الشرطة في خدمة المواطن
16-03-2017, 12:45 PM
الحركات الإحتجاجية التي تنظم هنا و هناك من قبل المواطنين الذين طالما نددوا بالظلم و التهميش و هم يطالبون بحقوقهم المشروعة، ولم يجدوا من سبيل للتعبير عن غضبهم سوى الخروج إلى الشارع و غلق الطرقات في حركة احتجاجية "سلمية" ، خاصة في ما تعلق بالسكن، مثلما حدث اليوم بعاصمة الشرق قسنطينة، عندما خرج سكان حي "القصبة" بوسط المدينة إلى الشارع و أغلقوا الطريق المؤدي إلى المستشفى الجامعي في حركة احتجاجية سلمية، اعتمدوا على أصواتهم فقط في تبليغ رسالتهم للمسؤولين و المنتخبين، و اتسمت بمشادات بين المعتصمين و أعوان الأمن الذين كانوا مدعمين بفرقة مكافحة الشغب، هذه المطالب و غيرها نصت عليها منظمات حقوق الإنسان العالمية، التي صادقت عليها الجزائر، وأكدت على التزامها بكل المواثيق الدولية التي أقرت بضرورة حماية المواطن من تعرضه لكل أنواع الممارسات التعسفية، و جندت في ذلك رجال الأمن لحفظ النظام و الممتلكات العمومية من كل تخريب في حالة وجود حركة احتجاجية اتسمت بالعنف..
و الجميع يعلم أن الشرطة الجزائرية اعتادت و هي تحتفل باليوم العربي للشرطة أو تنظم أبوابا مفتوحة رفع شعار: " الشرطة في خدمة المواطن"، كما أن المبادرات التي تقوم بها الشرطة الجزائرية في حملاتها التحسيسية لحماية الأطفال من حوادث المرور، و ملاحقة المجرمين، جعل العائلة الجزائرية تثمن دور الشرطي ، و قادها الأمر إلى أن تدفع بأبنائها للإنخراط في صفوف الأمن ، و خوض المغامرة من أجل هذا الوطن، نعم ..، عمل إنساني عندما يمسك الشرطي بأيدي الأطفال المتمدرسين و بكبار السن و المعاقين ليقطع بهم الطريق أو الشارع إلى الجهة المقابلة ليصلوا إلى بر الأمان، أو أن يقوم وفد من رجال الشرطة بزيارة المرضى داخل المستشفيات و تقديم باقات الزهور والهدايا لهم، أو تحسيس أصحاب المركبات وتحذيرهم من التهور والسرعة حفاظا على سلامتهم، أو توزيع وجبات الإفطار على الصائمين من عابري السبيل، دون أن ننسى حملات التطوع بالدم لصالح المرضى.
لكن أن يتحول عون الأمن إلى وسيلة قمع لإسكات صوت المواطن في التعبير عن مشاكله و إيصال صوته للسلطات العليا، طالما السلطات المحلية وضعت بينها و بين المواطن حدودا، و أغلقت أبواب الحوار مع المواطن الذي لا يملك المال و النفوذ لحل مشاكله، و كلما تسمع بوجود حركة احتجاجية نجدها تحتمي برجال البذلة الزرقاء بحجة الحفاظ على الأمن، و هي في الحقيقة تخشى أن يصل صوت المواطن إلى المسؤولين الكبار و يكتشفون تلاعب البعض في توزيع السكنات و الوظائف و منح المحلات و كيف تُدَارُ المشاريع و الصفقات العمومية، لقد طالت الممارسات القمعية ممثلي وسائل الإعلام الذين وجدوا أنفسهم محاصرون و هم يؤدون مهامهم، من خلال تحويلهم على مقرات الأمن، و التحقيق معهم، أين يتعرضون للضغوطات و اللعب على الأعصاب ( ما اسمك؟، كم عمرك؟ ، عنوانك؟ ، اسم أبيك و اسم أمك؟اسم المؤسسة التي تعمل فيها؟ ) و تدون هذه المعلومات في محضر، قبل أن يخلوا سبيل الصحفي، و كأنه ارتكب جريمة في حق هذا الوطن، و في مثل هذه الحالات يضطر الصحفي إلى الإتصال بمدير المؤسسة الإعلامية أو بالزملاء النقابيين من أجل إخطارهم بما حدث..
و السؤال الذي وجب أن يطرح اليوم هو : " هل يعلم المسؤول الأول على الأمن بالولاية و حتى المدير العام للأمن الوطني بما يقدم عليه بعض أعوان الأمن (نقول بعضهم حتى لا نعمم) و هم يمارسون القمع في حق المواطن الذي طالب بحقوقه بطريقة سلمية، هذا المواطن الذي لم يحمل في يده أداة قمع من حجارة أو عصيّ، طبعا كلنا ضد العنف و لا نقف مع الذين يعمدون إلى وسائل التخريب و إبرام النيران عن طريق حرق العجلات المطاطية، و إحداث الفوضى ، فهي لا تعتبر حلولا، بل قد تفتح جبهة أخرى، كون بعض الشواذ و المنحرفين يجدون في الحركات الإحتجاجية وسيلة للتخريب و السرقات و زرع البلبلة، فبعض أعوان الأمن استغلوا بذلتهم الزرقاء لفرض سلطتهم على المواطنين و تخويفهم، بحيث يعمدون إلى زرع في قلوبهم الرعب، و أحيانا يدفعون المواطن إلى "التمرّد"، عندما يتجاوزون الخطوط الحمراء، و هم الذين أدوا "اليمين" و أقسموا يوم تخرجهم من مدرسة الشرطة بأن يحافظوا على سلامة و أمن المواطن، خاصة في هذه الفترة بالذات و الجزائر تستعد لخوض معركة الإنتخابات، و ردود أفعال الشرطة بهذا الأسلوب العنيف قد يزيد من عزوف المواطن عن التصويت و الذهاب إلى مراكز الإقتراع، لا أحد طبعا يشك الضغوطات التي تقع على عون الأمن و هو يتابع المجرمين و التهديدات التي تواجهه أحيانا، إنه لدور عظيم، لو فهم الشرطي إن العمل الذي يقوم مقدس لو أحسن تطبيقه.


علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..