متـى ظهر التّصوّف في الجزائر وفي بلاد المغرب ؟ بقلم: الشَّيخ سمير سمراد
11-10-2012, 02:34 PM
مُلْحَقٌ رقم (1):
متـى ظهر التّصوّف في الجزائر وفي بلاد المغرب ؟

فصلٌ من الكتاب الفذّ : مَواقِفُ المُصْلِحِينَ الجَزَائِريِّينَ مِنْ رُسُومِ المتُصَوّفِينَ وَأَوْضَاعِ الطُّرقيِّينَ

بقلم:
الشَّيخ سمير سمراد – حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم


أنقل هنا بعضًا من فصل : " التصوف والصوفيّة " من كتاب : " تاريخ الجزائر في القديم والحديث " لمؤرخ الجزائر الفذّ ، العلاَّمة مبارك الميلي رحمه الله تعالى ، قال : " ظهر على مسرح السياسة غلاة الشيعة الإمامية والإسماعلية والقرامطة ، فلما غمرتهم القوة العباسية تدثَّرُوا بالزهد والنسك ، ونشروا دعاتهم في البلاد لاصطياد غفل العوام بأشراك سُداها التدجيل بالغلو في العبادة والمبالغة في تعظيم آل البيت ونسبة الكرامات إليهم ، وبهذا تأسست دولة بني عبيد الذين كان منهم من داعى الألوهية أو ادعيت له ، هذه صورة مصغرة لحياة المسلمين الدينية والسياسية في القرن الثاني " [ (الجزء الأول والثاني / ص:713-714)] ، وقال : " وقد عرفت الجزائر التصوف زمن بني عبيد ، لكن العلماء أنكروا عليهم وكفّروهم ... فلم يكن يومئذٍ بالمغرب شأنٌ للصوفية إلى أن جاءت الدولة المؤمنية ونشرت المعارف ونصرت الفلسفة ، فظهر من الصوفية رجال ذوو علم طار صيتهم في الآفاق ، ولكن لقوة نفوذ الدولة لم يتغلبوا على العامة حتى سقطت ، وخلفتها دولٌ تنازع أمراؤها أمرهم بينهم فضعف سلطانهم ، وعلت كلمة الصوفية فمثّلوا أدوارهم مع العامة وكان ذلك مبتدأ انحطاط الجزائر والمغرب دينيًّا وسياسيًّا " [( الجزء الأول والثاني /ص:720)] .
وقال : " وقد استمال الصوفيةُ العامة بظواهرهم فمالت إليهم ، لتقريـبهم لها طريق السعادة بالرياضة التي هي على العامة أيسر من العلم ، وباعتقاد أن شيوخهم يحملون عنهم تقصيرهم في الدين ، فكان للصوفية نفوذ اضطر الأمراء الجائرين إلى خدمتهم وعلماء السوء إلى تأييدهم من غير فرق بين سنّـي وغيره ، فأصبح التّصوّف مطلقًا هو لبّ الدين في عقد العامة ومغفلَّي العلماء ... " [( الجزء الأول والثاني /ص:716)] .
وقال الشَّيخ [ العلاَّمة ] (أ) أبو يعلي الزواوي : " ... دسائس الباطنية السارية في الأمة بعد الثلاثة القرون ، وبالفعل إن الدولة الباطنية تأسست في القرن الرابع أي تمكنت فيها بالدولة الفاطمية القائمة في وطننا هذا "الجزائر" ، فطمى سيلها بجحافلها إذ استولت على مصر والشام وبلغت حلب ، وإن القرامطة فرع منها وغلاة مذهبه المخزي فعظمت فتنتهم ...وعليه فالسموم التى تركوها عندنا بالجزائر والبيض الذي باضوه في مصر – باقٍ إلى اليوم وحتى اليوم وقلَّبُوا لنا الأمور ... " (1) ، وقال : " ... إلى أواسط القرن الرابع حين تغلغلت الشيعة ودان أهل بلدنا هذا بها وبالرافضة وألوهية الأئمة ، ولاسيما على عهد الدولة الفاطمية ، وكذلك على عهد الدولة الموحدية الذين دانوا بعصمة الأئمة المتوراثة عن المتمهدي محمد بن تومرت مؤسس تلك الدولة أواسط القرن السادس ... وبالجملة إنّ هذه السموم سرت في الأمة الإسلامية ، ولا ينكرُ أحدٌ علينا هذه الأدلة وكذلك يزاد غلوّ المتصوفة ... " (2)

الحواشي:
(1) : مقالة : [ إلى المتوسلين بالقبور ] ، "البصائر" ، العدد (49) ، (18) شوال (1355هـ) ، 01 جانفي (1937م) ، (ص:5)
(2) : مقالة [ محاربة البدع : إلى طلبة العلم ] ، "صدى الصحراء" ، العدد (12) ، 01 رمضان (1344هـ) ، (15) مارس (1926م) ، (ص:2-3) .
(أ) : ما بين المعكوفتين من الناقل – عفا الله عنه .
التعديل الأخير تم بواسطة السني الجزائري ; 11-10-2012 الساعة 06:05 PM