تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى الأدب > منتدى القصة القصيرة

> زمن أهمل فيه الماضي وانمحت من ساحته الآفاق

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد 07
محمد 07
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-08-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 800
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد 07 is on a distinguished road
الصورة الرمزية محمد 07
محمد 07
عضو متميز
زمن أهمل فيه الماضي وانمحت من ساحته الآفاق
26-12-2010, 05:53 PM


لما يبزغ النور مع الفجر، فيكسر شعاع الشمس ويوقظ بطلته الهمم ويحطم معالم الصمت، ترى الصالح يحمله حقيبة معداته و سترته، إنه وقت خروجه من المنزل وعليه أن يكون بين رفاقه العاملين في معمل النسيج في الوقت المحدد، ويوزع كعادته تلك البسمة الباردة التي صارت جزءا من ملامحه فقد علمته الحياة أن يبتسم كأبسط حق عليه لغيره ،بسمة لا تفارقه إلا عندما ينظر في عيون الآخرين ويرى على وجوههم الممتلئة ببسمات طبيعية مشرقة.. وهم يسترقون بعض الدقائق للعبث و الدردشة في أمور سخيفة تافهة مقارنة بالمطلوب من كل واحد، ما يزيد قلبه المحطم وجعا، فيعود لينهمك في عمله مقطب الجبين مستاء من زمن صار فيه للعبث نكهة وللخيانة شهرة ،ما يُجبر العاقل على السكوت و التأمل.
يمر اليوم على مهل دقائقه ساعات في اعتبار ذاك الرجل الواقف أمام آلة النسيج محملا بنكهة العمل صانعا الابتسامة رغم الكآبة التي تغزوه من حين لآخر قبل أن بلفظها قلبه المحطم.
أجل، لا غرابة أن يخفي المرء مشاعره في ساحة خلت من فن السعادة، ولا عجب أن يصير للزمن الماضي الذي كنا نكرهه أو نعتقد أو نوهم أنفسنا عبثا بأننا نكره أثرا ،عندما تعاودنا الذكرى ، .. لذلك يجد ذاك الرجل الكئيب صعوبة في معايشة هؤلاء القوم الذين يحيطون به في مكان عمله المليء بالتناقضات، "الضجيج المختلف، رنات الهواتف، دوي المحركات وأزيز الآلات، وسيل من الصراخ والتعليمات و ضحكات تعلو من حين لآخر في الزوايا هنا و هناك" وجو مشحون بالتشنجات.
رغم ذلك استمر عمله اليومي بتواتر وتواصل سنين في تلك القاعة الصاخبة المزدحمة إلى أن صار لا يطيق الأمر على ما هو عليه، وأصبح يغتنم كل فرصة تتاح له من أجل الهروب نحو الغابة المطلة على السد حيث الخضرة ولطافة الجو و اسراب الطيور والفراشات، بحثا على الهدوء و السكينة ورغبة في تعويض ما حرم منه عياله، ويعلل النفس بالأمل وهو يسترجع الذكريات مع من شاركته متاعب صموده ومراحل كفاحه، واعتنت بتربية أبنائه.. لكنها رحلة طالما ذكرته بالكثير مما لا يستطيع قلبه الكسير تحمله بعد أن قطع كل هذا الشوط المؤلم المليء بالهموم المسلح بالصبر.
وذات يوم جلس كعادته وفسح المجال للعب أولاده، أقبل عليه رجل أضاء الشيب مفرقه ،دنا منه وحياه مبتسما، فرد عليه التحية وسأله هل لك عندي طلب ؟؟ أبتسم الرجل وقال: لا يا صالح، ليس لي طلبا وإنما لم أرك منذ الصبا ففرحت اليوم بلقائك، أنا فلان ...ألا تتذكرني ؟ نهض الصالح وصافحه من جديد وجلسا في حوار حميمي، قال الرجل لصالح: أنسيت صداقة فتوتنا ؟: ابتسم الصالح كعادته متكتما على ما بداخله وقال:
