماعي المرصودة للسنة القادمة، تفتح باب التساؤل حول توجهات الحكومة، وميلها نحو ترشيد النفقات والابتعاد كلية عن التقشف، وبرأي العارفين للشأن الاقتصادي، فإن مؤشر الدعم المباشر أو الدعم الضمني غير المصرح به ضمن الميزانية، وهو الدعم المتعلق بالإعفاءات الجبائية، وذالك الموجه لتيسير القروض المتعلقة بمشاريع الشباب والسكن وغيرها والتي كلفت الحكومة عند إقفال السنة المالية الماضية 2560.8 مليار منها 1386 مليار دينار للكهرباء والغاز والوقود، تؤكدا تمسك الحكومة بشراء السلم الاجتماعي.

مؤشر الحفاظ على التحويلات الاجتماعية عند نسبة تشكل عشر ميزانية الدولة، يضاف إليه مؤشر آخر يتعلق بالإبقاء على ميزانية التجهيز عند مستوى 3176 مليار دينار، ورغم خفضها بنحو 16 بالمائة، تؤكد أن التقشف خارج اهتمام الحكومة، فهذا الخيار يعد العدو رقم واحد لسياسة الدعم الاجتماعي وكذا سياسة التمويل العمومي للمشاريع أو ما يعرف بالإنعاش الاقتصادي الذي يبدو من مضمون مشروع قانون المالية للسنة القادمة أنه مستمر.

وبالعودة الى الرسوم والضرائب الجديدة التي تضمنها مشروع القانون، والمتعلقة برفع قيمة الرسم على القيمة المضافة بالنسبة للمواد النفطية وتسعيرة الكهرباء والماء، عند تجاوز نسبة معينة من الإستهلاك فتجعل الزيادة "مشروطة" في انتظار ما ستسفر عليه عملية المصادقة على مشروع القانون في مجلس الوزراء قبل إحالته على النقاش في المجلس الشعبي الوطني.