قراءة في السلوك السياسي الروسي تجاه الثورات العربية
22-02-2015, 06:37 PM
الكاتب الأستاذ :حسين بهاز
ان المتتبع لتداعيات الحراك الثوري في الوطن العربي على المستوى الخارجي في ظل ردود الأفعال و المواقف الخارجية المختلفة للعديد من الدول و altالقوى الإقليمية و الدولية التي حاولت إعادة التموقع و الاستثمار في كل من الحالة التونسية والليبية والمصرية ... برز الموقف الروسي في قراءات وصور مشوشة من الحراك العربي وتداعياته موقف غير واضح المعالم، ولا محدد التوجهات والأهداف، ولا غير قادر على اتخاذ مواقف فاعلة .و بصرف النظر عن السياسة الخارجية الروسية و مواقفها سواء تعلق ذلك بميراث الحقبة السوفيتية والروسية الحالية تجاه العديد من القضايا العربية المزمنة والحديثة، ثمة صور رمزية غير مفهومة ظهرت في السلوك السياسي الروسي تجاه الحراك العربي و مرد ذلك الى عدم وجود موقف واضح ومحدد تجاه ما يجري، موقف لا مبالي بداية ثم موقف انتظاري وصولا إلى مواقف اتسمت بطابع المواجهة...فمع الوضع في تونس لم يسمع فيه موقفا روسيا ثابتا , ربما سرعة الوقائع وتداعياتها غير المتوقعة لم يفسح المجال لروسيا بتكوين موقف محدد مما يجري في ظل تنافس العديد من القوى الإقليمية والدولية الطامحة لإعادة التموضع و اغتنام فرصة التدخل والاستثمار الأمر الذي افتقدته السياسة الخارجية الروسية, التي كانت الأكثر حيرة تجاه الحراك الثوري المصري ، فقد ظلت العلاقة مع نظام حسني مبارك شبه عادية ، وظلت اللقاءات بين المسؤولين الروس والنظام تجري بشكل طبيعي في عز الحراك إلى ان سقط النظام أيضا بشكل فجائي، و المواقف نفسها انسحبت على الحراك البحريني والأردني رغم محاولة روسيا استدراك الأمر مع الحراك الليبي، لكن بأدوات ووسائل لم تمكنها من ترجمة أهدافها وغاياتها و رضخت لتدخل "الناتو" عبر عدم عرقلة صدور القرار 1973 بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن.
واكتفت بالمراقبة ومحاولة تقديم المقترحات للوساطة بين نظام القذافي والمجلس الانتقالي الى ان سقط القذافي ...لكن الأمر اختلف مع الموقف من الحراك السوري الى درجة الوقوف بوجه صدور قرارات عن مجلس الأمن بفرض عقوبات على دمشق، واستعمال حق النقض الفيتو إلى جانب الصين،مما شكل ازدواجية في السلوك تجاه القضايا الواحدة فما هي مرتكزات المواقف و السلوك الروسي من الثورات العربية ؟ و هل يستند ذلك لحسابات جيوسياسية.؟ اقتصادية.؟ أو براغماتية ؟.تمليها ترتيبات الاوضاع الداخلية الروسية ام أن المفارقة في السلوك تستند الى السياسة البوتينية الجديدة ؟ و عليه ستحاول هذه المداخلة الوقوف على هذه التساؤلات و محاولة الاجابة عليها من خلال المحاور التالية :
· تاريخ العلاقات العربية الروسية و الفراغ الاسترااتيجي في المنطقة العربية
· السياسة الخارجية الروسية تجاه المنطقة العربية في عهد فلادمير بوتين
· المواقف الروسية من الحراك العربي : حالة تونس و مصر و ليبيا
· روسيا و الحالة السورية
· السيناريوهات المحتملة لطبيعة العلاقات العربية الروسية
· توصيات
و قبل الخوض في هذه الاشكالية علينا الوقوف على تاريخ العلاقات العربية الروسية للاتسطلاع الثابت والمتغير فيها من خلال المحور التالي :
تاريخ العلاقات العربية الروسية و الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية
1. نبذة عن الاتحاد الفيدرالي الروسي:سنتناول بشكل وجيز اهم المعطيات الطبيعة والتاريخية و السياسية و الاقتصادية الروسية للوقفوف على اهمية هذه الدولة على المجال الدولي من خلال أن :
· روسياهي دولةتقع في شمال أوراسيا،[1] ذات حكم جمهوري بنظام شبه رئاسيتضمُّ 83 كيانًا اتحاديًا[2], لها حدود مشتركة مع 14 دولة.[3], من حيث المساحة تعد روسيا أكبر بلد في العالم، حيث تغطي نسبة 8/1 من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم بمساحة تبلغ 17,075,200 كيلومتر مربع، تمتدُّ روسيا عبر كامل شمال آسيا و40% من أوروبا، كما تُغطي تسع مناطق زمنية وتضم طائفة واسعة من البيئات والتضاريس حيث يبلغ طول البلاد من الشمال الى الجنوب اكثر من 4000كم و من الغرب الى الشرق 10.000كم , وتمتلك أكبر احتياطي في العالم من الموارد المعدنية والطاقة حيث لديها أكبر احتياطيات العالم من الغابات والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبةفي العالم من حيث السكان هي تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكانفي العالم بأكثر من 143 مليون نسمة .
· بدأ تاريخ روسيا بظهور السلاف الشرقيينكمجموعة معترف بها في أوروبا بين القرنين 3و 8ملايدي و في القرن 9 ميلادي تأسَّست إمارة كييف روس، واعتقنت المسيحية الأرثوذكسيةدينًا لها في عام 988بسبب تأثير الإمبراطورية البيزنطية،وكانت تلك هي بداية تَمازُج الثقافتين السلافية والبيزنطية اللتين شكلتا معًا ملامح الثقافة الروسيةللألفيَّة التالية. تفتت كييف روس في آخر الأمر إلى عدد من الدويلات الصغيرة، وسقطت مُعظم الأراضي الروسية في أيدي الغزو المغوليعامَ 1223، وأصبحت تابعة للقبيلة الذهبية.لاحقًا بدأت دوقية موسكوتُوحِّد تدريجيًا الإمارات المجاورة لها ونجحت في الاستقلال عن حُكم القبيلة الذهبية، وتمكنت من وراثة إرث كييف روس السياسيّ والثقافيّ، وبحلول 18توسعت البلاد كثيرًا عبر شن الغزوات والحروب والاستكشاف لتُولد بذلك الإمبراطورية الروسيةانطلاقا من موسكو كدوقية و ثالث أضخم إمبراطورية في التاريخ بنفوذها المُمتد من بولندافي أوروبا إلى ألاسكافي أمريكا الشمالية ...[4] بين إلغاء القنانة وبداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914، ثم أدخل دستور سنة 1906 ومجلس دوما الدولة تغييرات ملحوظة في الاقتصاد والسياسة في روسيا، ولكن القيصر لم يكن مستعدا للتخلي عن الحكم الاستبدادي، أو تقاسم السلطة مما أدى الى قيام الثورة البلشفية [5]عام 1917 و كان سببها : مزيج من الانهيار الاقتصادي، السأم من الحرب، وعدم الرضا عن النظام الاستبدادي للحكومة، وأنه جلب أول ائتلاف من الليبراليين والاشتراكيين المعتدلين إلى السلطة، ولكن سياساتها الفاشلة أدت إلى الاستيلاء على السلطة من قبل البلاشفة الشيوعيين يوم 25 أكتوبر 1917 ...في أعقاب الثورة البلشفيةأصبحت روسيا أحد أكبر مؤسسي الاتحاد السوفيتي، وباتت أول دولة دستورية اشتراكيةوقوة عظمىمعترف بها في العالم،كما لعبت دورًا حاسمًا في انتصار الحلفاءفي الحرب العالمية الثانية، حيث تكبدَ الاتحاد السوفيتيخسائر بشريَّة أكثر من أيِّ طرف آخر أثناء الحرب. شهدت الحقبة السوفيتية بعض أبرز النجاحات التكنولوجيَّة في القرن العشرينبأكمله، ومن ضمنها إطلاق أوَّل رائد فضاء بشريفي تاريخ العالم. لكن هذه الحال لم تدم طويلاً، فقد تفكك الاتحاد السوفيتيفي عام 1991، وتأسست عدّة جمهوريات مستقلة بدلاً منه، كان من أبرزها روسيا الاتحادية.
· و عليه فان الحديث عن روسيا في المقام الأول نابع من الوقوف على بعض المعطيات المركزية اهمها ان روسيا التي تعتبر من أكبر الدول مساحة في العالم، و تمتلك سابع أقوى اقتصاد في العالم بعد دخوله اقتصاد السوق، كما وتختزن روسيا كميات هائلة من الخامات التي تعتبر الأغلى في العالم والمطلوبة للصناعات الحديثة،بالإضافة لصناعة الأسلحة كأكبر دولة منتجة ومصدرة للصناعات العسكرية الأكثر تطورا في الصناعات العسكرية العالمية، وصلت مبيعاتها للعام 2011 بحوالي 11 مليار دولار وتمتلك روسيا الأسلحة النووية كوريث للاتحاد السوفيتي وأقمار التجسس الاصطناعية ويعتبر جيشها أحد أقوى الجيوش في العالم.[6] كما تُعد العاصمة الروسية موسكوأكبر مدن روسيا اليوم وإحدى كبريات مدن العالم من حيث السكان، ولا تُوجد مدن تماثلها في عدد السكان سوى مكسيكو سيتيعاصمة المكسيكوسيؤولعاصمة كوريا الجنوبية، وميناء موسكو الرئيسي هوَ سانت بطرسبرغالواقعة على بحر البلطيقو تُعتَبرُ روسيا حادي عشر أكبر اقتصادفي العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي، والسادسة من حيث القدرة الشرائية، والخامسة من حيث الميزانية العسكريَّة. كما أن إن روسيا واحدة من الدول الخمس الوحيدة المعترف بامتلاكها أسلحة نوويةفي العالم، إضافة إلى أنها تملكُ أكبر مخزون من أسلحة الدمار الشاملفي العالم.يضاف الى انها عضو دائم في مجلس الأمن الدوليالتابع للأمم المتحدة، كما أنها عضو في مجموعة الثمانيومجموعة العشرينومجلس أوروباومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهاديومنظمة شانغهاي للتعاونومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
2. تاريخ العلاقات العربية الروسية: اذا اردنا استطلاع العلاقات الروسية العربية سنجدها قد ازدادت باطراد , ففي العهد القيصري لم تستطع روسيا عبر ما أطلق عليه تسمية " المسألة الشرقية" [7] النفاذ الى المنطقة العربية بسبب العراقيل التي وضعتها القوى الاستعمارية فالمنطقة العربية ظلت تحت النفوذ العثماني لتنتقل الى الاحتلال الغربي و بقيت المنطقة ضمن الأطماع الروسية في إطار استراتيجية رورسيا للوصول الى المياه الدافئة ملتقى الطرق العالمية ....انتقلت العلاقات الروسية فيما بع الى مرحلة التحريض و المساندة في إطار قضايا التحرر العربي في عهد المد الثوري حيث أقيمت علاقات تحالف ضد الاستعمار الغربي العدو المشترك للعرب و الروس على السواء استمرت هذه الفترة فترة الاستقطاب الدولي للعالم الثالث في ظل الحرب الباردة و كانت هذه الفترة الذهبية في العلاقات الروسية العربية العربية لتتأثر بتفكك الاتحاد السوفييتي لاحقا و على مدى السنوات العشر الماضية،
سياسيا:استطاعت روسيا إعادة بناء علاقاتها مع عدد كبير من الدول العربية، تتضمن حلفاءها التقليديين، وفي مقدمتهم سوريا وليبيا والجزائر، والشركاء الجدد، مثل دول الخليج[8] والأردن. وأصبح لروسيا مصالح حقيقية تسعي للحفاظ عليها وتنميتها، حتي مع تغيير النظم الحاكمة في بعض الدول العربية في عقب الثورات. فروسيا لا تسعي إلى تحقيق مكاسب سياسية أو ممارسة دور أمني أو عسكري ينافس الوجود الأمريكي المكثف في المنطقة العربية، وإنما تسعى إلى شراكة استراتيجية بالمعنى الاقتصادي والتقني، ذات عائد اقتصادي مباشر لروسيا، وعائد تنموي حقيقي لدول المنطقة.و في هذا الإطار، ترتبط المصالح الروسية بثلاثة قطاعات رئيسية، هي: الطاقة (النفط والغاز)، والتعاون التقني في المجالات الصناعية والتنموية، والتعاون العسكري و يحتل التعاون والتنسيق في مجال الطاقة قمة أولويات السياسة الروسية في المنطقة العربية، وحوله تتمحور الدبلوماسية الروسية والتقارب الروسي مع الدول العربية، لاسيما دول الخليج العربي، ويلي ذلك أوجه التعاون الأخري، سواء في المجال التقني أو الاقتصادي أو الاستراتيجي العسكري. فقطاع الطاقة يمثل أحد المجالات الأساسية التي تتلاقي فيها المصالح العربية والروسية، وهو جوهر الشراكة العربية- الروسية في المستقبل والدعامة الأساسية لها , فروسيا تمتلك التكنولوجيا والخبرة اللازمة في مجال الكشف والتنقيب عن البترول واستخراجه، وكذلك في مجال الصناعات البتروكيماوية، حيث تعد روسيا من أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم من خلال 15 شركة كبري بفروعها المنتشرة في مختلف أنحاء العالم. وتعد الشركات الروسية، خاصة "لوك أويل" و"غاز بروم"، من كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال الطاقة. وهناك العديد من المشروعات التي بدأت بالفعل بين روسيا وعدد من الدول العربية، والتي تعد نواة لتطوير التعاون في هذا المجال، وفي مقدمتها السعودية، ومصر، والجزائر، والسودان، وسوريا، وليبيا.
اقتصاديا: وعلى الصعيد الاقتصادي، تمثل المنطقة العربية سوقا مهمة ذات قوة استيعابية كبيرة للصادرات الروسية من السلع الاستراتيجية والمعمرة، مثل الالآت والمعدات والأجهزة والشاحنات والحبوب. وفي عام 2006، بلغ التبادل التجاري بين روسيا والدول العربية 5.5 مليار دولار[9]. وتأتي مصر والجزائر والمغرب في مقدمة الشركاء التجاريين لروسيا في المنطقة، وعادة ما يميل الميزان التجاري لصالح روسيا بفارق كبير جدا. كذلك، تسعي روسيا إلي تنشيط صادراتها من الأسلحة للمنطقة، ليس انطلاقا من اعتبارات سياسية أو أيديولوجية، ولكن نظرا لما تمثله عوائدها من مورد مهم للدخل القومي، وذلك ليس فقط لحلفائها التقليديين في المنطقة، لاسيما سوريا والجزائر وليبيا واليمن، ولكن من خلال فتح أسواق جديدة في الأردن ودول الخليج العربي، والتي تعد سوقا تقليدية للولايات المتحدة والدول الغربية. وتتعاظم المصالح الاستراتيجية الروسية في الحالة السورية[10]، بالنظر إلي الأهمية الاستراتيجية لقاعدة طرطوس البحرية السورية التي تستخدمها القوات البحرية الروسية، والتي تعد قاعدة التموين الوحيدة للأسطول الروسي في منطقة البحر المتوسط.و يضاف إلى ذلك عشرات المشروعات المشتركة التي تم الاتفاق والتعاقد بشأنها، وتقدر قيمة عقودها بمليارات الدولارات، وستتأثر حتما إما بالإلغاء أو التأجيل، نتيجة موجة عدم الاستقرار التي تجتاح الدول العربية. وعلي ضوء التداعيات السلبية المتوقعة لهذه الثورات على المصالح الروسية، أكدت موسكو أنها تريد استقرار الأوضاع في بلدان الشرق الأوسط، لأن أية قلاقل في المنطقة تضر إضرارا مباشرا بمصالح روسيا.
العلاقات الروسية العربية في عهد الرئيس بوتين: واقع العلاقات الروسية العربية يدلل انها شهدت تفعيلاً ملحوظاً على مدى السنوات العشر الماضية بعد إنحصار وتراجع واضح خلال عقد التسعينات من القرن العشرين. فمن ناحية، استطاعت موسكو إعادة إطلاق علاقاتها مع حلفائها التقليديين فى المنطقة على أسس جديدة. إلا أن اللافت للانتباه هو التطور غير المسبوق فى علاقات روسيا بدول الخليج العربي وخاصة المملكة العربية السعودية بعد عقود طويلة من توقف العلاقات بينهما منذ ثلاثينات القرن الماضي[11]. ولقد كان وصول الرئيس الروسي ورئيس الحكومة السابق "فلاديمير بوتين " وزياراته المتكررة للمنطقة العربية نقطة تحول فى العلاقات الروسية العربية وإيذاناً ببدء حقبة جديدة فى السياسة الروسية تجاه المنطقة تستعيد فيها روسيا مكانتها كفاعل أساسي فى شؤون المنطقة وقضاياها التى تتزايد حدة وتعقيداً. و عموما هناك محددات تربط العلاقات الروسية العربية، والعوامل المختلفة التي تحكم تطورها المستقبلي في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والتي يمكن إيجازها فى ستة عوامل أساسية وهي:
* استعادة روسيا لمكانتها كأحد القوى الكبرى الفاعلة
* الشراكة الاقتصادية والتقنية
* الدعم السياسي الروسي للقضايا العربية
* آفاق التعاون فى المجال العسكري
* الخبرة التاريخية الإيجابية للتعاون العربي الروسي
* التقارب الدينى والثقافي والحضاري بين روسيا والعالم العربي.
3- الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية: لقد سياسة روسيا الخارجية اتسمت عموما بعدم الثبات تجاه المنطقة العربية و منطقة الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية. لكن تذبذب السياسة الروسية كان في الاستمرارية، وليس في المواقف.ذلك أن المصالح الخاصة كانت المحدد الأبرز لهذه السياسة.يضاف اليه جملة من المحددات يمكن إجمالها في الآتي:
· المشاكل الداخلية الروسية.
· التحديات الاقليمية
· العلاقات الأمريكية الروسية.
· العلاقات الروسية الإسرائيلية
· بعض التطورات الإقليمية والمحلية منها الثورات العربية .
بالرغم من عدم الثبات في السياسة الروسية من حيث درجة تركيزها أو حدتها إلا أنها اتسمت بطابع مشترك وهو المحافظة على حد أدنى من العلاقات مع جميع الأطراف. فالعرب لم يقدموا لأي طرف مناكف للسياسات الأمريكية والإسرائيلية أي مقابل حتى يشجعوا هذه القوى على الاستمرار في ذلك، بل على العكس قامت الدول العربية بالتحالف مع الغرب على حساب علاقاتها مع القوى الأخرى ومن بينها روسيا و السياسات الروسية الأخيرة لا تخرج عن محاولة روسيا البقاء على الساحة الدولية، بما يضمن عودتها مستقبلا إلى ما كانت عليه.
و رغم محاولة روسيا النهوض الا انها تصدم بعوائق تحول دون قيامها بادوار مهمة في العلاقات الدولية منها:[12]
· الإنفاق العسكري لا يزال محدودا حوالي 1/9 الإنفاق الأمريكي
· اعتماد الاقتصاد الروسي على عوائد تصدير المعادن و النفط و الغاز وليس تصدير السلع و الخدمات حيت ل يشكل الاقتصاد الروسي سوى 1.50 %من الناتج الاجمالي العالمي مقارنة مع 25 %بالنسبة للاقتصاد الامريكي
· تعاني روسيا ثلات مشاكل من الناحية السكانية وهي انخفاض عدد السكان من 150 ميليون نسمة سنة 1991 الى 144 مليون نسة عام 2002 و يتوقع ان يصل الى 126 مليون عام 2025 و اننخفاض في اعداد السكان الشباب اذ يتوقع ان تبلغ الفئة العمرية (15/25سنة) حوالي 10%من سكان روسيا عام 2025 و الفئة العمرية (25/40 سنة ) حوالي 13.8%عام 2025 , و الاهم هو توقع حدوث تغيير في نسب التكوينات القويمة و الدينية داخل روسيا اذ يتوقع ان يرتفع عدد المسلمين من 30-35 %من اجمالي سكان روسيا عام 2007 الى نحو 45%عام 2030.[13]
غير هذه العلاقات ما فتأت تتحسن على خلفية تناوب الرئاسة الجاري في روسيا حالياً و عودة فلاديمير بوتين الى سدة الحكم و عودة الزيارات المكثفة التي شهدتها موسكو من قبل القيادات العربية خلال السنوات الاخيرة[14], سبقها حصول روسيا الاتحادية على عضوية مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي خلال الدورة 32 لمجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في جوان 2005 في العاصمة اليمنيّة صنعاء، والتي شكّلت آنذاك حالة استثنائية غير مسبوقـة في المنظمة. وكذلك اعتبار الجامعة العربية سفير روسيا الاتحادية في القاهرة سفيراً لدى الجامعة العربية، ثم تشكيل "مجلس الأعمال الروسـي العـربي" [15]برعاية السياسي والمستشرق المعروف يفغيني بريماكوف، وتشكيل لجـان فرعيّة بينيّة للعمل على تحقيق خطوات إيجابية. كما تردّد أن التعاون الروسي العربي دخل مرحلة جديدة[16]، وأن هذه المرحلة ستشمل مجالات جديدة، منها الفضاء الكوني وتكنولوجيات النانو والمجال العسكري الفنّي والعلمي التقني، بالإضافة إلى الطاقة النووية.
المواقف الروسية من الثورات العربية : حالة تونس و مصر و ليبيا
في قراءة للموقف الروسي من القضايا العربية المزمنة والحديثة و من الحراك العربي و ما تبعه من ثورات في المنطقة , ثمة صور رمزية غير مفهومة ظهرت في السلوك السياسي الروسي مرده عدم وجود موقف واضح ومحدد تجاه ما يجري، تجلى بمواقف ذات طابع لا مبالي بداية، مرورا بسياسات انتظارية و وصولا إلى مواقف اتسمت بطابع المواجهة.
