حكومة هنية تحكم سيطرتها على غزة.......من جديد
24-01-2009, 08:17 PM


خبراء يرون في ذلك تأكيدا من حماس على أنها رقم يصعب تجاوزه في أي اتفاق بشأن القطاع

حكومة هنية تحكم سيطرتها على غزة


غزة - انتشـار عناصـر الشـرطة بزيهم الرسمي؛ لفرض الأمن، وتنظيم المـرور، ومراقبة الأسعار، ومـلاحقة المحتكـرين، وعـودة الموظفين إلى عملهم، ونقل موظفي الوزارات المُدمرة إلى أماكن أخـرى، واعتـقال وإعدام العشـرات من العمـلاء الذين حـاولوا ضرب المقاومة ومـدّ الاحتلال بمعلوماتٍ عن المقاومين، وصرف مساعدات عاجـلة للمُتضررين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولجان لتقييم الدمار الذي خلّفته الحـرب، والمدارس تفتـح أبـوابها مجددا. بهذه الخطوات، وغيرها، تظهر حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سيطرتها القوية على غزة ربما بدرجة أكبر مما كان عليه الوضع قبل "حرب كسر الإرادة - 3" التي شنها الاحتلال يوم 27-12-2008، واستمرت 22 يوما، وهو ما يؤكد أن الحركة تمسك بخيوط اللعبة السياسية في غزة، وأنها رقم يصعب تجاوزه في أي تفاهمات أو اتفاقات بشأن القطاع، وفقا لخبراء في تصريحات منفصلة لـ"إسلام أون لاين. نت".
الحركة، وبعـد أن انتهت الحرب صباح الأحد الماضي، بدأت وبقوة استعادة سيطرتها على غزة، وقال إيهاب الغصين، المتحدث باسم وزارة الداخلية بحكـومة إسماعيل هنيـة المقالة، إن أجهـزة الأمن التابعة لحماس باشرت أداء مهامها، وإن عناصـرها انتشروا في الطرقات بزيهم الرسمي لتوفير الأمن للمواطنين.
ولفت الغصين إلى أن مهام عناصر الشرطة لا تقتصر على حفظ الأمن، وإنما أيضا تنظيم المرور ومراقبة الأسعار ومطاردة المحتكرين، حتى لا يستغلوا معاناة الأهالي في تحقيق مصالحهم الخاصة.
ولكون القصف الإسرائيلي استهدف كافـة المقرات الأمنيـة والحكومية في غـزة أوضح الغصين في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" أنهم تغلبـوا على هذه المعضـلة بالانتقال إلى أماكن أخرى، واستدرك: "سنعمل في الميدان، ووسط المواطنين من أجـل فرض النظـام".
إعدام العملاء
اعتقال وإعدام العشرات من العملاء الذين حاولوا ضرب المقاومة، وإعطاء معلومات عن المقاومين خلال فترة الحرب، تكشف - بحسب الغصين - "مظهرا آخر من مظاهر إحكام السيطرة مجددا على غزة".
وسبق أن كشف الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في حوار نشرته وكالة "سما" الإخبارية الفلسطينية الأربعاء الماضي أن الحركة أعدمت خلال الحرب عددا من العملاء لصالح إسرائيل.
وأسفرت الحرب على غزة عن استشهاد نحو 1315 فلسطينيا، بينهم 410 أطفال و108 نساء، وجرح أكثر من 5400 آخرين؛ بحسب المصادر الطبية الفلسطينية.
ومن مظاهر سيطرة حماس المحكمة على مقاليد الأمور قرار حكومة هنية صرف مبلغ 40 مليون يورو (57.4 دولار أمريكي) للمتضررين من الحرب، وفقا لما أعلنه طاهر النونو الناطق باسم الحكومة.
خطة أولية
على صعيد جهود إعادة إعمار غزة، قال الدكتور محمد عوض الأمين العام لمجلس وزراء الحكومة المقالة، إن الحكومة أعدت خطة أولية سريعة لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها قوات الاحتلال، وقدر جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني الخسائر الاقتصادية المباشرة في غزة بـ1.9 مليار دولار.
وأوضح عوض في تصريح صحفي أن الخطة تتألف من مرحلتين:
الأولى: هي المساعدة العاجلة، و"هذه جاري العمل بها حاليا.
والثانية: بناء المنازل والمرافق والطرق التي دمرت، وستكون جاهزة في أقرب وقت ممكن".
وأضاف أن الحكومة، عبر مؤسساتها، خاصة وزارة الشئون الاجتماعية، ستصرف مساعدات عاجلة لأصحاب المنازل المدمرة لحين إعادة بنائها. وستوزع حماس أربعة آلاف يورو (5200 دولار) على كل أسرة دمر القصف الإسرائيلي منزلها.
لجنة عليا للإغاثة
وقالت الحركة إنها ستشكل لجنة تحت مسمى "اللجنة العليا للإغاثة"، برئاسة وزير الشئون الاجتماعية، أحمد الكرد، تكون مسئولة عن توزيع نحو 35 مليون يورو (45 مليون دولار) على من فقدوا أفرادا من أسرهم في الحرب، بواقع ألف يورو (1300 دولار) لأسرة كل شهيد.
وشددت حماس على أن اللجنة "ستكون الجهة الوحيدة المشرفة على توزيع المساعدات، وستكون على اتصال مع كافة الجهات، سواء الداخلية أو الخارجية، لتنظيم عمليات الإغاثة".
وقال وزير الشئون الاجتماعية: "إننا حكومة مسئولة عن قطاع غزة، ومكونة من وزارات لديها ميزانيات، تماما كما في بقية بلدان العالم".
لغة ما بعد الحرب
رائد نعيرات، المحلل السياسي الفلسطيني، يرى في مظاهر سيطرة حماس على غزة بعد الحرب "رسـالة للجميع في الداخل والخارج".
وأردف نعيرات في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت": "حماس أثبتت وبكل وضوح أنها في الميدان، وأن أهداف العدوان الإسرائيلي في القضاء عليها أو إضعافهـا فشـلت".
ورأى أن "إحكام حماس سيطرتها على غـزة سيزيد ثقـتها بنفسـها، وهذا سيقودها إلى التعاطي مع أي ملفات وفق رؤيتها، مثل الحوار الفلسطيني الفلسطيني، والمعابر، وخاصة معبر رفح، وملف الجندي الإسرائيلي الأسيـر جلعاد شاليت.. الحركـة ستبدأ التفاوض وفق لغتها ووفق المعادلة التي أحدثتها نتائج الحرب".
وتوافق أيمن يوسف المحلل السياسي الفلسطيني مع نعيرات في أن "حماس ستتعامل مع الواقـع من حـولها بعـد الحرب بأسلوب مُغايـر عما كانت تتعامل به قبلها".
وأضاف يوسف في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت": "الآن حماس تقول للخارج والداخل معا، ومن خلال فرضها للأمن وعودة المؤسسات الحكومية والأمنية للعمل، إنها القـوة المؤثـرة والمسيطرة على غزة".
ورأى أن "حماس من خلال سيطرتها على مقاليد الأمور تقول لحركة (التحرير الوطني الفلسطيني) فتح إنها الآن من يُمسك بخيوط اللعبـة، وتؤكد للأطراف الخارجيـة أن حماس رقم صعب لا يمكن تجاوزه، وأن أي تفاهمات واتفاقيات لن تتم إلا بموافقتها".
حقبة جديدة
إحكام حماس سيطرتها على غـزة ركزت عليه الصحافة الإسرائيلية، ورأى المحلل السياسي بصحيفة 'هاآرتس' الإسرائيلية، عاموس هارئيل، أنه بعد مرور عدة أيام على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بدت حقبة جديدة في تاريخ الحركة، التي دأبت على بث صور من غزة توضح أن الحياة عادت إلى مجراها الطبيعي؛ حيث يقوم رجال الشرطة بتسيير السيارات وفق القانون في قلب القطاع.
والمعركة الآن، وفق المحلل الإسرائيلي، هي على الأموال التي تبرعت بها المملكة العربية السعودية والدول الأوروبية، وتفيد التقديرات بأن إعادة الإعمار تتطلب 2.5 مليار دولار، وحماس تريد أن تقوم بالإعمار كما فعل حزب الله في لبنان بعد حرب صيف 2006.
واعتبر أنه إذا نجحت الحركة في ذلك فستزيد شعبيتها، وتؤكد أن نظامها ما زال شرعيا، وشدد هارئيل على أن "حماس تتصرف وكأنّها المنتصر، ولها سبب مقنع، فإلى جانب المفاوضات مع فتح لتشكيل حكومة وحدة وطنية من موقع قوة، لا يوجد حركة فلسطينية منذ بداية النزاع تلقت ضربة كالتي تلقتها حماس ووقفت بقـوة بعد ذلك".