تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم > قسم القراءات

> ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟

  • ملف العضو
  • معلومات
طوف88
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-10-2016
  • المشاركات : 308
  • معدل تقييم المستوى :

    8

  • طوف88 is on a distinguished road
طوف88
عضو فعال
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
24-03-2018, 08:12 AM
المصحف برواية الدوري سورة البقرة اية 9 نجدها مكتوبة:

ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون {
من التكذيب} بمعنى انهم كانوا يتهمون

غيرهم بالكذب.










اما في المصحف برواية شعبة نجد نفس السورة لكن الاية 10 كتبت:

ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون { من الكذب } بمعنى هم بانفسهم

كانوا يكذبون.










وها هو العلامة الزجاج يشرح الفرق بين معنى الكلمتين في كتابه معاني القران

و اعرابه.









من مواضيعي 0 استفسار
  • ملف العضو
  • معلومات
طوف88
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-10-2016
  • المشاركات : 308
  • معدل تقييم المستوى :

    8

  • طوف88 is on a distinguished road
طوف88
عضو فعال
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
31-03-2018, 03:39 PM
المصحف برواية الليث سورة المؤمنون الاية 106 كتبت :

ربنا غلبت علينا شقاوتنا {بنصب الشين و القاف}

والاية
110 كتبت :

واتخذتموهم سخريا { بضم السين}

و الاية
112 كتبت :

قل كم لبثتم { بضم القاف و سكون اللام} وهو فعل امر

الاية
113 كتبت :

فسل العادين { دون الهمزة}

الاية
114 كتبت :

قل كسابقتها 112 بصيغة الامر


الاية
115 كتبت :


ترجعون {بنصب التاء و كسر الجيم} بمعنى الرجوع التلقائي,او الطوعي.









بينما في المصحف برواية هشام بن عمار نجد الاية 106

صارت
107 وكتبت :

ربنا غلبت علينا شقوتنا { بحذف الالف بعد القاف} وكسر الشين وسكون القاف.

اما الاية 110 اصبحت
111 وكتبت:

واتخذتموهم سخريا {بكسر السين} مما يغير في المعنى عند بعض العلماء.

والاية 112 تحولت الى
113 وكتبت:

قال كم لبثتم {بزيادة الف بعد القاف} مما يجعله اخبارا وليس امرا.

الاية 113 اصبحت
114 وكتبت:

فسئل العادين { بزيادة الهمزة}

الاية 115 صارت
116 وكتبت:

ترجعون{بضم التاء و نصب الجيم} بمعنى تردون بضم التاء ونصب الراء

الارجاع الجبري.











وهذا العلامة ابن عاشور يبين في تفسيره التحرير و التنوير اختلافات

رسم الكلكات واثرها على المعنى.















من مواضيعي 0 استفسار
  • ملف العضو
  • معلومات
طوف88
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-10-2016
  • المشاركات : 308
  • معدل تقييم المستوى :

    8

  • طوف88 is on a distinguished road
طوف88
عضو فعال
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
04-04-2018, 02:14 PM
المصحف برواية الدوري سورة البقرة اية 147رسمت كالتالي:

ولكل وجهة هو موليها {بكسر اللام وتتبعه ياء } بمعنى ان التولية كانت

من فعله الشخصي.






المصحف برواية هشام بن عمارنفس السورة و نفس الاية لكن اختلف رسمها:

ولكل وجهة هو مولاها {بنصب اللم و اضافة الف بعدها}

بمعنى ان التولية ليست بفعله الشخصي و انما بفعل الله عز وجل.












ولتبيان الفرق في المعنى بين الر سمين هذا العلامة البقاعي يشرح

لنا ذلك في كتابه نظم الدرر.














ملاحظة : الاية 148 في رواية الدوري رسمت:

يعملون بضمير الغائب

وفي رواية هشام رسمت تعملون بضهير المخاطب








من مواضيعي 0 استفسار
  • ملف العضو
  • معلومات
طوف88
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-10-2016
  • المشاركات : 308
  • معدل تقييم المستوى :

    8

  • طوف88 is on a distinguished road
طوف88
عضو فعال
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
12-04-2018, 07:37 AM
هذا مصحف المدينة برواية قالون سورة مريم اية23 نجدها رسمت كالتالي:

فناداها من تحتها بكسر الميم و ونصب التاء الثانية

و بالتالي يكون المنادي هو سيدنا جبريل عليه السلام.












اما في مصحف المدينة كذلك اما برواية شعبة هذه المرة نجد نفس السورة

لكن الاية اصبحت برقم 24 رسمت بشكل مخالف عن ما هي عليه في

المصحف السابق حيث كان رسمها كالتالي:

فناداها من تحتها,بنصب الميم والتاء الثانية, وبالتالي يكون الذي ناداها هو

سيدنا عيسى عليه السلام.












وها هو الامام الطبري يوضح ذلك في تفسيره

















فالفرق بين الرسمين شكل فرقا في المعنى,فاي هذه الرسوم هو الرسم العثماني

علما بان كل هذه المصاحف و القراءات صحيحة و معتمدة, رغم تفاوت و تباين

معاني الكثير من الكلمات بينها.



من مواضيعي 0 استفسار
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
17-05-2018, 04:28 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



لا يزال المغرضون يتحينون الفرص للغض من قدر القرآن الكريم، بمحاولة إثبات التناقض في القرآن من خلال بعض ما يثبته أو ينفيه، يحاولون ذلك مع آيات القرآن الكريم بعضها مع بعض، أو يدّعون وجود التناقض بين القرآن والسنة، وكل ذلك مردود عليهم بفضل الله.
وفى مقام اختلاف القراءات ورسم الآيات في المصاحف: ستجدون ردا وافيا كافيا شافيا على ما ادعاه الحاقدون على القرآن الكريم من المستشرقين ومن تبعهم في ذلك من الجاهلين من أتباع هذا الدين، وهم أخطر عليه من المستشرقين، فهؤلاء عداوتهم ظاهرة، بينما أذنابهم من المسلمين، فعداوتهم مبطنة تنهج أسلوب التدليس والتلبيس للتشكيك في القرآن الكريم تحت شعارات كاذبة مخادعة من قبيل:" نقد التراث!!؟"، وكما قيل:
لا يبلغ الأعداء من جاهل÷ ما يبلغ الجاهل من نفسه
لقد ادعى هؤلاء وأولئك: أن اختلاف القراءات يثبت كذب القرآن، ويقرر وجود التناقض فيه!!؟:
[مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا].(الكهف:5).
[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ].(الحجر:5).
[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ].(فصلت:41/42).

تجدون تمام الرد الكافي الشافي الوافي تحت الرابط الآتي:
http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=379135
  • ملف العضو
  • معلومات
طوف88
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-10-2016
  • المشاركات : 308
  • معدل تقييم المستوى :

    8

  • طوف88 is on a distinguished road
طوف88
عضو فعال
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
21-05-2018, 09:03 AM
اعزائي القراء صحى رمضانكم.

كما يقول المثل :
الثيقة في الوثيقة.

و الحمد لله الوثائق امامكم تتكلم بلسان حالها ، تشهد بان في القراءات الكثير

من الكلمات المختلفة
المعاني،اختلاف تضارب و تناقض و تدافع.

ولا اعتقد انه يوجد عاقلا يترك ما هو واضح امام عينيه بالحجة و البرهان

و يصدق كلاما انشائيا مبنيا على
تكلفات باردة و تبريرات سخيفة يراد

من خلالها تزيين و زخرفة و تلميع تلك الاختلافات الجذرية في المعنى للكثير

من الكلمات التي وردت
في القراءات المتعددة.

فالاختلافات المذكورة اعزائي القراء ليست اختلافات تنوع و تيسير و توسعة


كما يزعم البعض.بل هي اختلافات تناقض و تضاد.

متابعة لما سبق من حجج و ادلة،اضيف اليوم مثالا اخرا لاختلاف التضاد بين
القراءات.

اختلاف كلي في المعنى ،فشتانا بين ان (يعجب)
الرب سبحانه و تعالى

و بين ان يعجب
الرسول محمد صلى الله عليه و سلم.

