حديث الصباح.. في اللاَّمُبَالاَةِ..!
21-11-2017, 06:59 AM
كل يوم ننهض و نقوم بأعمال اعتدنا على القيام بها ، ليس مهما من هو الأكثر عملا طالما المرأة و الرجل أصبح الاثنان يتبادلان الأدوار، في البيت و في العمل، كنت يوما على متن حافلة عائدة إلى البيت و قد أرهقني التعب، فإذا بدوي (من أهل البادية) جاء لزيارة ابنته تزوجت حديثا، و رجل آخر من أهل الحضر، كنت استرق السّمع لحديثهما، قال الأول ( البدوي) هل النساء عندكم يخرجن يوميا و بهذا الشكل؟، ردّ ابن المدينة: نعم، ثم أضاف طالما هي تساعدني في جلب القوت و لوازم الحياة اليومية، أقوم أنا بمساعدتها في غسل الأواني و تنظيف البيت، و أحيان أتكفل بأخذ الأولاد إلى الروضة، و في المساء أعود بهم إلى البيت، ليس القصد طبعا الحديث عن واجبات المرأة و الرجل و من له الدور الأكبر في الحياة، أو أناقش قضية خروج المرأة للعمل أو بقاؤها في البيت للإنجاب و تربية الأولاد فقط، و إنما أردت أن أناقش مسألة تبدو لي في غاية الأهمية..
إنه الروتين المُمِلُّ، فنحن كل يوم نعيد نفس الأعمال منذ طلوع الفجر إلى قدوم الليل ، و أحيانا دون توقف أي منذ طلوع الفجر إلى غاية الفجر الجديد، ولمّا تشغلنا قضية ما، تجدنا نطيل التفكير فيها و الكتابة عنها، و كأن الحياة مركبة على تلك القضية فقط، حتى عندما نتصفح الصحف و المجلات نجد أن ما نشر اليوم أعيد نشره بصيغة مختلفة، و أن ثمّة خللا ملموسا في ما يُكْتَبُ و يُقَدَّمُ، قد لا يقنع الآخر الذي يبحث عن التغيير و التنوير لا التطبيل و المجاملات، و للمسألة مسببات كثيرة، الحديث عنها غير مناسب هنا ، فلكل مقام مقال، طبعا كل واحد و ما يشغله من متاعب الحياة في عصر طغت عليه الماديات و المصالح، حتى مع الأقربون، حياة تعددت فيها الهموم و المشاكل و الأمراض و الأزمات، و كلما تسمع إلى همّ الآخر تنسى همومك، و إن كانت هذه سُنَّةُ الحياة، فقد صبغت "اللامبالاة" حياة البشر، و لو سألنا كل واحد ماذا تعرف عن اللامبالاة؟ لوجدنا ألف إجابة، و كل إجابة تشبه الأخرى أو تختلف عنها بدرجات متفاوتة.
الأمر طبعا متعلق بالسنّ و الجنس ( المرأة و الرجل) و المستوى الثقافي و الاجتماعي، و خصوصية المجتمع الذي نعيش فيه، و طريقة تفكير كل واحد منّا، كما هو مرتبط بالنظام، و الإيديولوجيا و حتى العقيدة، و الحقيقة ليس الروتين وحده ، بل التهميش و الإقصاء كذلك يقودنا إلى اللامبالاة ( عند النفوس الضعيفة طبعا) ، فالحديث عن "اللامبالاة" يستوجب إعادة صياغة بعض المفاهيم والتصورات اللازمة، مثل الواجب أو الالتزام، الحق، الضمير، الإنسانية، الحب و الكراهية، العدائية، الاستعمار و القابلية للاستعمار، الظلم و العدالة، الأخلاق و القيم، المبادئ، الذمّة، الإيديولوجية، السلطة، الديمقراطية، الرأسمالية و الاشتراكية، التدين و اللاتديُّن، الدين و اللادينية، العِلْمُ و الثقافة، العمل، التنمية ، الوقت ، الحوار، التغيير ، التجديد، التقدم و الحضارة، و غيرها من المفاهيم التي غابت عنّا، أو التي لم نعد نؤمن بها، و لم نعد نولي لها أي اهتمام أو اعتبار، لأن المادة قتلت فينا تلك الروح النقية ، فأصبحنا نعيش الروتين الممل، نأكل و ننام مثل الحيوان، و قادنا هذا الروتين إلى الشعور باللامبالاة، في كل شيئ، حتى مع أنفسنا، حيث أصبحنا لا نفرق بين الأنا و الآخر، و لا نفرق بين الثابت و المتغير، و بين المقدس و الغير مقدس، و لا نعرف إن كنا أحياءً أو موتى بالحياة - و الفاهم يفهم –
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..
التعديل الأخير تم بواسطة علجية عيش ; 21-11-2017 الساعة 07:06 AM