آيتين وحديث مُرعِبَيْن في تحريم إنفاق المال في الدخان والشمة والمخدرات... واستهلاكها
31-03-2017, 08:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على سيد المرسلين





قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29 - 30].



قال الشيخ عبد الرحمان بن ناصر السعدي في تفسيره:


(29) يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَهَذَا يَشْمَلُ أَكْلَهَا بِالْغُصُوبِ وَالسَّرِقَاتِ، وَأَخْذَهَا بِالْقِمَارِ وَالْمَكَاسِبِ الرَّدِيئَةِ. بَلْ لَعَلَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَكْلُ مَالِ نَفْسِكَ عَلَى وَجْهِ الْبَطَرِ وَالْإِسْرَافِ، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الْبَاطِلِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَقِّ.

ثُمَّ إِنَّهُ -لَمَّا حَرَّمَ أَكْلَهَا بِالْبَاطِلِ- أَبَاحَ لَهُمْ أَكْلَهَا بِالتِّجَارَاتِ وَالْمَكَاسِبِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْمَوَانِعِ، الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الشُّرُوطِ مِنَ التَّرَاضِي وَغَيْرِهِ.

وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَيْ: لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَقْتُلْ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ. وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْإِلْقَاءُ بِالنَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَفِعْلُ الْأَخْطَارِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى التَّلَفِ وَالْهَلَاكِ

إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمِنْ رَحْمَتِهِ أَنْ صَانَ نُفُوسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَنَهَاكُمْ عَنْ إِضَاعَتِهَا وَإِتْلَافِهَا، وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَا رَتَّبَهُ مِنَ الْحُدُودِ. ............


............(30) ثُمَّ قَالَ:
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَيْ: أَكْلَ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ وَقَتْلَ النُّفُوسِ عُدْوَانًا وَظُلْمًا أَيْ: لَا جَهْلًا وَنِسْيَانًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا أَيْ: عَظِيمَةً كَمَا يُفِيدُهُ التَّنْكِيرُوَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا.





الحديث


عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ ) رواه البخاري (3118) .



قال الشيخ بن العثيمين شارحا:


وفي قوله: " يتخوضون" دليلٌ على أنهم يتصرفون تصرفاً طائشاً غير مبني على أصول شرعية، فيفسدون الأموال ببذلها فيما يضر، مثل من يبذل أمواله في الدخان، أو في المخدرات، أو ف شرب الخمور، أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضاً يتخوضون فيها بالسرقات ، والغصب ، وما أشبه ذلك، وكذلك يتخوضون فيها بالدعاوى بالباطلة، كأن يدّعي ما ليس له وهو كاذب، وما أشبه ذلك.

فالمهم أن كل من يتصرف تصرفاً غير شرعي في المال- سواء ماله أو مال غيره- فإن له النار -والعياذ بالله- يوم القيامة إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها ، ويتوب مما يبذل ماله فيه من الحرام؛ كالدخان والخمر وما أشبه ذلك، فإنه ممن تاب الله عليه ،
لقول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ () وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ () وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ () أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ () أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ () بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (الزمر:53-59).

وفي هذا الحديث تحذير من بذل المال في غير ما ينفع والتخوض فيه ؛ لأن المال جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فإذا بذله في غير مصلحة كان من المتخوضين في مال الله بغير حق.

انتهى كلامه رحمه الله. من شرح رياض الصالحين