قتلى وجرحي في حريق حي قصديري
01-04-2016, 05:22 AM

أمين بلحية

شهد شارع عفيف علي بحي مولاي مصطفى بعاصمة الولاية عين تموشنت فجر أمس احتراق 13 كوخا قصديريا، ما أدى إلى وفاة طفل في الخامسة من عمره وإصابة 5 أشخاص آخرين بحروق من الدرجة الثالثة.
هي الحادثة التي فجرت سلسلة من الاحتجاجات الغاضبة صاحبتها محاولات انتحار. وأمام تصاعد الأوضاع وتأزمها، ارتأت "الشروق" التنقل إلى عين المكان بغية تقصي الحقائق.

الأكواخ تتحول إلى رماد.. لا أفرشة ولا أثاث ولا وثائق هوية
ADVERTISEMENT
كانت الساعة تشير إلى حدود الساعة الخامسة صباحا من يوم أمس الخميس عندما تلقت "الشروق اليومي" عشرات المكالمات الهاتفية أجرتها العائلات الناجية من الحريق مفادها استنجادهم من خلال التنقل إليهم، بغية نقل الحقائق على لسان المتضررين وكذا من أجل إيصال صوتهم إلى السلطات العليا، الأمر الذي دفعنا إلى التنقل إلى عين المكان أين كانت عشرات العائلات في انتظارنا. وبمجرد أن وضعنا أقدامنا بالطريق المحاذي، الذي كان يعم برجال الأمن والحماية المدنية توجهت كل الأنظار تجاهنا على أمل نقل صورة معاناتهم وإيصال صوتهم إلى أعلى هرم في السلطة. وهنا بدأت زيارتنا، حيث أنه فور وصولنا حاولت كل عائلة اقتيادنا إلى مقر سكناها الذي تحول إلى رميم لالتقاط صور ورفع انشغالاتهم. ونظرا إلى الطلبات المتتالية ارتأت "الشروق" إلقاء نظرات خاطفة على بعض المساكن غير أن إلحاح المتضررين دفعنا إلى التوغل داخل الحي. وهنا تفاجأنا بحجم الأضرار المادية و البشرية التي ألحقها الحريق وكدا الوضعية الكارثية للبيوت التي سلمت من ألسنة النيران الملتهبة ومعاناة السكان الحقيقية وسط بنايات فوضوية هشة تفتقر إلى أبسط ضروريات العيش الكريم.
مناظر يعجز اللسان عن التعبير عنها عند مشاهدتها، هي تلك التي شهدتها بنايات حي عفيف علي بحي مولاي مصطفى. أكواخ لم يبق منها إلا الاسم ورائحة الحريق تزكم الأنف، عائلات لم يبق لها أي شيء، لا وثائق هوية ولا أثاث وأطفال وتلاميذ أتلف الحريق جميع كتبهم وكراريسهم، لا مأوى لهم الآن سوى الشارع.. وضع مأساوي دفع بالعائلات إلى المطالبة بترحيلهم عاجلا .

من هنا بدأت الحكاية
يقول السكان إن الأمر كان عاديا في تلك الليلة إلى غاية الساعة الرابعة و23 دقيقة أين نشب الحريق بأحد الأكواخ، لكن سرعان ما امتدت ألسنة النيران منه إلى الأكواخ المجاورة حيث سمع دوي انفجار إحدى قارورات غاز البوتان الصغيرة وهو ما دفع إلى الاستنجاد بمصالح الحماية المدنية قصد إخماده.
أثناء وجودنا بعين المكان حاولنا أخذ أكبر قدر ممكن من الآراء بهدف نقل مختلف وجهات نظر السكان المتضررين وكذا جيرانهم من العمارات المجاورة حول الحريق. فاجتمعت جل الآراء على أن الأمر فيه احتمال كبير على أنه مفتعل من طرف أطراف مجهولة تحاول زرع البلبلة بالحي- يضيف السكان- وسبق أن شهد الحي عدة حرائق مماثلة من قبل أين تم تسجيل خسائر مادية كبيرة في حين يؤكد آخر أن هناك عدة مناوشات كانت تقع بين بعض قاطني الحي من حين إلى آخر ما يمكن أن يؤكد فرضية تصفية حسابات بينهم.

الحماية المدنية: أسباب الحريق تبقى مجهولة


من جهتها، مصالح الحماية المدنية التي سخرت كل إمكاناتها المادية والبشرية لإخماد الحريق منذ الدقائق الأولى لتلقيها نداء الاستغاثة، أكد مسؤولوها أن أسباب الحريق تبقى إلى حد الآن مجهولة، حيث تم تجنيد 03 وحدات. ويتعلق الأمر بكل من الوحدة الرئيسية، وحدة المركز المتقدم، وكذا وحدة القطاع لعين تموشنت، مضيفة أن الحريق نشب في 13 كوخا قصديريا وخلف وفاة طفل في الخامسة من عمره تفحم بعين المكان، إصابة امرأتين وطفلة بحروق من الدرجة الثالثة تم تحويلهن إلى المستشفى الجامعي بوهران، أعمارهن على التوالي 34 سنة 39 سنة و09 سنوات، مع إصابة رجل وامرأة بجروح سطحية في الرجل واليدين و04 نساء أخريات تتراوح أعمارهن بين 31 سنة و42 سنة، بصدمات مختلفة، حيث تم تقديم الإسعافات الأولية إليهم بعين المكان، من طرف طبيب الحماية المدنية وتحويلهم من ثم إلى مصلحة الاستعجالات الطبية لمستشفى أحمد مدغري الذي أعلن حالة الطوارئ، وسخر طاقما طبيا لاستقبال الجرحى والمصابين .
الزيارة الميدانية التي قادت "الشروق اليومي" إلى الحي المذكور كشفت أن الحي لم يكن يقطنه سوى 14 عائلة من قبل غير أنه في الآونة الأخيرة تم تسجيل تشييد 16 كوخا آخر، يقول بعض قاطني الحي إن بعض الأكواخ مغلقة ولا يظهر مشيدوها إلا بعد إبلاغهم عن قرب زيارة اللجنة المختصة بإحصاء هذه السكنات الموفدة من قبل مصالح الدائرة. وهو ما أثار غضب العائلات القاطنة بالحي، لا سيما القاطنة به منذ ما يقارب 08 سنوات .

حملة تضامنية عبر المساجد
وفور وقوع الحريق وقف الوالي، السيد حمو أحمد توهامي، على حجم الخسائر المسجلة بعين المكان. وتضامنا مع الأسر المتضررة تم اتخاذ جملة من الإجراءات أبرزها ترحيل العائلات المتضررة إلى المرآب التابع لبلدية عين تموشنت مع إطلاق حملة تضامنية عبر مساجد الولاية ابتداء من اليوم الجمعة، وذلك بالتنسيق مع مصالح الشؤون الدينية والأوقاف. هذا، وأكد الوالي بالمناسبة أن عملية ترحيل العائلات إلى المرآب ستكون كإجراء أولي على أن تمس العائلات التي لها الأحقية فقط خصوصا وأن التحقيقات الأولية كشفت أن من الأكواخ ما كان مشيدا دون أن يقطنه أحد، على أن تجرى تحريات فيما بعد من أجل التأكد من هوية طالبي السكنات وأحقيتهم في ذلك، مؤكدا أنه تم إحصاء 52 عائلة .
من جهتها، مصالح الأمن التي كانت حاضرة بعين المكان منذ الوهلة الأولى عززت من إمكاناتها البشرية حيث شهد المكان تعزيزات أمنية مكثفة تحسبا لأي انزلاقات محتملة، في حين فتحت في المقابل تحقيقات معمقة، حول أسباب الحريق، حيث تم في هذا الشأن إيفاد فريق من الشرطة العلمية إلى عين المكان، قصد تقصي الحقائق وتحديد الأسباب الحقيقية وراء اندلاعه، خصوصا أن الحادثة أضحت تتكرر عدة مرات.