1. روسيا و الحراك الثوري في تونس : الحديث عن الموقف الروسي تجاه الحراك التونسي تميز بعدم سماع موقف روسي ذو شأن , حال دون تبلوره تسارع الوقائع وتداعياتها غير المتوقعة الشيء الذي لم يفسح المجال لموسكو بتكوين موقف محدد مما يجري، رغم ان النظام السابق مثَّل مادة دسمة لكل القوى الإقليمية والدولية الطامحة لإعادة التموضع و فرصة للتدخل والاستثمار ولو على المستوى الشعبي القابل للاستثمار السياسي اللاحق،الأمر الذي افتقدته السياسة الخارجية الروسية و عن واقع العلاقات الروسية التونسية قبل الثورة يمكن الوقوف على النقاط التالية :
· سياسيا: قيام العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وتونس في 11 جوان 1956 بعد نهاية نظام الحماية الفرنسي, ثم إعلان تونس اعترافها بروسيا في 25 ديسمبر 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفييتي غير أن بدء اللقاءات الرسمية في تاريخ العلاقات الروسية التونسية بين رئيسي روسيا وتونس لم يتحقق الى غاية سنة 2000 .ثم تعاقبت زيارات وزراء الخارجية بعد ذلك
· اقتصاديا : شكل مجال إنشاء المجمعات الكهرمائية في تونس طيلة سنوات أهم أوجه التعاون الاقتصادي التقني الروسي التونسي من خلال انجاز مجموعة من السدود على العديد من الأنهر , تلا ذلك انتقال التعاون الاقتصادي الى المجال العلمي و التقني,حيث عقدت ابتداء من سنة 1999 و2003 و2008 اجتماعات اللجنة الحكومية الثنائية أسفرت عن توقيع اتفاقية حكومية والبرنامج الحكومي في مجال التعاون الثقافي والعلمي، واتفاقية وزارية حول التعاون في مجال التأهيل المهني و يقدر حجم التداول السلعي بين الدولتين في عام 2008 1.71 مليار دولار (805 مليون دولار في عام 2007) وبحسب المعلومات الواردة من الجانب التونسي فان روسيا أصبحت في عام 2008 شريكا ثالثا [17]على الصعيد التجاري الخارجي بالنسبة لتونس، علما ان التصدير الروسي الى تونس يشكل نسبة 95% من التداول السلعي التونسي الإجمالي. فيما بلغ التصدير التونسي الى روسيا 25 مليون دولار فقط... كما أعلن التونسيون رغبتهم في البدء بإنشاء محطة كهرذرية بقدرة 900 ميغاواط في عام 2010. كما يرتبط التعاون خاصة التعاون في مجال الصحة والسياحة والتعليم
2. روسيا و الحراك الثوري في مصر:الموقف الروسي الأكثر حيرة كان تجاه الحراك المصري، فقد ظلت العلاقة مع نظام حسني مبارك شبه عادية، وظلت اللقاءات بين المسؤولين الروس والنظام تجري بشكل طبيعي حتى في عز الحراك، إلى ان سقط أيضا بشكل فجائي، وكأن روسيا غير معنية و المواقف نفسها كانت مع الحراك البحريني والأردني والجزائري والمغربي. و عن واقع العلاقات الروسية المصرية قبل الثورة المصرية يمكن تسجيل ما يلي :
سياسيا: أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر في 26 اوت 1943 . و بدأ التعاون المصري الروسي في 1948 في مجال القطن المصري و الخشب سوفيتي . وشهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها بعد ثورة يوليو 1952 حين قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالي.كما بلغت العلاقات الثنائية ذروتها في فترة الخمسينات – الستينات من القرن العشرين حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الانتاجية ، وبينها السد العالي في اسوان ومعمل الحديد والصلب وتم في مصر إنجاز 97 مشروعا صناعيا بمساهمة الاتحاد السوفيتي. وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينات باسلحة سوفيتية. وتلقت العلم أجيال من اولئك الذين يشكلون حاليا النخبة السياسية والعلمية والثقافية في مصر ومن بينهم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي تخرج من احد المعاهد العسكرية السوفيتية.
وعلى الرغم من التوتر الذي شهدته العلاقات في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات وإنقطاعها تماما بعد افاقية كامب دافيد 1978 حتى سبتمبر 1981 فانها بدأت في التحسن التدريجي في عهد الرئيس مبارك.[18] واتخذت دورة مجلس جامعة الدول العربية في سبتمبر2005 للمرة الاولى في تاريخها قرارا باعتماد سفير روسيا في جمهورية مصر العربية بصفته مفوضا مخولا لدى جامعة الدول العربية... اننتقل التعاون بعد ذلك ليشمل العديد من القطاعات مثل صنع قطع الغيار للسيارات والطائرات ومشاريع الطاقة الروسية و في ميدان الطاقة الذرية الموضوع الرئيسي للمباحثات التي جرت في موسكو يوم 25 مارس 2008 بين الرئيسين دميتري ميدفيديف وحسني مبارك وأسفرت عن توقيع اتفاقية حول التعاون في ميدان الاستخدام السلمي للطاقة الذرية ...كما تمت في 23 جوان 2009 في القاهرة المباحثات بين الرئيس الروسي دميتري مدفيديف ونظيره المصري حسني مبارك . تم توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا الاتحادية ومصر ترسم بموجبها اتجاهات التعاون بين البلدين خلال السنوات العشر القادمة.
اقتصاديا: أما بالنسبة للميدان الاقتصادي فقد تقلص نطاق التعاون العملي في التسعينات . ولكن من الملاحظ أنه ينمو باطراد في السنوات الأخيرة . وقد بلغ حجم تبادل السلع والخدمات بين البلدين في عام 2006 حوالي مليار و950 مليون دولار. ويشكل التبادل التجاري منه قرابة المليار و200 مليون دولار .وقد ازداد حجم التبادل التجاري في السنوات الأربع بحوالي 5 امثال . وهو يشكل الآن أكثر من ملياري دولار . وبلغ التبادل السلعي بين البلدين في عام 2008 حوالي 2.065 مليار دولار[19]. وتشغل الخامات والمواد الغذائية وزناً نوعياً عالياً في الصادرات الروسية بينما تشكل المنتجات الزراعية والسلع الاستهلاكية البنود الأساسية في الصادرات المصرية.
3. روسيا و الحراك الثوري في ليبيا: مع الحراك الثوري الليبي، حاولت روسيا لكن بأدوات ووسائل لم تمكنها من ترجمة أهدافها وغاياتها الرجوع الى الواجهة و لكن روسيا رضخت لتدخل منظمة شمال الحلف الاطلسي "الناتو" عبر عدم عرقلة صدور القرار 1973 بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن. والذي يقضي بحماية المدنيين الليبيين من بطش قوات القذافي، طبعا كان موقف روسيا موقفا محايدا،من طرفي النزاع، لأنها لم تمتنع من التصويت والتعاون مع الأكثرية الدولية،بشان ليبيا في مارس 2011و الذي أتاح باستخدام القوة ضد نظام معمر القذافي، واكتفت بالمراقبة ومحاولة تقديم المقترحات للتقريب بين نظام القذافي[20] والمجلس الانتقالي دون فعالية ملحوظة و بسقوط النظام ظلت خارج خارطة الاستثمار ذات القاعدة الغربية، بانتظار ما يمكن ان تحصل عليه في عمليات مقايضة أخرى. ...و حرصت في ذات الوقت على إبقاء قنوات اتصال مفتوحة مع الثوار، فى محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوازن، والتأكيد الدائم على نزاهة مواقفها، وحرصها على الاستقرار الداخلى والإقليمي للدول العربية. وذلك بهدف الإبقاء على علاقاتها بالدول محل الثورات بغض النظر عن الطرف الذى سيسطر على السلطة ويكون له الغلبة فى النهاية.[21]..
لكن روسيا اتهمت تصرف التحالف الدولي الذي دخل ليبيا من خلال القرار الدولي بأنها تجاوزت تفويض الأمم المتحدة من تنفيذ مآرب سياسية خاصة لها من اجل أحداث تغيرات جيو –سياسة، رفعت روسيا صوتها بوجه هذه التصرفات الدولية،مرارا من خلال تصريح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ، والذي ترجم بتصريح ناري: "بان هذه الحرب التي تشن على ليبيا ما هي إلا حرب صليبية فعلية" [22]معربة عن خشيتها من تدخل بري في ليبيا ،و أن قرار كهذا سوف يدخل ليبيا في دوامة الحرب الأهلية.و كانت روسيا تهدف إلى لعب دور وسيط وتلفت نظر المجلس الانتقالي من اجل استقدامه إليها، ومن اجل لعب إلى دور روسي مستقبلي،فيما بعد رحيل نظام القذافي لان روسيا كانت المصدر الأساسي لترسانة سلاح العقيد من العهود السابقة،إضافة إلى حصولها على امتيازات نفطية، وأشياء أخرى تحاول من خلال العودة للمسرح الليبي بمبادرة و لعب دور مميز في المنطقة العربية من خلال البوابة الليبية والفلسطينية والسورية .
روسيا و المعضلة السورية
لكن المحيّر في مواقف روسيا، هي ازدواجية الرؤية والموقف تجاه القضايا الواحدة، وقد تجلى ذلك عبر الموقف من الحراك السوري اذ وقفت موسكو بوجه صدور قرارات عن مجلس الأمن بفرض عقوبات على سوريا ، واستعملت حق النقض "الفيتو" إلى جانب الصين، وهو موقف ذات دلالات واضحة. فما هي خلفياته ؟ أهي اقتصادية أم مبدئية؟ أم ذات طابع تبادلي؟ و ما موقع البراغماتية من ذلك ؟
تعد المصالح الروسية في سورياذات طبيعة سياسية إستراتيجية وعسكرية واقتصادية في جوهرها. ورغم أن من المؤكد أن لدى روسيا مصالح تجارية مع سوريا، إلا أن قيمة هذه المصالح تفوق ذلك
المصالح الروسية في سوريا، كما يذهب العديد من المراقبين، هي الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس. حيث تعد قاعدة طرطوس البحرية العسكرية آخر موقع بحري لأسطول روسيا بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وتُعتبر قاعدة طرطوس مرفقا روسيا إستراتيجيا طويل الأمد. فبموجب اتفاقية بين البلدين عام 1971، يستضيف ميناء طرطوس قاعدة روسية للإمداد والصيانة من الفترة السوفياتية تم تشييدها أثناء فترة الحرب الباردة لدعم الأسطول السوفياتي بالبحر الأبيض المتوسط
و يتجلى الموقف الروسي في الحالة السورية في كلمات الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين"كما جاء في 27 فبراير 2012 عبر صحيفة "موسكو فسكييه نوفوستي" عن سياسة روسيا الخارجية حول ما سمي بـ"الربيع العربي"، المتعاطفة مع ظاهرة الاحتجاجات المتزامنة التي شهدها العديد من الدول العربية قبل عام فيما سمي بالحراك العربي على أمل "إحداث تغيير إيجابي". وانتقد التدخل الخارجي في النزاعات الداخلية للدول العربية مشيراً إلى أن التدخل في ليبيا وتحت ستار الشعارات الإنسانية وباستخدام القوة أدى إلى الإجهاز على النظام الليبي، ومقتل القذافي. وشدد على أن روسيا لن تسمح بتطبيق السيناريو الليبي في سوريا، قائلاً: "نحن ضد اتخاذ قرارات مثل التي اتخذها مجلس الأمن والتي من الممكن تأويلها كإذن بالتدخل العسكري في العملية السورية الداخلية"، مشيراً إلى أن الالتفاف على أخذ موافقة مجلس الأمن للتدخل من شأنه أن يقوض مصداقية ودور الأمم المتحدة قائلاً إن "حق الفيتو ليس مجرد نزوة، بل هو جزء لا يتجزأ من النظام العالمي"، محذراً الدول الغربية من اللجوء إلى التدخل في سوريا بدون موافقة مجلس الأمنو مؤكداً في الحالة السورية على التحلي بالصبر وعقلنة أطراف المواجهة العسكرية لتحقيق المصالحة السورية الداخلية، ووقف العنف من أيِ جهة كانت، وإطلاق الحوار الوطني من دون شروط مسبقة أو تدخل أجنبي.
ردود الافعال السورية على الموقف الروسي: في الحالة السورية أبدت روسيا دعماً سياسيا ودبلوماسياً وعسكرياً واضحاً لنظام الأسد في سوريا ،[23]و رفضت الدعوة الأوربية والأمريكية لتنحي الأسد، وأحبطت المساعي الغربية المتكررة لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين سوريا لاستخدام العنف في قمع المتظاهرين, الشيء الذي أفقد روسيا كثيراً من الشعبية التي كانت تحظى بها فى الشارع السوري نتيجة مواقفها الداعمة للحق العربى والشرعية الدولية خاصة فى القضية الفلسطينية والأزمة العراقية، والأزمة السودانية.
فداخل سوريا تمثل هذا التحول في نظرة السوريين لروسيا في إندلاع مظاهرات يوم 13 سبتمبر2011 في بعض المدن السورية تحت شعار "ثلاثاء الغضب من روسيا"، تنديداً بالموقف الروسي الداعم للقيادة السورية والمعرقل للعقوبات الدولية، ورفع المتظاهرون شعارات ضد روسيا منها ''لا تدعموا القتلة... لا تقتلوا السوريين بمواقفكم''، ''النظام يذهب ويبقى الشعب".وفى مشهد لم تألفه الساحة العربية، حتى أثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان، أحرق المتظاهرون العلم الروسي في مدينتي حمص ودرعا.
أما خارج سوريافقد تباينت ردود الفعل الشعبية تجاه الموقف الروسى، ففى الوقت الذى تتعالى فيه أصوات الثوار مطالبة موسكو بدعم نظرائهم فى سوريا والكف عن دعم الأسد ونظامه، فإن شرائح لا بأس بها من المواطنين والنخب ترى أن موقف روسيا كان "محترما"، وأن روسيا لم تسع كالدول الغربية إلى التدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية لتحقيق مصالح تخص الغرب وحده على حساب أمن واستقرار الشعوب، وأرواح الملايين منهم.
المواقف العربية تجاه الموقف الروسي:حتى ردود الفعل العربية الرسمية والشعبية إزاء الموقف الروسى فقد تباينت بفعل الانقسام العربى ذاته والكيل بمكيالين الذى اتسمت به المواقف العربية وخاصة الخليجية.ففى الوقت الذى تدخلت فيه دول الخليج لقمع الثورة فى البحرين، ودعمت بقوة على عبد الله صالح فى مواجهة ثوار اليمن، وكانت مع بقاء مبارك في السلطة فى مصر، واستقبلت بن على بعد هروبه من تونس، فإن هذه الدول وقفت موقفاً مغايراً بالكامل فى الحالة السورية ومن قبلها الليبية.وفى كل الحالات لم يكن هناك هجوم أو شجب رسمي عربي للموقف الروسي من طرف من الأطراف العربية، بل يمكن القول بأن التزام روسيا الحياد بصفة عامة وتأكيدها رفض التدخل الخارجي فى الشأن الداخلي للدول العربية كان محل قبول وتقدير من الدول العربية.فقد رحبت دول الخليج وعدد من الدول العربية الأخرى بالموقف الروسي الذي جاء متسقاً مع توجهاتها في كل حالة بعينها، ولم يبرز الشقاق إلا فى الحالة السورية حيث تباين موقف العرب والروس فى ضوء الدعم الروسي لنظام الأسد فى مواجهة الضغوط الخليجية والغربية.
أما على الصعيد الشعبي[24]، فلم يكن الموقف الروسي من الثورات العربية محط اهتمام شعبي واسع النطاق أو مثيراً للجدل إلا فى الحالة السورية. فقد انطلقت روسيا من رؤية تميز بين أهمية قيام النظام السوري بإصلاحات حقيقة، وبين الحيلولة دون التدخل الغربي فى سوريا والتي سيكون لها تداعيات كارثية ليس فقط على وحدة الكيان السوري وإنما على استقرار وأمن المنطقة كلها.
التغطية الاعلامية على الثورات العربية:يرى عدد من المحللين السياسيين ان التقنيات المهنية للحروب الإعلامية الحديثة تستخدم من قبل بعض الفضائيات الغربية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت في تغطية الأحداث في ليبيا وعملية التحالف العسكري للدول الغربية ضد نظام معمر ألقذافي. والأكثر من ذلك يرى البعض ان التقنيات المصنفة على هذا النوع استخدمت وتستخدم لتأجيج حركات الاحتجاج في تونس ومصر واليمن وسورية. ومعروف ان وسائل وإمكانيات شن الحروب الإعلامية والدعائية كثيرة، تبدأ بتركيز الأنظار على مواقف احد طرفي المواجهة وطمس مواقف الطرف المقابل، وتنتهي بالتضليل الإعلامي السافر والنداءات التحريضية والتخويف وما إلى ذلك. وتجدر الإشارة إلى ان طرائق الحرب الإعلامية تستخدم عادة من قبل الطرفين المتنازعين كليهما، في محاولة لخلق رأي عام مؤيد لهما وممارسة التأثير الإعلامي النفساني و الحرب النفسية على مختلف شرائح المجتمع والمنظمات الدولية والحكومات ، بل وحتى لدفع قوى خارجية معينة للتدخل في السياسة الداخلية للبلد باستخدام القوة. ومن خصائص الأحداث والحركات الاحتجاجية في العالم العربي اليوم استخدام الأساليب العصرية للدعاية والتحريض عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة ، الى جانب الوسائل الإعلامية التي سبق واستخدمت في حروب يوغسلافيا وأفغانستان والعراق. إلا ان السؤال المفصلي الذي يطرح نفسه يدور حول مدى استطاعة التقنيات والوسائل العصرية للحرب الإعلامية على التأثير في تطور الأحداث الثورية الناجمة، في العالم العربي تحديدا.
و عن تعاطي الإعلام الروسي مع الثورات العربية فهناك العديد من وجهات النظر في هذا الشأن بغض النظر عن دعائمها منها:
تأخّر روسيا في الإعلان عن مواقفها السياسيّة والإعلاميّة تجاه الحدث العربي المتمثل بثوراته الضخمة التي من خلال التعاطي السلمي أسقطت عدة رؤساء عرب ولا يزال العديد منهم على المحك ، من خلال التحرّك والنهوض الاجتماعي والشعبي، فالثورات العربيّة مثلت حرجا كبيرا لروسيا وقياداتها التي تضايقت جدّاً من حدوث هذا الحدث الضخم غير المنتظر في العالم العربيّ ،الشيء الذي قد ينقل العدوى الثورية الى جنوب روسيا ذات الأغلبية الإسلاميّة رغم .......رغم انها استطاعت التعامل مع النهج الثوري الشعبي على تخومها في آسيا الوسطى و القوقاز و شرق اوربا, فبعد ثورة الورود في جورجيا عام 2003و الثورة البرتقالية في اوكرانياعام 2004 و الثورة السلمية الفاشلة في اوزباكستان 2005 ثم تعاقب ثورتين في قرغيزبا 2005 و 2010 هذه الثورات و تأكدت ان وراء هذه الثورات دعما و تمويلا امريكيا و غربيا مباشرا [25]
· ، لذلك لم يقم الإعلام الروسي بتغطية إعلامية لهذا الحراك مع العلم بأنّ الحدث الثوريّ يحتلّ مساحة كبيرة في الإعلام الروسيّ. الا أن الاستعراض لأحداث العالم يمرّ الخبر العربيّ دون تركيز عليه وإذا تمّ تناوله يكون من الوجهة الروسيّة التي تخدم وجهة نظر موسكو أو تعكس وجهة نظر النظام العربيّ الرسميّ و بالتالي لم يحتلّ الإعلام الروسيّ في العالم العربي أيّ موقع تنافسيّ مع الإعلام الفضائيّ العالميّ,[26] فغياب الاهتمام بالشباب، بوصفهم صانعي الحدث والمعارضين الحقيقيّين للتاريخ الجديد لهذه الدول، غَيّب المعارضة العربية الجديدة عن القنوات الروسية، وغاب معها الهدف الحقيقي الذي تحتجّ هذه الشرائح من أجله، فجاء بثّ الإعلام الروسيّ للأخبار العربيّة من خلال الوكالات الدوليّة وبعض المواضيع المسموح بها من قِبل الأنظمة الدكتاتوريّة، فروسيا التي لم تهتمّ بالثورات والأحداث العربيّة والتغيّرات الكبيرة التي حدثت، لا إعلاميّا ولا سياسيّا، كانت وإعلامَها بعيدة جدّاً عن قلوب الشباب المحتجّين، وغيرَ مرحّب بإعلامها وسياستها التي انتهجتها. وهنا المفارقة بين روسيا الحليف الفعليّ والتاريخيّ لشعوب المنطقة العربية، وروسيا الحاليّة، التي كانت بعيدة عن هذا الشباب الثائر و بالتالي ضحّت فعليّا بربيع الثورات العربية والتغيير التي تسود المنطقة، مساندة لدكتاتورياتها المتمثلة بدعم هذه الأنظمة القمعيّة والانتهاكات التي ترتكبها ضدّ شعوبها.
· من جهة اخرى عبرت التغطية الإعلامية للموقف الروسيّ عن التوجه السياسي العام للسياسة الرسميّة للدولة بأنّ الذي يحدث في الدول العربيّة شأن داخليّ، وروسيا لا تتدخّل في شؤون الدول المستقلّة...لكنّ الواقع كان غير ذلك، فروسيا تعاني من مرضٍ مزمن مع ثورات الربيع الشعبي التي دفعتها عدّة مرّات لسحق هذه الثورات بالقوّة العسكريّة خوفاً على مصالحها الأمنية والعسكرية والإيديولوجية من نجاح هذه الثورات، ابتداءً من ربيع بودبست 1956، مروراً بربيع براغ 1968، وثورات المعسكر الاشتراكي 1990 وانهيار جدار برلين، واستقلال دول الاتّحاد السوفياتي ومشكلة الشيشان والثورات "الملوّنة البرتقالية " [27]في اوكرانيا والوردية في جورجيا ..
· فرضية الانتقام:هناك رؤية مغايرة ارتكزت على الطريقة التي غطى بها الاعلام الروسيّ الحدث بطريقة جد عابرة وكأنّ حدث التغيير خبر من القرون الماضية، بالرغم من زيارات المعارضات السوريّة والليبيّة واليمنيّة لروسيا، ومحاولة إعطاء دبلوماسيتها دوراً مميّزا في مسار التغيير العربيّ، لكنّ روسيا لم تجنح لأيّ مبادرة تعمل على تسويقها بين الأنظمة والشعوب، وليس لها سيطرة فعليّة على الأنظمة التي تدعم بقاءها ضدّ شعوبها وكأنّ روسيا لا تريد تشفع بل تنتقم أو تثأر من الشعوب العربية والإسلاميّة التي بدعم حركة الاحتجاج التي حدثت في إقليم الشيشان الروسي في العام 1994، والصراخ في المآذن بصوت عالٍ بمناصرات الشعب الشيشاني المسلم، وإمدادهم بالمقاتلين والأموال، لم تنسَ روسيا أيضا وقوف الشعوب العربية إلى جانب مسلمي البوسنة والهرسك في العام 1993 ضدّ الصرب، والوقوف مع انفصاليّي إقليم كوسوفو الألبان عام 1999..لكن السؤال الذي يطرح نفسه على كافّة الشعوب العربيّة، لماذا تعرّض روسيا مصالحها وعلاقاتها في المنطقة العربيّة للخطر من خلال الوقوف بوجه الشعوب التي هي باقية، والرؤساء يأتون ويذهبون، كما قال مندوب الرئيس الروسي مخائيل مرغيلوف أثناء استقباله للوفد السوريّ المعارض في موسكو بطريقة تكتيكيّة «لا يوجد لروسيا في العالم العربي صديق سوى الشعوب العربية نفسها.
· فرضية المؤامرة:القائلة استنادا إلى تحليل الخبير الاستراتيجي د.فلاديمير بوليفانوف[28]، إن أمريكا وحلفاءها لم يعودوا يكتفون بالسيطرة على منابع النفط، فقط بل يسعون إلى السيطرة على الأراضي الزراعية، وهو سلاحهم في المستقبل، من أجل الاستحواذ على سلاح الغذاء ولاستخراج الطاقة النظيفة البديلة للنفط، خصوصا بعدما حققت البرازيل خطوة عملاقة في هذا المجال، سمحت لها بأن يكون لها نفوذ قوي ودولة محورية في الساحة الدولية. كما لا يستبعد أن تكون خطوة واشنطن ترمي إلى محاصرة المد الصيني الذي يتوسع بشكل كبير في منطقة شمال إفريقيا وحتى الصحراء الكبرى، وهو ما تحسب له أمريكا وحلف الناتو ألف حساب. وتكشف وجهة النظر هذه، بغض النظر عن المعطيات التي استند عليها السيد بوليفانوف، أن روسيا وجدت نفسها الخاسر الأكبر من تغير بعض الأنظمة السياسية العربية والاضطرابات التي تعيشها دول أخرى، بالنظر لكونها كانت تربطها بها علاقات سياسية واقتصادية قوية على غرار سوريا وليبيا، وبالتالي فإن أي تغيير في أنظمتها لا يخدم مصالح موسكو، بل يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بوضع موطن قدم ومحاصرة النفوذ الروسي في منطقة شمال إفريقيا بعدما سيطرت على الخليج العربي.
روسيا و خطة البنود الخمسة لتسوية الأزمة السورية:رغم الإختلاف بين روسيا والغرب فيما يخص الملف السوري وسبل تسوية النزاع على الساحة السياسية الداخلية حظيت الخطة التي طرحت في القاهرة على لسان وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف[29] باستحسان شركاء موسكو الغربيين، بل وكذلك العرب الذين يقفون في مقدمة الساعين الى تغيير النظام السوري، لاسيما قطر.و تتلخص خطة البنود الخمسة لتسوية الأزمة السورية التي نسقتها روسيا مع جامعة الدول العربية كما رأت الولايات المتحدة ان الخطة تشير الى تغيير ايجابي في موقف موسكو[30]، فيما تضيق الشقة بين وجهتي النظر الروسية والأميركية بهذا الشأن... الا ان السؤال يطرح نفسه من جهة اخرى: لماذا حظي الموقف الذي دأبت موسكو على إعلانه طوال الأشهر الأخيرة بتفهم لدى الزملاء الغربيين الآن فقط؟ لقد نشأ انطباع وكأن نجاح القوات الحكومية في اقتحام مواقع الجيش السوري الحر في حمص وادلب ، وكذلك عمليات مقاتلي القاعدة في سورية هي التي قادت الى تصحيح مخططات الغرب تجاه التدخل العسكري في النزاع ، وسبل التسوية السياسية لهذا النزاع.لقد اضطرت الدول الغربية وحلفاؤها العرب الى الإعتراف بأن النظام السوري اقوى مما كان يعتبر سابقا. الا ان من المهم ايضا ان تنتقل دمشق من إستحسان خطة السلام الروسية العربية بالأقوال الى تنفيذها بالأفعال. فالعنف يجب ان يتوقف ، ويجب ان لا تستخدم المفاوضاتُ ، ولا مهمة ُ كوفي أنان، لغرض كسب الوقت. وإلا فإن دمشق تجازف بشطب جهود الوساطة وتحط من شأن موقف الدول الساعية الى إيجاد حل سياسي مقبول للنزاع في سورية.
روسيا و مهمة كوفي عنان:بالرغم من ان الإيجابية الدبلوماسية التي حاولت روسيا تركها حين استقبلت المبعوث الدولي "كوفي انان" في موسكو بتاريخ 25 مارس2012 ، فقد صرح الرئيس الروسي السابق " ديمتري ميدميديف" الذي استقبل الموفد الاممي بصراحة :"أن مهمة عنان هي الفرصة الأخيرة لسورية في عدم الذهاب "و الانزلاق " في حرب أهليه، ولم يشدد ميدفيديف على أنها الفرصة الأخيرة أمام النظام السوري للحل ، وهذا يعني بأن روسيا لا تزال تراهن على النظام نفسه. لكن الحل الروسي حتى اليوم يكمن في انقاض النظام السوري، كما ان روسيا حددت شروطها المسبقة لمهمة عنان بأن: على الدول العربية والغربية التي تدعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً عليها ان تعمل على إقناعها والضغط عليها بقبول مهمة عنان وإلا سوف يستمر الأسد بممارسة عمله في ظل :
· 1-عدم تحديد مهمة زمنية لمهمة كوفي عنان ،حسب تعبير وزير الخارجية الروسي.
· 2-عدم اخذ البنود إلى مجلس الأمن كي لا تجبر المجلس على اقرارها.
بالرغم من تصريح نائب وزير الخارجة الروسية بان وقف إطلاق النار امراً صعب إذا لم يتم وقف دعم الدول العربية للمعارضة، بالرغم من ان موسكو ترى في مهمة عنان نصراً سياسياً ودبلوماسيا لسياستها التي خاضته ضد المجتمع الدولي وقد استخدمت مرتين حق الفيتو، والسعي الدائم لعرقلة كل القرارات الدولية التي تدين النظام؟ كما ان روسيا التي ترى بان عنان لا يختلف مع موسكو في طرحه وتشخيصه للازمة السورية وفي البنود الست التي قدمها للدولة السورية وخاصة بأن عنان لم يشكل حرجا في عمله اثناء رئاسة مجلس الأمن طوال الفترتين الماضيتين وكذلك عندما كان مندوب دولياً في حل ازمة يوغسلافيا.
مستقبل العلاقات الروسية العربية في ظل التحولات الدولية الراهنة
تنطلق الحسابات الجيوسياسية في علاقة روسيا بالعالم العربي خلال العقدين الماضيين من ثلاثة متغيرات و هي إشكالية النظام الدولي , المتغير العسكري , المتغير الديني
1. اشكالية النظام الدوليالنابعة من اعتقاد روسيا ان العالم و النظام الدولي منذ تفكك الاتحاد السوفييتي يعيش مرحلة انتقالية مع تسليمها باحادية النظام خلال هذه الفترة لكنها تؤمن بامكانية العودة من جديد و تجاوز المرحلة[31], و لعل اكثر معضلات أزمة النظام العالمي هي ان حالة الانحصار الجيوستراتيجي الروسي خلال العقدين الماضيين جعلها محاصرة بازمات عالمية سواء بسبب الحرب في افغانستان او النزاع الحدودي بين باكستان و افغانستان و او الطلعات الجوية لحلف الناتو المنطلقة من دول البلطيق و بعد القواعد في آسيا الوسطى و تركيا و شرق اوربا فضلا عن استهداف صربيا و مساندة انفصال اقليم كوسوفو[32], و السيطرة العسكرية الأمريكية على حوض البحر على البحر المتوسط والخليج العربي… و يأتي موقف روسيا في اكتوبر 2011 من خلال استخدام الفيتو في وجه المشروع الأمريكي الاوربي لادانة النظام السوري في مجلس الأمن كان الغرض منه رفض تحويل مجلس الأمن الى ميدان لممارسة الهيمنة الدولية و تحاول روسيا من خلال تنسيق تحالف دولي جديد تمثله مجموعة البريكسBRICS[33], خاصة و ان هذه الدول وقفت الى جانب النظام السوري في مجلس الأمن في اكتوبر 2011 حين استخدمت كل من روسيا و الصين الفيتو و ساندتها كل من الهند والبرازيل و جنوب افريقيا بالامتناع عن التصويت .و في هذا الاطار تضع روسيا العالم العربي ضمن دوائر الأمن الاستراتيجي في الدائرة الرابعة بعد القوقاز و مناطق الاقليات الساعية للانفصال داخل البيت الروسي هي الدائرة الاولى بينما تمثل الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي الدائرة الثانية و تاتي الصين والهند و ايران و تركيا واليونان و البلقان و سوط اوربا في قوس كبير يمثل الدائرة الثالثة.
و امام صعوبات الانطلاق جنوبا نحو العالم العربي و الشرق الأوسط اعادت روسيا خلال عام 2010 توجيه سياستها الخارجية نحو محور آسيا المحيط الهادي قصد تنمية الاقاليم المتأخرة من الشطر الآسيوي من روسيا الى الشرق من الأورال و عبر سيبيريا وصولا الى الحدود الصينية و جزر الكوريل و حدود آلاسكا , و كذا الاستفاذة من الصعود الاقتصادي الصيني انتقلت الصين عام 2010 لتحل محل ألمانيا كأكبر شريك تجاري مع الاتحاد الروسي فضلا عن فرصة روسيا اللحاق التقني بكوريا الجنوبية واليابان .
و يقر بعض الخبراء الروس في إطار هذا المخطط الاستراتيجي الجديد بانه ليس لروسيا في العالم العربي سوى قليل من المصالح الاقتصادية و القائمة على سياسة ردود الأفعال على السلوك العسكري الأمريكي دون المبادرة باتخاذ خطوات فعلية.[34] من جهة أخرى تتمتع روسيا في هذه السنوات الأخيرة بتحسن في العلاقات مع الولايات المتحدة و يرجع بعض المراقبين ان جزءا من هذا التحسن يعود الى ان اوباما قد استمع لنصائح مستشاريه بشأن كسب الطرف الروسي من خلال غض الطرف و عدم اتهمام روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان مثلا. يضاف الى هذا البعد العالمي في موقف روسيا من الثورات العربية علاقة روسيا بإسرائيل التي تضم حوالي مليون إسرائيلي من أصول روسية و سوفيتية فضلا عن وجود ما بين خمسة الى ستة ملايين أسرة روسية لها أقارب و أصدقاء في روسيا , و يؤكد بعض المحللين الروس عدم الرغبة في عزل اسرائيل خاصة في ظل التعاون الوثيق بين روسيا و اسرائيل في قضايا الارهاب و التهديدات التي تخص الجنوب الروسي و مجالها الحيوي في اسيا الوسطى .
2. المتغير العسكري: تحتل روسيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في تصدير الأسلحة للعالم[35] و اذا كان زبائن الولايات المتحدة من خلال صادراتها الموجهة مناصفة الىالدول المتقدمة والنامية , فان زبائن روسيا هم من الدول النامية و بنسبة تبلغ نحو 90%[36], و من المفارقات في تجارة روسيا للسلاح في العالم العربي ان نجاح تسويق السلاح متوقف في جزء كبير منه على حملات التخويف و نشر الخوف بين الاطراف المتنازعة في العالم العربي عبر و كالات الاستخبارات بالتقاطع مع جهود الولايات المتحدة في هذا الشأن
و يحتل العالم العربي المرتبة الثانية في محطات استقبال السلاح الروسي بنسبة 15% بعد الدول النامية الاسيوية التي تتلقى نحو 62% من اجمالي الصادرات الروسية من السلاح ...كما ان روسيا هي اكبر مورد للسلاح في افريقيا و تحتل المرتبة الثانية في كل من آسيا و امريكا اللاتينية بعد الولايات المتحدة غير ان مكانة روسيا في توريد السلاح للعالم العربي تراجعت بعد انهيار الشيوعية الى المرتبة الرابعة بعد كل من الولايات المتحدة وبريطانيا و فرنسا .[37] يضاف الى ذلك عدم وجود مجال للمقارنة بين القدرات البحرية الروسية [38] و نظيرتها الغربية و الأمريكية خاصة الأسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط منذ اربعينات القرن و الذي يمتد من السويس شرقا الى خليج غينيا في غرب افريقيا .
و بقي طموح روسيا في العالم العربي لا يتعدى الحصول على تسهيلات عسكرية و مستودعات للوقود في مصر في بعض الموانىء مثل بورسعيد و الاسكندرية و البرلس و مطروح [39], اما في سوريا فكانت اللاذقية الميناء المفضل للسوفييت و كانت عدن الميناء الأكثر إستراتيجية الى جانب ميناء بربرة في الصومال [40] .
و لعل القلق الروسي من الخسائر التي سببتها الثورات العربية و البالغة 10ملايير دولار في مجال التسليح مع كل من مصر و الجزائر و ليبيا [41]
ففي ليبيا وحدها عقدت روسيا صفقات بنحو 04 ملايير دولار لشراء اسلحة جديدة و تحديث المنظومة التسليحية القديمة و استحودت شركة غاز بروم عل نسبة 33%من حصة شركة الغاز الايطالية eniفي حقول النفط والغاز الليبية و لكن مع اشتعال الأحداث في ليبيا سحبت روسيا موظفيها العاملين في مجال النفط ومجال شبكة البنية الأساسية خاصة مشروع إقامة أول شبكة سكك حديدية في ليبيا ...لكن بعد نجاح الثوار في دخول طرابلس اكد المجلس الانتقالي رغم شكره لروسيا على عدم استخدامها الفيتو في فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا انه سوف يراجع العلاقات مع روسيا خاصة في مجال لتسليح في اشارة الى التوجه المحتمل الى الدول التي ساعدته على الاطاحة بنظام القذافي فرنسا و بريطانيا ثم ايطاليا و الولايات المتحدة .[42]
3. المتغير الديني: يبلغ عدد سكان روسيا 145 مليون نسمة يمثل المسلمون منه نسبة 16 الى 17 %اي مابين 23 اللى 25 مليون نسمة الشيء الذي اكسبها مقعد دائم بصفة مراقب في منظمة المؤتمر الاسلامي في الاجتماع 32 لوزراء خارجية المنظمة في صنعاء جوان 2005 [43].و لعل المعادلة الروسية العربية ازدادت تأثرا بالعامل الديني منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بداية
· بالحرب الشيشان الأولى 1992-1994 و الثانية 1999-2003 من خلال اتهامات روسيا لدول شبه الجزيرة العربية بتمويل حركة التمرد في الشيشان سواء بالمال او الرجال , و قد تراجع هذا الدعم العربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بعد التهم الموجهة لهذه الدول بتمويل الإرهاب الدولي.
· الحرب في البوسنة الهرسك في 1992 الى 1995 ثم اشكالية استقلال البان كوسوفو 1999 و الضربة الاطلسية لصربيا الحليف التقليدي لروسيا و المحاور التقليدية في البلقان
· الغزو الامريكي الانجليزي للعراق في [44]2003 و التعاطف الاسلامي الكبير في الداخل الروسي مع الشعب العراقي المتوافق مع الموقف الرسمي الروسي الذي تحكم في عدم الانخراط في جر روسيا الى الازمة رغم ما توارته وسائل الاعلام بالقاء القبض على متطوعين شيشانيين وداغستانيين في البصرة وبغداد
· تعاطي روسيا مع ازمة الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم ) في اكتوبر 2005 من خلال انتقادها للدول الغربية التي نشرت الرسوم وطالبتها بالاعتذار و فرضت روسيا حضرا اعلاميا على اعادة نشرها في الصحف الروسية احتراما لمشاعر مواطنيها المسلمين[45]
· لكن هذا الحرص الروسي على ضبط العلاقة بين العالمين العربي و الاسلامي لم يكن موفقا في موقف روسيا من حرب الابادة على سكان غزة المحاصرين في ديسمبر /جانفي 2009 و رغم تطلع العالم العربي الى موقف يخفف من حجم الكارثة الا ان موقف روسيا لم يكتفي باغماض العين فقط بل بالتصريح بانها تشعر بالقلق تجاه الصور المفزعة التي تشاهدها في غزة ولكنها تتفهم في نفس الوقت حق اسرائيل في الدفاع عن النفس .[46]
السيناريوهات المحتملة لطبيعة العلاقات العربية الروسية: الى غاية نهاية سنة 2011 , حافظت روسيا على موقف بدأ سلبيا و متحفظا تجاه الحراك الثوري العربي , ثم تحول على نحو براغماتي مع تحقيق القوى الثورية نجاحات , الى طريق اقل تشددا في الوقوف مع الانظمة العربية الحاكمة , و ان تباين هذا الموقف من خلال :
· عدم الاكثرات في الحالة اليمنية
· المتابعة المترقبة في الحالة التونسية
· المراقبة بقلق و حذر في الحالة المصرية
· المراوغة و الشجب في الحالة الليبية
· الرفض القاطع لاي تدخل دولي مع المطالبة بإصلاحات داخلية عاجلة في الحالة السورية
و لعل المراجعة التاريخية للعلاقات العربية الروسية التي تمتد اكثر من الف عام سيجدها انها اتسمت بفترات مد و جزر و كان اكثرها وضوحا في خمسينات و ستينات القرن العشرين من خلال مساهمة روسيا في تطوير البنى الاساسية في العالم العربي في العديد من المجالات فضلا عن دورها الثقافي البارز...و يعتبر عقد السبعينات بداية خط متصل لتراجع الدرو الروسي في العالم العربي الى ان اختفى او كاد عام 1991 ...و في السنوات الاخيرة تقوم السياسة الخارجية الروسية على مبدأ رد الفعل و تجنب المبادرات الراديكالية
هناك من يعقد أن الموقف الروسي تجاه الحراك الثوري العربي لا يزال يرتكز على بعد تشكيكي قائم على نظرة روسيا للشعوب العربية على انها لا تزال تحت وطأة القوى الاستعمارية و تتحرك وفق مخططات اجنبية بريطانية وفرنسية وامريكية [47] .
ومن خلال ما سبق يتضح لنا ان موقف روسيا من الحراك الثوري العربي يرتكز على الدوافع و الكوابح التالية :
1. طبيعة البيئة الداخلية خاصة الهيكل السلطوي في الداخل الروسي الذي يسعى الى فرض قبضة مركزية على الاقاليم التي تسعى للانفصال أو التمرد من خلال سيطرة الحزب بممارسته الشمولية و بالتالي فان قبول روسيا بالديمقراطية سيضعها عرضة الانفصال و التفكك و احتمال نشوب صراعات عرقية و قومية و دينية و حتى مناطقية الشيء الذي قد يؤدي الى تفكك الاتحاد الروسي نفسه
2. خشية روسيا من انتقال عدوى الثورة الى ارضيها خاصة ان هذا الحراك الثورى يؤثر مباشرة في الواقع الداخلي الروسي خاصة جمهوريتي تترستان و بشكورتوستان في العمق الروسي من جملة المطالب التي ترفعها الجمهوريتبن و لكن بصفة سلمية بعيدة عن النهج الصدامي كما كان الحال في الشيشان والقوقاز[48].بسبب تشابه الدوافع في الداخل الروسي مع واقع التجربة العربية و هذا ما يعكس محاولة روسيا اتباع اساليب عديدة للحيلولة دون انتشار تلك العدوى من خلال اللعب على تشويه الربيع العربي اعلاميا و اعتباره عملا انقلابياو صراعا بين مؤيدين و معارضين للرؤساء العرب
3. تعتقد روسيا ان السياق الذي اندلعت فيه الثورات العربية يعبر بوضوح عن ازمة المخطط الامريكي في عملية نشر الديمقراطية عن طريق فرضها [49]مع الجهل بالمعطيات الاجتماعية و الاقتصادية للشعوب العربية و عليه تتحرك روسيا تجاه الثورات العربية بحذر لاعتبارات عديدة تسعى لتحقيق التوازن بين كل من الانظمة العربية الحاكمة و اسرائيل و الولايات المتحدة الامريكية
4. عدم رغبة روسيا في ان ينتهي الربيع العربي بوصول قوى اسلامية اصولية قد تنشأ بيئة اقتصادية و اسلامية تهدد تخومها في القوقاز و آسيا الوسطى , اضافة الى أن تعاطي روسيا مع الثورات العربية ياخد بعين الاعتبار الوزن الديمغرافي و الاقتصادي لمسلمي روسيا الذين يمثلون نحو 17 %من اجمالي السكان
5. لا تملك روسيا القدرات العسكرية البحرية التي تمكنها من ادارة متوازنة للصراع في المياه الاقليمية للعالم العربي في ظل سيطرة الاساطيل الأمريكية على كل من شرقي البحر المتوسط و الخليج العربي.
6. يبدو ان المعلم الاساس للسياسة الخارجية الروسية البراغماتية السياسية بعد تخليها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي عن الرسائل الايديولوجية و مبادىء الماركسية المنادية بثورة الشعوب[50]
و عليه تطرح جملة من السيناريوهات حول آفاق العلاقات الروسية العربية في ظل هذه التحولات الدولية :
1- السيناريو الأول:يعتقد أن هناك آفاق رحبة للتعاون و الشراكة الروسي- العربي في مجالات الطاقة النووية وتكنولوجيا الفضاء وتطوير البنية الصناعية العربية، وهو التعاون الذي بدأ بالفعل علي نطاق محدود لا يتفق مع احتياجات الدول العربية، ولا مع ما يمكن أن تقدمه روسيا من دعم تقني في هذا المجال. ومثال ذلك الاتفاق بين روسيا وليبيا في عام 1997 علي تطوير مركز الأبحاث النووية في تاجورا غرب طرابلس، وتوقيع اتفاقية خاصة بالاستخدام السلمي للطاقة النووية في مارس 2008 بين مصر وروسيا، وبين روسيا والأردن في مايو 2009 لإنشاء المفاعلين النوويين الصناعي والتجريبي في الأردن.[51]يضاف إلى هذا التعاون القائم بين روسيا وعدد من الدول العربية في مجال تكنولوجيا الفضاء، أهمها الجزائر والسعودية والمغرب، ويتضمن ذلك إطلاق أقمار صناعية للاتصالات والملاحة والاستشعار عن بعد بواسطة صواريخ روسية. وقد تم في هذا الإطار إطلاق القمر الصناعي الجزائري "ألسات-1" في نوفمبر 2002 ، وكذلك إطلاق سبعة أقمار صناعية سعودية بواسطة الصواريخ الروسية إلى مدار حول الأرض، وهناك اتفاق بين البلدين على مواصلة التعاون في هذا المجال.
