مفتيات لتنوير الجزائريات والقضاء على الحجاب المتبرج
16-04-2015, 08:28 PM
تشهد ساحة الإفتاء في* الجزائر* غيابا كليا لمفتيات نساء،* يتولَّين الإجابة عن عدد من المسائل المتعلقة ببنات جنسهن،* خاصةً* أنَّ* النساء* يتحرجن من سؤال المشايخ الرجال عن أمورهن المحرجة*... كل هذه الإشكاليات تجعل أمر تولي* نساء مهمة الإفتاء أكثر من ضرورة في* المجتمع،* فللنساء فقه خاص* يحتم التعامل معهن بطريقة معينة،* خاصة أنه لا* يوجد ما* يمنع المرأة شرعاً* من تولي* منصب الإفتاء*.
كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف،* محمد عيسى،* عن اعتماد نساء مفتيات في* المجلس العلمي* لأول مرة في* الجزائر،* سيتولين مهمة تنوير الجزائريات والإجابة عن مختلف القضايا التي* تواجهها المرأة الجزائرية في* حياتها اليومية*. وأضاف أن الكثير من الجزائريات* يتوفرن على علم شرعي* غزير ما* يؤهلهن للفتوى،* خاصة أن الكثير من المرشدات الدينيات تحولن إلى مفتيات في* المساجد لما* يتميزن به من علم وكفاءة جامعية*.
كثيرة هي* المسائل الشرعية التي* تختلط أحكامها على النساء،* ولا* يجدن لها إجابة مفصلة من شيوخ رجال،* فيلجأن إلى الكتب الدينية أو الفتاوي* الجاهزة على الإنترنت،* أو* يستعنّ* بالمرشدات الدينيات اللواتي* يكنّ* وسيطات بين السّائلة والشيخ،* ولكن حتى المرشدة الدينية هي* أنثى قد* يستعصي* عليها نقاش بعض الأمور مع شيخ رجل*... وزوجات* يكلفن أزواجهن بنقل انشغالهن إلى إمام مسجد،* وبالطبع لن* يتمكن الزوج من شرح استفسار* يخص المرأة،* خاصة إذا تعلق بمواضيع الطهارة،* الزواج،* أحكام الحيض والنفاس*... إلى درجة شاهدنا على قنوات فضائية مُفتيا* يتهرّب من الإجابة عن سؤال امرأة،* لحرجه من التفصيل في* الموضوع،* وآخر نهر امرأة على المباشر اعتبر سؤالها منافيا للأخلاق،* رغم أن السؤال متعلق بأمر نسائي* عادي،* ونساء* يفضلن السكوت عن بعض الأمور الشرعية تجنبا للحرج والضيق*.
*
البرلمانية والدكتورة أسماء بن قادة*:
لا* يمكن استمرار تغييب النساء عن الإفتاء
اعتبرت الدّكتورة والبرلمانية أسماء بن قادة لـ"الشروق*"،* أن للفتوى ضوابط وشروطا،* وصناعة الفتوى لا تخضع لجنس المفتي،* فإذا امتلكت المرأة من المؤهلات ما* يسمح لها بالإفتاء فلها ذلك،* وتضيف*: "الاجتهاد النسوي* أصبح ضرورة،* فالله عز وجل خلق المرأة والرجل على أساس من مبدإ الزوجية*... ((ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين لعلكم تذكرون*)) وهو مبدأ* يقتضي* أن تشترك المرأة والرجل في* صناعة الفتوى أو الرأي* أو القرار،* حتى تكون الرؤية أو الفتوى أكثر توازنا وثراء،* بحكم اختلاف طبيعة المرأة والرجل وتركيبتهما،* فتمازج القيم الذكورية والأنثوية الإيجابية فضلا عن المؤهلات العلمية،* سيُنتج فتوى أكثر توازنا*.
وتأسفت محدثتنا لما أصاب مجال الفتوى خلال قرون طويلة من إفقار تعسّفي،* بتغييب النساء عن الإفتاء،* رغم قول الله تعالى*: ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض،* يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر*)) و*((اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون*))،* وأهل الذكر هنا* يمكن أن* يكونوا من النساء،* ورغم هذا وُجد من* يشترط الذكورة للفتوى*. وحسب بن قادة* "النظام المعرفي* الذي* أسس للفقه والتفسير وعلم الكلام والفتوى،* قائم على نمط من التفكير الأحادي* المفعم بالقيم الذكورية منفردة،* وتغييب القيم الأنثوية الإيجابية عن الاجتهاد،* فغاب التوازن عن الأحكام الاجتهادية،* وعانت المرأة من الاضطهاد والظلم عبر العصور،* فالرجل ظل* يفتي* وفقا لطبيعته ورؤيته،* ومن هذا المنطلق ظهرت فتاوى زيجات المسيار،* المتعة والزواج بنيّة الطلاق*... وذلك لقصر النظر على أركان الزواج بعيدا عن أي* قراءة مقاصديّة،* ترمي* إلى الحفاظ على الأسرة من حيث الاستقرار والاستمرار وتحقق السكينة والمودة والرحمة ومتطلبات الميثاق الغليظ*".
*أما إفتاء المرأة للنساء فهو أوجب،* بحكم وجود قضايا* غاية في* الحساسية والحرج ترتاح فيها المرأة مع المرأة أكثر،* لكن ذلك لا* يعني* تخصيص المرأة لفتوى النساء،* إنما* يمكن اعتبار ذلك إضافة إلى الإفتاء في* مجالات الشأن العام*.
*
رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم*:
*"المفتيات مطلب واقعي* وضروري،* ومن* يحرم ذلك شخص أمّيّ*"
أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم* لـ* "الشروق*"،* أن مطلب وجود نساء مفتيات في* المجتمع الجزائري،* مطلب واقعي* وضروري،* فالنبي* صلى الله عليه وسلم كان* يقول في* ما معنى حديثه*: "خذوا نصف دينكم عن فلانة*..." وفلانة هي* إحدى زوجاته الكرام،* فما الذي* يمنع المرأة من التفقه في* الدين والغوص في* دراسة أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية؟ المرأة مثلها مثل الرجل لها حقوق وعليها واجبات في* تنوير مجتمعها،* إذا ما استطاعت لذلك سبيلا،* فالله عز وجل* يخاطب خلقه*: ((والمسلمين والمسلمات*)) ولم* يقل* "المسلمين*" فقط*.. إفتاء المرأة في* الإسلام ليس حراما،* بل* يجب على المرأة أن تتفقه في* الدين لتفتي* لبنات جنسها في* قضايا نسائية بحتة قد* يجد فيها الرجال الشيوخ حرجا،* وحتى لها أن تفتي* في* أمور أخرى إذا تفقهت في* الدين ورأى أهل الاختصاص أن لها القدرة على ذلك*. ووصف الشيخ قسوم المنادين بحرمة إفتاء النساء بأنهم أشخاص* "أمّيّون*" لا* يفقهون في* الدين شيئا*.
*
جلول حجيمي* رئيس النقابة الوطنية للأئمة*:
غياب المفتيات أدى إلى جهل الجزائرية للكثير من أمور دينها
أكد المنسق العام لنقابة الأئمة جلول حجيمي* لـ* "الشروق*"،* أن الإفتاء* يقاس بعلم الشخص وحكمته و استقامته،* وتمكنه في* الدين،* "على المفتي* أن* يكون مدركا لفقه الأخلاق والفقه المقارن،* ملما بالمذاهب خاصة المذهب المتبع في* البلد*... الفتوى تؤخذ من مسلم ذي* ثقة في* المجتمع،* ملم بالأدلة الشرعيَّة،* والفهم الصحيح،* والقدرة على الاستنباط والقياس*".
وأكد حجيمي* أن الذكورة ليست شرطا في* الإفتاء،* يقول*: "وُجد في* تاريخ الأمة الإسلامية من النساء من اشتغلن بالفتوى والعلم،* منهن صحابيات وأمهات المؤمنين،* أعظمهن أمنا عائشة رضي* الله عنها،* كانت تجيب على مواضيع النساء التي* يصعب طرحها على رجل،* والمرتبطة بيولوجية الصيام،* النفاس،* المعاشرة الزوجية*... وكانت أمنا عائشة تجيب نقلا عن الرسول الكريم عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم*... لكن* يُشترط في* المرأة* "المفتية*" التمتع بقدر من العلم والألتزام بالدين*. وعن وجود نساء مؤهلات للفتوى في* الجزائر؟ رد حجيمي*: "يوجد*... ولكنهن لسن ذوات عمق كبير جدا،* ومع ذلك لدينا أستاذات جامعيات ومرشدات دينيات* يؤهلهن مستواهن للأجابة عن استفسارات بنات جنسهن*". وحسب حجيمي*: "المرأة المفتية تنفع كثيرا في* أواسط النساء من بني* جنسها،* خاصة في* أمور* يستحيى منها عند سؤالها للرجال.الفتوى تتعلَّق بالعلم الذي* يُحمل في* الصدر،* بخلاف القضاء والولاية الكبرى اللذين لا* يتناسبان مع طبيعة المرأة*.