النصائح الذهبية لمشرفي المحاضن التربوية
22-09-2018, 10:32 AM
النصائح الذهبية لمشرفي المحاضن التربوية


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


هذه نصائح وقواعد تربوية جمعتها ورتبتها ودونتها مما يقارب من 20 مربيا ومختصا في التربية, وركزت على ما يلامس الواقع العملي منها, فوجدتها نافعة ومفيدة للمربي والمتربي, دونتها بدايةً لنفسي، ثم آثرت نشرها لتعمّ الفائدة, وحتى لا تبقى هذه الفوائد رهينة المذكرات, وحتى تنتقل هذه الفوائد من طور التنظير إلى طور التطبيق في الميادين والمحاضن التربوية, والمؤمَّل: أن تكون هذه الفوائد كالمتن المشروح لمن خاض غمار التربية، واشتد عوده فيها,- وكالمتن الذي يحتاج لاستزادة[1] لمن استجد في ميادين التربية, والله أسأل: أن ينفع بها، وأن يكتب الأجر لكل من استفدت منه هذه الفوائد[2].

التعامل مع المراهقين:
1. التعامل مع المراهقين يكون بالعدل، وعدم التمييز بينهم للشكل أو الجنس أو العائلة أو المكانة, وهذه لا تتعارض مع مكافأة المحسن، ومعاقبة المخطئ.
2. القسوة مع المراهق تصنع شخصية خانعة تقبل الانحراف بسرعة.
3. الإنصات وتفهم المشاعر، وطلب الحلول من المراهق وإشراكه في الحل، والدعاء أمامه ومتابعته, هذه السداسية لحل المشكلة التي يطرحها المراهق.
4. تعامل النبي مع المراهقين:
موقف الرسول مع من استهزأ بالأذان من المراهقين المشركين, فكان منهم: أبو محذورة, فأمسكه الرسول ، ووضع يده على رأسه، ثم دعا له بالهداية, بل وجعله مؤذنا لمكة إلى أن توفي رضي الله عنه.
5. لما انشغل أنس بن مالك رضي الله عنه: خادم النبي وعمره 14عاما عن أمره بعد أن أرسله لحاجة, فانشغل باللعب مع أقرانه, ذهب له الرسول ، وأمسكه من الخلف، وابتسم في وجهه، ثم قال:" أفعلت ما أمرتك به؟"، فقال: أفعل.
6. من الخطأ تعميم أفعال النبي مع عموم الصحابة على المراهقين, فَفِعلُ الرسول مع أحد الصحابة بإزالة الخاتم من يده، وإلقائه على الأرض, لا تصلح مع المراهقين.
7. الأسئلة الروتينية التي يطرحها الوالدان, يجب أن لا تنتقل إلى المربين في المحاضن.
8. الإخبار في المسائل الجنسية تكون مبكرا, بعمر الأول المتوسط, فالوقاية خير من العلاج, ومن الغلط: التغاضي عن هذا الأمر بحجة عدم "تفتيح عيون مغمضة".
9. السنة الأولى ثانوي تسمى:( سنة التمرد, والانفراد بالرأي, والإعراض عن التوجيه المباشر)، فمن الخطأ: التضجر من هذه السمات, وعليك بالتوجيه غير المباشر، ولا تكن خصما للطالب في هذا السن.
10. مرحلة المراهقة هي: مرحلة القوة والنشاط والنضج وقطف الثمار والتضحية, وقد أفلح: من استطاع أن يستغل هذه المرحلة بحسن قيادته.
11. مرحلة المراهقة: من أجاد التعامل معها، فقد كسب المتعة والصداقة والأثر الحسن, ومن لم يجد التعامل معها، فستكون من أسوأ المراحل على المربي, فستكثر عداواته مع المتربين، ولن يجد الأثر الحسن منهم.
12. بعد سن الخامسة عشر: يتلقى الطفل مهارات, وقبلها هي: أفضل مرحلة لغرس القيم.
13. وسّع دائرة علاقات المتربي, ولا تكن أنت المؤثر الوحيد, ولا تمارس حِجرا فكريا, وأعط لغيرك فرصة لالتقاط الهواء بمخالفته اجتهاداتك.

مهارات ملازمة للمربي الناجح:
1. البوابة الأولى والأخيرة في التأثير على المتربي هي: الإخلاص.
2. القدرة على التوظيف من أعظم دعائم المربي المؤثر, بأن يوظف الجاد وغير الجاد لهدفه الأساسي.
3. السمت والسلوك الجذاب من وسائل التأثير بالتربية.
4. قاعدة: المعلم إذا أدّى ما عليه في محضنه التربوي، فإن المتعلم يتفاعل تلقائيا.
5. لابد من المعايشة مع المتربي، فهي تكشف شخصية المتربي وبواطنه.
6. لا بد أن تكون هناك استمرارية في تقديم المربي: ما ينفع للمتربي, فمتى ما شعر المتربي: أنه لا يستفيد من معلمه، فإن هذا من أكبر العوائق التربوية.
7. التربية بالقدوة تفوق جميع أنواع التربية, يقول ابن حزم رحمه الله: "طلبت العلم عند شيخ, فتعلمت من بكائه أكثر من علمه".
8. ينبغي للمربي أن يكون أعلى من المتربي, ويكون الفارق بينهما واضحا.
9. يُفترض على المربي أن يبتعد عن المباحات فضلا عن سفاسف الأمور, لا على الوجوب, بل حتى يكون أكثر تأثيرا بالمتربي.
10. الجود له علاقة كبيرة في تفاعل المتربين مع المتربي.
11. المربي المتفرس الذي يكتشف قدرات المتربين، ثم يوجهها ويستغلها يكون أمكن من غيره.
12. يجب على المربي كما أنه يربي الطالب على الانضباط والجماعية والتعاون, عليه أن يغرس فيه الثقة في النفس والرأي الشخصي واستقلال الشخصية و نحو ذالك.
13. المربي الناجح يضع نصب عينيه حديث النبي :" إن كان في الساقة: كان في الساقة", فلا يضعف إن تدنى منصبه, ولا يغتر بعلو منصبه, فهو: تكليف مسؤول عليه.
14. الثقة العالية في المربي, قد تقدمه على غيره من المربيين الأكفاء, فالثقة العالية مع قدرات متواضعة, أنفع وأجدى من قدرات عالية مع ثقة متواضعة.
15. بتقليد المتربي مقام "الأستاذية" للمربي, بعيدا عن إجبارها عليه أخلاقيا, هو: معيار من معايير نجاح المربي.
16. قال ابن الجوزي رحمه الله في سياق حديثه عن "التربية بالقدوة" : "لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة، وكان أنفعهم لي في صحبته:{العامل منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه}"، ثم قال بعد ذكره لبعض من تأثر بهم:
" ففهمت من هذه الحالة: {أن الدليل بالفعل: أرشد من الدليل بالقول}". التربية بالقدوة تنشئ جيلا عظيما.

التعامل مع خطأ المتربي:
1. لا تفرح بضبط الأخطاء, بل افرح إذا لم تجد ذالك الخطأ, عثمان بن عفان رضي الله عنه علم باجتماع قوم على منكر, فاتجه لهم فلم يجدهم, فحمد الله على أنه لم يجدهم, وأعتق رقبة لله على ذالك.
2. عقوبة الهجر يجب النظر فيها إلى مكانة المهجور عند هاجره, فهو أسلوب لا يصلح للجميع، ويجب أن يكون مؤقتا.
3. لا بد للمربي أن ينظر للدوافع قبل الحكم على الأخطاء, فعندما تحكم على خطأ المتربي: لن تستطيع أن تتحمله, وعندما تنظر إلى دوافعه، ستتقبله.
4. عند وقوع الخطأ الذي وقع فيه المتربي يجب التظاهر بالغضب, حتى وإن اضطر المربي لتصنع الغضب, وهذا هو: الغضب التربوي.
5. الصبر التربوي: يكون في الحالة التي يخطئ فيها المتربي, لكن المصلحة التربوية: لا تدعو إلى الغضب، بينما نفس المربي تدعو للغضب, فيقدم الصبر التربوي على الغضب النفسي "الشخصي".
6. لابد من الصبر على الأخطاء المستمرة المتكررة عند المتربي مع السعي للإصلاح, ولابد من الاستنفار لمواجهة واجتثاث الأخطاء المتفاقمة.
7. يجب النظر عند إصلاح الخطأ إلى الفاعل من ناحية دوافعه ومكانته عندي ومكانتي عنده.
8. الأساليب التهكمية من أشد أنواع الإهانة للمخطئ, مثل قول الله عز وجل عن أبي جهل:[ذق إنك أنت العزيز الحكيم], وكاللوم بوصف الثناء مثل : ("أحسن"و "يا قوي" ), ولا ينبغي أن تُستعمل بالمحاضن التربوية إلا نادراً.
9. الخطوط الحمراء لدى المتربي قد تكون صديقا تاريخيا أو انتماءا وتوجها معينا, فالمساس بها يكون بحيطة وحذر شديدين, فلا تحاول الهجوم عليها, أجّل الخطوة قليلا, وقد تضطر بداية إلى عدم المساس بها فترة من الزمن, لأن شعور المتربي بأنه مقدم على نقلات كبيرة قد ينشأ عنه ردة فعل معاكسة.
10. لا تفضح لا تصريحا ولا تلميحا, حتى لا يلجأ المخطئ إلى الجهر بالمعصية جرّاء ذلك, ولا تعنف فينكسر, فتتحول أنت والدعوة: خصما له ولأهله.

الأساليب النبوية في إصلاح الأخطاء:
1. عندما قال الأنصاري عن قسمة الرسول للغنائم:" والله، تلك لقسمة ما أريد بها وجه الله": غضب الرسول واشتد غضبه.
وفي المقابل: تقول زينب بنت جحش رضي الله عنها:" يا رسول الله, أزواجك يطلبنك العدل في ابنة أبي قحافة", هنا لم يغضب الرسول ، وتبسم بالنهاية، وقال:" إنها ابنة أبي بكر".
الموقف الأول: نادر، مفاجئ، متعدي، إداري.
الموقف الثاني: متكرر, متوقع, متعدي, أسري, دوافعه الغيرة.

2. قول النبي :" يا غلام: سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك"، يرشدنا إلى أنه ينبغي تحديد ما ينبغي أن يفعله المخطئ: أكثر من التركيز على تحديد الخطأ الذي وقع فيه.

3. في حادثة تبول الأعرابي في المسجد, لم يغضب الرسول لكون الفاعل أعرابيا جاهلا, وكان الأمر في بداية الإسلام, وبعدها بأعوام رأى الرسول نخامة بالمسجد, فغضب غضبا شديدا، فأزالها بيده، ثم قال :" أيحب أحدكم أن يستقبله رجل, فيبصق في وجهه"[2], مع أن البول في المسجد: أشد جرما من التنخم فيه, والسبب: أن الفعل كان بعد انتشار الإسلام، والفاعل مستور غير معلوم بخلاف حادثة الأعرابي.

اعتقادات وأفعال خاطئة في التربية:
1. هداية الشاب لا تدل بالضرورة على إتقان المربي, وعدم هداية الشاب لا تدل بالضرورة على تقصير المربي.
2. الاستشارة من المتربي للمربي دليل على وجود الأثر التربوي, والعكس صحيح.
3. من مدمرات التأثير التربوي: كثرة الجدال مع المتربي وكثرة النقد له.
4. الحرص على كسب المواقف: لا كسب القلوب من مدمرات التأثير التربوي.
5. لا يلزم من الاستجابة التأثر, ولكن يلزم من التأثر الاستجابة.
6. التربية بردة الفعل الطارئة على المربي، والتربية بالذكريات المتعلقة بكيفية التزام المربي, ثم تطبيقها على المتربي: تربية غير مؤثرة.
7. البدء بمهارة تعديل سلوك المتربي قبل دراسة حالة المتربي من الأخطاء التربوية.
8. المعلم القاسي الشديد لا يبتعد عنه الطلاب ولا يقبلون عليه، وقد ينقادون له انقيادا: لتحقيق أمر معين فقط!!؟.
9. عدم التوازن الاتصالي, بحيث لا تكون جميع الوسائل الاتصالية عن طريق هذا المعلم من أخطاء التربية.
10. من ضيق نظر المربي: توجيه جميع المتربين إلى التخصص الشرعي دون النظر إلى التوجهات التي يجيدونها, فينبغي على المربي: أن يوجه المتربين إلى ما ينفعهم من التوجهات التي يجودونها.
11. من أخطاء التربية: عدم تحويل المعرفة إلى سلوك, فمن اعتمد التنظير دون التطبيق: ساء عمله, ومن اعتمد التطبيق دون التنظير: ساء فهمه.
12. من أسوء أساليب التربية:( أسلوب ليّ الذراع), حيث يستخدم هؤلاء إحسانهم إلى المتربي كورقة ضغط على قناعات ومواقف وقرارات المتربي.
13. الإفحام في الرد على المتربي: يسكته ولا يقنعه, وأخطأ من ظن أن الإفحام كالإقناع!!؟.
14. تقريب المتربين الذين تتوافق ميولهم واهتماماتهم مع ميول المربي, وتمييزهم عن غيرهم, مع:" محاولة إنشاء نسخ كربونية" من المربي, من المزالق الخفية في التربية.
15. قد يصبح المتربي أكثر علما أو أحسن حالا من المربي, وهذا لا يدعو إلى سخط المربي, بل يدعوه إلى شكر الله: أن أخرج من بين يديه: رجلا صالحا, كما أخرج الله نبي الله: داود من جيش الملك طالوت, فأخرج الفاضل من تحت المفضول.

علاقة المربي الناجح بالآخرين:
1. المربي الناجح: لا يتحدث عن نفسه، ولا يحسد غيره، ولا يعتقد أن النجاحات محتكرة له.
2. المربي الناجح من يتقبل النقد من كل الناس.
3. المربي العظيم إذا وصل إلى القمة يريد أن يصل الجميع معه إليها.
4. المربي الناجح يثني على شركائه في الدعوة من غير إقصاء أو تحييد أو استئثار فيها دون غيره.
5. ينبغي أن يكون هناك مناخ أخوي إيماني بين المربين يأوون إليه: كلما ضاقت نفوسهم، وكلّت أرواحهم.

هوامش:
[1] كُتب نصح بها المختصون:
(علم النفس الدعوي: د.عبد العزيز النغيمشي) , (أكادمية المربي: د.محمد الدويش), (أساليب نبوية في التعامل مع الناس، الشيخ:محمد صالح المنجد), (التربية الجنسية: أ.فهد الحمدان), (المراحل العمرية: د.عمر المفدى), (علم النفس التربوي: د.عمر المفدى).
[2] مسند الإمام أحمد (17/279).

منقول بتصرف يسير، جزى الله خيرا راقمه.