دسترة المذهب المالكي لحماية هويّة الجزائريين من التطرّف
27-06-2016, 10:18 PM

إلهام بوثلجي

صحافية بجريدة الشروق مختصة بمتابعة القضايا القانونية


حذر المشاركون في ندوة الشروق حول المرجعية الدينية للجزائريين مما وصفوه بالأفكار النحلية التي تغزو البلاد في المدة الأخيرة على غرار "التّشيع" و"الأحمدية" و"القرآنية"، وأجمعوا على ضرورة التّصدي لها ومحاصرتها، كما أكدوا على ضرورة مكافحة ظاهرة التطرّف والتّشدد في الدّين، من خلال تفعيل المرجعية الدينية للجزائريين ببعديها المالكي والإباضي.
المفتش المركزي بوزارة الشؤون الدينية
هذه خطتنا لمكافحة الأفكار الدخيلة وحماية الأمن الفكري

أكد الدكتور رضوان معاش، مفتش مركزي بوزارة الشؤون الدينية، بأن بعض الأطراف تحاول نقل الصراعات الطائفية بالمشرق العربي إلى الجزائر، بغرض استهداف المرجعية الدينية الوطنية، وحتى تكون بلادنا عرضة للطوائف النحلية، التي تحاربها الجزائر بكافة الأشكال وعبر نصوص قانونية يتم التحضير لها.
وقال ضيف منتدى "الشروق" حول مجهودات الجزائر لحماية المرجعية الدينية، إن وزارة الشؤون الدينية، وضعت مخططا لتثبيت المرجعية، والتصدي للأفكار الدخيلة عبر عدة أليات على غرار حماية الأمن الفكري، وإرجاع الهيبة للمساجد حتى تلعب دورها المنوط بها.
ولفت المفتش المركزي بوزارة الشؤون الدينية، بهذا الخصوص أن المسجد في زمن من الأزمان أريد أن يكون له بعيدا بشكل كلي عن اهتمامات المواطن وقضايا الوطن ثم في فترة من الفترات أريد له أن يكون المؤسسة الوحيدة في الدولة، فهو القضاء والدين والتربية وغيرها، وبين هاذين الموقفين المتطرفين ترى وزارة الشؤون الدينية ضرورة إعادة المسجد لدوره الحقيقي أي في خدمة الدين والوطن.
وأشار المتحدث إلى "أن هذا التوجه، تعترضه مطبات ومحاولات بين الحين والأخر من أجل فتق هذا الجدار المتماسك للوحدة الدينية، ولهذا نلح على دور المسجد والزوايا في حماية والمحافظة على مرجعتينا، ننتمي إلى مذهب مالكي معتدل وسطي يدعو إلى التعايش وليس التفرقة".
وقال الدكتور رضوان معاش إن وزارة الشؤون الدينية وبالتعاون مع مؤسسات الجمهورية، لها جهاز متكامل للتفتيش، في عدة مراتب مفتشين ولائيين، ورئيسين ومفتشين بالإدارة المركزية، لرصد والانتباه لكل شيء ما من شأنه المساس بالأمن الفكري للمجتمع الجزائري.
واعتبر ضيف "الشروق" أنه لا يجب الطعن والتشكيك في المجهودات المبذولة والإمكانيات التي ترصدها الدولة لحماية المرجعية الدينية، أو التأكيد على أنها مجرد شعارات وليس واقعا، وعلى الجميع التكاثف لحماية مرجعيتنا.
وإن اعترف الإطار بوزارة الشؤون الدينية بضعف تأطير المساجد، لكنه اعتبر أنها محصنة ولم يتم المساس بها رغم محاولات الغزو الديني، والأفكار الدخيلة، معتبرا أن توجه الوزارة بتفعيل التكوين كشرط أساسي لاختيار الأئمة ورفع المستوى بما يتناسب والتحديات.
وتحدث رضوان معاش، بالإضافة إلى ذلك، عن المرصد الوطني لمكافحة التطرف الديني، ومشروع قانون يتم التحضير له أيضا لتجريم الأفكار النحلية، والذي سيرى النور قريبا، ومن شأنه حسب محدثنا ردع والتصدي لكل الأفكار الدخيلة بكل صرامة وحزم، لأن الجزائر لا تقبل أن يتم غزوها دينيا يقول معاش رضوان.

الباحث ناصر الدين الميلي:
الفكر الشيعي يشبه الداعشي في دمويته والتشيع والوطنية لا يلتقيان

شبّه الباحث والأستاذ الجامعي ناصر الدين الميلي، الموجة التي تتعرض لها الجزائر من طرف الجماعات النحلية كالشيعة بالفكر الداعشي الدموي، وقال إن هذه الهجمة العاتية غير برئية لأن التاريخ يثبت أن تحركات هذه التنظيمات يكون مخططا له ووفق أجندات مدروسة، وحتى انتماءات خارجية تصب في مصلحة من يحركها.
وأضاف الباحث في ندوة "الشروق" أن هذه الفرق تريد التشويش على المرجعية الدينية في الجزائر، ويجب التنبيه لهذا الأمر من طرف المختصين والدارسين للمذهب حتى لا يغتر شبابنا بهذه الطوائف الغريبة والدّخلية على مجتمعنا، مضيفا "كتشخيص للوضع يمكن القول إن ما نعانيه ليس صراعا طائفيا بين مذهبين كما هو حاصل في بلدان عربية أخرى، فمجتمعنا محصن ضد هذه التيارات لكن يجب التنبيه وإشعال الضوء الأحمر، للوقوف ضد هذه الأفكار حتى لا تتغلغل في مجتمعنا وتنغص علينا الحياة التي نعيشها وسط إسلام سني مالكي يتعايش فيه الجميع".
واعتبر المتحدث أن أخطر ما في هذا الموضوع أن التشيع والوطنية لا يلتقيان، لأن الشيعي يبيع ولاءه إلى جهة دينية وسياسية معروفة، ويتحرك وفق تعليماتها وهنا مكمن الخطر على الوطن، وذكر في هذا السياق أمثلة عن وقائع تآمر فيها الشيعة مع المحتل الأجنبي ضد الأمة العربية والإسلامية كسقوط بغداد على أيدي المغول قديما ثم سقوطها في يد المحتل في العصر الحديث.
ويرى الباحث الميلي أن الاختلاف بين المذهب الشيعي وعموم المسلمين في العقيدة ليس بسيطا، كما يظن البعض، لأنه يقع في مسائل أساسية وأصول الدين.
وعدد المتحدث أوجه الاختلاف في أربع نقاط، في مقدمتها "الإمامة" وهي من أساسيات الفكر الشيعي، بل ركن من أركانه، ومن لم يؤمن بها بذلك فهو كافر، في نظرهم، فمن لم يؤمن بإمامة علي بن أبي طالب والأئمة الإثنا عشر من بعده فهو كافر، حسب المذهب الشيعي، كما تعتبر مراجعهم أن هؤلاء الأئمة ليسوا بشرا عاديين بل هم معصومون من الخطإ، ويعلمون الغيب ومكانتهم فوق الأنبياء والملائكة، بحسب أبجديات الفكر الشيعي.
كما أن فكر هذه الطائفة، يقول ناصر الدين الميلي، يقوم على فكرة لعن الجيل الأول من الصحابة، باسثناء القلة منهم، والأغرب أنهم يكفرون كبار الصحابة كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ويزعمون أنهم كتموا وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكون علي بن أبي طالب خليفته، ولم ينج من التكفير أمهات المؤمنين كالسيدة عائشة والسيدة حفصة. كما يعتبر الشعية أن ديار المسلمين الســُـنة أرض كـفـر وحكامها طواغيت.
وعند شرح الأساس الرابع الذي يقوم عليه فكر الشيعة في القديم والحديث، أشار المتحدث إلى مبدإ "التقية" عندهم والمقصود به النفاق والكذب على المخالف، فيعتبر الشيعي أنه إذا كان في بلد لا يكون الشيعة فيه في موضع قوة فإنه يحق له الكذب وإظهار الموافقة للمخالف إلى أن يتمكن، والتقية باقية إلى غاية ظهور المهدي المنتظر، حسبهم.
نحن محصّنون من التشيّع لكن إشعال الضوء الأحمر حتمي
ويؤكد الدكتور ناصر الدين الميلي أن بعض الشيعة يرفعون شعار وحدة الأمة الإسلامية وأن ما يجمعها هو التوحيد والقرآن الكريم، وأن علينا التعايش، لكن هي مجرد كلمات تدغدغ المشاعر فقط، والدليل مراجعهم وكتبهم التي تظهرعكس ذلك، واستفاض في ذكر أقوال مراجع علماء الشيعة في القديم والحديث التي تؤكد انحراف هذا الفكر وخطورته.
وأشار الدكتور الميلي إلى أن "كل المحاولات التي جرت منذ أربعينيات القرن الماضي للتقريب بين السنة والشيعة باءت بالفشل بسبب إخلالهم بالعهد، فقد تبين بالتجربة أن دعاة الشيعة ماضون في سعيهم لنشر مذهبهم المنحرف في البيئة السنية وأن ما يقصدونه بالتقريب بين المذاهب هو أن يتحول السني إلى شيعي، وليس أن يلتقوا في منطقة وسط".
ونصح الباحث بضرورة عدم التشكيك في المرجعية الدينية الوطنية، لأننا ننتمي للمذهب المالكي الوسطي، ولا يجب أن نبقى شعبا في طور التلقي وانتظار الاتصالات من الخارج".

