من "سانت إيجيديو" إلى "مزفران2": سيرة معارَضة
31-03-2016, 03:15 PM

مسعود هدنة



لم يكن "مزافران1 و2" أولى اجتماعات المعارضة، حيث سبق هذين اللقاءين اجتماع أوّل جرى في كنيسة القدّيس "إيجيديو" في روما بإيطاليا العام 1995، سُمّي "عقد روما".

وفيما رأت المعارضة - ولا تزال - أن اجتماعاتها "إنقاذٌ" للجزائر، رأت السلطة - ولا تزال- أن هذه الاجتماعات "ضدّ الجزائر ولا تخدم الوطن"، وذهبت إلى حدّ "تخوين" المشاركين في هذه الاجتماعات مهما كانت أوزانهم الثورية والنضالية.

جرى لقاء المعارضة الأول خارج البلاد بعد رفض السلطة الترخيص للمعارضين بالاجتماع في الجزائر، ومن "سانت إيجيديو" و"مزافران2" قرابة 21 سنة، تُحصي المعارضة في رصيدها ثلاثة اجتماعات أكّدت فيها أن الجزائر لا تزال في أيد "غير أمينة" استلمت البلاد منذ العام 1962 وحدث فيها انتقال للسلطة عبر "انقلاب" أو "تصحيح ثوري" في جوان 1965.

ولم تختلف مطالب الاجتماعات الثلاثة اختلافا جوهريا عن بعضها، فكلّها تُجمع على ضرورة السماح بالانتقال السلمي للسلطة وإرجاع السلطة إلى الشعب وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ودقّ ناقوس الخطر بشأن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، باستثناء مطالب ظرفية ارتبطت بتلك الفترة التي أعقبت توقيف المسار الانتخابي في 1992، منها الإفراج عن شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

حافظت المعارضة على بعض وجوهها خلال اجتماعاتها الثلاثة لكن وجوها كثيرا تحوّلت من السلطة إلى المعارضة، ومنهم رؤساء حكومات سابقون أبرزهم أحمد بن بيتور ومقداد سيفي ومولود حمروش وعلي بن فليس.

من "إيجيديو" إلى "المزفرانَيْن" صار اسم المعارضة "التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي"، وبالعودة إلى لقاء "سانت إيجيدو"، فقد حضره الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان برئيسها علي يحي عبدالنور وجبهة التحرير الوطني بقيادة عبد الحميد مهري وجبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد أحمد وعن الجبهة الإسلامية للإنقاذ حضر أنور هدام ورابح كبير وعن الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر كان أحمد بن بلة وعن حزب العمال الأمينة العامة لويزة حنون وحركة النهضة برئيسها عبد الله جاب الله وحركة الجزائر المسلمة المعاصرة بقيادة أحمد بن محمد.

وبغض النظر عمّن غاب ومن حضر ومن حافظ على مكانه في المعارضة خلال كل اللقاءات، فإن الظروف لم تختلف في الجزائر على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي أيضا، أما العامل الكبير الذي تغيّر فهو الجانب الأمني، الذي يشهد كثيرون بأنه تحسّن كثيرا.

وإذا كانت المعارضة قد اتفقت على توصيف وتشخيص حال البلاد فإن تعامل السلطة ظلَّ واحدا متّفقا عليه طول الدّهر، فبعدما وصفت اجتماع "القديس إيجيدو" بـ"اللاحدث"، يومها، وكان صاحب المقولة وزير الخارجية الأسبق أحمد عطّاف، تصف السلطة اجتماع المعارضة اليوم بأنه "تشويش" على الجزائر وعلى الرئيس بوتفليقة وتهديد لاستقرار البلاد.

وبين الاتهامات المتبادلة والحجج التي يشهرها كل طرف في وجه الآخر، تبقى الحقيقة بيد طرف واحد هو الشعب.