المجال الحيوي و الحق التاريخي في النضال الحزبي.
24-11-2017, 02:34 PM
بسم الله الرحمان الرحيم.

السلام عليكم.

المجال الحيوي و الحق التاريخي في مفهوم النضال الحزبي. ( الافلان و الارندي انموذجان )

بداية انا لا اريد في هذا الموضوع انتقاد حزب او التشكيك في نضاله بقدر ما اريد ان اقدم دراسة شبيهة بالسوسيو تاريخية . اولا يجب ان نتفق ان الوعاء الحقيقي لاي حزب اراد البقاء في اي دولة في العالم و ليس في الجزائر فقط .عليه ان يجد لنفسه مجالين تجمعهما لغة السياسة في كلمة ( الوعاء ) الذي هو في الاصل عبارة على اشخاص يزكون بنضالهم مجالا حيويا يجمع بين بشر و بيئة و قناعة و يزكون بانتخابهم و اصواتهم مجالا سلطويا اما متحججا بالتاريخ القريب و البعيد و اما صانعا له عندما يوفق في انعاش البلاد و العباد و هو بمثابة المجال التاريخي للحزب و هنا علينا الا نفهم التاريخ بمفهومه الكلاسيكي و فقط كتدوين للاحداث و الازمنة .
ان الامين العام للافلان مسك بيده قائمة ال 22 بحجة انها افلانية و رفع راسة الي صورة الرئيس قائلا نحن نستمد شرعيتنا من التريخ و من الرئيس .فالرئيس هو الوعاء الحيوي لولد عباس و هذا منطق لا نختلف عليه لان الرئيس حيا يرزق ناهيك على انهم يقولون بجبهويته اذن هو مجاله الحيوي و ان القائمة التريخية التي كانت بيده تمثل مجاله التاريخي و هذا امر قد نختلف عليه لان التاريخ ارث للشعب برمته و لا تفاضل فيه لشخص عن اخر او حزب عن اخر و ان صانعوه هم ابناء الشعب بغض النظر عن اي انتماء لهم .
لكن لماذا يفعل ولد عباس ذلك ..؟ لانه يدرك ان بقاؤه رهين ارضاء طرفين الاول سلطوي و الثاني شعبي قاعدي و هو موقف زكي استمده ولد عباس من خبرته في السلطة .اكن كان على الرجل ان يدرك الفرق بين شخصين احدهما يصنع التاريخ و الثاني يتحجج بالتاريخ . هذا اذا اتفقنا على ان السياسة اداة جيدة لصناعة التاريخ ..ان هجرة الرسول صل الله عليه وسلم الي المدينة كانت بمثابة بيئة خصبة لرسالته اي مجاله الحيوي فيه انصاره و محبيه و لم يكن الرسول خاوي اليدين بل كان يحمل برنامج حياة ( الكتاب و السنة ) و لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يتحجج بالتاريخ لكن كان يصنع التاريخ اقف هنا لاسال بعض الاحزاب و بعض المارشحين ..كيف سيبنون وطنا في غياب رؤية و برنامج ..؟ و سيد الخلق بيده برنامج رغم ان تاييده كان من الله عز و جل.؟
انا لا اشكك في مصداقية الانتخاب من حيث التزوير او عدم التزوير لانني لا املك دليلا و لان الامر له من يختصون بشانه اكن افترض ان الانتخابات كانت نزيهة . و ان الشعب منح صوته و ان بناء الوطن سيستمر بداية من 24.11.2017 بايد انتقاها المواطن لبناء الوطن لكن تصور ان يحدث ذلك على طريقة الشخص الذي تسبه و تشتهمه و تتهكم به و هو يستلطفك و يتودد اليك فقط لتمهله فرصة يعرف من خلالها كيف يمد يده الي خدك بهدف تمكين الصفعة و مخافة الا يخطيء مكان الصفعة و قوتها و انت تظل معتقدا انه يخافك .و عليه فان اصوات الشعوب احيانا لا تعني بالضرورة ما يفهمه جل الاحزاب و المترشحين و لذلك فان مسيلمة لم يكن اضافة للاسلام و ابو لهب لم يشفع له الانتماء و سلمان الفارسي لم يحرمه الانتماء حقه التاريخي كما ان العروشية و الجهوية و الطبقية بل و حتى الحزبية المناصرة للفوضى و الفتن لن و لن و لن تبني الجزائر حتى و ان مرت عبر طرق الصناديق لانه في النهاية لا يبني وطنا الا شعب يعي لمن يعطي صوته و حزب له سلطة الوطنية قبل سلطة التاريخ لان التاريخ مصداقية الماضي و الوطنية مصداقية الحاضر و المستقبل التي لا نختلف على حقها في اشادتها بالتاريخ لكن ليس على حساب حاضرها و مستقبلها ببساطة لان حاضرها هو تاريخ مستقبها و لهذا فان صانعي التاريخ لهم فضل على المتحججين به.
يرى البعض ان الارندي و الافلان ليسا الا ريئتين تتنفس بهما السلطة و لذلك فهما وعاءها الذي يجب ان يكتب له البقاء و لو بالتزوير و لذلك قال اويحيا زورنا من اجل مصلحة الوطن هي العبارة التي لم يفهمها كثير من السياسيين فاويحيا هنا لم يزور السلطة او الحكومة و انما زور الوعاء الذي يضفي البقاء لوجود السلطة اذن الوعاء لم يكن هدفا انما كان وسيلة بقاء لكن سنة الحياة تختلف عن سنة السياسة لان اويحيا لم يدرك حين مقولته تلك انه هو نفسه مجرد وعاء للسلطة فهو اخذ باسباب سنة السياسة و نسي الاخذ باسباب سنة الحياة . اسباب سنة الحياة – ان الدولة سميت بهذا الاسم – من منطق التداول على السلطة الذي تفرضه علينا القناعات كالاستقالة و العجز و تفرضه علينا سنة الحياة كالموت مثلا .و عليه فان فلسفة الوطنية و فلسفة البقاء على الوطن فائما بشعبه و ترابه و جيشه و رموزه و سيادته تمليء علينا ان ننعش بقاء الوعاء سالما من كل ضرر يلحق به لانه هو من يضمن بقاء السلطة و بقاء الحاكم و ليس العكس طالما السلطة نفسها و الحاكم هما جزء من الشعب و ابنائه ثم ان مصلحة الوطن تقتضي مصلحة الشعب ليبقى السؤال.. هل كلمة الوطن في مقولة اويحيا تحمل معنى الشعب..؟ اذا كانت تحمل الشعب يفترض الا تكون معها كلمة ( تزوير ) لان الشعب اقدس من التزوير في فلسفة الانتخاب و السياسة لسبب بسيط هو ان الشعب قد يستظل فيه خائن لكن ذلك لا ينفي وجود النزهاء و المخلصين.
بقي ان نشير الي نقطة هامة تندرج ضمن عيوب الوعاء الانتخابي و كيفية انتقائه لمجالسه و ممثليه .هناك مسائل لم تهملها الدولة و لا تستطيع اهمالها لكن يتناساها الشعب او ينساها و هو بذلك يهمل حتى وزنه كوعاء فعندما ناخذ نموذج ولاية ادرار كحجم ديني يتربع على عرشه نماذج حية منهم المرحومين الشيخ سيدي محمد بلكبير و الشيخ باي بلعالم و الشيخ حسن اعطاه الله الصحة و العافية و بارك له في العمر و غيرهم و حجم اقتصادي من مصانع و اقطاب صناعية نذكر منها مصادر النفط و مصفاته و حجم تاريخي نسجته جملة من العلماء نذكر منهم مولاي سليمان بن علي و محمد بن عبد الكريم المغيلي و سيدي موسى و المسعود و غيرهم و حجم ثقافي من شعراء و كتاب و فنانين و مؤرخين و حجم سياحي و نمو ديموغرافي في تزايد مستمر و متطلبات حياة متباينة و افاق تنموية يتطلع اليها المواطن زيادة على برامج وطنية مستقبلية تراهن على السياحة و الاقتصاد و الثقافة كضرورة حتمية للتنمية و كبديل لاقتصاد النفط . كل ذلك يحتاج الي تصويت على القدرات من المترشحين ممن يحملون مشاريع محلية الي جانب رؤية وطنية ثاقبة لان ادرار في النهاية جزء من وطن هو الجزائر .. و لان المرحلة القادمة من بناء هذا الوطن تمليء علينا الا نذوب في الطبيقة و الجهوية و النعروية و العروشية و الانتمائية العاطفية في التصويت على من يقود مجلسا شعبيا بلديا كان او ولائيا او حتى على ممثلي الشعب لكن في ظل دوي البارود و لعبة قرقابو و الدعوة الي الطعام لا اعتقد ان ذلك سيبقي على معيار لانتقاء مرشح كفيل ببناء وطن او تسيير شؤون البلاد و العباد اذ علينا ان نؤمن ان بقاء الامم و سيادتها انما تصنع بايدي كفاءاتها و قدراتها لا باطعام الطعام و الدعوة الباطلة الي تزكية بلا قناعة و تصويت بلا برامج.
لياتي ذات المواطن يلقي بالائمة على الدولة و الاحزاب في بكائية تحت شعار المير غير كفء و لا قادر على تسيير بلديته و ينسى انه هو من زكاه بصوته فقط لانه اطعمه و جمعه على لعبتي البارود و قرقابو عوض برنامج و نقاش مع ان المير بلا مستوى و لا برنامج يحمد الله ان في الشعب من لا يعير البرامج و لا المناقشة اهتماما لان تلك الوسائل ستكشف شح زاده و ضعف رؤيته و لن تحصد له اصواتا مريحة لكن يحمد الله ان هناك قائمة انتخابية احتوته بالرغم من ذلك و من هنا يبدا صراع الخمس سنوات ضائعة من عمر الجزائر و ليس من عمر المير لان الهدف من ادارة مؤسسات وطنية هو في النهاية بناء وطن برمته و ليس مجرد بلدية منه لكن للاسف ان ذلك غاءب عن ذهن كثير ممن شملهم الوعاء الانتخابي .
الخلاصة هو ان التزوير الحقيقي ليس في مقولة رجل سياسي او مناضل حزبي انماء هو وليد ذهنيات لم تستوعب بعد ان الجزائر هي للعربي و القبائلي و الشاوي و الزناتي و هي حق لاهل الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب. الجزائر حق للغني و الزوالي و حق لثقافة اسلامية و اخرى عربية و امازيغية ايضا و حق لمن نتفق معه و لمن نختلف معه دون مساومة على الوطنية او التريخ او العروشية او القبائلية . متى استيقظنا من نومنا ذات يوم و نحن على قناعة بكل تلك الحقوق سنعرف يومها ان واجبنا هو بناء الجزائر وطن لكل الاطياف بمختلف الثقافات و وطن لدين اسمه الاسلام لا نختلف عليه و تاريخ ثوري لا نختلف عليه و وطنية لا نختلف عليها متى حدث ذلك سنضع اخر مسمار في نعش القبلية و العروشية و الاقليمية و الانتمائية الزائفة و النفاق الديني و السياسي و سننتخب رجال في ذهنهم وطن قبل بلدية و في ذهنهم شعب قبل عروشية و في ذهنهم تنمية قبل مصلحة و نفوذ. ذلك هو المجال الحيوي و التاريخي الحقيقي لبناء الجزائر كما اراد لها الشهداء و هم احياء عند ربهم يرزقون.

من كتابات العراب النبيل / احمد نيكلو.