جلول حجيمي، رئيس نقابة الأئمة:
هناك طفيليات في المساجد تخرق المرجعية وتروج للتطرف

أكد رئيس نقابة الأئمة الجزائريين جلول حجيمي خلال نزوله ضيفا على منتدى جريدة الشروق، على ضرورة دسترة المرجعية الدّينية في الدستور الجزائري للمحافظة عليها ولمحاربة الأفكار المتطرفة والهدامة، داعيا إلى تأطير المساجد ومنحها الأولوية من قبل الدولة مثلها مثل الجيش.
وشدّد حجيمي على أهمية التأطير للحفاظ على المرجعية الدينية المالكية، ليقول "المرجعية ليست شعار ولا كلمات تردد بل تحتاج إلى عمل ملموس" وتابع كلامه "ما نشهده هو شبه تناقض بين القرار والتطبيق"، مرجعا ذلك لقلة التأطير من جهة، ولعدم وجود استراتيجية محكمة من جهة أخرى، مذكرَا في السياق بما يشهده العالم من انفتاح عن طريق القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، وأثرها في نشر الأفكار الهدامة، والتي لسنا – يضيف ـ في منأى عنها، خاصة أن شعبنا متعطش لمعرفة الآخر، فيجد أمامه جماعات مختلفة، سواء تلك التي تنادي بالخط الإسلامي السني أو الخط الشيعي أو التي لها أبعاد هدامة، وأمام كل هذا –يقول محدثنا- نحن لا نملك قناة توجه الناس نحو المرجعية الدينية، ولا برامج تبدأ من المدرسة إلى ما بعد التدرج، ليتساءل "أين هو المرجع المالكي في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة ؟" .
يجب دسترة المذهب المالكي حماية للمرجعية الدينية
وأعاب رئيس نقابة الأئمة على نقص التكوين والتأطير في الجامعات والمعاهد التي تستقبل الأئمة، ليصرح"هناك واقع حقيقي لطالما حذرنا منه، والحقيقة تؤكد وجود بعض الأساتذة هم أنفسهم ضد المرجعية؟ فكيف سيكون مصير المتخرجين يا ترى والذين تستقبلهم وزارة الشؤون الدينية سنويا؟"، وأضاف "حقيقة في الجزائر استفدنا من الأزمة الدموية السابقة بوجود انسجام في الخطاب، لكن لا تزال هناك أزمة في التأطير وفيه من يتخرج بأفكار ضد المرجعية"، ليؤكد حجيمي على ضرورة وجود رغبة سياسية لحماية المرجعية، خاصة أن هذا الأمر يتخطى-حسبه-قدرات وزارة الشؤون الدينية، ويتطلب تظافر الجهود لمحاربة خطر التطرف، ولم يخف المتحدث وجود بعض الأئمة المخالفين للمرجعية والذين يرغمون الناس على أفكار وبدع مخالفة للسنة، معددا بعض الخطابات التي يصطدم بها الناس من حين إلى آخر، على غرار من يقول المولد بدعة أو يخطب خطبة واحدة في صلاة العيد، داعيا للتعامل بحزم مع هذه الطفيليات التي قد تتسبب في نشر أفكار هدامة، ليقول "نقص التأطير يترك فجوات في الواقع"، وأردف "تمكين وتأطير المساجد من الضروريات التي تساوي تأمين جيش وحماية الحدود" ليكشف عن انتشار ملحوظ للمطويات التي تحمل أفكارا معادية ومتطرفة داخل المساجد، بالإضافة إلى كتيبات تدعو لطوائف معينة، متسائلا عن الرّقابة والحماية التي توليها الدّولة للمساجد؟.
واعتبر حجيمي بأن حماية المرجعية الدينية تحتاج إلى مشروع أمة ليحميها من أي انزلاق، مشيرا إلى أن المسؤولية ليست حكرا على وزارة الشؤون الدينية فقط بل تستدعي تظافر الجهود وتجنيد حتى وزارة التعليم العالي والتربية والقضاء، ليتساءل"أين هي المرجعية الدينية في مناهج المدارس والجامعة وحتى مدارس الشرطة والقضاء؟" يؤكد أن الجزائر بالرغم من بعدها عن الهوى الطائفي إلا أنها ليست في منأى عنه، خاصة أن الطوائف – يضيف- هي مسألة أجندات، ليقول"إذا لم توجد صرامة لا يمكن أن نحافظ على لحمتنا" ليذكر في السياق بأن هناك حركات تدعو لأفكار متطرفة تصرف في السنة 9 ملايير دولار ما يقارب ميزانية 9 دول في إفريقيا؟ متسائلا "ماذا صرفنا نحن للحفاظ على المرجعية؟".

حاج همال باحث في الجماعات الإسلامية:
نحن مولعون بالترويج للآخر


يرى الباحث في الجماعات الإسلامية الدكتور حاج همال بأن المرجعية الدينية في الجزائر واضحة تمثل المذهب المالكي، لكنها تحتاج للترويج والتأطير في المساجد، ليقول "هذه مسؤولية كبيرة تحتاج إلى تظافر كل الجهود"، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الدينية قامت وتقوم بهذا الدور منذ 20 سنة أو أكثر، من خلال ملتقيات في عمق المرجعية الوطنية التي ليست هي سوى المذهبية المالكية، ليعتبر بأن الجزائريين هم ورثة السنية الخالصة، وقد حافظوا على العمق الوسطي للدين. وقال الدكتور همال بأن مشكلة خطر التطرف وكذا المد الشيعي وتجاهل المرجعية الدينية ترجع لعدم وجود دعاية كافية للمرجعية، ليشبه هذه الأخيرة بالسلعة، قائلا:"ليس الغرابة أن يسوق التاجر سلعته، لكن الغرابة أن يقبل المشتري على السلعة مع وجود منتجات محلية ذات نوعية جيدة"، وواصل كلامه "المشكلة أن هذه السلع لا دعاية لها أي سلع لا متكلم بها"، وأشار الباحث إلى أن مشكل المرجعية الدينية في الجزائر يتمثل في كون أكثر خطبائنا يتكلمون في جانب لا يمثلون المرجعية الدينية، وأضاف "قد يكون خطيب في مسجد يتأثر به الناس، لكن لا يتأثرون بالمرجعية الدينية " وتساءل في السياق "لماذا لا يفرض إطار وزارة الشؤون الدينية تدريس متن ابن عاشر في المساجد على الأئمة أو ينتقي من الأئمة من يكون مؤهلا لتدريس هذا المتن؟"، وأضاف ذات المتحدث بأن الإمام الذي لا يلتزم بالمرجعية الدينية هو خارج عن الحاكم، والذي يفترض أنه يقرر المرجعية الوطنية وفق المذهب المالكي، ليعتبر بأن المواطن البسيط لا يمكنه أن يعي مرجعيته إلا عن طريق الأئمة في المساجد والمتكلمين في التلفزة، لكن –يقول– نحن الجزائريون مولعون بالتسويق، ليدعو إلى ضرورة ربط المواطن البسيط بمرجعيته الدينية من خلال تدريس ابن عاشر بمستوياته التي يفقهها الشيوخ والكبار والمستوى الحسن والجيد عن طريق تدريسها في المساجد، لينوّه في السياق بأن الحديث عن الخطر الشيعي قد ينقلب إلى ضده ويصبح بمثابة الترويج له.
المرجعية الدينية في الجزائر تنقصها الدعاية والتأطير في المساجد
وتساءل الباحث عن سبب عدم محاسبة ومتابعة الأئمة الذين يتصرفون تصرفات فردية ويفرضون أمورا خارجة عن المرجعية على المصلين، مثل الجمع بين الشفع والوتر وكذا التراويح ودعاء القنوت وكذا عدم الانضباط بقراءة القرءان برواية ورش، وغيرها من المخالفات للمرجعية المالكية، ليقول "نحن متسامحون أكثر من اللازم مع مخالفات يقوم بها بعض الموظفين"، وواصل كلامه
"الإمام هو موظف يخضع لقانون التوظيف ويخدم الصالح العام ولا يجوز أن يخطئ" ليشير إلى أن مشكلة الجزائيين أنهم ورثوا المرجعية المالكية آبا عن جد، لكنهم لا يعرفون كيف يعبرون عنها، لأن التسويق لهذه المرجعية ليس بالشكل الكافي.