كيف أنسى نعمة الصداقة التي أنعم ربنا عز وجل علينا بها، فهي الوجه غير المرئي للحب، تجمع بين الناس لغير غرض إلا الود والمحبة ،ولكن هل مازال في زماننا هذا صداقه حقيقيه ؟ نحن في زمن صار فيه كل شيء بثمن، زمن غاب فيه التكافل الاجتماعي و المشاركة الوجدانية ،زمن أهمل فيه الماضي وانمحت من ساحته الآفاق، قضيت جل عمري أجهد نفسي بالعمل، أحاول نسيان مجريات الواقع وتناقضاته، لكن دون جدوى ، إن ضمير المعمورة لا يهتز، عندما بتألم الضعيف فوجعه لم يعر له‌ اهتمام، وجع انساني ينحره‌ الظلم ويزهقه‌ الباطل، والحق مجرد حلم، فأنجع دواء لجراح النفس هو التأسي بالزمن...تأسف الصديق وقال: يبدو أني اثرت أحزانك فمعذرة أيها الصديق.. معذرة...
تنهد الصالح وقال: أحزاني لم تنم يوما ولم تخب نار جدوتها منذ استشهاد والدي، فليس بالسهل على ابن العاشرة يشهد وفاة أبيه، ويرى جسمه وقد قطعته شظايا قنابل العدو في حرب فرضت علينا في ديارنا، استعمار غاشم بأسلحته الفتاكة ،ذلك المشهد المريع جثمان تشيعه كوكبة شبانيه ليلا بشعار الله أكبر...يحيا الوطن، والدي هو بطلي وهو رفعة رأسي ،افتقده‌ دائما، وازداد حبي للوطن حين أدركت أن فداءه ‌بروحه ‌للوطن يعني أن هذا الوطن يستحق ما أصابني من ألم من اجله‌، من آلام فاستمرت رحلة عشقي لهذا الوطن منذ ،ذلك اليوم، وبدلت قصارى جهدي طول عمري في سبيل خيره. لم يدرك جروح الوجع إلا أمثالي، وظلت ‌الحسرات محبوسة بدواخلنا، كنت عبوسا لا أتذوق كل شيء غريب، واحتفظت بالغموض والشعور بالإحباط،، ذكرى الشهيد عابرة، وابنه مهمشا، بينما تهتز الحشود لموت سافل وتتضامن الآلاف مع ابن خائن.
عندها قال الصديق: هل هذا شعور بانك تنتمي لأمة ضالة منكسرة؟ ..
أكيد أنه تأثير ما مررت به ‌وما مر به‌ وطني. إن أهم شيء يمتلكه ‌الإنسان هو الوطن،
نعم...أنت على حق، والقصة لا يمكن إدراك تفاصيلها في هذه العجالة أليس كذلك ؟.. لكن سردها لا يشعرني بالحرج رغم أني أراها مكتوبة بشكل سيئ ،فالأحرف تبدو... عرجاء، تتصرف بطريقة لا يمكنها تقديم الفكرة عن أسباب تلك الوقائع بصراحة . ولكن، من أين تدخل السعادة قلبي وأنا غريب في دياره يتحكم في حاجاته اعداؤه، اراه‌ ينحر أمامي بأيدي مرتدين عن قيم شعبه متخاذلين في صيانة عزته، لقد عايشت الثورة وعرفت الثوار، وعشت أيام محنة الجزائر، و منذ ثمان وأربعين عاما آمل أن يتجه وطني نحو الأفضل، لكن ها نحن اليوم أمام وضع ضيع كل الآمال، أليس هذا كاف لأن نقول نحن امة منکسرة ؟ لا أريد منك الجواب يا صديقي..، ولا اريد ان ازيدك هما على ما تحمله من هم... وإنما استراض لما نعانيه من المرارة، حتى تدرك أن نسمات الحرية التي هبت على الجزائر وما تم فيه من منجزات، إنما ثمرة ويلات كثيرة ، والكثير يريدون اليوم خنق تلك النسمات..
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 43,268

  • زسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    61

  • دائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the rough
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد 07
محمد 07
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-08-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 800
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد 07 is on a distinguished road
الصورة الرمزية محمد 07
محمد 07
عضو متميز
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 02:18 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى