تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية +إيمان+
+إيمان+
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 02-09-2013
  • الدولة : الأمة الإسلامية
  • المشاركات : 4,812
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • +إيمان+ has a spectacular aura about+إيمان+ has a spectacular aura about+إيمان+ has a spectacular aura about
الصورة الرمزية +إيمان+
+إيمان+
مشرفة سابقة
محاضرات حول الإشهار الكاذب أو المضلل
23-06-2014, 11:08 AM




جامعة منتوري قسنطينة
كلية الحقوق

محاضرات في الإشهار التجاري

الأستاذة بليمان يمينة


مقدمة
اإلشهار هو فن مباشرة تأثير نفسي على المستهلك يحمله على التعاقد تحقيقا
لغايات تجارية، أي يقصد من ورائه تحقيق الربح، وهو كل ما يقوم التاجر
وغيره بنشره في الصحف والسيارات في نشرات خاصة، تعلق على الجدران أو
1 توزع على الناس وكل ما يريد إعالنه ترويجا له
، وهو كذلك مجموعة من
الوسائل المستخدمة بقصد التعريف بمشروع صناعي أو تجاري أو امتداح منتوج
ما. لإلشهار دورا هام في تنمية المشروعات االقتصادية وتسويق منتجات معينة،
ويشترط فيه أن يكون إشهارا صادقا صريحا.
« l’exigence d’une publicité qui doit être loyale et véridique . »


وهو أحد أوجه االتصال التجاري أي أنه يعد من العناصر األربعة لتدخل في
السوق أو بعبارة أخرى تسويق البضائع "marketing mix" المنتوج، السعر،
التوزيع، االتصال. وعليه يجب اإلعالم عن وجود منتوج بثمن محدد، و مقداره
ووفرته في السوق، والحث على شرائه، وهذا من مهام اإلشهار األولى.
لكن لبلوغ هذا الهدف، والوصول للمشتري العادي وإغرائه، وتعديل سلوكه،
باستعمال طرق غير مباشرة ومعلومات مبالغ فيها لتأثير النفس، أو باقتناء
2 المعلومات المقدمة وهذا لتعديل أحكام المتلقين
، هذا العصر هو عصر
اإلنتاج الكبير، وكذلك عصر االستهالك الواسع الذي ال توجد له حدود، إن
بعض المجتمعات دخلت عصر االستهالك الكبير حتى قبل دخول عصر اإلنتاج
الكبير، مما أدى إلى عدم وجود توازن بين اإلنتاج واالستهالك، وهذا كان نتيجة
نقل عادات وأنماط معيشة كثيرة، تفوق العادات البسيطة لالستهالك، ألن نقل
األنماط االستهالكية من الناحية العملية، أيسر بكثير من نقل التكنولوجيات
الحديثة، وإعداد اليد العاملة الكفأ لذلك. هذا يتطلب إمكانيات جمة، وتوفير نظام
خاص، أي اجتماع ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية معينة.
اإلشهار هو من سمات العصر وله دورا هاما في دفع عجلة اإلنتاج، فالنمط
الحالي للمجتمع الصناعي واالقتصادي يستلزم وفرة المعلومات وتدفقها
وانسيابها.
- عالقة اإلشهار باالقتصاد:
حرية التجارة والصناعة تستلزم وفرة المعلومات فرغم توفر وسائل أخرى
لترويج عن البضائع والسلع والخدمات المقدمة من طرف أصحاب الشركات غير 3

أن اإلشهار يحتل الصدارة، وله دورا فعاال ال حدود له. ألن حرية اإلقناع هي
هدف اإلشهار وتمثل إحدى الحريات االقتصادية، حرية التجارة والصناعة مقيدة
باحترام حرية المنافسة " أي وجود منافسة مشروعة"، ولحمايتها وضع لها
المشرع قواعد ال يجوز خرقها، فالتطور االقتصادي أدى إلى حدوث تغييرات
عميقة في األنسجة والهياكل االقتصادية، ومن ثم فقد عرفت ظاهرة تركز رؤوس
األموال والمشروعات العمالقة القادرة على االحتكار وسحق المشروعات
المنافسة نجاحا كبيرا، مما أدى إلى صعوبة المنافسة خاصة أن هذه المشروعات
أصبحت تعتمد اإلشهار كأحد ركائز هذه المنافسة، ألنه يعد أحد األدوات
المشروعة إلثبات وجودها وتدعيم قدرتها على المنافسة.
- عالقة اإلشهار بالمستهلك:
إن مفهوم "المستهلك" من صنع المشرع األمريكي وهذا كان على يد الرئيس
األمريكي Jhon FisZhald Kennedy حين دعى مجلس الشيوخ في خطابه بتاريخ 11
مارس 1691، بضرورة تحديد و األخذ بالحقوق األربعة التي يجب أن يتمتع بها
المستهلك، حقه في اإلعالم، حقه في األمن، حقه في االختيار، حقه في أن يسمع
له و يأخذ برأيه.
اإلشهار يستمد أهميته من كونه مصدرا للمعلومات المقدمة للمستهلكين، فالحق
في التعريف بالمنتجات، حق مكتسب، فالمعرفة والعلم بالمنتجات والخدمات
أصبح من الحقوق األساسية، وهذا ما أكده قانون االستهالك 90-96،
فإن
المعرفة الناقصة أو المزيفة أو الكاذبة تحول دون حرية التمسك بالحق المكتسب
للمستهلك.
وعليه سنركز في هذه الدراسة على اإلشهار الكاذب واإلشهار المضلل وكيفية
حماية المستهلكين والتجار منه. وهذا من خالل التقسيم التالي:

المطلب األول: ونتناول فيه تعريف اإلشهار الكاذب أوالمضلل والتفرقة بينهما
المطلب الثاني: نتناول فيه الحماية المدنية من اإلشهار الكاذب أو المضلل
المطلب الثالث: ونتناول فيه بالدراسة الحماية الجنائية من اإلشهار الكاذب أو
المضلل.

المطلب األول: تعريف اإلشهار الكاذب والمضلل والتفرقة بينهما 4

إن اإلشهار يهدف إلى ترويج المبيعات أو الخدمات بقصد تحقيق الكسب
المادي. ويعرف اإلشهار بأنه مجموعة من الوسائل المستخدمة بقصد التعريف
بمشروع صناعي أو تجاري أو امتداح منتوج ما، وقد عرفه المشرع الجزائري
في المادة 0 من قانون 90.91 الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات
التجارية:
المادة 0 /ف 0: "اإلشهار هو كل إعالن يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة
إلى ترويج وبيع السلع أو الخدمات مهما كان المكان أو وسائل االتصال
5 المستعملة
"
ويشترط فيه أن يكون صادقا صريحا غير مخالف للقانون، واإلشهار الكاذب
يعرفه أغلب المشرعين بأنه نشر معلومات خاطئة، أما اإلشهار المضلل هو الذي
يؤدي إلى تغليط المستهلك سواء باستعمال الكذب أو دون استعماله، وعرفه
المشرع الجزائري في المادة 12 من قانون 90-91 – "دون اإلخالل باألحكام
التشريعية والتنظيمية األخرى المطبقة في هذا الميدان، يعتبر إشهارا غير
شرعي وممنوعا، كل إشهار تضليلي، السيما إذا كان:
1- يتضمن تصريحات أو بيانات أو تشكيالت يمكن أن تؤدي إلى التضليل
بتعريف منتوج أو خدمة أو بكميته أو وفرته أو مميزاته.
1- يتضمن عناصر يمكن أن تؤدي إلى االلتباس مع بائع آخر أو مع
منتجاته أو خدماته أو نشاطه.
0- يتعلق بعرض معين لسلع أو الخدمات في حين أن العون االقتصادي ال
يتوفر على مخزون كاف من تلك السلع أو ال يمكنه ضمان الخدمات التي يجب
تقديمها عادة، بالمقارنة مع ضخامة اإلشهار".

- الفرع األول: اإلشهار الكاذب:
القاعدة أنه ال توجد حقيقة مطلقة في اإلشهار فالكذب منتضر فيه، ما دام ال
يلحق ضرر بالمستهلك، أي ال يؤدي إلى التغليط وهذا يعني أنه ال يمكن تصور
إشهار خالي من الكذب، لكن السؤال المطروح إلى أي درجة يجب أن يصل إليها
الكذب حتى تتم المعاقبة عليه.
- تعريف الكذب:
6 الكذب لغة: هو اإلخبار عن شيء بخالف ما هو عليه في الواقع
. فالكذب هو
ادعاء أو زعم مخالف للحقيقة الهدف منه تضليل المتلقى بتزييف الحقيقة، أو
إصدار تأكيدات غير صحيحة أو غير مطابقة للحقيقة، الكذب هو عمل عمدي 5

يعطي لطرف اآلخر وصف مغاير للحقيقة، وعليه فإنه يعرف بالنسبة للحقيقة،
ألن الحقيقة هي عالقة بين المنطق والواقع، وهي ليست قطعية.
- عالقة اإلشهار بالحقيقة:
وهذا متعلق بالعالقة بين شهوات المستهلكين وملكية األشياء المعروضة التي
تتفق مع رغباتهم.
مثال: إذا كان اإلشهار يريد إبداء صالبة الشيء المعروض للبيع فإنه يستعمل
جميع الوسائل واإلغراءات إلقناع المستهلكين وحثهم على شراء هذا المنتوج
لصالبته.
- المعاقبة على الكذب المبالغ فيه: "l’impunité du mensonge hyperbolique"
إن المحاكم تأخذ بعين االعتبار الجمهور الموجه إليه هذا النوع من اإلشهار،
إن القانون ال يمنع اإلشهار الكاذب المبالغ فيه، "Hyperbolique" الذي يقدم
بصورة ساخرة، هزلية "parodie ou l’emphase" وهذا شرط أن ال تؤدي
المبالغة في البقعة الضوئية اإلشهارية " Spot publicitaire إلى تغليط المستهلكين،
وهذا ما اعتمده الفقه الفرنسي. يعتبر غير مشروع استعمال عبارات مبالغ فيها،
كاستعمال عبارة ) " األحسن في العالم"، "meilleur au monde"(، وعبارة
)"الشراء بدون مقابل"، "Achat gratuit"(، وهذا النوع من اإلشهار غير مشروع
ومعاقب عليه قانونا القانون يعاقب على الكذب الذي يمكن تقديره موضوعيا.

إن الدين واألخالق يدينان الكذب المطلق، لكن القانون ال يرتب آثارا مدنية أو
جنائية على الكذب إال بشكل جزئي، وهذا عندما يبلغ حدا يمس بالعالقات
االجتماعية أما بالنسبة لإلشهار الكاذب، يشترط أن تكون الواقعة المزعومة كاذبة
من الناحية الموضوعية، حتى نتمك من إثباتها باالستعانة بخبير إلثبات الكذب
ويجب كذلك أن يتعلق الكذب بمسائل حددها المشرع.
إذا تعلق األمر بالكم أو الوزن مثال: إذا كان اإلشهار الخاص بأحد المنتجات
يحدد فيه الوزن 199غ في حين أنه ال يزن سوى 019غ فهذا كذب يتعلق بحقيقة
موضوعية "réalité objective" ويمكن التأكد منها، أما الصعوبة فهي تتعلق بالحقيقة
النوعية أو الذاتية "réalité subjective" حيث يصعب التأكد منها، أي من صحة 6

اإلشهار وصدقه، مثال: كأن يذكر بالبقعة اإلشهارية )الومضة اإلشهارية( أن
هذا المنتوج هو األفضل على اإلطالق.
نسبية الحقيقة في اإلشهار:
يجب أن نسلم بصفتنا قانونيين أنه في مجال اإلشهار يصعب أن يكون الصدق
بالمعنى االصطالحي المفهوم من كلمة الصدق، ألنه حتى وإن كانت األوصاف
التي يقدمها على المنتوج صحيحة فهي ال تقدم إال جانب من الجوانب وهو
األفضل واألحسن مع المبالغة في ذكر هذه المحاسن باستعمال التقنيات الحديثة
لالتصال، ألنه يستحيل من الناحية الواقعية والعملية أن يذكر المعلن مزايا
وعيوب المنتوج في نفس الوقت. وهذا مخالف لقواعد اإلشهار ألن هدفه األول
هو إغراء المستهلكين.
وعليه اتفق جميع المشرعين الذين سبقونا في تنظيم هذا الميدان باعتباره من
سيمات العصر أنهم ال يطلبون من المعلن تقديم الحقيقة الموضوعية الكاملة، لكن
يشترطون فقط أن ال يقدم المعلن إشهارا كاذبا أو مضلال.
فاإلشهار يجب أن يكون صادقا في حدود الممكن انتظاره إنسانيا من المعلن ما
دام لم يلحق ضرر بالمستهلك، ألنه ال توجد حقيقة مطلقة في اإلشهار.

الفرع الثاني : اإلشهار المضلل
اإلشهار المضلل يؤدي إلى تغليط المستهلك أو من شأنه أن يؤدي إلى ذلك،
سواء باستعمال الكذب أو بدونه، عن قصد أو دون قصد حتى وإن كان بإهمال،
لكن العكس ليس صحيح، اإلشهار الكاذب la publicité mensongère يشترط فيه
وجود كذب الذي يؤدي إلى غش المستهلك،اإلشهار المضلل يوجد في نقطة تقع
بين اإلشهار الصادق واإلشهار الكاذب.
الفرق بين اإلشهار الصادق والكاذب جائز، أما الفرق بين اإلشهار الكاذب
والمضلل غير جائز، ألنه فارق في الدرجة وليس في الطبيعة.

7

- تعريف اإلشهار المضلل:
يكون اإلشهار مضلال عندما يكون له طابع تضليلي وهذا يعني أن محتواه
بطبيعته يؤدي إلى التغليط. اإلشهار المتنازع فيه قد ينزلق إلى الغش "tromperie".
:"définition de la tromperie" الغش تعريف -
ويقصد بالغش لغويا "غششه تغشيشا بمعنى غشه عن حاجته، غشا لم
يمحصه النصح وأظهر له خالفا لما عليه الحقيقة وزين له غير المصلح"، لكن
المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي لم يذكر تعريفا محددا للغش
وترك ذلك للفقه، لكن ما يستخلص من نص المادة 016 قانون العقوبات
الجزائري، الغش هو كل تغيير في الطبيعة أو الصفات الجوهرية أو التركيب أو
في النوع أو في المصدر.
تزين الغش غير المصلحة مصلحة وإظهار الشيء على خالف حقيقته، أي
إبداء الشيء للمشتري على غير طبيعته.
- تقدير التضليل:
لتقدير الطبيعة المضللة لإلشهار يجب األخذ يمعيارين، معيار ذاتي
"Subjectif" ومعيار موضوعي"objectif "

- المعيار الذاتي:
يقاس التضليل الذي يتعرض له المتلقي عند األخذ بالمعيار الذاتي بطريقة
ذاتية، يأخذ فيها بشخصية المتلقي، ويقاس هذا التضليل بطريقة مجردة عند األخذ
بمعيار موضوعي ألنه في المعيار الذاتي ينظر إلى شخصية المتلقي، وليس إلى
التضليل في حد ذاته ويتم تحديد التضليل من خالل شخص المتلقي، قد يكون ذكي
يتميز بالفطنة، وقد يكون دون ذالك، وبناءا عليه يكون اإلشهار مضلال في األولى
إذا خدع الشخص شديد الفطنة، ويعتبر كذلك في الحالة الثانية إذا كانت درجة
الذكاء واليقضة قليلة، وقد يكون المتلقى إنسان عاديا)أي مستهلك متوسط
.)"consommateur moyen" 8

وال يعد اإلشهار مضلال إال إذا كان يقع فيه عامة الناس. إن هذا المعيار يعاب
عليه أنه غير دقيق ويقتضى البحث في شخصية المتلقي، نسبة ذكائه، فطنته،
...الخ وهو أمر خفي يصعب على القاضي التأكد منه بدقة، ألنه يختلف من
شخص إلى أخر، ورغم هذا نجد بعض المحاكم الفرنسية أخذت بهذا المعيار
الذاتي inconcreto"
- المعيار الموضوعي: "in abstracto"
وفي هذا المعيار يجرد المتلقي من ظروفه الشخصية ، حيث يأخذ بالمستهلك
المتوسط الذي يمثل جمهور الناس، فال هو خارق الذكاء وال شديد اليقظة وال هو
محدود الفطنة "vulnérable" أي المستهلك الضعيف الذي يحتاج إلى حماية خاصة
وفي هذا المعيار المجرد يعفى القاضي من البحث عن ما هو كامن في النفس،
وهو معيار ال يختلف في تطبيقه من شخص إلى آخر، فالتضليل أو الخداع واحد
بالنسبة إلى جميع الناس، يستوي في ذلك أن يكون ضحية اإلشهار المضلل
شخصا ذكيا أو غبيا، وأغلبية أحكام القضاء تتبنى المعيار المجرد، حيث يضع
القاضي نفسه مكان المستهلك المتوسط، عند تحديد الطبيعة المضللة لإلشهار.
اإلشهار الذي ال يذكر بيانات كاذبة ولكنه يصاغ في عبارات تؤدي إلى خداع
الجمهور يعتبر إشهار مضلل، فالتضليل ال يقوم إال متى كان من شأن هذا
اإلعالن تضليل المستهلك العادي )المتوسط(. فاإلشهار الذي يتضمن مثال بيانات
صحيحة في ذاتها، ولكنه يعطي انطباعا إجماليا زائفا أو مخادعا يعتبر إشهارا
14 مضلال
.
مثال: أن يذكر في اإلشهار أن السجاد الشرقي المعروض للبيع في فرنسا قادم
من الجمارك، لكن السجاد مستورد من إيران، إال أنه ذكر عبارة أن هذا السجاد
قادم من الجمرك هذا يثير في ذهن المتلقي العادي أن ثمن البيع رخيص نسبيا
بحكم خضوعه لنوع
من المصادرة أو البيع في المزاد من جانب مصلحة الجمارك، وهذا غير
صحيح. دون أن يكون في استطاعة المعلن أن يزعم أنه لم يقصد إثارة هذا
االنطباع لدى المتلقي لإلشهار، وأن كل بضاعة مستوردة تمر عبر الجمرك
، ويعتبر إشهارا مضلال قيام إحدى الشركات باإلعالن عن إنتاجها من 15 حتما 9

شراب الفاكهة "boissons aux fruits" الذي يحمل عالمة تجارية لتمييزه هي
)جوكر "joker"( وهذا يوقع في الخلط بينه وبين منتج آخر عبارة عن عصير
فاكهة "jus de fruits" يحمل اسم )جوكر "joker"( وحتى يتم الخلط عمدت الشركة
إلى لصق إعالنات على وسائل النقل العام في المدن تحمل حروف اسم إنتاجها
من الشراب مكتوبا بنفس الحجم واللون ودرجة ميل الحروف الذي كتب به اسم
العصير، مع العلم أن هناك فرق بين الشراب والعصير.
حيث أن شراب الفاكهة يمثل العصير نسبة 19% منه فقط والباقي ماء على
حين أن عصير الفاكهة ال يحتوي على أي نسبة ماء مضافة، واعتبر القضاء
كذلك قيام إحدى الشركات بطرح عصير برتقال يحمل تسمية "tang" مع وضع
صورة برتقالة على العبوات في اإلشهار مما يوحي أن العصير طبيعي، وهذا
يعتبر تضليل بما أن مكونات العصير صناعية بالكامل، وال يغير شيء قيام
المعلن بكتابة المكونات التي أعطت انطباعا مغايرا للحقيقة.
وكذلك يعتبر إعالنا مضلال قيام شركة "royco" برسم صورة لنوع فاخر من
األسماك "la daurade" عند اإلعالن عن شربة سمك، في حين أن هذا النوع الفاخر
ال يدخل في مكونات الشربة، ولم يتم ذكر ذلك فوق غالف الشربة رغم هذا
اعتبره القضاء الفرنسي إعالنا مضلال.
وقد يكون اإلشهار مضلال بطريق الترك بأن يغفل عمدا أو سهوا اإلشارة إلى
بينات جوهرية في التعاقد الذي يريد حث الجمهور على إبرامه، بشكل يبرز فيه
المزايا ويتجاهل فيه بعض االلتزامات وهذا ما يجعل المتلقين ينتظرون ما لم
يقدمه المعلن بالفعل، والتضليل بطريق الترك هو كذب، ولكنه كذب سلبي، على
خالف الكذب اإليجابي الذي يتمثل في ذكرمعلومات أو بيانات أو أوصاف أو
خصائص أو وقائع غير صحيحة لكن األثر أو النتيجة واحدة في الحالتين.

الفرع الثالث : تحديد طبيعة الجريمة: détermination de l’infraction
في فرنسا إلى غاية سنة 1690 لم يكن يوجد قانون يعاقب على جريمة
اإلشهار الكاذب، لكن المشرع كان يعتبره من بين جرائم النصب والغش
والتدليس المدني ويعاقب عليه إذا اقترن الكذب باإلشهار حيث لم يكن يعرف
اإلشهار بوضعه ومفهومه الخاص وهذا باستعمال المادة 091 من قانون العقوبات
القديم المتعلقة بالنصب "l’escroquerie" والمادة 1 من قانون 1 أوت 1691 10

المتعلق بالغش فإذا ما جاء اإلشهار كاذب أو بطبيعته يدفع إلى الغلط شكل ما
اصطلح على تسميته بالجريمة االقتصادية، وأمام هذا الفراغ القانوني تدخل
المشرع ووضع قانون 91 جويلة 1690 الذي يعاقب على اإلشهار الكاذب لكن
ما يعاب على هذا القانون أنه يعاقب على:
- االدعاء الكاذب "allégations mensongères" أي يعاقب عن اإلشهار
الكاذب وال يعاقب عن اإلشهار المضلل أو الذي يؤدي إلى تضليل المتلقي دون
أن يكون فيه كذب، وهذا ما أدى إلى جعل تطبيق هذا القانون صعب وضيق جدا،
النقطة الثانية فتكمن في الركن المعنوي وضرورة توفر سوء نية المعلن، وهذا
كان عائق في تطبيق هذا النص وبعد ذلك تدخل المشرع من جديد لتعريف هذه
الجريمة بقانون 12 ديسمبر 1620 )المادة 00( الذي يدعى قانون رواي.
dit loi royer " وهذا القانون يعاقب عن اإلشهار الكاذب وكذلك المضلل.
وهذا النص مقنن حاليا في المادة 1-111 من قانون االستهالك الفرنسي.
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فإن المادة 1 من قانون 1691 هي نقل حرفي
لما أورده في المادة 016 قانون عقوبات المتعلقة بالغش والتدليس في المواد
الغذائية، هذا النص خصصه المشرع الجزائري لقمع الغش في المواد الغذائية
وليس لقمع اإلشهار الكاذب وإن اعتبرناه كذلك فهنا نجزم بأن المشرع ال يعرف
واقع اإلشهار في الجزائر. وبالتالي يمكن االستعانة بهذه النصوص ولكن دون
القول بأنه مهد للعقوبة عن اإلشهار الكاذب، وكذلك ما أورده في المواد من 0 إلى
12 من القانون المؤرخ في 1626/91/92 المتعلق بالقواعد العامة لحماية
المستهلك، وكذلك ما أورده المشرع بقانون رقم90-96المأرخ في 11 فبراير
سنة1996 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش. حيث لم يذكر اإلشهار وركز
على قمع الغش في المواد الغذائية، وكذا المادة 1 الفقرة 2 من المرسوم التنفيذي
المؤرخ في 1669/91/0 المتعلق برقابة الجودة وقمع الغش حيث اكتفى في نص
هذه المادة بتعريف اإلشهار، ولم يذكر اإلشهار الكاذب أو المضلل. ومن ثم إذا
قلنا أن المشرع الجزائري كالمشرع الفرنسي قبل سنة 1690 لم يكن يعرف
اإلشهار بمفهومه الحالي وعليه يعتبره غش تجاري وبالتالي يحد من نطاق تطبيق
جريمة اإلشهار أي أنه يمكن المعاقبة على اإلشهار الكاذب دون المضلل وهذا 11

عيب تداركه المشرع الفرنسي وال يمكننا ارتكاب نفس الخطأ، إضافة إلى ذلك
نجد أن قانون حماية المستهلك لم يتطرق لإلشهار رغم أنه هو المعنى بالدرجة
األولى لدفاع عن حقوق المستهلكين وكان باألحرى أن يجرم هذا الفعل مباشرة،
وكذلك نفس الشيء بالنسبة لقانون الممارسات التجارية حيث اكتفى بتعريف
اإلشهار المضلل .

الفرع الرابع:ضرورة خلق جريمة ذات طبيعة خاصة
ولتكوين هذه الجريمة ال بد من توفر عنصرين العنصر المادي، ويحتوي على
ثالثة شروط:
 أن يكون هناك إشهار
 أن يكون هذا اإلشهار كاذب أو بطبيعته يدفع للغلط
 أن ينصب فعل اإلشهار على أحد العناصر التي حددها المشرع في المادة
00 من قانون 12 ديسمبر 1620
العنصر المعنوي هل توفر الركن المعنوي ضروري في اإلشهار الكاذب أو
المضلل، هل هي جنحة عمدية أو غير عمدية.
- الركن المادي:
أوال: أن يكون هناك إشهار
ضرورة وجود إشهار مسبق، ويكون قد تم بثه لحساب شخص معين يدعى
"المعلن" وهذا لجلب جمهور المستهلكين، وحسب القانون الفرنسي الصادر
بتاريخ 16 ديسمبر 1626 الذي يعرف اإلشهار بأنه "كل كتابة، شكل أو صورة
موجهة إلعالم الجمهور أو لجلب انتباهه"
اإلشهار فعل ذو تأثير نفسي على الجمهور يهدف إلى تحقيق الربح وهذا ما
حاول المشرع الجزائري إبرازه في المادة 91 فقرة 2 من مرسوم 1669 المتعلق
برقابة الجودة وقمع الغش "اإلشهار جميع االقتراحات أو الدعايات أو البيانات أو
العروض أو اإلعالنات أو المنشورات أو التعليمات المعدة لترويج تسويق سلعة 12

أو خدمة بواسطة أسناد بصرية أو سمعية بصرية". أي أن اإلشهار هو عمل فني
تجاري يهدف إلى تحقيق الربح.
ثانيا : أن يكون اإلشهار كاذبا أو بطبيعته يدفع إلى الغلط
إن اإلشهار الكاذب هو الذي يتضمن بيانات غير حقيقية بشكل يعرض
المخاطبين به إلى الغلط، أما اإلشهار المضلل فهو ما يتم عرضه بطريقة ما
تؤدي إلى تضليل المخاطبين به أو المنافسين على نحو قد يلحق ضررا
بمصالحهم االقتصادية أو هو ذلك اإلشهار المتضمن معلومات تدفع المستهلك إلى
الوقوع في خلط وخداع فيما يتعلق بعناصر أو أوصاف جوهرية للمنتوج، والفرق
بين اإلشهار الكاذب من جانب، واإلشهار المضلل من جانب أخر يكمن في أن
هذا األخير ال يتضمن أي بيانات كاذبة، ولكنه يصاغ في عبارات تؤدي إلى
تضليل المتلقي، فالمعلومات الواردة فيه كاذبة بطبيعتها، لكن الدليل الذي يستخدم
في إثبات صحتها دليل مزيف، ولذلك فإن التضليل في اإلشهار الكاذب يكون
أكثر وضوحا، ويترتب على ذلك أن اإلشهار المضلل يشمل كافة صور اإلشهار
الكاذب.
ثالثا :اإلشهار الكاذب أو المضلل الواقع على عناصر محددة
الكذب أو التضليل في اإلشهار يقع على عنصر واحد أو أكثر من عناصر
المنتوج أو الخدمة محل اإلشهار بحيث يكون من شأنه دفع الجهور إلى اإلقبال
على منتجات أو خدمات لم يكن سيقبل عليها أصال. ومحل الكذب أو التضليل قد
يتصل بالمنتوج ذاته أو الخدمة ذاتها وقد يقع على عناصر خارجة أو مستقل عن
المنتوج أو الخدمة، وقد يكون الكذب أو التضليل متعلقا بذات المنتوج إذا انصب
عن وجود المنتوج أو الخدمة، أو طبيعته، أي حقيقته، أو بعبارة أخرى ذاتيته أو
مكوناته، أو نوعه، أو خصائصه الجوهرية أو فائدته ، أي النتائج الممكن
انتظارها، أو العدد أو المقدار أو الكمية أو المقياس أو الكيل أو الوزن أو األصل
أو المصدر، وقد يتعلق الكذب أو التضليل بعناصر خارجة أو مستقلة عن المنتوج
أو الخدمة، إذا انصب على الدافع للبيع، وشروطه، وثمنه وأوضاع الوفاء وكذلك
التزامات المعلن. وعليه فإن الفقه الفرنسي صنف أحكام وقرارات القضاء إلى
صنفين: 13

الصنف األول : يتعلق بالكذب الذي ينصب على العناصر الداخلية للمنتوج أو
الخدمة. الصنف الثاني: يتعلق بالكذب الذي يقع على عناصر خارجة عن تكوين
المنتوج.
- الركن المعنوي:
إن الجريمة العمدية وكقاعدة عامة يجب أن يتوفر فيها الركن المعنوي، أما
بالنسبة لإلشهار الكاذب أو اإلشهار المضلل وتطبيقا لما اخذ به الفقه والقضاء
في فرنسا نجده مر بمراحل، حيث كان يشترط توافر الركن المعنوي أي سوء
النية حتى تتم المعاقبة على اإلشهار الكاذب وبعد ذلك نظرا للمشاكل التي
اعترضت القضاء في التطبيق أصبح ال يشترط توافر سوء النية ضمن أركان
الجريمة. تطبيقا لقانون 1 جويلية 1690م، كان يعتبر سوء النية كركن أساسي
لقيام جريمة اإلشهار الكاذب، باعتبارها جريمة عمدية، أي ضرورة توافر القصد
العام، أي انصراف إرادة الجاني إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بأركانها غير
أنه بعد صدور قانون 12 ديسمبر 1620، تغير الوضع ولم يشترط في هذا
األخير سوء النية ضمن أركان الجريمة، حيث نص في المادة 00 منه وهي
نفسها التي نص عليها بعد ذلك في المادة 1-111 من قانون االستهالك، على
إلغاء اشتراط سوء النية، وبهذا أصبحت جريمة اإلشهار الكاذب جريمة غير
عمدية .
إن الفقه الفرنسي، يرى أن القضاء وإن لم يتخذ موقفا واضحا، إال أنه لم يعد
يركز كثيرا على أثر اإلشهار على المتلقي، وهذا لصعوبة إثبات الركن المعنوي
أو سوء النية، أو القصد الجنائي وفقا للقواعد العامة، غير أنه يجب أن نفرق بين
اإلشهار الكاذب واإلشهار المضلل، حيث أنه في األول يشترط لقيامه توافر فعل
الكذب، وأن ينصب على عناصر معينة وهذا يعني أن جريمة اإلشهار الكاذب ال
تقوم إال بتوفر الركن المعنوي أي سوء النية فهو إذن جريمة عمدية وقد تنزلق
إلى جريمة النصب أو الخداع.
أما اإلشهار المضلل فقد يكون نتيجة كذب أو دونه سواء، كان بإهمال أو لعدم
االحتياط، لكن الشرط األساسي هو أن يؤدي إلى تضليل المتلقي وال يشترط هنا
توافر الركن المعنوي وهذا نجده في الواقع العملي حيث أن أكثر األحكام 14

القضائية الفرنسية تقضي باإلشهار المضلل، ألنه أسهل وال يتطلب إثبات الكذب
أو الخطأ، ويأخذ فقط بأثر اإلشهار على المتلقي هل أدى إلى تغليطه أم ال.

المطلب الثاني:الحماية المدنية من اإلشهار الكاذب أو المضلل
حتى ال يبقى اإلشهار الكاذب أو المضلل حرا، دون قيد كان يجب البحث عن
وسائل قانونية للحد من آثاره السلبية ووقف التجاوزات، وهذا بهدف حماية
المستهلكين من جهة، وخلق جو مالئم لمنافسة مشروعة ونزيهة من جهة أخرى
وهذا بتوقيع جزاءات مدنية وجنائية، وكذلك إجراء نوع من الرقابة واالحتياط
الذاتي من جانب أصحاب المهنة والجهات اإلدارية.
حسب قواعد القانون المدني هناك جزاءات مدنية متعددة يمكن تطبيقها على
اإلشهار الكاذب أو المضلل وهذه الجزاءات ليست نفسها التي تطبق على كليهما،
فإذا كان اإلشهار ناتج عن إبرام عقد بين المنتج والمعلن، وكذلك إذا كان الفعل
يشكل جريمة أم ال، فهنا يكون تطبيقا للقواعد العامة للمتضرر من اإلشهار عدة
خيرات :
- يجوز طلب إبطال العقد للتدليس أو لغلط، وهذا إذا توافرت شروط كليهما،
وهنا نركز على العقد أي أن العقد شريعة المتعاقدين وفي نفس الوقت يرتب
التزامات على كليهما المادة 21 إلى 22 ق.م.ج.
 طلب التنفيذ العيني، وهذا يعني إلزام المعلن الذي قام باإلشهار بتنفيذ العقد،
فيجبر المعلن على تسليم العميل المتعاقد شيء آخر يكون محال للعقد ويكون
مطابقا لإلشهار )المادة 1120 ق م ف، المادة 190 ق م ج( .
 يمكن للعميل المتعاقد، بدال من طلب التنفيذ العيني أن يطالب بفسخ العقد،
لعدم قيام البائع المعلن بتنفيذ التزامه.
 يستطيع العميل أن يقبل المبيع غير المطابق لإلشهار في مقابل إنقاص
الثمن، إذا كانت قيمة المبيع المسلم إليه أقل من قيمة الشيء المتعاقد عليه على
النحو الذي صوره اإلشهار. 15

 وكذلك يمكن حماية المستهلكين عن طريق تحريك ضمان العيوب الخفية
المادة 026 إلى المادة 020 ق م ج.
باإلضافة إلى الحاالت الخمسة التي سبق ذكرها فإن المتضرر يبقى له
الحق في المطالبة بالتعويض إذا كان يمكن إثباته طبقا للقواعد العامة. لكن إذا
كان المتضرر من اإلشهار الكاذب أو المضلل تاجرا ، فهناك حماية توفرها
دعوى المنافسة غير المشروعة .
الفرع األول: دعوى المنافسة غير المشروعة
إن حماية التجار من اإلشهار الكاذب أو المضلل باستعمال دعوى المنافسة
الغير مشروعة، هي تجربة حديثة النشأة حتى بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي بدأ
األخذ بها ابتداء من 19 جانفي 1622، أما المشرع الجزائري فإنه نص عليها في
قانون 90-91 المطبق على الممارسات التجارية، أما قبل هذا فإنه كانت تتم
حماية التجار بمقتضى قواعد القانون الجنائي أي اعتبار اإلشهار الكاذب أو
المضلل جريمة نصب أو احتيال إذا توفرت شروطها، ألن المنافسة غير النزيهة
تلحق ضررا بالتاجر، وبناءا على هذا تم توقيع عقوبات مدنية على من يقوم
بإشهار كاذب أو مضلل، شرط أن يكون رافع الدعوى تاجرا، ودعوى المنافسة
غير المشروعة تعطي لتاجر المتضرر من اإلشهار الكاذب أو المضلل طرق
كثيرة لحماية مصالحه التجارية. حيث يمكن للمتضرر طلب وقف اإلشهار
الكاذب أو المضلل، ويمكن له كذلك أن يطلب من القاضي نشر إشهار تصحيحي
على نفقة المعلن وإن كان هذا النوع من االلتزام يكون في العقد المبرم بين المنتج
التاجر والمعلن.
ويمكن للمحكمة أن تقضي بنشر الحكم في الصحف وعلى نفقة المعلن
ويجوز لها أن تلجأ إلى الغرامات التهديدية إلجبار المحكوم عليه أو طلب
التعويض النقدي، إذا أمكن إثبات الضرر.
- شروط دعوة المنافسة غير المشروعة :
إن أساس التجارة هو الثقة واألمانة وااللتزام الدقيق بقواعد القانون، ومن ال
يلتزم بهذه القواعد يكون معرضا للمسؤولية المدنية والجزائية، والمقصود
بالمنافسة غير المشروعة هو كل فعل يخالف العادات واألصول الشريفة المعمول 16

