عـــــــــــــزة النفـــــــــــس ... !!
15-10-2018, 06:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم








عـــــــــــــزة النفـــــــــــس ... !!
الندرة تورث العزة والمكانة .. والوفرة تورث النفرة وقلة المعيار .. وكثرة التواجد تستجلب الملل .. وقلة التواجد تخلق الأشواق والأمـل .. وقيمة البدر تكون عند اشتداد الظلام .. وما الذهب والألماس إلا لندرة قد علت من شأنها .. ولو تواجدت بالمقدار الوفير لرجمت بها الكلاب .. وغائبة العين تهيم بها العين على أمـل .. وتعيش اللحظات في الانتظار على ملل .. وحاضرة العين على الدوام هي من ضمن الرموش التي لا تحس بها العين إلا عند المنام .. وذلك الطارق المتواجد دون الطلب يفقد حلاوة المذاق بكثرة العناق .. وتكرار النمط بنفس الملامح والألوان يجعل النفوس تمل وتكل وتستبدل الأعلى بالذي هو أدنى .. وعزيز النفس دائماَ هو عزيز كريم السجايا نادر مثل لؤلؤة في بحر الخبايا .. تحن لرؤيته النفوس شغفاَ .. وتشرئب الأعناق للحظة الإطلالة .. ولو تواجد مـرة فتلك مكرمة ورشفة من عمق الفراديس .. ذلك التواجد الذي قد لا يتكرر في المدى القريب .. فندرة أهل العزة غالية وتفوق ندرة الذهب الذي يعلن نفسه عند الإشارة .. والناس معادن في الطبائع والدرجات .. فهنالك من يبذل بسخاء وهو محجوب عن الأعين .. ولا يتواجد بنفس مقدار السخاء .. وذلك العطاء يزيده عزة فوق عزته ومقاماَ فوق مقامه .. فهو ذلك النبيل ابن الأصيل الذي لا يريد أن يجرح أحداَ بالمن والأذى .. ومثل ذلك الإنسان فإن النفوس تتوق لرؤيته لأنه غير مبتذل بالعطاء من اجل تلك الأجندة الدعائية التي تقول ( أنا هنـا ) .. وهنالك في الناس من يتوفر في مسارح العيون بمقدار زبد البحار .. وقد يبذلك العطاء مجبراً متألماً حتى يقال أنه فلان ابن فلان .. وحتى ينال الثناء والتصفيق والتمجيد .. ويقال في الأمثال : ( الذي يسعف الناس لكي يراه الناس في النهار لا يسعف أحداَ في الليل والظلام ) .. فهو يفيض بالتواجد من أجل الإظهار والإشهار .. وعندئذ يصبح ذلك المسقوط من المتاع الذي يتوفر تحت الأقدام .. وهنالك في الناس هامات شامخة عزيزة لا تثقل كاهلها الدنايا أو الرزايا .. ولا تعرف عثرات الأخلاق التي تجعلها تنحني لحظة في مذلة .. وألسنتها منابر عفة وصدق بعيدة عن فحش القول ولغو الحديث .. ولو أدركنا أن زبد المهازل والهرج هو الذي يسود الساحات في عالم اليوم فسوف ندرك معنى الندرة في أعزاز النفوس .. وتلك مشاهد القبح في الصفات والأفعال قد تفشت لدى نفر يدعي ما لا يملك من المكانة والمقام .. مما يحق لعزيز النفس أن يربأ بنفسه عن السواقط والدونيات .. وأن يمتطي سروج الكبرياء تفادياً من شائبة قد تصيب السيرة .. ولذلك نجد أن أقدامه دائماً بعيدة عن الأوحال .. فإذن هو دائماً يبقى ذلك العزيز النادر الغالي المرغوب .. وتلك صفة من صفات الألماس .


ــــــــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد