لم يكن هناك شعب جزائري قبل عام 1830!
28-10-2018, 05:03 AM



خرج مجددا مؤرخ فرنسي هو جون سيفيا، ليردد أطروحة استفزازية لطالما رفضها فرنسيون وأوروبيون قبل الجزائريين، وهي أن الجزائر كانت أرضا خالية من أهلها يوم نزل جيش الاحتلال الفرنسي على السواحل الغربية للعاصمة ذات جويلية 1830م.
المؤرخ إياه وفي حوار خص به يومية “لوفيغارو” الفرنسية، قال: “إبان الغزو (الفرنسي للجزائر)، لم يكن هناك شعب جزائري”، في عبارة لا يمكن أن تنطلي ليس على الجزائريين فحسب، وإنما على الفرنسيين أنفسهم.
وعندما يقف المتابع على توجهات صحيفة “لوفيغارو”، يدرك أن مثل هذه التصريحات عادة ما تكون معلبة، لأن هذه الجريدة ذات توجهات يمينية، بمعنى أنها تلتقي مع طروحات الأطراف السياسية والاعلامية التي ترفض أي معالجة عادلة ومنصفة للصراع الموروث عن الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر.
جون سيفيا أراد القفز على الحقائق التاريخية التي لطالما سعى جيش الاحتلال إلى طمسها على مدار 132 سنة من التشويه والمسخ وحرب الإبادة، والتي تمظهرت في بعض جوانبها، في حرق الكتب وتدمير المستندات التي وجدها في الإدارات والمكتبات.
شهادات المؤرخين المحايدين من غير الجزائريين، والقصد هنا بعض المؤرخين الفرنسيين والأوروبيين عموما، أكدوا في أعقاب البحوث التي أنجزوها عن الجزائر، أن هذه الأخيرة كانت تعج بالمكتبات، وكانت نسبة الأمية محدودة جدا مع نسبة الأمية في فرنسا ذاتها، وذلك بالرغم من القوة التدميرية التي كان يتوفر عليها جيشها المهزوم أوروبيا في تلك الفترة.
المؤرخ الفرنسي استفاض في القفز على الحقائق التاريخية، والكذب على التاريخ، عندما شكك في جرائم حرب الإبادة التي ارتكبتها بلاده في الجزائر، بما فيها التي وقعت في الفترة الممتدة من عام 1954 إلى 1962 (الثورة التحريرية)، وكذا مجازر الثامن من ماي 1945، بل إنه برأ جيش بلاده المحتل منها ورمى بها الإخوة الأعداء، جيش وجبهة التحرير الوطنيين، والحركة الوطنية، التي كان يقودها زعيم النضال من أجل التحرر، الراحل مصالي الحاج.
ولم تكن هذه المقدمات سوى محاولة من المؤرخ الفرنسي المذكور، للتنصل من التصريحات التي صدرت عن مسؤولين كبار في الدولة الفرنسية، والتي صبت في مجملها في مهاجمة الاستعمار واعتباره “نظاما ظالما”، كما جاء على لسان كل من الرئيسين نيكولا ساركوزي ومن بعدها فرانسوا هولاند، ثم الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، الذي بدا أكثر قربا من غيره من مطلب الاعتذار.
وينطلق جون سيفيا في موقفه هذا من مزاعم لا يؤمن بها إلا هو، وهو المساواة بين من يدافع عن أرضه وعرضه (جيش التحرير الوطني)، ومن يسعى إلى إبادة شعب من أجل السيطرة على ثرواته وأرضه، بالقوة الغاشمة، وذلك عندما راح يتحدث عن بعض الاغتيالات المعزولة التي وقعت بحق بعض الحركى والأقدام السوداء في الفترة التي أعقبت وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، متناسيا الجرائم التي ارتكبها هؤلاء ومعهم منظمة الجيش السري الإرهابية “أو آ آس” بحق الجزائريين، والتي طالت حتى بعض الرسميين من الفرنسيين.