المصحف برواية الليث سورة الصافات اية 12 رسمت بل عجبت بضم التاء

ضمير المتكلم،بمعنى
ان الله هو من (تعجب)










بينما في المصحف برواية حفص نفس السورة و نفس الاية نجدها رسمت

بل عجبت بنصب التاء ضمير المخاطب،بمعنى
ان الرسول هو الذي تعجب.
















و هذا العلامة الطبري ياكد في تفسيره في الجزء 19 صفحة 513-514 ان القراء تين مختلفتين

في المعنى
لكنه حاول ان يوفق بينهما بكلام لا يمكن استيعابه لما فيه من اضطراب و تناقض

كما هو الحال في ما هو ملون بالبنفسجي و موجود داخل مستطيل احمر.











من مواضيعي 0 استفسار
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
01-08-2018, 03:12 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


صدق من قال:" يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه!!؟".
لم نستغرب تلك الأقوال العرجاء، والآراء الصماء الصادرة ممن يجهل:( أبجديات علم القراءات، وهو: أحد علوم القرآن الكريم)، وقد سبق لنا بتوفيق الله: نشر متصفح خاص بها على منتدانا هذا للقرآن الكريم، لو تأمله أي قارئ أدنى تأمل، فستنكشف له ضحالة تلبيس وتدليس المشككين في حفظ رب العالمين لكتابه المبين.


تجدون تمام الرد الكافي الشافي الوافي تحت الرابط الآتي:
http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=379135

ولو شئنا، لاتبعنا تلك التلبيسات واحدة واحدة، ولكن ذلك أمر تفنى دونه الأعمار، لذلك سنكتفي بذكر أصول عامة تنسف كل ما يدعيه المشككون، وهذا أوان ذكر قاعدة عظيمة جدا تنسف بنيان هؤلاء، وإلى المقصود بتوفيق المعبود:



قاصمة ظهر المشككين الطاعنين في القرآن المبين
تنبيه لقاعدة فاصلة هامة جدا

ردا على المشاغبين المشككين بخربشاتهم التافهة الساقطة في حفظ رب العالمين لكتابه المبين، وتثبيتا لقلوب المؤمنين، ننبه إلى قاعدة فاصلة هامةجدا، وهي:

[ أن القرآن الكريم محفوظ في الأفئدة والصدور قبل أن يكون محفوظا في المصاحف و السطور، فالمصدر الأصلي في حفظ ونقل القرآن العظيم هو: السماع والحفظ لا الكتابة والمصاحف]

وبذلك، فإن تشكيك المشككين الطاعنين في حفظ رب العالمين لكتابه المبين، بأثر هنا ورواية هناك والمقارنة بين المخطوطات: لا يعدو أن يكون رسما في الماء، أو نقشا في الهواء!!؟.
قال الإمام المقرئ الحجةابن الجزري رحمه الله:
" ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط الْمصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لِهَذِهِ الأمة".(النشر في القراءات العشر لابن الجزري: 1/6).

تلك القاعدة العظيمة الفاصلة التي أرعبت وأفزعت كل المستشرقين وأذيالهم!!؟، لأنها نسفت كدهم وتعبهم لعشرات السنين وسفرهم الأيام والليالي بحثًا عن مُؤَكِّدٍ لشُبْهَتهم القائمة على قضية المخطوطات!!؟.
إن كافة المستشرقين قديمًا وحديثًا، ممن قاموا وناموا على رعاية شبهة الدراسة المقارنة بين الأصول الخطية للمصحف بغرض:(تحقيق القرآن!!؟) ذابت كل جهودهم وانْماعَت كما يَنْماعُ المِلْحُ في الماءِ بهذه القاعدة العظيمة:

[ الأصل في نقل القرآن على السماع والحفظ لا على الكتابة والمصاحف]
لقد هَيَّأَ الله عز وجل لكتابه العظيم: كُتَّابًا وحُفَّاظًا، كتبوه في ألواحهم وقلوبهم معًا، وجعل الله عز وجل السماع والحفظ: حاكمًا على الكتابة والمصاحف، لا العكس، ولو أراد سبحانه وتعالى عكس ذلك: لفعل، وقد كانت الكتابة والألواح هي: الْحَكَم لدى بني إسرائيل مثلاً؛ ولذا ألْقَى الله عز وجل الألواح لموسى عليه السلام؛ كما قال سبحانه وتعالى:
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145].
وقال سبحانه وتعالى:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 150].
وقال سبحانه:{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154].
فالْحَكَم عند بني إسرائيل إذن هو: الكتابة والألواح والصُّحُف، وليس السماع والْحِفْظ.
غير أَنَّ الله عز وجل قد مَيَّزَ المسلمين على غيرهم، واختصَّهم دون سواهم بخصيصة الإسناد والسماع المعتمدة على الحفظ والأخذ المباشر من أفواه المشايخ.
روى الإمام البخاري رحمه الله: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا، وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}، فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ". ورواه مسلم أيضًا:(448).

فأنتَ ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعجَّل حفظ القرآن، فأمره الله عز وجل أن ينصت إلى جبريل عليه السلام، أولاً، ووعدَه بأن يحفظه، وأن يقرأَه النبي صلى الله عليه وسلم كما سمِعَه من جبريل عليه السلام.
وبناءً على هذا: جاء جبريل عليه السلام بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع لا حصر لها، فألقاهُ إليه سماعًا ومشافهةً لا كتابةً أو صُحُفًا.
وفي حديث ابن عباسٍ المذكور:
" فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ".
فها هو يقرأه كما قرأَه جبريل تمامًا، ثم تأتي روايات حديث البراء بن عازبٍ، ومنها:
رواية البخاري (4990) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ أَوْ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95]"، وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95].

فانظر في هذا الترتيب الرباني المُحْكَم: يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأَهُ جبريل تمامًا، ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي على الفور، في الوقت نفسه يقرأَهُ النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيحفظوه، حتى إذا ما نَسِيَ شيئًا منه ذكَّرَتْه قراءة أصحابه رضوان الله لما سمعوه منه من قبلُ، وما دوَّنوه بأمره وتحت سمعه وبصره في ألواحهم،
فلك اللهم الحمد على ما أنعمتَ به وأوليت.

ومِنْ هنا وبناءً على ما تقدَّمَ:
صار السماعُ عندنا هو: الْحَكَم بأمر الله عز وجل وإشارَتِه، لا بُحُكْمِنا وهوانا.
روى البخاري:(4987 - 4988): أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال:
" إِنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ!، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ: رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزهري رحمه الله (أحد أئمة الحديث، وراوي الحديث الذي معنا): وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ:
" فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ:{مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ".أهـ

ويلاحظ في هذه المرحلة: أن زيدًا وغيره من الصحابة الكرام الذين قاموا على جمع القرآن الكريم رضي الله عنهم: قد اعتمدوا على السماع والكتابة معًا، وجمعوا بينهما، فاشترطوا اقتران السماع والكتابة وتلازمهما في المجموع، وهذا من أعلى درجات التوثيق التي يمكن الوصول إليها، وقد أتاحها الله عز وجل لكتابِه: صيانةً له، وحمايةً لجنابه الشَّريف.
ولذا: رأينا زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه يفقد آيةً أثناء جمعه للقرآن زمن أبي بكرٍ رضي الله عنه، وأخرى زمن عثمان، لا يجدهما أمامه في المكتوب بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهما معروفتان عنده، لا شك فيهما؛ لأنه سمعهما هو وغيره من النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أنهما سُمِعَا من النبي صلى الله عليه وسلم، وأُخِذا عنه بلا واسطةٍ إلا أَنَّهُ لم يثبتهما حتى بحث عنهما، ووجدهما كتابةً أيضًا، فلم يعتمد الكتابة وحدها، ولا السماع وحده، وإن كان كل واحدٍ من الكتابة أو السماع يصح الاعتماد عليه بلا غضاضة؛ لكنَّ الصحابة الكرام رضي الله عنهم أرادوا بلوغ النهاية في توثيق القرآن الكريم وصيانته والحفاظ عليه، فالحمد لله تعالى.

لقد أَرَسَلَها أئمتُنا الكرام رضي الله عنهم قاعدةً أصيلةً حَمَلَتْها الركبان إلى جميع الأقطار؛ لتقول لهم:

" لا تأخذوا القرآن مِنْ مُصْحَفِيٍّ، ولا العلم أو الحديث عن صُحُفِيٍّ"

فقطع أئمتُنا بذلك كل طُرق الاعتماد في نقل القرآن على الكتابة والمصاحف، وتركوا الباب مفتوحًا أمام السماع والأسانيد لا غير.
* فَعَن سليمان بن موسى أَنَّه قال:" لا تأخذوا الحديثَ عن الصُّحُفيِّين، ولا تقرؤوا القرآنَ على الْمُصْحَفِيِّين".(الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم:2/31)، و(المحدث الفاصل، للرامهُرْمزي:211).
* وقال سعيد بن عبد العزيز:" لا تأخذوا العلم عن صُحُفِيٍّ، ولا القرآن مِنْ مُصْحَفِيٍّ".( الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم: 2/31).
* ويقول الوليد بن مسلم: " لا تأخذوا العلم من الصُّحُفيِّين، ولا تقرؤوا القرآن على الْمُصَحَفِيِّين؛ إلا مِمَّن سمعه مِن الرجال وقرأَ على الرجال".(تاريخ دمشق، لابن عساكر:63/292)، و(تهذيب الكمال، للمزي: 31/98).
*ويقول السخاوي في (فتح المغيث:2/262):" والأخذ للأسماء والألفاظ من أفواههم - أي العلماء بذلك، الضابطين له ممن أخذه أيضًا عمن تقدم من شيوخه وهلم جرَّا- لا من بطون الكتب والصُّحُف من غير تدريب المشايخ: أَدْفَع للتَّصحيف، وأَسْلَم من التبديل والتحريف".
* ويقول الصنعاني في:(توضيح الأفكار:2/394):
" ويقال: لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيٍّ، ولا العلم من صُحُفِيٍّ".
ومما حكاه الصنعانيُّ في ذلك: قول القائل:
" والعلم إِنْ فاتَه إسنادُ مُسْنِدِه ÷ كالبيتِ ليس له سقْفٌ ولا طُنُب"
والطُّنُب: حبلٌ يُشَدّ به البيت، فكأنه بيتٌ لا عماد له ولا سقف.

ختاما:
وبهذا تدحض بفضل الحافظ المتين لكتابه المبين شبهة المشككين الطاعنين القائمة على المقارنة بين مخطوطات المصاحف، والتي نسفت نسفا بأصل نقل القرآن العظيم بالحفظ في أفئدة الصدور بأسانيد ذهبية متواترة إلى اليوم حتى تصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام عن جبريل عليه السلام، فلك الله الحمد والمنة أولا وأخرا، وظاهرا وباطنا.
هذا هو: العلم بالحجة والبيان، والدليل والبرهان، يشهد له كل منصف، ويقر به كل عاقل، وليس بعده إلا الإعراض والعناد والجحود والمكابرة، وهي: صفات ملازمة لأعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم سابقا ولاحقا الذين خاب ظنهم، وضل سعيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!؟.
قال العزيز الحكيم في كتابه العظيم:
[قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)].(الكهف).
إن أعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم قد أنفقوا جهودهم وأموالهم وأوقاتهم للصد عن سبيل الله، فردهم خائبين متحسرين مغلوبين، وقال عنهم ذو القوة المتين:
[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)].(الأنفال).

لقد حاول أعداء الإسلام إطفاء نور الله بأفواههم وأقلامهم، فرد الواحد القهار كيدهم في نحورهم، وصدق الخبير العليم القائل في كتابه الكريم:
[وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)].(الصف).

ملاحظة:
أغلب ما ذكر في هذه المشاركة، وما سيأتي بعدها من الردود المفحمة للأستاذ الفاضل المستشار: سالم عبد الهادي، جزاه الله خير الجزاء، وقد جاءت في سياق رده على:( المستشرق الألماني د. ميلكوش موراني من كلية الآداب ـ جامعة بون ـ بألمانيا)، وهو: مستشرق بروتستانتي، تيسر له الاطلاع على بعض المخطوطات العربية والإسلامية في بلاد المغربوغيرها، خاصة مخطوطات الفقه المالكي، وقد زعم موراني في لقاء له مع:( شبكة التفسير):
"... كان هناك مشروع في النص القرآني قبل الحرب العالمية الثانية، وجَمعَ تلاميذُ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخاً للقُرآنِ بغرض تحقيقِ النصِّ القرآنيِّ تَحقيقاً علميَّاً كما تُحقَّقُ كتبُ التراث، إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه، وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق!!؟، وأنه ربما ترتب على تحقيقه: إعادة صياغة هذا النص القرآني من جديدٍ؛ لأننا قد نحصل على كلمةِ نقصٍ هنا وكلمة زيادة هناك!!؟".

ونذكر القراء الأفاضل بأن غاية المستشرقين من دراساتهم حول الإسلام ومصادره قد فضحها المستشرق:( رودي بارت:1143م) حين قال:
" إن الهدف من الكتابات الاستشراقية كان إقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام واجتذابهم إلى الدين المسيحي".( الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، للمستشرق رودي بارت ص 11 ترجمه إلى العربية مصطفى ماهر، ونشرته دار الكتاب العربي).

يتبع إن شاء الله.

  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
04-08-2018, 05:21 PM
هذا مزيد بيان بتوفيق الحافظ الرحمن للقاعدة الفاصلة الهامة جدا في كون:

[ القرآن الكريم محفوظ في الأفئدة والصدور قبل أن يكون محفوظا في المصاحف و السطور، فالمصدر الأصلي في حفظ ونقل القرآن العظيم هو: السماع والحفظ لا الكتابة والمصاحف]

فإلى المقصود بتوفيق الحافظ المعبود:

قال الأستاذ الفاضل المستشار: سالم عبد الهادي:

سَـمَــاعِــيٌّ مِن البدايةِ إلى النهايةِ

روى الإمام البخاري رحمه في:(صحيحه:4679): حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ؛ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ؛ وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ؛ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ـ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ ـ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ: مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. انتهى.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الحديث:" إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ؛ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ".