كما اتفقت وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية ومؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة عام 2007 علي بدء العمل المشترك في مجال استثمار الفضاء لأغراض سلمية، وإطلاق جهاز فضائي إماراتي للاستشعار عن بعد من مطار بايكونور عام 2008.ولروسيا أيضا دور متزايد وملحوظ في تنمية البنية الصناعية في العديد من الدول العربية، وتحديث البنية الصناعية التي شيدت في فترة الاتحاد السوفيتي،[52] هذا إلى جانب إنشاء صناعات جديدة مشتركة بين روسيا وعدد من الدول العربية، من أهمها إنشاء مجمع سيدي البراق الكهرومائي الضخم في تونس بمساعدة روسيا عام 1999، وعدد آخر من المنشآت المائية. أيضا هناك مشروع خط سكة حديد بين مدينتي سرت وبنغازي الليبيتين بطول 500 كيلو متر وتكلفة تقديرية 2.2 مليار دولار، والعديد من مشروعات الاستثمار المصري- الروسي المشترك في صناعات الدواء والسيارات والطائرات وغيرها
2- السيناريو الثاني:هناك من يهين من مستقبل المصالح الروسية في المنطقة العربية نظرا للعديد من العوامل منها مثلا :
· فيما يخص النفط و الغاز مصالح روسيا تتعارض مع مصالح المنطقة العربية كمصدر للنفط، و بالتالي هذا يطرح العلاقة التنافسية كون ان الدول العربية لها مصلحة أن ترتفع أسعار النفط والغاز كي تستطيع أن تصدر بشكل أكبر مثلا .
· هناك من يرى أن تصدير السلاح أصبح من الأدوار القديمة ومن المصالح القديمة حيث كان الاتحاد السوفيتي السلاح الى يصدر إلى سوريا إلى ,العراق و إلى مصر إلى الجزائر ... اليوم حتى مع بعض التصدير للأسلحة الخفيفة والصواريخ تغير التوجه الروسي لتصدير السلاح إلى دول في آسيا، إلى الصين، إلى تايلاند، إلى مناطق أخرى
· من الناحية السياسية لم نعد أيضا أمام معادلة الثنائية القطبية من ناحية الصراع بين المعسكر السوفيتي أو المعسكر الروسي والمعسكر الأميركي، فعليا هناك دولة مهيمنة هي الولايات المتحدة قامت بتقويض روسيا و أزالت عنها دورها حتى في محيطها بعد أن تموقعت الولايات المتحدة في قواعد في المحيط الروسي
و تبقى الصين أوفر حظا من روسيا للعب دور القوة العظمى القادمة و هذا نسبيا في ظل علاقاتها المعقدة بالولايات المتحدة وعلى ضوء هذا السيناريو كيف يمكن الدول العربية أن تساعد روسيا في أخذ دور على الساحة العالمية.
تـــــوصيــــات
الأكيد أن روسيا عائدة إلى النظام الدولي بقوة ولو كانت تلك العودة فيها نوع من التدرج كما يجمع العديد من المختصين في الشؤون الدولية في ظل مسلمة واضحة هي أن المنطقة العربية ومهما بلغت حالتها العامة من عدم التنسيق المشترك فإنها تبقى مجالا إستراتيجيا لا يمكن لدولة عظمى مثل روسيا إلا أن تنسق معه , و بالتالي تبقى تصورات مستقبل العلاقات الروسية العربية قائمة الارتباط المصلحي و الشراكة و الطرح الواقعي و المصالح الاستراتيجية و ليس من باب المجاملة و هنا يمكن التمييز بين اوجه هذه العلاقة من خلال المسلمات التالية:
أولا : المسلمة السياسية و الاقتصادية
تفعيل التعاون التجاري والمالي بين الطرفين.
ضرورة توجيه الاستثمار العربي نحو روسيا.
تنظيم مؤتمرات على مستوى صانعي القرار بشأن العلاقات العربية الروسية لبحث هذه المسألة مباشرة.[53]
تأسيس قاعدة مشتركة عبر التمثيل البرلماني لوضع التشريعات الملائمة والأسس القانونية التي تخدم تطوير العلاقات بين الطرفين.
تنشيط عمل مجلس الأعمال الروسي العربي[54]
ثانيا : المسلمة الثقافية و الاعلامية
تعزيز "الدبلوماسية الشعبية" هروبا من البيروقراطيات الرسمية التي قد تعرقل الرغبة في التواصل بين الطرفين.
تنشيط دور الجمعيات الأهلية و المنظمات غير الحكومية والبرلمانات من اجل مد الجسور بين الطرفين.
الاعتماد على فكرة العلاقات العامة للوصول إلى صانع القرار الروسي و التركيز على الهيئات الشعبية لا سيما البرلمانية منها مسؤولية هذه المهمة
السعي إلى تقارب إعلامي حيث تقوم وسائل الإعلام لدى الطرفين بدور في التقريب والتفاعل.
بلورة متنديات للحوار والتقارب الإعلامي ومد جسور التعاون مع العالم العربي في المجالات الثقافية والأكاديمية والبحثية.
تنشيط الترجمة من الروسية إلى العربية والعكس.
الاستفادة من التجربة الروسية الناجحة في التعايش المشترك بين القوميات والإثنيات التي تضمها روسيا على مساحة جغرافية واسعة[55].
الاستفادة من وجود ما يناهز 25 مليون مسلم بروسيا يمثلون عمقا إستراتيجيا للعالم العربي.
إقامة مراكز بحث مشتركة و تكوين مرجعية لخريجي الجامعات الروسية في العالم العربي.
خاتمــــــــــــــــــــــــــــة
خاتمة هذه الورقة تنطلق من مقولة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الذي يقول" إن صداقة أمريكا تحرق وعداوتها تقتل"، والحقيقة أن هذا القول إذا كان يصدق بشكل لافت على الولايات المتحدة، من منطلق أن الصداقات بين الدول لا يمكن أن تتحقق إلاّ على أساس راسخ من الندية، وهو ما لم يتوافر حتى الآن لأي طرف عربي في علاقته بالولايات المتحدة . فإنه يصح أيضاً وبالقدر نفسه على علاقات الدول العربية بمختلف القوى الدولية الأخرى، ومن بينها روسيا والصين، لأن معاداة دولة مثل روسيا التي تمتلك حدوداً قريبة جداً مع قوى إقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا، يسهم في إضعاف المنطقة العربية أمنيا خاصة أن أغلبية الأطراف العربية باتت مقتنعة أن دول أوروبا الشرقية التي انتقلت إلى دائرة النفوذ الأمريكي، أصبحت تشكل القاعدة الخلفية للنشاط الصهيوني في المنطقة العربية، فقد أثبتت التحقيقات الأخيرة التي أجرتها السلطات المصرية أن التمويل الأجنبي الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمات المجتمع المدني المصرية، يتم عن طريق تنظيمات غير حكومية متمركزة في دول من أوروبا الشرقية، وليس من مصلحة العرب أن تتحول روسيا بكل ثقلها الاقتصادي والبشرية إلى جزء من المنظومة السياسية الغربية. ... و خلاصة القول إن روسيا لديها رؤية إيجابية لإمكانيات التعاون مع الدول العربية، ولديها رغبة فى تقديم مساعدة للدول العربية فى حالة وجود صيغة واقعية تستند على المصالح المشتركة، ويمكن لروسيا أن تمثل شريكاً أساسياً فى تحقيق بعض الأهداف العربية ذات الأهمية سواء بالنسبة لكل دولة على حدة أو لمجمل الدول العربية، لكن على الدول العربية أولا فهم معطيات هذا التعاون، من خلال عملية إعادة إدراك وجود إمكانيات حقيقية لدى روسيا يمكن استنادا عليها إرساء علاقات قوية، تدعم قطاعات حيوية داخل الدول العربية، وليس المقصود بذلك القطاعات العسكرية فقط، كما يجب تحديد ما الذى تريده الدول العربية بالضبط، وكيف يمكن إقامة علاقات التعاون على النحو الذى يحقق مصالح الطرفين العربى والروسى.
الهوامش:
[1]- لمى , مضر جريء الامارة ," المتغيرات الداخلية والخارجية في روسيا الاتحادية و تأثيرها على سياستها تجاه منطقة الخليج ".ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى ,2005,ص16.
[2]- يتألف الإتحاد الروسي من 83 كيان فدرالي: 21 جمهوريةمعظمهن يتمتعن باستقلال ذاتي في شؤونهم الداخلية. وغالباً ما تمثل كل جمهورية مجموعة عرقية واحدة أو أكثر. 46 أوبلاست(أقاليم)، 9 كرايات(مقاطعات)، 4 أوكروجات(منطقة ذات استقلال ذاتي)، ومدينتين فدراليتين.
[3]- تحدها كل من النرويجوفنلنداوإستونياولاتفياوليتوانياوبولنداعن طريق كالينينغرادسكايا أوبلاست) وروسيا البيضاءوأوكرانياوجورجياوأذربيجانوكازاخستانوجمهورية الصين الشعبيةومنغولياوكوريا الشمالية. كما أن لديها حدودًا بحرية مع اليابانفي بحر أوخوتسكوالولايات المتحدةعن طريق مضيق بيرينغو الاسكا و جزر اليوشين.
[4]- ألغيت القنانة الروسية في عام 1861، إلا أن إلغاءها تم تحقيقهبشروط غير مواتية للفلاحين وأدت إلى زيادة الضغوط الثورية.
[5]-جورج شكري كتن,"العلاقات الروسية العربية في القرن العشرين و آفاقها ".دراسات استراتيجية , العدد53, ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى 2001, ص 19.
[6]- تم تقدير عدد سكان روسيا لأكثر من 142 مليون نسمة ...احصائيات أواخر العام 2011
[7]-جورج شكري كتن ,نفس المرجع , ص 11.
[8]- إن روسيا تنظر إلى دول الخليج، لا سيما السعودية، كحليف لها في سوق الطاقة العالمية، وليس منافسا حيث يتم التنسيق والتعاون بين روسيا والدول العربية في مجال الطاقة في إطار محورين أساسيين، أولهما: الحفاظ على استقرار السوق النفطية وضمان حد أدني لأسعار النفط، وذلك من خلال التحكم في حجم الإنتاج، خاصة أن روسيا تشارك في اجتماعات أوبك كمراقب. ثانيهما: الاستثمارات الروسية في قطاع النفط العربي والإقبال الشديد من جانب شركات النفط الروسية على الاستثمار في قطاع النفط في الدول العربية، من خلال المشاركة في عمليات البحث والتنقيب وتطوير الإنتاج.
[9]-نورهان, الشيخ," السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية:مصالح ثابتة ومعطيات جديدة ". السياسة الدولية , العدد: فيفري 2012, ص, القاهرة: مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية , ص 12
[10]- أشار وزير الخارجية الروسية لافروف إلى أن سوريا من أهم الدول في الشرق الأوسط، وأن زعزعة الاستقرار هناك ستكون له عواقب وخيمة في مناطق بعيدة جدا عن سوريا نفسها. فروسيا تري أن سوريا بمثابة "حجر زاوية" في أمن منطقة الشرق الأوسط، وعدم استقرار الوضع فيها أو نشوب حرب أهلية سيؤدي بدوره حتما إلى زعزعة الوضع في بلدان مجاورة، خاصة في لبنان، ويؤدي إلى صعوبات في المنطقة كلها، وتهديد حقيقي للأمن الإقليمي.
[11]-نورهان, الشيخ, "محددات وآفاق العلاقات الروسية - العربية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين",دراسات شرق اوسطية , مركز دراسات الشرق الأوسط بالتعاون مع المؤسسة الأردنية للبحوث والمعلومات, العدد53,خريف 2010,ص54
[12]- عباس خضر, عطوان ,"سياسة روسيا العربية والاستقرار في النظام الدولي" ,المجلة العربية للعلوم السياسية, العدد 20, خريف 2008,القاهرة : مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية , ص:
[13]- ممدوح , طه ,"تحت ظلال الحرية الدينية الجديدة في روسيا ..المسلمون قادمون ",آراء حول الخليج, العدد 38 , نوفمبر 2007, ص ص73-74
[14]-من هذه الزيارات لكبار المسؤولين من الأقطار العربية لموسكو. زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسياسي اللبناني المعروف وليد جنبلاط
[15]-يلعب مجلس الأعمال العربي الروسي، والمجالس الثنائية العاملة في اطاره، دورا كبيرا في تفعيل الإتصالات الإقتصادية بين روسيا والعالم العربي ويساعد نشاط هذه المجالس رجال الأعمال الروس والعرب على تقليص كبير في الجهود والنفقات المرتبطة بدراسة الأسواق والتأكد من الميادين الأكثر جاذبية بالنسبة للإستثمارات واقامة الإتصالات مع الزبائن والشركاء.
[16]- هذه المرحلة يحاول فيها الطرفين تأمين الإستقرار وتطوير التعاون المتبادل النفع, الأمر الذي يتجلى في العلاقات الثنائية وفي نشاط روسيا ضمن اللجنة الرباعية للوساطة الدولية في الشرق الأوسط، وكذلك في التعاون المتزايد بين روسيا وجامعة الدول العربية.
[17]- نبذة عن العلاقات الروسية -التونسية,سلسلة تقاريربشأن العلاقات الروسية العربية, قناة روسيا اليوم www.rt.today arabic.com
[18]-حيث تم تطبيع العلاقات الروسية المصرية في كافة المجالات.وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. وتتطور العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني. وجاءت الزيارة الرسمية الأولي للرئيس مبارك إلى روسيا الاتحادية في سبتمبر 1997، تلتها زيارتين عام 2001 و 2006 اعدت خلالهما البرامج طويلة الأمد للتعاون في كافة المجالات كما قام الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة عمل الى القاهرة في 2005
[19]-نبذة عن العلاقات الروسية –المصرية,سلسلة تقارير بشأن العلاقات الروسية العربية, قناة روسيا اليوم www.rt.today arabic.com
[20]-دعم روسيا لنظام القذافي كان بشكل خجول و قائم على قاعدة المصالح الاقتصادية وعقود السلاح و عقود استثمار النفط وغيره البالغة 04 مليارات دولار،.
[21]- نوهان ,الشيخ ,"وجهة نظر روسيا في عيون العرب" ,دراسة بتاريخ الأربعاء، 8 فبراير 2012، شبكة الاخبار bbc, تقارير خاصة على الموقع : www.bbc.com
[22]-نفس المرجع ,ص 2.
[23]- رغم تكرار دعوتها للقيادة السورية لوقف العنف ومواصلة إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية عميقة، بل والتحذير الذي أعلنه الرئيس مدفيديف من أن روسيا قد تغير موقفها تجاه دمشق في حال فشل الرئيس الأسد في إقامة حوار مع المعارضة، وأن "مصير محزن ينتظر الأسد اذا لم يبدأ حوارا مع المعارضة ويباشر الاصلاحات".
[24]- نورهان الشيخ , نفس المرجع
[25]- عاطف معتمد عبد الحميد," روسيا و العرب اوان البراغماتية ونهاية الايديولوجيا".سلسلة تقييم حالة (روسيا و الربيع العربي ) , نوفمبر 2011 ,الدوحة :المركز العربي للابحاث و دراسة السياسات ,.ص :16.
[26]-هنا لابدّ من التذكير بكلام الرئيس الروسيّ «ديميتري ميدفيديف» أثناء مؤتمره الصحافيّ الذي عقد في منتصف تمّوز 2011 في هنوفر، أثناء اللقاء السنويّ بالمستشارة الألمانيّة: «لقد آن الأوان لروسيا لبناء تلفزيون اجتماعيّ عام بَعيد عن سيطرة الدولة وتأثير الرأسمال الخاص، فالتلفزيون الجديد يجب أن يتمّ تمويله من قِبل المواطنين دافعي الضريبة.فالإعلام الروسيّ إذاً، خرج عن دوره الإعلاميّ، وممارسة الإعلام السياسيّ، لذلك لم تستطِع "قناة روسيا اليوم " من المنافسة في العالم العربيّ الذي يعجّ بالمشاكل والتطوّرات السريعة، فكانت روسيا وقناتها تبتعد عن العقول والقلوب العربية يوماً بعد يوممن خلال تغطياتها
[27]-نومكن , فيتالي , "العلاقات الروسية مع اوربا و الولايات المتحدة الامريكية ". سلسلة محاضرات الامارات ,العدد :99, ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى , 2006, ص 14.
[28]-وقد كشف ذلك الدكتورفلاديمير بوليفانوف، هو نائب رئيس الحكومة الروسية سابقا و خبير استراتيجي كبير ، في حوار مع صحيفة ''كومسومولسكايا برافدا''مشيرا الى أن الولايات المتحدة هي من افتعلت الثورات العربية لاحتلال أراض خصبة في الصحراء الكبرى, في إشارة إلى الثورات التي شهدتها عدة دول عربية. و حسب تحليل فلاديمير بوليفانوف، فإن الصحراء سوف تتحول من كونها أرضا قاحلة حاليا إلى واحة زراعية مزدهرة، يحصد سكانها عدة محاصيل في السنة و أن معظم الدول التي شهدت و ستشهد قلاقل واضطرابات كما مان الحال في تونس ومصر والسودان وليبيا أو التي سيأتي عليها الدور حسب توقعاته المستقبلية،كالجزائر والمغرب وموريتانيا واليمن وسوريا والبحرين ستعرف هي الأخرى ''تغيرات مناخية''
[29]- حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان تسليح المعارضة السورية سيؤدي الى قتال دموي يستمر لسنوات طويلة. واعتبر ان المعارضة السورية لن تهزم الجيش السوري النظامي حتى لو دججت بالاسلحة...انظر وكالة اتار تاس افروف: المعارضة السورية لن تهزم الجيش السوري حتى لو دُججت بالأسلحة, قناة روسيا اليوم ,www.rttoday.arabic.com
[30]-في هذا الصدد قالت فكتوريا نولاند، " المتحدثة بأسم الخارجية الأميركية، إن من المهم بخاصة أن تسعى موسكو وبكين الى النأي بنفسيهما عن بشار الأسد، وتناديان بوقف العنف".
[31]- يفغيني بريماكوف, ترجمة عبد الله حسن ,"العالم بدون روسيا ..قصر النظر السياسي و عواقبه ", دمشق: دار الفكر , 2010, ص 17-35
[32]- Jean-Arnault Dérens,« Kosovo : L’independance, Et Apres »,Monde Diplomatique,fevrier 2008,p 25.
[33]- البريكس BRICSهو تحالف دولي جديد اشتق المصطلح من الحروف الأولى من اسماء دول البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب افريقيا .
[34]- رغم التحسن في علاقاتها بالدول الخليجية و خاصة السعودية انظر : لمى , مضر جريء الامارة ,نفس المرجع ,ص .59
[35]- Grimmett.R,«CRS Report For Congress ;Conventionel Arms Transfers To DevelopingNations;2000-2007 ». october23 ;2008.www.fas.org/sgp/crs/weapons/lr34723.pdf
[36]- NUP.S ; « The Arms Trade Is Big Business »,Globalissues,November,09,2009 in www.globalisues.org /article /74 / thearms trade is big business.
[37]NUP,S,ibid.
[38]- المعلوم تاريخيا ان الأسطول الروسي يتألف من اربع اذرع : الأسطول الشمالي و أسطول المحيط الهاديء و أسطول بحر البلطيق و أسطول البحر الأسود و الأساطيل الثلاثة بعيدة للغاية عن مسرح التنافس في المنطقة فيما يعيش الأسطول الرابع في البحر الأسود أزمة انحباسه داخل مياه ذلك البحر شبه المغلق بمضايق الدردنيل و البوسفور رغم ان روسيا أساسا من الناحية الجغرافية دولة قارية .
[39]- ألكسي فاسيليف , "روسيا في الشرقين الأدنى و الأوسط", ترجمة المركز العربي للصحافة و مراجعة حمدي عبد الحافظ , موسكو ,2001, ص 189, 194.
[40]- يمكننا الاستشهاد بالحضور البحري السوفييتي في حرب أكتوبر 1973 من خلال إحدى وسائل الحسم العسكري التي استخدمها المصريون في عبور القناة و تمثل ذلك في الجسور العائمة التي شكلت دعما سوفيتيا بحريا .
[41]Jacob W.Kipp ,”Moscow Responds To The Arab Revolutions :Focus On Libya “; Eurasia Daily Monitor, Volume:8, Issue:80;25, April2011.In Www.Jamestown.Org.
[42]- هذا لا يعني ان روسيا لم تستفيذ من الثورات العربية اذ ارتفعت اسعار النفط الروسي الى 30%وقد تزداد ارتفاعا
[43]-Kreutz.A ,« Russia In The Middle East :Freind Or Foe »,London :Preager Security international ,2007,P8 .
[44]-ابمجدجهاد عبد الله," التحولات الاستراتيجية في العلاقات الامريكية الروسية". بيروت: دار المنهل اللبناني, الطبعة الاولى,2001,ص170.
[45]- في هذا السياق, قامت روسيا بالمسارعة الى مصادرة صحيفة "غورودسكايا ازفيستيا" في مدينة فولغوغراد حين تجرأت على إعادة نشر الصور.
[46]- عاطف, معتمد عبد الحميد,نفس المرجع .ص :16
[47]- هذه النظرة لم تتغير الى يومنا هذا يمكن استشفافها في خروج العديد ممن تصريحات الخبراء الروس الاعلامية بان هذه الثورات العربية في عام 2011 ماهي الا مؤامرة يهودية أو امريكية للسيطرة على الشرق الاوسط من خلال ايقاعه في الفوضى و التخلص من حكامه المنتهية أدوارهم و من بينهم الدبلوماسي فاتسلاف ماتوزوف الذي يرى ان العديد من المنظمات الامريكية قامت بتدريب بعض الشباب و تم ارسالهم الى بلدانهم لاشعال فتيل الثورات .
[48]- عاطف معتمد عبد الحميد , المرجع السابق ,ص 08
[49]- يفغيني بريماكوف,نفس المرجع , ص 39
[50]- عاطف معتمد عبد الحميد , "العلاقات العربية الروسية في ظل التحولات الدولية ", ورقة عمل في : ملتقى العلاقات العربية الروسية , مركز الجزيرة للدراسات , الدوحة , فبراير, 2009 .
[51]-نورهان الشيخ," السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية:مصالح ثابتة ومعطيات جديدة", السياسة الدولية , العدد : , فيفري 2012, ص : 23
[52]-أهمها تحديث مجمع الحجار للحديد والصلب في الجزائر، وتحديث مولدات كهرباء السد العالي، وترسانة الإسكندرية، والفرن العالي، لشركة حلوان للحديد والصلب وغيرها من المشروعات في مصر.
[53]-جورج شكري كتن, نفس المرجع , ص 93.
[54]- خاصة أن العلاقات الاقتصادية العربية الروسية التي حكمتها في الحقبة السوفيتية طبيعة الأنظمة السياسية و التي كانت ترى في الاتحاد السوفيتي السابق منظومة تقليدية تعتمد مقايضة السلاح والتكنولوجيا بالمواد الخام أو الإنتاج الزراعي قد تراجعت في عهد روسيا الاتحادية نظرا لتغير النظام الاقتصادي في روسيا إلى اقتصاد السوق المفتوح مما حيد العامل الأيديولوجي من المعادلة الجديدة وفرض قوانين السوق بكافة تفاصيلها.
