البـــــلاغ الكـــــــاذب !!
18-10-2018, 05:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
:1 3:










البـــــلاغ الكـــــــاذب !!
أزهار تنافست جمالاً وروعة في ساحة الروض .. وتساوت المحاسن دون فوارق تعكر صفوي .. لقد أربكت قيم المحاسن قياسات حكمي .. تلك بهية وتلك شجية وأخرى زاهية قد حيرت أمري .. وحينها بحثت عن قلبي فلم أجده في عمقي .. فعلمت أن واحدة منهن قد سرقت قلبي .. فصرت فاقداً لعقلي واتزاني .. كما صرت فاقداً للبوصلة التي تنير دربي .. ثم فتحت بلاغاً عند ذلك الشرطي .. فأشار لواحدة ثم سأل إذا كانت تلك توافق قصدي ؟؟ .. فقلت نعم تلك هي التي أربكت ليلي .. ثم أشار لأخرى فقلت نعم وتلك هي التي أذهبت نومي .. ثم أشار لأخرى فقلت نعم وتلك هي التي سلبت عقلي .. ثم أشار لأخرى فقلت نعم وتلك هي التي كانت سبب جني .. فقال متعجباً كم لك من القلوب يا أيها الرجعي ؟.. فقلت له أملك قلباً واحداً وقد ضاع في زحمة الأيدي .. وكيف لي أن أعلم الجاني وأنا الذي صرت مربكاً في حكمي ؟.. أسير الهوى مقيداً في سجني ؟.. وإبهار الشموس يعمي الأبصار ويخلق المجانين مثلي .. لقد تناثرت درر المحاسن فوق البساط لتعثر دربي .. وتلك يدي طامعة وحائرة تريد أن تأخذ كل الألماس في كفي !.. تختار واحدة وتقول تلك هي الأولى في نيلي .. ثم ترى أخرى تتلألأ جمالاً وروعةً فإذا هي ترمي !.. وتلك أخرى من ذوات المحاسن تقول أنا هنا يا من تريد قربي .. لقد تفاضلت معايير الجمال والمحاسن حتى استحال العدل في كيلي .. أفضليات وميزات تربك السجية وتقول النفس يا ويلي .. لما لا تتواجد شوائب نقص لتسهل أمري ؟؟ .. ولما لا يميل القلب لواحدة ويقول تلك هي غاية أملــي ؟.. كيف أختار زهرةً من ألف زهر توافق حلمي ؟.. ومتى يتم الكتاب بالحلال ليجمع البين في ساحة عشي ؟.. كثرة المحاسن والفضائل قد أربكت ميزان عقلي .. فلو مددت يدي أعمى لجاءت اليد تحمل ما يطابق وصفي .. وهي اليد ذاتها التي تقول في حيرة لما ترضى بجرعة الماء والنهر يجري ؟.. وفرة المحاسن قد خلقت التوجسات في قلبي .. كما أن زينة النجوم قد تقاطرت أمام عيني .. ومن العجب أنني في حوبة الأحوال قد عدت خاليا كفي .. خاسراً أخسر الأسواق دون أن أدري .. لا جميلة تمثل الخيار الذي يرضي .. ولا دميمة تمثل الخيار الذي يوجد حـدي .. لا تفيدني عن الإنشاد والثناء كثرة قولي .. كما لا تفيدني عن المنال والحيازة كثرة صمتي .. وقد أعيش هكذا في حالة الإرباك طوال عمري .. أو قد أموت كمداً وحينها يكتبون ذلك ( الحائر المتيم ) في شاهد قبري .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد