بغـــال واقفـــــة ... بقلمي
31-07-2012, 12:13 AM



/////////////////////////////////////////////////
بـغــــــــــــــــال واقفـــــــــــــــــــــة
*************************************************
ذلك المكان البعيد عن متناول الإنسان، حيث يخاف الجسد البشري من الاقتراب
حيث تخفي الأشجار الكثيفة عالما مجهولا بين تداخلاتها
رغم الطريق الضيق التي يتعرج بين الحشائش إلا أن الناس تخاف من الاقتراب
لا أحد يعرف إلى أين يؤدي، تحكى الأساطير وتروى الخرافات عن كائنات متوحشة تفترس كل من يتجرأ
على اقتحام عالمها، فاستسلم العقل البشري للخوف من المجهول واستسلمت الحيوانات الأليفة التي أخذت جزء من ثقافته أيضا
- ترى ماذا يوجد هناك؟ أظن أنه عالم عادل أفضل من هذا العالم الذي أعيش فيه محتقر النسب..
هكذا كان يتحدث أحد البغال في القرية المحاذية للغابة، كان يعيش قرب الإنسان مثله مثل حيوانات أليفة كثيرة
إلا أنه كان غير راضٍ بما أوتي من مكانة وسط عالم لم يعترف به كصاحب قوام ممشوق وقوة جبارة وقدرة كبيرة على الاحتمال
خطؤه الأول والذي تحمل مسؤوليته رغم براءته منه، هو كون أبيه حمارا..
كان يستحي أن ينسب إلى أبيه، يرفض اسمه الثلاثيّ رفضا غير قابل للنقاش، إذا سئل ابن من أنت قال في تبجح:
- خالي حصان أصيل.
لم يكن ينام الليل حينما عرف بخطئه الثاني، وهو عجزه عن القيام بوظيفة التكاثر...
لعن نفسه ولعن تلك النزوة العابرة لذلك الحمار الذي كان يرعي قرب تلك الفرس الجميلة التي كانت تتقدم في الحرب
تحمل الفارس الناصر على ظهرها، تلك التي كانت تقطع خط الوصول في مضمار السباق، تلك التي كانت ترقص في حفلات الملوك
تفتخر بثقافتنا العذراء في حضور مغتصبين تداولوا على شرفها ذات مرة.
- أنا لا أصلح إلا أن أعيش وأموت قائدا، أنا لم أخلق إلا لأكون ملكا...
عرف أن الحيوانات والناس لا يمكن أن تعلي شأنه وهي التي تعرف أصله.
فقرر بعد أيام من الأخذ والرد أن يدخل إلى ذلك المكان الموحش المظلم، إلى تلك الغابة العذراء عساه يكون
الأول في حياتها الجديدة التي سيحملها إليها...
سرق مصباحا قديما اخترعه الإنسان، ووضع فيه بطاريات صدئة توشك أن تموت اخترعها الإنسان
ورمى أولى خطواته في الغابة، في ذلك الطريق الضيق المتعرج...
مستبشرا متهلل الوجه، سيجد حيونات متوحشة، وسيحمل لها الحضارة، ولا أحد يمكنه أن يعايره بأبيه الحمار
ولا بأمه الفرس التي استطاعت نزوة حمارية أن تضرب كل مجد لها في الصفر، فصارت عاهرة بعدما كانت ملكة.
سيجعله هذا المصباح سيدا قائدا على هذا العالم المنسي، سيكون مستقلا برعيته هنا في هذه البقعة من الأرض..
دخل الغابة يحمل المصباح بذيله قرب مؤخرته، فتكشفت وحدها في ظلام الغابة...
فاصطفت الحيوانات من خلفه تنظر إلى الوعد المحقق وإلى النبوءة القديمة المذكورة أبا عن جد
عن (نيو) المختار الذي يحمل الحرية إلى هذا المكان، الذي يجعل كل شيء ممكن في هذه الغابة...
- إنه هو.. لا شك أنه ذلك المحرر الذي سيحول كل شيء هنا..
هكذا صاح ثعلب من الثعالب في جماعة القرود..
فرد زعيم تلك العصبة من القردة:
- النبوءة تقول أنه شاذ، والمكان المضيء من جسمه دال على كونه المختار وعلى صدق النبوءة..
فضحك الذئب في مكر قائلا:
- لا تقلق بهذه الشأن سنختبره في حفلة الليلة ههههه
************************************************** **********
سفيان بن علي تباني

إهداء إلى المثقفين والأدباء العرب الذي باعوا
ضمائرهم وباعوا وفاءهم لأوطانهم بعرض قليل.
مسلم وأفتخر بكوني مسلما وعربيا أمازيغيا
ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.