[55]- لمى مضر وجريء الامارة ,نفس المرجع , ص43.
ان المتتبع لتداعيات الحراك الثوري في الوطن العربي على المستوى الخارجي في ظل ردود الأفعال و المواقف الخارجية المختلفة للعديد من الدول و altالقوى الإقليمية و الدولية التي حاولت إعادة التموقع و الاستثمار في كل من الحالة التونسية والليبية والمصرية ... برز الموقف الروسي في قراءات وصور مشوشة من الحراك العربي وتداعياته موقف غير واضح المعالم، ولا محدد التوجهات والأهداف، ولا غير قادر على اتخاذ مواقف فاعلة .و بصرف النظر عن السياسة الخارجية الروسية و مواقفها سواء تعلق ذلك بميراث الحقبة السوفيتية والروسية الحالية تجاه العديد من القضايا العربية المزمنة والحديثة، ثمة صور رمزية غير مفهومة ظهرت في السلوك السياسي الروسي تجاه الحراك العربي و مرد ذلك الى عدم وجود موقف واضح ومحدد تجاه ما يجري، موقف لا مبالي بداية ثم موقف انتظاري وصولا إلى مواقف اتسمت بطابع المواجهة...فمع الوضع في تونس لم يسمع فيه موقفا روسيا ثابتا , ربما سرعة الوقائع وتداعياتها غير المتوقعة لم يفسح المجال لروسيا بتكوين موقف محدد مما يجري في ظل تنافس العديد من القوى الإقليمية والدولية الطامحة لإعادة التموضع و اغتنام فرصة التدخل والاستثمار الأمر الذي افتقدته السياسة الخارجية الروسية, التي كانت الأكثر حيرة تجاه الحراك الثوري المصري ، فقد ظلت العلاقة مع نظام حسني مبارك شبه عادية ، وظلت اللقاءات بين المسؤولين الروس والنظام تجري بشكل طبيعي في عز الحراك إلى ان سقط النظام أيضا بشكل فجائي، و المواقف نفسها انسحبت على الحراك البحريني والأردني رغم محاولة روسيا استدراك الأمر مع الحراك الليبي، لكن بأدوات ووسائل لم تمكنها من ترجمة أهدافها وغاياتها و رضخت لتدخل "الناتو" عبر عدم عرقلة صدور القرار 1973 بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن.
واكتفت بالمراقبة ومحاولة تقديم المقترحات للوساطة بين نظام القذافي والمجلس الانتقالي الى ان سقط القذافي ...لكن الأمر اختلف مع الموقف من الحراك السوري الى درجة الوقوف بوجه صدور قرارات عن مجلس الأمن بفرض عقوبات على دمشق، واستعمال حق النقض الفيتو إلى جانب الصين،مما شكل ازدواجية في السلوك تجاه القضايا الواحدة فما هي مرتكزات المواقف و السلوك الروسي من الثورات العربية ؟ و هل يستند ذلك لحسابات جيوسياسية.؟ اقتصادية.؟ أو براغماتية ؟.تمليها ترتيبات الاوضاع الداخلية الروسية ام أن المفارقة في السلوك تستند الى السياسة البوتينية الجديدة ؟ و عليه ستحاول هذه المداخلة الوقوف على هذه التساؤلات و محاولة الاجابة عليها من خلال المحاور التالية :
· تاريخ العلاقات العربية الروسية و الفراغ الاسترااتيجي في المنطقة العربية
· السياسة الخارجية الروسية تجاه المنطقة العربية في عهد فلادمير بوتين
· المواقف الروسية من الحراك العربي : حالة تونس و مصر و ليبيا
· روسيا و الحالة السورية
· السيناريوهات المحتملة لطبيعة العلاقات العربية الروسية
· توصيات
و قبل الخوض في هذه الاشكالية علينا الوقوف على تاريخ العلاقات العربية الروسية للاتسطلاع الثابت والمتغير فيها من خلال المحور التالي :
تاريخ العلاقات العربية الروسية و الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية
1. نبذة عن الاتحاد الفيدرالي الروسي:سنتناول بشكل وجيز اهم المعطيات الطبيعة والتاريخية و السياسية و الاقتصادية الروسية للوقفوف على اهمية هذه الدولة على المجال الدولي من خلال أن :
· روسياهي دولةتقع في شمال أوراسيا،[1] ذات حكم جمهوري بنظام شبه رئاسيتضمُّ 83 كيانًا اتحاديًا[2], لها حدود مشتركة مع 14 دولة.[3], من حيث المساحة تعد روسيا أكبر بلد في العالم، حيث تغطي نسبة 8/1 من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم بمساحة تبلغ 17,075,200 كيلومتر مربع، تمتدُّ روسيا عبر كامل شمال آسيا و40% من أوروبا، كما تُغطي تسع مناطق زمنية وتضم طائفة واسعة من البيئات والتضاريس حيث يبلغ طول البلاد من الشمال الى الجنوب اكثر من 4000كم و من الغرب الى الشرق 10.000كم , وتمتلك أكبر احتياطي في العالم من الموارد المعدنية والطاقة حيث لديها أكبر احتياطيات العالم من الغابات والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبةفي العالم من حيث السكان هي تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكانفي العالم بأكثر من 143 مليون نسمة .
· بدأ تاريخ روسيا بظهور السلاف الشرقيينكمجموعة معترف بها في أوروبا بين القرنين 3و 8ملايدي و في القرن 9 ميلادي تأسَّست إمارة كييف روس، واعتقنت المسيحية الأرثوذكسيةدينًا لها في عام 988بسبب تأثير الإمبراطورية البيزنطية،وكانت تلك هي بداية تَمازُج الثقافتين السلافية والبيزنطية اللتين شكلتا معًا ملامح الثقافة الروسيةللألفيَّة التالية. تفتت كييف روس في آخر الأمر إلى عدد من الدويلات الصغيرة، وسقطت مُعظم الأراضي الروسية في أيدي الغزو المغوليعامَ 1223، وأصبحت تابعة للقبيلة الذهبية.لاحقًا بدأت دوقية موسكوتُوحِّد تدريجيًا الإمارات المجاورة لها ونجحت في الاستقلال عن حُكم القبيلة الذهبية، وتمكنت من وراثة إرث كييف روس السياسيّ والثقافيّ، وبحلول 18توسعت البلاد كثيرًا عبر شن الغزوات والحروب والاستكشاف لتُولد بذلك الإمبراطورية الروسيةانطلاقا من موسكو كدوقية و ثالث أضخم إمبراطورية في التاريخ بنفوذها المُمتد من بولندافي أوروبا إلى ألاسكافي أمريكا الشمالية ...[4] بين إلغاء القنانة وبداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914، ثم أدخل دستور سنة 1906 ومجلس دوما الدولة تغييرات ملحوظة في الاقتصاد والسياسة في روسيا، ولكن القيصر لم يكن مستعدا للتخلي عن الحكم الاستبدادي، أو تقاسم السلطة مما أدى الى قيام الثورة البلشفية [5]عام 1917 و كان سببها : مزيج من الانهيار الاقتصادي، السأم من الحرب، وعدم الرضا عن النظام الاستبدادي للحكومة، وأنه جلب أول ائتلاف من الليبراليين والاشتراكيين المعتدلين إلى السلطة، ولكن سياساتها الفاشلة أدت إلى الاستيلاء على السلطة من قبل البلاشفة الشيوعيين يوم 25 أكتوبر 1917 ...في أعقاب الثورة البلشفيةأصبحت روسيا أحد أكبر مؤسسي الاتحاد السوفيتي، وباتت أول دولة دستورية اشتراكيةوقوة عظمىمعترف بها في العالم،كما لعبت دورًا حاسمًا في انتصار الحلفاءفي الحرب العالمية الثانية، حيث تكبدَ الاتحاد السوفيتيخسائر بشريَّة أكثر من أيِّ طرف آخر أثناء الحرب. شهدت الحقبة السوفيتية بعض أبرز النجاحات التكنولوجيَّة في القرن العشرينبأكمله، ومن ضمنها إطلاق أوَّل رائد فضاء بشريفي تاريخ العالم. لكن هذه الحال لم تدم طويلاً، فقد تفكك الاتحاد السوفيتيفي عام 1991، وتأسست عدّة جمهوريات مستقلة بدلاً منه، كان من أبرزها روسيا الاتحادية.
· و عليه فان الحديث عن روسيا في المقام الأول نابع من الوقوف على بعض المعطيات المركزية اهمها ان روسيا التي تعتبر من أكبر الدول مساحة في العالم، و تمتلك سابع أقوى اقتصاد في العالم بعد دخوله اقتصاد السوق، كما وتختزن روسيا كميات هائلة من الخامات التي تعتبر الأغلى في العالم والمطلوبة للصناعات الحديثة،بالإضافة لصناعة الأسلحة كأكبر دولة منتجة ومصدرة للصناعات العسكرية الأكثر تطورا في الصناعات العسكرية العالمية، وصلت مبيعاتها للعام 2011 بحوالي 11 مليار دولار وتمتلك روسيا الأسلحة النووية كوريث للاتحاد السوفيتي وأقمار التجسس الاصطناعية ويعتبر جيشها أحد أقوى الجيوش في العالم.[6] كما تُعد العاصمة الروسية موسكوأكبر مدن روسيا اليوم وإحدى كبريات مدن العالم من حيث السكان، ولا تُوجد مدن تماثلها في عدد السكان سوى مكسيكو سيتيعاصمة المكسيكوسيؤولعاصمة كوريا الجنوبية، وميناء موسكو الرئيسي هوَ سانت بطرسبرغالواقعة على بحر البلطيقو تُعتَبرُ روسيا حادي عشر أكبر اقتصادفي العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي، والسادسة من حيث القدرة الشرائية، والخامسة من حيث الميزانية العسكريَّة. كما أن إن روسيا واحدة من الدول الخمس الوحيدة المعترف بامتلاكها أسلحة نوويةفي العالم، إضافة إلى أنها تملكُ أكبر مخزون من أسلحة الدمار الشاملفي العالم.يضاف الى انها عضو دائم في مجلس الأمن الدوليالتابع للأمم المتحدة، كما أنها عضو في مجموعة الثمانيومجموعة العشرينومجلس أوروباومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهاديومنظمة شانغهاي للتعاونومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
2. تاريخ العلاقات العربية الروسية: اذا اردنا استطلاع العلاقات الروسية العربية سنجدها قد ازدادت باطراد , ففي العهد القيصري لم تستطع روسيا عبر ما أطلق عليه تسمية " المسألة الشرقية" [7] النفاذ الى المنطقة العربية بسبب العراقيل التي وضعتها القوى الاستعمارية فالمنطقة العربية ظلت تحت النفوذ العثماني لتنتقل الى الاحتلال الغربي و بقيت المنطقة ضمن الأطماع الروسية في إطار استراتيجية رورسيا للوصول الى المياه الدافئة ملتقى الطرق العالمية ....انتقلت العلاقات الروسية فيما بع الى مرحلة التحريض و المساندة في إطار قضايا التحرر العربي في عهد المد الثوري حيث أقيمت علاقات تحالف ضد الاستعمار الغربي العدو المشترك للعرب و الروس على السواء استمرت هذه الفترة فترة الاستقطاب الدولي للعالم الثالث في ظل الحرب الباردة و كانت هذه الفترة الذهبية في العلاقات الروسية العربية العربية لتتأثر بتفكك الاتحاد السوفييتي لاحقا و على مدى السنوات العشر الماضية،
سياسيا:استطاعت روسيا إعادة بناء علاقاتها مع عدد كبير من الدول العربية، تتضمن حلفاءها التقليديين، وفي مقدمتهم سوريا وليبيا والجزائر، والشركاء الجدد، مثل دول الخليج[8] والأردن. وأصبح لروسيا مصالح حقيقية تسعي للحفاظ عليها وتنميتها، حتي مع تغيير النظم الحاكمة في بعض الدول العربية في عقب الثورات. فروسيا لا تسعي إلى تحقيق مكاسب سياسية أو ممارسة دور أمني أو عسكري ينافس الوجود الأمريكي المكثف في المنطقة العربية، وإنما تسعى إلى شراكة استراتيجية بالمعنى الاقتصادي والتقني، ذات عائد اقتصادي مباشر لروسيا، وعائد تنموي حقيقي لدول المنطقة.و في هذا الإطار، ترتبط المصالح الروسية بثلاثة قطاعات رئيسية، هي: الطاقة (النفط والغاز)، والتعاون التقني في المجالات الصناعية والتنموية، والتعاون العسكري و يحتل التعاون والتنسيق في مجال الطاقة قمة أولويات السياسة الروسية في المنطقة العربية، وحوله تتمحور الدبلوماسية الروسية والتقارب الروسي مع الدول العربية، لاسيما دول الخليج العربي، ويلي ذلك أوجه التعاون الأخري، سواء في المجال التقني أو الاقتصادي أو الاستراتيجي العسكري. فقطاع الطاقة يمثل أحد المجالات الأساسية التي تتلاقي فيها المصالح العربية والروسية، وهو جوهر الشراكة العربية- الروسية في المستقبل والدعامة الأساسية لها , فروسيا تمتلك التكنولوجيا والخبرة اللازمة في مجال الكشف والتنقيب عن البترول واستخراجه، وكذلك في مجال الصناعات البتروكيماوية، حيث تعد روسيا من أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم من خلال 15 شركة كبري بفروعها المنتشرة في مختلف أنحاء العالم. وتعد الشركات الروسية، خاصة "لوك أويل" و"غاز بروم"، من كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال الطاقة. وهناك العديد من المشروعات التي بدأت بالفعل بين روسيا وعدد من الدول العربية، والتي تعد نواة لتطوير التعاون في هذا المجال، وفي مقدمتها السعودية، ومصر، والجزائر، والسودان، وسوريا، وليبيا.
اقتصاديا: وعلى الصعيد الاقتصادي، تمثل المنطقة العربية سوقا مهمة ذات قوة استيعابية كبيرة للصادرات الروسية من السلع الاستراتيجية والمعمرة، مثل الالآت والمعدات والأجهزة والشاحنات والحبوب. وفي عام 2006، بلغ التبادل التجاري بين روسيا والدول العربية 5.5 مليار دولار[9]. وتأتي مصر والجزائر والمغرب في مقدمة الشركاء التجاريين لروسيا في المنطقة، وعادة ما يميل الميزان التجاري لصالح روسيا بفارق كبير جدا. كذلك، تسعي روسيا إلي تنشيط صادراتها من الأسلحة للمنطقة، ليس انطلاقا من اعتبارات سياسية أو أيديولوجية، ولكن نظرا لما تمثله عوائدها من مورد مهم للدخل القومي، وذلك ليس فقط لحلفائها التقليديين في المنطقة، لاسيما سوريا والجزائر وليبيا واليمن، ولكن من خلال فتح أسواق جديدة في الأردن ودول الخليج العربي، والتي تعد سوقا تقليدية للولايات المتحدة والدول الغربية. وتتعاظم المصالح الاستراتيجية الروسية في الحالة السورية[10]، بالنظر إلي الأهمية الاستراتيجية لقاعدة طرطوس البحرية السورية التي تستخدمها القوات البحرية الروسية، والتي تعد قاعدة التموين الوحيدة للأسطول الروسي في منطقة البحر المتوسط.و يضاف إلى ذلك عشرات المشروعات المشتركة التي تم الاتفاق والتعاقد بشأنها، وتقدر قيمة عقودها بمليارات الدولارات، وستتأثر حتما إما بالإلغاء أو التأجيل، نتيجة موجة عدم الاستقرار التي تجتاح الدول العربية. وعلي ضوء التداعيات السلبية المتوقعة لهذه الثورات على المصالح الروسية، أكدت موسكو أنها تريد استقرار الأوضاع في بلدان الشرق الأوسط، لأن أية قلاقل في المنطقة تضر إضرارا مباشرا بمصالح روسيا.
العلاقات الروسية العربية في عهد الرئيس بوتين: واقع العلاقات الروسية العربية يدلل انها شهدت تفعيلاً ملحوظاً على مدى السنوات العشر الماضية بعد إنحصار وتراجع واضح خلال عقد التسعينات من القرن العشرين. فمن ناحية، استطاعت موسكو إعادة إطلاق علاقاتها مع حلفائها التقليديين فى المنطقة على أسس جديدة. إلا أن اللافت للانتباه هو التطور غير المسبوق فى علاقات روسيا بدول الخليج العربي وخاصة المملكة العربية السعودية بعد عقود طويلة من توقف العلاقات بينهما منذ ثلاثينات القرن الماضي[11]. ولقد كان وصول الرئيس الروسي ورئيس الحكومة السابق "فلاديمير بوتين " وزياراته المتكررة للمنطقة العربية نقطة تحول فى العلاقات الروسية العربية وإيذاناً ببدء حقبة جديدة فى السياسة الروسية تجاه المنطقة تستعيد فيها روسيا مكانتها كفاعل أساسي فى شؤون المنطقة وقضاياها التى تتزايد حدة وتعقيداً. و عموما هناك محددات تربط العلاقات الروسية العربية، والعوامل المختلفة التي تحكم تطورها المستقبلي في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والتي يمكن إيجازها فى ستة عوامل أساسية وهي:
* استعادة روسيا لمكانتها كأحد القوى الكبرى الفاعلة
* الشراكة الاقتصادية والتقنية
* الدعم السياسي الروسي للقضايا العربية
* آفاق التعاون فى المجال العسكري
* الخبرة التاريخية الإيجابية للتعاون العربي الروسي
* التقارب الدينى والثقافي والحضاري بين روسيا والعالم العربي.
3- الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية: لقد سياسة روسيا الخارجية اتسمت عموما بعدم الثبات تجاه المنطقة العربية و منطقة الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية. لكن تذبذب السياسة الروسية كان في الاستمرارية، وليس في المواقف.ذلك أن المصالح الخاصة كانت المحدد الأبرز لهذه السياسة.يضاف اليه جملة من المحددات يمكن إجمالها في الآتي:
· المشاكل الداخلية الروسية.
· التحديات الاقليمية
· العلاقات الأمريكية الروسية.
· العلاقات الروسية الإسرائيلية
· بعض التطورات الإقليمية والمحلية منها الثورات العربية .
بالرغم من عدم الثبات في السياسة الروسية من حيث درجة تركيزها أو حدتها إلا أنها اتسمت بطابع مشترك وهو المحافظة على حد أدنى من العلاقات مع جميع الأطراف. فالعرب لم يقدموا لأي طرف مناكف للسياسات الأمريكية والإسرائيلية أي مقابل حتى يشجعوا هذه القوى على الاستمرار في ذلك، بل على العكس قامت الدول العربية بالتحالف مع الغرب على حساب علاقاتها مع القوى الأخرى ومن بينها روسيا و السياسات الروسية الأخيرة لا تخرج عن محاولة روسيا البقاء على الساحة الدولية، بما يضمن عودتها مستقبلا إلى ما كانت عليه.
و رغم محاولة روسيا النهوض الا انها تصدم بعوائق تحول دون قيامها بادوار مهمة في العلاقات الدولية منها:[12]
· الإنفاق العسكري لا يزال محدودا حوالي 1/9 الإنفاق الأمريكي
· اعتماد الاقتصاد الروسي على عوائد تصدير المعادن و النفط و الغاز وليس تصدير السلع و الخدمات حيت ل يشكل الاقتصاد الروسي سوى 1.50 %من الناتج الاجمالي العالمي مقارنة مع 25 %بالنسبة للاقتصاد الامريكي
· تعاني روسيا ثلات مشاكل من الناحية السكانية وهي انخفاض عدد السكان من 150 ميليون نسمة سنة 1991 الى 144 مليون نسة عام 2002 و يتوقع ان يصل الى 126 مليون عام 2025 و اننخفاض في اعداد السكان الشباب اذ يتوقع ان تبلغ الفئة العمرية (15/25سنة) حوالي 10%من سكان روسيا عام 2025 و الفئة العمرية (25/40 سنة ) حوالي 13.8%عام 2025 , و الاهم هو توقع حدوث تغيير في نسب التكوينات القويمة و الدينية داخل روسيا اذ يتوقع ان يرتفع عدد المسلمين من 30-35 %من اجمالي سكان روسيا عام 2007 الى نحو 45%عام 2030.[13]
غير هذه العلاقات ما فتأت تتحسن على خلفية تناوب الرئاسة الجاري في روسيا حالياً و عودة فلاديمير بوتين الى سدة الحكم و عودة الزيارات المكثفة التي شهدتها موسكو من قبل القيادات العربية خلال السنوات الاخيرة[14], سبقها حصول روسيا الاتحادية على عضوية مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي خلال الدورة 32 لمجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في جوان 2005 في العاصمة اليمنيّة صنعاء، والتي شكّلت آنذاك حالة استثنائية غير مسبوقـة في المنظمة. وكذلك اعتبار الجامعة العربية سفير روسيا الاتحادية في القاهرة سفيراً لدى الجامعة العربية، ثم تشكيل "مجلس الأعمال الروسـي العـربي" [15]برعاية السياسي والمستشرق المعروف يفغيني بريماكوف، وتشكيل لجـان فرعيّة بينيّة للعمل على تحقيق خطوات إيجابية. كما تردّد أن التعاون الروسي العربي دخل مرحلة جديدة[16]، وأن هذه المرحلة ستشمل مجالات جديدة، منها الفضاء الكوني وتكنولوجيات النانو والمجال العسكري الفنّي والعلمي التقني، بالإضافة إلى الطاقة النووية.
المواقف الروسية من الثورات العربية : حالة تونس و مصر و ليبيا
في قراءة للموقف الروسي من القضايا العربية المزمنة والحديثة و من الحراك العربي و ما تبعه من ثورات في المنطقة , ثمة صور رمزية غير مفهومة ظهرت في السلوك السياسي الروسي مرده عدم وجود موقف واضح ومحدد تجاه ما يجري، تجلى بمواقف ذات طابع لا مبالي بداية، مرورا بسياسات انتظارية و وصولا إلى مواقف اتسمت بطابع المواجهة.
1. روسيا و الحراك الثوري في تونس : الحديث عن الموقف الروسي تجاه الحراك التونسي تميز بعدم سماع موقف روسي ذو شأن , حال دون تبلوره تسارع الوقائع وتداعياتها غير المتوقعة الشيء الذي لم يفسح المجال لموسكو بتكوين موقف محدد مما يجري، رغم ان النظام السابق مثَّل مادة دسمة لكل القوى الإقليمية والدولية الطامحة لإعادة التموضع و فرصة للتدخل والاستثمار ولو على المستوى الشعبي القابل للاستثمار السياسي اللاحق،الأمر الذي افتقدته السياسة الخارجية الروسية و عن واقع العلاقات الروسية التونسية قبل الثورة يمكن الوقوف على النقاط التالية :
· سياسيا: قيام العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وتونس في 11 جوان 1956 بعد نهاية نظام الحماية الفرنسي, ثم إعلان تونس اعترافها بروسيا في 25 ديسمبر 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفييتي غير أن بدء اللقاءات الرسمية في تاريخ العلاقات الروسية التونسية بين رئيسي روسيا وتونس لم يتحقق الى غاية سنة 2000 .ثم تعاقبت زيارات وزراء الخارجية بعد ذلك
· اقتصاديا : شكل مجال إنشاء المجمعات الكهرمائية في تونس طيلة سنوات أهم أوجه التعاون الاقتصادي التقني الروسي التونسي من خلال انجاز مجموعة من السدود على العديد من الأنهر , تلا ذلك انتقال التعاون الاقتصادي الى المجال العلمي و التقني,حيث عقدت ابتداء من سنة 1999 و2003 و2008 اجتماعات اللجنة الحكومية الثنائية أسفرت عن توقيع اتفاقية حكومية والبرنامج الحكومي في مجال التعاون الثقافي والعلمي، واتفاقية وزارية حول التعاون في مجال التأهيل المهني و يقدر حجم التداول السلعي بين الدولتين في عام 2008 1.71 مليار دولار (805 مليون دولار في عام 2007) وبحسب المعلومات الواردة من الجانب التونسي فان روسيا أصبحت في عام 2008 شريكا ثالثا [17]على الصعيد التجاري الخارجي بالنسبة لتونس، علما ان التصدير الروسي الى تونس يشكل نسبة 95% من التداول السلعي التونسي الإجمالي. فيما بلغ التصدير التونسي الى روسيا 25 مليون دولار فقط... كما أعلن التونسيون رغبتهم في البدء بإنشاء محطة كهرذرية بقدرة 900 ميغاواط في عام 2010. كما يرتبط التعاون خاصة التعاون في مجال الصحة والسياحة والتعليم
2. روسيا و الحراك الثوري في مصر:الموقف الروسي الأكثر حيرة كان تجاه الحراك المصري، فقد ظلت العلاقة مع نظام حسني مبارك شبه عادية، وظلت اللقاءات بين المسؤولين الروس والنظام تجري بشكل طبيعي حتى في عز الحراك، إلى ان سقط أيضا بشكل فجائي، وكأن روسيا غير معنية و المواقف نفسها كانت مع الحراك البحريني والأردني والجزائري والمغربي. و عن واقع العلاقات الروسية المصرية قبل الثورة المصرية يمكن تسجيل ما يلي :
سياسيا: أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر في 26 اوت 1943 . و بدأ التعاون المصري الروسي في 1948 في مجال القطن المصري و الخشب سوفيتي . وشهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها بعد ثورة يوليو 1952 حين قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالي.كما بلغت العلاقات الثنائية ذروتها في فترة الخمسينات – الستينات من القرن العشرين حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الانتاجية ، وبينها السد العالي في اسوان ومعمل الحديد والصلب وتم في مصر إنجاز 97 مشروعا صناعيا بمساهمة الاتحاد السوفيتي. وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينات باسلحة سوفيتية. وتلقت العلم أجيال من اولئك الذين يشكلون حاليا النخبة السياسية والعلمية والثقافية في مصر ومن بينهم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي تخرج من احد المعاهد العسكرية السوفيتية.
وعلى الرغم من التوتر الذي شهدته العلاقات في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات وإنقطاعها تماما بعد افاقية كامب دافيد 1978 حتى سبتمبر 1981 فانها بدأت في التحسن التدريجي في عهد الرئيس مبارك.[18] واتخذت دورة مجلس جامعة الدول العربية في سبتمبر2005 للمرة الاولى في تاريخها قرارا باعتماد سفير روسيا في جمهورية مصر العربية بصفته مفوضا مخولا لدى جامعة الدول العربية... اننتقل التعاون بعد ذلك ليشمل العديد من القطاعات مثل صنع قطع الغيار للسيارات والطائرات ومشاريع الطاقة الروسية و في ميدان الطاقة الذرية الموضوع الرئيسي للمباحثات التي جرت في موسكو يوم 25 مارس 2008 بين الرئيسين دميتري ميدفيديف وحسني مبارك وأسفرت عن توقيع اتفاقية حول التعاون في ميدان الاستخدام السلمي للطاقة الذرية ...كما تمت في 23 جوان 2009 في القاهرة المباحثات بين الرئيس الروسي دميتري مدفيديف ونظيره المصري حسني مبارك . تم توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا الاتحادية ومصر ترسم بموجبها اتجاهات التعاون بين البلدين خلال السنوات العشر القادمة.
اقتصاديا: أما بالنسبة للميدان الاقتصادي فقد تقلص نطاق التعاون العملي في التسعينات . ولكن من الملاحظ أنه ينمو باطراد في السنوات الأخيرة . وقد بلغ حجم تبادل السلع والخدمات بين البلدين في عام 2006 حوالي مليار و950 مليون دولار. ويشكل التبادل التجاري منه قرابة المليار و200 مليون دولار .وقد ازداد حجم التبادل التجاري في السنوات الأربع بحوالي 5 امثال . وهو يشكل الآن أكثر من ملياري دولار . وبلغ التبادل السلعي بين البلدين في عام 2008 حوالي 2.065 مليار دولار[19]. وتشغل الخامات والمواد الغذائية وزناً نوعياً عالياً في الصادرات الروسية بينما تشكل المنتجات الزراعية والسلع الاستهلاكية البنود الأساسية في الصادرات المصرية.
3. روسيا و الحراك الثوري في ليبيا: مع الحراك الثوري الليبي، حاولت روسيا لكن بأدوات ووسائل لم تمكنها من ترجمة أهدافها وغاياتها الرجوع الى الواجهة و لكن روسيا رضخت لتدخل منظمة شمال الحلف الاطلسي "الناتو" عبر عدم عرقلة صدور القرار 1973 بالامتناع عن التصويت في مجلس الأمن. والذي يقضي بحماية المدنيين الليبيين من بطش قوات القذافي، طبعا كان موقف روسيا موقفا محايدا،من طرفي النزاع، لأنها لم تمتنع من التصويت والتعاون مع الأكثرية الدولية،بشان ليبيا في مارس 2011و الذي أتاح باستخدام القوة ضد نظام معمر القذافي، واكتفت بالمراقبة ومحاولة تقديم المقترحات للتقريب بين نظام القذافي[20] والمجلس الانتقالي دون فعالية ملحوظة و بسقوط النظام ظلت خارج خارطة الاستثمار ذات القاعدة الغربية، بانتظار ما يمكن ان تحصل عليه في عمليات مقايضة أخرى. ...و حرصت في ذات الوقت على إبقاء قنوات اتصال مفتوحة مع الثوار، فى محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوازن، والتأكيد الدائم على نزاهة مواقفها، وحرصها على الاستقرار الداخلى والإقليمي للدول العربية. وذلك بهدف الإبقاء على علاقاتها بالدول محل الثورات بغض النظر عن الطرف الذى سيسطر على السلطة ويكون له الغلبة فى النهاية.[21]..
لكن روسيا اتهمت تصرف التحالف الدولي الذي دخل ليبيا من خلال القرار الدولي بأنها تجاوزت تفويض الأمم المتحدة من تنفيذ مآرب سياسية خاصة لها من اجل أحداث تغيرات جيو –سياسة، رفعت روسيا صوتها بوجه هذه التصرفات الدولية،مرارا من خلال تصريح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ، والذي ترجم بتصريح ناري: "بان هذه الحرب التي تشن على ليبيا ما هي إلا حرب صليبية فعلية" [22]معربة عن خشيتها من تدخل بري في ليبيا ،و أن قرار كهذا سوف يدخل ليبيا في دوامة الحرب الأهلية.و كانت روسيا تهدف إلى لعب دور وسيط وتلفت نظر المجلس الانتقالي من اجل استقدامه إليها، ومن اجل لعب إلى دور روسي مستقبلي،فيما بعد رحيل نظام القذافي لان روسيا كانت المصدر الأساسي لترسانة سلاح العقيد من العهود السابقة،إضافة إلى حصولها على امتيازات نفطية، وأشياء أخرى تحاول من خلال العودة للمسرح الليبي بمبادرة و لعب دور مميز في المنطقة العربية من خلال البوابة الليبية والفلسطينية والسورية .
روسيا و المعضلة السورية
لكن المحيّر في مواقف روسيا، هي ازدواجية الرؤية والموقف تجاه القضايا الواحدة، وقد تجلى ذلك عبر الموقف من الحراك السوري اذ وقفت موسكو بوجه صدور قرارات عن مجلس الأمن بفرض عقوبات على سوريا ، واستعملت حق النقض "الفيتو" إلى جانب الصين، وهو موقف ذات دلالات واضحة. فما هي خلفياته ؟ أهي اقتصادية أم مبدئية؟ أم ذات طابع تبادلي؟ و ما موقع البراغماتية من ذلك ؟
تعد المصالح الروسية في سورياذات طبيعة سياسية إستراتيجية وعسكرية واقتصادية في جوهرها. ورغم أن من المؤكد أن لدى روسيا مصالح تجارية مع سوريا، إلا أن قيمة هذه المصالح تفوق ذلك
المصالح الروسية في سوريا، كما يذهب العديد من المراقبين، هي الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس. حيث تعد قاعدة طرطوس البحرية العسكرية آخر موقع بحري لأسطول روسيا بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وتُعتبر قاعدة طرطوس مرفقا روسيا إستراتيجيا طويل الأمد. فبموجب اتفاقية بين البلدين عام 1971، يستضيف ميناء طرطوس قاعدة روسية للإمداد والصيانة من الفترة السوفياتية تم تشييدها أثناء فترة الحرب الباردة لدعم الأسطول السوفياتي بالبحر الأبيض المتوسط
و يتجلى الموقف الروسي في الحالة السورية في كلمات الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين"كما جاء في 27 فبراير 2012 عبر صحيفة "موسكو فسكييه نوفوستي" عن سياسة روسيا الخارجية حول ما سمي بـ"الربيع العربي"، المتعاطفة مع ظاهرة الاحتجاجات المتزامنة التي شهدها العديد من الدول العربية قبل عام فيما سمي بالحراك العربي على أمل "إحداث تغيير إيجابي". وانتقد التدخل الخارجي في النزاعات الداخلية للدول العربية مشيراً إلى أن التدخل في ليبيا وتحت ستار الشعارات الإنسانية وباستخدام القوة أدى إلى الإجهاز على النظام الليبي، ومقتل القذافي. وشدد على أن روسيا لن تسمح بتطبيق السيناريو الليبي في سوريا، قائلاً: "نحن ضد اتخاذ قرارات مثل التي اتخذها مجلس الأمن والتي من الممكن تأويلها كإذن بالتدخل العسكري في العملية السورية الداخلية"، مشيراً إلى أن الالتفاف على أخذ موافقة مجلس الأمن للتدخل من شأنه أن يقوض مصداقية ودور الأمم المتحدة قائلاً إن "حق الفيتو ليس مجرد نزوة، بل هو جزء لا يتجزأ من النظام العالمي"، محذراً الدول الغربية من اللجوء إلى التدخل في سوريا بدون موافقة مجلس الأمنو مؤكداً في الحالة السورية على التحلي بالصبر وعقلنة أطراف المواجهة العسكرية لتحقيق المصالحة السورية الداخلية، ووقف العنف من أيِ جهة كانت، وإطلاق الحوار الوطني من دون شروط مسبقة أو تدخل أجنبي.
ردود الافعال السورية على الموقف الروسي: في الحالة السورية أبدت روسيا دعماً سياسيا ودبلوماسياً وعسكرياً واضحاً لنظام الأسد في سوريا ،[23]و رفضت الدعوة الأوربية والأمريكية لتنحي الأسد، وأحبطت المساعي الغربية المتكررة لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين سوريا لاستخدام العنف في قمع المتظاهرين, الشيء الذي أفقد روسيا كثيراً من الشعبية التي كانت تحظى بها فى الشارع السوري نتيجة مواقفها الداعمة للحق العربى والشرعية الدولية خاصة فى القضية الفلسطينية والأزمة العراقية، والأزمة السودانية.
فداخل سوريا تمثل هذا التحول في نظرة السوريين لروسيا في إندلاع مظاهرات يوم 13 سبتمبر2011 في بعض المدن السورية تحت شعار "ثلاثاء الغضب من روسيا"، تنديداً بالموقف الروسي الداعم للقيادة السورية والمعرقل للعقوبات الدولية، ورفع المتظاهرون شعارات ضد روسيا منها ''لا تدعموا القتلة... لا تقتلوا السوريين بمواقفكم''، ''النظام يذهب ويبقى الشعب".وفى مشهد لم تألفه الساحة العربية، حتى أثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان، أحرق المتظاهرون العلم الروسي في مدينتي حمص ودرعا.
أما خارج سوريافقد تباينت ردود الفعل الشعبية تجاه الموقف الروسى، ففى الوقت الذى تتعالى فيه أصوات الثوار مطالبة موسكو بدعم نظرائهم فى سوريا والكف عن دعم الأسد ونظامه، فإن شرائح لا بأس بها من المواطنين والنخب ترى أن موقف روسيا كان "محترما"، وأن روسيا لم تسع كالدول الغربية إلى التدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية لتحقيق مصالح تخص الغرب وحده على حساب أمن واستقرار الشعوب، وأرواح الملايين منهم.
المواقف العربية تجاه الموقف الروسي:حتى ردود الفعل العربية الرسمية والشعبية إزاء الموقف الروسى فقد تباينت بفعل الانقسام العربى ذاته والكيل بمكيالين الذى اتسمت به المواقف العربية وخاصة الخليجية.ففى الوقت الذى تدخلت فيه دول الخليج لقمع الثورة فى البحرين، ودعمت بقوة على عبد الله صالح فى مواجهة ثوار اليمن، وكانت مع بقاء مبارك في السلطة فى مصر، واستقبلت بن على بعد هروبه من تونس، فإن هذه الدول وقفت موقفاً مغايراً بالكامل فى الحالة السورية ومن قبلها الليبية.وفى كل الحالات لم يكن هناك هجوم أو شجب رسمي عربي للموقف الروسي من طرف من الأطراف العربية، بل يمكن القول بأن التزام روسيا الحياد بصفة عامة وتأكيدها رفض التدخل الخارجي فى الشأن الداخلي للدول العربية كان محل قبول وتقدير من الدول العربية.فقد رحبت دول الخليج وعدد من الدول العربية الأخرى بالموقف الروسي الذي جاء متسقاً مع توجهاتها في كل حالة بعينها، ولم يبرز الشقاق إلا فى الحالة السورية حيث تباين موقف العرب والروس فى ضوء الدعم الروسي لنظام الأسد فى مواجهة الضغوط الخليجية والغربية.
أما على الصعيد الشعبي[24]، فلم يكن الموقف الروسي من الثورات العربية محط اهتمام شعبي واسع النطاق أو مثيراً للجدل إلا فى الحالة السورية. فقد انطلقت روسيا من رؤية تميز بين أهمية قيام النظام السوري بإصلاحات حقيقة، وبين الحيلولة دون التدخل الغربي فى سوريا والتي سيكون لها تداعيات كارثية ليس فقط على وحدة الكيان السوري وإنما على استقرار وأمن المنطقة كلها.
التغطية الاعلامية على الثورات العربية:يرى عدد من المحللين السياسيين ان التقنيات المهنية للحروب الإعلامية الحديثة تستخدم من قبل بعض الفضائيات الغربية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت في تغطية الأحداث في ليبيا وعملية التحالف العسكري للدول الغربية ضد نظام معمر ألقذافي. والأكثر من ذلك يرى البعض ان التقنيات المصنفة على هذا النوع استخدمت وتستخدم لتأجيج حركات الاحتجاج في تونس ومصر واليمن وسورية. ومعروف ان وسائل وإمكانيات شن الحروب الإعلامية والدعائية كثيرة، تبدأ بتركيز الأنظار على مواقف احد طرفي المواجهة وطمس مواقف الطرف المقابل، وتنتهي بالتضليل الإعلامي السافر والنداءات التحريضية والتخويف وما إلى ذلك. وتجدر الإشارة إلى ان طرائق الحرب الإعلامية تستخدم عادة من قبل الطرفين المتنازعين كليهما، في محاولة لخلق رأي عام مؤيد لهما وممارسة التأثير الإعلامي النفساني و الحرب النفسية على مختلف شرائح المجتمع والمنظمات الدولية والحكومات ، بل وحتى لدفع قوى خارجية معينة للتدخل في السياسة الداخلية للبلد باستخدام القوة. ومن خصائص الأحداث والحركات الاحتجاجية في العالم العربي اليوم استخدام الأساليب العصرية للدعاية والتحريض عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة ، الى جانب الوسائل الإعلامية التي سبق واستخدمت في حروب يوغسلافيا وأفغانستان والعراق. إلا ان السؤال المفصلي الذي يطرح نفسه يدور حول مدى استطاعة التقنيات والوسائل العصرية للحرب الإعلامية على التأثير في تطور الأحداث الثورية الناجمة، في العالم العربي تحديدا.
و عن تعاطي الإعلام الروسي مع الثورات العربية فهناك العديد من وجهات النظر في هذا الشأن بغض النظر عن دعائمها منها:
تأخّر روسيا في الإعلان عن مواقفها السياسيّة والإعلاميّة تجاه الحدث العربي المتمثل بثوراته الضخمة التي من خلال التعاطي السلمي أسقطت عدة رؤساء عرب ولا يزال العديد منهم على المحك ، من خلال التحرّك والنهوض الاجتماعي والشعبي، فالثورات العربيّة مثلت حرجا كبيرا لروسيا وقياداتها التي تضايقت جدّاً من حدوث هذا الحدث الضخم غير المنتظر في العالم العربيّ ،الشيء الذي قد ينقل العدوى الثورية الى جنوب روسيا ذات الأغلبية الإسلاميّة رغم .......رغم انها استطاعت التعامل مع النهج الثوري الشعبي على تخومها في آسيا الوسطى و القوقاز و شرق اوربا, فبعد ثورة الورود في جورجيا عام 2003و الثورة البرتقالية في اوكرانياعام 2004 و الثورة السلمية الفاشلة في اوزباكستان 2005 ثم تعاقب ثورتين في قرغيزبا 2005 و 2010 هذه الثورات و تأكدت ان وراء هذه الثورات دعما و تمويلا امريكيا و غربيا مباشرا [25]
· ، لذلك لم يقم الإعلام الروسي بتغطية إعلامية لهذا الحراك مع العلم بأنّ الحدث الثوريّ يحتلّ مساحة كبيرة في الإعلام الروسيّ. الا أن الاستعراض لأحداث العالم يمرّ الخبر العربيّ دون تركيز عليه وإذا تمّ تناوله يكون من الوجهة الروسيّة التي تخدم وجهة نظر موسكو أو تعكس وجهة نظر النظام العربيّ الرسميّ و بالتالي لم يحتلّ الإعلام الروسيّ في العالم العربي أيّ موقع تنافسيّ مع الإعلام الفضائيّ العالميّ,[26] فغياب الاهتمام بالشباب، بوصفهم صانعي الحدث والمعارضين الحقيقيّين للتاريخ الجديد لهذه الدول، غَيّب المعارضة العربية الجديدة عن القنوات الروسية، وغاب معها الهدف الحقيقي الذي تحتجّ هذه الشرائح من أجله، فجاء بثّ الإعلام الروسيّ للأخبار العربيّة من خلال الوكالات الدوليّة وبعض المواضيع المسموح بها من قِبل الأنظمة الدكتاتوريّة، فروسيا التي لم تهتمّ بالثورات والأحداث العربيّة والتغيّرات الكبيرة التي حدثت، لا إعلاميّا ولا سياسيّا، كانت وإعلامَها بعيدة جدّاً عن قلوب الشباب المحتجّين، وغيرَ مرحّب بإعلامها وسياستها التي انتهجتها. وهنا المفارقة بين روسيا الحليف الفعليّ والتاريخيّ لشعوب المنطقة العربية، وروسيا الحاليّة، التي كانت بعيدة عن هذا الشباب الثائر و بالتالي ضحّت فعليّا بربيع الثورات العربية والتغيير التي تسود المنطقة، مساندة لدكتاتورياتها المتمثلة بدعم هذه الأنظمة القمعيّة والانتهاكات التي ترتكبها ضدّ شعوبها.
· من جهة اخرى عبرت التغطية الإعلامية للموقف الروسيّ عن التوجه السياسي العام للسياسة الرسميّة للدولة بأنّ الذي يحدث في الدول العربيّة شأن داخليّ، وروسيا لا تتدخّل في شؤون الدول المستقلّة...لكنّ الواقع كان غير ذلك، فروسيا تعاني من مرضٍ مزمن مع ثورات الربيع الشعبي التي دفعتها عدّة مرّات لسحق هذه الثورات بالقوّة العسكريّة خوفاً على مصالحها الأمنية والعسكرية والإيديولوجية من نجاح هذه الثورات، ابتداءً من ربيع بودبست 1956، مروراً بربيع براغ 1968، وثورات المعسكر الاشتراكي 1990 وانهيار جدار برلين، واستقلال دول الاتّحاد السوفياتي ومشكلة الشيشان والثورات "الملوّنة البرتقالية " [27]في اوكرانيا والوردية في جورجيا ..
· فرضية الانتقام:هناك رؤية مغايرة ارتكزت على الطريقة التي غطى بها الاعلام الروسيّ الحدث بطريقة جد عابرة وكأنّ حدث التغيير خبر من القرون الماضية، بالرغم من زيارات المعارضات السوريّة والليبيّة واليمنيّة لروسيا، ومحاولة إعطاء دبلوماسيتها دوراً مميّزا في مسار التغيير العربيّ، لكنّ روسيا لم تجنح لأيّ مبادرة تعمل على تسويقها بين الأنظمة والشعوب، وليس لها سيطرة فعليّة على الأنظمة التي تدعم بقاءها ضدّ شعوبها وكأنّ روسيا لا تريد تشفع بل تنتقم أو تثأر من الشعوب العربية والإسلاميّة التي بدعم حركة الاحتجاج التي حدثت في إقليم الشيشان الروسي في العام 1994، والصراخ في المآذن بصوت عالٍ بمناصرات الشعب الشيشاني المسلم، وإمدادهم بالمقاتلين والأموال، لم تنسَ روسيا أيضا وقوف الشعوب العربية إلى جانب مسلمي البوسنة والهرسك في العام 1993 ضدّ الصرب، والوقوف مع انفصاليّي إقليم كوسوفو الألبان عام 1999..لكن السؤال الذي يطرح نفسه على كافّة الشعوب العربيّة، لماذا تعرّض روسيا مصالحها وعلاقاتها في المنطقة العربيّة للخطر من خلال الوقوف بوجه الشعوب التي هي باقية، والرؤساء يأتون ويذهبون، كما قال مندوب الرئيس الروسي مخائيل مرغيلوف أثناء استقباله للوفد السوريّ المعارض في موسكو بطريقة تكتيكيّة «لا يوجد لروسيا في العالم العربي صديق سوى الشعوب العربية نفسها.
