بذور الفناء في نقض كتاب جذور البلاء لشمس الدين4
23-10-2020, 07:55 PM
لقد أطلنا في استعراض بعض المقدمات التي نزعم أنها هامة في نقد هذا الكتاب الجديد في ظاهره القديم في مضمونه بما يحمله من شبهات تقليدية للنيل من عقيدة أهل السنة والجماعة في كل عصر ومصر وان حاولت اليوم تلك الحرب السافرة التلحف بخمار مكافحة على بعض السلفيات المعاصرة المنحرفة والتي قد لا نختلف على أن عليها مؤخذات كثيرة لكن الطعن في عقيدة أئمة القرون الثلاثة المرضية وتزهيد الناس في مروياتهم الصحيحة واتهامهم بالترويج للمرويات الإسرائلية فانه أمر بالغ الخطورة على من يدعيه في الدنيا والآخرة لأن الإنتقام الإلهي لا يؤمن جانبه إلا جاهل أو غافل أو مغرور.
واليوم نذكر بعض تلبيسات الرجل -قبل الرد على دعاويه الباطلة ونقضها-فهو كعادة سلفه في هذا النهج ينقلون بعض الأقوال العامة بمعزل عن مخصصاتها ومقيداتها وملابساتها وسياقاتها حتى تظهر بالمظهر الذي يخدم أهدافهم وأغراضهم في اسقاط هيبة بعض العلماء الأعلام من قلوب العامة وذلك على طريقة (ويل للمصلين) المعروفة،فيتلقى تلك الشبهات الأغرار من المسلمين معتقدين أنها الحق الذي لا مناص منه فيزهدون في اولائك العلماء وربما حرقوا كتبهم ونعتوهم باشنع الاوصاف.
لقد ذكر جامع أبعاض في مقدمته في ص11 رواية الإمام حماد بن سلمة عن إبن عباس أن النبي ص رأى ربه جل ثناؤه جعدا قططا أمردا في حلة حمراء)ثم راح ينسب مرويات الإمام حماد بن سلمة إلى العقيدة اليهودية التي اطلع عليها عندما سافر إلى عبادان .
قبل أن نذكر أقوال العلماء في صحة هذه الرواية وكونها تتعلق بعالم الرؤيا لا اليقظة كما ذكر غير واحد من الأئمة كالإمام أحمد وابن تيمية والذهبي والسيوطي والعجلوني وآخرهم العلامة المعلمي وعلى ذكر الإمام المعلمي يتعجب الإنسان من استشهاد ناسخ الكتاب بأقوال الرجل وهو معلوم بأنه من خصومه في دعاويه التي يعج بها الكتاب لأن المعلمي كما يعلم من قرأ سيرته و كتبه كرده البديع على الكوثري في كتابه التنكيل بما في تأنيب الخطيب من الأباطيل بأنه على طريق السلف في المنهج والعقيدة وما كتابه القائد إلى العقائد إلا نقد ورد على عقيدة الأشاعرة .
لكن غالب الظن بالنسبة لي والله أعلم أن الرجل نقل هذه الشبهة دون بحث في مدلولها وسياقهاوالمهم أن الله كفى المؤمنين شر القتال عندما صرح الكثير من العلماء الذين صححوا الرؤيا بأنها رؤيا منامية وبالتالي يرتفع الإشكال ووهم التشبيه (راجع :الذهبي في ميزان الإعتدال 594/1.السيوطي في اللآلئ المصنوعة 34/1،العجلوني في كشف الخفاء 1/437،المعلمي في التنكيل 1/253وغيرهم....)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو أكثر من يريد صاحب الكتاب الصاق التهمة به-في الوصية االكبرى ص77: (وكل من قال من العُبَّاد المتقدمين أو المتأخرين أنه _أي النبي ص -رأى ربه بعين رأسه فهو غالط في ذلك بإجماع أهل العلم والإيمان)
لكن ما يحز في النفس يا أخي القارئ ليس نسبة هذه المسألة المستغربة لهؤلاء الأئمة أو جهل الكاتب بمعنى الحديث وسياقه ،بل ما يدمي الفؤاد هو دعوى أن شيخ الاسلام -كما يسميه الذهبي في سير أعلام النبلاء -حماد بن سلمة مروج للمرويات اليهودية وهو والله لو قرأ سيرته- بدافع من الصدق لا الشهرة- لخجل من نفسه وحقارتها وجهلها .
واسمع يا أخي لبعض أقوال كبارعلماء السلف في الإمام التابعي حماد بن سلمة رضي الله عنه .
جاء فس سير أعلام النبلاء للذهبي في الطبقة السابعة :قال عبد الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموت غدا ، ما قدر أن يزيد في العمل شيئا .
وقال محمد بن مطهر : سألت أحمد بن حنبل ، فقال : حماد بن سلمة عندنا من الثقات ، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.
وروى أحمد بن زهير ، عن يحيى ، قال : إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة ، وحماد بن سلمة ، فاتهمه على الإسلام .
قال عباس عن ابن معين : حديثه في أول أمره وآخره واحد.
وقال ابن المديني وغيره : لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة
قال التبوذكي : سمعت حماد بن سلمة يقول : إن دعاك الأمير لتقرأ عليه : قل هو الله أحد فلا تأته قال إسحاق بن الطباع : سمعت حماد بن سلمة يقول : من طلب الحديث لغير الله -تعالى- مكر به . [ ص: 449 ] وقال حماد : ما كان من نيتي أن أحدث ، حتى قال لي أيوب السختياني في النوم : حدث . حاتم بن الليث : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن زيد ، قال : ما كنا نأتي أحدا نتعلم شيئا بنية في ذلك الزمان ، إلا حماد بن سلمة .
بعد هذه النقول المؤثرة ترتعد فرائيس الإنسان وترتعش يده ويهوى القلم ولا حول ولا قوة إلا بالله .