بها، في المعامالت التجارية ويدخل في ذلك على وجه الخصوص االعتداء على
عالمات الغير أو اسمه التجاري، أو براءات االختراع التي يملك حق استثمارها
وتحريض عمال متجره على إذاعة أسراره، أو ترك العمل عنده، وكل فعل أو
ادعاء مغاير للحقيقة يكون من شأنه إحداث اللبس في المتجر أو في منتجاته أو
إضعاف الثقة في ماله، أو في القائمين على إدارته أو في منتجاته.
دعوى المنافسة غير المشروعة وبحسب طبيعتها يمكن تأسيسها على قواعد
المسؤولية التقصيرية، وعليه يجب أن تتوافر شروط قيامها بتطبيق القواعد
العامة، وهي الخطأ والضرر والعالقة السلبية.
لقيام دعوى المنافسة الغير مشروعة ال بد من وقوع الخطأ من قبل تاجر أو
متجر منافس يمارس نفس النشاط أو على األقل نشاط مشابه فإذا اختلف النشاط
ال يعد ذلك منافسة غير مشروعة وإنما يعد ضرر عادي خارج عن نطاق
المنافسة.
إن القضاء الفرنسي مر بعدة مراحل من حيث تحديد معنى الخطأ في هذا
النطاق، حيث كانت أحكام القضاء األولى تشترط أن تتوفر لدى المنافس قصد
اإلضرار وسوء النية، وهذا ما كان يطلق عليه المنافسة غير الشريفة Déloyale
. لكن ذلك كان صعب اإلثبات من الناحية العملية، أي إثبات آثار سوء النية
الظاهر، لكن القضاء الفرنسي عدل عن هذا الموقف تدريجيا واتجه إلى األخذ
بتصور موضوعي لألعمال المكونة للمنافسة غير المشروعة، حيث أصبح يأخذ
بمجرد ارتكاب الخطأ، حتى ولو كان هذا الخطأ غير عمدي ومبعثه اإلهمال أو
الجهل بحقيقة نشاط المنافس وبناء على هذا نشأت التفرقة بين أعمال المنافسة
غير الشريفة المنطوية على قصد اإلضرار بالغير، وأعمال المنافسة غير
المشروعة(illicite) التي ال يقوم فيها مثل هذا القصد.

إن حاالت البطالن تقتصر فقط على حالة المنافسة غير الشريفة، أو كما تطلق
عليها بعض القوانين بالمنافسة االحتيالية، ألن االتفاق القائم بين المعلن والناشر
للقيام بمنافسة غير مشروعة يتضمن هذا القصد. 17

فإذا كان االتفاق هو القيام بمنافسة مشروعة، فهنا نكون أمام حالة خطأ
تقصيري ناتج عن تنفيذ العقد، ليس إال وهذا ال يؤدي إال للبطالن وهذا عكس
الحال فيما لو كان القصد منصرفا إلى منافسة غير مشروعة .
وفي مجال اإلشهار المكون ألفعال المنافسة غير المشروعة فكرة الخطأ لها
أهمية نظرية أكثر منها عملية.
- صور الخطأ:
هناك اختالف كبيرة بين الفقه والقضاء في تحديد صور الخطأ وهذه الصور
على العموم هي أربعة التشويه، الخلط واللبس، االدعاءات غير المطابقة للحقيقة،
وإثارة االضطراب. هذه الصور كثيرا ما تكون أداة للمنافسة في اإلعالن، خاصة
إذا اتخذ الفعل المكون للمنافسة غير المشروعة صورة التشويه أو الخلط .
وعليه نستخلص أن تقدير الخطأ يرجع إلى القضاء ويستند في تقديره إلى
العادات التجارية للتعرف على ما يعد منافيا لمبادئ األمانة والشرف، فالخطأ
الصادر من الشخص عمل مادي يعتبر من مساءل الواقع، إال أن الوصف
القانوني للفعل المادي مكونا لركن الخطأ ألنه انحراف عن المألوف وعن سلوك
الشخص العادي ويعتبر من مسائل القانون، تقدير قيام ركن الخطأ في المسؤولية
عن أعمال المنافسة غير المشروعة، ويميز جانب من الفقه في هذا الصدد بين
حالتين فيما يتعلق بالتعويض الذي يحكم به، فهو تعويض نقدي في دعوى
المسؤولية المبنية على أساس الفعل الضار، أما في دعوى المنافسة غير
المشروعة فهناك فوق التعويض النقدي جزاءات أخرى مثل غلق المحل المنافس.
ثانيا: الضرر
الضرر قد ينشأ عن خطأ مادي أو معنوي ويتمثل في انصراف عدد من
العمالء عن التاجر، لكن ال يمكن الجزم بأن هؤالء العمالء كانوا سيستمرون في
التعامل معه لو لم تقع أعمال المنافسة غير المشروعة وعليه كانت هذه المسألة
محال لالجتهاد، ذهب بعض رجال الفقه والقضاء إلى استلزام وقوع الضرر
بتطبيق القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية، لكن هناك رأي آخر ال يستلزم
إثبات وقوع الضرر، ويقدر البعض أن القضاء وإن كان يشترط تحقيق الضرر،
إال أنه يتساهل في إثبات هذا الضرر، حيث يكتفي بأن يكون الضرر معنويا أو 18

احتماليا، فالقضاء يقوم باستخالص وقوع الضرر من قيام وقائع تؤدي إلى إحداثه
عادة. وذهب بعض الفقهاء إلى التفرقة بين حالة الحكم بالتعويض وحالة الحكم
بالجزاءات األخرى مثل مصادرة المنتجات أو تعديل العالمة التجارية أو االسم
التجاري أو نشر الحكم في الصحف أو وقف اإلشهار، حيث يشترط تحقق
الضرر في الحالة األولى ويكفى احتمال وقوعه في الحالة الثانية إذا كانت
القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية تقضي بأن يكون التعويض بقدر الضرر،
فإنه كثيرا ما يصعب تحديد الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة .
وبناء على ذلك قد يكون الحكم بالتعويض أقرب إلى الحكم بمبلغ جزافي تراه
المحكمة كافيا لجبر الضرر، فالتعويض في دعوى المنافسة غير المشروعة، ذو
طابع رمزي، ولسنا بصدد دعوى مسؤولية تقصيرية بالمعنى التقليدي والجزاء
الجوهري للمنافسة غير المشروعة هو وقف العمل غير المشروع ال التعويض
عنه.
ثالثا: العالقة السببية بين الخطأ و الضرر
وهي الربط بين الضرر المتمثل في نقص عدد العمالء والزبائن لدى
التاجر نتيجة الخطأ الذي ارتكبه التاجر المنافس، لكن السؤال المطروح على من
يقع عبء إثبات تلك العالقة. إن األحكام القضائية في فرنسا والواليات المتحدة
األمريكية ونظرا لصعوبة إثبات العالقة السببية بين الخطأ والضرر اتخذت
اتجاها مبتكرة، لكي يقتنع القاضي بوجود منافسة غير مشروعة يشترط ما يلي:
1- قيام المدعى عليه باإلعالن عن بيع بضائع معينة يقوم المدعى أصال
ببيعها
1- يثبت المدعي أحادية المصدر لهذه البضائع.
ومن التطبيقات القضائية في هذا الصدد قيام متجر متضرر باالدعاء بأنه
البائع الوحيد ألجهزة أمان ذات مميزات معينة لخزانات أسلحة نارية، وزعم
المدعى عليه كذبا أنه أنتج نفس أجهزة األمان المشار إليها بذات المواصفات بعد
أن غير شكل أجهزته لتظهر بنفس صورة أجهزة المدعي وفي دعوى اإلشهار
المضلل قررت محكمة االستئناف أن المدعي كان لديه سبب صحيح إلقامة
دعوى في إطار القانون العام ، كما الحظت المحكمة لو كان من الصحيح أن 19

المستأنف له احتكار المنتوج وبيع هذا النوع من المنتجات وأنه ليتمكن المدعى
عليه من أن يطمن المستهلك، كان عليه أن يظهر تلك البضاعة المملوكة له
وكأنها من نفس نوع بضاعة المدعي فإنه سيكون استنتاجا سليما أن المستهلك
كان يريد هذه المنتجات المملوكة للمدعي هذه المنتجات فقط دون غيرها.
لكن األحكام القضائية الحديثة لم تعد تتقيد بإثبات المنشآت المتضرر لكل من
الشرطين السابقين، ففي هذه قضية شركةECA المتخصصة في أجهزة تحكم
األمن في البترول والغازات القابلة لالشتعال بجانب قيامها ببيع مبرمجات
programmers لهذه األجهزة، حيث تميزت هذه البرمجة بسهولة تركيبها على
األجهزة وسيطرتها على معظم السوق، قامت بعد ذلك شركة Honey well
باإلشهار عن مبرمجاتها وادعت أنها أسهل في تركيبها وأنها أحسن في السوق
من منتجات شركة ECA فرفعت هذه الشركة دعوى القانون العام عن اإلشهار
المضلل وحكم لصالحها رغم عدم توافر القيدين المشار إليهما وهذا ال يعني إلقاء
عبئ اإلثبات الواقع على المدعى بل اكتفت المحاكم األمريكية بإثبات المدعي
الخسارة في المبيعات، وهذا عن طريق إثبات أسلوب إبعاد العمالء عن منشآته.
- المدعي في دعوى المنافسة غير المشروعة :
من له حق رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ، هو الشخص الذي يلحق به
التجار ضرر بطريق غير مباشر، مثال قيام منتج لزبدة صناعية أي نباتية
ويقدمها في اإلشهار بأنها زبدة طبيعية ويضع بقرة حلوب على الغالف فهو بهذه
الطريقة يجتذب عدد من عمالء المنتج لزبدة الطبيعية، ألن أسعاره سوف تكون
اقل من أسعار منتجي أو بائعي هذه المنتجات.
وكذلك في نفس الوقت سيجتذب عدد من عمالء الزبدة الصناعية الذين
سيتجهون إلى شراء ما يعتقدون انه زبدة طبيعية، وهذا على أساس الفارق في
الثمن فهنا نعترف لمنتجي وبائعي الزبدة الصناعية والزبدة الطبيعية بالحق في
رفع دعوى المنافسة غير المشروعة على أساس استخدام إشهار كاذب أو مضلل.

20

- المحكمة المختصة بالفصل في هذا النوع من الدعاوى:
إن رفع دعوى المنافسة غير المشروعة يكون أمام القضاء المدني إذا لم يكن
اإلشهار الكاذب أو المضلل يمثل جريمة، أما إذا كان اإلشهار يمثل جريمة لكن
المتضرر لم يحرك الدعوى الجنائية أو لم تقم سلطة االتهام بهذا التحريك، أما إذا
مثل اإلشهار جريمة كان على المضرور رفع دعواه أمام القضاء الجنائي وهذا
هو الوضع في القانون الفرنسي منذ صدور قانون 1 يوليو سنة 1690.
ومن دراستنا لدعوى المنافسة غير المشروعة كوسيلة للحماية من اإلشهار
الكاذب أو المضلل، يالحظ أنه ال يوجد ارتباط بين المنافسة غير المشروعة
واإلشهار الكاذب أو المضلل، ألن اإلشهار الكاذب أو المضلل يمثل حتما منافسة
غير مشروعة، إال أن العكس غير صحيح فقد تقوم منافسة غير مشروعة حتى
وإن كان اإلشهار صادقا وحقيقيا، وفي هذه الحالة األخيرة ال يكون أما التاجر
المتضرر سوى دعوى المنافسة غير المشروعة، غير أنه في الحالة األولى أي
التي يكون فيها اإلشهار كاذبا أو مضلال، هناك جريمة في القانون الفرنسي منذ
صدور قانون 1 يوليو سنة 1690 إلى جواز دعوى المنافسة غير المشروعة .
الفرع الثاني :التدليس المدني كوسيلة للحماية من اإلشهار الكاذب أو المضلل
يمكن حماية المستهلك من اإلشهار الكاذب أو المضلل و هذا استنادا إلى
القواعد العامة التي تجيز إبطال عقد التدليس إذا توفرت شروطه حسب نص
المادة 29 ق.م.ج." يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد
المتعاقدين أو من ناب عنه من الجسامة حيث لوالها لما ابرم الطرف الثاني
العقد" التي تقبلها المادة 1119 من التقنين المدني الفرنسي و المادة 1 / 111 ق.
مدني مصري .
أوال: الشروط الواجب توافرها في اإلشهار الكاذب ليكون تدليسا
حتى يكون اإلشهار الكاذب أو المضلل تدليسا ال بد من توافر الشروط التالية،
استعمال طرق احتيالية تحمل على التعاقد، نية التضليل للوصول إلى غرض غير
مشروع، وأن يكون التدليس دافعا للتعاقد. 21

استعمال طرق احتيالية: وتهدف الطرق االحتيالية في اإلشهار الكاذب أو
المضلل بتأثير على إرادة المستهلك باستعمال طرق احتيالية تحمله على التعاقد
فالكذب البسيط ال يعد تدليسا والقانون ال يحمي المستهلك من الكذب لكن من
التدلس الذي يمثله هذا الكذب رغم انه يخضع للسلطة التقديرية للقاضي ويعتبر
السكوت عن واقعة معينة تدليسا، المادة 29/ف1 ق.م.ج. هذا إذا ثبت أن المدلس
عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه المالبسة، وبناء على هذا
يعتبر الكتمان في اإلشهار تدليسا إذا اجتمعت فيه الشروط التالية :
1/أن يتعلق الكتمان بأمر خطير يكون له تأثير على إرادة المستهلك الذي
يجهله.
1/أن يتعلق الكتمان بأمر خطير يكون له تأثيرا جوهريا في إرادة المستهلك
الذي يجهله، حيث أنه لو لم يحدث هذا الكتمان لما ابرم العقد.
0/أن ال يعرف المستهلك بهذا الكتمان وال يوجد ما يدل على أنه من الممكن
أن يكون على علم بذلك.
- نية التضليل: الجانب المعنوي في التدليس هو نية التضليل لدى المعلن، فإذا
انعدمت نية التضليل ال يكون هناك تدليس، وإن كان هذا ال يمنع المستهلك من
الوقوع في غلط المادة 20 ق.م.ج، ويكون العقد عندئذ قابل للبطالن للغلط
المادتين 21-21 ق.م.ج. ال للتدليس.
ثانيا: التدليس دافعا للتعاقد
يجب أن يكون التدليس هو الدافع إلى التعاقد، وقاضي الموضوع هو الذي يبت
في ذلك، فيقيد وقع وأثر اإلشهار الكاذب أو المضلل في نفس المستهلك، حتى
يتمكن من الجزم بأن اإلشهار هو الذي دفعه إلى التعاقد، مستندا في ذلك إلى
معيار المستهلك المتوسط Le consommateur moyen .
لكن الفقه يميز عادة بين التدليس الدافع dol principal وهو التدليس الذي
سبق وتعرضنا له، والتدليس غير الدافع dol incident وهذا النوع من التدليس
ال يحمل على التعاقد وإنما يغري بقبول شروط أبهظ، لكنه ال يكون سببا في
إبطال العقد، بل يقتصر على تعويض يسترد به العاقد المخدوع ما أنفقه بسبب
هذا التدليس وفقا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية. 22

- اإلشهار المعاقب عليه وفقا لتدليس و الغلط :
إذا كان التدليس يمكن أن يوقع المستهلك ضحية اإلشهار في غلط فإنه بتطبيق
المادة 21 ق.م. ج" يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد
أن يطلب إبطاله " التي تقبلها المادة 119 من التقنين المدني المصري " إذا وقع
المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد إن كان المتعاقد األخر قد
وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه "
ووفقا للمادة 1/111 مدني مصري والمادة 21 ق.م.ج. يكون الغلط جوهريا إذا
بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا
الغلط ويعتبر الغلط جوهريا إذا وقع على األخص فيما يلي:
- إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتقاد المتعاقدين أو يجب
اعتبارها كذلك لما يحيط بالعقد من ظروف و لما يشترط في التعامل من حسن
نية.
- إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه
الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .
ورغم هذا فإن نظرية الغلط أوسع نطاق من نظرية التدليس فهناك حاالت
يكفي فيها الغلط إلبطال العقد كالغلط في الباعث أو الغلط في القيمة، وعليه يمكن
القول أن كل تدليس يعتبر غلطا لكن العكس غير صحيح فكل عقد يبطل للتدليس
ويبطل في نفس الوقت للغلط.
ثالثا: قدرة نظرية التدليس المدني في الحماية من اإلشهار الكاذب والمضلل:
إن نظرية التدليس المدني المبنية على القواعد العامة التقليدية محدودة األثر إذا
طبقنها على اإلشهار الكاذب أو المضلل ألنه لتطبيق نظرية التدليس يفترض
إبرام عقد بين المعلن والمستهلك والذي نتج عنه إشهار كاذبا أو مضلل فإذا لم
يوجد عقد فال يمكننا الحديث عن التدليس، إن دعوى إبطال العقد للتدليس توفر
حماية فردية للمستهلك الفرد، ومن ثم فإن تأثيرها محدود األثر، إذا أخذنا بعين
االعتبار أن المستهلك وهو الطرف الضعيف غالبا ما ال يلجأ إلى القضاء بسبب
الجهل وكذلك عدم قدرته على دفع مصاريف التقاضي، والوقت الذي تأخذه مثل
هذه الدعوى ولذلك فإن المشرع الفرنسي والمصري قد جعل من التدليس الذي 23

يقع على عناصر معينة من المنتوج محال لإلشهار، مع العلم أن إثبات التدليس
صعب، حيث اعتاد التجار في العمل التجاري التسامح في حدود معينة عند
امتداح المنتجات والخدمات .
المطلب الثالث :الحماية الجنائية من اإلشهار الكاذب والمضلل:
إن اإلشهار الكاذب أو المضلل يلعب دورا أساسيا في التأثير على االقتصاد
وال يكتفي باالعتداء على مصالح األفراد لذا فإن الجزاء الجنائي أصبح ضروريا
وأصبحت الجزاءات المدنية غير كافية، وتوفر حماية محدودة بالقياس مع الحماية
الجنائية إن اللجوء إلى الردع الجنائي وسيلة قديمة في المجال االقتصادي وفي
ضوء عدم كفاية الحماية المدنية التي توفرها نظرية المنافسة الغير مشروعة
ونظرية التدليس المدني فقد اتضح عدم كفاية هذه القواعد وضرورة استكمالها
بحماية جنائية، وترجع عدم كفاية الحماية المدنية إلى أسباب عدة ومن أهمها ما
يلي :
- إن الحماية المدنية تشترط من الناحية العملية، إذا كان المتضرر مستهلكا
ضرورة وجود عقد بين المعلن والمتضرر ألن القانون المدني ال يمكنه توفير
الحماية الكافية إال للمتعاقدين وهي ما يطلق عليها بالحماية العقدية.
- كذلك القانون المدني ال يوفر سوى حماية محدودة مقارنة بالحماية
الجنائية التي تذهب إلى أبعد مما تذهب إليه نظرية التدليس المدني أو قواعد
المسؤولية التقصيرية التي تتأسس عليها دعوى المنافسة غير المشروعة إذا كان
المضرور تاجرا، لذا كان اللجوء إلى الردع الجنائي وسيلة قديمة خاصة في
المجال االقتصادي وكذا في مجال حماية المستهلك.
- ولغياب نصوص خاصة تجرم اإلشهار الكاذب أو المضلل وكذلك عدم
كفاية الحماية المدنية التي توفرها نظرية المنافسة غير المشروعة ونظرية
التدليس المدني، حيث كان القانون الفرنسي وقبل صدور قانون 91 جويلية1690
كما هو الحال بالنسبة لوضعية اإلشهار في الجزائر في الوقت الحالي، حيث كان
يفتقر لنصوص خاصة تجرم اإلشهار الكاذب أو المضلل، فكان يطبق األحكام
الجنائية العامة التي تعاقب على النصب وانتحال صفات أو ألقاب كاذبة وقوانين
براءات االختراع والرسوم والنماذج الصناعية والبيانات والعالمات واألسماء
التجارية. 24

غير أن هذه الجزاءات الجنائية ال يمكنها مواجهة اإلشهار الكاذب في ذاته،
وعليه كان ال بد من إنشاء جريمة خاصة باإلشهار الكاذب أو المضلل، لكن عند
تقرير الجزاء الجنائي على اإلعالن الكاذب أو المضلل، يتعين التوفيق بين
اعتبارين.
أوال: عدم عرقلة الحياة التجارية واإلشهار احد لوازمها.
ثانيا: حماية المستهلكين والتجار الشرفاء من الكذب أو التضليل في اإلشهار.
إن المشرع الفرنسي ورغم تقريره جزاء جنائي خاص باإلشهار الكاذب أو
المضلل وهذا ابتداء من تاريخ صدور قانون 91جويلية 1690، غير أنه ال زال
إلى حد اآلن يستعين بالقواعد العامة الجنائية كجريمة نصب أو خداع تدليس
جنائي أو انتحال صفة أو لقب إضافة إلى الحماية التي توفرها بعض القوانين
الخاصة مثل قوانين األسماء والعالمات والبيانات التجارية وبراءات االختراع
والرسوم والنماذج الصناعية والمصدر.
الفرع األول: الحماية الجنائية:
إن جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 021ق.ع.ج وتقابلها
المادة091 من قانون العقوبات الفرنسي ليست في األصل مخصصة لحماية
المستهلك من اإلشهار الكاذب والمظلل، رغم هذا نجد المش ّرع الفرنسي يستعين
بها سواء قبل صدور قانون91 جويلية1690 الذي أنشأ جريمة اإلشهار الكاذب
أو بعده، وهذا متى توفرت أركان جريمة النصب في اإلشهار، وقدتم العمل بها
حتى بعد صدور قانون12ديسمبر سنة1620، وهذا إذا ارتقى الكذب أو التضليل
إلى استعمال طرق احتيالية، ففي هذه الحالة، ال يكون هدف اإلشهار التعريف
بمنتوج أو خدمة بل الهدف هو سلب مال الغير ضحية اإلشهار دون مقابل
حقيقي، مثال: كثيرا ما تتوفر أركان جريمة النصب عند قيام المعلن باإلشهار عن
تأسيس شركة تقدم خدمة معينة ودفع الملتقين إلى دفع أموال لالكتتاب في هذه
الشركة الوهمية.
الفرع الثاني :األركان الواجب توافرها في اإلشهار حتى يعد نصبا
حسب القواعد العامة حتى نكون أمام جريمة ال بد من توافر أركانها، فإذا
اختفى أحدها ال تقوم الجريمة وهما ركنان: 25

األول: مادي وهو عبارة عن المظهر الخارجي لنشاط الجاني، والثاني
معنوي، عبارة عن نية داخلية تكمن في نفس الجاني، ويأخذ أحيانا على أن
القانون يفرق بين الكذب العادي والكذب المنمق الذي من شأنه خداع الرجل
العادي به دون أن يترك للقاضي استخدام سلطته التقديرية، ألن القاضي يعتبر
االحتيال المكون للنصب أمرا مسلما به مثال: اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة
غير صحيحة كصفة المالك أو الوكيل ألن ماعدا هذا فال يكفي لتوافرا الطرق
االحتيالية الكذب المجرد شفويا كان أم مكتوبا، فيشترط في الكذب حتى يكون
احتياال، أن يكون معززا بمظاهر خارجية تعطيه مسحة من الجدية وقوة التأثير.
أوال : محل النصب:
حتى يكون اإلشهار نصبا، البد من اتخاذ وسائل احتيالية وأن يكون محله
عملية وهمية، فالنصب هو اتخاذ مجموعة من الوسائل االحتيالية لتنفيذ خطة
موضوعة سلفا بقصد تحقيق الهدف المبتغى منها وهو االستيالء على مال الغير
دون تقديم مقابل مثال: اإلشهار في الجرائد عن منح قروض خيالية، بمجرد إعداد
ملفا ودفع مبلغ رمزي للملف، ويكون القرض أصال ال وجود له فقط الغرض هو
الحصول على هذه المبالغ، أما إذا قدم المعني مقابال لما يتلقى، ولو كان هذا
المقابل أقل من المقابل الذي في ذهن المستهلك، فال يعد مرتكبا لجريمة النصب،
ألن الناصب ال يقدم إال الوهم. إن النصوص القانونية التي تعاقب على النصب ال
تكفي لردع جريمة اإلشهار الكاذب أو المظلل ألن جريمة النصب حتى تقوم
اليكفي فيها مجرد الكذب بل ال بد من استعمال طرق احتيالية.
ثانيا: الركن المعنوي:
إن جريمة النصب هي جريمة عمدية، يشترط لقيامها توفر نشاطا عمديا، أي
أن تنصرف إرادة الجاني إلى تحقيق جميع أركان الواقعة اإلجرامية، ألن الجاني
في الجريمة العمدية يعتمد ارتكاب النشاط المادي المعاقب عليه ويريد تحقيق
النتيجة التي يعاقب عليها القانون، حيث ال يكفي لوقوع الجريمة العمدية الخطأ
غير العمدي، أي اإلهمال أو الرعونه أو عدم االحتياط مهما بلغت درجة جسامته.
وعليه حتى تقوم الجريمة العمدية البد من توافر القصد الجنائي الذي يعني
انصراف إرادة الجاني إلى إتيان السلوك المادي المكون للجريمة حتى يكون 26

