خط الحرث المائل
20-01-2021, 02:19 PM
خط الحرث المائل الذي نتبعه والأحكام الجزافية التي نصدرها على الناس لا تبشر بالخير أبدا، أصبحنا كجباة الضرائب لأزمنة الاستبداد ،ما دمنا في هذا الزمن الملتهب بالمؤثرات المحيطة بنا من كل جانب نصبنا أنفسنا قضاة الله على خلقه كل واحد منا يرى نفسه منزها فوق الشبهات، ملاكا طاهرا خلق نقيا تقيا، فما نحن إلا كتلة لحم يحركها قلب بنبض بحول الله وقدرته في خفقه ورفعه أية للتدبر و الاجتهاد في عبادة الله.
القلوب علمها عند الله والنتائج بالخواتيم، فما نحن الا مصائر إلي أجل بيد الله وحفرة ظلمتها ونورها البرزخية كذلك برحمة الله, ثم بعث ونشور والكل إلي الحق ينسلون، يتخلله حساب وعقاب وإما جنة أو نار، وكل هذا برحمة الله لا بأفعالنا وأعمالنا. فلنعامل الناس بما نرى منهم لا بما نسمع عنهم ولا يكن فهمنا قاصرا ضيقا محدودا لا يريد الارتقاء ليبصر نور ربه, كقوم نوح عندما قالوا لنبيهم ،(۞ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (115)).صدق الله العظيم.
صدق نبي الله نوح عليه السلام الذي ينطق بحكمة ونور من الله إذ رد على قومه بإجابة شافية كافية لا يحدها زمان ولا مكان، صالحة للتأمل والتدبر والاستنباط و البناء الفكري لما هو جديد قصد التوسع والاسترسال الإيجابي الإيحائي في المعالجة والإرشاد وتصويب الذات البشرية والأخطاء المنتشرة بين البشر لعيب أو قصور إدراكي حسي أو مبني على إرث عنصري شاذ زرعه عدو متربص، فما نحن إلا بشر ذبذبنا الشرود وأثرت علينا العاطفة.
الأهواء كثيرة ونحن في خضمها بين حر وقر, وبين مدهما تكسر فهمنا واستعصى علينا في لحظة كبح جماح أنفسنا, فلا ريب في أن تأتي أو تصدر منا هفوات فجائية عن غير قصد, أفكارنا ربما قد تنفش ليلا في حقول مترامية شاذة ولكن من رحمة الله نتراجع في خبوت إلي نور الله لنستغفر ونطمئن لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال إبليس: يا رب وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني.) وقوله تعالى:(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (آل عمران:136) .
كل شئ بيد الله فمن نراه نحن مذنبا فربما يتوب الله عليه ليتوب ويفوز والعكس صحيح، فلنحسن الظن بإخواننا ولنكن دعاة خير ومحبة، نلتقي في الخير ونفترق بالسلام فما الحياة إلا أنفاس, وأنا على قول زميلي الأستاذ موسى عليوات الذي يدعونا لنكون معاول بناء, جادين وللخير مشمرين لنحيا أخوة لا يعكر صفونا حاسد ولا عذول. لقد كثرت المتناقضات وتشابكت الآراء واحتوانا زحام الدنيا إلي درجة الاختناق الأخلاقي والفكري فتركنا عجائب أنفسنا والتفتنا إلي عجائب الخلق، ونصبنا أنفسنا مصلحين, علما أن الإصلاح الحقيقي هو أن نبدأ بإصلاح أنفسنا قبل فوات الأوان وقبل أن ننتهي ويجرفنا هادم اللذات ومفرق الجماعات.
لقد امتلكنا التعود والعادات والتقاليد الضيقة القاصرة المحدودة التي تزيد لعوجنا اعوجاجا وتزيد لترسب أفكارنا تيبسا، فلنحاول التملص من هذه الحفر ونجعل من أفكارنا الراقية سلالم للصعود نحو الإشعاع والتنوير الفكري الذي يخدم الفرد والمجتمع، ويدفعنا إلي الابتكار وتقديم خدمات إيجابية في إطار دعوي خيري وما أكثر الفقراء والمعوزين في هذا الفصل البارد الذين تحجمهم عزة النفس عن طلب المدد.
النقد الممارس عشوائيا من العامة الخارج عن إطاره الأدبي الفكري البناء المبني على ظواهر الأمور لا يكون من الأدنى إلي الأعلى أو بمعنى أخر كيف لمن لا يحفظ آية من كتاب الله أن ينتقد حافظ لكتاب الله، وكيف لمثقف أن ينتقد دكتورا لمجرد أنه رآه يسير في طريق رآها بقصر بصيرته غير صالحة والدكتور رآها بعلمه وتبصره وبعد بصيرته جامعة نافعة للخلائق والبلد نسلا وحرثا، إن الخوض في الأمور التي ليست من اختصاصنا قد تزيد من تفرقنا وتجعل من الفجوات فجاجا ونصبح عرضة لصفير الرياح ونعيق البوم والغربان.
قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، الشباب العاتري كله طاقات مشاء الله مبتكرة مبدعة لو أعطيت لها الفرصة لكانت فوق المستوى المطلوب, التهميش والروتين عوامل مثبطة للعزائم باعثة لليأس قاتمة قاصمة مساعدة على الانحراف بكل أنواعه، فعلى المسؤول المحلي أن يكون في المستوى لتطلعات دائرة أرتقت إلي مصف ولاية وأنا من خلال هذه السطور أدعو السيد رئيس الدائرة حفظه الله فظلا وليس أمرا الي الخروج من مكتبه والتجول في الأحياء ليرى بعينه العيوب والنقائص حتى لا أدخل في التفاصيل ومن خلالها يقيم الوضع الكارثي والله المستعان.
بلخيري محمد الناصر