بين السلفية والليبيرالية من وئام وخصام .
31-10-2012, 10:44 AM
بين السلفية والليبيرالية من وئام وخصام
.ما أكثر ما نقرأ عن مروق الفكر الحر ، فقد كثُر القادحون في ذمهم وهجرهم ووصفهم بأقبح النعوت ، بلغت حد التفسيق والإخراج من ملة الإسلام ، فاللبيرالي في عرف أدعياء السلف هم ملاحدة وكفار ، واجزموا بأن لا لقاء بين الإسلام واللبيرالية ، وحاربوا كل اتصال ووصال ، فهل فيما قالوا ويقولون الصواب والصحة والرجحان ، أم أن قراءتهم للحداثة الفكرية مجرد قراءة مغلوطة لآي الرحمن .
°فالتقارب جوهري بين الليبيرالية والسلفية ، وبفارق بينهما يتجلى في المسلك ( الطريقة) لا في المرمجعية ، فالليبيرالي والسلفي بمرجعية واحدة ( القرآن والسنة ) وإن اختلفا مسلكا وقراءة وتأويلا.
°بالرغم من وحدة (الجوهر) الديني غير أن التباين قائم بحدة في الأسلوب الإداري ، فالسلفي يحرص على إدا رة أموره الدينية والدنيوية تبعا لإملاآت السلف الصالح ، في حين أن الليبيرالي مصر على إدارة أموره وفق أبحاث وآليات يبتكرها بنفسه أو يستفيد من تجارب الأولين الناجحة بغض الطرف عن دينهم ومذهبهم وتوجههم .
° يُحتمل وجود اتفاق بين السلفي والليبيرالي على تطبيق الشريعة الإسلامية لكنهما سيختلفان حتما في طريقة التطبيق ، فالسلفي يحتكم على محاكاة الأسلاف دون اجتهاد وتعديل ، فهو رجعي تقليدي في تطبيقاته العملية ، في حين أن الليبيرالي يجتهد في التوفيق بين الشريعة ومتطلبات العصر من باب أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، أواستنادا إلى قول الرسول الكريم مخاطبا جماعة المؤمنين ( أنتم أعلم بأمر دنياكم ) ، قد يتفقان مثلا على عقوبة الجَلد لكنهما سيختلفان في الأداة التي ستُستعمل في جلد الجاني ، فالسلفي يحرص على استعمال نفس الأداة التي يستعملها السلف (حبل متين مشكل من سعف النخل) في حين أن الليبيرالى سيستعمل أداة عصرية مواكبة لزمننا ( كا لكرباج السوداني ) أو كل أداة بإمكانها تأدية الغرض المرغوب ، فالأعمال توزن بالنوايا أساسا ، وما قيل عن اختلافهما في الجلد يمكن أن يمتد إلى أمور كثيرة كالرجم وقطع اليد ....
° كلما زادت ثقافة المجتمع ومال إلى الحداثة إلا واقتنع بالمنهج الليبرالي الذي يحتاج إلى عقل فطن منفتح على الثقافات والتجارب الإنسانية دون إقصائها ، وكلما كان المجتمع منغلقا محافظا متوجسا من تجارب الآخرين إلا ووصف بالسلفية التي هي منتشرة غالبا حيث يسود الفقر والجهل في بلاد اليمن وأفغانستان و الصومال ونيجيريا ، في حين أن الليبرالية منتشرة في البابان وماليزيا و سويسرا ... هذا في البلدان ، أما في الأوطان فالفكر السلفي عشعش ويُعشعش في الأحياء التعيسة (الشعبية) والقرى النائية ، فلهذا كثيرا ما اتُهمت تلك الأحياء بتفريخ الفكر الإرهابي الذي له استعداد للشهادة طلبا للآخرة وحور الجنة في عمليات استشهادية وتفجير السيارات المفخخة في الأماكن المؤهولة بالسكان ؟ .
° السلفي له مرجعية ثابتة مستقرة إسلامية سنية على منهج السلف الصالح ، في حين أن الليبرالي بمرجعية إنسانية ببحر تجاربها وعمق أثرها وتأثيرها في بواطن العقل ، فالليبراليون متعدد و المرجعيات ، بمرجعية إسلامية أحيانا أو بمرجعيات أخرى .. وما أكثرها .. قد تكون منها اليسارية... أوالعلمانية ... أو الإلحادية ...
°°السلفية واللبيراليه بمضامين مثالية عالية ، غير أن تطبيقاتهما في دنيا الواقع أفرز مثالب عديدة ، فلا وجود للمثالية إلا في الأذهان والألباب ، فالإنسان في الغالب عاجز عن ترجمة الأماني في دنيا الواقع بمثاليات وبمضامين التصور الأول .
°° القضايا الجدلية الحجاجية بين السلفية واللبيرالية عديدة ممحورة غالبا في قضايا [ التأويل، وحقوق الإنسان ،والمساواة بين الرجل والمرأة ، وقضايا العلمانية ، التسامح الديني والمذهبي ، الإحتكام لتجارب الإنسانية ...] ،
°° عديدٌ من علماء الإسلام كانوا بمرجعيات ليبيرالية ، فكان ابن رشد بتوفيقه بين العقل والنقل أحد جهابذة الفكر الذي تتلمذت عليه أوربا ، وهذا رافعة الطهطاوي رائد اللبيرالية الإسلامية القائل [الحرية هى الوسيلة العظمى لإسعاد أهالى الممالك، فإذا كانت مبنية على قوانين حسنة وعدلية كانت واسطة عظمى فى راحة الأهالى وإسعادهم، والحرية قرينة المساواة، فكلاهما ملازم للعدل والإحسان]، وهو الذي هاجم بشجاعة دعوة احتجاب المرأة وقعودها في بيتها ومنعها من الإختلاط ويقول في ابريزه : : (إن وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء ،لا يأتى من كشفهن أو سترهن بل ينشأ ذلك من التربية الجيدة أو التربية الخسيسة) [تخليص الإبريز فى تلخيص باريز صـ305]، ويوافق جمال الدين الأفغاني ما ارتآه المصلح أحمد أمين عندما وقف على قبره مخاطبا له مناجيا بقوله [محيى النفوس ، ومحرر العقول ،ومحرك القلوب ،وباعث الشعوب ،ومزلزل العروش، ومن كانت السلاطين تغار من عظمته ، والدول ذات الجنود تخاف من حركته، والممالك الواسعة الحرية تضيق نفساً بحريته ..].
وجمال الدين الأفغاني المفكر اللبيرالي صاحب صولة في فكر الإسلام وهو القائل :
° إن الدين يجلّْ عن معارضة العلم، فإن وقع تعارض وجب تأويل النص حتى يتوافق مع الجديد فى عالم اليوم.
° لقد فسد الإسلام بالجهل بتعاليمه الصحيحة عبر الأجيال، ولابد من ثورة لإصلاح هذه المفاهيم وإلا واجه المسلمون الهلاك.
° إن أخطاء القرون الماضية من عمر الإسلام ومساوئها إنما حصلت نتيجة سوء فهم العقيدة كما احتواها القرآن والسنة.
°إن الإسلام فى جوهره دين عقلانى، يدعو إلى تحرير العقل الإنسانى من الخرافات والوثنيات، ويفتح الباب واسعاً أمام العلم الحديث، الذى هو العمود الفقرى للتقدم.
°إن التعاليم الأصلية للإسلام تعطى للمسلمين الحق فى الثورة على حكامهم الطغاة والفاسدين، حتى لا يقوضوا بطغيانهم وفسادهم أركان المجتمع الإسلامى.
°إن الشرائع يجب أن تتغير بتغيير الأمم.
وهذا ( محمد عبده) إمام المصلحين ومفتي الديار المصرية ، صاحب أفضال على يقظة المسلمين في محاربتهم للإستدمار التغريبي ، فكان لفكره وقع خاص في تعاليم جمعية علماء المسلمين الجزائريين برئيسهم ابن باديس ، وهو صاحب المؤثورة القيمة [ ليس فى الإسلام ما يسمى عند قوم بالسلطة الدينية أو المؤسسة الدينية، ولم يعرف المسلمون فى أى عصر من العصور هذه السلطة الدينية ].
،وهو الذي أفتى بالسماح للمسلم بأن يرتدى أى زى يشاء، فما كان اللباس إلا مجرد زينة، وأفتى بأن التعامل مع البنوك والحصول على فوائد الودائع حلال، وأن التصوير حلال، وأن أكل ذبائح المسيحيين واليهود حلال، وأن طلب العلم فريضة على المسلم رجلا كان أو امرأة، وتحدى بهذه الفتاوى وغيرها شيوخ عصره الذين قال عنهم [إنهم لبسوا الفراء بالمقلوب، فلا هم تدثروا به ولا هم تركوه]. وهو القائل [ليس هناك أى اجتهاد أو رأى يلزم المسلم فى جميع العصور، فمتى انقضى العصر وزالت مقتضياته زال معه ما يخصه من اجتهاد]. ثم يؤكد:
[ومن الضلال القول بتوحيد الإسلام بين السلطتين المدنية والدينية فهذه الفكرة دخيلة على الإسلام].
وهذا جهبذ آخر من رواد فكر النهضة صاحب كتاب الإستبداد الشيخ عبد الرحمن الكواكبي الذي دفع حياته ثمناً لدفاع مستميت عن الحرية ومواجهة الاستبداد، والذي نقرا له آراء منها :
°°الحاكم المستبد يذلل رجاله بالترف، حتى يجعلهم يترامون بين رجليه، ثم يتخذهم لجاماً لتذليل الرعية، ولهذا يرسخ الذل فى الأمم التى يكثر أغنياؤها، أما الفقراء فيخافهم المستبد خوف النعجة الذئاب.
°°لا يوجد فى الإسلام نفوذ دينى مطلقاً فى غير إقامة الشعائر الدينية.
°°إن أسباب التخلف تكمن فى السياسة المطلقة ،وحرمان الأمة من حرية القول والعمل، وفقدان الأمن والأمل، وفقدان العدل والتساوى فى الحقوق.
°°° وبعدٌ، هذه بعض من نفحات من أفكار شيوخ وفقهاء عظام، وأيضاً ليبراليين عظام، فهل هؤلاء جميعاً نعدهم زنادقة وملاحدة وكفار ....؟؟؟؟
تحياتي الإسلامية .
من مواضيعي
0 دواعش كرة القدم ؟!
0 الصراع اللغوي في الجزائر ... قَاطع تُقاطع .
0 إغتيال (جمال غاشقجي) أهو ترهيب للفكر الحر ؟
0 ثورة التحرير وقيم الحرية والتنوع .
0 الأمازيغية ... مرفوضة بين أهاليها ؟؟ !
0 كرة قدم مستفزة !
0 الصراع اللغوي في الجزائر ... قَاطع تُقاطع .
0 إغتيال (جمال غاشقجي) أهو ترهيب للفكر الحر ؟
0 ثورة التحرير وقيم الحرية والتنوع .
0 الأمازيغية ... مرفوضة بين أهاليها ؟؟ !
0 كرة قدم مستفزة !
التعديل الأخير تم بواسطة الأمازيغي52 ; 31-10-2012 الساعة 10:50 AM