حثالة رقم خمسة سعيد محمد القحطاني
10-02-2014, 09:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:



إن الشاب الذي تعرفتِ عليه عن طريق المعاكسة، والذي طالما أطربَ سمعكِ بكلمات الحب والغرام، كيف ينظر إليكِ؟

يقسم أنه لا يعرف غيرك ِ، ولم ينم البارحة لأنه لم يسمع صوتك، وعدك أنه ينتظر الفرصة المناسبة للتقدم لخطبتك ِ، يقسم لك ِ أيماناً مغلظة أنه لن يتزوج غيرك، ولو بقي طوال عمره بدون زواج، يناديك تارة ً باسم الحبيبة، وتارة ً باسم العشيقة، وتارة ً باسم الوحيدة في حياته، قاموس طويل من الكلام الرخيص...

ولكن يا ترى هل هو صادق فيما يقول؟ ويعدكن فيه؟ عفوا ً أيتها الفتاة لن أجيبك ِ أنا... أما لماذا؟ فلأنني في قفص الاتهام، ولأنني أريد أن أضع عنك ِ هذا الوهم الذي تعيشين فيه، أريد أن أبين لك ِ حقيقة هؤلاء، ولكن ربما أعماك ِ وهم الحب فاتهمتيني بالمبالغة في الوصف..

ولذلك سأدع الشاب هو بنفسه يبين كيف ينظر إليكِ من خلال وقفات ضمنتها قصصا ً واقعية، تقول لك ِ:

قفي أيتها الفتاة، فقد أخطأت ِ الطريق. سامحيني إن صُدمتي وأنت تقرئينَ هذه القصص، قد تحمل شيئا ً من القسوة لا تطيقينها وعبارات جافة لا تتحملينها وإنما قسا ليزدجر، إياكِ ثم إياكِ ثم إياك ِ أن تهربي من واقعك وأنت تقرئين الآن، فإن الهروب لن يغير من الحقائق شيئا ً.



الوقفة الأولى: بلسانهم

أختي الفتاة أقول لك: هذه القصص لم أحصل عليها من الفتيات ولا من خطب الجوامع، ولا من الدعاة والداعيات، ولا من الصالحين والصالحات، بل استقيتها من أفواه المعاكسين، بل ومن شباب تابوا من المعاكسات..

بل من شباب مازالوا في هذا الطريق، صارحت بعضا ً منهم طلبت عبارات مختصرة حول نظرتهم للفتاة المعاكسة، فكانت عبارتهم قاسية كسوطٍ, يلهب الظهر ولكنها الحقيقة، فإليك ِ طرفا ً من كلامهم، والبقية على شاكلتهم.. فالطيور على أشباهها تقع.. كما قال الإمام مالك - رحمه الله -.

واحد منهم.. طُرح عليه سؤال مفاده: هل ستتزوج من تعاكُسها؟ قال: لا. ولمّا سأل ولماذا؟ قال: لأنني أحتقرها.. إذا ًلماذا تتحدث معها؟ قال: لقضاء الوقت ليس إلا.

الثاني يقول: لا أنسى ذلك اليوم، حينما تلاعبت بمشاعر فتاة ً حتى أسقطتها عذريتها، فقبض علي وقد طلب مني القاضي أن أتزوجها، فقلت له ببذاءة ٍ,: يا شيخ إنها فاجرة، وكانت فعلا ً هي نظرتي إليها هكذا.

الثالث يقول: لم تحدثني نفسي في يوم ٍ, من الأيام أن أتزوج من أعاكسها، أقول: لم تحدثني نفسا ً، فضلا ً عن أن أفكر في ذلك.

استقيت عدة خواطري كلها تدور في هذا الفلك، لم أقرأ منها صورة ً واحدة تبعث في نفس الفتاة الأمل، أو تشعر بأن هذا الشاب صادق ٌ في مشاعره.



الوقفة الثانية: حثالة رقم خمسة.

عفوا ً لستِ كذلك في نظر أهل الخير والدعوة والصلاح، نحن ننظر إليك ِ على أنك ِ جوهرة ٌ مصونة، تربيتك ِ تربيةً إسلامية سبب في صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين".

نُراك ِ زوجة ً محترمة، الدعابة معك ِ يؤجر عليها الرجل حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حتى ما يضع الرجل في فِيِّ زوجته ِ يكون له بها أجر". قال ابن حجر - رحمه الله -: الغالب أن الرجل لا يضع اللقمة في فِيِّ زوجته إلا على سبيل المداعبة، ومع ذلك يؤجر إذا قصد من ذلك إدخال السرور على زوجته.

ولكن الذي يؤمن ويعتقد بأنك ِ حثالة ٌ وساقطة هو الذي كان يُمطرك ِ بمعسول الكلام، يرى أنك ِ الحبيبة والعشيقة هكذا يوهمك ِ، ولكنهُ في المقابل وفي الحقيقة يرى خلاف ذلك تماما ً، واقرأي هذه القصة حتى تقفي على الحقيقة المرة التي لابد أن تعيشيها وتتأملينها..

فلقد نشرت مجلة الحياة في عددها الرابع والخمسين من شهر شوال من عام ألفٍ, وأربعمائة وخمس وعشرين للهجرة قصة فتاة ٍ, تقول فيها:

أنا فتاة ٌ عمري تسعة عشر عاما ً، تخرجت من الثانوية بمعدل جيد جدا ً ولم يتيسر لي القبول في الجامعة، ففقدت حلمي في أن أصبح معلمة وأصبحت أبكي ليل نهار، وأنا ولله الحمد متدينة وأسرتي متدينة ٌ كذلك..

ومضت الأيام وأنا في البيت ليس لدي عمل، وفي يوم ٍ, رن الهاتف ورددت عليه وإذا بشاب ٍ, يحاول التعرف فأغلقت السماعة في وجهه لكنهُ عاود الاتصال عدة مرات، فقلت: لأُجرب وأُكلمه. وبالفعل كلمت وأعطاني رقمه، وأصبحنا نتبادل الأحاديث ولم أعد تلك الفتاة التي تحافظ على صلاتها وأذكارها..

في البداية كان هذا الشاب طيبا ً حنونا ً وأحسست أني وجدت لديه الحنان الذي لم أجده، لكنه سرعانَ ما تحول إلى إنسان آخر، وأصبح كلامه في غاية الوقاحة والدناءة، والغريب أنه أصبح يعدد لي أسماء إخوتي كلهم فخفت وامتنعت عن مكالمته ِ..

فأصبح يهددني بأنه سيفضحني بالمنطقة كلها خاصة ً وأن لديه رسائل جوال التي كنت أُرسلها له من جوالي، تقول: حاولت الاستمرار معه ليسكت، لكن كلامه تحول لمنتهى القذارة، كلام لا أستطيع تصوره..

فقررت على إثر ذلك أن أتركه وقلت له: افعل ما تشاء، وأصبحت أعيش في خوف ٍ, وذل، وكانت الخادمة تعلم بأمر محادثتي لهذا الشاب، وحين أرادت السفر أخبرت أخي الأكبر بذلك في المطار وعاد أخي إلى بيتي وهو في منتهى الغضب..

لكنه ُ لم يكلمني وحين هدأ فوجئت به ِ يدخل غرفتي ومعه أخي الثاني، وأخذ يسألني حتى اعترفت، وكان أخي يضع رأسه ُ بين يديه ويتساءل بألم ٍ, شديد، لماذا؟ لماذا؟

هل قصرنا معك ِ في شيء؟ لم أتوقع منك ِ هذا، أنتِ الفتاة المتعلمة الملتزمة، تأثرتُ بكلامه وأصبحت دموعي تنهمر كالمطر، وحينها أعطيت أخي رقم هاتف ذلك الشاب، اتصل به ِ وعرفه ُ بطريقته ِ، فذهبا أخواي إليه ِ وأخذا منه ُ جواله ووجدوا رسائلي لديه، والصدمة أنهم وجدوا رقمي في جواله تحت اسم (حثالة رقم خمسة).

لقد كنت الضحية الخامسة لديه وحين علمت أنه ُ أسماني (حثالة) بكيت وبكيت حتى تورمت عيناي من شدة البكاء، ولم أخرج من غرفتي فكيف أُواجه أهلي، لقد كانا أخواي بمنتهى الطيبة والحنان معي، وتقبلا الأمر بتفهم، وبعدها عدت ولله الحمد محافظه على فرائضي وأفكاري..

لكنني لا زلت أتجرع مرارة الألم والندم خاصة ً أن أهلي لا يزالون ينظرون إليّ بنوع من الريبة والشكوك، وها أنا أدعو من كل قلبي أي فتاة وقعت في هذه الغلطة أن تسارع في حسم أمرها في أسرع وقت ٍ, وقبل أن يفوت الأوان تأملي لقصتي بصدق ٍ, واتعظي منها.

وهنا أختي الكريمة سأتحدث معك ِ بكلام عقلاني وها أنا أقول لك ِ لقد أسماها في جواله (حثالة رقم خمسة) فكم من حثالة في جواله هي الخامسة والله أعلم، فكم من حثالة في جواله وكم من حثالة تعرَّف عليها وتركها وكم من حثالة سيصطادها في شباكه.



الوقف الثالثة: مسميات..

لا عجب أُخيَّه، كنت أتحدث مع أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن قصة من أسماها بالحثالة. فقال لي: هذا أمرٌ طبيعي، فمعظم من قبض عليه نجد أنهم رمزوا بمن يقوم بمعاكستهن برموز مهينة، كالساذجة.. والمجنونة.. ونحو ذلك..

ولكن [والكلام مازال له] لفت نظري رمزٌ وجدناه عند أكثر الشباب ألا وهو رمز المطرب، يقول: فسألت أحد الشباب عن معنى هذا الرمز؟ فقال: بأن معناهº أننا نتخذ الفتاة التي نعاكسُها للمتعة، فكما يستمتع الواحد منا بالمطرب وغناءه، كذلك نحن نستمتع بها وبصوتها وهي في الحقيقة لا تتعدى هذا، فلا نعدها لتكون زوجة ً فضلاً عن أن تكون أما ً لأولادنا.

أرأيت ِ أختي الفتاة هم من يقولون هذا وليس برجل الهيئة، هم الذين صرحوا بهذه الحقيقة المرة، فأنت ِ في نظرهم للمتعة والتسلية ليس إلا, وأُعيذكِ بالله - تعالى - أن تسمحي لنفسك أن تضعيها في هذا الموضع المهين.



الوقفة الرابعة: الفجر الكاذب..

حينما يظهر ذلك البياض في كبد السماء، يهرع من أراد الصيام ليلحق بالسحور قبل الأذان، ويهرع مريد الصلاة حتى لا تفوته الصلاة، ولكن يتبين بعد حين أنهُ الفجر الكاذب، وهذا البياض سيزول ليعقبهُ الفجر الصادق وعليه تبنى الأحكام.

وهكذا الفتاة حينما تترقب زوجا ً تعيشُ معه ُ في كنف من السعادة والهدوء، تحلم ببيت يلم الزوج والأولاد، تسبح في خيالاتِها وأوهامها، فجأة ً يظهر في حياتِها الشاب الكاذب، تعرفت عليه في السوق أو المستشفى أو من خلال الهاتف أو من خلال مواقع الإنترنت أو من خلال جوالها..

فتنهض هذه المسكينة لتمنحهُ عواطفها، مشاعرها، صورتها، بل ربما مكنته ُ من نفسها، لأنها صدقت حكاية زواج هذا الشاب منها، ليتبين لها بعد حين أنه ُ كالفجر الكاذب، نعم فالشاب الصادق لم يظهر في حياتها بعد..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
http://midad.com/article/218018?ref=p-new
Midad.com
أضف مادتك في موقع مداد خلال أسبوع [email protected]