تعريف بكتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
09-09-2015, 10:36 PM




كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء من أشهر مؤلفات الحافظ أبي نعيم الأصبهاني (336هـ - 443هـ)، حتى أصبح الكتاب يضاف إليه كالنسب، فيقال "أبو نعيم صاحب الحلية".

موضوع كتاب حلية الأولياء
يستمد كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء من عنوانه ومن مادته العلمية، فاسمه ينبئ عن موضوعه، وهو بيان طبقات الأصفياء، وهم عند أبي نعيم شيوخ الصوفية سواءً كانت تلك النسبة على الحقيقة أو ممن اشتهر بالزهد والورع، قال في مقدمة كتابه :" فقد استعنت بالله عز وجل وأجبتك إلى ما ابتغيت من جمع كتاب يتضمن أسامي جماعة وبعض أحاديثهم وكلامهم من أعلام المتحققين من المتصوفة وأئمتهم وترتيب طبقاتهم من النساك ومحجتهم من قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم ممن عرف الأدلة والحقائق وباشر الأحوال والطرائق وساكن الرياض والحدائق وفارق العوارض والعلائق" [1].

وقد وضع أبو نعيم للكتاب مقدمة اشتملت على بيان سبب تأليف الكتاب، والكلام عن منزلة الأولياء وصفاتهم ونعوتهم، وبيان معنى التصوف وحدوده وأصل اشتقاقه، وأنواع كلام المتصوفة.

قيمة الكتاب العلمية وعناية العلماء به
يعد كتاب حلية الأولياء موسوعة علمية ضخمة؛ وذلك بما حواه من مادة علمية غزيرة متعددة الجوانب، موزعة على أكثر من أربعة آلاف صفحة في النسخة المطبوعة من الكتاب.

ومن أبرز جوانب قيمته العلمية
أن كل ما فيه من أحاديث قدسية أو مرفوعة أو موقوفة أو مقطوعة يرويها مصنف الكتاب بأسانيده إلى أصاحب تلك الأقوال أو الأفعال، فمادته ثروة علمية كبيرة في حفظ الآثار. واشتمل الكتاب على رواية عدد كبير من الأحاديث من طرق تفرد بها أصحابها من الغرائب والتي قلما توجد مسندة إلا في كتاب حلية الأولياء.

احتوى الكتاب على ذكر طائفة من رواة الحديث وجاءت في تراجمهم بعض العناصر المهمة في تراجم الرواة كذكره لنسب الراوي، وما وصف به من العبادة والصلاح، وتزكية أهل العلم له، والتي يستفاد منها في معرفة عدالة الراوي، و يذكر في التراجم بعض الشيوخ، والتلاميذ، وسني الوفاة، والتي يستفاد منها في معرفة طبقات الرواة، والمتقدم والمتأخر منهم.

احتوى الكتاب على جملة وافرة من أحاديث الأحكام، ولذلك جمعها الهيثمي وابن حجر في كتاب تقريب البغية بترتيب أحاديث الحلية. ومما يزيد من قيمة الكتاب العلمية شهرة مصنفه أبي نعيم الأصبهاني؛ الذي بلغ مبلغًا عظيمًا، ومكانة مرموقة في رواية حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد نال كتاب حلية الأولياء شهرة كبيرة في حياة مؤلفه وبعدها، حتى قيل فيه: "لما صنف كتاب الحلية حمل إلى نيسابور في حياته فاشتروه بأربعمائة دينار". وقال أبو طاهر السلفي: "لم يصنف مثله". وأثنى عليه حاجي خليفة فقال: "وهو كتاب حسن معتبر". وقال السبكي: "ومن مصنفاته حلية الأولياء، وهو من أحسن الكتب، كان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله كثير الثناء عليها، ويحب تسميعها" [2].