اإلشهار نصبا ال بد أن تنصرف إرادة المعلن إلى االحتيال، األمر الذي يتصلب
وجوب توافر نية الكذب واستخدام طرق احتيالية، حتى تكون له قوة اإلقناع وهذا
عكس اإلشهار الكاذب أو المظلل، حيث يكفي توافر الركن المادي دون اشتراط
الركن المعنوي
الفرع الثالث :الحماية الجنائية من اإلشهار الكاذب أو المظلل وفقا لقانون قمع
التدليس والغش
حتى نتمكن من ردع جريمة اإلشهار الكاذب والمظلل وهذا بتطبيق أحكام
جريمة الخداع)التدليس الجنائي( شرط توافر أركانها. حسب نصوص القانون،
وقد نظم المشرع الفرنسي جريمة الخداع بمتقضى قانون سنة1691الخاصة
بالغش والخداع في البضائع ووسع الحماية بمقتضى قانون19جانفي سنة1622
بشأن حماية وإعالم المستهلك أما المشرع الجزائري فقد نص على حماية
المستهلك من جريمة الغش والخداع في قانون القواعد العامة لحماية
المستهلك90/96-91/26 وأحال في العقوبة إلى قانون العقوبات الذي نص عليها
في المواد من016 إلى001 ق.ع.ج
وفي دراستنا هذه التي نحاول من خاللها العقوبة على اإلشهار الكاذب أو
المضلل سنتناول بالدراسة أركان جريمة الخداع والعقوبات المقررة لها.
أوال: أركان جريمة الخداع
نص المشرع الفرنسي في قانون رقم02 لسنة1601، المعدل بقانون رقم 199
لسنة 1629 والمستقي من المادة األولى من قانون1 أوت سنة 1691 على
أن"يعاقب بالحبس مدة ال تقل عن ثالثة أشهر وبغرامة ال تقل عن مائة فرنك وال
تتجاوز ألف فرنك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع
المتعاقد بأية طريقة من الطرق في أحد األمور التالية
:
- عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها
- ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه
- حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر
نافعة,وعلى العموم العناصر الداخلة في تركيبها. 27

- نوع البضاعة أو أصلها أو مصدرها في األحوال التي يعتد فيها، بموجب
االتفاق أو العرف.
- النوع أو األصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سبب أساسيا في
التعاقد"وكأي جريمة البد من توافر الركن المادي والمعنوي.
- الركن المادي:
ويتحقق الركن المادي في جريمة الخداع، "بالقيام بأعمال أو أكاذيب من شأنها
إظهار الشيء على غير حقيقته أو إلباسه مظهرا يخالف ما هو عليه في الحقيقة
والواقع فهو عبارة عن تصرف من شأنه إيقاع أحد المتعاقدين في غلط حول
البضاعة"
وال يكفي لقيام الجريمة أن يقع الخداع على عنصر من عناصر البضاعة، وقد
حددت المادة األولى من قانون رقم02 سنة 1601 موضوع أو حاالت الخداع
على سبيل الحصر حيث ال يمكن القياس عليها أو التوسع فيها لكن وحسب ما
ذكره المشرع الفرنسي، فإن الخداع في النوع أو األصل أو المصدر ال يشكل
جريمة إال إذا كان النوع أو األصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سبب
أساسيا في التعاقد وهنا ترجع السلطة التقديرية القاضي أما إذا وقع الخداع على
أمر من األمور األخرى التي حددها المشرع، فإنه ال يشترط أن يكون الخداع
سببا أساسيا في التعاقد. والمالحظ أن القانون لم يتطلب استخدام وسائل معينة
للخداع كما هو الحال في النصب، حيث ال يشترط أكثر من الكذب ولو كان
شفويا أو كان بإماءة من الرأس. فالخداع يمكن أن يقع بطرق متعددة، ومنها
استعماله في اإلشهار الكاذب أو المضلل.
اإلشهار المبالغ فيه ال يعتبر خداعا، إذا كانت المبالغة تدخل في حدود المألوف
في التجارة وال تؤدي إلى خداع المستهلك المتوسط.
- الركن المعنوي:
جريمة الخداع هي من الجرائم العمدية التي يشترط لتوافر أركانها القصد
الجنائي العام لدى المتهم، أي انصراف إرادة الجانبي إلى تحقيق الواقعة الجنائية
والعلم بتجريم، القانون لها، أما العلم بالواقعة فهو غير مفترض ويشترط إقامة
الدليل عليه من جانب سلطة االتهام والمدعي بالحق المدني، وحتى يتوفر القصد 28

الجنائي، يشترط إثبات أن إرادة الجاني قد اتجهت إلى إتيان فعل مادي وهو
الخداع أو الشروع فيه، والعلم بما في ذاك من خداع للمتعاقد معه، ويشترط توافر
هذا القصد لحظة التعاقد أو عند الشروع فيه.
إن جريمة الخداع عمدية، وهي ال تقوم إذا لم تكن هناك أفعال مثال : إذا كان
التاجر غير عالم بعدم صحة إدعاءاته التي وردت في اإلشهار وكذلك إذا وقعت
على العناصر التي تم تحديدها، كالمصدر والتركيب...الخ، حتى وإن كان بإمكانه
التأكد من ذلك ويعد هذا إهماال وهو ال يؤدي إلى قيام جريمة الخداع، مهما لحق
بالمتعاقد من ضرر، ألن الضرر لم يأتي نتيجة خطأ عمدي، وعليه ذهب القضاء
الفرنسي إلى اشتراط إقامة قرينة على سوء نية البائع، أي افتراض الركن
المعنوي بل ذهب البعض إلى المطالبة بضرورة تدخل المشرع ليكتفي بالعنصر
المادي وحده لقيام الجريمة، بما أنه ال يشترط أن يكون البائع سيء النية ورغم
العقوبات المقررة لهذه الجريمة إال أنها ال تصلح لتطبيقها على اإلشهار، إال إذا
اقترنت جريمة اإلشهار بالنصب أو الخداع.
حيث أنها ال توفر حماية كافية، فهذه الجريمة لم تقصد مواجهة اإلشهار
الكاذب أو المضلل على وجه الخصوص، ومن تم ال تنطبق الجريمة إال إذا كان
اإلشهار خداعا، ومن جهة أخرى فإن جريمة الخداع ال تعاقب على الكذب إال إذا
تعلق ببضائع ال خدمات، ومنقوالت ال عقارات، ويشترط كذلك وجود عقد أو أن
يكون بصدد إبرام عقد، والمقصود هو توجيه أفعال الخداع تجاه شخص معين
متعاقد أو في طريق التعاقد، ونستنتج من هذا أن الجريمة ال تقوم إذا اقتصر
األمر على اإلشهار ولم يتبعه تعاقد.
وقد تتم الحماية الجنائية وفقن لقانون براءات االختراع والرسوم والنماذج
الصناعية.
وحتى تتوفر هذه الحماية القانونية، يشترط أن ينصب اإلشهار الكاذب على
براءة أو رسم أو نموذج صناعي أو اسم تجاري.
ومن خالل دراستنا هذه نرى أن اإلشهار الكاذب والمضلل جريمة ذات طبيعة
خاصة البد إن يضع لها المشرع الجزائري نصوص قانونية تعاقب على 29

مخالفتها، وهي أكيد ليست نصوص القانون المدني والجنائي، وإن كان قد نستعين
بها إذا توافرت الشروط القانونية الالزمة لذلك.
خاتمة
إن جريمة اإلشهار الكاذب أو المضلل ليست كغيرها من الجرائم فقد يأخذ فيها
بالركن المادي والمعنوي، وقد يكتفي فيها بركن المادي فقط، دون اشتراط توافر
الركن المعنوي ألنها جريمة ذات طبيعة خاصة نأخذ بالنتيجة التي يحققها
اإلشهار وتأثيره على المتلقي، وال يهم بعد ذلك إذا كانت بقصد أو دون قصد،
وهذا ما اتجه إليه القضاء الفرنسي مؤخرا لصعوبة إثبات الركن المعنوي، إضافتا
إلى إن اإلشهار له جانب إعالمي_ إبداعي، وهو يتفق في الوسائل المستخدمة فيه
مع اإلعالم، لكن له طابع تجاري القصد من ورائه الربح، ولذا يجب أن يتفطن
المشرع الجزائري لذلك، حيث يجب أن يضع قانون ال يقيد حرية اإلبداع في
اإلشهار، بوضع نصوص تعاقب على مخالفة القواعد العامة المنضمة له وتحمي
المستهلك بصفة خاصة والتاجر بصفة عامة، وهذا بضمان منافسة مشروعة.
ويمكن إن نستعين بتجربة المشرع الفرنسي والمحافظة على خصوصية المجتمع
الجزائري أي ال يكون هناك نقل حرفي للقوانين الفرنسية، إال في المجاالت التي
ال يوجد فيها أي اختالف.





  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دويدي عبدالباقي
دويدي عبدالباقي
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 23-06-2015
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 20
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • دويدي عبدالباقي is on a distinguished road
الصورة الرمزية دويدي عبدالباقي
دويدي عبدالباقي
عضو مبتدئ
رد: محاضرات حول الإشهار الكاذب أو المضلل
03-07-2015, 06:10 PM
الف شكر لك يا أخي
من مواضيعي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 08:02 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى