المرأة في الجنة لآخر زوج صالح
02-03-2010, 10:08 PM
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-
الفتوى رقم: 959
الصنف: الأسرة -عقد الزواج- إنشاء عقد الزواج
المرأة في الجنة لآخر زوج صالح
السـؤال:
تقدَّم لخطبتي -بعد انقضاء عِدَّتي من وفاة زوجي- عِدَّةُ خطاب، وامتنعت عن الزواج لأكون زوجة لزوجي المتوفى، الذي لي معه ثلاث بنات، وحُجَّتي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المَرْأَةُ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا»، وقد عملت به أم الدرداء رضي الله عنها، فهل يلحقني إثم في امتناعي عن قَبول من يُرضى دينُه وخلقه؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالمرأةُ إذا كانت تحت زوجٍ صالحٍ ثُمَّ مات عنها، وبقيت أرملةً بعده لم تتزوَّج، جمع اللهُ بينهما في الجنة، وإن كان لها أزواجٌ في الدنيا فهي في الجنة مع آخر أزواجها إذا تَسَاوَوْا في الخُلُق والصلاح لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المَرْأَةُ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا».
والمرأةُ إذا خشيت على نفسها الفتنة أو لم يسعها لوحدها القيام على نفسها وشئون أولادها المادية والتربوية، فإن تقدَّم إليها خاطب ممَّن يُرضى دينُه وخُلُقه، وله قُدرة في تغطية حاجياتها ونفقات أبنائها فلا ينبغي أن تَرُدَّهُ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ»، وعملاً بقاعدة «دَرْءُ المَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ المَصَالِحِ»، فإن تساوى مع زوجها الأول الميت عنها في الخلق والصلاح فهي لآخرهما، وإلاَّ فتختار أحسنهما صلاحًا وخُلُقًا، وقد ورد هذا المعنى ضعيفًا منكرًا من حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، حيث سألت النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن المرأة تتزوَّج الرجلين والثلاثة والأربعة ثمَّ تموت ويدخلون معها من يكون زوجها؟ قال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا»، وكذا من حديث أم حبيبة رضي الله عنها، إلاَّ أنه يمكن الاستدلال بعموم قوله تعالى: ﴿فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ﴾ [الزخرف: 71]، أنها تخيَّر فتختار الذي تحبُّه وتشتهيه خُلُقًا وصلاحًا، كما قد تفيده الآية في قوله تعالى: ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ﴾ [يس: 56]، على أنَّ المرأة تكون مع الأقرب لها دينًا وخُلُقًا وطبعًا لما في معنى الزوجية من المودَّة والرحمة والتقارب والتحابب، لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وكذلك المرأة العَزَبَة ماتت ولم يَسبق لها زواجٌ فإنها تخيَّر فتختار ما تحب أن يكون الأقرب لها طبعًا وخُلُقًا فإنَّ الله يُوفِي لها طلبها، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَا فِي الجَنَّةَ أَعْزَبُ».
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ، و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب