تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدعوة والدعاة

> توصيات مهمة في مسألة التدرج في الدعوة إلى الله

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
توصيات مهمة في مسألة التدرج في الدعوة إلى الله
16-04-2016, 09:30 AM
توصيات مهمة في مسألة التدرج في الدعوة إلى الله

د. أمين الدميري


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعد:

أولاً: إلى العاملين في مجال الدعوة الإسلامية:
أوصي بدراسة فقه التدرج، وأن يكون مادة مقررة في معاهد وكليات أقسام الدعوة، ومراعاة ما يلي:
1- الاهتمام بإعداد الدعاة إعدادًا جيدًا، وتبصيرهم بفقه التدرج.
2- البَدْء بالأقرب فالأقرب.
3- البَدْء بالدعوة إلى التوحيد، وتصحيح المفاهيم الباطلة في أمور العقيدة.
4- مراعاة أحوال المدعوين من حيث المستوى العلمي والعمري.
5- مراعاة بيئة الدعوة؛ لتحديد نقطة البَدْء، وتوصيف المرحلة، والهدف الدعوي، سواء كان هدفًا نهائيًّا أو هدفًا مرحليًّا.
6- تحديد الأولويات، وترتيب الاهتمامات، وضبط الجرعات الدعوية من حيث الـ (كم) والـ (كيف).
7- مراعاة التدرج في الوسائل والأساليب الدعوية بما يضمنُ تحقيق الغاية المرجوَّة، وذلك استنادًا إلى قاعدةٍ شرعية، فكما أن الغاية شرعية، فكذلك الوسائل والأساليب لا بد أن تكون موافقة للشريعة الإسلامية.
8- مراعاة التدرج في وضع المناهج الدعوية، مع الاهتمام بالترغيب واللين والرفق، وتغليب ذلك على العنف، فالأصل أن التعامل مع المسلمين إنما يكون بالرفق، ومع المجادلين بالتي هي أحسن، ومع الظالمين المعتدين بالحكمة؛ أي: باختيار الأنسب حسب القدرة والمصلحة العامة.
9- فتح باب البحث والدراسة في الأمور الآتية:
التدرج في نزول القرآن الكريم منجمًا.
التدرج في السنة النبوية.
التدرج في تطبيق التكاليف الشرعية.
التدرج في دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
التدرج في التربية.
التدرج من حيث إنه سنة كونية وقانون إلهي؛ كالتدرج في:
* خلق السموات والأرض.
* خلق الإنسان.

ثانيًا: إلى القائمين على أمر التعليم عامة، والأزهري خاصة:
أوصي بمراعاة قانون التدرج في وضع المناهج التعليمية، واختيار الموضوعات المناسبة حسب المراحل العمرية، وأن يكون التغيير في المناهج - أو ما يسمى بتطوير المناهج - متفقًا مع عقيدتنا الإسلامية وشريعتنا الغرَّاء، ولا يُمْلِيه علينا غيرنا، بدعوى أنهم حريصون على تقدُّمنا، أو أنهم أكثر منا خبرة ودراية بما ينفعنا، فلا بد أن يكون التغيير نابعًا من داخلنا، فلدينا - بفضل الله تعالى - أهل الخبرة والعلم والدين، خصوصًا في قلعة الأزهر الحصين، حفظ الله تعالى علماءه العاملين المخلصين، آمين.
كذلك أُوصي بتربية الجيل المسلم على القيم والأخلاق الإسلامية، وتنمية المواهب الفطرية؛ كالتدريب على إلقاء الدروس والخطب، والاهتمام بالممارسة العملية، والتطبيق للتدريب على البحث، وتنمية موهبة الكشف والبحث و(الاختراع).
ولا يفوتُني أن أُطالِبَ بالاهتمام بدور المسجد في المؤسسات التعليمية، وتوجيه الطلاب إلى أداء الصلاة في أوقاتها؛ بحيث تتوقف الدروس والمحاضرات عند سماع الآذان، وضبط إيقاع اليوم الدراسي على هذا الأساس؛ لِمَا له من أهمية قصوى في تنمية روح التعاون والانضباط عند الشباب المسلم؛ لكي ينشأ نافعًا صالحًا محبًّا لوطنه، فإن حب الوطن من الدين.

• كما أطالب أن يتم تغيير المناهج أو تطويرها تحت إشراف لجنة مكونة من:
أساتذة التربية.
أساتذة الدعوة.
الخبراء المتخصِّصون في مجال التربية والتعليم الموثوق في أمانتهم وولائهم، على أن يكون الهدف من التعليم والتربية إعداد جيل يؤمن بالانتماء لدينه، يحب وطنه، ويسعى لرفعته، ويدافع عنه.
وأطالب كذلك بأن تكون التربية الإسلامية مادة أساسية (وتضاف إلى المجموع الكلي) في التعليم العام، وتنقية مناهج التعليم من تعاليم ووصايا القسيس دنلوب واللورد كرومر!

ثالثًا: إلى وسائل الإعلام:
أوصي القائمين على وسائل الإعلام المختلفة بأن يتقوا الله - عز وجل - فيما استرعاهم، وأن يتخيَّروا البرامج الهادفة، التي تبني ولا تهدم، والتي تهذب ولا تفسد، فالناس على دين إعلامهم، وأقول: إن الإعلام في هذا الزمان يقوم مقام السحر قديمًا، بل إن الإعلام أقوى من السحر في التوجيه والإقناع، بل إنه لون من ألوان الإقناع القسري (غسيل المخ)؛ لهذا فإني أناشد المسؤولين عن الإعلام في بلد الأزهر، في مصر المسلمة: أن يراعوا مشاعر الشعب المصري الطيب المتدين، وأن يرتقوا بمستوى البرامج المرئية والمسموعة والمقروءة بحيث تتفق مع قيمنا الإسلامية، لا في مصر وحدها، ولكن في العالم الإسلامي كله.
وبهذه المناسبة، فإني أرى أن القضايا التي تطرح على الناس ويتكلم فيها علماء أجلاء هي بعيدة تمامًا عن واقع المسلمين واهتماماتهم، ولا تعالج قضايا أساسية، بل هي قضايا فرعية أو ثانوية، وحسب فقه التدرج، فإني أرى أن يُوجَّه الاهتمام إلى أمرين:
الأول:بناء العقيدة بناءً سليمًا، وترسيخ الإيمان بالله تعالى.
الثاني: ترسيخ القيم والأخلاق الإسلامية.
كذلك، فإني أُطالِب أن تُسخَّر وسائل الإعلام لصالح العملية التعليمية في العالم الإسلامي، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن الآباء؛ حيث يمكن أن تكون وسائل الإعلام بديلاً عن الدروس الخصوصية التي تُثقِل كاهل أولياء الأمور، وتعد برامج في المجالات الآتية:
مجال التصنيع وتعليم الحرف المختلفة.
مجال الزراعة وتثقيف العمال والفلاحين؛ للوقوف على أحدث أساليب الزراعة ومقاومة الآفات.
مجالات البحث العلمي المختلفة؛ حيث يتم عرض الأبحاث والرسائل العلمية التي أفنى فيها الباحثون أعمارهم.
مجال القيم والأخلاق وعرض المُثُل العليا في التاريخ الإسلامي وبطولات السابقين من أبطال المسلمين.
مجال التربية؛ حيث يتم شرح طرق ومناهج التربية الإسلامية، ومساعدة الآباء والأمهات في حل مشاكل تربية الأطفال.

رابعًا: إلى الساعين إلى الإصلاح والمهتمين بعودة الحياة الإسلامية، أقول لهم:
أ- لا بد من تجميع الجهود المبعثرة، والاتفاق، ونبذ الفُرْقة والخلاف، للعمل من أجل الهدف المشترك.

ب- أطالب بإقامة مؤتمر عامٍّ يجتمع فيه علماء الأزهر وأساتذة القانون والشريعة الإسلامية، والشخصيات العامة المشهود لها بالفضل والسيرة الطيبة؛ لبحث القضايا الآتية:
1- تحديد الأولويات التي يجب البَدْء بها، وأرى أنها تتمثل في تكثيف الجهود الدعوية لتصحيح المفاهيم ونشر العقيدة السلمية، وإشاعة الفضائل والمُثُل الإسلامية الرفيعة؛ لإزالة آثار الغزو الفكري الغربي!
2- تحديد أمراض المجتمع والسلبيات على المستوى العام والخاص، والتي من شأنها زيادة التخلف وتراكم الأزمات، ووضع الحلول الجذرية والمناسبة لها.
3- كشف الاتجاهات العلمانية والماسونية، والتي تهدف إلى إقصاء الدين وإبعاده عن الحياة العامة.
4- توجيه الجهود لتحسين الأحوال الدينية لدى القاعدة العريضة من الشعب عن طريق الهدم والبناء؛ بمعنى:
هدم الأفكار والمعتقدات الضالَّة والمنحرفة؛ كالتواكل، والسلبية، وفقدان الانتماء للدين والوطن، والتبلُّد والكسل، والانشغال باللهو واللعب!
بناء العقيدة الصحيحة والمُثُل الإسلامية العالية، وبث روح الإيجابية والاعتزاز بالتراث الإسلامي العريق، وبيان عظمة الإسلام، وفضح الحضارة الغربية التي قامت على العلم دون الأخلاق، وبُنِيت على نهب ثروات المسلمين!
5- كما أُوصِي بإعادة نظام الحِسبة الإسلامي؛ حفاظًا على كيان المجتمع وتماسكه، وإشاعة العدل والأمان والصدق، ومحاربة الغش والظلم.
وبعد، وفي ختام هذا البحث، فإني أحمد الله تعالى على توفيقه وفتحه وعونه، فقد كان فضلُه ومنُّه عليَّ عظيمًا؛ حيث يسر لي - سبحانه وتعالى - إتمامَ هذا العمل، وحيث كان المرجع الأول والأساس هو: القرآن الكريم.

وأستطيع القول:
إن أجمل ما في هذه الحياة، وأمتع شيء وأحلاه، هو أن يعيش الإنسان مع كتاب الله، يجد الحلاوة في تلاوته، ويجد متعة عقله ونفسه في تدبُّره، كما يجد سمو روحه وسعادة قلبه في فهم ألفاظه واستنباط معانيه.
وإذا كان التدرج فقهًا ونظامًا وتنسيقًا وذوقًا، فإن كتاب الله تعالى من أوله إلى آخره يتضمن هذه الأشياء وزيادة، فهو كتاب الفطرة، ينسجم مع الكون، ومع تكوين الإنسان من حيث هو مادة وروح، فهو يُلبِّي حاجات جسده، ويستجيب لغرائزه، ويزكِّي نفسه، ويرتقي بروحه إلى أعلى الدرجات، وأسمى المراتب.
وأحمد الله تعالى أن قيَّض لي مَن ساعدني بجهد أو إرشاد أو توجيه، وهم نخبة من العلماء الأجلاء بقسم الدعوة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وإذ أشكر لهم هذا الجميل، أدعو الله تعالى أن يجزيهم خيرَ الجزاء، فهذا من باب العرفان.
وأخيرًا أسأل الله تعالى أن يقبَل هذا العمل خالصًا لوجه وابتغاء مرضاته، وأن يغفر لي خطئي وعمدي، وجدي وهزلي، وتقصيري وعجزي، وكل ذلك عندي.
رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب.
والحمد لله رب العالمين.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: توصيات مهمة في مسألة التدرج في الدعوة إلى الله
16-04-2016, 09:32 AM
نتائج مهمة للتدرج في الدعوة إلى الله


أحمد الله تعالى وأُثنِي عليه بما هو أهله، فهو سبحانه المتفضِّل بالنِّعَم، وأشكرُه على توفيقه وهدايتِه، وأُصلِّي وأسلِّم على خاتم أنبيائه ورسله، وبعد:
فإن هذه المقالات إنما هي: دراسة قرآنية لسنة من سنن الله تعالى في الخلق والتكوين، وفي التعليم والتربية؛ لأن الوصول إلى الكمال لا يتم إلا خطوة خطوة، وشيئًا فشيئًا.
ليس بين الليل والنهار حدٌّ فاصل؛ وإنما يبدأ الصبح بالإسفار، والشمس تُشرِق ويشتد حرُّها شيئًا فشيئًا، وظلام الليل لا يأتينا فجأة؛ وإنما يبدأ بالشفق، وكذا القمر، فإنه يبدأ هلالاً ثم يكتمل نِصْفُه، ثم يستدير بدرًا بتدريجٍ ما أجملَه!
وظلام الكفر، وزَبَد الباطل، وظلمات الجهل: لا يمكن أن يُبدِّدها الدعاة المسلمون والمصلحون الصالحون في يوم وليلة، ولا يتم ذلك بالأماني والأوهام؛ إنما يتم بالعمل المخلص والجهد الدائب.
إن أهل الفجور يمكرُون بالليل والنهار للتَّرويج لفجورهم، وأنصار الباطل يدافعون عن باطلهم ويناصرونه، فأين أهل الخير وأنصار الحق من ذلك؟
أرى أن الكِفَّة راجحة لأنصار الباطل؛ فصوتهم أعلى، وسلطانهم أقوى، ولا منازع لهم!
إن هدم الأفكار المنحرفة والعقائد الباطلة، لا يتم إلا بقانون التدرج، كما أن بناء العقيدة الحقة، وتكوين الجيل الرباني: يحتاج إلى جهد وعمل، ووعي وانتباه، وصبر وأناة.
والبَدْء هو: دراسة الواقع لتحديد الأدواء، ووصف الدواء، والدواء لا يُعطَى بجرعات عالية، ولا يُؤخَذ دفعةً واحدة؛ إنما يُعطَى بجرعات متزايدة أو متناقصة حسب حال المدعوين وبيئة الدعوة.
واستجابة الناس لداعي الله متفاوتة؛ لأن طبائع الناس وأخلاقهم، واستعدادهم لقَبول الحق أو رفضه - ليس في درجة واحدة: فمنهم المستجيب، ومنهم المجادل، ومنهم المعاند الرافض، ومنهم المعادي المحارب، ولا عجب في ذلك، فالناس معادِنُ كمعادن الأرض التي خُلِقوا منها:
فمن حيث المادة؛ فالمادة التراب، وله حالات مختلفة، فيكون طينًا، أو صلصالاً، أو يتحوَّل إلى حمأٍ مسنونٍ.
ومن حيث التكوين؛ فتتكون الأرض من عناصر ومركبات، (فلزَّات ولا فلزَّات وأشباه فلزَّات، وعناصر خاملة، وعناصر نادرة مشعَّة)، وكما تتدرج هذه العناصر في صفاتها، يختلف البشر كذلك في طبائعهم وأخلاقهم، وقَبولهم للحق أو رفضهم.
لقد عشتُ مع كتاب الله تعالى أقرؤه وأتدبَّره، وأنظر في سوره وآياته، وأُتابِع ترتيب المصحف، وأبحثُ في ترتيب النزول، وأستخرج بعض سننِه، وأقف منبهرًا أمام عظمته وإعجازه وروعته، ووجدت فيه ضالَّتي، فكان كتاب الله تعالى هو: المرجعَ الأساس في هذا البحث، وثبت لديَّ أن التدرج قانون إلهي، وسنة ربانية، ومنظومة كونية.

وأستطيع - بعون الله تعالى - أن أُلَخِّص نتائج هذا البحث فيما يلي:
أولاً: ثبت أن التدرج سنة إلهية في دعوة الأنبياء جميعًا، خصوصًا هؤلاء الرسل الكرام الذين ذكرتُهم في البحث، وهم:

أ-نوح عليه السلام: الذي مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا؛ حيث بدأ دعوته بالحوار الهادئ، والجدال بالتي هي أحسن، ورغَّبهم في نعيم الدنيا ومغفرة الذنوب، ولكنه وجد منهم إعراضًا وإصرارًا واستكبارًا، وأمام هذا العناد رفع شكواه إلى الله عز وجل، فأخبره تعالى أنه لن يستجيب له أحدٌ بعد ذلك، فدعا على قومِه بالهلاك، وكان ذلك في آخر أيام الدعوة، وبعد إخبار الله تعالى له أنه لن يُؤمِن أحد، فاستجاب الله لدعائه وأغرق القوم الكافرين.

ب-موسى عليه السلام: وقصته هي أكثر القصص سردًا في القرآن الكريم، لأسباب ذكرتها في البحث، وقد تجلَّى قانون التدرج في دعوته عليه السلام؛ حيث بدأ بالقول اللين، وبالمناظرات العقلية والسحرية، لكنه لَمَّا وجد أن فرعون يريد قتْلَه، والملأ من حوله موافِقون على إجهاض الدعوة، توجَّه موسى عليه السلام بالدعاء على فرعون وحاشيته، فأغرقهم الله تعالى وأنجى موسى وبني إسرائيل معه، فكانت الدعوة باللِّين أولاً، ثم التعنيف، ثم الدعاء عليهم بالهلاك.

جـ-إبراهيم عليه السلام: وقد سارت دعوتُه كذلك حسب سنة التدرُّج، وقد تمثَّل ذلك في دعوته لأبيه أولاً، وقد كان صانعًا للأصنام، وهكذا يكون البَدْء، وهذه هي الحكمة، وعلَّمنا عليه السلام كيف نُواجِه الخصوم باستدراجهم، وإقناعهم عن طرق زحزحة الخصم بموافقته ظاهرًا، ثم التدرج في الأدلة؛ حتى يتخلَّى المعاند صاحب الحجة الواهية عن عقيدته الزائفة الموروثة إلى دلائل الحق الجلية.
إن أصحاب المذاهب الوضعية يستخدمون أسلوب الإقناع القسري (غسيل المخ)، لإجبار الناس على اعتناق مذاهبهم، ولكن الإسلام يرشدنا إلى أساليبه النظيفة للوصول إلى الأهداف النبيلة، ويحترم في الإنسان عقله، فيُبيِّن له دلائل الحق وبراهين التوحيد؛ كي يصل إلى الإيمان الراسخ، ويحمل الحق قضية يعيش بها ومن أجلها؛ حتى تكون عنده أحبَّ إليه من كل شيء.

د-محمد صلى الله عليه وسلم: وقد تجلَّت سنة التدرج في كل مرحلة من مراحل دعوته، فبدأ الوحي بتدرج، ونزل القرآن مفرَّقًا حسب الوقائع، وكان البَدْء بالتوحيد، وبدعوة الأقربين، وفرضت التكاليف الشرعية بتدرج، وكان من حكم التدرج في دعوته ما يلي:
1- مراعاة بيئة الدعوة، وهذا من فقه الواقع.
2- مراعاة أحوال المدعوين، فكانت القضايا المطروحة هي:
أ- إبطال منطق الكفر، المتمثِّل في عبادة الأصنام.
ب- بيان دلائل التوحيد.
جـ- بيان أحوال السابقين.
د- إثبات البعث والنشور.
هـ- إثبات صدق الرسول، وأن القرآن الكريم نزل من عند الله عز وجل.

3- الأمر بالصبر والاحتمال، خصوصًا في مكة.
4- نزول التشريعات في المدينة المنورة بعد الهجرة.
5- فرض التشريعات حسب قانون التدرج.
وإذا كان البَدْء بالتوحيد، وبالأقربين من التدرج في الدعوة، فإن الدعوة إلى التوحيد في ذاتها: لا تخضع لقانون التدرج؛ لأن التوحيد من القضايا الكلية التي لا تقبل التجزئة ولا المساومة، ولا أنصاف الحلول، أما التدرج، فهو في الأمور الأخرى؛ كفرض العبادات، والنهي عن المحرمات، ومراتب الاحتساب، وتربية العبد الرباني، وإقامة الأمَّة الإسلامية، وغير ذلك.

ثانيًا: ثبت من خلال هذا البحث أن التدرج سنة ربانية، بل هو منظومة الخلق؛ ليُعلِّمنا الله تعالى الإعداد والتمهُّل، ليكون البناء محكمًا، فكل شيء خلقه الله تعالى بدأ بالأساس وبالأهم، وبيان ذلك:
1-خلق الأرض أولاً؛ لأنها الأساس للبنيان.
2-إعداد الأرض للحياة الإنسانية.
3- خلق السموات السبع.
4- خلق الإنسان، وقد تجلى فيه قانون التدرج كما يلي:
أ- خلق آدم من تراب وعلى مراحل متدرجة.
ب- خلق الجنين في بطن أمِّه على مراحل متدرجة.
ج-النمو الجسمي والنفسي والعقلي للإنسان منذ الولادة حتى الشيخوخة على مراحل متدرجة.
د- التفاوت في أخلاق البشر ودرجاتهم وأرزاقهم، حسب تقدير الله عز وجل، وكما أن معادِن الأرض متدرِّجة في صفاتها، فكذلك البشر متفاوتون في طبائعهم ومدى قَبولهم للحق أو رفضهم.

ومن هنا، فإن التربية كذلك تقوم على فقه التدرج من حيث:
1- مراعاة المراحل العمرية المختلفة.
2-مراعاة (كمِّ) و(كيف) الجرعات الدعوية.
3-تحديد نقطة البَدْء للوصول إلى الهدف من التربية، وهو بناء العبد الرباني.

ثالثًا: أهمية التدرج في الدعوة، وبيان ذلك:
1- أهمية إعداد الداعي المثال أولاً.
2- أهمية ملازمة الحكمة للدعوة، وبيان أنها:
الإصابة.
توفيق العمل بالعلم.
اختيار الأنسب.
البَدْء بالأهم.
فقه الأولويات.
فقه الواقع.
وأضيف إلى ذلك: (فقه التدرج).
3- أهمية أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراتب الاحتساب - وَفْق فقه التدرج.

رابعًا: الأثر العظيم والنتائج الطيبة لاتِّباع فقه التدرج، وتمثل ذلك فيما يلي:
قَبول التكاليف الشرعية بارتياح.
سهولة تطبيق الأوامر الشرعية من حيث المرونة في اختيار الأنسب للمرحلة، وجواز الأخذ بالحكم المرحلي وصولاً إلى الحكم النهائي.
انتشار الإسلام، وثبوت صلاحيته لقيادة الحياة الإنسانية إلى بر الأمان وسعادة الدنيا والآخرة.
صمود الإسلام عقيدةً وشريعةً أمام الغارة التي يشنها الكفار والعلمانيون.

خامسًا: من أهم نتائج هذا البحث ما يلي:
إذا كانت الدعوة لا تكون إلا بالحكمة، والحكمة قاضية بالتدرج، فإن التدرج هو (فقه الدعوة).

ومن هنا، فإن هذا البحث هو نواة لما سميتُه: [فقه التدرج]، ولله الحمد والمنة.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية غايتي رضا الرحمن
غايتي رضا الرحمن
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 02-01-2013
  • الدولة : فوق التُراب مؤقتا
  • المشاركات : 4,983

  • ملكة التطبيقات وسام فلسطين وسام احسن طبق لعيد لأضحى المبارك 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • غايتي رضا الرحمن will become famous soon enoughغايتي رضا الرحمن will become famous soon enough
الصورة الرمزية غايتي رضا الرحمن
غايتي رضا الرحمن
مشرفة سابقة
رد: توصيات مهمة في مسألة التدرج في الدعوة إلى الله
16-04-2016, 10:50 AM

السلامُ عليكم

جزاك الله خيرا اخي الفاضل
موضوع مهم جدا
اللهم ارزقنا حُلو الحياة وخير العطاء وسعة الرزق
وراحة البال ،ولباس العافية وحُسن الخاتمة

اللهم آمين



مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:32 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى