علي بلحاج: مراجعات الإسلاميين من وراء القضبان ترسخ للاستبداد
11-09-2009, 09:26 PM
علي بلحاج: مراجعات الإسلاميين من وراء القضبان ترسخ للاستبداد



(الجزائر تايمز)
September 10, 2009 12:14 AM


شكك القيادي الإسلامي الجزائري الشيخ علي بن حاج في شرعية وجدوى المراجعات التي أقدمت عليها "الجماعة المقاتلة" في ليبيا، قائلا: "إنها جرت تحت إكراهات السجن"؛ كما اعتبر نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن الهدف الجوهري من هذه المراجعات هو ضرب أي معارضة جادة في ليبيا خاصة وفي العالم العربي بشكل عام فضلا عن ترسيخ الاستبداد والطغيان.

كانت "الجماعة الإسلامية المقاتلة" في ليبيا قد دخلت في جولات حوار مع الدولة من خلال "مؤسسة القذافي للتنمية" التي يرأسها سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي، وضعت بها نهاية للمواجهات المسلّحة التي خاضتها ضد النظام الليبي، وأسفرت عن كتابة قادة الجماعة عددًا من البحوث والدراسات الشرعية تحت عنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على النّاس" عرفت بـ "المراجعات" ووردت في 417 صفحة.

وفي تصريح لوكالة "قدس برس" أعرب علي بن حاج عن أسفه للجوء الأنظمة الحاكمة إلى إكراه المعتقلين على القيام بمراجعات فكرية وفقهية كشرط لإطلاق سراحهم، وأشار إلى أن أي مراجعة تجري في السجن هي إكراه مشكوك في شرعيته، وقال: "أنا أميز دائما بين المراجعات والتراجعات، فهؤلاء الذين قاموا بعملية المراجعة داخل السجون لا نعرف الظروف التي يعيشونها، وهم يعيشون عادة تحت عدة ضغوط نفسية وأمنية وأسرية، وبما أني دخلت السجون وقضيت فيها 18 عاما فأنا أعرف طبيعة هذه الضغوط، والسجين قد يلجأ إلى هذه الأساليب التي يبدو فيها كما لو أنه مخطئ من أجل الخروج من السجن، ولذلك فأنا أعتقد أن المراجعات من وراء القضبان مشكوك فيها لأنها تتم تحت ضغوط نفسية وأسرية وأمنية".

وأضاف: "الأمر الثاني أنه من غير المعروف أمر هذه المراجعات هل هي صادرة من عناصر المقاتلة أنفسهم أم أنها إملاءات من جهات أمنية، ولذلك فأنا أتساءل: لماذا لا يتم إطلاق سراح هؤلاء أولا ثم بعد ذلك نفسح لهم المجال الإعلامي والدعوي لإجراء مراجعات تحت ضوء النهار لا في ظلا م السجون؟".

جدير بالذكر أن الجماعة الليبية بادرت بإرسال مراجعاتها إلى نخبة من العلماء والدعاة، داخل ليبيا وخارجها، لإبداء الرأي فيها قبل نشرها، وقيل أيضا إن الدولة هي التي أقدمت على فعل ذلك، ومن بين العلماء والدعاة: الشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ محمد الشنقيطي، والداعية السعودي الشيخ سلمان العودة، والدكتور أحمد الريسوني، والمفكر الليبي الصادق الغرياني. وقد أيدها كل من الشيخ سلمّان العودة، والدكتور الريسوني، والصادق الغرياني، وفي حين شدد العودة على أن "ما ورد فيها يتفق مع ما قرره أهل العلم والسنة"، رأى الريسوني أن أصحابها "امتلكوا شجاعة التحول الصريح من الخطأ إلى الصواب، ولو كانت المسافة بينهما شاسعة"، في حين وصف الغرياني المراجعات بأنها دراسة علمية بحثية قيمة في غاية الأهمية.

وفي تصريحاته دعا الشيخ علي بن الحاج إلى ضرورة أن تترافق مراجعات الجماعات الإسلامية في السجون العربية إلى مراجعات لدى النظام العربي الرسمي في الموقف من الحريات الإعلامية والسياسية، وقال: "من الغريب لدى النظام العربي الرسمي الذي يروج لهذه المراجعات التي تقوم بها الجماعات الإسلامية في السجون، أنه قادر على مراجعة نفسه في المصطلحات التي يصف بها هؤلاء، فهم قبل المراجعات إرهابيون ومتطرفون وكلاب ضالة، وبعد المراجعات نشطاء إسلاميون وعلماء دين، وهذا أمر عجيب في الحقيقة يكشف طبيعة أهداف النظام العربي الرسمي من هذه المراجعات، وهي شن حرب نفسية لضرب الجماعات المسلحة فهي لضرب المعارضة السياسية الجادة أيضا؛ ولذلك فإن المطلوب أن تراجع هذه الأنظمة نفسها في مجال الحريات العامة وسياساتها الأمنية أولا، أما الاستمرار في فرض مراجعات إكراه من هذا النوع فهو ليس إلا وسيلة أمنية وسياسية لترسيخ الاستبداد والطغيان".

وأكد بن الحاج أن البديل عن هذه المراجعات "الإكراه" هو إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين وترك المجال أمامهم ليراجعوا أنفسهم، وقال: "من دون الحرية فإن أي مراجعات فقهية تتم لا شرعية ولا جدوى من ورائها، ونحن نعرف أن الفقهاء يعتبرون السجن نوعا من أنواع الإكراه، وهذا يشكك في شرعية هذه المراجعات أولا، لأن الفكر يحتاج إلى الحرية والنور ولا يحتاج إلى السجن والظلام؛ ولذلك فالنظام الليبي مثله مثل سائر الأنظمة العربية في مصر والجزائر، حيث إن أغلب الذين يقومون بمراجعات هم من خريجي السجون، وهذه قضية إعلامية في سياق الحرب النفسية ضد المعارضين لأنظمة هذه الدول من المسلحين وغير المسلحين، وإذا أراد هؤلاء حقيقة أن يقضوا على المعارضة المسلحة وغير المسلحة، فإن سبيلهم الوحيد إلى ذلك هو الحرية وترك المجال لشعوبهم كي يختاروا البدائل المعروضة عليهم، هذا هو الحل الحقيقي، وما دون ذلك سيظل دورانا في حلقة مفرغة"، على حد تعبيره.

وبالرغم من مراجعات الجماعة المقاتلة فإن أعضاءها وقادتها مازالوا داخل السجون ما أثار المخاوف من أن تتنصل الدولة الليبية من وعودها بالإفراج عنهم، ففي تصريح صحفي اعتبر وسيط المفاوضات بين الجماعة والدولة د.علي الصلابي أن بقاء قادة الجماعة وأعضائها داخل السجون الليبية، بات أمرا غير مقبول، ولا يجوز شرعا، مضيفا أن قادة الجماعة قد أبرؤوا ذمتهم، وقاموا بما عليهم من نبذ العنف، ولأن المراجعات كانت من أجل نبذ العنف، والخروج من السجن، فالكرة الآن في ملعب الدولة.

وقد جرى تسريب رسالة قيل إن قادة الجماعة أرسلوها إلى العقيد القذافي لتهنئته بشهر رمضان وقدموا من خلالها اعتذارا للقذافي قائلين بحسب الرسالة: "نحن نأمل أن يكون ردَكم على اعتذارنا هو قول يوسف عليه السلام لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين". إلا أنه لم يتم تأكيد صلة الرسالة بقادة الجماعة بشكل رسمي. وحول مبرر الاعتذار للعقيد القذافي دون المجتمع والشعب الليبي، رأى الصلابي في تصريح لإذاعة هولندا أن هذه وجهة نظر يمكن أن تنقل للمعنيين بالاعتذار لليبيين، كمجتمع وكأفراد تضرروا من جراء عمليات الجماعة المقاتلة، وأن النصيحة مطلوبة دائما.

الشيخ علي بن حاج الإسلاميون.نت