جهود العلماء على كتاب حلية الأولياء
ولأهمية كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء فقد قام الكثير من العلماء باختصاره أو التعقيب عليه، أو نقده، ومنها:

1- صفة الصفوة لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت 597هـ ).
2- أحسن المحاسن، مختصر للكتاب اختصره ابن أحمد الرقي (ت 703 هـ ).
3- مجمع الأحباب وتذكرة أولي الألباب، مختصر للكتاب اختصره محمد بن حسن بن عبد الله الحسيني الواسطي (ت 776هـ).
4- المقتضب من حلية الأولياء، لأبي الحسين محمد بن عبيد الله النفزي الشهير بابن قابوش.
5- تقريب البغية بترتيب أحاديث الحلية، للحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 هـ).
6-نظم رجال الحلية، لمحمد بن جابر، مؤلف في سنة 793 هـ.
7- أربعون حديثًا في النهي عن الظلم، منتخبة من حلية الأولياء لأبي نعيم، لمؤلف مجهول.
8- البغية في ترتيب أحاديث الحلية، وهو فهرس لأحاديث الكتاب أعده عبد العزيز بن محمد بن صديق الغماري. 9- أبو نعيم وكتابه الحلية، كتبه د. محمد بن لطفي الصباغ. 10- مختصر حلية الأولياء، لعلي بن عبد الحميد بلطه جي. 11- تهذيب حلية الأولياء، لصالح بن محمد الشامي. 12- كمال البغية في أحاديث الحلية (تجريد، وترتيب، وتخريج)، كتبه د. مخيمر صالح. 13- الأقوال الواردة عن السلف في العقيدة في كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم جمعًا وتحقيقًا ودراسة، لمحمد بن بو بكر بن عمر بنعلي. 14- فهارس حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، إعداد السعيد بسيوني زغلول.

منهج أبي نعيم في كتاب حلية الأولياء
أولًا: منهجه في ترتيب التراجم
بدأ بتراجم العشرة المبشرين بالجنة، ثم بقية الصحابة على غير ترتيب معين. ثم انتقل إلى الكلام عن أهل الصفة، وذكرهم مرتبين على حروف الهجاء، واستفاد ممن سبقه في ذكر أهل الصفة، وهما أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعيد الأعرابي ثم استدرك عليهما بعض الأسماء التي لم يذكراها. وختم تراجم الصحابة بذكر جملة الصحابيات رضوان الله عليهن. أعقب ذلك بذكر تراجم الطبقة الأولى من التابعين، بدأ بترتيبهم على البلدان فقدم تابعي البصرة ثم تابعي المدينة ثم تابعي الكوفة. ولم يلتزم ترتيبًا معينًا بعد ذلك.

ثانيًا: عناصر الترجمة
أغلب التراجم التي في الكتاب تحوي عناصر تكاد أن تكون متحدة في الترتيب كما يلي:-

يبدأ باستخدام حروف العطف لبيان انتساب المترجم له للصوفية، ثم يصفه بأوصاف مسجوعة، ويبين اسمه وشيئًا من نسبه وبلده، مثل قوله: "فمنهم حبيب أبو محمد الفارسي من ساكني البصرة كان صاحب المكرمات مجاب الدعوات".

ثم يذكر جملة من الأخبار الواردة في فضل المترجم له، وبعض ألفاظ التعديل الواردة فيه، ويذكر شيئًا من وصف حاله من العبادة والزهد، تقل وتكثر هذه الأخبار حسب ما اشتهر عن المترجم له. وإذا كان المترجم له ممن اشتغل بالرواية فيذكر بعد ذلك أسماء من روى عنهم، ثم يورد جملة من الأحاديث التي رواها المترجم له من غير ترتيب معين لا في الإسناد ولا في المتن أو عدد محدد لها.

ثالثًا: منهجه في تخريج الأحاديث
لم يخل أبو نعيم رحمه الله كتابه من فوائد علمية تتعلق بالأحاديث الشريفة ومن عنايته بها فقد تكلم على كثير من الأحاديث من حيث شهرتها من بعض الطرق وغرابتها، وله في ذلك منهج يمكن وصفه كما يلي:

- رواية الأحاديث بأسانيده عن شيوخه.
- الحكم على الأحاديث، ومن عباراته في ذلك: ثابت صحيح، متفق عليه، صحيح متفق عليه على شرط الجماعة.

[12] حلية الأولياء، 1 /3 - 4.
[13] سير أعلام النبلاء، 17/ 459. طبقات الشافعية الكبرى، 4/19. تذكرة الحفاظ، 3/1094. طبقات الشافعية، 4/22. كشف الظنون، 1/689.



سعيد الرقيب الغامدي