وفي هذا فوائد ثلاثة:
الأولى: إقرار أبي بكرٍ وزيد رضي الله عنهما لقول عمر المذكور، فهذا إجماعٌ من إجماعات الشيخين أبي بكرٍ وعمر، ثم موافقة باقي الصحابة لهما على فعلهما، وعدم إنكاره؛ تدل على إجماع الصحابة الكرام رضي الله عنهم على هذا الأمر.
الثانية: خشية عمر رضي الله عنه من كثرة قتل القُرَّاء، والتي سينتج عنه لو حصل: (أن يذهب كثيرٌ من القرآن)؛ تعني بكل إيجاز: أنه لم يذهب حرفٌ من القرآن حتى هذه اللحظة التي كان الثلاثة (أبو بكر، وعمر، وزيد رضي الله عنهم يتباحثون في جمع القرآن)، فحتى هذه اللحظة لم يذهب حرف من القرآن، لكن عمر رضي الله عنه يخشى أن يضيع كثيرٌ من القرآن إذا استحرَّ القتل، أو كَثُر القتل في صفوف القُرَّاء في كل معركة من معارك المسلمين، فيرى عمر رضي الله عنه ضرورة جمع القرآن الآن، والقرآء متوافرون متواجدون قبل أن يُقْتلوا في معارك المسلمين، وبهذا يضيع كثيرٌ من القرآن بمقتل من يحفظه، فلابد إِذن من البدء على الفور في جمع القرآن.
وإذا لم يكن قد ذهب حرفٌ من القرآن حتى اللحظة المذكورة بإجماعهم؛ ثم بَدَءَ الجمعُ مباشرة، ولله الحمد، فهذا بإيجاز يعني: أَنَّه لم يذهب حرفٌ واحدٌ من القرآن الكريم أبدًا، ولله الحمد.
الثالثة: لكن رويدًا يا أمير المؤمنين: أبا حفصٍ العظيم رضي الله عنك وعن أولادك وذريتك وأحبابك، وحشرنا الله معك في جنات النعيم في صحبة نبينا صلى الله عليه وسلم.
رويدًا أبا حفصٍ، ودعني أسألك، لأتعلَّمَ منك، يا مَنْ أنعم الله عليَّ بحبِّكَ:
لماذا تخشى ضياع القرآن بموت القراء!!؟.
هل لأن الجزيرة العربية أو المدينة قد خلتْ ممن يُحْسِن القراءة إلا هؤلاء القراء، فتخشى إن قُتِلوا: أن لا تجد قارئًا أو كاتبًا يجيد القراءة والكتابة!!؟.
أرجوك أبا حفصٍ: سامحني على غبائي في سؤالي.
أرجوك أبا حفصٍ أن تسامحني، وليشفع لي عندك حُبّي للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وسائر الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
أنا ما سألتُك أبا حفصٍ لأعترضَ؛ كلا.
وما سألتُك أبا حفصٍ لجهلي بالإجابة؛ كلا.
وكيف أجهلها، وأنا ابنُ الإسلام وتلميذكم!!؟.
إنما سألتُكم، ليعلم السامع جواب ما أريد:
يلزم من ضياع القرآن بمقتل القرآء: أن يكون القراء هم: المصدر الأساسي في نقل القرآن لا غير، وقد وافق أبو بكرٍ وعمر وجميع الصحابة على هذا الذي قاله أبو حفص عمر رضي الله عنه.
فالقراءهم: مصدر التلقّي الوحيد للقرآن، لا غير، ولو كان مصدر التلقِّي هو: الصُّحُف أو الكتابة: لما هَمَّ ذلك عمر، ولا غيره من الصحابة.
أعلمتَ أبا حفصٍ رضي الله عنك: أنني أفهم قصدك وما ترمي إليه.
نعم أبا حفصٍ: أَعْلَمُ أنك ترسل رسالة لمثلي؛ كأنك تقول فيها: المصدر الوحيد في نقل القرآن هو: السماع لا الكتابة، ولذلك فأنتَ تخشى من موت الحفظة الذين يحفظونه كما أُنْزِل، فلابد من جمع القرآن من هؤلاء الحفظة بنفس الطريقة التي حفظوه بها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو كان الاعتماد في نقل القرآن على الصحف: لم يكن ثمة ما يدعو للانزعاج من مقتل القرآء والحفظة، وما يضرهم أن يُقتل القرآء جميعًا: إِنْ كان القرآن محفوظًا لديهم في صحفٍ خاصةٍ به!!؟، فدل هذا على أن نقل القرآن وروايته على القراء (السماع)، لا على الكتابة (الصُّحُف).

ـ وفي(صحيح مسلم:2865) من حديثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ.. فذكر حديثًا طويلاً، وفيه يقول سبحانه لنبيِّه صلى الله عليه وسلم:" إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ"
يقول الإمام النووي في(شرح صحيح مسلم):
" أَمَّا قَوْله تَعَالَى [يعني في الحديث القدسي]: (لَا يَغْسِلهُ الْمَاء)، فَمَعْنَاهُ: مَحْفُوظ فِي الصُّدُور, لَا يَتَطَرَّق إِلَيْهِ الذَّهَاب, بَلْ يَبْقَى عَلَى مَرّ الْأَزْمَان، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: (تَقْرَأهُ نَائِمًا وَيَقْظَان) فَقَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ يَكُون مَحْفُوظًا لَك فِي حَالَتَيْ النَّوْم وَالْيَقَظَة, وَقِيلَ: تَقْرَأهُ فِي يُسْر وَسُهُولَة".

يقول أبو بكر بنُ مجاهد في:(كتاب السبعة في القراءات:88):
" ذكر الأسانيد التي نقلت إلينا القراءة عن أئمة أهل كل مصر من هذه الأمصار.
أسانيد قراءة نافع:
فأما قراءة نافع بن أبي نعيم، فإني قرأت بها على عبد الرحمن بن عبدوس من أول القرآن إلى خاتمته نحوا من عشرين مرة".أهـ
ثم بدأ في سرد أسانيده إلى أئمة القراءات.
فانظر إلى قوله عن قراءة نافع فقط:" فأما قراءة نافع بن أبي نعيم، فإني قرأت بها على عبد الرحمن بن عبدوس من أول القرآن إلى خاتمته نحوًا من عشرين مرة".
فهو قد قرأ قراءة واحدة فقط من قراءات القرآن على شيخٍ واحدٍ فقط: نحوًا من عشرين مرة، فما بالك ببقية القراءات وبقية الشيوخ!!؟.
وهذا يؤكد ما نكرره دائمًا: أن الاعتماد في نقل القرآن وروايته على السماع لا على الكتابة.
وانظر إلى قول أبي بكر بن مجاهد في نفس الكتاب (48) أثناء كلامه على روايات القرآن:
" ومنها: ما توهم فيه من رواه، فضيع روايته، ونسي سماعه لطول عهده، فإذا عرض على أهله: عرفوا توهمه، وردوه على من حمله، وربما سقطت روايته لذلك بإصراره على لزومه، وتركه الانصراف عنه، ولعل كثيرا ممن ترك حديثه، واتهم في روايته كانت هذه علته، وإنما ينتقد ذلك أهل العلم بالأخبار والحرام والحلال والأحكام، وليس انتقاد ذلك إلى من لا يعرف الحديث ولا يبصر الرواية والاختلاف".
فانظر: كيف يُتْرَك الراوي للقرآن إذا (نسي سماعه!!؟).

وانظر إلى قول أبي بكر بن مجاهد في:(كتاب السبعة في القراءات: 46) أيضًا: " وقد ينسى الحافظ، فيضيع السماع، وتشتبه عليه الحروف، فيقرأ بلحن لا يعرفه، وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره، ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا، فيحمل ذلك عنه، وقد نسيه ووهم فيه، وجسر على لزومه والإصرار عليه.
أو يكون قد قرأ على من نسى وضيع الإعراب، ودخلته الشبهة فتوهم، فذلك لا يقلد القراءة، ولا يحتج بنقله.
ومنهم: من يعربقراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعًا.
وقد رويت في كراهة ذلك وحظره أحاديث".
ثم يروي لنا ابنُ مجاهد بإسناده:
ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال:" اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم".
ـ وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه:" اتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، فوالله لئن استقمتم: لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن تركتموهم يمينا وشمالا: لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا ".
ـ وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" إن رسول الله يأمركم أن تقرؤوا القرآن كما عُلِّمتم".
ـ وعن عبد الله بن مسعود نحو أثر عليٍّ، ولكني رأيتُ إسناده ضعيفًا، فلم أذكره.
ـ قال ابنُ مجاهد:" وقد كان أبو عمرو بن العلاء، وهو إمام أهل عصره في اللغة، وقد رأس في القراءة والتابعون أحياء، وقرأ على جلة التابعين: مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ويحيى بن يعمر، وكان لا يقرأ بما لم يتقدمه فيه أحد.
حدثني عبيد الله بن علي الهاشمي وأبو إسحق بن إسماعيل بن إسحق بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي قالا: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: أخبرنا الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول:" لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قُرِىءَ به: لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا".
وحدثني عبيد الله بن علي قال: حدثنا ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء {وبركنا عليه} في موضع {وتركنا عليه} في موضع أيعرف هذا؟، فقال:" ما يعرف إلا أن يُسْمع من المشايخ الأولين".
قال: وقال أبو عمرو:" إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول نخل طوال".
قال أبو بكر: وفي ذلك أحاديث اقتصرت على هذه منها".

فحتى وإن كان وجهًا جائزًا في اللغة: لا يُقْرَأُ به، وإنما يُقْرأُ بما سُمِعَ، وأُخِذَ روايةً وسماعًا، وعلى هذا كلام أبي عمرو بن العلاء السابق في قوله:" لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قُرِئَ به، لقرأتُ حرف كذا كذا وحرف كذا كذا"، يعني: أن اللغة العربية ووجوهها يصح فيها، ويجوز قراءة هذه الحروف على الشكل الذي قصده أبو عمرو، ولكن لا يصح في القرآن إلا أن يكون مسموعًا.
وانظر ما رواه لنا ابنُ مجاهد في:(كتاب السبعة في القراءات: 51)، وسأختصر الأسانيد هنا:
ـ عن محمد بن المنكدر قال:" قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول"، قال: وسمعت أيضا بعض أشياخنا يقول عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز مثل ذلك.
ـ وعامر الشعبي قال:" القراءة سنة، فاقرؤوا كما قرأ أولوكم".
ـ وعن صفوان بن عمرو وغيره قالوا: سمعنا أشياخنا يقولون:" إن قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول".
ـ وعن عروة بن الزبير قال:" إنما قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤوه كما عُلِّمتموه".
وفي لفظٍ عن عروة بن الزبير قال:" إنما قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤوه كما أُقْرئتموه".
ـ وعن زيد بن ثابت قال:" قراءة القرآن سنة".

وقال ابن الجزري رحمه الله:
" ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط الْمصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لِهَذِهِ الأمة".[النشر في القراءات العشر لابن الجزري: 1/6].

ويقول الإمام ابن تيمية رحمة الله عليه:
" والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف؛ كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:" إِنَّ ربى قال لي أَن قم في قريش فأنذرهم، فقلت: أي رب إذًا يثلغوا رأسي - أي يشدخوا- فقال: إني مبتليك ومبتل بك، ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظانًا، فابعث جندا أبعث مثليهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأَنْفق أُنْفِق عليك"؛ فأخبر: أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرؤه في كل حال، كما جاء في نَعْتِ أُمَّتِه: (أناجيلهم في صدروهم بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب، ولا يقرؤونه كله إلا نظرًا لا عن ظهر قلب".(مجموع الفتاوى لابن تيمية: 13/400).

قال المفسر الآلوسي رحمه الله:
" المرعى فيه: السماع من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم".( روح المعاني للآلوسي: 1/21).
وقال الآلوسي أيضًا أثناء ردّه على بعضهم:
" فلأن قوله: إن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مجموعًا مُؤَلَّفًا على ما هو عليه الآن إلخ؛ إنْ أراد به: أنه مرتب الآي والسور كما هو اليوم، وأنه يقرأه من حفظه في الصدر من الأصحاب كذلك، لكنه كان مفرقًا في العسب واللخاف؛ فمُسَلَّمٌ".( روح المعاني: 1/25).

ويقول الزرقاني في (مناهل العرفان: 1/177):
" وقد قلنا غير مرة: إن المعول عليه وقتئذٍ كان هو: الحفظ والاستظهار، وإنما اعتمد على الكتابة كمصدر من المصادر زيادة في الاحتياط ومبالغة في الدقة والحذر".

شهادة من ألماني:
يقول:( د. مراد هوفمان):
" إن المستشرقين حاولوا إثبات: أن القرآن ليس من عند الله وفشلوا، كما فشلوا في إثبات حدوث تغيير في أي حرف أو كلمة فيه، وقد يرفض غير المسلم محتوى القرآن، ولكنه لا يستطيع أن يتجاهل تأثيره الخلاب على قارئه والمستمع إليه، ويجد الباحث أن في القرآن: إشارات علمية لم تكن معلومة في هذا الزمان، ثم ثبت صدقها مؤخرا، والقرآن هو: الكتاب الوحيد في العالم الذي يحفظه ملايين البشر عن ظهر قلب، ولغة القرآن هي: العربية التي تجمع العالم الإسلامي الذي يزيد على 1200 مليون مسلم، والقرآن هو: الذي حافظ على اللغة العربية بقواعدها وكلماتها، ولذلك، فهي اللغة الوحيدة في العالم التي كتب بها القرآن منذ أكثر من 1400 عام، ولا يزال مئات الملايين من عامة أهلها يستطيعون قراءته دون تأهيل بدراسات خاصة، ودون ترجمته إلى اللغة المتداولة الآن عند العرب، فلغة القرآن هي: اللغة التي يتكلم ويكتب بها العربحتى اليوم...".أهـ.
هنا

ومن هنا:
يظهر للقراء الكرام: أن الأصل في رواية القرآن وتلقّيه على السماع والحفظ، لا على الكتابة والمصاحف.
وقد صار هذا ديدنًا لعلماء القراءات يذكرونه في فواتح كتبهم، بعبارات شتى، ومعنًى واحدٍ.
ومن ذلك: قول أبي عمرو الداني رحمه الله في مقدمة كتابه:(نقط المصاحف):
" هذا كتاب علم نقط المصاحف، وكيفيته على صيغ التلاوة، ومذاهب القراءة".

ويقول ابن خالويه رحمه الله في مقدمة كتابه:(الحجة في القراءات السبع:61) في بيان منهجه في كتابه:
" فإني تدبرت قراءة الأئمة السبعة، من أهل الأمصار الخمسة، المعروفين بصحة النقل وإتقان الحفظ، المأمونين على تأدية الرواية واللفظ".

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
09-08-2018, 01:41 PM
قال الأستاذ الفاضل المستشار: سالم عبد الهادي:

التدوين الكتابي للقرآن
ذكرتُ فيما سبق:" أن الأصل في نقل القرآن على السماع والحفظ لا على الكتابة والمصاحف"، وسيأتي ما يؤيد هذا إن شاء الله تعالى ويُؤَكده.
وقد آن للقراء الكرام: أن نوقفهم على تاريخ تدوين المصحف في نسخٍ خطية ومصاحف مكتوبة باليد.
صار من حق البحث الآن: أن نذهب به صوب مخطوطات المصحف، وما حقيقة ما جرى هنالك، وهل يا ترى كُتِبَت هذه النسخ الخطية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أم في حياته!!؟.
خلط المستشرقون هنا خلطًا عجيبًا، فزعم بعضهم: انقطاع أسانيد النُّسَخ الخطية، وزعم آخرون: أنها دُوِّنَتْ بمعرفة الصحابة الكرام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وهلم جرَّا من تُرَّهات المستشرقين وأباطيلهم التي لا حصر لها!!؟.
رغم أن القضية في نظر البعض ربما لم يعد لها أهميتها من حيث البحث، أو لم تعد الحاجة ماسة إلى بيانها في نظر البعض؛ بعد بيان: أن الاعتماد في نقل القرآن على السماع لا الكتابة، ورغم ذلك: فإنها تكتسب أهمية من عدة جهاتٍ؛ أذكر منها:

أولاً: أن الكتابة مؤكدة للحفظ ومعينة على تثبيته والعناية به، ومذاكرته وتذكُّره على الدوام، ووجودهما معًا: أعلى درجات الحفظ وأولاها وآكدها من وجود الحفظ دون الكتابة أو الكتابة دون الحفظ.
ولذا نعلم أن حفظ القرآن ونقله يأتي في أعلى درجات الحفظ والعناية والتثبُّت؛ لأنه يعتمد على السماع والحفظ في الأصل، ثم لم يُغْفِل أهمية الكتابة وفائدتها في تذكُّر المحفوظ واستذكاره.

ثانيًا: أن كثيرًا من المستشرقين قد عبثوا في هذه الجهة جدًا، وحاولوا تشكيك المسلمين في القرآن الكريم من خلالها، وخلطوا فيها خلطًا عجيبًا، مع تزوير الحقائق وتزييفها وإخفاء الوجه الصحيح للمسألة.
فكان من حقنا: أن نعيد الأمر إلى نصابه، وندخل البيت من بابه، فننظر في المسألة نظرة المسلمين الأصحاء، لا نظرة المستشرقين الخبثاء، ونقيم الأدلة على كلامنا من خلال ثوابت الروايات وقواطع النصوص التي لا تقبل الجدل ولا التشكيك، لعل الله عز وجل ينفع به أقوامًا ويضر به آخرين.


النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة القرآن فور نزوله:
لنترك الروايات الثابتة والصحيحة تتكلم بنفسها عن نفسها، ولننقلها من أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل وهو:(صحيح البخاري)، وسنرى الآتي:

البخاري (2831) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95]، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95].

البخاري (4594) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ادْعُوا فُلَانًا"، فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ أَوْ الْكَتِفُ، فَقَالَ:" اكْتُبْ{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95]"، وَخَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا ضَرِيرٌ؛ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95].

البخاري (4990) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ادْعُ لِي زَيْدًا، وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ أَوْ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95]"، وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.[النساء: 95].
وفي رواية الإمام أحمد لنفس الحديث (18174) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَن أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]، أَتَاهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي إِنِّي ضَرِيرُ الْبَصَرِ؟، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ أَوْ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ". ونحوها في رواية الإمام أحمد أيضًا (18084).

دروسٌ مستفادة:

والحقيقة: أن أمر كُتَّابِ الوحي مشهور متواتر لا يحتاج لبيانٍ، ولكنا عمدنا هنا إلى بعض ما يؤكد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن فور نزول الوحي عليه، وقد سبق هذا صريحًا واضحًا في النصوص المذكورة هنا، فما معنى هذا، وما هي الفائدة من إيراده!!؟:

أولا: براءة النبي صلى الله عليه وسلم من نسيان بعض الوحي، أو عدم تبليغه لأُمَّتِه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن فور نزول الوحي عليه: يقطع الطرق على هؤلاء المستشرقين الخبثاء أمثال: نولدكه (الذي يشيد به موراني دائمًا) وجون جلكورايست وغيرهما ممن يقولون:" إن المصحف لم يشتمل على كافة الأجزاء القرآنية"، أو:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نسي شيئًا من القرآن لم يبلغه أمته!!؟".
ومع وضوح فساد هذا القول جدًا ومصادمته للنصوص القرآنية المؤكدة لحفظ الله عز وجل لهذا القرآن الكريم خاصة وللإسلام عامة، وتوصيله كاملا لكافة أجيال أمة الإسلام؛ ومع هذا كله، فقد جاءت النصوص السابقة لتقول:
" هاؤم: انظروا كيف كتب النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فور نزول الوحي عليه، فها هو يقيد الوحي بالكتابة إلى جانب الحفظ، حتى لا ينسىَ شيئًا أو يضيع منه شيء، أو يتسرب الشك إليه في يومٍ من الأيام!!؟".
وكأن الله عز وجل بسابق علمه: قد أراد أن يقطع بهذه النصوص السابقة طريق التشكيك الاستشراقي الخبيث في القرآن الكريم من جهة نسيان النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الوحي الذي نزل.
كلا؛ هذا هو الوحي ينزل، فيستدعي النبي صلى الله عليه وسلم كتَبَة الوحي فورًا، ويأمرهم بكتابة ما نزل، ثم يأتي زيد بن ثابت رضي الله عنه (كما سيأتي)، فيجمع القرآن من هذه الصحف التي كتبها هو أو غيره بناءً على أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتحت سمعه وبصره وفي حياته، فلا مجال إذن لحاقدٍ أو عابثٍ!!؟.

ثانيًا: القرآن ليس وجادةً، والوجادة في الكتب كالضالة في الأشياء لا صاحب لها، ولا نسب ولا صلة تربطها بأحدٍ!!؟.
ومِنْ هنا: اختلف علماء الحديث في قبولها وردها، واستقرَّ الأمر عندهم على قبولها في مواضع، ورفضها في أخرى، فقبلوها حيث قامت القرائن على صحَّتِها، ورفضوها حين احتفَّتْ بها أمارات الرفض، أو كانت عارية عن أسباب القبول.
فأنتَ ترى أنها لم تُقْبَل لذاتها، وإنما قُبِلَتْ بناءً على ما حولها من ملابسات؛ فهي من (المقبول لغيره) لا (المقبول لذاته).
وهذا هو منهج العقل السليم، وهو الذي عليه علماء المسلمين، بخلاف النصارى الذين قبلوا الوجادة في كل وقتٍ، بل وأثبتوا بها: القداسة والنزاهة لما لا تهدأ فيه منافرة الحروف، وتلاحي الكلمات: لتضاربالمعاني وسمج السياقات!!؟، فيا الله: ما أحلمك عليهم!.
نبقى مع القرآن الكريم، فنقول: رغم الضوابط الصارمة التي ذكرها أهل الحديث الشريف في قبول الوجادة وردّها إلا أن الإجماع قد قام على أن الاعتماد في نقل القرآن على السماع والحفظ لا الكتابة والمصاحف، وقد سبق بيان هذا الأصل، كما رأينا هنا: أن نُسَخ القرآن الخطية التي اعتمد عليها زيدٌ في جمع القرآن: لم تكن وليدة زمن أبي بكرٍ رضي الله عنه، ولا كانت وجادةً؛ يعني لم تكن صحيفةً وُجِدَتْ بعد عصر كاتبها أو وفاته، وإنما كُتِبَتْ بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفي حضرته، وتحت سمعه وبصره، فأغلق الله بهذا الطريق على خبيث يدعي انقطاع سند مخطوطات المصحف، أو جاهلٍ يزعم: أنها كُتِبَتْ بعد النبي صلى الله عليه وسلم!!؟.
ثم هاهو زيدٌ يتتبع هذه النُّسَخ، وينسخها كلها في مكانٍ واحدٍ، فالحمد لك يا الله.

نعم؛ ثبت لنا الآن، وبلا أدنى شكٍّ:
أن القرآن الكريم قد كُتِبَ بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتحت سمعه وبصره وبحضرته، وفور نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، ثم جاء زيدٌ رضي الله عنه، فتتبَّع هذه النُّسَخ المعروف نسبتها وصلتها، والسابق كتابتها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ زيدٌ هذه النُّسَخ المعروفة نسبًا وصلةً، فجمعها في مصحفٍ واحدٍ، اعتمادًا على المحفوظ والمكتوب، وبناءً على الضوابط الصارمة التي وُضِعَتْ في نَسْخِ القرآن المكتوب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
12-08-2018, 02:22 PM
ما بينَ موراني وجلكرايست: شُبْهَةٌلا أساس لها!!؟


سبق وذكرتُ: أن طعونات المستشرقين في ثوابت الإسلام لا تتوقف عند قضية مخطوطات القرآن، وأنها حلقة في منظومة كبيرة للطعن في الإسلام، وتشكيك المسلمين في دينهم من ناحية، وتشويه الإسلام وتقديمه للشعوب الغربية بصورة منفرة من ناحية أخرى، فهي حلقة ذات حدين: لإصابة المسلمين وتشكيكهم في دينهم، ولحجب غير المسلمين عن الدخول في الإسلام.
وقد تتابع المستشرقون على الطعن في القرآن الكريم خاصة، وفي الإسلام عامة، ولم تتغير نظرتهم للقرآن عبر العصور، وإن اختلفتْ مناهجهم في تناول الطعن وتقديمه، كما سبق وأفاد د.موراني في عبارته التي سبق لي أن نقلتُها عنه في بدايات موضوعنا هذا.
وكان الإطار الذي اختاره موراني لوضع الطعن فيه هو:" إطار البحث العلمي النزيه القائم على الدراسة المقارنة بين مخطوطات المصاحف، وتحقيق المصحف تحقيقًا علميًّا " حسب زعمه!!؟، كما زعم: أنه ربما أوصلتنا هذه النسخ إلى زيادة ونقصان في بعضها، أو إلى اختلاف ترتيب بعض الآيات ولو جزئيًّا.. كذا زعم موراني!!؟، وقد مضى نقل كلامه بنصه في أول هذه المقالات، وفي غير مرة.
وجاء جون جلكرايست، فأخذ هذا الطعن وجعله في إطارٍ آخر، ثم أضاف إليه أشياء أخرى لم يذكرها لنا موراني هنا، وربما ذكرها في موضعٍ آخر؛ لأن غيره من المستشرقين قد ذكرها، ولا زال موراني يؤكد على أن نظرة المستشرقين للقرآن لم تتغير!!؟.
تكلم جلكرايست كلامًا كثيرًا لا طائل من ورائه، وخلط في كلامه خلطًا عجيبًا، وحَرَّفَ وزَوَّرَ وَزَيَّفَ، بل لم يدع رذيلة علمية أو خطيئة منهجيَّة إلا وارتكبها في كتابه هذا!!؟، ومع هذا نقتطف من كتابه النص الآتي فقط:
يقول جون جلكرايست في كتابه:(جمع القرآن) تحت عنوان:(3- نظرة عامة حول المرحلة الأولى لجمع القرآن):
" إمكانية فقدان بعض أجزاء النص واردة في عدة أحاديث نبوية تبين بعضها أن محمدا كان هو نفسه عرضة لنسيان بعض أجزاء القرآن.
"حدثنا موسى، يعني: ابن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا قام من الليل، فقرأ فرفع صوته بالقرآن، فلما أصبح قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: يرحم الله فلانا كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها ". (كتاب الحروف و القراءات سنن بن أبي داود، رقم: 3456).
وضع مترجم المرجع السابق إلى الإنجليزية ملاحظة هامشية بين فيها: أن محمدا لم ينس بعض الآيات تلقائيا، بل الله هو الذي أنساه إياها مقيما بذلك عبرة للمسلمين، مهما كانت الغاية و الأسباب، فالمهم هو: أن محمدا تعرض لنسيان بعض القرآن الذي أقر أنه أوحي إليه".
وبناءً على هذا، قال جون جلكرايست:
" نفس النصوص تنفي الفرضية الحديثة القائلة بأن المصحف الحالي هو: نسخة طبق الأصل للقرآن الأول لم يحذف منها شيء، و لم يمسسها أي تغيير، ليس هناك ما يدل على أن النص تعرض للتحريف، وكل محاولة لتأكيد ذلك (كما فعل بعض الباحثين الغربيين) يمكن دحضها بسهولة، بالمقابل: هناك أدلة عديدة على أن القرآن كان غير مكتمل وقت تدوينه في مصحف واحد".

إن جون جلكرايست يشير إلى تأكيد بعض الباحثين الغربيين على تحريف القرآن، ثم ينفي هذا الزعم، ويؤكد على أنه لم يُحَرَّف، وبهذا ينفذ إلى قلوب القراء، ويظن القارئ به: الإنصاف أو النزاهة أو الحيادية!!؟، فيسهل عليه بعد ذلك: أن يزيف الحقيقة، ويزعم: أن القرآن لم يصل كاملاً!!؟، ويطلق عبارة لا قيمة لها بأن هناك:" أدلة عديدة على أن القرآن كان غير مكتمل وقت تدوينه في مصحفٍ واحدٍ!!؟".
ويخبط خبط عشواء، ويحطب والدنيا ظلام!!؟، ليؤكد كلامه وفكرته هذه، بل
وصل الأمر به: أن يجعل الواقعة المذكورة في الحديث السابق في كلامه مؤكدة لنسيان النبي صلى الله عليه وسلم بعض الوحي!!؟.
وقد نقله من سنن أبي داود، على عادة المستشرقين في عدم الفهم في ترتيب المصادر، والجهل بعلوم الإسلام ومصادره، ولنر رأي التاريخ في هذا الخبط الموراني أو الجلكرايستي!!؟.

فماذا لديك أيها التاريخ!!؟:
إذا رجعنا إلى الحديث السابق في كلام جلكرايست، فسنرى أنه عند البخاري ومسلم، وكان العزو إليهما أولى: لو كان عارفًا بمصادر المسلمين أو بطرق استخراج النصوص وتخريجها عندهم!!؟.
على كل حالٍ، فالحديث رواه:( البخاري:5042) و:(مسلم:788):
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِئًا يَقْرَأُ مِنْ اللَّيْلِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:
" يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا".

والجواب على هذه الشُّبْهة من وجوهٍ عديدة نذكر منها:

أولاً: فرقٌ بين النسيان الجائز على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الوحي، وبين دعوى نقصان القرآن، وأنه نسي بعضه ولم يبلغه أُمَّتَه!!؟،
فالنسيان جائزٌ على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الوحي، وربما نسِيَ شيئًا من الوحي، لكن لا يُقَرّ على هذا النسيان أبدًا، بل كان سبحانه وتعالى يتعهَّد نبيه بالتذكير دائمًا، إما عن طريق الوحي المباشر، أو عن طريق نصب الدلالة له على التذكُّر كما في الحديث المذكور، حيثُ نصَبَ الله عز وجل له رجلا من الصحابة يقرأ الآية، ليتذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: أن هذه الشُّبْهة لا دليل فيها على أن بعض القرآن قد ضاع، أو أنه لم يصل كاملاً، بل الحديث المذكور واضح جدًا في كمال القرآن وتمامه، وأنه قد بلَّغَه النبي صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِه، كاملاً غير منقوص.
ولو تدبَّر المستشرقون وفكروا بعقولهم قليلاً: لرأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" لقد أَذْكَرَنِي كذا وكذا آيةً أسقطتُها"، فمِنْ أين وصلتْ هذه الآيات للرجل الذي قرأَ بها!!؟، ومَنْ أبلغه إياها هو وغيره من الصحابة!!؟.
أليس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم!!؟.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلَّغ الآية لأصحابه، فحفظوها ووعوها، ثم نساها لبعض الوقت حتى تذكرها بقراءة القارئ، فالقضية هنا: محصورة في نسيان النبي صلى الله عليه وسلم للآية لبعض الوقت، ثم تذكُّره لها ثانية بعد سماعها من القارئ، ولا أثر لها على القرآن إطلاقًا.
لماذا!!؟.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلَّغَها أصحابه، فوصلتهم ووعوها وحفظوها وقرؤوا بها، ففي الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكرها: كانت الآية محفوظة في صدور أصحابه، معلومةً لديهم، يقرؤون بها في صلاتهم، فلم تتأثر الآية أصلا بنسيان النبي صلى الله عليه وسلم لها لبعض الوقت؛ لأن نسيانه لها جرى بعد أَنْ بلَّغَها أصحابه فحفظوها ووعوها، بدليل أنه تذكرها حين سمعها من القارئ، ولو كان نسيان النبي صلى الله عليه وسلم للآية المذكورة مؤثِّرًا عليها: لم يكن ليقرأ بها أحدٌ أصلاً، ولا ليتذكرها هو ثانيةً صلى الله عليه وسلم، ولكن وقع نسيانه لها بعد تبليغه لها، فكأَنْ شيئًا لم يكن كما ترى؛ إِذْ لا صلة لنسيانه لها لبعض الوقت من قريب أو بعيد بقضية وصولها لأصحابه رضوان الله عليهم، ولا حفظهم لها؛ لأنه كما كررتُ مرارًا: قد بلغها قبل نسيانه لها، والحديث ظاهرٌ واضحٌ في ذلك.
ويؤَكِّد هذا ويوضِّحه بلا أدنى لبسٍ: أنه صلى الله عليه وسلم كان يبادر بإملاء الوحي فور نزوله على كُتَّابِ الوحي إِنْ كانوا حضورًا في مجلسِه، أو يبادر بالإرسال لهم وأمرهم بإحضار أدوات الكتابة، وكتابة ما نزل من الوحي فور نزوله، وقد سبق هذا في المداخلة السابقة هنا، مع أدلة ذلك بوضوح.
فأنت ترى الآن: أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب الوحي فور نزوله، ثم كان يُبَلِّغه أصحابه فور نزوله، ويقرأه عليهم فيكتبوه، فلا إشكال بعد ذلك: إن نسيَ شيئًا لبعض الوقت، ثم تذكَّرَهُ ثانيةً؛ لأنه قد سبق تدوينه فور نزوله فحُفِظَ في أدوات الكتابة كما حُفِظَ في الصدور.
فاجتمع فور نزول الوحي أعلى درجات الحفظ له، وهما: حفظ الصدر وحفظ الكتابة، وتكاتف السماع مع الكتابة على حفظ القرآن الكريم، فلله الحمد.
ومن هنا: لا مدخل ولا شُبْهَة لهؤلاء المستشرقين الذين يزعمون: أن القرآن وصل ناقصًا!!؟، ويستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نسيَ بعض الآيات!!؟.
كلا؛ نساها بعد أن كتبها.
كلا؛ ونساها بعد أن حفظها أصحابه، ومِنْ ثَمَّ، تذكَّرَها ثانيةً حين سمعهم يقرؤون بها، كما هو واضح من الحديث بحمد الله تعالى.

ثانيًا: قال ابن حجرٍ شارح البخاري في شرحه للحديث السابق:
" وَقَوْله فِيهِ:(لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَة)، قَالَ الْجُمْهُور: يَجُوز عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْسَى شَيْئًا مِنْ الْقُرْآن بَعْد التَّبْلِيغ، لَكِنَّهُ لَا يُقَرّ عَلَيْهِ، وَكَذَا يَجُوز أَنْ يَنْسَى مَا لا يَتَعَلَّق بِالإِبْلاغِ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى:{سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّه} [الأعلى: 6 - 7]".أهـ
والاستثناء في قوله تعالى:{إلا ما شاء الله} يعني: إلا ما شاء الله أن يُنسيكه، فسيُنْسِيكه الله عز وجل، لعلَّة النسخ مثلاً، كما يقول الله عز وجل في الآية الأخرى:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106].
وقد بَوَّب:( البخاري:5037) على الحديث المذكور هنا بقوله:" بَاب نِسْيَانِ الْقُرْآنِ، وَهَلْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّه} [الأعلى: 6 - 7]".
قال شارحه ابنُ حجرٍ رحمه الله:" كَأَنَّهُ يُرِيد أَنَّ النَّهْي عَنْ قَوْل: نَسِيت آيَة كَذَا وَكَذَا: لَيْسَ لِلزَّجْرِ عَنْ هَذَا اللَّفْظ , بَلْ لِلزَّجْرِ عَنْ تَعَاطِي أَسْبَاب النِّسْيَان الْمُقْتَضِيَة لِقَوْلِ هَذَا اللَّفْظ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَنْزِل الْمَنْع وَالْإِبَاحَة عَلَى حَالَتَيْنِ: فَمَنْ نَشَأَ نِسْيَانه عَنْ اِشْتِغَاله بِأَمْرٍ دِينِيّ كَالْجِهَادِ: لَمْ يَمْتَنِع عَلَيْهِ قَوْل ذَلِكَ، لِأَنَّ النِّسْيَان لَمْ يَنْشَأ عَنْ إِهْمَال دِينِيّ, وَعَلَى ذَلِكَ: يُحْمَل مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسْبَة النِّسْيَان إِلَى نَفْسه، وَمَنْ نَشَأَ نِسْيَانه عَنْ اِشْتِغَاله بِأَمْرٍ دُنْيَوِيّ - وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مَحْظُورًا - اِمْتَنَعَ عَلَيْهِ لِتَعَاطِيهِ أَسْبَاب النِّسْيَان.
قَوْله ـ [يعني البخاري]ـ: وَقَوْل اللَّه تَعَالَى:{سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّه}: هُوَ مَصِير مِنْهُ ـ [يعني البخاري]ـ إِلَى اِخْتِيَار مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر: أَنَّ (لا) فِي قَوْله:{فَلا تَنْسَى} نَافِيَة، وَأَنَّ اللَّه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لا يَنْسَى مَا أَقْرَأهُ إِيَّاهُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ (لا) نَاهِيَة، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِشْبَاع فِي السِّين لِتُنَاسِب رُءُوس الآي، وَالأَوَّل أَكْثَر. وَاخْتُلِفَ فِي الاسْتِثْنَاء، فَقَالَ الْفَرَّاء: هُوَ لِلتَّبَرُّكِ وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْء اِسْتُثْنِيَ، وَعَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة:{إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّه}، أَيْ: قَضَى أَنْ تُرْفَع تِلاوَته، وَعَنْ اِبْن عَبَّاس: إِلاَّ مَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُنْسِيكَهُ لِتَسُنّ، وَقِيلَ: لِمَا جُبِلْت عَلَيْهِ مِنْ الطِّبَاع الْبَشَرِيَّة، لَكِنْ سَنَذْكُرُهُ بَعْد, وَقِيلَ الْمَعْنَى:{فَلَا تَنْسَى}، أَيْ: لا تَتْرُك الْعَمَل بِهِ إِلاَّ مَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَنْسَخهُ، فَتَتْرُك الْعَمَل بِهِ".أهـ

ثالثًا: قال الإمام البخاري رحمه الله: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا، وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}، فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ: اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ: قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ". ورواه مسلم أيضًا:(448).
فأنتَ ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعجَّل حفظ القرآن، فأمره الله عز وجل أن ينصت إلى جبريل عليه السلام، أولاً، ووعدَه بأن يحفظه، وأن يقرأَه النبي صلى الله عليه وسلم كما سمِعَه من جبريل عليه السلام.
ففي حديث ابن عباسٍ المذكور:" فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ".
فها هو يقرأه كما قرأَه جبريل تمامًا، ثم تأتي روايات حديث البراء بن عازبٍ السابق في المداخلة السابقة، ومنها:
رواية البخاري (4990) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ أَوْ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95]"، وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}[النساء: 95].
فانظر في هذا الترتيب الرباني المُحْكَم: يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأَهُ جبريل تمامًا، ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي على الفور، في الوقت نفسه يقرأَهُ النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه فيحفظوه، حتى إذا ما نَسِيَ شيئًا منه ذكَّرَتْه قراءة أصحابه رضوان الله لما سمعوه منه من قبلُ، وما دوَّنوه بأمره وتحت سمعه وبصره في ألواحهم،
فلك اللهم الحمد على ما أنعمتَ به وأوليت.

رابعًا: قال الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله في:(تفسيره:1/55):
" حدثنا مَعْمر عن قتادة والكلبي في قوله:{ما ننسخ من آية أو ننسها} قالا: كان الله تعالي ذِكْره يُنْسِي نبيَّه ما شاءَ، وينسخ ما شاء.
قال مَعْمر: وقال قتادة: وأما قوله:{نأت بخير منها أو مثلها} يقول: آية فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها نهي".أهـ
وهذا المعنى مشهور في تفاسير المسلمين، ومنه يؤخذ: أن نسيان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقع إلا بمشيئة الله عز وجل، وبطبيعة الحال، فإن ما أراد الله عز وجل أن يُنْسِيه لنبيه صلى الله عليه وسلم، فليس هو من الوحي المأمور بتبليغه، بخلاف ما لو أوحاه الله عز وجل إليه، ثم نساه النبي صلى الله عليه وسلم بعد تبليغه لأُمَّتِه، فهذا وحي، لا يضره أن ينساه النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الوقت؛ لأنه قد بلَّغَه لأُمَّتِه فحفظوه ووعوه ودوَّنوه في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وتحت سمعه وبصره، ثم ها هو يتذكره ثانيةً إذا سمعهم يتلونه.
وقال ابنُ أبي حاتمٍ في:(تفسيره:1057):" حدثنا أبو زرعة حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا أسباط عن السُّدِّي:{ما ننسخ من آيةٍ}: نسخها: قبضها.
قال أبو محمد ـ [وهو ابن أبي حاتمٍ] ـ: يعني بقبضها: رفعها؛ مثل: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة، وقوله: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما ثالث".أهـ
ولننظر في هذه النصوص في:(تفسير ابن أبي حاتمٍ) أيضًا:
" 19222 عن مجاهد في قوله:{سنقرئك فلا تنسى} قال: كان يتذكر القرآن في نفسِه مخافة أن ينسى.
19223 عن ابن عباس:{سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله} يقول: إلا ما شئت أنا، فأنسيك.
19224 عن قتادة في قوله:{سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئًا إلا ما شاء الله".أهـ
ويقول ابنُ كثير في:(تفسيره:4/501):
" وقوله تعالى:{سنقرئك}، أي: يا محمد {فلا تنسى}، وهذا إخبارٌ من الله تعالى ووعدٌ منه له بأنه سيقرئه قراءةً لا ينساها، {إلا ما شاء الله}، وهذا اختيار ابن جرير، وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئًا إلا ما شاء الله، وقيل: المراد بقوله:{فلا تنسى}: طلب، وجعل معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما يشاء الله رفعه، فلا عليك أن تتركه".أهـ.

وأكتفي في الجواب عن الشُّبْهة المثارة بهذه الرُّباعية المذكورة، ومنها: يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم مُبَرَّأٌ تمامًا من نسيان بعض الوحي قبل أَنْ يُبْلِغَه أُمَّتَه، كما يتضح لنا مما سبق بجلاءٍ لا لبس فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسَ حرفًا من القرآن لم يُبْلِغه أُمَّتَه، وأنَّ القرآن قد وصلنا كاملاً غير منقوص تمامًا كما قرأهُ النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، فالحمد لله ربِّ العالمين.

يتبع إن شاء الله.

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 02:43 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى