مع باد شاه آل عثمان مؤسس الدولة العثمانية
09-11-2017, 06:05 AM
مصطفى كمال و نهاية الخلافة الإسلامية

اهتم المستشرقون و الأوربيون أكثر اهتمام بالدولة العثمانية و بالتاريخ العثماني و أنجزوا في ذلك دراسات معادية للدولة العثمانية و للإسلام عموما بعد سقوط الدولة البيزنطية و حولها العثمانيون إلى دار الإسلام و أطلقوا عليها اسم ( إسلام بول) أي دار الإسلام، و أحرزت الدولة العثمانية باسم الإسلام انتصارات و اجتاحت جيوشها أوروبا و بلغت فتوحاتها إلى حدود فيينا عاصمة النمسا، و قامت بدور هام في نشر الإسلام و توحيد الشعوب الإسلامية و المساواة بينهم و بين أتباع الأديان الأخرى في تطبيق الشريعة الإسلامية..
و ينتسب العثمانيون إلى قبيلة تركمانية كانت في بداية القرن السابع الهجري تعيش في كردستان و تزاول حرفة الرعي ثم هاجرت إلى بلاد ألأناضول بقيادة سليمان جد عثمان ألأول مؤسس الدولة العثمانية، كان ذلك في عام 717 هـ - 1220 م عندما تعرضت القبيلة للغزو المغولي بقيادة جنكيز خان على العراق و مناطق شرق آسيا الصغرى، و استقرت القبيلة في بلاد الأناضول مدة عشر سنوات إلى أن توفي سليمان جد عثمان الأول عام 628 هـ - 1230م فخلفه ابنه الأوسط أرطغول و كان معه حوالي مائة أسرة و أربعمائة فارس، و في طريقه سمع هذا الأخير أصواتا فوجد قتالا حاميا بين المسلكين و النصارى و كانت كفة الغلبة للجيش البيزنطي فقام لنجدة إخوانه المسلمين فكان للجيش الإسلامي السلجوقي الانتصار، توفي أرطغول سنة 699هـ- 1299م فخلفه ابنه عثمان الذي تنتسب إليه الدولة العثمانية و يعتبر بحق مؤسس الدولة العثمانية و هو من حدد وضعها الديني و السياسي و العسكري للعثمانيين بعدما اعتنق الإسلام و تبعه ألأتراك، و تمكن بنشاطه العسكري من استكمال رسالة الدولة السلجوقية، فتح عثمان بن أرطغول قلعة قرة جه حصار عام 1291م الواقعة جنوب سكود و جعلها قاعدة له، كذلك السيطرة عسكريا على بروسة و نيقيه و نيقومكيديا، و فتح مدينة يني شهر و اتخذها عاصمة له، ثم لقب نفسه " باد شاه آل عثمان" ..
وضع باد شاه آل عثمان مؤسس الدولة العثمانية و استوحى نظمها من الدولة السلجوقية الرومية و لتعلقه بالجهاد و الدعوة في سبيل الله حظي عثمان بن أرطغول التفافا كبيرا من علماء الدين، و قل وفاته ترك لابنه أورخان وصية في السير بالحكم بما يرضي الله و ألأخذ بمشورة العلماء و أهل الشريعة، كما أوصاه بأن إقامة الحروب ليس لشهرة أو شهوة حكم أو سيطرة أفراد، بل بالإسلام يحي و بالإسلام يموت، توفي عثمان أرطغول في 21 رمضان من سنة 726 هـ - 1327م عن عمر يناهز 70 سنة، ودفن في مدينة بورصة، و كان رفضه منح الحكم لولده علاء الدين لأن هذا الأخير كان رجل تصوف و زهد لا يحب الحرب و كان يقضي جل وقته في العبادة، و بالتالي لا يصلح لإدارة الدولة التي تحتاج إلى حاكم شجاع جريء عالي الهمة سديد الرأي فكان أن يختار أخوه أورخان.

30 خليفة يحكمون الدولة العثمانية
استطاع السلطات أورخان من تحقيق عدة فتوحات، ففي آسيا الوسطى فتح مدينة أزمير بعد سنتين من الحصار، ثم ضم إمارة قرة شي الواقعة غرب الأناضول على بحر مرمرة إلى الشرق من بحر إيجة، و ذلك بسبب الخلافات التي كانت تدور بين أمرائها، و أنشأ السلطان أورخان الجوامع و المدارس لنشر العلم، و احتل جزءًا من الساحل الأوروبي ليكون قاعدة له للتوسع في أوروبا رفقة ولده سليمان باشا و قبل أن يتوفي ابنه سليمان تولى السلطنة أخوه مراد عام 1359م و هي السنة التي توفي فيها السلطان أورخان حزنا على ولده سليمان ، و هكذا بقيت الدولة العثمانية تتوسع على يد خمسة سلاطين، و اشرف على تسيير حكمها كذلك 30 خليفة يعودون لأب واحد هو الأمير أورخان، و في عهد مراد الأول ابن أورخان أصبحت الدولة العثمانية من أقوى الدول و خلق لها هيبة ، أسس فرقة الخيالة هذا الأخير فرقة للخيالة العثمانية المسماة " سيباه" و جعل علمهم الأحمر المزين بالهلال و الذي ما يزال إلى اليوم و هو علم تركيا..
كل هذه الفتوحات في أوروبا كان وراءها خير الدين باشا أشهر قواد ( جمع قائد) الدولة العثمانية مما دعت الروم البيزنطيين للتآمر على الدولة العثمانية و استخدام ابن السلطان مراد ( صاووجي) للثورة على الدولة العثمانية و هي الأسباب التي دفعت السلطان مراد إلى قتل ابنه صاووجي بدون شفقة ثمنا لخيانته و التمرد على والده..، من هنا بدأت الحروب تتوالى على الدولة العثمانية مع ( القرم و العجم، و الروس و انجلترا و اليونان..)، كما وقت الدولة العثمانية معاهدات صلح مع دول عديدة منها النمسا، و نصرة شعوب أخرى مثلما حدث في جدّة عندما أرسلت الدولة العثمانية عثمان باشا إلى جدة و نصرتها على المسيحيين و حكم على المجرمين بالإعدام..
هذا و لم تسلم الدولة العثمانية من الاضطرابات خاصة مع روسيا عندما وقعت معها معاهدة سان ستيفانو، غير أن روسيا كانت قد أثارت المشاكل للدولة العثمانية بواسطة سكان طشقند الذين هاجموا السرايا و دخلوا الأستانة بدعوى حماية المسيحيين، كما قام جواسيس الروس بحرق الدوائر العثمانية ، و انتهت هذه الاضطرابات بعقد مؤتمر برلين عام 1878م و كانت إحدى بنود المؤتمر محاولة الإصلاح في الدولة العثمانية التي تزعمها مدحت باشا بتأييد من الدول الأوروبية، لا لشيء إلا لنزع الصفة الإسلامية من الدولة العثمانية، وقد أعلن الدستور الحرية للأمة العثمانية مع المساواة بين المسلمين و المسيحيين، ووقعت تنازلات لم يبق فيها للدولة العثمانية في أوروبا إلا مدينة اسطنبول ( الأستانة) ومنطقة ألبانيا و البوسنة و الهرسك..
كان للصهيونية العالمية فرصة للقضاء على الدولة العثمانية باسم الحرية و استغلت الصهيونية العالمية الديون التي كانت على عاتق الدولة العثمانية في عهد الخليفة العثماني محمد رشاد الخامس بن عبد المجيد الأول فكان على هذا الأخير إلا أن يوقع عل معاهدة مع الدول الأوروبية لتقسيم الدولة العثمانية، و تسليم جزء منها إلى الدول الأوروبية لضمان بقائه في الحكم و محاربة الشعور القومي لدى العرب و الترك و الأرمن و اليونان و الشركس و..الخ، في هذه الفترة برز مصطفى كمال في الواجهة السياسية و تمكن من استعادة جزء كبير من تركيا، لقد تزامن ظهور مصطفى كمال بعد تنازل الخليفة لعثماني محمد وحيد الدين الملقب بمحمد السادس عن العرش عام 1922م ، و تسليمه الحكم للخليفة العثماني عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز عام 1924م، و في عهد هذا الأخير سطع نجم مصطفى كمال ، حيث أصبح الحاكم القوي إثر معاهدة الصلح مع لوزان عام 1933م ، بموجبها استعادت تركيا آسيا الصغرى و اسلامبول و تراقيا الشرقية، و بسطت نفوذها من جديد إلى أن تم ألإعلان في نفس السنة عن الجمهورية التركية و انتخب مصطفى كمال رئيسا لها، و لكي لا يكون أي منافس له من المسلمين اصدر مصطفى كمال عن طريق الجمعية الوطنية قرارا يقضي بإنهاء دور الخلافة و إخراج الخليفة من البلاد، و صدر القرار في 13 ( آذار ) مارس من عام 1924م و هي السنة التي سقطت فيها الخلافة الإسلامية و نهاية عهد الدولة العثمانية التي حكمت أكثر من ستمائة ( 600) عام..

علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..