· فرضية المؤامرة:القائلة استنادا إلى تحليل الخبير الاستراتيجي د.فلاديمير بوليفانوف[28]، إن أمريكا وحلفاءها لم يعودوا يكتفون بالسيطرة على منابع النفط، فقط بل يسعون إلى السيطرة على الأراضي الزراعية، وهو سلاحهم في المستقبل، من أجل الاستحواذ على سلاح الغذاء ولاستخراج الطاقة النظيفة البديلة للنفط، خصوصا بعدما حققت البرازيل خطوة عملاقة في هذا المجال، سمحت لها بأن يكون لها نفوذ قوي ودولة محورية في الساحة الدولية. كما لا يستبعد أن تكون خطوة واشنطن ترمي إلى محاصرة المد الصيني الذي يتوسع بشكل كبير في منطقة شمال إفريقيا وحتى الصحراء الكبرى، وهو ما تحسب له أمريكا وحلف الناتو ألف حساب. وتكشف وجهة النظر هذه، بغض النظر عن المعطيات التي استند عليها السيد بوليفانوف، أن روسيا وجدت نفسها الخاسر الأكبر من تغير بعض الأنظمة السياسية العربية والاضطرابات التي تعيشها دول أخرى، بالنظر لكونها كانت تربطها بها علاقات سياسية واقتصادية قوية على غرار سوريا وليبيا، وبالتالي فإن أي تغيير في أنظمتها لا يخدم مصالح موسكو، بل يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بوضع موطن قدم ومحاصرة النفوذ الروسي في منطقة شمال إفريقيا بعدما سيطرت على الخليج العربي.
روسيا و خطة البنود الخمسة لتسوية الأزمة السورية:رغم الإختلاف بين روسيا والغرب فيما يخص الملف السوري وسبل تسوية النزاع على الساحة السياسية الداخلية حظيت الخطة التي طرحت في القاهرة على لسان وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف[29] باستحسان شركاء موسكو الغربيين، بل وكذلك العرب الذين يقفون في مقدمة الساعين الى تغيير النظام السوري، لاسيما قطر.و تتلخص خطة البنود الخمسة لتسوية الأزمة السورية التي نسقتها روسيا مع جامعة الدول العربية كما رأت الولايات المتحدة ان الخطة تشير الى تغيير ايجابي في موقف موسكو[30]، فيما تضيق الشقة بين وجهتي النظر الروسية والأميركية بهذا الشأن... الا ان السؤال يطرح نفسه من جهة اخرى: لماذا حظي الموقف الذي دأبت موسكو على إعلانه طوال الأشهر الأخيرة بتفهم لدى الزملاء الغربيين الآن فقط؟ لقد نشأ انطباع وكأن نجاح القوات الحكومية في اقتحام مواقع الجيش السوري الحر في حمص وادلب ، وكذلك عمليات مقاتلي القاعدة في سورية هي التي قادت الى تصحيح مخططات الغرب تجاه التدخل العسكري في النزاع ، وسبل التسوية السياسية لهذا النزاع.لقد اضطرت الدول الغربية وحلفاؤها العرب الى الإعتراف بأن النظام السوري اقوى مما كان يعتبر سابقا. الا ان من المهم ايضا ان تنتقل دمشق من إستحسان خطة السلام الروسية العربية بالأقوال الى تنفيذها بالأفعال. فالعنف يجب ان يتوقف ، ويجب ان لا تستخدم المفاوضاتُ ، ولا مهمة ُ كوفي أنان، لغرض كسب الوقت. وإلا فإن دمشق تجازف بشطب جهود الوساطة وتحط من شأن موقف الدول الساعية الى إيجاد حل سياسي مقبول للنزاع في سورية.
روسيا و مهمة كوفي عنان:بالرغم من ان الإيجابية الدبلوماسية التي حاولت روسيا تركها حين استقبلت المبعوث الدولي "كوفي انان" في موسكو بتاريخ 25 مارس2012 ، فقد صرح الرئيس الروسي السابق " ديمتري ميدميديف" الذي استقبل الموفد الاممي بصراحة :"أن مهمة عنان هي الفرصة الأخيرة لسورية في عدم الذهاب "و الانزلاق " في حرب أهليه، ولم يشدد ميدفيديف على أنها الفرصة الأخيرة أمام النظام السوري للحل ، وهذا يعني بأن روسيا لا تزال تراهن على النظام نفسه. لكن الحل الروسي حتى اليوم يكمن في انقاض النظام السوري، كما ان روسيا حددت شروطها المسبقة لمهمة عنان بأن: على الدول العربية والغربية التي تدعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً عليها ان تعمل على إقناعها والضغط عليها بقبول مهمة عنان وإلا سوف يستمر الأسد بممارسة عمله في ظل :
· 1-عدم تحديد مهمة زمنية لمهمة كوفي عنان ،حسب تعبير وزير الخارجية الروسي.
· 2-عدم اخذ البنود إلى مجلس الأمن كي لا تجبر المجلس على اقرارها.
بالرغم من تصريح نائب وزير الخارجة الروسية بان وقف إطلاق النار امراً صعب إذا لم يتم وقف دعم الدول العربية للمعارضة، بالرغم من ان موسكو ترى في مهمة عنان نصراً سياسياً ودبلوماسيا لسياستها التي خاضته ضد المجتمع الدولي وقد استخدمت مرتين حق الفيتو، والسعي الدائم لعرقلة كل القرارات الدولية التي تدين النظام؟ كما ان روسيا التي ترى بان عنان لا يختلف مع موسكو في طرحه وتشخيصه للازمة السورية وفي البنود الست التي قدمها للدولة السورية وخاصة بأن عنان لم يشكل حرجا في عمله اثناء رئاسة مجلس الأمن طوال الفترتين الماضيتين وكذلك عندما كان مندوب دولياً في حل ازمة يوغسلافيا.
مستقبل العلاقات الروسية العربية في ظل التحولات الدولية الراهنة
تنطلق الحسابات الجيوسياسية في علاقة روسيا بالعالم العربي خلال العقدين الماضيين من ثلاثة متغيرات و هي إشكالية النظام الدولي , المتغير العسكري , المتغير الديني
1. اشكالية النظام الدوليالنابعة من اعتقاد روسيا ان العالم و النظام الدولي منذ تفكك الاتحاد السوفييتي يعيش مرحلة انتقالية مع تسليمها باحادية النظام خلال هذه الفترة لكنها تؤمن بامكانية العودة من جديد و تجاوز المرحلة[31], و لعل اكثر معضلات أزمة النظام العالمي هي ان حالة الانحصار الجيوستراتيجي الروسي خلال العقدين الماضيين جعلها محاصرة بازمات عالمية سواء بسبب الحرب في افغانستان او النزاع الحدودي بين باكستان و افغانستان و او الطلعات الجوية لحلف الناتو المنطلقة من دول البلطيق و بعد القواعد في آسيا الوسطى و تركيا و شرق اوربا فضلا عن استهداف صربيا و مساندة انفصال اقليم كوسوفو[32], و السيطرة العسكرية الأمريكية على حوض البحر على البحر المتوسط والخليج العربي… و يأتي موقف روسيا في اكتوبر 2011 من خلال استخدام الفيتو في وجه المشروع الأمريكي الاوربي لادانة النظام السوري في مجلس الأمن كان الغرض منه رفض تحويل مجلس الأمن الى ميدان لممارسة الهيمنة الدولية و تحاول روسيا من خلال تنسيق تحالف دولي جديد تمثله مجموعة البريكسBRICS[33], خاصة و ان هذه الدول وقفت الى جانب النظام السوري في مجلس الأمن في اكتوبر 2011 حين استخدمت كل من روسيا و الصين الفيتو و ساندتها كل من الهند والبرازيل و جنوب افريقيا بالامتناع عن التصويت .و في هذا الاطار تضع روسيا العالم العربي ضمن دوائر الأمن الاستراتيجي في الدائرة الرابعة بعد القوقاز و مناطق الاقليات الساعية للانفصال داخل البيت الروسي هي الدائرة الاولى بينما تمثل الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي الدائرة الثانية و تاتي الصين والهند و ايران و تركيا واليونان و البلقان و سوط اوربا في قوس كبير يمثل الدائرة الثالثة.
و امام صعوبات الانطلاق جنوبا نحو العالم العربي و الشرق الأوسط اعادت روسيا خلال عام 2010 توجيه سياستها الخارجية نحو محور آسيا المحيط الهادي قصد تنمية الاقاليم المتأخرة من الشطر الآسيوي من روسيا الى الشرق من الأورال و عبر سيبيريا وصولا الى الحدود الصينية و جزر الكوريل و حدود آلاسكا , و كذا الاستفاذة من الصعود الاقتصادي الصيني انتقلت الصين عام 2010 لتحل محل ألمانيا كأكبر شريك تجاري مع الاتحاد الروسي فضلا عن فرصة روسيا اللحاق التقني بكوريا الجنوبية واليابان .
و يقر بعض الخبراء الروس في إطار هذا المخطط الاستراتيجي الجديد بانه ليس لروسيا في العالم العربي سوى قليل من المصالح الاقتصادية و القائمة على سياسة ردود الأفعال على السلوك العسكري الأمريكي دون المبادرة باتخاذ خطوات فعلية.[34] من جهة أخرى تتمتع روسيا في هذه السنوات الأخيرة بتحسن في العلاقات مع الولايات المتحدة و يرجع بعض المراقبين ان جزءا من هذا التحسن يعود الى ان اوباما قد استمع لنصائح مستشاريه بشأن كسب الطرف الروسي من خلال غض الطرف و عدم اتهمام روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان مثلا. يضاف الى هذا البعد العالمي في موقف روسيا من الثورات العربية علاقة روسيا بإسرائيل التي تضم حوالي مليون إسرائيلي من أصول روسية و سوفيتية فضلا عن وجود ما بين خمسة الى ستة ملايين أسرة روسية لها أقارب و أصدقاء في روسيا , و يؤكد بعض المحللين الروس عدم الرغبة في عزل اسرائيل خاصة في ظل التعاون الوثيق بين روسيا و اسرائيل في قضايا الارهاب و التهديدات التي تخص الجنوب الروسي و مجالها الحيوي في اسيا الوسطى .
2. المتغير العسكري: تحتل روسيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في تصدير الأسلحة للعالم[35] و اذا كان زبائن الولايات المتحدة من خلال صادراتها الموجهة مناصفة الىالدول المتقدمة والنامية , فان زبائن روسيا هم من الدول النامية و بنسبة تبلغ نحو 90%[36], و من المفارقات في تجارة روسيا للسلاح في العالم العربي ان نجاح تسويق السلاح متوقف في جزء كبير منه على حملات التخويف و نشر الخوف بين الاطراف المتنازعة في العالم العربي عبر و كالات الاستخبارات بالتقاطع مع جهود الولايات المتحدة في هذا الشأن
و يحتل العالم العربي المرتبة الثانية في محطات استقبال السلاح الروسي بنسبة 15% بعد الدول النامية الاسيوية التي تتلقى نحو 62% من اجمالي الصادرات الروسية من السلاح ...كما ان روسيا هي اكبر مورد للسلاح في افريقيا و تحتل المرتبة الثانية في كل من آسيا و امريكا اللاتينية بعد الولايات المتحدة غير ان مكانة روسيا في توريد السلاح للعالم العربي تراجعت بعد انهيار الشيوعية الى المرتبة الرابعة بعد كل من الولايات المتحدة وبريطانيا و فرنسا .[37] يضاف الى ذلك عدم وجود مجال للمقارنة بين القدرات البحرية الروسية [38] و نظيرتها الغربية و الأمريكية خاصة الأسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط منذ اربعينات القرن و الذي يمتد من السويس شرقا الى خليج غينيا في غرب افريقيا .
و بقي طموح روسيا في العالم العربي لا يتعدى الحصول على تسهيلات عسكرية و مستودعات للوقود في مصر في بعض الموانىء مثل بورسعيد و الاسكندرية و البرلس و مطروح [39], اما في سوريا فكانت اللاذقية الميناء المفضل للسوفييت و كانت عدن الميناء الأكثر إستراتيجية الى جانب ميناء بربرة في الصومال [40] .
و لعل القلق الروسي من الخسائر التي سببتها الثورات العربية و البالغة 10ملايير دولار في مجال التسليح مع كل من مصر و الجزائر و ليبيا [41]
ففي ليبيا وحدها عقدت روسيا صفقات بنحو 04 ملايير دولار لشراء اسلحة جديدة و تحديث المنظومة التسليحية القديمة و استحودت شركة غاز بروم عل نسبة 33%من حصة شركة الغاز الايطالية eniفي حقول النفط والغاز الليبية و لكن مع اشتعال الأحداث في ليبيا سحبت روسيا موظفيها العاملين في مجال النفط ومجال شبكة البنية الأساسية خاصة مشروع إقامة أول شبكة سكك حديدية في ليبيا ...لكن بعد نجاح الثوار في دخول طرابلس اكد المجلس الانتقالي رغم شكره لروسيا على عدم استخدامها الفيتو في فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا انه سوف يراجع العلاقات مع روسيا خاصة في مجال لتسليح في اشارة الى التوجه المحتمل الى الدول التي ساعدته على الاطاحة بنظام القذافي فرنسا و بريطانيا ثم ايطاليا و الولايات المتحدة .[42]
3. المتغير الديني: يبلغ عدد سكان روسيا 145 مليون نسمة يمثل المسلمون منه نسبة 16 الى 17 %اي مابين 23 اللى 25 مليون نسمة الشيء الذي اكسبها مقعد دائم بصفة مراقب في منظمة المؤتمر الاسلامي في الاجتماع 32 لوزراء خارجية المنظمة في صنعاء جوان 2005 [43].و لعل المعادلة الروسية العربية ازدادت تأثرا بالعامل الديني منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بداية
· بالحرب الشيشان الأولى 1992-1994 و الثانية 1999-2003 من خلال اتهامات روسيا لدول شبه الجزيرة العربية بتمويل حركة التمرد في الشيشان سواء بالمال او الرجال , و قد تراجع هذا الدعم العربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بعد التهم الموجهة لهذه الدول بتمويل الإرهاب الدولي.
· الحرب في البوسنة الهرسك في 1992 الى 1995 ثم اشكالية استقلال البان كوسوفو 1999 و الضربة الاطلسية لصربيا الحليف التقليدي لروسيا و المحاور التقليدية في البلقان
· الغزو الامريكي الانجليزي للعراق في [44]2003 و التعاطف الاسلامي الكبير في الداخل الروسي مع الشعب العراقي المتوافق مع الموقف الرسمي الروسي الذي تحكم في عدم الانخراط في جر روسيا الى الازمة رغم ما توارته وسائل الاعلام بالقاء القبض على متطوعين شيشانيين وداغستانيين في البصرة وبغداد
· تعاطي روسيا مع ازمة الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم ) في اكتوبر 2005 من خلال انتقادها للدول الغربية التي نشرت الرسوم وطالبتها بالاعتذار و فرضت روسيا حضرا اعلاميا على اعادة نشرها في الصحف الروسية احتراما لمشاعر مواطنيها المسلمين[45]
· لكن هذا الحرص الروسي على ضبط العلاقة بين العالمين العربي و الاسلامي لم يكن موفقا في موقف روسيا من حرب الابادة على سكان غزة المحاصرين في ديسمبر /جانفي 2009 و رغم تطلع العالم العربي الى موقف يخفف من حجم الكارثة الا ان موقف روسيا لم يكتفي باغماض العين فقط بل بالتصريح بانها تشعر بالقلق تجاه الصور المفزعة التي تشاهدها في غزة ولكنها تتفهم في نفس الوقت حق اسرائيل في الدفاع عن النفس .[46]
السيناريوهات المحتملة لطبيعة العلاقات العربية الروسية: الى غاية نهاية سنة 2011 , حافظت روسيا على موقف بدأ سلبيا و متحفظا تجاه الحراك الثوري العربي , ثم تحول على نحو براغماتي مع تحقيق القوى الثورية نجاحات , الى طريق اقل تشددا في الوقوف مع الانظمة العربية الحاكمة , و ان تباين هذا الموقف من خلال :
· عدم الاكثرات في الحالة اليمنية
· المتابعة المترقبة في الحالة التونسية
· المراقبة بقلق و حذر في الحالة المصرية
· المراوغة و الشجب في الحالة الليبية
· الرفض القاطع لاي تدخل دولي مع المطالبة بإصلاحات داخلية عاجلة في الحالة السورية
و لعل المراجعة التاريخية للعلاقات العربية الروسية التي تمتد اكثر من الف عام سيجدها انها اتسمت بفترات مد و جزر و كان اكثرها وضوحا في خمسينات و ستينات القرن العشرين من خلال مساهمة روسيا في تطوير البنى الاساسية في العالم العربي في العديد من المجالات فضلا عن دورها الثقافي البارز...و يعتبر عقد السبعينات بداية خط متصل لتراجع الدرو الروسي في العالم العربي الى ان اختفى او كاد عام 1991 ...و في السنوات الاخيرة تقوم السياسة الخارجية الروسية على مبدأ رد الفعل و تجنب المبادرات الراديكالية
هناك من يعقد أن الموقف الروسي تجاه الحراك الثوري العربي لا يزال يرتكز على بعد تشكيكي قائم على نظرة روسيا للشعوب العربية على انها لا تزال تحت وطأة القوى الاستعمارية و تتحرك وفق مخططات اجنبية بريطانية وفرنسية وامريكية [47] .
ومن خلال ما سبق يتضح لنا ان موقف روسيا من الحراك الثوري العربي يرتكز على الدوافع و الكوابح التالية :
1. طبيعة البيئة الداخلية خاصة الهيكل السلطوي في الداخل الروسي الذي يسعى الى فرض قبضة مركزية على الاقاليم التي تسعى للانفصال أو التمرد من خلال سيطرة الحزب بممارسته الشمولية و بالتالي فان قبول روسيا بالديمقراطية سيضعها عرضة الانفصال و التفكك و احتمال نشوب صراعات عرقية و قومية و دينية و حتى مناطقية الشيء الذي قد يؤدي الى تفكك الاتحاد الروسي نفسه
2. خشية روسيا من انتقال عدوى الثورة الى ارضيها خاصة ان هذا الحراك الثورى يؤثر مباشرة في الواقع الداخلي الروسي خاصة جمهوريتي تترستان و بشكورتوستان في العمق الروسي من جملة المطالب التي ترفعها الجمهوريتبن و لكن بصفة سلمية بعيدة عن النهج الصدامي كما كان الحال في الشيشان والقوقاز[48].بسبب تشابه الدوافع في الداخل الروسي مع واقع التجربة العربية و هذا ما يعكس محاولة روسيا اتباع اساليب عديدة للحيلولة دون انتشار تلك العدوى من خلال اللعب على تشويه الربيع العربي اعلاميا و اعتباره عملا انقلابياو صراعا بين مؤيدين و معارضين للرؤساء العرب
3. تعتقد روسيا ان السياق الذي اندلعت فيه الثورات العربية يعبر بوضوح عن ازمة المخطط الامريكي في عملية نشر الديمقراطية عن طريق فرضها [49]مع الجهل بالمعطيات الاجتماعية و الاقتصادية للشعوب العربية و عليه تتحرك روسيا تجاه الثورات العربية بحذر لاعتبارات عديدة تسعى لتحقيق التوازن بين كل من الانظمة العربية الحاكمة و اسرائيل و الولايات المتحدة الامريكية
4. عدم رغبة روسيا في ان ينتهي الربيع العربي بوصول قوى اسلامية اصولية قد تنشأ بيئة اقتصادية و اسلامية تهدد تخومها في القوقاز و آسيا الوسطى , اضافة الى أن تعاطي روسيا مع الثورات العربية ياخد بعين الاعتبار الوزن الديمغرافي و الاقتصادي لمسلمي روسيا الذين يمثلون نحو 17 %من اجمالي السكان
5. لا تملك روسيا القدرات العسكرية البحرية التي تمكنها من ادارة متوازنة للصراع في المياه الاقليمية للعالم العربي في ظل سيطرة الاساطيل الأمريكية على كل من شرقي البحر المتوسط و الخليج العربي.
6. يبدو ان المعلم الاساس للسياسة الخارجية الروسية البراغماتية السياسية بعد تخليها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي عن الرسائل الايديولوجية و مبادىء الماركسية المنادية بثورة الشعوب[50]
و عليه تطرح جملة من السيناريوهات حول آفاق العلاقات الروسية العربية في ظل هذه التحولات الدولية :
1- السيناريو الأول:يعتقد أن هناك آفاق رحبة للتعاون و الشراكة الروسي- العربي في مجالات الطاقة النووية وتكنولوجيا الفضاء وتطوير البنية الصناعية العربية، وهو التعاون الذي بدأ بالفعل علي نطاق محدود لا يتفق مع احتياجات الدول العربية، ولا مع ما يمكن أن تقدمه روسيا من دعم تقني في هذا المجال. ومثال ذلك الاتفاق بين روسيا وليبيا في عام 1997 علي تطوير مركز الأبحاث النووية في تاجورا غرب طرابلس، وتوقيع اتفاقية خاصة بالاستخدام السلمي للطاقة النووية في مارس 2008 بين مصر وروسيا، وبين روسيا والأردن في مايو 2009 لإنشاء المفاعلين النوويين الصناعي والتجريبي في الأردن.[51]يضاف إلى هذا التعاون القائم بين روسيا وعدد من الدول العربية في مجال تكنولوجيا الفضاء، أهمها الجزائر والسعودية والمغرب، ويتضمن ذلك إطلاق أقمار صناعية للاتصالات والملاحة والاستشعار عن بعد بواسطة صواريخ روسية. وقد تم في هذا الإطار إطلاق القمر الصناعي الجزائري "ألسات-1" في نوفمبر 2002 ، وكذلك إطلاق سبعة أقمار صناعية سعودية بواسطة الصواريخ الروسية إلى مدار حول الأرض، وهناك اتفاق بين البلدين على مواصلة التعاون في هذا المجال.
كما اتفقت وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية ومؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة عام 2007 علي بدء العمل المشترك في مجال استثمار الفضاء لأغراض سلمية، وإطلاق جهاز فضائي إماراتي للاستشعار عن بعد من مطار بايكونور عام 2008.ولروسيا أيضا دور متزايد وملحوظ في تنمية البنية الصناعية في العديد من الدول العربية، وتحديث البنية الصناعية التي شيدت في فترة الاتحاد السوفيتي،[52] هذا إلى جانب إنشاء صناعات جديدة مشتركة بين روسيا وعدد من الدول العربية، من أهمها إنشاء مجمع سيدي البراق الكهرومائي الضخم في تونس بمساعدة روسيا عام 1999، وعدد آخر من المنشآت المائية. أيضا هناك مشروع خط سكة حديد بين مدينتي سرت وبنغازي الليبيتين بطول 500 كيلو متر وتكلفة تقديرية 2.2 مليار دولار، والعديد من مشروعات الاستثمار المصري- الروسي المشترك في صناعات الدواء والسيارات والطائرات وغيرها
2- السيناريو الثاني:هناك من يهين من مستقبل المصالح الروسية في المنطقة العربية نظرا للعديد من العوامل منها مثلا :
· فيما يخص النفط و الغاز مصالح روسيا تتعارض مع مصالح المنطقة العربية كمصدر للنفط، و بالتالي هذا يطرح العلاقة التنافسية كون ان الدول العربية لها مصلحة أن ترتفع أسعار النفط والغاز كي تستطيع أن تصدر بشكل أكبر مثلا .
· هناك من يرى أن تصدير السلاح أصبح من الأدوار القديمة ومن المصالح القديمة حيث كان الاتحاد السوفيتي السلاح الى يصدر إلى سوريا إلى ,العراق و إلى مصر إلى الجزائر ... اليوم حتى مع بعض التصدير للأسلحة الخفيفة والصواريخ تغير التوجه الروسي لتصدير السلاح إلى دول في آسيا، إلى الصين، إلى تايلاند، إلى مناطق أخرى
· من الناحية السياسية لم نعد أيضا أمام معادلة الثنائية القطبية من ناحية الصراع بين المعسكر السوفيتي أو المعسكر الروسي والمعسكر الأميركي، فعليا هناك دولة مهيمنة هي الولايات المتحدة قامت بتقويض روسيا و أزالت عنها دورها حتى في محيطها بعد أن تموقعت الولايات المتحدة في قواعد في المحيط الروسي
و تبقى الصين أوفر حظا من روسيا للعب دور القوة العظمى القادمة و هذا نسبيا في ظل علاقاتها المعقدة بالولايات المتحدة وعلى ضوء هذا السيناريو كيف يمكن الدول العربية أن تساعد روسيا في أخذ دور على الساحة العالمية.
تـــــوصيــــات
الأكيد أن روسيا عائدة إلى النظام الدولي بقوة ولو كانت تلك العودة فيها نوع من التدرج كما يجمع العديد من المختصين في الشؤون الدولية في ظل مسلمة واضحة هي أن المنطقة العربية ومهما بلغت حالتها العامة من عدم التنسيق المشترك فإنها تبقى مجالا إستراتيجيا لا يمكن لدولة عظمى مثل روسيا إلا أن تنسق معه , و بالتالي تبقى تصورات مستقبل العلاقات الروسية العربية قائمة الارتباط المصلحي و الشراكة و الطرح الواقعي و المصالح الاستراتيجية و ليس من باب المجاملة و هنا يمكن التمييز بين اوجه هذه العلاقة من خلال المسلمات التالية:
أولا : المسلمة السياسية و الاقتصادية
تفعيل التعاون التجاري والمالي بين الطرفين.
ضرورة توجيه الاستثمار العربي نحو روسيا.
تنظيم مؤتمرات على مستوى صانعي القرار بشأن العلاقات العربية الروسية لبحث هذه المسألة مباشرة.[53]
تأسيس قاعدة مشتركة عبر التمثيل البرلماني لوضع التشريعات الملائمة والأسس القانونية التي تخدم تطوير العلاقات بين الطرفين.
تنشيط عمل مجلس الأعمال الروسي العربي[54]
ثانيا : المسلمة الثقافية و الاعلامية
تعزيز "الدبلوماسية الشعبية" هروبا من البيروقراطيات الرسمية التي قد تعرقل الرغبة في التواصل بين الطرفين.
تنشيط دور الجمعيات الأهلية و المنظمات غير الحكومية والبرلمانات من اجل مد الجسور بين الطرفين.
الاعتماد على فكرة العلاقات العامة للوصول إلى صانع القرار الروسي و التركيز على الهيئات الشعبية لا سيما البرلمانية منها مسؤولية هذه المهمة
السعي إلى تقارب إعلامي حيث تقوم وسائل الإعلام لدى الطرفين بدور في التقريب والتفاعل.
بلورة متنديات للحوار والتقارب الإعلامي ومد جسور التعاون مع العالم العربي في المجالات الثقافية والأكاديمية والبحثية.
تنشيط الترجمة من الروسية إلى العربية والعكس.
الاستفادة من التجربة الروسية الناجحة في التعايش المشترك بين القوميات والإثنيات التي تضمها روسيا على مساحة جغرافية واسعة[55].
الاستفادة من وجود ما يناهز 25 مليون مسلم بروسيا يمثلون عمقا إستراتيجيا للعالم العربي.
إقامة مراكز بحث مشتركة و تكوين مرجعية لخريجي الجامعات الروسية في العالم العربي.
خاتمــــــــــــــــــــــــــــة
خاتمة هذه الورقة تنطلق من مقولة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الذي يقول" إن صداقة أمريكا تحرق وعداوتها تقتل"، والحقيقة أن هذا القول إذا كان يصدق بشكل لافت على الولايات المتحدة، من منطلق أن الصداقات بين الدول لا يمكن أن تتحقق إلاّ على أساس راسخ من الندية، وهو ما لم يتوافر حتى الآن لأي طرف عربي في علاقته بالولايات المتحدة . فإنه يصح أيضاً وبالقدر نفسه على علاقات الدول العربية بمختلف القوى الدولية الأخرى، ومن بينها روسيا والصين، لأن معاداة دولة مثل روسيا التي تمتلك حدوداً قريبة جداً مع قوى إقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا، يسهم في إضعاف المنطقة العربية أمنيا خاصة أن أغلبية الأطراف العربية باتت مقتنعة أن دول أوروبا الشرقية التي انتقلت إلى دائرة النفوذ الأمريكي، أصبحت تشكل القاعدة الخلفية للنشاط الصهيوني في المنطقة العربية، فقد أثبتت التحقيقات الأخيرة التي أجرتها السلطات المصرية أن التمويل الأجنبي الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمات المجتمع المدني المصرية، يتم عن طريق تنظيمات غير حكومية متمركزة في دول من أوروبا الشرقية، وليس من مصلحة العرب أن تتحول روسيا بكل ثقلها الاقتصادي والبشرية إلى جزء من المنظومة السياسية الغربية. ... و خلاصة القول إن روسيا لديها رؤية إيجابية لإمكانيات التعاون مع الدول العربية، ولديها رغبة فى تقديم مساعدة للدول العربية فى حالة وجود صيغة واقعية تستند على المصالح المشتركة، ويمكن لروسيا أن تمثل شريكاً أساسياً فى تحقيق بعض الأهداف العربية ذات الأهمية سواء بالنسبة لكل دولة على حدة أو لمجمل الدول العربية، لكن على الدول العربية أولا فهم معطيات هذا التعاون، من خلال عملية إعادة إدراك وجود إمكانيات حقيقية لدى روسيا يمكن استنادا عليها إرساء علاقات قوية، تدعم قطاعات حيوية داخل الدول العربية، وليس المقصود بذلك القطاعات العسكرية فقط، كما يجب تحديد ما الذى تريده الدول العربية بالضبط، وكيف يمكن إقامة علاقات التعاون على النحو الذى يحقق مصالح الطرفين العربى والروسى.
الهوامش:
[1]- لمى , مضر جريء الامارة ," المتغيرات الداخلية والخارجية في روسيا الاتحادية و تأثيرها على سياستها تجاه منطقة الخليج ".ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى ,2005,ص16.
[2]- يتألف الإتحاد الروسي من 83 كيان فدرالي: 21 جمهوريةمعظمهن يتمتعن باستقلال ذاتي في شؤونهم الداخلية. وغالباً ما تمثل كل جمهورية مجموعة عرقية واحدة أو أكثر. 46 أوبلاست(أقاليم)، 9 كرايات(مقاطعات)، 4 أوكروجات(منطقة ذات استقلال ذاتي)، ومدينتين فدراليتين.
[3]- تحدها كل من النرويجوفنلنداوإستونياولاتفياوليتوانياوبولنداعن طريق كالينينغرادسكايا أوبلاست) وروسيا البيضاءوأوكرانياوجورجياوأذربيجانوكازاخستانوجمهورية الصين الشعبيةومنغولياوكوريا الشمالية. كما أن لديها حدودًا بحرية مع اليابانفي بحر أوخوتسكوالولايات المتحدةعن طريق مضيق بيرينغو الاسكا و جزر اليوشين.
[4]- ألغيت القنانة الروسية في عام 1861، إلا أن إلغاءها تم تحقيقهبشروط غير مواتية للفلاحين وأدت إلى زيادة الضغوط الثورية.
[5]-جورج شكري كتن,"العلاقات الروسية العربية في القرن العشرين و آفاقها ".دراسات استراتيجية , العدد53, ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى 2001, ص 19.
[6]- تم تقدير عدد سكان روسيا لأكثر من 142 مليون نسمة ...احصائيات أواخر العام 2011
[7]-جورج شكري كتن ,نفس المرجع , ص 11.
[8]- إن روسيا تنظر إلى دول الخليج، لا سيما السعودية، كحليف لها في سوق الطاقة العالمية، وليس منافسا حيث يتم التنسيق والتعاون بين روسيا والدول العربية في مجال الطاقة في إطار محورين أساسيين، أولهما: الحفاظ على استقرار السوق النفطية وضمان حد أدني لأسعار النفط، وذلك من خلال التحكم في حجم الإنتاج، خاصة أن روسيا تشارك في اجتماعات أوبك كمراقب. ثانيهما: الاستثمارات الروسية في قطاع النفط العربي والإقبال الشديد من جانب شركات النفط الروسية على الاستثمار في قطاع النفط في الدول العربية، من خلال المشاركة في عمليات البحث والتنقيب وتطوير الإنتاج.
[9]-نورهان, الشيخ," السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية:مصالح ثابتة ومعطيات جديدة ". السياسة الدولية , العدد: فيفري 2012, ص, القاهرة: مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية , ص 12
[10]- أشار وزير الخارجية الروسية لافروف إلى أن سوريا من أهم الدول في الشرق الأوسط، وأن زعزعة الاستقرار هناك ستكون له عواقب وخيمة في مناطق بعيدة جدا عن سوريا نفسها. فروسيا تري أن سوريا بمثابة "حجر زاوية" في أمن منطقة الشرق الأوسط، وعدم استقرار الوضع فيها أو نشوب حرب أهلية سيؤدي بدوره حتما إلى زعزعة الوضع في بلدان مجاورة، خاصة في لبنان، ويؤدي إلى صعوبات في المنطقة كلها، وتهديد حقيقي للأمن الإقليمي.
[11]-نورهان, الشيخ, "محددات وآفاق العلاقات الروسية - العربية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين",دراسات شرق اوسطية , مركز دراسات الشرق الأوسط بالتعاون مع المؤسسة الأردنية للبحوث والمعلومات, العدد53,خريف 2010,ص54
[12]- عباس خضر, عطوان ,"سياسة روسيا العربية والاستقرار في النظام الدولي" ,المجلة العربية للعلوم السياسية, العدد 20, خريف 2008,القاهرة : مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية , ص:
[13]- ممدوح , طه ,"تحت ظلال الحرية الدينية الجديدة في روسيا ..المسلمون قادمون ",آراء حول الخليج, العدد 38 , نوفمبر 2007, ص ص73-74
[14]-من هذه الزيارات لكبار المسؤولين من الأقطار العربية لموسكو. زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسياسي اللبناني المعروف وليد جنبلاط
[15]-يلعب مجلس الأعمال العربي الروسي، والمجالس الثنائية العاملة في اطاره، دورا كبيرا في تفعيل الإتصالات الإقتصادية بين روسيا والعالم العربي ويساعد نشاط هذه المجالس رجال الأعمال الروس والعرب على تقليص كبير في الجهود والنفقات المرتبطة بدراسة الأسواق والتأكد من الميادين الأكثر جاذبية بالنسبة للإستثمارات واقامة الإتصالات مع الزبائن والشركاء.
[16]- هذه المرحلة يحاول فيها الطرفين تأمين الإستقرار وتطوير التعاون المتبادل النفع, الأمر الذي يتجلى في العلاقات الثنائية وفي نشاط روسيا ضمن اللجنة الرباعية للوساطة الدولية في الشرق الأوسط، وكذلك في التعاون المتزايد بين روسيا وجامعة الدول العربية.
[17]- نبذة عن العلاقات الروسية -التونسية,سلسلة تقاريربشأن العلاقات الروسية العربية, قناة روسيا اليوم www.rt.today arabic.com
[18]-حيث تم تطبيع العلاقات الروسية المصرية في كافة المجالات.وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. وتتطور العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني. وجاءت الزيارة الرسمية الأولي للرئيس مبارك إلى روسيا الاتحادية في سبتمبر 1997، تلتها زيارتين عام 2001 و 2006 اعدت خلالهما البرامج طويلة الأمد للتعاون في كافة المجالات كما قام الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة عمل الى القاهرة في 2005
[19]-نبذة عن العلاقات الروسية –المصرية,سلسلة تقارير بشأن العلاقات الروسية العربية, قناة روسيا اليوم www.rt.today arabic.com
[20]-دعم روسيا لنظام القذافي كان بشكل خجول و قائم على قاعدة المصالح الاقتصادية وعقود السلاح و عقود استثمار النفط وغيره البالغة 04 مليارات دولار،.
[21]- نوهان ,الشيخ ,"وجهة نظر روسيا في عيون العرب" ,دراسة بتاريخ الأربعاء، 8 فبراير 2012، شبكة الاخبار bbc, تقارير خاصة على الموقع : www.bbc.com
[22]-نفس المرجع ,ص 2.
[23]- رغم تكرار دعوتها للقيادة السورية لوقف العنف ومواصلة إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية عميقة، بل والتحذير الذي أعلنه الرئيس مدفيديف من أن روسيا قد تغير موقفها تجاه دمشق في حال فشل الرئيس الأسد في إقامة حوار مع المعارضة، وأن "مصير محزن ينتظر الأسد اذا لم يبدأ حوارا مع المعارضة ويباشر الاصلاحات".
[24]- نورهان الشيخ , نفس المرجع
[25]- عاطف معتمد عبد الحميد," روسيا و العرب اوان البراغماتية ونهاية الايديولوجيا".سلسلة تقييم حالة (روسيا و الربيع العربي ) , نوفمبر 2011 ,الدوحة :المركز العربي للابحاث و دراسة السياسات ,.ص :16.
[26]-هنا لابدّ من التذكير بكلام الرئيس الروسيّ «ديميتري ميدفيديف» أثناء مؤتمره الصحافيّ الذي عقد في منتصف تمّوز 2011 في هنوفر، أثناء اللقاء السنويّ بالمستشارة الألمانيّة: «لقد آن الأوان لروسيا لبناء تلفزيون اجتماعيّ عام بَعيد عن سيطرة الدولة وتأثير الرأسمال الخاص، فالتلفزيون الجديد يجب أن يتمّ تمويله من قِبل المواطنين دافعي الضريبة.فالإعلام الروسيّ إذاً، خرج عن دوره الإعلاميّ، وممارسة الإعلام السياسيّ، لذلك لم تستطِع "قناة روسيا اليوم " من المنافسة في العالم العربيّ الذي يعجّ بالمشاكل والتطوّرات السريعة، فكانت روسيا وقناتها تبتعد عن العقول والقلوب العربية يوماً بعد يوممن خلال تغطياتها
[27]-نومكن , فيتالي , "العلاقات الروسية مع اوربا و الولايات المتحدة الامريكية ". سلسلة محاضرات الامارات ,العدد :99, ابو ظبي : مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولى , 2006, ص 14.
[28]-وقد كشف ذلك الدكتورفلاديمير بوليفانوف، هو نائب رئيس الحكومة الروسية سابقا و خبير استراتيجي كبير ، في حوار مع صحيفة ''كومسومولسكايا برافدا''مشيرا الى أن الولايات المتحدة هي من افتعلت الثورات العربية لاحتلال أراض خصبة في الصحراء الكبرى, في إشارة إلى الثورات التي شهدتها عدة دول عربية. و حسب تحليل فلاديمير بوليفانوف، فإن الصحراء سوف تتحول من كونها أرضا قاحلة حاليا إلى واحة زراعية مزدهرة، يحصد سكانها عدة محاصيل في السنة و أن معظم الدول التي شهدت و ستشهد قلاقل واضطرابات كما مان الحال في تونس ومصر والسودان وليبيا أو التي سيأتي عليها الدور حسب توقعاته المستقبلية،كالجزائر والمغرب وموريتانيا واليمن وسوريا والبحرين ستعرف هي الأخرى ''تغيرات مناخية''
[29]- حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان تسليح المعارضة السورية سيؤدي الى قتال دموي يستمر لسنوات طويلة. واعتبر ان المعارضة السورية لن تهزم الجيش السوري النظامي حتى لو دججت بالاسلحة...انظر وكالة اتار تاس افروف: المعارضة السورية لن تهزم الجيش السوري حتى لو دُججت بالأسلحة, قناة روسيا اليوم ,www.rttoday.arabic.com
[30]-في هذا الصدد قالت فكتوريا نولاند، " المتحدثة بأسم الخارجية الأميركية، إن من المهم بخاصة أن تسعى موسكو وبكين الى النأي بنفسيهما عن بشار الأسد، وتناديان بوقف العنف".
[31]- يفغيني بريماكوف, ترجمة عبد الله حسن ,"العالم بدون روسيا ..قصر النظر السياسي و عواقبه ", دمشق: دار الفكر , 2010, ص 17-35
[32]- Jean-Arnault Dérens,« Kosovo : L’independance, Et Apres »,Monde Diplomatique,fevrier 2008,p 25.
[33]- البريكس BRICSهو تحالف دولي جديد اشتق المصطلح من الحروف الأولى من اسماء دول البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب افريقيا .
[34]- رغم التحسن في علاقاتها بالدول الخليجية و خاصة السعودية انظر : لمى , مضر جريء الامارة ,نفس المرجع ,ص .59
[35]- Grimmett.R,«CRS Report For Congress ;Conventionel Arms Transfers To DevelopingNations;2000-2007 ». october23 ;2008.www.fas.org/sgp/crs/weapons/lr34723.pdf
[36]- NUP.S ; « The Arms Trade Is Big Business »,Globalissues,November,09,2009 in www.globalisues.org /article /74 / thearms trade is big business.
[37]NUP,S,ibid.
[38]- المعلوم تاريخيا ان الأسطول الروسي يتألف من اربع اذرع : الأسطول الشمالي و أسطول المحيط الهاديء و أسطول بحر البلطيق و أسطول البحر الأسود و الأساطيل الثلاثة بعيدة للغاية عن مسرح التنافس في المنطقة فيما يعيش الأسطول الرابع في البحر الأسود أزمة انحباسه داخل مياه ذلك البحر شبه المغلق بمضايق الدردنيل و البوسفور رغم ان روسيا أساسا من الناحية الجغرافية دولة قارية .
[39]- ألكسي فاسيليف , "روسيا في الشرقين الأدنى و الأوسط", ترجمة المركز العربي للصحافة و مراجعة حمدي عبد الحافظ , موسكو ,2001, ص 189, 194.
[40]- يمكننا الاستشهاد بالحضور البحري السوفييتي في حرب أكتوبر 1973 من خلال إحدى وسائل الحسم العسكري التي استخدمها المصريون في عبور القناة و تمثل ذلك في الجسور العائمة التي شكلت دعما سوفيتيا بحريا .
[41]Jacob W.Kipp ,”Moscow Responds To The Arab Revolutions :Focus On Libya “; Eurasia Daily Monitor, Volume:8, Issue:80;25, April2011.In Www.Jamestown.Org.
[42]- هذا لا يعني ان روسيا لم تستفيذ من الثورات العربية اذ ارتفعت اسعار النفط الروسي الى 30%وقد تزداد ارتفاعا
[43]-Kreutz.A ,« Russia In The Middle East :Freind Or Foe »,London :Preager Security international ,2007,P8 .
[44]-ابمجدجهاد عبد الله," التحولات الاستراتيجية في العلاقات الامريكية الروسية". بيروت: دار المنهل اللبناني, الطبعة الاولى,2001,ص170.
[45]- في هذا السياق, قامت روسيا بالمسارعة الى مصادرة صحيفة "غورودسكايا ازفيستيا" في مدينة فولغوغراد حين تجرأت على إعادة نشر الصور.
[46]- عاطف, معتمد عبد الحميد,نفس المرجع .ص :16
[47]- هذه النظرة لم تتغير الى يومنا هذا يمكن استشفافها في خروج العديد ممن تصريحات الخبراء الروس الاعلامية بان هذه الثورات العربية في عام 2011 ماهي الا مؤامرة يهودية أو امريكية للسيطرة على الشرق الاوسط من خلال ايقاعه في الفوضى و التخلص من حكامه المنتهية أدوارهم و من بينهم الدبلوماسي فاتسلاف ماتوزوف الذي يرى ان العديد من المنظمات الامريكية قامت بتدريب بعض الشباب و تم ارسالهم الى بلدانهم لاشعال فتيل الثورات .
[48]- عاطف معتمد عبد الحميد , المرجع السابق ,ص 08
[49]- يفغيني بريماكوف,نفس المرجع , ص 39
[50]- عاطف معتمد عبد الحميد , "العلاقات العربية الروسية في ظل التحولات الدولية ", ورقة عمل في : ملتقى العلاقات العربية الروسية , مركز الجزيرة للدراسات , الدوحة , فبراير, 2009 .
[51]-نورهان الشيخ," السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية:مصالح ثابتة ومعطيات جديدة", السياسة الدولية , العدد : , فيفري 2012, ص : 23
[52]-أهمها تحديث مجمع الحجار للحديد والصلب في الجزائر، وتحديث مولدات كهرباء السد العالي، وترسانة الإسكندرية، والفرن العالي، لشركة حلوان للحديد والصلب وغيرها من المشروعات في مصر.
[53]-جورج شكري كتن, نفس المرجع , ص 93.
[54]- خاصة أن العلاقات الاقتصادية العربية الروسية التي حكمتها في الحقبة السوفيتية طبيعة الأنظمة السياسية و التي كانت ترى في الاتحاد السوفيتي السابق منظومة تقليدية تعتمد مقايضة السلاح والتكنولوجيا بالمواد الخام أو الإنتاج الزراعي قد تراجعت في عهد روسيا الاتحادية نظرا لتغير النظام الاقتصادي في روسيا إلى اقتصاد السوق المفتوح مما حيد العامل الأيديولوجي من المعادلة الجديدة وفرض قوانين السوق بكافة تفاصيلها.
[55]- لمى مضر وجريء الامارة ,نفس المرجع , ص43.
