تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > سير أعلام النبلاء

> د. مصطفى محمود ومدرسة الإعجاز العلمي في القرآن/ عدنان أبوشعر

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية bouseida
bouseida
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-09-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 47
  • المشاركات : 419
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • bouseida is on a distinguished road
الصورة الرمزية bouseida
bouseida
عضو فعال
د. مصطفى محمود ومدرسة الإعجاز العلمي في القرآن/ عدنان أبوشعر
02-11-2009, 10:07 PM
" إن لله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار".

نزل عليّ نبأ وفاة العالم الفيلسوف الدكتور مصطفى محمود كالصاعقة. ووجدت أن من باب الوفاء لذكرى الرجل وما قدمه للأمة الإسلامية والعربية من علم ومعرفة أن أكتب عنه سطوراً مشفوعة بدعاء إلى الله تباركت أسماؤه أن يجعل منزلته في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

لمحة عن حياته:
شيّع محبو الدكتور مصطفى محمود جنازته السبت المنصرم بموكب متواضع لا يليق بهذه الهامة العلمية الكبيرة، وخلا موكب الجنازة من أي تمثيل حكومي رسمي.
رحل الطبيب المفكر، الروائي و الأديب مصطفى محمود (27 كانون أول 1921 - 31 تشرين الأول 2009)، واسمه الكامل: مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ. والراحل ينتسب إلى شجرة آل البيت حيث ينتهي نسبه إلى عليّ زين العابدين. تخرج عام 1953 من كلية الطب. لم ينجح في بيت الزوجية- نجاحه في حياته الفكرية- إذ تزوج مرتين ومُنيت كلتا الزيجتين بالطلاق، له من الأولاد "أمل" و "أدهم" من زوجته الأولى.
ثمارُهُ تسعٌ وثمانون كتاباً أينعت في مختلف حقول الفكر والمعرفة؛ فكتب في الفلسفة والدين، إلى جانب كتابة القصة والمسرحية وأدب الرحلات. تابعه الناس بشغف من خلال برنامجه العلمي المشوق (العلم والإيمان) الذي امتد أربعمائة حلقة تلفزيونية.
بنى عام 1979 مسجداً في القاهرة أسماه "مسجد مصطفى محمود"، فيه ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ لذوي الدخل المحدود، ‏وأربعة ‏مراصد‏ ‏فلكية‏، ‏ومتحفا ‏للجيولوجيا‏.
طالته أقلام المشايخ بالقدح – وأحياناً بالتكفير- و قُدّم للمحاكمة بسبب كتابه (الله والإنسان) في عهد عبد الناصر وصودر الكتاب من الأسواق. ثم ما لبث السادات أن سمح له بإعادة نشره في عهده. وخصومته مع الأزهر استمرت ناراً مستعرة، ورُدّ عليه بأكثر من عشرة كتب وخاصة في موضوع مفهوم الشفاعة وتأويله لبعض آي الكتاب (موضوع الروح) وبعض أحاديث المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم (موضوع الأعور الدجال).

الإعجاز العلمي في القرآن والعلّة الغائية للوجود:
لقد رسّخ الدكتور رحمه الله مفهوم غائية الوجود وانتفاء الصدفة والعبثية من خلال تقديمه للحقائق الكونية والبيولوجية المنثورة في أرجاء الوجود بطريقة مبسطة وسرد جميل مدعّم بالأفلام الموثقة، فتجاوز بذلك الحوار الفلسفي البارد مسلطاً الضوء على حقائق بثّها الله في سفر الوجود المنظور وآياته في الآفاق وفي الأنفس، وهكذا وجد قارئ القرآن نفسه أمام فهم علمي جديد لآيات الله لامس شغاف قلبه وعقله ونقله إلى مرتبة اليقين، ودرأ عنه ظلال الشك والحيرة، فيتابع سيره على الأرض و التفكير بسبل عمارتها وفق منهج واضح يحدد غاية البداية وشكل النهاية:
{الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ}; [الملك آية: (2)].
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ }; [المؤمنون آية: (115)].
{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ }; [ص آية: (27)].
{مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ}; [الأحقاف آية: (3)].

مدرسة الإعجاز العلمي ومدرسة الإعجاز اللغوي:
لقد كان لبرنامج الدكتور مصطفى محمود التلفزيوني (العلم والإيمان)، والذي قدّمه عبر أربعمائة حلقة، أكبر الأثر في تسويق الدين الإسلامي وإثبات صدق رسالة سيدنا محمد، وبلورة اتجاه دعوي جديد ينضوي تحت مدرسة جديدة سميّت (مدرسة الإعجاز العلمي في القرآن)، والتي بدأت بالظهور في بدايات القرن الماضي على يد محمد فريد وجدي (1878-1954)، صاحب موسوعة (دائرة المعارف الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري)، وكتاب (السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة)، وعلى يد الشيخ محمد رشيد بن علي رضا (1865- 1935 م)،التلميذ الوفي للإمام محمد عبده ( 1877- 1905).
لقد وجد مفكرو هذه الحقبة التاريخية أن إبراز الجانب العلمي في القرآن والسنة ونخلهما مما علق بهما من شوائب التفاسير والتأويلات البعيدة عن منطق العلم الخطوة التي لا مناص منها للوقوف بوجه الهجمة الشرسة على كتاب الله وسنة رسوله والتي قادها أساطين المستشرقين في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ومواكبة للنهضة العلمية التي بدأت في أوروبا آنذاك.
ولعل مدرسة (الإعجاز العلمي للقرآن) - والتي يقود دفتها حالياً البروفسور زغلول النجار- قد أخذت الدور الريادي الدعوي لمدرسة ( الإعجاز اللغوي للقرآن) والتي هدفت لإثبات صدق الرسالة من خلال البرهنة على إعجاز(نظم) القرآن. وقد شهدت مدرسة (الإعجاز اللغوي للقرآن) بداياتها على يد الجاحظ (159-255 هـ) في كتابه (نظم القرآن)، وتألقت على يد القاضي أبو بكر محمد ابن الباقلاني (328- 402 هـ ) صاحب كتاب (إعجاز القرآن)، ثم وضعت أسسها على يد أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني (المتوفى عام 471 هـ) والذي يعتبر أهم المؤسسين لمدرسة (الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم)، ويعتبر كل من كتابيه (دلائل الإعجاز) و (أسرار البلاغة) من أهم الكتب التي أُلفت في هذا المجال.
إن هدف مدرسة (الإعجاز العلمي للقرآن) دعوة الناس لتقليب النظر في الكون المترامي الأطراف ليشهدوا معه في نهاية المطاف جمال الوجود وحكمة الصانع، ويدركوا بأنهم يعيشون في كون (مأنوس)- وفق تعبير صاحب الظلال- فيسبحون بحمد خالقهم كما تسبح الطير والمجرات:
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }; [النور آية: (41)]، خلافاً لما تصوره الحضارة المادية وفلاسفتها وعلماؤها من وجود قطيعة بين الإنسان وما حوله حين يرددون قالتهم (بقهر) الإنسان للطبيعة، فيؤصّلون لوجود عداوة مستحكمة بين الإنسان والكون بينما يؤصل القرآن للمفهوم الجمالي للوجود فيأنس الكائن البشري لوجوده بين مخلوقات يأنس بها وتأنس به:
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحد جبل يحبنا ونحبه) رواه مسلم والبخاري.
{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ...}; [الملك آية: (5)].
{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الكَوَاكِبِ}; [الصافات آية: (6)].
يتأكد من خلال ما يطرحه الدكتور من حقائق وبراهين وأدلة أن كل شيئ فيه بقدر ومقدار سواء تناهى في الصغر أو تعاظم في الكبر يشهد بوحدانية الله، فيدعو أم صغر،
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر آية: (49)].
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}; [الإسراء آية: (44)].

تجربة الشك:
لقد كان لتجربة الشك التي مرّ فيها الدكتور مصطفى محمود الأثر البالغ على كتاباته اللاحقة. ولقد استغرقت هذه الفترة زهاء ثلاثين عاماً- كما ذكر الدكتور نفسه رحمه الله- انكبّ فيها على دراسة الأديان السماوية والأديان الأرضية والفلسفة والتصوف ألفّ أثناءها روايته (الخروج من التابوت)، فبزّ أبا حامد الغزالي الذي مرّ بعين التجربة، لكنها لم تستغرق أكثر من أشهر ليخرج منها منتصراً بوصوله شاطئ الحق والسلامة.
ولقد أسس كل من كتابيه (رحلتي من الشك إلى الإيمان) و(حوار مع صديقي الملحد) لمرحلة جديدة في تفكيره بعد أن تحرر صاحبنا من كل أوهام وحدة الأديان التي كان يسعى من أجل الدعوة لها.
ولقد كان الدكتور مصطفى محمود من أوائل الأدباء الذين كتبوا رواية الخيال العلمى، وهى رواية (العنكبوت) التي كتبها ببعد فلسفي مؤثر.

أعماله التي قدمها للأمة:
1.على حافة الانتحار (أخبار اليوم)
2.الله والإنسان (دار المعارف)
3.أكل العيش (دار المعارف) قصص
4.عنبر 7 (دار المعارف) قصص
5.شلة الأنس (دار المعارف) قصص
6.رائحة الدم (دار المعارف) قصص
7.إبليس (دار المعارف)
8.لغز الموت (دار المعارف)
9.لغز الحياة (دار المعارف)
10.الأحلام (دار المعارف)
11.أينشتين والنسبية (دار المعارف)
12.في الحب والحياة (دار المعارف)
13.يوميات نص الليل (دار المعارف)
14.المستحيل (دار المعارف) قصة
15.الأفيون..(سيناريو)(دار المعارف)
16.العنكبوت (دار المعارف)
17.الخروج من التابوت (دار المعارف)
18.رجل تحت الصفر (دار المعارف) قصة
19.الإسكندر الأكبر (دار المعارف)
20.الزلزال (دار المعارف)
21.الإنسان والظل (دار المعارف)
22.غوما (دار المعارف)
23.الشيطان يسكن في بيتنا (دار المعارف)
24.الغابة (دار المعارف)
25.مغامرات في الصحراء (دار المعارف)
26.المدينة (أو حكاية مسافر)(دار المعارف)
27اعترفوا لي (دار المعارف)
28 مشكلة حب (دار المعارف)
29.اعترافات عشاق (دار المعارف)
30.القرآن محاولة لفهم عصري(دار المعارف)
31.رحلتي من الشك إلى الإيمان(دار المعارف)
32.الطريق إلى الكعبة (دار المعارف)
33.الله (دار المعارف)
34.التوراة (دار المعارف)
35.الشيطان يحكم (دار المعارف)
36.رأيت الله (دار المعارف)
37.الروح والجسد (دار المعارف)
38.حوار مع صديقي الملحد (دار المعارف)
39.محمد (دار المعارف)
40.السر الأعظم (دار المعارف)
41.الطوفان (دار المعارف)
42.الأفيون..(رواية)(دار المعارف)
43.الوجود والعدم (دار المعارف)
44.من أسرار القرآن (دار المعارف)
45.لماذا رفضت الماركسية (دار المعارف)
46.نقطة الغليان (دار المعارف)
47.عصر القرود (دار المعارف)
48.القرآن كائن حي (دار المعارف)
49.أكذوبة اليسار الإسلامي (دار المعارف)
50.نار تحت الرماد (دار المعارف)
51.أناشيد الإثم و البراءة (دار المعارف)
52.جهنم الصغرى (دار المعارف)
53.من أمريكا إلى الشاطئ الآخر (دار المعارف)
54.أيها السادة اخلعوا الأقنعة (دار المعارف)
55.الإسلام..ما هو؟ (دار المعارف)
56.هل هو عصر الجنون؟ (دار المعارف).
57.وبدأ العد التنازلي (دار المعارف).
58.حقيقة البهائية (دار المعارف).
59.السؤال الحائر (دار المعارف).
60.سقوط اليسار (دار المعارف).
61.قراءة للمستقبل (أخبار اليوم).
62.ألعاب السيرك السياسي (أخبار اليوم).
63.على خط النار (دار المعارف).
64.كلمة السر (أخبار اليوم).
65.الشفاعة (أخبار اليوم).
66.الطريق إلى جهنم (أخبار اليوم).
67.الذين ضحكوا حتى البكاء (أخبار اليوم).
68.حياتي وفكري .. آرائي ومواقفي (دار المعارف).
69.المسيخ الدجال (دار المعارف).
70.سواح في دنيا الله (أخبار اليوم).
71.إسرائيل البداية والنهاية (أخبار اليوم).
72.ماذا وراء بوابة الموت (أخبار اليوم).
73.الغد المشتعل (أخبار اليوم).

رحم الله الدكتور مصطفى وأسكنه فسيح جناته.
مع كل الحب
عدنان أبوشعر

منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية اليعقوبي
اليعقوبي
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 22-03-2009
  • المشاركات : 190
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • اليعقوبي is on a distinguished road
الصورة الرمزية اليعقوبي
اليعقوبي
عضو فعال
رد: د. مصطفى محمود ومدرسة الإعجاز العلمي في القرآن/ عدنان أبوشعر
06-11-2009, 01:17 AM
رحيل مصطفى محمود

جمال سلطان (المصريون) | 31-10-2009 23:35

توفي أمس الدكتور مصطفى محمود ، بعد رحلة طويلة مع الفكر والعلم والدين والأدب والصحافة ، ملأ فيها الدنيا وشغل الناس سنوات طوالا ، بدءا من ميوله اليسارية ثم تحوله إلى الشك الوجودي ثم انتهاء رحلته بالإيمان ، وكل مرحلة من هذه المراحل لم تخل من ضجيج حول كتاباته أو مواقفه ، وإن كانت المرحلة الأخيرة كانت الأكثر ضجيجا ليس فقط بحكم حساسية القضايا الدينية التي اقتحمها ، وإنما أيضا بسبب أن اسمه أصبح يحمل رمزية كبيرة وحضورا فكريا وإعلاميا كبيرا يحسب له ألف حساب إذا كتب أو تحدث ، ومصطفى محمود انعكاس حقيقي وعفوي لعصره ، ذلك العصر الذي اتصف بالاضطراب الفكري وغياب اليقين لدى النخبة ، وخاصة بعد ثورة يوليو وأثرها القاسي على الجيل الفكري الذي تحسس طريقه للفكر والمعرفة والأدب قبلها ، وتنسم نسائم الحرية في التعبير والإبداع ، المرحلة الناصرية كانت مرحلة حشد شعبي وجماهيري على حساب إنسانية الإنسان بكل أبعادها ، ولذلك شعر كثير من النخبة من الكتاب والأدباء بقسوة تلك المرحلة ، وبعضهم سجن وبعضهم قدم للمحاكمة بالفعل على خلفية كتاب أصدره أو مقال نشره ، ومنهم مصطفى محمود نفسه الذي قدم للمحاكمة بطلب من الرئيس عبد الناصر نفسه بسبب كتابه "الله والإنسان" وانتهى الأمر بمصادرة الكتاب ، رغم أن موجة الإلحاد كانت متفشية في الكثير من الأقلام والأعمال الأدبية في الصحف المصرية الرسمية وقتها ، وخاصة بعد سيطرة اليسار عليها ، ولكن لأن مصطفى محمود لم يكن جزءا من الحسبة السياسية ، وكان قد افترق عن اليسار فلم يجد منهم من يحميه أو يدافع عن "حقوقه" وتركوه أمام موجة الغضب الديني أو الغضب السياسي .

وبعد انتهاء المرحلة الناصرية بدأ الكثير من التوازن النفسي والفكري يعود إليه وكانت رحلته الجادة إلى الإيمان من جديد ، وقد حظي باحترام الرئيس السادات وقربه نسبيا ، خاصة وأن السادات كان يفعل ذلك مع كل المغضوب عليهم في المرحلة السابقة .

ومصطفى محمود حالة نموذجية للمفكر والأديب العفوي والمتصف بالبراءة ، فعندما دخل في ظلمات الاضطراب والشك ، قال ذلك وكتبه ، وعندما اكتشف أن ما كان عليه باطل وجهالة قال ذلك أيضا واعترف به وكتبه ، وعندما بدأ يكتب في الشأن الديني كان يكتب بعفوية شديدة أيضا غير مدرك لحساسية القضايا التي يحاول فهمها وإبداء الرأي فيها ، مما أوقعه في صدام عنيف مع علماء ومفكرين إسلاميين مثل الدكتورة عائشة عبد الرحمن والدكتور فؤاد شاكر وغيرهما .

ولكن مصطفى محمود في ذلك كان نسيج وحده ، لم يفعل ذلك ارتزاقا أو طلبا للشهرة ، لأنه كان مشهورا بالفعل وعلما من أعلام المرحلة ، عكس كثيرين من مرتزقة هذه الأيام الذين يطلبون الشهرة الرخيصة بسب الدين أو العبث بقضيته أو استفزاز أهله ، ولكنه فعل ذلك عن خطأ غير حصيف وغير واع ، ولذلك لم يكن مسفا في خلافه ولا بذيئا ولم يستخدم خلافه لصناعة بطولة زائفة ولم يتصنع قصصا وهمية وساذجة من مثل أنه مهدد بالقتل من قبل الإرهابيين لاستجداء المال الحرام أو المنصب الحرام أو الجائزة الحرام ، كان نبيلا ، كما كان محبا للفقراء والبسطاء وأنشأ من أجلهم مستشفاه في المهندسين وبنى مسجدا من الأموال التي عادت عليه من بيع كتبه ، وقدم برنامجه الشهير "العلم والإيمان" متسلحا فيه بنفس البراءة الطفولية والبساطة والتلقائية فاخترق بها قلوب الملايين من المشاهدين وأحبوه ونجح برنامجه نجاحا منقطع النظير حتى أوقفه مجهولون في التليفزيون المصري ، ثمانون عاما أو يزيد ، وثمانون كتابا أو يزيد ، وثمانون معركة فكرية أو يزيد ، رحلة طويلة ، رحلة مضنية ، يا صاحب القلب الطيب ، يرحمك الله .

[email protected]
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 10:17 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى